تعرضت لعملية لا رجعة فيها.. أستاذ جراحة يعلق على فيديو تكميم معدة لطفلة

في السنوات الأخيرة انتشرت عمليات تكميم المعدة بشكل لافت، وأصبحت تطرح كحل سريع للتخلص من السمنة حتى عند الأطفال، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا حول مدى مشروعيتها الطبية وأمانها على صحة الصغار. ومع تداول مقطع فيديو لطفلة لم تتجاوز التاسعة من عمرها وهي تخضع لعملية تكميم معدة، تصاعدت المخاوف والتساؤلات حول خطورة مثل هذه الإجراءات، وما إذا كانت الحلول الجراحية تصلح أصلًا في هذه المرحلة العمرية أم أن هناك طرقًا أخرى أكثر أمانًا.
تعرضت لعملية لا رجعة فيها.. أستاذ جراحة يعلق على فيديو تكميم معدة لطفلة
أثار مقطع فيديو متداول لطفلة تبلغ من العمر تسع سنوات حالة من الجدل الكبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما ظهرت وهي تخضع لعملية تكميم معدة داخل أحد المراكز الطبية. المقطع الذي انتشر بشكل سريع أثار تساؤلات كثيرة حول مشروعية مثل هذا التدخل الجراحي في سن مبكرة، وهل الهدف كان علاجيًا بالفعل أم تجاريًا بحتًا. حالة الطفلة أثارت خوف الأهالي، خاصة مع خطورة مثل هذه العمليات على الأطفال، ليبدأ النقاش حول أخلاقيات المهنة الطبية، وضوابط إجراء جراحات السمنة للفئات العمرية الصغيرة.
تعليق أستاذ الجراحة على الواقعة
الدكتور خالد جودت أستاذ جراحات السمنة بطب عين شمس ورئيس الاتحاد العالمي لجراحات السمنة المفرطة، خرج ليوضح أن مثل هذه العمليات لا تجرى إلا في ظروف استثنائية للغاية، وعندما يزيد وزن الطفل بشكل مبالغ فيه يتخطى خمسين كيلو فوق وزنه المثالي. وأكد أن القرار لا بد أن يسبقه تقييم شامل من طبيب أطفال وطبيب نفسي إلى جانب فريق متكامل، حتى يتم تحديد مدى أحقية الطفل لمثل هذه الجراحات. وأشار إلى أن إجراء العملية لطفلة بهذا العمر يثير علامات استفهام حول المعايير الطبية المتبعة.
خطورة مراكز السمنة التجارية
تطرق أستاذ الجراحة إلى خطورة المراكز التجارية التي تقدم هذه العمليات من أجل المكسب المادي فقط، دون النظر للمصلحة الحقيقية للمريض. وأوضح أن مثل هذه المراكز قد تهمل شروط التعقيم أو المتابعة الطبية الدقيقة بعد العملية، وهو ما قد يعرض حياة المرضى للخطر. كما شدد على أنه لا يجوز بأي حال تصوير الأطفال بالفيديو أثناء الدخول لغرف العمليات، لأن ذلك يعد انتهاكًا لآدميتهم حتى وإن وافق الأهل. تصريحات الطبيب جاءت لتكشف واقعًا مقلقًا حول غياب الرقابة على بعض الممارسات الطبية التجارية.
نتائج بحث سابق حول جراحات الأطفال
كشف الدكتور خالد جودت عن بحث أجراه عام 1999 بالتعاون مع أقسام جراحات الأطفال وأمراض الباطنة بطب عين شمس، وتوصل البحث إلى أن جراحات السمنة للأطفال لا بد أن تخضع لشروط صارمة. وأوضح أن العملية يمكن إجراؤها فقط عندما يتجاوز الوزن المثالي بخمسين كيلو على الأقل، أي أعلى بعشرة كيلو عن البالغين. وأكد أن الأولوية دائمًا تكون لاختيار عمليات قابلة للإلغاء أو التراجع، وليس التكميم أو قص المعدة الذي يتم فيه استئصال نحو تسعين بالمئة من المعدة بشكل نهائي.
بدائل الجراحة للأطفال
أوضح أستاذ الجراحة أن هناك طرقًا أخرى آمنة يمكن الاعتماد عليها قبل التفكير في التدخل الجراحي للأطفال المصابين بالسمنة. من بين هذه الطرق اتباع أنظمة غذائية مناسبة للأطفال تحت إشراف متخصصين، إلى جانب ممارسة الرياضة بشكل منتظم. كما أشار إلى أن بعض الأدوية الطبية المصرح بها قد تساعد على إنقاص الوزن لدى الأطفال في حالات معينة، بشرط أن يكون ذلك مع متابعة دقيقة وتأهيل نفسي متكامل للطفل. الهدف من هذه البدائل هو تقليل الاعتماد على العمليات الجراحية التي قد تحمل مخاطر جسيمة.
إرشادات صارمة لتفادي المضاعفات
أكد الدكتور خالد جودت أن جراحات السمنة للأطفال يجب أن تخضع لبروتوكولات عالمية صارمة، حتى يتم تفادي المضاعفات الخطيرة التي قد تصل إلى الوفاة. وأوضح أن الطفل بعد العملية يكون مطالبًا بالالتزام بتعليمات قاسية، منها تناول السوائل فقط لمدة أسبوعين، وأي تجاوز في هذه التعليمات قد يؤدي إلى تسريب بالمعدة ومضاعفات مهددة للحياة. وأشار إلى أن الالتزام الكامل بالمتابعة الطبية ضروري، وإلا فإن العملية قد تنقلب إلى خطر جسيم.
استدعاء الطبيب للتحقيق
النقابة العامة للأطباء أعلنت أنها رصدت الواقعة بعد انتشار الفيديو على نطاق واسع، وقررت استدعاء الطبيب المشرف على العملية للتحقيق فيما حدث. وأكد الدكتور جمال عميرة وكيل النقابة ورئيس لجنة التحقيق أنه سيتم تشكيل لجنة علمية من أساتذة متخصصين لدراسة مدى مشروعية هذا التدخل الجراحي لطفلة بهذا العمر. كما شدد على أن تصوير الطفل داخل غرفة العمليات أمر غير مقبول على الإطلاق، مشيرًا إلى ضرورة معرفة مبررات الطبيب الذي أقدم على نشر مثل هذا الفيديو عبر السوشيال ميديا.
خطورة التكميم على الأطفال
تعتبر عمليات تكميم المعدة من أخطر التدخلات الجراحية للأطفال لأنها تزيل جزءًا كبيرًا من المعدة بشكل لا رجعة فيه. هذه العملية تقلل بشكل كبير من قدرة الطفل على تناول الطعام الطبيعي وتؤثر على امتصاص العناصر الغذائية الأساسية لنموه. الطفل في هذا العمر ما زال جسمه في مرحلة نمو يحتاج فيها إلى كل العناصر الغذائية بشكل متوازن، وأي حرمان منها قد يؤدي إلى ضعف جسدي أو مشاكل صحية مزمنة. ولهذا يعتبر التكميم للأطفال خطأ طبيًا كبيرًا إلا في الحالات النادرة جدًا.
مضاعفات بعيدة المدى
إن خطورة تكميم المعدة لا تقتصر على الأعراض الفورية فقط، مثل النزيف أو التسريب، بل تمتد آثارها لسنوات لاحقة. فقد يعاني الطفل من فقر الدم أو هشاشة العظام نتيجة ضعف امتصاص الفيتامينات والمعادن، كما قد يعاني من اضطرابات نفسية بسبب صعوبة التكيف مع نظام غذائي صارم. بعض الحالات قد تصاب بترهل حاد أو مشكلات في الجهاز الهضمي نتيجة التغير المفاجئ في طبيعة الأكل. هذه المضاعفات تجعل الأطباء يحذرون بشدة من إجراء مثل هذه الجراحات دون مبررات طبية قوية.
الطرق الأفضل لفقدان الوزن
إن البديل الصحي والأفضل للتعامل مع السمنة عند الأطفال هو اتباع أسلوب حياة متوازن يجمع بين التغذية السليمة والنشاط البدني. يحتاج الطفل لنظام غذائي يحد من الدهون والسكريات الزائدة ويعتمد على الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة، مع ممارسة رياضات تناسب سنه مثل السباحة أو الجري أو الألعاب الحركية. كما أن إشراك الأسرة في هذا التغيير يعزز النتائج ويمنح الطفل دعمًا نفسيًا مهمًا. هذه الخطوات البسيطة قد تحقق نتائج آمنة ومستدامة على عكس الحلول الجراحية التي تحمل مخاطر كبيرة.






