سعر الدولار اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025 في مصر.. استقرار أم بداية تحرك جديد؟

في صباح الأحد 26 أكتوبر 2025، استيقظ المصريون على خبر اعتادوا سماعه يوميًا: “استقرار سعر الدولار في البنوك”. لكن خلف هذا العنوان البسيط، تدور تفاصيل كثيرة داخل السوق المصري والعالمي تجعل من كل قرش يتحرك أمام الجنيه المصري قصة تستحق التأمل. فالدولار لم يعد مجرد عملة، بل أصبح مرآة تعكس نبض الاقتصاد المحلي، وتكشف عن اتجاهات الاستيراد والتصدير، بل وحتى المزاج العام للمستهلكين.
استقرار حذر في البنوك المصرية
مع بداية تعاملات اليوم، سجل سعر الدولار في البنك الأهلي المصري نحو 47.54 جنيه للشراء و47.64 جنيه للبيع، وهي نفس مستويات الأمس تقريبًا. وفي بنك مصر استقر السعر عند 47.55 جنيه للشراء و47.65 جنيه للبيع، بينما سجل في البنك التجاري الدولي (CIB) 47.54 جنيه للشراء و47.64 جنيه للبيع.
هذه الأرقام توحي بالهدوء، لكنها في الحقيقة نتيجة مراقبة دقيقة من البنك المركزي المصري لحركة السوق. فبعد فترات من التذبذب، أصبحت السياسة النقدية أكثر توازنًا، وهدفها الحفاظ على استقرار الأسعار دون اللجوء إلى إجراءات مفاجئة.
لماذا لم يتحرك الدولار رغم الظروف العالمية؟
من المدهش أن الدولار لم يواصل الصعود رغم اضطرابات الاقتصاد العالمي، وأزمات الطاقة، وارتفاع الفائدة الأمريكية. السبب في ذلك يعود إلى أن السوق المصري اكتسب قدرًا من الصلابة بفضل عدة عوامل:
- زيادة التحويلات من المصريين العاملين بالخارج خلال الصيف الماضي.
- انتعاش قطاع السياحة الذي حقق أرقامًا قياسية في موسم 2025.
- تحسن طفيف في الصادرات الزراعية والصناعية.
- تراجع المضاربة في السوق الموازي بعد تشديد الرقابة المالية.
هذه العناصر مجتمعة ساهمت في الحفاظ على توازن العرض والطلب، وبالتالي إبقاء الدولار في نطاق مستقر نسبيًا منذ بداية أكتوبر.
نظرة إلى الوراء: كيف تغير سعر الدولار خلال عام 2025؟
منذ بداية العام، شهد سعر الدولار في مصر مسارًا متدرجًا بين الارتفاع المحدود والاستقرار الطويل. ففي يناير الماضي، كان متوسط السعر يدور حول 46.20 جنيه، ثم ارتفع في منتصف العام إلى حدود 47.70 جنيه بسبب زيادة الطلب الاستيرادي وموسم الحج والعمرة.
لكن مع حلول الربع الأخير من العام، بدأت مؤشرات الاستقرار تظهر مجددًا، خصوصًا بعد استلام مصر دفعات جديدة من الاستثمارات الخليجية وتحسن التصنيف الائتماني في بعض التقارير الدولية. هذه العوامل منحت الجنيه المصري دعمًا إضافيًا أمام الدولار.
التأثير العالمي: الفيدرالي الأمريكي يهدئ الأسواق
عالميًا، كانت قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خلال الأسابيع الماضية أحد أهم الأسباب في تراجع قوة الدولار عالميًا. فبعد موجة من الرفع المستمر لأسعار الفائدة، قرر الفيدرالي تثبيتها، ما أدى إلى انخفاض العائد على السندات الأمريكية وعودة بعض المستثمرين إلى عملات أخرى أكثر استقرارًا.
هذا التوجه العالمي انعكس بشكل غير مباشر على السوق المصري، إذ قلّل الضغط على الجنيه، وجعل البنوك المحلية قادرة على تلبية احتياجات السوق من العملة الصعبة دون أزمة.
العلاقة بين سعر الدولار والذهب
عادة ما يسير الدولار والذهب في مسارين متعاكسين. فعندما يقوى الدولار، يتراجع الذهب، والعكس صحيح. خلال الأيام الماضية، شهدنا ارتفاعًا طفيفًا في سعر الذهب عالميًا، حيث سجلت الأوقية نحو 4108 دولارات، وهو ما يعكس ضعفًا نسبيًا في العملة الأمريكية.
في السوق المحلي، تأثر سعر الذهب بشكل محدود، إذ استقر عيار 21 عند حدود 5520 جنيهًا للجرام. ومع ذلك، يتوقع بعض الخبراء أن أي تراجع جديد في الدولار عالميًا قد يدفع أسعار الذهب المحلية إلى مستويات أعلى، خاصة مع اقتراب موسم الزواج والاحتفالات.
كيف يتأثر المواطن بسعر الدولار؟
قد يتساءل المواطن البسيط: “ما علاقتي بسعر الدولار؟” والإجابة بسيطة جدًا؛ فكل شيء تقريبًا في حياتنا اليومية له ارتباط مباشر أو غير مباشر بالعملة الأمريكية. من سعر الخبز والزيت وحتى الأجهزة الكهربائية والسيارات، جميعها تتأثر بأي تغير في قيمة الدولار.
