اخبار

مصر تستعد لاستضافة مؤتمر قمة برشلونة بداية ديسمبر.. رسالة جديدة من القاهرة للعالم في التنمية والشراكة المتوسطية

تستعد جمهورية مصر العربية خلال الأيام المقبلة لاستضافة مؤتمر قمة برشلونة المقرر عقده في مطلع شهر ديسمبر 2025، في حدث دولي بارز يعكس المكانة الإقليمية والدبلوماسية المتنامية للقاهرة، ودورها المحوري في تعزيز الحوار بين دول حوض البحر المتوسط، وإعادة بناء جسور التعاون السياسي والاقتصادي بين ضفتيه الشمالية والجنوبية.

ويأتي هذا الحدث المهم في توقيت دقيق تشهد فيه المنطقة والعالم تحولات اقتصادية وجيوسياسية كبرى، تتطلب تنسيقًا أوثق بين دول الإقليم لمواجهة التحديات المشتركة، من تغير المناخ والهجرة غير الشرعية، إلى الأمن الغذائي والطاقة والتنمية المستدامة.

وبينما تواصل مصر خطواتها الواثقة نحو ترسيخ موقعها كجسر بين الشرق والغرب، تمثل قمة برشلونة المرتقبة فرصة جديدة لتأكيد دورها القيادي في تشكيل مستقبل التعاون الأورومتوسطي، وبناء شراكات أكثر توازنًا وعدالة بين الدول المتقدمة والنامية.

📜 خلفية عن مؤتمر برشلونة

تعود جذور مؤتمر برشلونة إلى العام 1995، عندما تم إطلاق “عملية برشلونة” كإطار للحوار بين دول الاتحاد الأوروبي ودول جنوب وشرق المتوسط، بهدف بناء منطقة من السلام والازدهار المشترك.
وفي عام 2008، تطورت المبادرة إلى “الاتحاد من أجل المتوسط”، الذي يضم اليوم أكثر من 40 دولة من أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط.

ويهدف الاتحاد إلى دعم التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والبيئة والهجرة، إضافة إلى الحوار السياسي والثقافي.
ويُعد مؤتمر برشلونة السنوي أحد أبرز فعاليات الاتحاد، إذ يجمع رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية لمناقشة قضايا التنمية الإقليمية والتعاون المشترك.

وتأتي استضافة مصر لهذا الحدث الدولي في ديسمبر 2025 لتؤكد مكانتها كشريك استراتيجي موثوق به، وقوة إقليمية قادرة على إدارة الحوار بين الشمال والجنوب، خصوصًا في ظل رئاستها المشتركة السابقة للاتحاد من أجل المتوسط مع الاتحاد الأوروبي.

🏛️ مصر.. منصة للحوار الإقليمي

على مدى السنوات الأخيرة، عززت القاهرة موقعها كمركز رئيسي للحوار الإقليمي والدولي، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف.
فمن خلال تنظيمها لمؤتمرات عالمية كبرى مثل قمة المناخ COP27 في شرم الشيخ، ومؤتمر الشباب العالمي، ومؤتمر الاستثمار في إفريقيا، أثبتت مصر قدرتها على إدارة ملفات متعددة تجمع بين التنمية والسياسة والاقتصاد.

وفي هذا السياق، تمثل قمة برشلونة القادمة امتدادًا طبيعيًا لدور مصر القيادي، ورسالة إلى العالم بأن القاهرة أصبحت مركزًا للسلام والاستقرار والشراكة في منطقة تعج بالصراعات والتحديات.

وتؤكد مصادر دبلوماسية أن اختيار مصر لاستضافة المؤتمر هذا العام جاء بإجماع الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، تقديرًا لدورها في تعزيز التنمية المستدامة، ودفاعها المستمر عن مصالح شعوب الجنوب، وسياستها الخارجية القائمة على التوازن والاحترام المتبادل.

🤝 أهداف قمة برشلونة 2025

من المقرر أن تركز القمة على عدد من الملفات الحيوية التي تمثل أولوية مشتركة لدول المنطقة، أبرزها:

  • تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين دول شمال وجنوب المتوسط.
  • دعم مشروعات الطاقة المتجددة وخاصة في مجالات الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية.
  • مواجهة تحديات الهجرة غير الشرعية وتبني آليات تنمية المجتمعات المصدّرة للهجرة.
  • تحقيق الأمن الغذائي والمائي في ظل المتغيرات المناخية.
  • تطوير التعليم الفني والبحث العلمي كمدخل للتنمية البشرية المشتركة.

وسيشارك في القمة رؤساء دول وحكومات من الاتحاد الأوروبي ودول إفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى ممثلين عن المنظمات الإقليمية والدولية مثل الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وبنك الاستثمار الأوروبي.

