اخبار

انطلاق المؤتمر الدولي الثالث للحديد والصلب في الرياض بمشاركة مصرية واسعة

 منصة عالمية لتعزيز التعاون الصناعي العربي

شهدت العاصمة السعودية الرياض اليوم الأربعاء، انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الثالث للحديد والصلب، بمشاركة مصرية بارزة تمثلت في حضور الفريق المهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، إلى جانب نخبة من كبار المسؤولين والخبراء من مختلف دول العالم. ويُعد هذا الحدث أحد أبرز الفعاليات الاقتصادية التي تجمع قادة الصناعة لمناقشة مستقبل قطاع الحديد والصلب، أحد أهم ركائز التنمية والبناء في المنطقة العربية والعالم.

كامل الوزير: “فجر جديد للمنطقة بعد إنهاء الحرب في غزة”

خلال الجلسة الافتتاحية، ألقى الوزير المصري كلمة مؤثرة أكد فيها أن الاتفاق الأخير لإنهاء الحرب في قطاع غزة يمثل “فجرًا جديدًا لمنطقة الشرق الأوسط”، مشددًا على أن إعادة الإعمار في غزة ستكون فرصة كبيرة للتعاون العربي، لاسيما أن أكثر من 80% من منشآت القطاع تعرضت للدمار الكامل، ما سيخلق طلبًا هائلًا على مواد البناء وعلى رأسها الحديد والصلب.

وأضاف الوزير أن مصر، بحكم موقعها الجغرافي وخبرتها الصناعية المتقدمة، ستكون شريكًا محوريًا في عملية إعادة الإعمار، مشيرًا إلى أن الصناعات الثقيلة المصرية مستعدة لتوفير كميات ضخمة من الحديد لدعم مشروعات البنية التحتية في غزة والدول المجاورة.

المؤتمر الدولي الثالث للحديد والصلب: الأهداف والمحاور

يهدف المؤتمر، الذي ينظمه الاتحاد العربي للحديد والصلب بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية، إلى مناقشة التطورات التقنية في صناعة الصلب، واستعراض استراتيجيات التحول نحو الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية في المصانع.
وتتناول الجلسات محاور متعددة تشمل:

  • التحول الصناعي الأخضر ومستقبل الطاقة في صناعة الصلب.
  • الاستثمارات المشتركة بين الدول العربية لتعزيز الإنتاج المحلي.
  • تجارب دولية ناجحة في إعادة تدوير المعادن واستخدام الهيدروجين النظيف.
  • رؤية جديدة للتكامل الإقليمي في الصناعات الثقيلة بين مصر والسعودية والإمارات.

مصر والسعودية.. شراكة صناعية استراتيجية

تأتي المشاركة المصرية في هذا المؤتمر في إطار الشراكة المتنامية بين القاهرة والرياض في مجالات الصناعة والنقل والطاقة.
وقد أكد الوزير أن مصر والسعودية تعملان على إنشاء شبكة من التعاون الصناعي لتبادل الخبرات وتوطين التكنولوجيا الحديثة في مجال الحديد والصلب، مشيرًا إلى أن هذه الشراكة لا تقتصر على التجارة فقط، بل تمتد لتشمل التدريب والتطوير والبحث العلمي.

التحديات العالمية في صناعة الحديد

ناقش المؤتمر أيضًا التحديات التي تواجه صناعة الحديد عالميًا، خصوصًا ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام بعد الأزمات الدولية المتلاحقة، وتأثير ذلك على سلاسل الإمداد العالمية.
وأشار خبراء الصناعة إلى ضرورة التحول نحو مصادر طاقة نظيفة ومستدامة لتقليل تكاليف الإنتاج وتحقيق التوازن البيئي، وهو ما تسعى إليه دول الشرق الأوسط ضمن رؤى التنمية الوطنية.

الفرص الاستثمارية في السوق المصري

عرض الوفد المصري خلال المؤتمر فرص الاستثمار في قطاع الحديد داخل مصر، وخاصة في المدن الصناعية الجديدة مثل الروبيكي والسخنة والعلمين الجديدة.
وأكد الوزير أن الدولة تدعم المستثمرين المحليين والأجانب من خلال حوافز ضريبية وبنية تحتية متطورة، كما تعمل على زيادة القدرة الإنتاجية لمصانع الحديد لتلبية احتياجات السوق المحلي والإقليمي.

مشاركة دولية واسعة

شارك في المؤتمر ممثلون من أكثر من 30 دولة، من بينها الولايات المتحدة، الصين، اليابان، ألمانيا، وروسيا، بالإضافة إلى وفود من الدول العربية مثل مصر والسعودية والإمارات وقطر والمغرب.
وجاءت المناقشات لتؤكد على أهمية التكامل الصناعي العربي في مواجهة التحديات العالمية، ودعم استراتيجيات الإنتاج المستدام.

أهمية الحديد في إعادة إعمار المنطقة

أكدت الجلسات الفنية أن الحديد يمثل العمود الفقري لأي مشروع إعمار، سواء في غزة أو سوريا أو السودان، حيث يعتمد بناء المساكن والمستشفيات والجسور على هذا المعدن الحيوي.
ومن المتوقع أن تشهد المنطقة العربية زيادة في الطلب على الحديد بنسبة 25% خلال السنوات الخمس المقبلة، نتيجة مشاريع التنمية والبنية التحتية الكبرى.

مصر.. من الروبيكي إلى العالمية

تناول المؤتمر تجربة مصر في تطوير صناعة الحديد عبر إنشاء مجمعات صناعية حديثة تعتمد على التكنولوجيا الألمانية والإيطالية المتقدمة.
وأشار المشاركون إلى أن مصر باتت من الدول الرائدة في إنتاج الحديد في إفريقيا والشرق الأوسط، بقدرة إنتاجية تتجاوز 10 ملايين طن سنويًا، مع خطط لزيادة هذه الكمية لتغطية الطلب المحلي والتصدير للدول العربية والإفريقية.

التوصيات الختامية للمؤتمر

من المتوقع أن تصدر توصيات المؤتمر في ختام فعالياته غدًا، وتشمل:

  • تعزيز التعاون الصناعي العربي في مجال الحديد والصلب.
  • إطلاق مبادرة مشتركة للتحول الأخضر وتقليل انبعاثات الكربون.
  • إنشاء مراكز بحثية متخصصة لتطوير تكنولوجيا الحديد في المنطقة.
  • دعم برامج التدريب المهني لتأهيل العمالة الشابة في هذا القطاع.
  • تأسيس منصة إلكترونية عربية لتبادل البيانات والإحصاءات الصناعية.

الحديد بين الاقتصاد الأخضر والتحول الصناعي العالمي

يشهد العالم اليوم تحوّلًا غير مسبوق نحو الاقتصاد الأخضر، حيث تسعى الحكومات والشركات الكبرى إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التنمية المستدامة.
وفي قلب هذا التحول، يقف قطاع الحديد والصلب كأحد أكثر الصناعات تأثيرًا على البيئة، إذ يمثل ما يقرب من 8% من إجمالي الانبعاثات الصناعية عالميًا.
ومن هنا، برزت الحاجة إلى إعادة هيكلة هذه الصناعة لتصبح أكثر توافقًا مع معايير الاقتصاد النظيف.

وتناول مؤتمر الرياض الدولي الثالث للحديد والصلب هذه القضية من خلال جلسات متخصصة ناقشت استخدام الهيدروجين الأخضر كبديل عن الفحم في عمليات الاختزال المباشر للحديد، وهي التقنية التي تعد ثورة حقيقية في عالم الصناعة الثقيلة.
كما تطرقت الجلسات إلى تجارب بعض الدول مثل السويد واليابان في بناء مصانع تعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة لإنتاج الصلب دون انبعاثات ضارة.

وفي هذا السياق، أكد المشاركون أن العالم يتجه نحو ما يسمى بـالصلب الأخضر، وهو الحديد المنتج بطرق صديقة للبيئة، سواء عبر إعادة التدوير أو استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الأفران.
وأشار الخبراء إلى أن التحول الكامل إلى هذا النوع من الإنتاج قد يستغرق عقدين على الأقل، لكنه سيُحدث فارقًا بيئيًا واقتصاديًا ضخمًا.

مصر تسير بخطى ثابتة نحو الصناعة النظيفة

من جانبها، عرضت مصر خلال المؤتمر رؤيتها في التحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال مشروعات قومية ضخمة مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية ومشروعات الهيدروجين الأخضر في منطقة العين السخنة.
وأكد الوفد المصري أن هذه الجهود لا تستهدف فقط خفض الانبعاثات، بل تهدف أيضًا لجعل الصناعة المصرية منافسة عالميًا، وجاذبة للمستثمرين الأجانب.