لكن في الفترة الأخيرة، ساعد ثبات الدولار على تهدئة أسعار السلع الأساسية نسبيًا. فقد شهدت الأسواق المحلية استقرارًا في أسعار الأرز والسكر والزيوت، مع تراجع بسيط في بعض المنتجات المستوردة. ورغم أن الأسعار ما تزال مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة، فإن توقف الارتفاع المتسارع يعتبر إنجازًا اقتصاديًا مهمًا.
تأثير الدولار على الاستثمار الأجنبي
سعر الصرف هو أحد أهم المؤشرات التي تهم المستثمرين الأجانب. فاستقرار الدولار أمام الجنيه يمنحهم ثقة في بيئة الاستثمار ويقلل من المخاطر المتعلقة بتحويل الأرباح أو رأس المال للخارج. في هذا السياق، أبدت عدة شركات أوروبية وآسيوية اهتمامها بالتوسع في السوق المصري خلال النصف الأول من 2026، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والصناعات الإلكترونية.
كما تعمل الحكومة على تعزيز برامج تحفيز الاستثمار الصناعي وتسهيل إجراءات الترخيص، وهو ما يزيد من تدفقات العملة الأجنبية ويعزز استقرار سعر الصرف أكثر فأكثر.
الدولار والسوق الموازي.. قصة طويلة لم تنتهِ بعد
على الرغم من أن السوق الرسمية أصبحت أكثر استقرارًا، فإن السوق الموازي لا تزال قائمة ولكن بنطاق محدود جدًا. الفارق بين السعرين الرسمي وغير الرسمي لا يتجاوز 20 قرشًا، وهو أقل مستوى منذ عامين. هذا الانكماش في الفجوة يدل على نجاح الإجراءات الرقابية والاقتصادية التي اتخذتها الدولة خلال الشهور الماضية.
تحليل اقتصادي شامل: هل نحن أمام مرحلة استقرار حقيقي؟
يرى خبراء الاقتصاد أن الاستقرار الحالي في سعر الدولار ليس مؤقتًا كما يعتقد البعض، بل هو نتاج لسياسات متكاملة بدأت منذ أكثر من عام. البنك المركزي لم يكتفِ بضخ الدولار في السوق، بل عمل على إدارة السيولة المحلية، وتوجيه التمويل نحو القطاعات الإنتاجية بدلاً من الأنشطة الاستهلاكية.
في الوقت ذاته، فإن تحسن العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية والأفريقية، وفتح أسواق جديدة للصادرات المصرية، ساعد على توفير مصادر بديلة للنقد الأجنبي بعيدًا عن القروض والودائع.
التحديات المحتملة في الأفق
رغم الصورة الإيجابية، لا تزال هناك تحديات قد تواجه الاقتصاد المصري، أبرزها:
- احتمال عودة ارتفاع أسعار النفط عالميًا مما يزيد تكلفة الاستيراد.
- تباطؤ النمو في بعض الدول الأوروبية التي تستورد السلع المصرية.
- تأثر قطاع السياحة بأي اضطرابات إقليمية في المنطقة.
- الاعتماد النسبي على الدولار في تسعير بعض العقود التجارية.
لكن مع وجود خطط اقتصادية واضحة وبرامج حكومية للحد من الاستيراد العشوائي، تبدو احتمالات الصمود أمام هذه التحديات كبيرة.
توقعات الخبراء للمرحلة المقبلة
يتوقع محللو الاقتصاد أن يظل الدولار في نطاق يتراوح بين 47.40 و47.80 جنيهًا حتى نهاية العام الجاري، مع احتمالية تراجع طفيف في الربع الأول من 2026 إذا استمرت التدفقات الدولارية في التحسن. كما تشير بعض التقارير إلى أن مصر قد تجذب استثمارات إضافية من شركات تكنولوجية عالمية، ما سيعزز الاحتياطي النقدي ويزيد من ثقة المستثمرين.
نصائح مالية للمواطنين
ينصح الخبراء المواطنين بعدم التسرع في شراء الدولار لغرض الادخار، لأن السعر الحالي قريب من قيمته العادلة في السوق. كما يُفضل توجيه المدخرات نحو أدوات مالية آمنة مثل شهادات الادخار أو الاستثمار في مشاريع صغيرة ذات عائد مستقر.
أما من يفكر في شراء الذهب كملاذ آمن، فيجب أن يدرك أن العلاقة بين الدولار والذهب متغيرة، وقد يشهد السوق مفاجآت خلال الأشهر المقبلة مع أي تغييرات عالمية في أسعار الفائدة.
الخلاصة: هل حان وقت الهدوء بعد العاصفة؟
يمكن القول إن السوق المصري يعيش الآن لحظة استقرار نادرة في تاريخ تعاملاته مع الدولار. الأسعار متوازنة، والسيولة متوفرة، والمواطن بدأ يشعر بقدر من الطمأنينة تجاه الأسعار. لكن هذا لا يعني أن الطريق أصبح ممهدًا تمامًا؛ فالعالم يتغير بسرعة، وأي حدث دولي كبير يمكن أن يعيد رسم خريطة الأسعار في لحظة.
ومع ذلك، تبقى النظرة العامة إيجابية. فمصر تسير بخطوات واثقة نحو ضبط ميزانها الاقتصادي، والدولار لم يعد الشبح الذي يخيف الجميع كما كان من قبل. وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد نرى استقرارًا أطول وأقوى خلال العام المقبل، مما يمنح الجنيه المصري فرصة حقيقية لاستعادة بعض من بريقه.
وفي النهاية، يبقى السؤال: هل يستمر هذا الهدوء لفترة طويلة، أم أننا أمام “استراحة قصيرة” قبل موجة جديدة من التحركات؟ الأيام القادمة وحدها من ستجيب.