🌍 مكانة مصر في الاتحاد من أجل المتوسط

تُعد مصر من الدول المؤسسة للاتحاد من أجل المتوسط، ولعبت دورًا محوريًا في صياغة رؤيته منذ انطلاقها الأولى عام 2008.
كما تولت الرئاسة المشتركة للاتحاد خلال فترات حرجة، وأسهمت في إطلاق العديد من المبادرات الخاصة بالطاقة المستدامة والتنمية الاجتماعية وتمكين المرأة.

ويحتضن مقر الأمانة العامة للاتحاد في مدينة برشلونة الإسبانية، إلا أن مشاركة القاهرة في تنظيم القمة المقبلة تعكس الشراكة العميقة بينها وبين الجانب الأوروبي.
كما تعكس اعتراف المجتمع الدولي بالدور المصري في تقريب وجهات النظر، خاصة في الملفات التي تمس الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وإفريقيا.

⚙️ التحضيرات الجارية في القاهرة

بدأت وزارة الخارجية المصرية بالتعاون مع رئاسة مجلس الوزراء والهيئة العامة للاستعلامات في تنفيذ خطة متكاملة للتحضير للقمة، تشمل الترتيبات اللوجستية، واستقبال الوفود، وتنظيم الجلسات، وتوفير التغطية الإعلامية المحلية والدولية.

وأكدت مصادر رسمية أن اللجنة المنظمة برئاسة وزير الخارجية تعمل على تنسيق برنامج عمل المؤتمر بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، حيث تم الاتفاق على عقد الجلسات الرئيسية في العاصمة الإدارية الجديدة التي باتت رمزًا للتنمية والحداثة المصرية.

كما تم تخصيص قاعات مجهزة بأحدث تقنيات العرض والترجمة الفورية، وتوفير مناطق مخصصة للصحافة والإعلاميين من مختلف دول العالم، لضمان نقل الحدث بما يليق بصورة مصر على الساحة الدولية.

💬 تصريحات رسمية حول المؤتمر

أكد وزير الخارجية سامح شكري في تصريحات صحفية أن استضافة مصر لقمة برشلونة تعكس “الثقة الدولية في قدرة الدولة المصرية على إدارة الحوار المتوسطي بفعالية ومسؤولية”، مشيرًا إلى أن المؤتمر سيكون منصة لتبادل الرؤى حول التنمية والبيئة والطاقة والأمن.

وأضاف شكري أن القمة ستشهد إطلاق مبادرات جديدة لدعم التحول الأخضر في المنطقة، ومشروعات مشتركة لربط شبكات الكهرباء بين الدول العربية والأوروبية، مؤكدًا أن “مصر أصبحت بوابة الطاقة في الشرق الأوسط بفضل ما تملكه من بنية تحتية متطورة وموقع جغرافي فريد.”

من جانبه، أعرب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل عن تقديره العميق لمصر، قائلاً: “القاهرة شريك لا غنى عنه للاتحاد الأوروبي، واستضافتها لقمة برشلونة دليل على دورها المتزايد في دعم الحوار والسلام الإقليمي.”

🌱 التنمية المستدامة محور رئيسي للنقاش

ستركز القمة بشكل خاص على ملف التنمية المستدامة كركيزة للتعاون بين دول المتوسط.
ويُنتظر أن تقدم مصر خلال الجلسات ورقة عمل شاملة حول جهودها في تطبيق أهداف التنمية المستدامة 2030، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، والمياه، والزراعة الذكية، والنقل الأخضر.

كما ستعرض القاهرة تجربتها الرائدة في مشروعات “حياة كريمة” و”مبادرة 100 مليون صحة” باعتبارها نماذج وطنية ناجحة قابلة للتطبيق في دول الجنوب الأخرى.

ويتوقع المراقبون أن تشهد القمة توقيع عدد من الاتفاقيات بين مصر والاتحاد الأوروبي تتعلق بتمويل مشروعات جديدة للطاقة النظيفة وتطوير الموانئ والخدمات اللوجستية.

🔋 التعاون في مجال الطاقة

يمثل قطاع الطاقة أحد أهم محاور التعاون بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي، إذ تعمل القاهرة على تحويل نفسها إلى مركز إقليمي لتداول وتصدير الطاقة، سواء الغاز الطبيعي أو الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة.

وفي هذا الإطار، سيتم خلال قمة برشلونة بحث آليات ربط الشبكات الكهربائية بين شمال وجنوب المتوسط، وتعزيز مشروعات الهيدروجين الأخضر، وهو المجال الذي تقوده مصر على مستوى القارة الإفريقية.

كما سيناقش المشاركون سبل دعم التمويل الأوروبي لمشروعات البنية التحتية، وتوسيع الاستثمارات في مجالات النقل المستدام وإدارة المياه، في ظل تحديات التغير المناخي التي تضرب حوض البحر المتوسط.