وأشار وزير الصناعة المصري إلى أن الدولة وضعت استراتيجية شاملة لتقليل البصمة الكربونية في الصناعات الثقيلة، عبر تطوير الأفران، واستخدام الغاز الطبيعي بدل الفحم، وتشجيع شركات القطاع الخاص على الاستثمار في الطاقة النظيفة.
كما أوضح أن مصر تسعى لأن تصبح مركزًا إقليميًا لتصدير الحديد الأخضر إلى إفريقيا وأوروبا خلال العقد القادم.

التحول الرقمي في مصانع الحديد

لم يقتصر الحديث في المؤتمر على الجوانب البيئية فحسب، بل تناول أيضًا قضية التحول الرقمي في مصانع الحديد والصلب، من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لمراقبة جودة الإنتاج وتحسين كفاءة الطاقة.
وأكدت عدة شركات عالمية أن تطبيق هذه التقنيات أسهم في تقليل استهلاك الطاقة بنسبة تتراوح بين 15% و25% في بعض المصانع الأوروبية.

كما ناقش المؤتمر أهمية البيانات الصناعية في تحسين سلسلة الإمداد العالمية، وضمان الشفافية في عمليات النقل والتخزين والتوزيع.
وأوضح المشاركون أن المستقبل سيتجه إلى إنشاء “مصانع ذكية” قادرة على إدارة نفسها ذاتيًا باستخدام الخوارزميات وتحليل البيانات.

الصلب العربي على خريطة الإنتاج العالمي

أكدت دراسات الاتحاد العربي للحديد والصلب أن الدول العربية تمتلك إمكانات هائلة لتكون لاعبًا رئيسيًا في السوق العالمي، إذ تنتج المنطقة حاليًا نحو 45 مليون طن سنويًا، بنسبة نمو متزايدة بلغت 7% خلال العام الماضي.
وتأتي السعودية ومصر والإمارات في مقدمة الدول المنتجة، بفضل الاستثمارات الضخمة التي ضُخت في هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة.

وأشار الخبراء إلى أن تحقيق التكامل الصناعي بين هذه الدول يمكن أن يجعل العالم العربي مصدرًا رئيسيًا للحديد والصلب، خاصة مع تزايد الطلب من إفريقيا وآسيا.
كما دعا المؤتمر إلى تأسيس تحالف عربي للصلب المستدام لتنسيق الجهود ومواكبة التحول البيئي العالمي.

التوقعات المستقبلية لصناعة الحديد

يتوقع المحللون أن يشهد قطاع الحديد نموًا متسارعًا خلال العقد المقبل، مدفوعًا بمشروعات إعادة الإعمار في غزة وسوريا واليمن، إلى جانب المشروعات القومية في مصر والسعودية والإمارات.
كما يُنتظر أن تتضاعف الاستثمارات في الصناعات التحويلية المرتبطة بالحديد مثل الأنابيب والهياكل المعدنية والمعدات الثقيلة.

ويرى اقتصاديون أن الطلب على الحديد سيظل مرتفعًا طالما استمر التوسع العمراني حول العالم، مشيرين إلى أن الاتجاه نحو الأبنية الخضراء والمستدامة سيعزز من أهمية الصلب الخفيف والمعاد تدويره في المرحلة المقبلة.

خاتمة: صناعة تبني المستقبل

يمكن القول إن مؤتمر الرياض الثالث للحديد والصلب لم يكن مجرد حدث صناعي، بل منصة استراتيجية لرسم مستقبل الصناعة العربية والعالمية في عصر الاقتصاد الأخضر.
فبينما تواصل الدول البحث عن حلول لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، يظل الحديد هو الركيزة الأساسية لبناء الحضارات، والمعدن الذي يعكس قدرة الإنسان على التطوير والإبداع والتجديد.
ومع استمرار التعاون العربي والدولي، يبدو المستقبل واعدًا لصناعة الحديد في المنطقة، حيث تمتلك المقومات البشرية والاقتصادية والتكنولوجية لتكون في صدارة العالم خلال العقد القادم.

كلمة ختامية: مستقبل مشرق للصناعة العربية

اختُتم اليوم الأول من المؤتمر بتأكيد جميع المشاركين على أن التعاون العربي المشترك في الصناعات الثقيلة هو الطريق نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقوية الاقتصاد الإقليمي.
وأشار الوزير المصري إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تكاملًا غير مسبوق بين مصر والسعودية في مجال الصناعة والنقل والطاقة، بما يدعم التنمية المستدامة في المنطقة بأكملها.

إعداد: قسم الاقتصاد والطاقة – الأربعاء 15 أكتوبر 2025



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى