المسخ (الجزء الثالث)

حسن: إنتى أصلا عمرك ما خرجتى من حياتي عشان تدخليها تاني…
حسن مسك إيد غادة، وخدها فى حضنه، ونسي كل حاجة…
عاشوا ليلة جميلة مليانة ود، وحب، ووعود بإن اللي جاي هيبقى أحلى من اللي فات، وهيفتحوا صفحة جديدة لحياتهم سوا…
غادة: خلاص سامحتنى يا حبيبي؟
حسن: من بدري، من ساعة ما فتحت باب أوضة النوم، وقولتيلي إزيك…
غادة: أنا بحبك أوي يا حسن، وفاهمة كويس إني قصرت معاك فى حاجات كتير…
عشان كده بقولهالك كتير عشان تصدقنى…
حسن: أنا عارف، ومصدقك…
غادة: أومال طلقتنى ليه؟ ومشيت، وسيبتنى ليه؟ كنت خدتنى معاك…
حسن: طلقتك عشان معرفتش أحميكي وأنا بعيد، وما خدتكيش معايا عشان مكانش من حقى أخليكي تبعدي عن أهلك، وعيلتك، وشغلك، وحياتك كلها…
أنا نفسي تعيشي معايا هنا، بس كان لازم إنتى اللي تقرري…
غادة: يا حسن أنا عندى إستعداد أبعد عن الدنيا كلها طالما أنا معاك…
آخيرا غلبهم النوم، وناموا للصبح…
حسن صحي الأول، وفتح عينيه بسرعة عشان يتأكد إن ليلة إمبارح كانت حقيقة مش حلم…
كانت غادة نايمة نوم عميق جوا حضنه…
حسن كان حاسس براحة كبيرة، آخيرا حلمه إتحقق، وغادة بقت معاه هنا فى بيته…
البيت اللي تعب فيه، وفرشه، وحلم كتير إن غادة تيجي تعيش معاه فيه…
لكن البيت اللي فى البلد، هو مكانش مرتاحله، ومش بيحبه…
حسن قام بالراحة من جنبها، وخد تليفونه، وخرج…
إتصل بالمدير بتاعه عشان يطلب أجازة، المدير رفض، ومكانش موافق…
لما حسن قاله إن غادة جت، ومعاه، وافق عشان عارف إن حسن كان حزين بسبب بعده عنها…
دخل المطبخ عشان يحضر أحلى فطار بمناسبة رجوعهم لبعض…
فجأة التليفون رن، وحسن مسك التليفون، وكان اللي بيتصل حماه…
حاج محمود: صباح الخير، عاملين إيه؟ وغادة اخبارها إيه؟ وهي فين؟ وإنت عملت إيه معاها؟
حسن: ده انا لو قدامى متهم، وبحقق معاه، هسأله سؤال سؤال، وهديله فرصة عشان يعرف يجاوب…
مش تسألنى عشر أسئلة مرة واحدة…
حاج محمود: قلي عملت معاها إيه؟
حسن: تاني نفس السؤال؟ موتها…
حاج محمود: أنا مش بهزر دلوقتى، إنت ردتها، ولا زعلتها، ولا إيه اللي حصل بالظبط؟ هي ليه ما كلمتنيش من ساعة ما وصلت…
حسن: هو إنت فاكر إن أنا ممكن أقفل بابي فى وش غادة؟
حاج محمود: طب أومال رميت عليها اليمين ليه؟ إوعى تقول عشان الكلب…
أيوة هو كانت أهميته كبيرة، انا كنت بحبه، وببقى متطمن على بنتي، وإنت مسافر عشان هو كان بيبقى موجود معاها…
حسن: أنا عارف إن إنت كنت بتحبه، أنا ما طلقتهاش بسبب الكلب…
أنا تعبت من السفر رايح جاي، ومبقتش مستعد أسوق كل الطريق ده تاني…
حاج محمود: يعنى إنت مش هتخليها تيجي تزورنا، ولا إيه؟
حسن: أكيد هتيجي تزوركوا وقت ما هى عايزة، انا هجيبهالكوا…
حاج محمود: طب أنا ينفع أكلمها دلوقتى؟
حسن: هى دلوقتى نايمة، أصحيهالك؟
حاج محمود: طب لما هى نايمة، إنت إيه اللي مصحيك؟ مش نايم جنبها ليه؟
هو إنتوا لسه ما إتصالحتوش؟ تلاقيك سايق عليها التقل، ولا هتسيبها، وتروح الشغل…
حسن: حضرتك كده هتدخل موسوعة جينس فى رمي التهم، إنت عندك قدرة غريبة فى إختراع الإتهامات…
لأ يا سيدي انا لا تقلان، ولا رايح الشغل، ولسه قايم من النوم، ولسه قايم من جنبها…
تحب أحكيلك ليلتنا عدت إزاي بالتفصيل؟
حاج محمود: شكرا يا عم، إنت راجل مستفز…
حسن: وإنت أسئلتك مستفزة أكتر…
حاج محمود: لما غادة تصحى خليها تكلمنى…
حسن: حاضر من عينيا، فى حاجة تاني؟
حاج محمود: لا متشكر، يلا سلام…
حسن قفل التليفون، وهو مبتسم، وكمل تحضير الفطار…
غادة صحيت آخيرا، ولما بصت جنبها ملاقيتوش، زعلت…
هى كانت فاكرة إن هو راح الشغل من غير ما يصحيها…
شوية، وسمعت صوت جاي من المطبخ، وخرجت تبص عليه…
غادة: إيه ده؟ إنت بتعمل إيه يا سنسن؟
حسن: إنتى شايفة إيه؟ ما جوعتيش؟
غادة: ده انا عصافير بطنى بتصوصو…
بس إنت واحشني أكتر، وعايزة أشبع منك إنت الأول…
حسن: خلاص إحنا بقينا مع بعض، وبكرا تزهقى مني…
غادة: طب لو ما زهقتش؟
حسن: تليفون صغير منك فى اي وقت هتلاقيني قدامك فى دقيقتين، خلاص إحنا كسرنا حاجز الوقت…
غادة: أنا، وإنت هنكسر كل الحواجز يا حبيبي طالما إيدينا فى إيد بعض…
الأيام اللي عدت عليهم، كانت روعة، وجميلة، وكإنهم بيحلموا حلم جميل…
كان حسن لما يبقى رايح الشغل، على ما يرجع بتكون غادة لسة صاحية من النوم…
يقضى ساعتين الراحة معاها، وينزل تاني…
غادة تبقى فى الوقت ده بتروق شقتها، وتخلص شغل البيت، على ما يرجع حسن…
لما يرجع ساعات بيخرجوا يتعشوا برا، أو يتفسحوا، او يسهروا يتفرجوا على فيلم حلو…
كانوا مبسوطين، بس طبعا الحياة ما بتفضلش وردي كده على طول…
جنات أم حسن فى يوم كانت بترعى الورود بتاعتها فى جنينة الفيلا، وكانت عمالة تغنى، ومبسوطة…
مصطفى أبو حسن: خير إن شاء الله، بقالك فترة كده مبسوطة، وهادية…
جنات: هو ده يضايقك فى حاجة؟
مصطفى: لأ خالص، بس أنا مستغرب!!!
جنات: عادى حاجة جوايا بتخلينى مبسوطة، مش عارفة إيه هى بس مبسوطة…
مصطفى بصلها بصة إستغراب!!
جنات: هو إنت بتبصلى كده ليه؟
مصطفى: هو إنتى بتكلمى حسن؟
جنات: حسن؟ لأ ما بكلموش، لكن هو آخر مرة إتصل بيا، خد عهد على نفسه إنه مش هيكلمنى تاني…
مصطفى: يعنى هو فعلا كان بيتصل بيكي؟
جنات: هو كان بيتصل من ارقام أنا ما أعرفهاش، ومكنتش بعرف إنه هو غير لما يبدأ يتكلم، وأنا مكنتش برد عليه…
مصطفى: كان عايز إيه يعنى؟ كان بيقولك إيه؟
جنات: هو إنت عايز تعرف أخباره ليه؟
مصطفى: لأ طبعا، أنا هعمل إيه بأخباره، تلاقيه بقى واد صايع، ضايع ملوش أي لازمة…
جنات قعدت تضحك عليه بسخرية…
مصطفى: ده بقى معناه إيه؟
جنات: لو كنت إنت فاشل، كان هو هيبقى زيك…
لكن إنت عملت نفسك بنفسك لحد ما وقفت على رجلك…
يبقى أكيد حسن كمان شق طريقه زيك…
مصطفى: برضه هو مش إبني، فاشل، ولا ناجح مش إبني…
جنات: هو إنت خايف أحسن يطلع إبنك من كتر الأذى اللي عملته فيه بإيديك؟
مصطفى: حسن مش إبني، و متفتحيش الموضوع ده تاني، وياريت ما تكلميهوش…
أحسن هدور عليه لحد ما أعرف مكانه، وهدمرله حياته تاني…
جنات: هو إنت إيه؟ قلبك ده حجر؟ هو آخر مرة كلمنى فيها كانت من سنتين، ومن ساعتها ما أتصلش تاني، ومعرفش عنه أي حاجة…
موضوع الحمل كان عامل لغادة قلق كبير، ومعكنن عليها، وشاغل بالها أوي…
كان دايما حسن يطمنها إن الحمل هيجي لما ربنا يريد…
غادة: يا حسن عشان خاطري بقى…
حسن: عايزة إيه يا حبيبتي، إنتى تؤمري؟
غادة: عايزة اروح أكشف…
حسن: فيكى إيه؟ إيه اللي تاعبك؟ ننزل حالا…
غادة: لأ متخافش أنا كويسة، أنا عايزة أروح أشوف الحمل إتأخر ليه، إحنا بقالنا سنتين متجوزين، وكده فى حاجة مش طبيعية…
حسن: يا قلبي ما تحسبيش علينا فترة البلد، إحسبي من ساعة ما جيتي هنا…
غادة: ماشي يا حبيبي، انا هنا عديت التسع شهور، وبعدين المفروض مكنتش أستنى كل ده، أنا عايزة اتطمن يا حسن عشان خاطري…
حسن: إنتى ليه بس بتدوري على حاجة تشغلينا بيها؟ إحنا كده مبسوطين…
غادة: هو إنت مش عايز عيلتنا تكبر؟ انا عن نفسي عايزة اجيب منك عيال كتير…
حسن: طبعا أتمنى، بس دي حاجة بتاعة ربنا، إفرضي ربنا مش رايد ساعتها هنعمل إيه؟
غادة: أنا مش عايزة أفكر كده، إن شاء الله ربنا هيراضيني…
حسن: أنا مش عارف ليه مش مرتاح، بس طبعا هشوف دكتور كويس، ونروحله، ماشي؟
حسن إتصل بالدكتور صبري أبوه، وسأله عن دكتور كويس لغادة…
فعلا الدكتور صبري شافله دكتور كويس، وراحوا كشفوا عنده…
غادة عملت تحاليل كتير جدا…
حسن كمان عاد التحاليل بتاعته من تاني…
التحاليل طلعت، وراحوا هما الإتنين للدكتور عشان يعرفوا التحاليل كان فيها إيه…
الدكتور: أنا خليتكوا عملتوا كل التحاليل الكتيرة دي عشان قبل ما أنطق، ابقى واثق من كلامي…
غادة: لو سمحت يا دكتور إتكلم من غير مقدمات…
الدكتور: أنا آسف حضرتك عندك مشكلة في الرحم، ودي بتمنع الخلفة…
يعنى لو حصل حمل، وقعد للخامس، أو السادس هينزل…
أنا أسف يا إبني بس ربنا رب الخير، كل اللي بيعمله ربنا لينا خير…
عشان لو الحمل ده حصل، وإستمر ده هيبقى فى خطر على حياتها…
غادة: حضرتك متأكد من الكلام ده…
الدكتور: أومال أنا خليتكوا تعملوا كل التحاليل دي ليه؟
عشان قبل ما أتكلم، أبقى متأكد…
حسن خد غادة، روحوا، وكانوا طول الطريق ماشيين ساكتين…
غادة كانت الدموع مالية عينيها، وهي بتمنعها من النزول بالعافية…
وصلوا عند البيت، وهي دخلت أوضة النوم، وحسن دخل وراها…
هو مش عارف يقولها إيه، ولا يواسيها إزاي…
غادة: أنا داخلة الحمام، محتاجة آخد شاور…
دخلت الحمام، ووقفت تاخد شاور، وفجأة قعدت تعيط بإنهيار…
حسن لما سمعها بتعيط، دخل جري، ولقاها قاعدة فى الأرض بتعيط…
حسن قعد جنبها، وخدها فى حضنه، وخلاها تعيط براحتها، يمكن العياط يريحها…
مفيش كلام ينفع يتقال فى المواقف دي، هى محتاجة تعيط شوية…
حسن قفل المية، وشال غادة، وخرج بيها برا الحمام…
حسن: بصي يا حبيبتي أنا مش هقولك ما تعيطيش، أو ما تزعليش، خدى وقتك فى الزعل براحتك خالص…
بس أنا عايز أقولك إن أنا موضوع العيال ده مش فارقلي خالص، أيوة أنا معاكي، هي طبعا كانت هتبقى نعمة كبيرة، وحاجة كويسة…
لكن ملناش نصيب، خلاص، إنتى حبيبتي، وبنتي، وعيلتي الصغيرة…
أنا مش عايز من الدنيا دي غيرك، إنتى فاهمة؟
إحنا كمان ممكن لو إنتى عايزة نتبنى طفل تمام، المهم إرتاحي، وإهدي الأول، ماشي؟
أو لو كنتى عايزة تنزلي البلد عند أهلك تغيري جو شوية قولى، وأنا هوديكي…
غادة: لأ أنا مش عايزة أروح هناك، عشان كل واحد هيسألني عن الخلفة، والكلام مش هيخلص…
خليني قاعدة هنا جنبك، جوا حضنك…
حسن: اللي يريحك يا قلبي، يلا إرتاحي شوية…
غادة نامت فى حضنه، وهو إستناها لما نامت، وقام خرج برا، عشان يكلم حماه…
حسن: إزي حضرتك يا حاج؟
حاج محمود: أهلا، غادة بنتى أخبارها إيه؟
حسن: بخير الحمد لله، أنا كنت عايزك تيجي إنت، وحماتى عندنا، ينفع؟
حاج محمود: طب ما تجيب غادة، وتيجي، عشان غادة تشوف العيلة كلها بالمرة…
حسن: لأ إحنا مش هينفع نيجي دلوقتى، هينفع إنت، ومامتها تيجوا…
حاج محمود: لأ أنا كده قلقت، غادة مالها؟ إوعى تكون ضايقتها، ولا زعلتها، هى حصلها إيه إتكلم؟
حسن: هو أنا على طول متهم قدامك؟ هى كويسة، بس هى محتاجالك شوية، هتيجى خير، مش هتبجي إنت حر…
حسن خلص كلامه، وقفل التليفون…
أبوها روح على البيت، وبلغ مراته عشان تجهز، وراحوا لمحطة القطر…
نزلوا من القطر الصبح بدري، وإتصل بحسن…
حاج محمود: إحنا فى المحطة أهه، هتيجى تاخدنا، ولا نطلب تاكسي؟
حسن: لأ أنا جايلك، أنا اصلا فى الشارع، دقايق، وهبقى عندك…
حسن وصل عندهم، ورحب بيهم، وخدهم على البيت…
حاج محمود: إيه اللي حصل؟ بنتى مالها؟ إنت عملتلها إيه؟
حسن: أنا ما عملتش حاجة، هى بس نفسيتها تعبانة شوية، ليه بقى، هى هتعرفكوا…
حاج محمود: هو فى غيرك، أكيد منكد عليها عيشتها، وجايبلها إكتئاب…
حسن فرمل العربية جامد، وبص لأبوها…
حسن: إنت عمرك شفت منى حاجة وحشة، بقالك تلات سنين تعرفنى، يعنى المفروض تبطل كلامك ده…
إنت إمتى هتفهم إن أنا بحب بنتك، وأكتر واحد فى العالم عايزها سعيدة، ومبسوطة؟
أبو غادة سكت، ومعرفش يرد عليه…
أم غادة: كبر دماغك منه يا حسن، وطمني مالها غادة؟
حسن: مخنوقة شوية، قلت أتصل بيكوا تيجوا تخففوا عنها شوية، وتحاولوا تخرجوها من اللي هي فيه…
خلاص وصلوا عند البيت، وحسن دخل يصحيها، لسه بيقعد جنبها، ولقى أبوها دخل الأوضة بتاعتهم، وواقف فوق راسه…
حسن: هو مفيش فايدة فيك؟
حاج محمود: إنت لسه داخل قدامي، وبهدومك أهه، عايز إيه بقى؟
ثم أنا بنتى وحشتنى، بقالي تسع شهور ما شفتهاش…
غادة حست بيهم، وفتحت عينيها، أول ما شافت أبوها إترمت فى حضنه…
غادة قعدت تعيط، وأمها دخلت على صوت عياطها فى حضن أبوها…
حاج محمود: مالك يا بنتي يا حبيبتي، طبعا هو اللي مزعلك، إنتى مش بتنهاري بالشكل ده غير بسببه…
غادة: لأ يا بابا أنا المرة دي اللي مزعلاه، مش هو…
حسن قام، وخدها من حضن أبوها، ووقفها قدامه…
حسن: أنا على فكرة مش زعلان خالص، زعلى بس عليكي، وأنا شايفك منهارة بالشكل ده…
غادة: كان نفسي أعملك عيلة صغيرة…
حسن: يا عبيطة إنتي عيلتي الصغيرة، وأبقى طماع لو كنت عايز حاجة تانية…
حاج محمود: طب ما تفهمونا بدل ما إحنا واقفين كده زي الأطرش فى الزفة، ومش فاهمين أي حاجة…
حسن: أنا همشي أروح على شغلى، وإنتوا خدوا راحتكوا مع بعض…
غادة حكت لأهلها على كل حاجة، وأبوها قال إن ده كلام كبير، ولازم ناخد رأي كذا دكتور، مش نمشي ورا رأي دكتور واحد بس…
غادة اقنعت حسن برأي أبوها، وإنهم يشوفوا دكاترة تانيين، وهو بعد إصرارها وافق…
حسن، وهو قاعد مع أبوها، قال: أنا كان نفسي كنت تيجي تهديها، وتخليها تشيل الموضوع من دماغها…
إنت كده جرجرتها وراك من أمل لأمل، ومن صدمة لصدمة، خليك مستعد بقى، عشان كده هى هتحزن كل شوية…
كان كل ما تروح لدكتور يقول نفس الكلام مفيش جديد، وهي كانت بتنهار كل شوية…
حاج محمود: فى دكتور الناس بتشكر…
حسن قاطع حماه، وقال: خلاص شكرا مفيش دكاترة تاني…
حاج محمود: ايوة بس…
حسن: ما بسش، خلاص أنا قلت لأ يعنى لأ، إقفل بقى على الموضوع ده…
الحاج محمود، ومراته رجعوا على البلد بعد لفهم مع غادة عند الدكاترة…
حسن فضل يحاول يشغل دماغ غادة، وينسيها موضوع الخلفة…
كان بياخدها يخرجها، ويتفسحوا، ويلعبوا…
كان بياخد أجازات عشان يقضي معاها وقت كويس، وتكون مبسوطة…
كمان جابلها شغل عشان يسلي وقتها…
طبعا كان ملاحظ نظراتها كل ما تشوف ست حامل، أو بيبي صغير، بتبقى نظرات كلها وجع، وحزن، وحرمان…
عدت سنة، وغادة كانت بترفض تروح تزور أهلها فى البلد رفض تام…
كان كل كام شهر أبوها ييجي يزورها، وبقى بيبص لحسن بصة تانية خالص…
عشان شاف هو أد إيه بيحب غادة، ومهتم بيها، وبيحاول يسعدها بأي طريقة…
جه العيد الكبير، وأبو غادة صمم إن حسن، وغادة ييجوا البلد يقضوا العيد معاهم…
خلى حسن يشارك معاهم فى الأضحية…
حسن خد غادة، وسافروا البلد، وحسن كان مستغرب جدا من إستقبال حماه ليه!!