🚢 قضايا الهجرة والأمن الإقليمي

من المتوقع أن يحتل ملف الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب مكانًا بارزًا في جدول أعمال القمة.
وستعرض مصر تجربتها الناجحة في وقف الهجرة غير النظامية منذ عام 2016، بفضل سياساتها القائمة على التنمية وخلق فرص عمل للشباب في المناطق المصدّرة للهجرة.

كما ستطرح القاهرة رؤيتها الشاملة لمعالجة جذور الأزمة من خلال دعم التعليم والتشغيل في الدول الإفريقية والعربية، بدلاً من الاقتصار على الحلول الأمنية فقط.
وفيما يتعلق بالأمن الإقليمي، من المنتظر أن تناقش القمة التطورات في الشرق الأوسط وإفريقيا، ودور التعاون الأورومتوسطي في تحقيق الاستقرار.

🏙️ السياق الدولي ودور القمة

تنعقد قمة برشلونة هذا العام في ظل تحديات عالمية معقدة تشمل الحرب في أوكرانيا، وأزمة الطاقة، وتراجع سلاسل الإمداد، وتصاعد تأثيرات التغير المناخي.
ويُنظر إلى المؤتمر كفرصة لإعادة صياغة مفهوم التعاون الإقليمي من منظور أكثر شمولاً وإنسانية.

وفي هذا السياق، ترى مصر أن الشراكة المتوسطية يجب ألا تقوم فقط على المصالح الاقتصادية، بل على أساس من العدالة والمسؤولية المشتركة، بحيث تتشارك الدول في تحمل الأعباء وتحقيق المكاسب.

كما تُعد القمة فرصة لتأكيد التزام مصر بالعمل الجماعي الدولي، وحرصها على المساهمة في بناء نظام عالمي أكثر توازنًا يراعي مصالح الدول النامية.

📈 التوقعات الاقتصادية من القمة

يتوقع الخبراء أن تسفر القمة عن توقيع اتفاقيات تمويل واستثمار بمليارات الدولارات، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، وتحلية المياه، والنقل البحري.
ومن المرجح أن تعلن مؤسسات التمويل الأوروبية خلال المؤتمر عن حزمة دعم جديدة لمشروعات البنية التحتية في مصر ودول الجنوب.

كما يُتوقع أن تعزز القمة مكانة القاهرة كمركز مالي ولوجستي في شرق المتوسط، ما يفتح آفاقًا أوسع أمام الاستثمارات الأجنبية، ويسهم في خلق فرص عمل جديدة داخل السوق المصرية.

🎯 البعد السياسي والدبلوماسي

تحمل استضافة مصر للقمة بُعدًا سياسيًا عميقًا، فهي رسالة تؤكد عودة القاهرة إلى موقعها المحوري في الساحة الإقليمية والدولية.
ويأتي المؤتمر تتويجًا لسلسلة من التحركات الدبلوماسية المكثفة التي قامت بها مصر خلال الأعوام الماضية لتعزيز الشراكة مع أوروبا وإفريقيا وآسيا.

كما تعكس القمة نجاح السياسة الخارجية المصرية القائمة على مبدأ “الصداقة مع الجميع” دون الانحياز لطرف على حساب آخر، وهي السياسة التي جعلت من القاهرة وسيطًا مقبولًا وموثوقًا في القضايا الإقليمية الحساسة.

🕊️ كلمة ختامية: قمة برشلونة.. رؤية مصرية لعالم أكثر توازنًا

إن استضافة مصر لقمة برشلونة في ديسمبر 2025 ليست مجرد حدث بروتوكولي أو تجمع دبلوماسي، بل هي إعلان واضح عن دور مصر المتجدد كقوة إقليمية عاقلة ومسؤولة تسعى لبناء عالم يسوده التعاون والتفاهم.

من خلال هذه القمة، تقدم القاهرة نموذجًا للدولة التي تمزج بين التنمية الداخلية والانفتاح الخارجي، وتؤكد أن السلام الحقيقي لا يتحقق إلا من خلال التنمية، وأن الشراكة لا تقوم إلا على الندية والاحترام المتبادل.

وبينما تتجه أنظار العالم إلى العاصمة المصرية في بداية ديسمبر، يترقب الجميع ما ستقدمه القاهرة من أفكار ورؤى جديدة تعيد إحياء روح “برشلونة 1995” بروح عصرية تستجيب لتحديات القرن الحادي والعشرين.

القاهرة لا تستضيف القمة فقط، بل تقودها بروح جديدة.. روح تؤمن بأن البحر المتوسط ليس خطًا يفصل بين القارات، بل جسرًا يجمع بين الشعوب.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى