أصدرت هيئة الأرصاد الجوية فى بيان رسمى تحذيرًا عاجلًا للمواطنين بشأن موجة طقس سيئ قوية من المتوقع أن تضرب عددًا كبيرًا من محافظات الجمهورية خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط توقعات بحدوث تغيرات حادة ومفاجئة فى الأحوال الجوية تشمل انخفاضًا كبيرًا فى درجات الحرارة، نشاطًا شديدًا للرياح، سقوط أمطار غزيرة ورعدية فى بعض المناطق، بالإضافة إلى تحذيرات من اضطرابات مرتقبة فى حركة الملاحة البحرية على ساحل البحرين الأحمر والمتوسط.
هذا التحذير يأتى فى وقت تشهد فيه المنطقة اضطرابات مناخية غير مسبوقة نتيجة التغير المناخى الذى أصبح يؤثر على دول الشرق الأوسط بوضوح، بداية من ارتفاع درجات الحرارة فى فصول لم تكن معتادة على ذلك، وصولًا إلى موجات البرد المفاجئة، والعواصف الترابية، والسيول التى تظهر فى مدن لم تكن تعرفها من قبل. وبحسب الأرصاد، فإن مصر فى الأيام القادمة ستكون أمام حالة مركبة ونشطة من عدم الاستقرار الجوى تستدعى الحذر الشديد.
تفاصيل موجة الطقس السيئ
وفقًا لتقرير هيئة الأرصاد، فإن موجة الطقس المقبلة ستبدأ تدريجيًا، إلا أن ذروتها ستكون قوية، وتشمل عدة ظواهر تؤثر على مناطق واسعة. وتشير النماذج العددية إلى امتداد كتلة هوائية باردة من جنوب أوروبا نحو منطقة شرق المتوسط، بالتزامن مع منخفض سطحى عميق يتمركز فوق البحر المتوسط، ما يتسبب فى حالة اضطراب جوي تضرب البلاد من الساحل الشمالي وحتى مناطق الصعيد.
وأكدت الهيئة أن الأمطار المتوقعة ستكون متفاوتة الشدة، ما بين متوسطة وغزيرة ورعدية، مع تحذيرات من احتمال سقوط حبات برد فى بعض المناطق الساحلية، بالإضافة إلى نشاط رياح قد يصل إلى حد العاصفة فى بعض المحافظات، خاصة على الطرق الصحراوية والساحلية. وتشمل موجة الطقس أيضًا انخفاضًا ملحوظًا فى درجات الحرارة قد يصل إلى 10 درجات كاملة مقارنة بالأيام السابقة.
المحافظات الأكثر تأثرًا
يتوقع خبراء الأرصاد الجوية أن تكون المحافظات الشمالية والوجه البحري الأكثر تأثرًا بالموجة، بينما تمتد تأثيراتها تدريجيًا إلى القاهرة الكبرى وعدد من محافظات الصعيد. وتشمل المحافظات المتوقع تأثرها:
- الإسكندرية ومطروح والبحيرة وكفر الشيخ
- دمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس
- الدقهلية والمنوفية والغربية والشرقية
- القاهرة الكبرى بما تشمل القاهرة والجيزة والقليوبية
- المنيا وأسيوط وسوهاج بدرجات أقل
كما أشارت الهيئة إلى أن المناطق الساحلية قد تشهد ارتفاعًا فى أمواج البحر المتوسط قد يتجاوز 5 أمتار، ما يستوجب التوقف عن ممارسة الأنشطة البحرية خلال فترة التحذير.
أمطار رعدية وعواصف ترابية
من أخطر الظواهر التى نبهت إليها هيئة الأرصاد هى الأمطار الرعدية التى قد تترافق مع رياح هابطة قوية قادرة على إحداث اضطراب في حركة السير، بل وقد تسبب تساقط بعض الأشجار أو اللوحات المعدنية فى المناطق المعرضة للهواء الشديد.
كما تشير النماذج إلى احتمالية امتداد عاصفة ترابية قادمة من الصحراء الغربية، تؤثر بشكل مباشر على الرؤية الأفقية، خاصة فى الطرق المفتوحة، مما يستدعى توخي الحذر الشديد أثناء القيادة.
هذه العواصف الترابية ليست جديدة على مصر، لكنها أصبحت أكثر تكرارًا خلال السنوات الأخيرة بسبب التغيرات المناخية والتصحر وزحف الرمال، ما يجعل تأثيرها أكبر مقارنة بالسنوات الماضية.
تحذيرات للمواطنين
طالبت هيئة الأرصاد المواطنين بالالتزام بعدة تعليمات أساسية للحفاظ على سلامتهم خلال فترة عدم الاستقرار الجوى، أبرزها:
- الابتعاد عن أعمدة الإنارة خلال الأمطار الرعدية.
- تجنب ملامسة الأسلاك المكشوفة أو التالفة.
- عدم ركن السيارات أسفل الأشجار أو اللوحات الإعلانية.
- تأجيل الأنشطة البحرية تمامًا على البحر المتوسط.
- القيادة بهدوء شديد خاصة على الطرق السريعة.
- ارتداء الملابس الثقيلة بسبب الانخفاض المفاجئ فى الحرارة.
- إغلاق النوافذ جيدًا لتجنب دخول الأتربة داخل المنازل.
تأثير الطقس السيئ على حركة المرور
من المتوقع أن تتأثر حركة المرور بشكل ملحوظ فى عدة مناطق بسبب الأمطار الغزيرة وسوء الرؤية، وهو ما أشارت إليه الإدارة العامة للمرور فى بيانها الذى شددت فيه على ضرورة اتباع إجراءات السلامة، وتقليل السرعة فور ملاحظة تجمعات مياه على الطريق، مع الالتزام بتعليمات رجال المرور.
كما سيتم نشر عدد كبير من سيارات الطوارئ والإنقاذ السريع على الطرق الصحراوية تحسبًا لأى أعطال أو حوادث ناتجة عن انعدام الرؤية.
تأثيرات محتملة على المدارس والجامعات
لم تستبعد مصادر داخل بعض المحافظات إمكانية تعطيل الدراسة بشكل جزئي أو كلى فى المناطق الأكثر تضررًا من الأمطار الغزيرة، خصوصًا إذا أثرت على حركة التنقل أو تسببت فى غلق شوارع بسبب تجمعات المياه. لكن القرار النهائي سيعتمد على الحالة الفعلية على الأرض، وسيُعلن عنه رسميًا قبل ساعات من بدء اليوم الدراسي.
تأثير الطقس على خدمات الكهرباء والاتصالات
عادة ما تتسبب الأمطار الرعدية فى ضغوط إضافية على شبكات الكهرباء وقد تحدث انقطاعات مؤقتة فى بعض المناطق، خاصة فى القرى والمناطق الريفية.
كما يمكن للرياح القوية أن تؤثر على أعمدة الاتصالات أو خطوط الإنترنت الأرضى، ما ينتج عنه بطء فى الخدمة خلال فترة ذروة الموجة.
ماذا يقول خبراء المناخ؟
يرى خبراء المناخ أن مثل هذه الموجات أصبحت نمطًا متكررًا ومتوقعًا بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، وأن مصر، مثل غيرها من دول المنطقة، ستشهد مزيدًا من هذه الحالات خلال السنوات المقبلة.
ويؤكد الخبراء أن التغير المناخي يجعل فصول السنة غير مستقرة، فقد ترتفع الحرارة بشكل غير عادي فى الشتاء، أو تسقط الأمطار فى الصيف بصورة غير معتادة، أو تحدث عواصف شديدة فى فترة انتقالية لم تكن تشهد نشاطًا مماثلًا.
كيف تستعد الحكومة لموجة الطقس؟
أعلنت الحكومة عن استعدادات مكثفة تشمل رفع درجة الطوارئ فى جميع المحافظات، وتجهيز غرف عمليات تعمل على مدار 24 ساعة لمتابعة تطورات الحالة الجوية، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة التنمية المحلية وشركات المياه والصرف الصحي لشفط المياه من الشوارع فور سقوط الأمطار.
تم أيضًا تجهيز معدات ثقيلة وسيارات شفط فى القاهرة والإسكندرية والجيزة والقليوبية، وهى المناطق الأكثر عرضة لتراكم مياه الأمطار. كما أعلنت وزارة الصحة استعداد المستشفيات لاستقبال أى حالات طارئة مرتبطة بالطقس مثل حالات الربو الشعبي، وضيق التنفس، والحوادث الناتجة عن الطرق.
تأثيرات الطقس على الصحة العامة
الموجة المتوقعة قد تؤثر على أصحاب الأمراض المزمنة، خاصة مرضى الحساسية والجيوب الأنفية والربو، إذ تؤدى الأتربة والعواصف الترابية إلى زيادة الأعراض التنفسية. كما يحذر الأطباء من التعرض المباشر للهواء البارد بعد الأمطار، لما قد يسببه من التهابات فى الحلق والجهاز التنفسي.
نصائح ذهبية لتجاوز الموجة بأمان
توصى هيئة الأرصاد والمختصون باتباع عدة نصائح مهمة لعبور الموجة دون مخاطر:
- عدم الخروج إلا للضرورة القصوى خلال ذروة تغيرات الطقس.
- الاحتفاظ بالأدوية اللازمة لمرضى الحساسية.
- الابتعاد عن أماكن تجمع المياه المرتبطة بالسيول.
- متابعة نشرات الطقس الرسمية أولًا بأول.
- استخدام الكمامات أثناء العواصف الترابية.
- تجنب قيادة الدراجات النارية خلال الأمطار.
متى تنتهي موجة الطقس السيئ؟
تشير توقعات هيئة الأرصاد إلى أن الموجة ستستمر ما بين يومين إلى أربعة أيام، على أن تخف حدتها تدريجيًا مع نهاية الفترة، ويبدأ الاستقرار النسبي فى الأحوال الجوية، لكن درجات الحرارة ستظل منخفضة عن معدلاتها الطبيعية نتيجة بقاء الكتلة الباردة فى المنطقة.
ومع كل هذه التحذيرات، تؤكد هيئة الأرصاد أن البيانات قد تتغير تبعًا للتحديثات المستمرة للنماذج الجوية، لذا من الضروري متابعة البيانات الرسمية وعدم الاعتماد على مصادر غير موثوقة.
الخلاصة
مصر مقبلة على موجة قوية من الطقس السيئ تشمل أمطارًا رعدية، وانخفاضًا كبيرًا فى درجات الحرارة، ورياحًا نشطة تصل للعاصفة، وعواصف ترابية تؤثر على الحركة المرورية والصحة العامة.
ومع جاهزية الحكومة واستعداد المحافظات، يبقى الوعي المجتمعي واتباع الإرشادات هو العامل الأهم للحفاظ على سلامة الجميع خلال هذه الفترة.
إن التحذيرات التى تطلقها هيئة الأرصاد لا تهدف لإثارة القلق، بل لإتاحة الوقت الكافى للمواطنين للاستعداد، واتخاذ الخطوات اللازمة لحماية أنفسهم وأسرهم وممتلكاتهم، حتى تمر الموجة بسلام دون خسائر.