جه أول يوم العيد، وراحوا كلهم المسجد عشان يصلوا صلاة العيد…
حسن إتفاجئ إن هما هيدبحوا الأضحية فى جنينة البيت…
حاج محمود هو اللي كان هيدبح، وكانوا ولاده الرجالة، وإجواز بناته بيساعدوه…
حسن كان واقف جنب مراته، وواخدها فى حضنه، وبيتفرجوا على الدبح…
غادة كانت مسنودة عليه، وإبتسامتها على شفايفها، لكن كانت من جواها شايلة وجع، وحزن كبير…
دي كانت أكتر حاجة بتوجع حسن، وأبوها…
حاج محمود كان باصص عليهم، وحاسس بندم كبير من ناحية حسن…
كان زعلان من نفسه على كل اللي كان بيعمله مع حسن، عشان يبعده عن بنته…
كان بيفكر لو كانت خطته نجحت، وبعد غادة عن جوزها، وجه واحد تانى إتجوزها…
الراجل التاني ده كان ممكن يتجوز عليها لما يعرف إنها ما بتخلفش، أو يطلقها، ويسيب بنته وحيدة…
يا ترى كان هيبقى حاله، وحال بنته هيبقى عامل إزاي؟
حاج محمود، وهو بيفكر في كل ده، عينيه إتملت بالدموع، وحمد ربنا إن حسن يبقى جوز بنته…
لما دماغه سرحت فى الأفكار دي، كان ناسي إن هو ربط العجل، والمفروض يدبحه دلوقتي…
السرحان اللي كان فيه خلى الحبل اللي مربوط فيه العجل، يرتخي…
العجل كان هيقوم، ولو قام مكانش حد هيقدر يسيطر عليه…
فعلا العجل هاج، وزق حاج محمود، ووقع على الأرض، وكان خلاص هيقف…
حسن بسرعة وقف فوق العجل، وشد الحبل تاني، وسيطر عليه، وحكم الموقف…
حسن: يلا يا حاج إنت هتفضل تتفرج كتير، قوم عشان تدبحه…
حاج محمود: لأ السنة دي إنت اللي هتدبح…
حسن: لأ أنا مجربتش الدبح قبل كده، يلا بسرعة أنا مش هقدر أمسكه كتير…
حاج محمود مسك منه الحبل، وكلهم ساعدوه، وإدى حسن السكينة…
حاج محمود: مفيش فرق كبير بين دبح العجل، ودبح البنى آدمين…
حسن: حضرتك بتهزر، يلا إدبح…
حاج محمود أصر يديله السكينة…
حاج محمود: يلا سمي، وكبر، وإنوي إنها أضحية، وإتوكل على الله، يلا أوام…
حسن كان متردد، وبص لمراته اللي طمنته، ومامتها كمان فضلت تشجعه يدبح…
حسن مسك السكينة، وكبر، ودبح…
الكل إستغرب جدا عشان حسن دبح الأضحية أسرع من الحاج محمود، يمكن عشان هو عنده خبرة كبيرة فى التعامل بالسكاكين!!
حاج محمود: يا إبن الإيه؟ وبتقولي معرفش…
حسن: لأ أنا قلت إني ما دبحتش قبل كده، ما قلتش ما أعرفش…
حاج محمود علم حسن إزاي يسلخ العجل، وحسن إتعلم بسرعة، وكان اسرع واحد فيهم…
العيد ده كان مختلف بالنسبة لحسن، كان أول مرة فى حياته بيحس فيها بطعم العيد…
أول مرة حسن يعيد فى وسط عيلة بجد…
مرات أخو غادة دخلت، وكان معاها بيبى صغير، يدوب بيتعلم المشي…
كانت هى ماسكة إيديه الإتنين عشان ما يقعش…
غادة بصتله بصة حرمان، ووجع…
حسن، وأبوها خدوا بالهم، وحسن ساب السكينة، وراح شد مراته…
حسن: قوليلى هو اللي هيموت من الجوع هنا يعمل إيه؟
غادة: يقول لمراته حبيبته، وييجي معاها تعمله سندوتش تصبيرة…
حاج محمود: إتفضل يا حسن يا إبني، البيت بيتك…
حسن كان داخل البيت مع مراته، ولما سمع الحاج محمود بيقول إبني، وقف، وبصله بإستغراب!! وبعدين كمل مشي…
حسن دخل مع مراته، وفضلوا يهزروا مع بعض…
الغدا جهز، والعيلة كلها أكلوا مع بعض فى جو مليان حب، وفرحة، وكلهم كانوا مبسوطين…
غادة: عايزين حاجة؟ إحنا ماشيين بقى…
ام غادة: ماشيين ليه يا بنتي؟ خليكوا قضوا معانا اليوم…
غادة: مش هينفع يا ماما عايزين نروح نرتاح شوية…
حاج محمود: طب ما البيت واسع، خدي جوزك، وإطلعوا إرتاحوا فوق براحتكوا…
غادة: لأ معلش يا بابا، إحنا هنروح دلوقتى، وممكن نيجي بالليل نسهر معاكوا…
حاج محمود: حسن؟
حسن: أفندم؟
حاج محمود: أنا كنت عايز أقولك حاجة…
حسن: عايز تقول إيه؟ إتفضل يا حاج…
حاج محمود: أنا يعنى كنت عايز…
غادة: مالك يا بابا، ما تتكلم على طول…
حاج محمود: أنا عايز أقولك تقولي يا عمي، بلاش حضرتك، وحاج دي…
حسن إستغرب، ودماغه قعدت تقلب فى ذكريات عايز ينساها…
لما سمع أبوه صبري، وعم محمود قالوا إحنا ما يشرفناش تقول الكلمة دي…
حسن: أنا بعتذر لكن مش هقدر أقول الكلمة دي…
إنت بس ضميرك واجعك عشان أنا كملت مع بنتك، وهي ما بتخلفش…
إنت مكنتش عايز تصدق إن أنا بحبها حب كبير، وعمري ما هقدر ابعد عنها مهما حصل…
بس لو كان الموضوع بالعكس، وكنت أنا اللي ما بخلفش، إنت مكنتش هتسكت غير لما أطلق بنتك…
عم محمود: لأ يا إبني صدقنى، أنا بس شوفت حقيقتك، ومعدنك الطيب، زي ما غادة شايفاك…
حسن: خلاص يا حاج سيب الأيام تداوي اللي حصل بيننا، بعد إذنكوا…
أنا مستنيكي برا يا غادة…
عم محمود: غادة يا بنتي أنا عايزك تسامحيني على محاولاتي اللي فضلت سنين، وأنا ببعدكوا عن بعض…
بس، والله كل ده كان من خوفى عليكي، كنت خايف يجرحك، ويكون ما بيحبكيش…
أنا كنت غبي، كنت أنا بإيدي بضايقك، وأحزنك، سامحيني يا حبيبتي…
غادة: يا بابا أنا مقدرش أزعل منك، وإن كان على حسن، هو مش من الناس اللي بتشيل فى قلبها كره لحد…
هو بس محتاج شوية وقت لحد ما يعرف يتعامل معاك على الوضع الجديد ده…
غادة خدت حسن، وروحوا على بيتهم، وبعد شوية حسن خرج يتمشى شوية فى البلد…
غادة كانت حاسة إن حسن مضغوط، وحزين، وخدت بالها إنها من كتر تفكيرها فى الخلفة نسيته، وأهملته…
حسن كان طول الوقت بيحاول ينسيها، ويخرجها من حزنها…
هى كانت على طول مكتئبة، ومفيش فى دماغها غير موضوع الخلفة، وبس…
غادة قامت، وفتحت دولابها، ولبست فستانها الجديد اللي حسن كان جايبهولها، وهي مكانتش لبسته من ساعة ما إشتراه…
حطت ميكب خفيف زود جمالها الطبيعى…
حسن رجع من برا، وإستغرب من غادة أوى!!!
حسن: ما شاء الله، إيه الجمال ده؟ خير إيه المناسبة؟
غادة: يلا ما إحنا فى عيد بقى، كل سنة، وإنت طيب، وبخير، ودايما جنبي…
حسن: كل سنة، وإنتى معايا، وحبيبتي، وروحي دايما…
سهروا مع بعض سهرة جميلة كلها رقص، وضحك، وهزار، ودلع…
غادة: إنت نمت يا حسن؟
حسن: لأ لسه.
غادة: هو أنا ممكن أسألك سؤال يا حسن؟
حسن: طبعا، عشر أسئلة…
غادة: هو إنت ليه ما تقبلتش كلام أبويا؟ إنت مش بتحبه صح؟ ما تخافش أنا مش هزعل منك…
حسن: هههههه لأ طبعا يا غادة أنا عمرى ما كرهت حد…
أقولك على سر، أنا عمرى ما كرهت أبويا بالرغم من كل اللي عمله معايا…
ما بالك بقى بأبوكي اللي كانت كل مشكلته، خوف عليكي مني، كان عايز يتطمن عليكي معايا…
أنا نفسي كنت خايف عليكي منى، وكنت قلقان أحسن معرفش أسعدك، وأعيشك مبسوطة، ومرتاحة…
غادة: طب إنت يعنى لسه شايل منه؟
حسن: مش كده، بس أنا مش جاهز لحاجة زي كده دلوقتى، يمكن مع الأيام…
إنتى عارفة يا غادة اليتيم اللي تجيبيه من الشارع، وتقعديه فى وسط عيلة مليانة حب، ودفا…
بعد كده ترجعى ترميه تاني فى الشارع، ويرجع للبرد، والجوع، والحرمان…
تفضلى تعملي كده كل شوية، تاخديه شوية، وترميه شوية…
إنتى عارفة اليتيم ده إحساسه بيبقى إيه بعد كل ده؟ بيبقى جواه خلاص عايز يكمل فى الشارع، وبيقول مرار الشارع، ولا حنية البيت، والعيلة…
أنا كمان بقول قسوة أبوكي، ولا حنيته…
غادة: بس يا حسن هو نفسه إن إنت تسامحه…
حسن: فهميه إن أنا مش زعلان منه، غير كده معلش مش هقدر…
أجازتهم بتاعة العيد خلصت، وحضروا شنطهم عشان يرجعوا شقة القاهرة…
راحوا عند حماه عشان يسلموا عليهم قبل ما يمشوا…
حماه: يا حسن أنا عايزك تسامحني…
حسن: أنا قلت لغادة إن أنا مش زعلان منك عشان أسامحك…
يا حاج إنت كان ليك عذرك على كل اللي حصل، سيب الموضوع للزمن، والزمن كفيل بكل حاجة…
عم محمود: طب لما إنت مش زعلان، أومال ليه رافض تقولى يا بابا، أو يا عمى؟
حسن: أنا أسف بس أنا مش هقدر أقولك بابا، أو حتى عمى…
إنت كل الحكاية إن ضميرك واجعك عشان بس بنتك ما بتخلفش، وأنا معاها، ومسيبتهاش…
إنت مكنتش عايز تصدق إن أنا بحبها، وعمرى ما هبعد عنها مهما حصل…
بس لازم تبقى عارف إن لو كنت أنا اللي ما بخلفش، إنت مكنتش هتسيب غادة معايا لحظة واحدة…
عم محمود: لأ يا إبني أنا كل الحكاية إنى شوفتك زي ما غادة شيفاك، وعرفت معدنك، وأصلك الطيب…
حسن: طيب خلاص، ربنا يكتب اللي فيه الخير، بعد إذنك…
حسن خد مراته، وسافروا على القاهرة…
عم محمود فى يوم كان معزوم فى فرح واحد صاحبه عايش فى بنى سويف…
الراجل كان مصر إنه يجيب معاه غادة، وجوزها عشان مشفهاش من وهى صغيرة…
عم محمود فضل يتحايل على حسن، وما سابوش غير لما وافق…
راحوا يوم الحنة، والناس كلها قابلتهم بإحترام، وحب، وقضوا يوم جميل…
حسن حاول ينام، ومكانش عارف لحد الفجر، فخرج يتمشى بين الغيطان، والزرع…
غادة كمان خرجت معاه، وفضلوا يتمشوا مع بعض هما الإتنين…
غادة: يا سلام لو الواحد يعيش هنا، وميفكرش فى شغل، ولا مشاكل، ولا أي حاجة…
حسن: إنتى بقى إيه المشاكل اللي عندك؟
غادة: أبدا إنت بس ما تشغلش بالك…
حسن: إنتى لسة بتفكرى فى موضوع الخلفة؟ طب وبعدين يا غادة ما أنا قلتلك لو عايزة نتبنى طفل، ونربيه…
غادة: لأ أنا مش عايزة كده، أنا عايزة أربي إبنك إنت…
طب إيه رأيك يا حسن لو تتجوز، وتجيبلك حتة عيل…
حسن: لا والله، إنتى بتهزري صح؟
غادة: لأ ده مش هزار على فكرة، إنت هتتجوز، وتخلف، وبعدين تجيبلى البيبي أنا أربيه…
حسن: طب حلو أوي، وهنعمل إيه فى أمه؟ هنقتلها، ولا نرفدها، ولا إيه بالظبط؟
غادة: تصدق فكرة، لأ بص إحنا هنديها قرشين، وتولد، وتسيب البيبي، وتمشي…
حسن: ده كلام عبيط، أولا الجواز المشروط ده حرام، وده يعتبر تأجير رحم، وده طبعا حرام، وأنا عن نفسي عمري ما هتجوز عليكي…
غادة: بس أنا أعرف إن في رجالة كتير بيزهقوا من مرتاتهم، وبيبقى نفسهم يتجوزوا تاني…
أنا أهه بديلك فرصة، وموافقة إن إنت تتجوز عشان تخلف…
حسن: أنا عمرى ما هعمل كده، أنا مش عايز حد غيرك…
ياريت تنسي الكلام فى الموضوع ده، إوعى يكون أبوكي اللي قالك على الفكرة العبقرية دي، ده أنا كنت بدأت أحبه…
غادة: لأ أنا شفت فيلم هندي كان بيتكلم عن الموضوع ده…
حسن: آه هندى!! عندهم حق اللي بيتريقوا، ويقولوا ده فيلم هندى…
غادة: طب والله ده كان فيلم جامد، كانت قصته إن فى إتنين متجوزين، وبيحبوا بعض أوي، وما بيخلفوش…
مراته راحت إتفقت مع واحدة، تخلف، وتسيب البيبي، وتمشي…
جابتها لجوزها، وخلته يتجوزها…
حسن: طب والبنت وافقت، وخلفت فعلا، وسابتلهم البيبي؟ ده إيه الفيلم العبيط ده؟
غادة: لأ اللي حصل عكس الإتفاق، البنت حبت الراجل، ومرضيتش تسيب إبنها…
لما مراته طلبت منها تنفذ الإتفاق قالتلها أنا ممكن أديكي البيبي بس تسيبيلي جوزك، وهو ده شرطى الوحيد…
حسن: وإنتى بقى بعد ما إتفرجتى على القصة دي، عايزة تجيبيلي واحدة برضه!!!
بصي يا غادة أنا لو هكون أب، هيبقى منك، أنا مش عايز عيال من حد تاني، ماشي؟
كانوا لسه بيتمشوا، وفجأة حسن وقف، وبص فى المكان…
غادة: فى إيه يا حسن؟ مالك؟
حسن: المكان ده مش غريب عليا، أنا حاسس إنى جيت هنا قبل كده…
غادة: أيوة جيت فى شغل يعنى، ولا إيه؟
حسن فضل ماشي لحد ما وصل عند عشة قديمة، ووقف قصادها…
حسن: لأ مش شغل، أنا مكنتش هنا، وأنا كبير، بس أنا كنت هنا فى وقت مش قادر أحدده…
كان لسه حسن بيتكلم، وإتفتح باب العشة، وخرجت منه ست عجوزة…
حسن: إحنا آسفين يا حاجة، عملنالك دوشة…
الست: لأ يا إبني ما حصلش حاجة، أهلا، وسهلا…
غادة: أهلا بيكي يا حاجة، جوزي بس كان بيشبه على المكان، وحاسس إن هو جه هنا قبل كده…
الست: أنا برضه حاسة إن أنا أعرفه، إنت إسمك إيه يا إبني؟
حسن: أنا إسمي حسن…
الست: حسن إيه؟
حسن: حسن صبري…
الست: لأ للأسف معرفش حد بالإسم ده، أنا إسمى خديجة، إتفضلوا بقى نفطر سوا…
حسن: لأ مش هينفع يا حاجة، أصل إحنا ضيوف هنا، ولو الناس صحيوا، وإحنا مش موجودين، هيقلقوا علينا…
فرصة تانية إن شاء الله، سلاموا عليكوا…
حسن قضى يوم الفرح، وكان باله مشغول بالست، وعنده إحساس قوي إنه يعرفها…
روحوا على بيتهم، وفضل يجمع عنها معلومات، بس ما قدرش يوصل لحاجة…
عدت الأيام، والدنيا ماشية، وفى يوم غادة صحيت تعبانة أوي، وبترجع…
لما التعب إستمر حسن قلق جدا عليها، وخدها المستشفى عشان يشوف فيها إيه…
الدكتور كشف عليها، وطلب يتعملها تحاليل…
بعد ما الدكتور كشف على غادة، وطلب من الممرضات يعملولها شوية تحاليل، وظهرت النتيجة…
حسن: خير يا دكتور طمنا فيها إيه؟
الدكتور: خير طبعا مبروك المدام حامل…
حسن، وغادة تنحوا لبعض، وفضلوا شوية مش مصدقين اللي سمعوه…
غادة: يا دكتور حضرتك متأكد…
الدكتور: أيوة طبعا الحمل واضح جدا فى التحاليل…
حسن: طيب معلش ممكن تجهزوها عشان أنا عايز أنقلها لمستشفى الدكتور صبري…
الدكتور: ليه يا أفندم؟ المستشفى بتاعتنا مجهزة، ومستواها كويس جدا…
حسن: أيوة أنا عارف، بس الدكتور صبري يبقى والدي، مش موضوع إهتمام…
الدكتور: طيب تمام، اللي تؤمر بيه سيادتك…
الدكتور سابهم، ومشي عشان يجهز اوراق نقل غادة لمستشفى دكتور صبري…
غادة: إنت ليه بتعمل كده، وبتقتل فرحتى؟
حسن: أنا أول واحد عايزك تبقى فرحانة، بس مش عايزك تعيشي فى وهم، وتفوقى منه على صدمة كبيرة…
بعد ما هتفرحي، ويحصل إجهاض بعد ما يكبر فى بطنك، وتحبيه، وتتعلقى بيه، وينزل، إنتى ساعتها هتكونى متدمرة…
غادة: أنا مش عايزة أفكر فى اللي جاي…
حسن: لأ يا غادة أنا مش عايز افرح أنا، وإنتى بحلم، وهنفوق منه على كابوس، والأقى نفسي لوحدى…
غادة: إنت بقيت أناني…
حسن: لو فينا حد أنانى يبقى إنتى، عشان إنتى دايما عايزة تعملى اللي إنتى عايزاه، وبس…
على كل حال الدكاترة هي اللي هتفصل فى الموضوع ده، إقفلى بقى الكلام دلوقتي…
حسن سابها، وخرج يكملها ورق النقل، وكلم دكتور صبري فى التليفون، وحكاله على الوضع، والدكتور صبري إتصل بدكتور يحيي عبد الحميد اللي راحوا كشفوا عنده قبل كده…
لما وصلوا المستشفى كان دكتور يحيي مستنيهم…
إتعملها كشف شامل، وتحاليل، وإشاعات كتيرة، وجه وقت الكلام بعد ما ظهرت نتيجة التحاليل…
دكتور صبري: ها يا دكتور طمنا الدنيا إيه؟
دكتور يحيي: والله أنا كان نفسي أطمنكوا، لكن الوضع زي ما هو ما إتغيرش…
الحمل ده مش هيكمل، عشان الرحم ده من النوع المعادي، يعني هيهاجم الجنين، وهيعتبره جسم غريب، وهيقتله…
ده غير إن جسمك كله هيرفض الحمل ده، والمؤشرات باينة على وشك أهيه…
تعب، وترجيع مستمر، ودوخة، وكل ما الجنين يكبر، تعبك ده هيزيد…
لو كان فى أمل واحد فى المية إن الجنين ده يكمل للتاسع، كان ممكن نخاطر، ونحطلك محاليل مكثفة، بس للأسف ما ينفعش…
غادة: طب لو أنا طلبت إني أكمل الحمل، وأشوف هنوصل لإيه؟
الدكتور: ساعتها إنتى صحتك هتبقى فى النازل، ولما يحصل إجهاض فى الخامس، أو السادس، هتبقى صحتك إتدهورت جدا…
مش هيكون عندك القوة الكافية إنك تواجهي الأمر ده، ولو أي حاجة حصلت غلط هتبقى حياتك هي التمن…
زي بالظبط لو إنتى عندك جهاز بيشتغل بالموتور، والجهاز ده فى مشكلة، والموتور شغال، المفروض بقى إنه بيريح شوية، ويشتغل شوية…
لكن إنتى عندك مشكلة كبيرة، والموتور شغال على طول مش بيفصل، وإنتي بتحملى عليه زيادة طول الوقت…
فى النهاية اللي هيحصل إن الموتور هيتحرق، والجهاز كله هينفجر، أو هيولع…
الجهاز ده جسمك إنتى، والموتور هو قلبك اللي مش هيتحمل…
فهمتى بقى إن المجازفة هيبقى تمنها حياتك…
غادة: أنا مستعدة أخاطر بحياتي عشان الحمل ده يكمل…
حسن: تخاطري بحياتك عشان إيه؟ حمل إحتمال يكمل، وإحتمال ينزل؟
الدكتور: بصراحة يا مدام غادة جوزك بيتكلم صح، المخاطرة مش هتكون الجنين بس، لأ ده بحياتك كمان…
إحتمال إن الجنين يكمل بنسبة اربعة فى الميه بالكتير، ودي نسبة قليلة جدا…
ده لو كانت خمسين فى المية انا مش هنصحك تكملى الحمل، لكن كده إنتى لو كملتى يبقى بتنتحري…
غادة: يعنى إحنا دلوقتى المفروض نعمل إيه؟
دكتور صبري: يعني يا غادة إحنا كده معندناش حل غير الإجهاض…
غادة: إنتوا عايزنى أموت إبني بإيدي؟
الدكتور: يا بنتي هو لسه شوية دم بس، حتى لسه قلبه ما إتخلقش، عشان كده لازم نستعجل فى العملية…
حسن: تمام، وإحنا إيه اللي هيخلينا نستنى، حدد يوم للعملية فورا…
غادة: لأ يا حسن عشان خاطرى، إوعى تعمل كده…
حسن: إنتى عايزة تصعبى الأمور على نفسك، الجنين ده كل ما هيكبر فى بطنك، كل ما هتتعلقى بيه زيادة، وهتتعبى زيادة…
الدكتور: إستنى يا سيادة المقدم، إديها وقتها عشان تقرر براحتها، إحنا لسه قدامنا حوالى تلات أسابيع…
حسن: أنا شايف إننا ننهي الأمر بسرعة، دلوقتى أحسن من بعد شوية…
غادة: لأ يا حسن، لأ…
الدكتور صبري: بص يا إبنى روحوا دلوقتى على البيت عشان هى ترتاح، وتهدى، وإتناقشوا بالراحة فى الموضوع، ماشي؟
حسن سند غادة، ومشيوا، وكانوا طول الطريق ساكتين ما بيتكلموش…
آخر الليل كل واحد منهم نايم، بس مش نايم، ودماغهم شغالة…
غادة: أنا مش هقدر أنزله يا حسن…
حسن: وأنا مش هقدر أقف أتفرج عليكي، وإنتى بتضيعي منى…
غادة: طب خلينا نجرب…
حسن: التجربة دي بتبقى فى حاجة عادية، لكن إنتى عايزانى أجرب فى حياتك…
غادة: حتى لو أنا لا قدر الله مت، مش يمكن يقدروا ينقذوا البيبي…
حسن: نعم يا أختى، إنتى عبيطة، ولا إيه؟
ينقذوا إيه، وتموتى إزاي؟ إنتى بتهزري مش كده؟
غادة: يا حسن ده إبننا، يعنى إنت هيبقى معاك حتة منى…
حسن: لا ده إنتى إتجننتى باين عليكي، إسكتى بقى، وإقفلى على الكلام…
غادة: لأ يا حسن أنا مش هسكت، إنت هتربى إبننا، وهتكبره….
حسن: آه، وأحبه كمان مش كده؟ هحب الحاجة اللي حرمتنى منك، إنتى فاكرة إن أنا ممكن أتعامل معاه أساسا…
غادة: إيه ده؟ هو إنت مش هتحب إبنك؟
حسن: ايوة يا غادة أنا مش هعرف أحبه، وهكرهه…
غادة: ناقص كمان تقولى إنك هتعامله زي ما أبوك إتعامل معاك…
حسن: إنتى عارفة إن أنا دلوقتى بس بدأت أخلقله أعذار للي عمله فيا….
عشان أنا دلوقتى ممكن أعمل زيه، وأكتر كمان، ده أنا ممكن أخنقه بإيديا، لما يبقى السبب فى موتك…
غادة: حسن إيه اللي إنت بتقوله ده؟
حسن: بقول اللي سمعتيه، يمكن ربنا حطنى فى الإختبار ده عشان أعذر أبويا…
عشان أنا كنت متأكد إن مفيش أب فى الدنيا ممكن يكره إبنه…
بس دلوقتى عرفت إن فى أسباب تخلى الأب يكره إبنه، ويخلص منه كمان…
غادة: أنا مش مصدقة اللي بسمعه منك ده؟
حسن: لأ صدقى… أنا إتخنقت، وهخرج أشم هوا، بعد إذنك…
حسن مشي، وغادة قعدت تفكر، هي ممكن فعلا تنزل البيبي ده؟
ده ربنا إداها هدية، إزاي هتضيعها من إيديها؟
الأيام بتمر، وغادة كانت حالتها بتسوء يوم عن يوم، وحسن كان جنبها بس بطل يتكلم…
هما الإتنين كانوا بيتجنبوا الكلام مع بعض، لحد ما حسن خلاص جاب آخره…
حسن: إجهزي يا غادة عشان أنا بكرا إن شاء الله هاخدك عشان تعملى العملية، بموافقتك، أو غصب عنك…
غادة: لأ طبعا، إنت مش هتجبرنى يا حسن…
حسن: طب جربي تعترضي، وورينى هتعملى إيه…
حسن خرج على شغله، وغادة إتصلت بأبوها…
قالتله ييجي فى أسرع وقت، وطبعا أبوها ما بيقدرش يتأخر عليها…
تانى يوم الصبح كان عندها بعد ما حسن راح الشغل…
غادة حكت لأبوها على الوضع كله، وطلبت منه إنه يقف جنبها، وميسيبهاش…
عم محمود: بس يا بنتى حسن جوزك المرة دي عايز مصلحتك، إنتى بتنتحري…
غادة: يا بابا دي فرصة جاتلى من عند ربنا، ولو أنا ضيعتها هندم طول حياتى…
يا بابا الأعمار بيد الله، لو أنا مكتوبلي أموت هموت لو عملنا إيه…
بس لو دي فعلا هدية ليا من ربنا، وأنا فرطت فيها، يبقى ساعتها هعمل إيه؟
أنا لازم أتمسك بالحمل ده بإيديا، وإسناني، وإنت لازم تقف جنبي، وتبعد حسن عنى عشان هو عايز يجبرنى على حاجة أنا مش عايزاها…
عم محمود: يا بنتى أنا لو سمعت كلامك، وحصلك حاجة أنا مش هسامح نفسي إزاي؟
هبص فى وش جوزك إزاى؟ إنتى نور عيني عايزانى أساعدك عشان تنتحري؟
غادة: أنا يا بابا حياتى من غير خلفة ناقصة، وأنا دلوقتى بحاول أكملها…
يا بابا إنت طول عمرك واقف جنبي فى الصح، وفى الغلط، ما تجيش دلوقتى وتسيبني، وأنا محتاجالك…
عم محمود: أيوة بس المرة دي مش هقدر…
غادة: خلاص هاتلى حاجة تضمنلى إن أنا لو نزلته هعيش، أو لو خليته هموت…
عم محمود: ده فى علم الغيب يا بنتى، محدش بيعرف هيعيش أد إيه، أو هيموت إمتى، كله بإيد ربنا سبحانه، وتعالى…
غادة: تمام كده أوي إنت جبت المفيد، يبقى أجرب، ولا أستسلم؟
عم محمود: بس برضه “ربنا قال لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة”
غادة: ماشي بس كمان قال فى كتابه العزيز “إعقلها، وتوكل”
أنا بقى هتوكل على الله، واللي ربنا كاتبه هنشوفه…
لو كانت دي نهاية حياتي، هتنتهي حتى لو نزلته…
أما لو كاتبلي إن أنا اعيش، وأخلف، هكون أسعد واحدة فى الدنيا…
أنا يا بابا لو نزلت الجنين ده، هبقى أتعس واحدة فى الدنيا…
عم محمود: حب حسن ليكي هيسعدك، وينسيكي…
غادة: بالعكس أنا مش هسامحه أبدا لو أجبرني إن أنا أقتل إبني بإيديا، ومش هعرف أعيش معاه تاني…
عم محمود: طول عمرك دماغك ناشفة، ولما بتصممي على حاجة ما بتسيبيهاش، أمري لله…
بس المشكلة دلوقتى إن أنا، وإنتى مش هنقدر نقف قدام حسن، ونرجعه عن قراره…
غادة: لأ أنا هقولك نعمل إيه؟
عم محمود: قوليلى هنعمل إيه؟
غادة: أنا هتعامل معاه بنفس طريقتك اللي كلمته بيها يوم فرحنا…
أنا هضايقه زي ما إنت عملت، عشان أنا عارفة كل الوجع اللي عنده، وعارفة نقطة ضعفه…
كل المشكلة إن أنا محتاجاه جنبي، ومش عايزاه يتخلى عنى…
عم محمود: يبقى إوعي تعملى كده معاه، أحسن تخسريه…
غادة: أنا لازم أعمل كده عشان يشيل موضوع الإجهاض من دماغه…
عم محمود: طب لو بعد عنك، وخسرتيه؟ يعنى أنا أعمل معاه كده ماشي، لكن إنتى لو جرحتيه عمره ما هيسامحك…
غادة: هيسامحني أنا واثقة، حسن بيحبنى يا بابا، واللي بيحب بيسامح…
عم محمود: إنتى حرة، بس خدى بالك إنتى كده بتخربي على نفسك بإيديكي…
حسن رجع من الشغل بدري، وإتفاجئ بعم محمود، وحس بالقلق…
دخل لمراته عشان تلبس، وياخدها على المستشفى…
غادة: حسن أنا خلاص فكرت كويس، ومش هعمل إجهاض…
حسن: أنا كان نفسي تفكرى صح، وتحكمى عقلك، بس للأسف إنتى عايزة تموتي…
غادة: لأ طبعا أنا عايزة أعيش، بس لو مش هخاطر بحياتى عشان أنقذ إبني، هتبقى الحياة لازمتها إيه؟
حسن: أنا معنديش إستعداد أشوفك، وإنتى بتموتى، ولو هتخلينى أشيلك غصب عنك، وأدخلك العمليات هعملها…
غادة: لأ يا حسن ده مش من حقك…
حسن: لأ ده حقى يا غادة، حقى إن أنا أحافظ على حياتك…
غادة: وأنا بعفيك من الحق، والمسئولية دي…
حسن: أنا مش فاهم حاجة، إنتى تقصدى إيه؟
غادة: يعنى يا حسن أنا لو خيرونى بينك، وبين البيبي هختار البيبي…
حسن: إيه اللي بتقوليه ده؟ إنتى تضمنى إنه هيكمل، بطلى عبط…
غادة: والله الحمل هيكمل، أو مش هيكمل، ده قراري، أنا معنديش إستعداد أعيش عمرى اللي باقى من غير عيال…
أنا بشكرك إن إنت فضلت معايا لما أنا ما خلفتش، بس أنا خلاص زهقت، ومبقتش قادرة أكمل حياتى معاك…
أنا كنت هنهي حياتنا مع بعض من فترة، بس ساعتها إكتشفت موضوع عدم الخلفة ده…
يومها بابا هو اللي أقنعنى إن أنا أكمل معاك، عشان محدش هيرضى يربط حياته بيا غيرك…
أنا كنت مضطرة أستحمل العيشة معاك، بس دلوقتى جاتلى الفرصة إنى أبقى أم…
إزاي هضيع الفرصة دي من إيدي، أضيعها عشانك إنت، ده ليه يعنى؟
حسن: يا غادة فوقى، وشوفى إنتى بتقولى إيه…
غادة: أفوق؟ أنا فايقة كويس جدا، إنت اللي عايز تفوق…
أنا مش هكمل بقية حياتى مع واحد زيك مشوه…
أنا دلوقتى عندى فرصة إني أخلص من حياتى معاك…
حتى لو كان تمنها حياتى، هيكون أرحملى من إنى أعيش حياتى مع واحد مشوه زيك…
حسن: غادة إنتى واعية للى بتعمليه؟ مش لازم تعملى كده عشان تخلينى أسكت على الحمل…
غادة: أنا بس حبيت الأمور تبقى واضحة مش أكتر من كده…
حسن: غادة إنتى بتحبينى، وأنا متأكد من حبك ليا…
غادة: كنت فاكرة نفسي بحبك، بس خلاص الغشاوة إتشالت من على عينيا…
أنا بقيت بشوفك زي ما كل الناس شايفاك…
أنا خلاص مبقتش قادرة أستحمل أشوف الجروح اللي فى وشك، وفى جسمك كله، مبقتش قادرة…
حسن: خلاص كفاية، كفاية لو سمحتى، ما تتكلميش أكتر من كده
اللي إنتى عايزة تعمليه إعمليه، إنتى حرة…
غادة: هنخلى البيبي، ومن الساعة دي مالكش دعوة بيا، أو بيه، إنت فاهم؟
حسن: يعنى هتقعدى فى البيت، ومش هتمشي؟
غادة: أنا محتاجة أفضل فى الشقة هنا عشان هى قريبة من المستشفى…
عشان طبعا الموضوع مش هيبقى سهل، إلا بقى لو كنت عايز نتطلق، وتمشيني دي حاجة ترجعلك…
حسن: لأ يا ستي أنا لا همشيكي، ولا هطلقك غير لو إنتى اللي طلبتى…
غادة: لأ مش وقت الطلاق دلوقتى، لو مت يبقى خلاص…
لو عشت ساعتها بقى نبقى نشوف هنعمل إيه فى حياتنا…
حسن: أه إنتى عشان كده بعتى لأبوكي، وجيبتيه…
أنا هسيبلك البيت إنتى، وأبوكي، طالما شكلى مضايقك، ووجودى معاكى مضايقك، بعد إذنك…
حسن ساب البيت، ومشي ، ومشي من حياة غادة خالص…
عم محمود: متهيألى يا غادة إنتى المرة دي خسرتى حسن خالص…
غادة: لأ هيرجع تاني إن شاء الله…
غادة قعدت على الأرض، وفضلت تعيط…
غادة: لازم يرجع يا بابا عشان أنا مقدرش أعيش من غيره أبدا…
عم محمود: إنتى مش بس دوستى على جرحه، ده إنتى فهمتيه إنك بتقرفى منه، ومن شكله…
يا بنتى إنتى دوستى على رجولته، ودى حاجة مش ممكن ينساها، أو يسامحك فيها أبدا…
ربنا يعديها على خير، وتقومي بالسلامة، وتقدري تصلحى اللي إتكسر…
حسن خرج من البيت، ومكانش مصدق ولا كلمة من الكلام اللي قالته غادة…
هو عارف كويس هى عملت كده ليه، بس كانت مشكلته الوحيدة إنها إزاي قدرت تقول الكلام ده…
إزاي قدرت توجعه بالشكل ده عشان حاجة لسه فى علم الغيب، ده هو اللي كان مخليه حزين أوي…
الحاجة الوحيدة اللي كان مصدقها لما قالتها، هي إنها لو خيروها بينه، وبين الجنين هتختار الجنين…
طب ليه هو عنده إستعداد يبيع العالم كله عشانها…
كان كل يوم يعدى على غادة بتتعب أكتر من اليوم اللي قبله…
أبوها، وأمها كانوا قاعدين معاها، وكل شوية يروحوا بيها المستشفى…
جه يوم كانت تعبانة اوي فيه، نفسيا، وجسديا…
عم محمود مبقاش عارف يعمل إيه، عشان هو واثق إن غادة محتاجة جوزها يبقى جنبها…
إتصل بحسن عشان يتحايل عليه إنه ييجي، ويرجع بيته…
حسن رفض يرجع، وقاله إن هى عايزة كده، وخليها بقى تتحمل نتيجة اللي بتعمله، وإن هو مبقاش عنده حاجة يقدر يقدمهالها…
عم محمود لما لقى إنه مش عارف يقنعه، حاول يلعب بأعصابه شوية عشان يجبره ييجي لغادة غصب عنه…
عم محمود: تمام طالما إنت مش راضي تيجي، تعالى إدفع حساب المستشفى…
أنا الفلوس اللي كانت معايا خلصت، ولسه هبعت أجيب فلوس من البلد…
حسن: طب إنت ليه بتدفع الفواتير، أنا هبقى عندك حالا عشان أدفعها…
عم محمود قفل مع حسن، وفرح عشان عرف يجيب حسن…
لما يجي بقى لازم يعرف أد إيه غادة محتاجاه جنبها…
حسن جه فعلا، ودفع حساب المستشفى، وخلاص كان هيمشي…
عم محمود: إستنى يا حسن…
حسن: خير؟ أنا خلاص حاسبت المستشفى، وإبقى شوف إنت دفعت كام، وأنا هدفعهولك…
عم محمود: أنا مش بندهلك عشان كده، ممكن توقفلنا تاكسي؟
حسن: تاكسي ليه يا عمى؟ أنا هوصلكوا، يلا…
عم محمود إبتسم عشان الخطة ماشية زي ما هو عايز، وكمان عشان حسن أول مرة يقوله يا عمى…
حسن: إنت مبسوط ليه كده؟
عم محمود: عشان إنت أول مرة تقولى يا عمي…
حسن: أنا آسف أنا…
قاطعه عم محمود، وقال: لا لأ ما تتأسفش على حاجة، ده أنا فرحت إنك آخيرا قلتها، أنا هروح أجيب غادة، وأمها، وأجيلك…
عم محمود: أنا يا غادة جبتلك جوزك لحد عندك، شطارتك بقى إنك ما تسيبيهوش يمشي…
غادة: طب هعمل كده إزاي يا بابا؟
عم محمود: زي ما بتعملى على طول…
غادة: قبل كده كانت الأسباب مش بإيدينا، ومش ببقى أنا اللي بعداه…
المرة دي يا بابا أنا اللي وجعته، وجرحته بنفسي…
عم محمود: أيوة بس هو بيحبك، وهيفهم إنتى عملتى كده ليه، واللي بيحب بيسامح…
أم غادة: بصي حاولى تعملى زي ما عملتى يوم فرحكوا…
المهم إن إنتى تخليه جنبك، وبعد كده كل حاجة هتتصلح بينكوا واحدة، واحدة…
غادة جت، وكان أبوها، وأمها مسندينها، وهي كانت بتتحرك بالعافية…
لما شافت حسن واقف قربت عليه، ووقعت من طولها قدامه…
حسن طبعا لحقها بسرعة، وشالها…
حسن: إنت هتمشي بيها، وهي بالحالة دي؟
عم محمود: ده هى كده كويسة، بس على طول دايخة، وعشان كده بتبقى دايما نايمة فى السرير، يلا نروحها على البيت…
حسن خدها، وقعدها فى العربية، ووصلهم لحد البيت…
أهلها نزلوا من العربية، وهي إتسندت بالراحة، ومكانتش قادرة تتحرك…
عم محمود: ممكن يا حسن يا إبنى تطلعها لحد فوق؟
حسن: طبعا أكيد…
حسن شال غادة تاني، ودخل بيها العمارة، وكان أبوها، وأمها بيجيبوا الشنط من العربية…
حسن دخل البيت، وحط غادة على سريرها فى أوضة النوم…
لسه كان هيخرج بس غادة مسكت فى رقبته، وما رضيتش تسيبه…
غادة: عشان خاطري ما تمشيش، أنا محتاجالك أوي…
حسن: ما أنا كنت قاعد معاكي، ومكنتيش مستفيدة بحاجة…
غادة: حسن أنا عايزاك جنبي…
حسن: لأ إنتى مش عايزانى إنتى عايزة البيبي اللي فى بطنك، خليه بقى ينفعك…
سيبيني أنا أتعود على عدم وجودك فى حياتي…
ثم إنتى بتقرفى منى، ومش طايقة وجودي، مش ده كلامك؟ ولا نسيتى؟ بعد إذنك…
حسن خلص كلامه، وخرج، ومسبهاش تتكلم…
عم محمود: إنت برضه هتسيبها كده، وتمشي؟
حسن: إنت كنت عايزنى أعمل إيه ها؟ أستنى جنبها، وأشوفها بعنيا، وهي بتموت جنبى بالبطيئ!!
لأ يا سيدي أنا سيبتلك إنت الموضوع ده، مش إنت اللي مليت دماغها…
خليك مستني بقى لحد ما تموت بين إيديك…
عم محمود: أنا معملتش حاجة غير إن أنا سيبتها تاخد القرار اللي يناسبها، ووقفت جنبها…
إنت كمان المفروض تعمل زي ما أنا عملت، وتدعمها…
سواء القرار ده صح، أو غلط، زي ما أنا عملت لما أصرت تتجوزك، وزي ما أنا بعمل دلوقتى…
حسن: لما أصرت تتجوزنى إنت عارضتها بكل الطرق اللي تقدر عليها…
عشان تبعدنا عن بعض حاربت كتير، ليه إنت ما عملتش كده دلوقتي، وسايبها للموت…
عم محمود: أيوة أنا رفضتك، وعارضتها، بس هى أصرت تكمل معاك…
أنا ندمت عشان عرفت إن هى كانت صح، وأنا اللي غلط…
مش يمكن برضه المرة دي يكون قرارها ده هو الصح؟
حسن: يمكن، بس لو قرارها ده كان غلط، وكان التمن هو حياتها، إنت مستعد تخسر بنتك؟
عم محمود: لأ طبعا مش مستعد، بس كمان لما إتجوزتك كانت حياتها برضه هي التمن…
حسن: لأ طبعا مش كده خالص، إحنا لو كان جوازنا فشل، كانت هتتعب نفسيا شوية، وخلاص…
لكن كانت هتفضل عايشة، بنتك هتموت لو كملت الحمل ده، إنت مستوعب اللي بقوله؟
عم محمود: محدش يا إبنى بيموت ناقص عمر، بعد الشر لو كان عمرها إنتهى، كده كده هتموت، حتى لو نزلته…
تعددت الأسباب، والموت واحد…
حسن: تمام يبقى كده بقى أروح أنتحر، وأقول عمري كده!!
عم محمود: لأ طبعا دي حاجة تانية، هي مش بتنتحر…
غادة عايزة تبقى أم، هى نفسها فى ده، وإنت واجب عليك إنك تقف جنبها، وتساندها، حتى لو كانت هتضحى بحياتها…
حسن: أنا آسف، أنا مش قادر أفهم دماغك بتفكر إزاي…
أنا كل اللي أنا فاهمه، إن حياتنا كانت ماشية زي الفل، وفجأة الحياة بتنتهي…
أنا مراتى بتروح مني، والمفروض إن أنا أفضل واقف أتفرج عليها، أنا آسف مش هقدر أعمل كده…
حسن خلص كلامه، وإستأذن، ومشي…
فضل يساعد من بعيد لبعيد، يجيب طلبات للبيت، ويوديهم المستشفى…
غادة كانت بتحاول بكل الطرق ترجعه، وهو مكانش راضي يسامحها، ويرجع بيته…
غادة وصلت للشهر الخامس من الحمل، وصحتها كانت متدهورة على الآخر، وكانت فى المستشفى…
عم محمود كلم حسن فى التليفون…
عم محمود: عشان خاطري يا إبني تعالى شوف مراتك، بلاش الكبرياء ده…
حسن: هو إنت فاكر إن أنا مش عايز آجي عشان كبريائي؟
لو الموضوع كده كان زمانى طلقتها من بدري أوي…
أنا اللي مانعنى آجى إنى مش قادر أشوفها بالشكل ده، وأقف أتفرج عليها…
عم محمود: طب أنا بتحايل عليك أهه، لو عايزنى أبوس إيدك، وتيجي تشوفها أنا هعمل كده…
حسن: حاضر يا عم محمود، أنا جاي…
حسن فعلا جه المستشفى، وقابل الدكتور اللي بيتابع غادة…
الدكتور: بص أنا قدامى حالة إنتحارية يا سيادة المقدم…
الحمل ده لازم ينزل، يمكن ساعتها نقدر ننقذ حياتها…
حسن: الموضوع مش فى إيدي…
الدكتور: أومال فى إيد مين؟ إنت جوزها، وحتى لو أجبرتها فده حقك…
المدام حاليا ما ينفعش تاخد أي قرار مصيري…
حسن: أنا، وهى شبه منفصلين دلوقتى، فمبقاش من حقى، ده قرارها هي، وهى حرة…
الدكتور كان محتار، وعم محمود كان واقف ساكت، ومش عارف يتكلم…
الدكتور: طب حضرتك أبوها، لازم تعمل حاجة عشان تنقذ بنتك…
عم محمود: أنا قعدت سنين أحاربها لما إختارت جوزها، وفى الآخر ندمت…
بعد الموضوع ده عاهدت نفسي إن انا ما أقفش ضدها فى حاجة تاني مهما كان قرارها…
الدكتور: بس المرة دي مختلفة، دي بتضحي بحياتها…
عم محمود: أيوة هي حياتها فعلا، هي عايزة تعيشها زي ما هى شايفة…
غادة مش عايزة تعيش من غير أطفال، وربنا بعتلها فرصة، وهي مسكت فيها…
اللي يعلم الغيب ربنا، مش يمكن يكون ربنا كاتبلها إنها تكون أم، وتعيش سعيدة مع إبنها، وجوزها…
حسن دخل لغادة، وإستغرب من شكلها أوي، كان وشها أصفر، وباين عليها التعب أوي!!
حسن: مش كفاية عند بقى؟
غادة: معقول إنت هنا، ولا أنا بحلم؟
حسن: لأ يا غادة أنا هنا…
حسن مسك إيديها، وباسها…
حسن: عشان خاطري يا غادة ما تسيبنيش فى الدنيا لوحدي، خليكي جنبي، أنا مش عايز أعيش الوحدة تاني…
غادة: إنت اللي مشيت، وسيبتنى، لكن انا لو بإيدي هعيش عمرى كله تحت رجليك…
حسن: طب خلاص خلينا جنب بعض…
غادة: خلاص ما تسيبنيش…
حسن: يبقى إتفقنا، انا هنده الدكتور، وأعرفه إن إنتى وافقتى تعملى إجهاض، وبعد كده…
غادة قاطعت كلام حسن، وقالت: إيه أجهض بعد كل ده؟ دي خلاص هانت…
حسن: يا غادة عشان خاطر ربنا وافقي بقى…
غادة: لأ ده عشان خاطر ربنا إنت لازم تقف جنبي، أنا مش هينفع أضيع فرصة زي دي بإيديا…
حسن: يعني مفيش فايدة؟ هو أنا دايما ببقى آخر إهتماماتك؟
غادة: ما تقولش كده يا حسن، إنت طول عمرك أهم حد فى حياتى..
أنا وقفت قصاد الكل عشانك، ايوة ممكن أكون قصرت معاك، او غلطت فى حاجة…
بس دايما إنت إختياري، إنت الحبيب، والصاحب، والزوج، والدنيا كلها بالنسبالي…
أنا سيبت حياتى كلها، وجيت عشان أعيش معاك إنت…
أنا كل أملى إن يبقى عندي عيال منك، هى دي تبقى غلطة؟
إوعى تكون صدقت الكلام اللي أنا قلته، أنا إتكلمت كده من خوفى لتجبرني أنزل البيبي بالعافية…
أنا يا حسن بعشقك، وبعشق ملامحك، وكل حتة فيك…
عشان خاطري يا حسن خليك جنبي، وما تسيبنيش، ساعدنى لحد ما الحمل يكمل على خير…
حسن: طب لو ربنا مش رايد؟
غادة: يمكن ده يبقى إختبار من ربنا، لو ربنا مكانش رايد كان الحمل نزل من بدري، ومكانش يكمل للخامس…
البيبي كويس، ونموه طبيعي يا حسن، إنت عايزنى اموته بإيدي؟
حسن: بس كده هو اللي بيموتك…
غادة: هو بيحاول معايا، وبيحارب عشان يعيش، ويشوف النور، وأنا بحارب معاه لآخر نفس…
حسن: طب وأنا؟
غادة: إنت واجبك إنك تقف جنبنا، وما تتخلاش عننا…
حسن: أنا مش قادر أشوفك بتموتى قدام عينيا…
غادة: بس أنا عايزة أبقى أم مهما كان التمن…
أيوة أنا بحبك، بس مش هقدر أنزل البيبي ده يا حسن…
غادة مسكت إيد حسن، وحطتها على بطنها فى نفس الوقت اللي كان البيبي بيتحرك فى بطنها…
حسن حس بحركة البيبي، ومكانش عارف يوصف حاسس بإيه…
غادة: بص هو بيتحرك تحت إيديك إزاي؟ هو عايز أبوه يبقى جنبه، ما تسيبناش يا حسن عشان خاطرى…
حسن: يعنى عايزانى أعمل إيه؟
غادة: تفضل جنبي، ما تمشيش…
حسن: ماشي يا غادة أنا هفضل جنبك، بس لازم تبقى عارفة إنتي لو جرالك حاجة، أنا عمري ما هكون أب ليه…
ده كلامى الآخير، أو همشي، ومش هخليكي تشوفى وشي تاني…
غادة: لأ خلاص اللي إنت عايزه، ربنا يجيب الخير…
حسن رجع مع غادة على بيتهم، وهي بدأت تتحسن شوية…
هو بدأ يعملها الأكل اللي بتحبه، ويأكلها بإيديه…
كمان إهتم بمواعيد علاجها، وعمل كل اللي يقدر عليه عشان يريحها…
عم محمود: أنا بشكرك يا حسن عشان إنت رجعت…
حسن: أنا ما رجعتش عشانك، رجعت عشان مراتى…
عم محمود: وده يكفيني…
حسن كان بيهتم بغادة بس كان حاطط بينهم حدود، عشان هو ممكن يبقى لسه مش مسامحها على الكلام اللي قالته…
كان بيتكلم مع البيبي، وكان البيبي كل ما يحس بوجود أبوه، يتحرك جوا بطن أمه…
حسن مكانش عارف يرجع لطبيعته معاها، ولا قادر يقعد قعدة صفا لوحدهم…
غادة: وحشتنى يا حسن…
حسن: وأنا بعود نفسي على عدم وجودك لما تموتى، وتسيبيني لوحدي…
غادة: بس أنا كويسة، ومش هموت…
حسن: بجد؟ طب تقدري توعدينى بكده؟
غادة: بس إنت وعدتنى تفضل جنبي…
حسن: وأنا بوفى بوعدى، و مش هسيبك، بس غير كده آسف مش هقدر…
إنتى كنتى عايزانى أفضل معاكي فى فترة الحمل، وأنا أهه معاكي فعلا…
لكن بقى بعد الحمل دي حاجة فى علم الغيب…
حسن سابها، ومشي، وهي إنهارت من العياط…
حسن كان حاسس بالذنب إن هو إتعامل معاها كده، هي دلوقتى تعبانة، ومش حمل الكلام التقيل ده…
فكر يرجعلها يعتذر، وياخدها فى حضنه…
رجع البيت، ولقى البيت فاضي، قلبه إتقبض، وإتصل بحماه…
حسن: إنتوا فين يا عمي؟
عم محمود: إنت اللي فين يا حسن؟ أنا كلمتك كتير، وإنت ما ردتش، إحنا فى المستشفى…
حسن: معلش التليفون كان صامت، خير يا عمى أنا ماشي، وهي كانت كويسة…
عم محمود: تعبت أوي بعد ما إنت مشيت، تقريبا كده خلاص…
حسن: هو إيه ده اللي خلاص؟
عم محمود: تعالى بسرعة يا حسن…
حسن قفل التليفون، وإتسمر مكانه، مكانش قادر يتحرك…
معقولة دي؟ بسرعة كده بقت فى الشهر السادس…
حسن فاق من أفكاره، وجري بسرعة راح المستشفى…
طلع عند غادة، وكانت الأوضة مليانة دكاترة، دكتور صبري، ودكتور يحيي، وحتى دكتور جلال كمان موجود…
الدكتور: الحمد لله إن إنت جيت، مراتك لازم تدخل العمليات حالا دلوقتى…
حسن: طب هو إيه اللي حصلها؟ دي كانت كويسة لما نزلت…
غادة: متخافش يا حسن أنا لسه كويسة…
الدكتور: مراتك بتولد، المشيمة إنفصلت عن البيبي، ولازم ينزل حالا…
غادة: لأ أنا مش هنزله، هسيبه جوا، مش هنزله…
الدكتور: مش بمزاجك البيبي هيتخنق جوا، عشان المية اللي كانت حواليه نزلت…
كمان المشيمة إنفصلت عن الرحم، وكده حياتكوا إنتوا الإتنين فى خطر…
غادة: يعنى هو هيبقى كويس؟
الدكتور: كله بإيد ربنا، المهم إنتى دلوقتي، يلا بسرعة جهزوها للعملية…
غادة: خليك جنبى يا حسن، إوعى تسيبني…
حسن: أنا جنبك يا حبيبتي، وسامحيني إنى إتعصبت عليكي حقك عليا…
غادة: هو إنت فاكرنى هموت، وخايف أبقى زعلانة منك؟
حسن: ششش عشان خاطرى ما تتكلميش عن الموت ماشي؟ إنتى هتكملى معايا المشوار لحد ما نعجز سوا إنتى سامعة؟
غادة: وكمان إبننا هيبقى معانا مش كده؟ وهنسميه إياد، إيه رأيك؟
حسن: ماشي نسميه إياد بس إنتى أخرجيلى أوام ماشي؟
غادة كانت بتتكلم بصعوبة من التعب، وحسن كان ماسك إيديها، وكان مرعوب تموت فى إيديه من كتر الوجع…
خدوا غادة على أوضة العمليات، وفضل حسن واقف يدعيلها تخرج بالسلامة هو، وأبوها، وأمها…
العملية طولت، وهما كانوا مرعوبين عليها…
آخيرا الدكتور خرج من أوضة العمليات، وكلهم جريوا عليه عشان يطمنهم عليها…
الدكتور: أنا آسف بس المدام حصلها نزيف شديد، ومش عارفين نوقفه…
حسن: يعنى إيه مش عارفين؟ هنعمل إيه؟
الدكتور: لازم أعملها إستئصال للرحم عشان النزيف يقف…
حسن: وهى دي محتاجة كلام؟ إعمل اللازم يا دكتور…
الدكتور: الأمور اللي زي دي لازم تمضولى على الموافقة…
حسن: هنعمل أي حاجة المهم غادة تخرج كويسة…
حماه: إستنى يا دكتور طمنى على البيبي…
الدكتور: هو حاليا طفل خديج ممكن يعيش، وممكن يموت، دي حاجة بتاعة ربنا…
هو صغير جدا، هيتحط فى حضانة، ودكاترة الأطفال هناك هيتابعوه، بس ما تحطوش أمل كبير إنه ممكن يعيش…
عم محمود: يبقى فى الحالة دي رحم بنتى مش هيتشال، عشان يبقى عندها فرصة تخلف تانى…
حسن: لأ ده كده جنان رسمي، الدكتور بيقول إنها بتنزف، وده الحل الوحيد، تقوم إنت بتقوله سيبها تموت…
عم محمود: أنا بقول إنه يحاول يوقف النزيف من غير ما يشيل الرحم…
حسن: إنت مش ممكن تكون عاقل أصلا، إنت حبك لبنتك غريب!!
لو سمحت يا دكتور إعمل اللي لازم يتعمل، وشيل الرحم لو كان ده هينقذها…
الدكتور: أنا بعتذر لسيادتك لكن مراتك وقعت على إقرار بإن المسئول عنها هو أبوها…
لو حصل حاجة فى العملية، أبوها بس هو صاحب القرار النهائي…
حسن كلبش الدكتور بإيديه، ومسكه من هدومه…
حسن: إيه اللي إنت بتقوله ده؟ أبوها إيه؟ وإقرار إيه؟
الدكتور صبري: يا حسن إمسك أعصابك شوية ده مش كلام الدكتور، ده كلام مراتك…
اللي بيحصل ده تضييع للوقت، يلا يا دكتور إدخل، وحاول توقف النزيف من غير ما تيجي جنب الرحم، لو فشلت هيبقى ده الحل الآخير…
الدكتور: حاضر يا دكتور، بعد إذنكوا…
حسن: مراتى لو ما خرجتش من العمليات سليمة أنا هقتلك…
حسن بص كمان لحماه، وقال: وهقتلك إنت كمان…
سابهم واقفين، وخرج من الأوضة خالص، وكان التوتر، والقلق مخلينه عصبي جدا…
“ياه يا غادة للدرجة دي أنا ماليش لازمة عندك، واهم حاجة الخلفة!!”
دكتور صبري: يا حسن ما تزعلش من غادة هي ما تقصدش تزعلك…
حسن: مراتى، وهى فين مراتى دي، دي بتثق فى أبوها أكتر منى أنا جوزها تخيل!!؟
دكتور صبري: عايزة تبقى أم يا إبني، زيها زي كل البنات…
البنت لما بتكبر شوية، بتلاقيها بتلعب بالعروسة، وعملاها بنتها، دي غريزة ربانية…
لما بتكبر، وتتجوز، وتتعلق بجوزها، بتبقى أمنية حياتها إنها تجيب أطفال منه…
مفيش حاجة فى الدنيا ممكن تعوض إحساسها بالأمومة…
ما بالك بقى هى عندها صعوبة فى الحمل، والخلفة، وربنا بعتلها فرصة عظيمة زي دي، عايزها تعمل إيه؟
ثم إنت مش واخد بالك إن هرمونات الحمل بتبقى مأثرة نفسيا عليها، وعلى قراراتها قد إيه؟
حسن: طيب طالما القرار ده بسبب هرمونات الحمل، يبقى ما تعملوش بيه…
دكتور صبري: ما ينفعش عشان القانون بيعتمد على الحالة العقلية للمريض، مش الهرمونات…
بإذن الله مراتك، وإبنك هيخرجوا بالسلامة…
حسن: طب لو ما خرجتش، أنا هعمل إيه؟ هعيش إزاي؟
إنت عارف كويس إن غادة هي كل حاجة ليا، هي عيلتى الوحيدة…
دكتور صبري: أنا عارف كل ده، بس إنت يا حسن كنت عايش قبل ما تشوفها، الحياة ما بتقفش على حد…
حسن: أنا كنت عايش؟ إنت شايف اللي أنا عيشته ده عيشة؟
أنا بس ما كنتش ميت، لكن مش عايش، أنا حياتى إبتدت يوم ما حبيتها…
دكتور صبري: ربنا هو رب الخير، وإن شاء الله يكتبلك كل خير…
إرمي إتكالك على ربنا، وإحسن الظن بيه، وربنا هيبقى عند حسن ظنك…
حسن: ربنا!! هو كان فين ربنا لما إتظلمت طول حياتى، ولما إتعذبت، ولما إتشوهت، ولما إتطردت؟
دكتور صبري: إستغفر ربنا يا حسن، المؤمن مبتلى، كل الرسل كانوا مبتلين، وصبروا…
عندك سيدنا يعقوب لما إتعلق بسيدنا يوسف، وخاف عليه، ربنا حرمه منه…
لما حب أخوه التانى أكتر من إخواته، حرمه منه برضه، وإبتلاه بالمرض، والعمى…
بس لما سلم أمره لله، وآمن بقضاؤه، ردله ولاده الإتنين، وإبنه بقى عزيز مصر، ورجعله عينيه…
إنت يا حسن لازم تسلم أمرك كله لله، وبلاش تحسبها بالورقة، والقلم…
لما تسلم لله كل أمورك، هتلاقى الخير كله…
حسن: أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم، سلمت أمرى كله ليك يا رب…
دكتور صبري: برافو عليك، يلا بقى تعالى نتوضا، ونصلى ركعتين مع بعض، وندعى ربنا يخرجهم بالسلامة…
راحوا يتوضوا، ويصلوا، وحماه كمان راح معاهم، وفضلوا يدعوا ربنا إنه ينجي غادة، وإبنها، ويخرجوا بالسلامة…
غادة خرجت من أوضة العمليات، وهما راحوا للدكتور عشان يفهموا منه الدنيا إيه…
الدكتور: انا عملت المستحيل عشان أوقف النزيف، هو كان شديد، وصعب السيطرة عليه…
مع الإجهاد اللي هي كانت فيه، كمان قلبها كان مش مستحمل…
حسن: إيه كل المقدمات دي، ما تتكلم يا دكتور، وتجيب من الآخر…
الدكتور: القلب وقف كام دقيقة، وحاولنا ننعشه تاني لحد ما النبض رجع، وحاليا هي فى غيبوبة…
حسن: طب مش هى هتفوق من الغيبوبة دي، وهتبقى تمام؟ ولا إيه بالظبط؟
دكتور صبري: يا حسن طالما القلب وقف، بيبقى المخ مبقاش واصله أكسجين…
طبعا ده بيعمل ضرر كبير للمخ، يعنى ممكن لا قدر الله لما تفوق من الغيبوبة دي، ما تبقاش غادة اللي إنت تعرفها…
عم محمود: أومال تبقى إيه يعنى؟
دكتور صبري: تبقى مجرد جثة نايمة ما بتتحركش، ولا بتنطق، ولا بتفكر…
حسن: برضه مع الوقت ممكن تفوق…
دكتور صبري: لما المخ بيحصله حاجة، مش بيتعالج، هتفضل عايشة كده لحد ما كل الأجهزة، والأعضاء اللي فى جسمها تتضرر…
حسن: بعد كده تموت مش كده؟ كمل كلامك سكت ليه؟
حسن بص لحماه، وقال: إتبسط إنت بقى بالرحم اللي حافظت عليه، وعلى الشئ اللي جوا الحضانة…
حسن سابهم، ومشي، فضل ماشي على رجليه من غير هدف…
جنات أم حسن خلصت صلاة، ورفعت إيديها لفوق عشان تدعي لحسن…
“يارب يا حبيبي فرج هم إبني حسن، وزيح عنه البلاء يا رب…
إستودعتك إبني، وإنت خير الحافظين، يا رب إحميه، وزيح عنه اللي تاعبه يا رب…
ريح قلبه، وإرزقه السعادة اللي يستحقها، وإرزقه بالعوض عن كل حاجة عاشها…
يا حنان يا منان يا بديع السموات، والأرض”
مصطفى كان واقف على الباب، وسامعها، وهي مش واخدة بالها…
مصطفى: أنا مكنتش أعرف إن إنتى بتحبي محمد كل الحب ده؟
ولا إنتى كنتى بتدعى لحد تاني؟ طب أنا ما دعيتليش دعوة واحدة حتى، ولا أنا ما أستاهلش؟
جنات: أنا طول عمرى بدعى دعوة واحدة إن ربنا ينور بصيرتك، وتعرف…
مصطفى: أعرف إيه؟ إن حسن إبنى مش كده؟
جنات: أيوة هو إبنك…
مصطفى: إنتى شكلك كده مش ناوية تجيبيها لبر…
أنا قايلك قبل كده إنى مش عايز أسمع إسمه فى البيت…
إنتى الفترة دي كل شوية تجيبيلي سيرته، يظهر إن أنا كان لازم أقتله فعلا، وميبقاش تهديد، وخلاص…
جنات: لأ مش إنت وعدتنى إنك تسيبه فى حاله لو أنا فضلت عايشة معاك…
مصطفى: وقلتلك إسمه ما يترددش تاني قدامي، وإنتى بتخلى بوعدك…
هما إتنين من الشارع ياخدوا شوية فلوس، وديته رصاصة واحدة فى قلبه، ونخلص…
جنات: لأ لأ لأ عشان خاطرى، مش كفاية إن أنا عشت محرومة منه؟
مصطفى: خلاص يبقى مش عايز أسمع إسمه هنا تاني…
جنات: هييجي اليوم اللي ربنا يظهر فيه الحقيقة، إبقى وريني ساعتها شكلك هيبقى إيه…
مصطفى: أنا كنت جاي عشان أقولك تجهزي نفسك عشان إحنا مسافرين…
جنات: مسافرين فين، وليه؟
مصطفى: هنهاجر هولندا، فى فرع هناك للشركة، هنسافر عشان نتابعه، ومحمد هيمسك الشغل اللي هنا…
جنات: بس أنا مش عايزة أهاجر…
مصطفى: طيب إيه رأيك أخلصلك عليه، ويبقى مفيش سبب تقعدي عشانه؟
جنات: الله يسامحك، أنا مش هقول غير كده…
في الناحية التانية
غادة نايمة فى غيبوبة، وحسن قاعد جنبها بقلة حيلة، ومش عارف يعمل إيه؟
إبنهم كان فى الحضانة بيحارب عشان يعيش…
الدكتور اللي متابع حالة البيبي جه لحسن، ونده عليه برا الأوضة…
كلهم كانوا واقفين حسن، وحما، وحماته…
الدكتور: لو سمحت يا سيادة المقدم….
حسن: أنا قلتك لأ قبل كده، عايز منى إيه تاني؟
عم محمود: لأ على إيه؟ ما تفهموني…
الدكتور: البيبي حالته صعبة، ومتدهورة…
عم محمود: طب هو حسن هيعمل إيه؟ إيه اللي فى إيده يعمله؟
الدكتور: ولا حاجة، أنا بس عايزه ياخد إبنه فى حضنه…
أم غادة: ياخده فى حضنه!! هو ده هيفيد العيل بإيه؟
الدكتور: فى أطفال كتير على مستوى العالم، كانوا نفس حالة إبنكم، والموضوع ده فرق معاهم أوي…
عشان ده بينشط الدورة الدموي، وبيرفع درجة المؤشرات الحيوية…
ده فى أطفال بعد ما القلب بيقف، بيرجع يشتغل تاني بعد ما الأم بتاخد إبنها فى حضنها…
لما البيبي بيحس بنبض أمه، بيتفاعل قلبه مع قلبها…
أيوة الوضع ده بينفع مع الأم أكتر من الأب، بس الأم دلوقتى فى غيبوبة، يبىقى أبوه يحل محلها…
عم محمود: يعنى ضمة منه، والولد يتحسن؟
الدكتور: أيوة هو ده بس اللي هو هيعمله، وتبقى تجربة مش هنخسر حاجة…
عم محمود: طب إنت يا حسن مش راضي ليه؟
حسن: مش راضي ليه!! هو إنت عايزنى أجاوبك فعلا؟
الدكتور: إهدى يا سيادة المقدم، إحنا بنتكلم…
حسن كان هيمسك فى خناق حماه…
حسن: حاضر أنا هقولك مش عايز أعمل كده ليه؟
أولا عشان أنا بكرهه، وبكره وجوده فوق ما تتخيل…
ثانيا عشان بسببه ضاعت مني أغلى حاجة كنت بملكها فى الدنيا…
ثالثا عشان أنا لو دخلت عنده هموته، ها عايزنى أدخل عنده؟
عم محمود: مش هتقدر تعمل كده، مفيش أب بيأذي عياله…
حسن: ده بجد؟ مفيش اب بيأذي عياله؟ أومال إنت عملت إيه فى غادة؟
مين اللي خلاها تتطلق؟ ومين فرقها عن جوزها؟ ومين ساعدها إنها تكمل الحمل؟
مين دخلها فى غيبوبة؟ مش إنت اللى عملت كل ده؟ ولا حد تاني؟
طب سيبك من كل ده يمكن إنت تبقى شايف كل ده حب…
عايزنى أقولك مين السبب فى تشوه وشي، وجسمي كده؟ مش ده كان أكتر سؤال محيرك؟
أبويا هو اللي عمل فيا كده، عملت حادثة، وكنت صغير مع أخويا الكبير…
كان هو اللي سايق العربية، وكان سكران، وأخويا ده كان أبويا بيحبه أوي…
طلب منى إن أنا ما أرجعش البيت من غيره…
عشان كنت خايف عليه فكيت حزام الأمان بتاعى عشان أربطله هو الحزام الاول…
أنا ربطته من هنا، والعربية إتقلبت بينا من هنا…
طبعا أنا طرت من العربية، ودخلت فى عربية كلها إزاز…
ابويا اللي كان المفروض يعالجنى، دفع فلوس للدكتور عشان يخليني مشوه…
زي ما إنت شايف كده، ولولا جلال، وابوه كان زماني لسه مربوط فى سرير المستشفى بيشرحوا فيا كل يوم، أو كان زمانى مت من بدري…
بعد ما أبويا وصلنى للحالة دي، رمانى برا البيت، وقالى مالكش مكان عندى…
لولا دكتور صبري خدنى عنده، وإدانى إسمه، كان زمانى عشت فى الشارع…
كنت بقيت زعيم عصابة، ولا قتال قتلة، او حرامي بشكلى المشوه ده…
لسه بتقول إن مفيش أب بيهون عليه عياله؟
كلهم سكتوا، ومقدروش يتكلموا…
حماه كان أول مرة يعرف القصة دي…
أم غادة قعدت تعيط، وقالت: عندك حق يا إبنى فى كل اللي قلته…
من حقك تكره أبوك، بس أنا بنتي فى غيبوبة، وربنا وحده هو اللي يعلم هتفوق منها، ولا لأ…
لو بنتى ماتت يا حسن، أنا محتاجة إبنها يعوضنى عن غيابها يا إبني…
حسن: عشان خاطري ما تطلبيش منى حاجة مش هقدر أعملها، إنتى عارفة غلاوتك عندي، أنا مقدرش أرفضلك طلب…
أم غادة: أنا بترجاك يا حسن، أنا عايزة إبن بنتي…
لو غادة فاقت، وقامت بالسلامة، وعرفت إن إنت مرضيتش تساعد الولد، وسيبته للموت، إنت هتقدر ساعتها تواجهها؟
بعد كل تعبها ده، وكل التضحيات اللي عملتها عشان تحتفظ بيه، وبعد تعبنا كلنا، يا ترى هتقولها إيه لما تسالك عنه؟
إنت هتقدر تقولها، إنك ما عرفتش تيجي على نفسك، وتحضنه حتى مرة واحدة؟
يا حسن لو مش هتعمل كده عشانى، تعالى على نفسك عشان خاطر غادة حبيبتك، عشان غادة يا حسن…
حسن مكانش عارف يقول إيه، بس إفتكر تعب غادة، وكل اللي هى مرت بيه عشان تجيب البيبي ده، ودي اقل حاجة ممكن يعملها لمراته…
آخيرا حسن راح مع الدكتور، والممرضات هناك لبسوه لبس معقم…
حسن كان داخل على إبنه، وقلبه مليان كره شديد، وغيظ للبيبي الصغير…
كان بيحاول يسيطر على نفسه عشان ما يموتوش بإيديه…
حاول يفكر فى حبه لمراته، وحياته معاها اللي كانت مليانة سعادة، يمكن يهدى شوية من ناحية البيبي…
آخيرا الممرضة جابت البيبي، ولقى نفسه قدام بيبي صغير جدا بحجم الكف، وجسمه متوصل بأجهزة كتير جدا…
لا إله إلا الله، حسن مبقاش عارف يعمل إيه…
كل اللى حسه إن كل الزعل، والحزن، والكره اللي كانوا فى قلبه للبيبي إتبدلت لمشاعر تانية خالص جديدة عليه…
مشاعر، وأحاسيس مش عارف يفسرها بإيه؟
الدكتور: يلا قرب عليه يا سيادة المقدم…
الدكتور: يلا قرب لإبنك…
حسن: طب أعمل إيه بالظبط، أشيله؟
الدكتور: لأ الأول إقلع القميص اللي إنت لابسه…
حسن: نعم؟ أقلع؟
الدكتور: أيوة يا سيادة المقدم، هو هيحس بيك أكتر لو كان جسمك على جسمه مباشرة…
لما يبقى قلبه فوق قلبك هيحس بالنبض، وأنا هساعدك…
حسن قلع القميص، وقرب، والدكتور جابله كرسي، وخلاه يقعد جنب الحضانة…
جاب البيبي، وسنده على صدر حسن، فوق قلبه بالظبط، وغطوه كويس، وكان نايم فى حضن أبوه…
حسن مبقاش عارف يتحكم فى مشاعره، وأحاسيسه…
الدكتور: بص ما شاء الله المؤشرات الحيوية بدأت تعلى أهيه على الشاشة…
حسن: طب أنا لازم أفضل على الوضع ده قد إيه؟
الدكتور: الوقت ده فى إيد إبنك…
حسن: إبني!!
الدكتور: ايوة طبعا إبنك، هى الكلمة جديدة، بس إنت هتتعود عليها مع الوقت…
حسن كان متوتر، وخايف، ودعى ربنا “يا رب أنا مش حمل وجع تاني، ما تخلنيش أتعلق بيه، وبعدين يموت، يا رب لو هيموت يبقى دلوقتى قبل ما أحبه”
فى آخر اليوم الدكتور سمح لحسن إنه يخرج برا عشان يرتاح شوية، ويرجع تاني…
حسن فعلا خرج يمشي رجليه شوية…
عم محمود: تعالى يا حسن كل لقمتين، إنت ما أكلتش حاجة من الصبح…
حسن: ما تخافش عليا أوي كده، أنا كويس، غادة مش هتقولك إنت عملت إيه فى حسن…
عم محمود: إنت يا حسن لسه مش عايز تصدق إن أنا بقيت بحبك زي إبني، وأكتر كمان…
حسن: تحبني؟ إنت حبك ده أنا مش قادر أفهمه، إنت بتتعب الناس اللي بتحبهم…
عم محمود: بكرا لما إبنك يكبر، وتبقى أب هتضطر تاخد قرارات صعبة جدا، بسبب حبك الكبير لإبنك، وخوفك عليه…
هو من وجهة نظره هيبقى شايفها غلط، بس هى فى الحقيقة بتبقى خوف، وحب…
حسن: يا عالم يمكن اللي بتقوله صح، ويمكن غلط، الأيام هتورينا…
عم محمود: طب قولى إنت حاسس بإيه دلوقتى لما خدت إبنك فى حضنك؟
لسه برضه بتكرهه، وعايز تموته…
حسن: لأ، فيا حاجة إتغيرت…
عم محمود: طب ما دي حاجة كويسة، بس إنت بتقولها، وإنت زعلان ليه؟
حسن: عشان أنا كنت خلاص إديت عذر لكره أبويا ليا…
إقتنعت إن ممكن الأب يكره إبنه، ويتعمد يأذيه، والفكرة دي خلتنى هديت شوية…
لكن بعد ما حضنت إبنى النهاردة، وضميته لصدري، لقيت إن مفيش أب فى العالم ممكن يأذي ضناه، ويكرهه الكره ده…
مفيش أب هيعمل فى إبنه ربع اللي أبويا عمله فيا، ووصلت لحاجة واحدة…
عم محمود: إيه هى الحاجة دي؟
حسن: إن أنا أكيد مش إبنه…
حسن قال كده، وساب المكان، ومشي مع أفكاره الجديدة…
آخيرا فهم سبب كره أبوه ليه، أكيد أمه عرفت حد عليه، وهو كان نتيجة الغلطة دي…
عشان كده أبوه مقدرش يتحمل يشوفه قدام عينيه، عشان كل ما هيشوفه هيفتكر خيانة مراته…
أو ممكن يكونوا إتبنوه، بس هيتبنوه ليه، هما كان عندهم ولد، وبيخلفوا…
يمكن يكونوا لقوه فى الشارع، طب مين أمه، وأبوه؟
كل ده لأ، هو الصح إن أمه خانت أبوه، عشان كده كان قاعد معاهم…
عشان السبب ده أبوه بيكرهه لإنه مش من صلبه…
بس يا حسن كفاية إنت كده هتتجنن من كتر التفكير، فكر فى مراتك، وإبنك، وإردم على اللي فات…
حسن حاول يهدى، وطلع لأوضة مراته كان عايز يقعد جنبها شوية، ويبطل تفكير…
صحة البيبي بقت بتتحسن يوم عن يوم، وعدى إسبوع…
الصبح كان حسن قاعد كالعادة جنب غادة مراته، وفجأة سمع صوت ضعيف أوي بينده عليه…
حسن كان مغمض عينيه، بسرعة فتحها لقى غادة فتحت عينيها…
حسن: غادة حبيبتي، آخيرا فوقتى، إنتى سمعاني…
حسن جري برا الأوضة، ونده على أبوه الدكتور صبري…
الدكتور جه بسرعة، وكشف عليها…
دكتور صبري: غادة حاولى تتكلمي، قولى أي حاجة عشان نعرف إنك سمعانا…
غادة: —–
حسن: غادة إتكلمى يا حبيبتي، عشان خاطري، قولى أي حاجة…
غادة كانت بتتكلم بس ما حدش قادر يفهم حاجة…
الدكتور: وضحي يا بنتى، وضحي…
غادة: ح ح ح
الدكتور: بتسألى على إبنك؟
غادة: ح ح حسن أاانا…
حسن: إتكلمى أنا سامعك…
غادة: بحبك يا حسن…
غادة نطقت الجملة دي، وراحت مغمى عليها…
حسن: هى جرالها إيه تاني؟ إوعى تقول إنها دخلت فى غيبوبة تاني…
دكتور صبري: لا لأ متخافش، إتطمن يا حسن مراتك عدت مرحلة الخطر…
هى بس لسه مجهدة شوية، وهتتحسن مع الوقت، وشوية هتاخد مراتك، وإبنك وتروحوا على بيتكوا…
حسن: إنت بتقول الحقيقة صح، مش بتقول كده عشان تسكتنى، وخلاص؟
دكتور صبري: لأ أنا بقولك الحقيقة يا حسن، بسم الله ما شاء الله مراتك بقت زي الفل، وهي مسألة وقت، والدنيا هتتظبط…
حسن: الحمد لله ربنا يطمن قلبك…
تمر الأيام، وغادة فعلا بدأت تبقى أحسن كل يوم عن يوم…
بدأت تتكلم بوضوح، وأول حاجة طلبتها إنها عايزة تشوف إبنها…
حسن طبعا رفض إنها تقوم من سريرها، وكمان ماينفعش الولد يخرج من الحضانة…
غادة: عشان خاطري يا حسن، أنا نفسي أشوفه، أنا بقالى تلات أسابيع والداه، ولحد دلوقتى لا شوفته، ولا خدته فى حضنى…
حسن: يا بنتى ما ينفعش دلوقتى عشان إنتى لسه تعبانة، وهو كمان لسه تعبان، وفى الحضانة…
قومى الأول بالسلامة، وبعد كده هتشوفيه، وتحضنيه زي ما إنتى عايزة…
حسن كان خايف لما تشوفه تزعل عشان هو لسه حجمه صغير أوي، وكمان جسمه متوصل بأجهزة كتير جدا…
غادة قعدت تتحايل عليه، وتعيط لحد ما وافق يسندها عشان تشوفه…
غادة أول ما شافت إبنها إنهارت من العياط عليه…
حسن: طب مش أنا كان عندى حق؟ هو ده اللي كان مخوفنى…
غادة: هو ماله قليل خالص ليه كده؟ وإيه كل الأسلاك دي؟
حسن: يا غادة إبننا كبر عن ما كان مولود، والأسلاك خفت، دي كانت أكتر من كده بكتير أوي..
هو بقى أحسن من الأول، ده يا حبيبي حارب كتير، وعمل تحديات صعبة عشان يعيش…
أنا مش عايزك تخافى عليه، إبنك قوي، ومحارب…
غادة: قصدك يعنى إن هو طالع لأبوه؟
حسن خدها فى حضنه، ووقفوا هما الإتنين يبصوا على إبنهم الصغير…
عدى كمان شهر، وآخيرا البيبي كده ممكن يخرج من الحضانة…
الدكتور طمنهم عليه، وقالهم إنهم ممكن ياخدوه من الحضانة…
غادة كانت مرعوبة، وقلقانة عليه، عشان هو حجمه صغير جدا…
لكن مامتها طمنتها إنها هتقعد معاها، ومش هتمشي غير لما تعلمها تتعامل معاه إزاي…
البيبي روح على بيته مع أمه، وأبوه، وجده، وجدته…
كانوا كلهم بيشيلوه بحذر شديد، عشان هو صغير أوي…
بس حبة حبة بدأ يكبر، وهما بدأوا يتعودوا عليه…
طبعا الحاج محمود سافر عشان يشوف شغله بعد ما إتطمن على بنته، وإبنها إنهم بقوا بخير…
بعد شهر كمان مامت غادة هى كمان كانت عايزة تمشي…
غادة مكانتش عايزة تسيبها، عشان كانت خايفة، ومش عارفة هتتعامل لوحدها إزاي مع إبنها الصغير…
هى مش عارفة تتصرف إزاي، وخلاص أمها جهزت نفسها عشان تسافر، وترجع على بيتها…
حسن رجع بالليل من الشغل، وهي كانت سهرانة…
حسن: خير يا حبيبتى، إيه اللي مقعدك؟ ما نمتيش ليه لحد دلوقتى؟
غادة: إياد كان صاحي، ولسه يا دوب نايم دلوقتى…
حسن: طب هو عامل إيه النهاردة؟
غادة: الحمد لله بقى أحسن…
حسن: طب الحمد لله، أومال إنتى مالك؟ شكلك مش عاجبنى…
حسن قعد جنب غادة، ومسك إيديها…
غادة: ماما ماشية، وسيباني،هتمشي بكرة خلاص…
حسن: طب يعنى هي هتعمل إيه؟ لازم تسافر لبيتها، وجوزها، وعيالها…
لو قعدت معاكى بكرة مش هتقعد بعده، دى حاجة طبيعية…
غادة: أيوة ماشي، بس أنا هعمل إيه من غيرها؟ أنا لسه تعبانة، ومش بعرف أتعامل مع إياد…
أنا لسه مش بعرف أحميه، ولا أغيرله هدومه، أنا لسه محتاجة وقت، وحاسة إن أنا أم فاشلة، ومش نافعة…
غادة قعدت تعيط، وحسن ضمها لحضنه…
حسن: مين بقى اللي دخل فى دماغك إن إنتى أم فاشلة؟
طب فى حد عمل اللي إنتى عملتيه، إنتى إتمسكتى بحلم…
إتحديتي كل النظريات الطبية لحد ما خليتي الحلم ده حقيقة…
كل الحكاية إن إنتى لسه تعبانة شوية، وهو حجمه صغير، وظروفه مختلفة…
إنتى بس محتاجة وقت تتعودي فيه، ما تبقيش خوافة كده…
غادة: طب الحل إيه دلوقتى؟
حسن: إنتى زي الشاطرة هتسافري مع مامتك، وتاخدي وقتك خالص…
لحد ما تستردي صحتك، وتبقى مستعدة تقومي بمهمتك كأم كويس جدا، وترجعى على بيتك…
غادة: طب، وإنت؟
حسن: أنا إيه؟
غادة: هتقعد إزاي لوحدك؟
حسن: عادى، ما تشغليش بالك بيا، المهم إنتوا الإتنين تبقوا كويسين…
غادة: يعنى إنت مش هتضايق لو سيبتك، وسافرت؟
حسن: هو أنا يعنى أهمك أوي؟ المهم روحي مع أمك، وسيبها على الله…
غادة: حسن أنا بحبك أوي…
حسن: أنا عارف إن إنتى بتحبيني…
غادة: طب أنا ليه حساك بعيد عنى، وبتهرب مني؟
حسن: مش وقت كلام دلوقتى، انا عايز أنام…
غادة: لأ إتكلم أنا عايزة اسمعك…
حسن: أنا كل ما بشوفك، بفتكرك لما قولتيلى إن أنا مشوه، وإنتى مستحملة عيشتك معايا بالعافية…
غادة: بس يا حسن إنت عارف كويس إن الكلام ده كان من ورا قلبي، وأنا مكنتش أقصده…
حسن: أيوة أنا عارف إنك ما تقصديش، إنتى قصدتى تبعديني عنك، بتجريحك فيا…
إنتى كنتى عارفة جروحي كويس أوي، وضغطتي عليها عشان تعملى اللي إنتى عايزاه…
قلتى مش مهم حسن، ومش مهم هو عايز إيه، وإهتميتي بنفسك بس…
أنا مش عارف أسامحك على كل اللي قلتيه فى اليوم ده…
غادة: أنا عملت كده عشان إياد إبننا، كل ده عشان ما تقولش إن إنت بتكرهه، أو إنك زعلان عشان عندك إبن؟
حسن: أنا لا ندمان، ولا بكره إبني، كل الحكاية إن أنا مش قادر أسامحك…
غادة: حسن سامحني إني جرحتك، وضغطت عليك بس ده كان غصب عنى…
حسن: كان إيه اللي غاصبك يا غادة؟ هو أنا كنت هكتفك، وأروح أعملك العملية؟
إنتى فاكرة إن أنا وحش، هشيلك، وأربطك، وأوديكي تنزليه غصب عنك…
قلتى لأ أنا هعايره، وأوجعه، وأخرجه من حياتي، وإنتى عارفة قد إيه ده هيوجعني…
قلتى لما يمر الوقت أبقى أندهله ييجي، وهو طبعا ما هيصدق، وهيسامحني، عشان بيحبني، وما يقدرش يستغنى عني، مش كده؟
عاملتيني بنفس دماغ أبوكي بالظبط، شوفتى إيه اللي بيتعبنى، وقولتيه، وإنتى واثقة من رد فعلى…
حتى يوم الولادة خليتي أبوكي هو صاحب القرار، وأيدتيني لتاني مرة…
إنتى ما تعرفيش اللي أنا حسيت بيه لما الدكتور قالى إن أبوكي هو صاحب القرار الأول، والآخير…
غادة: يا حسن أنا مكانش ده قصدي، أنا كان كل قصدي…
حسن قاطعها، وقال: تعملى اللي إنتى عايزاه، وبس، ومش مهم أي إعتبارات تانية…
غادة: أنا ساعتها كنت بفكر فينا كلنا…
حسن: طب بما إنك فكرتى فينا كلنا تقدري تقوليلى أنا كنت هعمل إيه، لو كان حصلك حاجة؟ المفروض بقى إن إنتى فكرتى فينا كلنا…
ها أحب، وأتجوز، وأعيش حياتي، ولا أرجع أعيش تاني لوحدي؟
غادة سكتت، وما ردتش عليه…
حسن: إنتى مش لاقية رد مش كده؟
غادة: أنا كنت أنانية صح، ده اللي إنت عايز تقوله مش كده؟
أنا بعترف إن أنا أنانية من يوم ما إتجوزنا، أنا عايزاك ليا لوحدي، وبس…
أيوة عايزة أخليك هنا معايا، وما تسيبنيش ابدا، وما تمشيش من جنبي…
أيوة عايزة أخرج معاك فى كل مكان، وأقول ده جوزي…
عايزة أخليك تتعرف على عيلتى كلها، ونحضر عزومات مع بعض…
أيوة أنانية عايزة أشيل طفل تبقى إنت أبوه، ونربيه، ونكبره….
عايزة يبقى عندي بيت مليان حب، وضحك، ولعب، وشقاوة عيال…
أيوة يا حسن أنا أنانية، عايزة أعيش حياتى كلها فى سعادة، وميبقاش فى حاجة ناقصانى…
لو رجع بيا الزمن، هعيد كل حاجة من تاني، تعرف بقى تقولى أنا غلطت فى إيه؟
حسن: لأ إنتى مش غلطانة، بس أنا كمان إتعلمت أبقى أناني…
أنا عايز أكون الأول فى حياتك، ما يبقاش حد ليه أهمية عندك غيري…
ما تكونيش مسئولة من حد غيري، وما تاخديش رأي حد غيري…
عايزك تخلى بالك من مشاعري، وكل حاجة تهمني…
لو خيروكي بين العالم كله، وبيني، تختاريني أنا، وبس…
أنا كمان لازم أبقى أناني يا غادة، مش إنتى بس…
يلا تصبحي على خير، ولما تروحي، وترجعى بالسلامة يبقى يحلها ربنا…
تانى يوم الصبح غادة سافرت مع مامتها، وحسن وصلهم للمحطة…
غادة: ممكن ما تغيبش عليا…
حسن: بأمر الله، خدوا بالكوا من نفسكوا، وأنا هبقى آجي أشوفكوا…
حسن كان خلاص هيمشي، غادة ندهت عليه…
غادة: حسن إنت لسه بتحبني؟
حسن: الحب مش كل حاجة يا غادة، إنتى بتحبيني بس أكتر واحدة وجعتيني…
حسن قرب منها، ومسك إيديها، وكمل كلامه…
حسن: أنا طبعا بحبك، وإنتي عارفة مش عشان فى مشاكل، ومختلفين هكرهك يعنى!!
أنا اللي جوايا ناحيتك إتعدى الحب من زمان، أنا بموت فيكي مش بس بحبك…
بس ده طبعا ما يمنعش إن أنا لسه زعلان منك، ومش عارف أنسى…
يلا خدي بالك من نفسك، ومن إبننا…
حسن سلم عليها، ومشي متردد بيأخر رجل، ويقدم رجل…
حسن إنشغل أوي فى شغله، وكمان كان مضطر يسافر عشان كان في مهمة جديدة، ومستعجلة…
قعد شهر بحاله، وطول السفر مكانش بيكلم غادة خالص…
هى كانت هتجنن عشان ما بيردش عليها، كل شوية تتصل، وما يردش…
حسن مش عايز يكلمها، ولا كان عارف يكلمها من كتر ضغط الشغل…
حتى لما سافر للمهمة برا مصر، هى مكانتش تعرف…
لما رجع من السفر فتح التليفون، ولقى عليه كمية رسايل على الواتس، والمسنجر كبيرة جدا…
لقى كمان غادة باعتاله أغنية بصوتها، أول ما شغلها، وسمعها قرر يروح لمراته فورا…
حسن كان حاسس إنه وحيد أوي من غيرها، وجهز شنطته، وسافر عشان يشوف مراته، وإبنه…
حسن سافر بلد مراته عشان يشوفها، ويتطمن عليها…
غادة لما لقته قدامها جريت عليه، وإتشعلقت فى رقبته…
غادة: حرام عليك ده أنا كنت هتجنن، إنت ليه مكنتش بترد على تليفوناتى؟
حسن: معلش يا حبيبتى حقك عليا، أنا مكنتش فى مصر…
كنت مسافر فى شغل، ولما رجعت، وسمعتك بتغنيلى على الواتس، سيبت كل اللي ورايا، وجيت جري…
إخوات غادة كلهم سلموا عليه، وأبوها، وأمها…
كلهم كانوا بيكلموه عن إياد، وجمال إياد، وإنه بيكبر، وشعره أصفر، وعينيه خضرا…
كانوا كلهم مستغربين هو جاب القمر ده إزاي!!؟
حسن دخل يشوف إبنه، وأول ما شافه إتصدم صدمة كبيرة…
غادة: مالك يا حسن؟ إنت قلبت وشك ليه؟
حسن: ——
غادة: حسن إتكلم، رد عليا…
حسن: مفيش حاجة، أنا هروح على البيت عشان أستريح شوية، وهجيلكوا بالليل…
غادة: يا حسن عرفنى مالك قبل ما تمشي؟
حسن: قلتلك مفيش حاجة أنا بس تعبان من السفر…
غادة: طب ده إنت ما لحقتش تشوف إبنك يا حسن…
حسن: الله يخليكي خلينى أمشي دلوقتى، وبعدين نبقى نتكلم…
حسن مشي، وفضل يتمشى فى البلد لحد ما وصل المكان اللي دفن فيه ريكسي…
قعد هناك يفكر فى الأحداث اللي عدت عليه من يوم موت ريكسي…
بعد كده حس بحد جاي من وراه، كانت غادة…
حسن: إيه اللي جابك هنا يا غادة، وجيتى إزاي؟
غادة: أنا عارفة إن إنت بتحب تيجي هنا، ده مكان ذكرياتنا، وكان دايما ريكسي ياخدنى، ويجيبني ليك هنا…
إحكيلى بقى فى إيه اللي قلبك كده؟ هو أنا اللي زعلتك؟
حسن: لأ خالص أنا مش زعلان منك…
غادة: طب أومال إيه اللي حصل؟
حسن: مفيش حاجة…
غادة: حسن بالله عليك تقولى إيه اللي زعلك لما شفت ديدو…
حسن: ديدو! هو إنتوا سميته ديدو؟
غادة: أيوة عندك إعتراض؟ ده واد قمر، تحسه أجنبى كده…
أنا مش عارفة هو طالع لمين؟ هو إنت عيلتك كان فيها حد عسل، وأجنبي كده؟
حسن: أيوة كان عندى يا غادة، أبويا…
إياد واخد شكل أبويا بالظبط…
غادة: حسن أنا آسفة…
حسن: بتتأسفى ليه؟ هو في حاجة بإيدينا؟
إياد نسخة منه، عينيه، وشعره، وملامحه، كله هو…
غادة: إنت عشان كده إتضايقت، عشان شبه أبوك؟
حسن: لأ مش هو ده السبب…
غادة: طب إيه بقى؟
حسن: لما كنتي فى غيبوبة، وبتروحي منى، أنا مكنتش طايق أشوف إياد…
ربنا يسامحنى بقى، بس كنت شايف إنه هو السبب فى حرمانى منك، وكنت بكرهه…
فى عز اللي أنا فيه، والحرب اللي كانت جوايا، عذرت أبويا على كرهه ليا…
لكن يا غادة مجرد ما خدت إياد فى حضنى شعوري ناحيته إتبدل ٣٦٠ درجة، وحبه ملا قلبي فى لحظة…
ساعتها إتأكدت إن مفيش أب فى الدنيا يقدر يكره إبنه، مفيش أي مبرر فى العالم يخلى أب يعمل ربع اللي عمله أبويا فيا…
فى اللحظة دي ظهرتلى حقيقة كانت غايبة عنى…
أنا أكيد مش إبن الراجل ده، وإرتحت نفسيا لما وصلت للإحتمال الكبير ده…
لكن دلوقتى لما شوفت إياد، ولقيته نسخة منه دماغى إتلخبطت…
يبقى أنا إبنه فعلا، طب إزاي قدر يعمل فيا كده؟
أنا خلاص دماغى هتتشل من كتر التفكير…
غادة شدته، وخدته فى حضنها…
غادة: بس كفاية يا حبيبي، إنسي بقى يا حسن، وما تقلبش فى الماضي، سيبك من كل ده، وخلينا نبص لحياتنا، وإبننا…
إحنا دلوقتي بقينا عيلة، خلينا نسافر على بيتنا الجميل، ونحمد ربنا على نعمه، ونرمي أي هم ورا ضهرنا…
حسن خد مراته، وإبنه، وسافروا القاهرة على بيته…
مرت الأيام حلوة، وهادية، وإياد بيكبر شوية شوية…
عدت سنة فى سعادة، وحب، وضحك، ولعب…
جه يوم كانوا نايمين على السرير جنب بعض…
غادة: حسن إنت نمت يا حبيبي؟
حسن: لأ لسه…
غادة: هو إنت سعيد معايا، ومرتاح يا حسن؟
حسن: أيوة طبعا أكيد، بس إيه اللي خلاكي تسألي سؤال زي ده؟
غادة: عشان إنت مبقتش بتقولي كلام حلو، زي بحبك مثلا…
حسن: أنا؟ إزاي ما بقتش بقولها يعنى؟
غادة: طب فكر معايا كده إنت آخر مرة قولتهالى كان إمتى؟
إنت دلوقتى بقيت بترجع من الشغل تقعد تلعب مع إبنك…
أنا بقى خلاص راحت عليا، وإتركنت على الرف…
حسن: طب لما بصحى من النوم الصبح أول حاجة بعملها إيه؟ باخدك فى حضني قبل ما أروح شغلي…
لما برجع من الشغل برضه أول حاجة بعملها باخدك فى حضني، يبقى ده إيه؟
غادة: ماشي أنت بتحبني بس أنا عايزة أسمعها منك دايما…
حسن: طب ما إنتى حساها، وشيفاها، لازم أقولها يعنى؟
غادة: أيوة عايزة أسمعها، الكلمة دي بتهدي قلبي…
حسن: حاضر يا غادة هبقى أقولهالك…
غادة: يلا بقى قولها…
حسن: وبعدين فى الشغلانة دي بقى، حاضر يا ستى بحبك…
غادة: لأ أنا مش عايزاك تقولها كده، دي كده ملهاش طعم…
حسن: يا بنتي إنتى عايزانى أقولها، ولا ما أقولهاش؟
غادة: لأ خبط لزق كده مش حساها…
حسن: أكيد مش هتحسيها عشان هي مش بتتقال كده، وخلاص…
غادة: إمممم، طب تصبح على خير يا حسن…
ناموا، وحسن صحي من بدري عشان يروح على شغله، وغادة، وإياد كانوا نايمين…
على آخر اليوم حسن إتصل بغادة…
حسن: يلا إجهزي يا قلبي، هنخرج نتعشى برا، قدامك ساعة من دلوقتى…
غادة: إنت بتتكلم جد يا حسن؟ حاضر هجهز أنا، وديدو…
حسن: لا يا أفندم أنا، وإنتى هنخرج لوحدنا، مرات البواب هتخلى بالها من ديدو…
هنسهر أنا، وإنتى، وبس، ديدو كده كده هيبقى نايم…
غادة: ماشي، طب ألبس إيه؟ إحنا هنروح فين بالظبط؟
حسن: روحي كده عند الدولاب، وأنا هقولك تلبسي إيه…
غادة: حاضر…
حسن: يلا إفتحي بقى الدولاب بتاعي…
غادة: دولابك!! حاضر فتحته أهه…
حسن: هتلاقى شنطة كبيرة عندك تحت، إفتحيها…
غادة: أيوة دي جواها علبة كبيرة، إيه ده يا حسن؟ الفستان ده ليا أنا؟
حسن: أيوة طبعا أومال هيبقى لمين؟ يلا إجهزي ساعة، وأبقى عندك…
غادة لبست الفستان، هو كان طويل، ومفتوح شوية، وكانت عاملة فيه زي الأميرات…
حطت كمان ميكب خفيف، وخدت بالها إن هى بقالها كتير أوي ما إهتمتش بنفسها…
حسن كلمها بعد ساعة، وعرفها إن هو تحت العمارة…
غادة نزلت، وكانت خارجة من العمارة زي القمر…
حسن كمان كان لابس بدلة شيك أوي، وشكله جميل…
أول ما شافها إداها وردة بلدي حمرا، وباس إيديها…
فتحلها باب العربية، وركبها، وخدها على المكان اللي هيسهروا فيه…
كانت المفاجأة يخت كبير راسي على النيل، حسن مسك إيديها، ودخلها جوا اليخت…
المكان جوا اليخت كان روعة، كله أضواء، وشموع، وورد، كان زي الحلم…
غادة: إيه ده كله يا حسن؟
حسن: كل ده عشان يليق بأميرتى الجميلة، تعالى نرقص…
رقصوا سوا، وكانوا لوحدهم على اليخت…
حسن: إوعى أسمعك تاني بتقولي إن أنا مبقتش بحبك، أنا يا غادة بعشقك مش بحبك بس…
غادة: وأنا بحبك أوي يا حسن، أنا مش عارفة كنت هعيش إزاي لو إنت ما ظهرتش فى حياتى…
إنت عارف أنا عايزة إيه دلوقتى؟
حسن: عايزة إيه؟ إحلمى…
غادة شالت إيديها من حوالين رقبته، ومسكت وشه بإيديها، وبصت فى عينيه…
غادة: نفسي أشبع منك، يا حسن إنت على طول واحشني حتى، وإنت قاعد جنبي…
أنا عايزة أبقى زي باقى الستات، إن يبقى عادى لما تخرج، وما تفرقش معايا…
إنت يا حسن بتبقى ماشي الصبح على عيني بسيبك، وبترجع بعد الضهر بتلحق تتغدى بالعافية، وتنزل جري تانى…
حتى بالليل بتقعد شوية معانا، واليوم بيخلص، مش عارفة أشوفك، ولا أشبع من قعدتك معايا…
حسن: طب ما هو ده كويس عشان نبقى دايما ملهوفين على بعض، وواحشين بعض…
غادة: بس الموضوع يضايق، أنا عايزاك تفضى من الشغل شوية…
حسن: طب، وهنعيش منين؟
غادة: يا سلام هنفلس يعنى؟ إنت معاك فلوس…
حسن: مين اللي قالك كده، وصدقتيه؟ أيوة أنا كان معايا، كان لكن دلوقتى الحمد لله…
غادة: إزاي يعنى؟
حسن: إنتى نسيتي أيام الحمل، والولادة، ده إنتى كنتى عايشة فى المستشفى، ولا مصاريف الولادة…
ده كله كوم، والحضانة كوم تاني، دي كانت اليوم فيها ب٢٠٠٠ج، إياد قعد فيها حوالى شهر، ونص…
يا بنتى أنا خارج من المستشفى دي مفلس…
إنتى عارفة إنى ممكن أكون وافقت إنك تسافري مع مامتك علشان كده…
بعد ما إنتى سافرتى أنا طحنت نفسي فى الشغل…
غادة: ماشي، بس برضه أنا عايزاك تدينا من وقتك شوية…
سهروا سهرة حلوة، وفى آخر الليلة حسن فاجئها إن هو خد أسبوع أجازة…
غادة طارت من الفرحة، وحسن خدها هى، وإياد، وسافروا يغيروا جو…
مرت سنة تانى، وإياد بقى عمره معدي السنتين…
غادة: حسن ماتيجي نجيب عيل تاني…
حسن: نعم، إنتى بتتكلمى جد، ولا ده هزار؟
غادة: لأ جد، أنا حامل يا سنسن…
حسن: إنتى بتستهبلى مش كده؟
إنتى فاهمة إن أنا ممكن أعيش المرار ده تاني؟ هو إنتي يا بنتى ما تعبتيش من وجع القلب ده؟
إحنا كل ما يمر علينا وقت بالنا هادي، والدنيا كويسة، إنتى تدوري على حاجة تكدرنا، وتصعب حياتنا، إرحمينا بقى…
غادة: أنا حملت غصب عنى، ولسه عارفة…
حسن: يبقى خلاص، هنروح المستشفى النهاردة علشان ننزله بأي طريقة…
غادة: لكن يا حسن…
حسن: لو نطقتى كلمة زيادة، هرمى عليكي اليمين، وهمشي مش هتعرفيلى طريق جرة…
المرة دي مش هخليكي تشوفى وشي تاني…
غادة سكتت، وما فتحتش بقها، وحسن خدها للدكتور بتاعها…
الدكتور كشف عليها كشف عام، وقعدوا عشان يتكلموا…
حسن: قولى يا دكتور هيناسبك إمتى عشان نعمل إجهاض؟
الدكتور: هو إنتوا هتعملوا إجهاض ليه؟ إنتوا مش عايزين البيبي؟
حسن: مش دي القصة، بس أنا مش عايز أشوف اللي أنا شفته تاني…
الدكتور: أيوة أنا فاهم، بس يا حسن المرة دي الحمل طبيعى جدا، والدنيا زي الفل…
حسن: مش فاهم؟
الدكتور، يعنى يا حسن ربنا وحده اللي يعلم إيه اللي حصل، ولا حصل حمل تاني إزاي؟
بس اللي أنا أقدر أقولهولك، وأنا متطمن إن مراتك بقت زي الفل، وحملها طبيعى…
مفيش أي مشكلة المرة دي، عشان نجهض، بس دي حاجة بتاعتكوا فى النهاية…
حسن: يعنى كده مفيش خطر عليها فى الحمل ده؟
الدكتور: الخطر العادى اللي بيعدي على كل الحوامل، بس مفيش أي داعى للقلق…
حسن: حضرتك شوفت الحمل اللي فات كان عامل إزاي، دلوقتى إنت رأيك إيه؟
الدكتور: أنا رأيي إن إنتوا تسيبوها على ربنا عشان تجيبوا لإبنكوا أخ جديد…
حسن خرج من عند الدكتور، ومعاه مراته…
غادة كانت طايرة من الفرحة، بس هو كان قلقان، وخايف…
غادة: خلاص يا حسن، إفرح بقى الدكتور طمنا…
حسن: أنا فرحتى هتبقى لما تقومي بالسلامة…
غادة: أنا المرة دي حاسة إن أنا هجيب بنوتة شبهك يا حبيبي…
حسن: يا خبر!! شبهى أنا، يا شيخة حرام عليكي…
غادة: ده ليه كده؟ ده إنت قمر…
حسن: أنا قمر؟ إحنا كده عايزين نروح لدكتور عيون…
غادة: طب إنت عارف لو سيبتك من الجرح اللي فى وشك ده هتعرف إن إنت قمر، ومز كمان…
حسن: اللي تشوفيه أنا مش هجادلك كتير عشان هرمونات الحمل، وعمايلها…
مرت شهور الحمل عليهم، وكانوا طول الوقت ملهوفين، وبيحسبوها باليوم…
حتى إياد كمان كان ملهوف، عشان يشوف أخته اللي هتتولد…
آخيرا غادة ولدت، وجابت بنوتة زي القمر، حلوة، وهادية…
كان حسن قاعد فى أوضة غادة، وكمان أبوها، وأمها، لقوا الممرضات داخلين عليهم، وشايلين البيبي…
حسن لما شاف البيبي قعد يضحك…
حسن: لا ده إنتى بقى مستقصداني…
غادة: ليه بتقول كده؟ إوعى تكون هى كمان شبه باباك، بس هى لو شبهه هتبقى قمر…
حسن: لأ يا ستى دي نسخة من أمي…
غادة: طب هو ده كمان مضايقك؟
حسن: لا يا حبيبتى، أنا مش متضايق، ولا حاجة…
غادة: طب هنسميها إيه بقى؟
حسن: هنسميها ليان…
غادة: الله ده إسم جميل أوي، ماشي إتفقنا…
كبرت ليان، وإياد فى جو مليان حب، وتفاهم، وود، بقوا عيلة صغيرة، وجميلة…
غادة كان جوزها مشغول بمهمة جديدة، وكانت واخدة كل إهتمامه…
إياد كان عنده أربع سنين، وليان بقى عندها سنتين…
غادة: يا حسن أنا مبقتش لقياك معانا، أنا نفسي أخرج أنا، والعيال، زهقنا من قعدة البيت…
حسن: طب ما تخرجى يا بنتي عندك العربية اللي أنا جبتهالك…
خدي العيال، وروحوا النادي اللي أنا عملتلكوا إشتراك فيه…
إنتى عارفة إن أنا عندي شغل صعب جدا اليومين دول، إستحمليني شوية…
هخلص المهمة دي، وأروقلكوا ماشي يا حبيبتي؟
غادة: طب حتى النهاردة تعالى نتغدى برا…
حسن: خلاص ماشي، خدي العيال، وروحوا على النادي، وأنا هجيلكوا على هناك…
غادة: إتفقنا، بس حبيبي ما تتأخرش علينا…
باس راسها، وخلاص ماشي، لقى لولى جاية بتجري، وبتتعلق فى رقبته، مش عايزاه يمشي…
حسن: إلحقيني يا غادة أنا خلصت منك، وشكلي مش هعرف أخلص من الست لولي…
غادة: أنا مالى يا عم إنت وحشتها، بتنزل قبل ما تصحى، وبترجع بعد ما بتنام…
حسن: كده يا غادة بتبعيني؟ بصي يا سكر بابي، أنا عندى شغل مهم…
ماما هتاخدكوا النادي إنتى، وديدو، وانا هجيلكوا على هناك بسرعة، ماشي؟
ليان: عاوزة آجي معاك…
حسن: يا لولى مش هينفع تيجي معايا الشغل، أنا هجيلك أوام…
ليان قعدت تعيط، وماسكة فى باباها مش عايزة تسيبه…
حسن: يا غادة أنا كده إتأخرت أوي على الشغل، ومش هينفع أسيبها، وهي بتعيط كده، إتصرفى…
غادة: بصي يا لولى، بابي هينزل يجيب شيكولاتة عشان لولى القمر…
إحنا هنروح النادي، وهنلعب كلنا هناك، وبابا هيجيلنا هناك، ماشي يا سكر ماما…
ليان: ماشي بس نروح دلوقتى…
غادة: تمام يلا نلبس، ونروح دلوقتى…
آخيرا لولى سابت رقبة أبوها، وخلاص ماشي، بيقول لإياد باي، مرضيش يرد عليه…
لتكملة القصة اضغط الزر بالاسفل






