قصص رومانسية

رواية وجعت قلبي الجزء الأول

فريد كان بيقرب مني، وأنا مع كل خطوة بيمشيها…قلبي بيدق عشر دقات… وحسيت إن أنا سخنت فجأة… ونفسي بقى طالع نازل…

لحد ما قعد آخيرا على الكرسي، قدام مكتبي…

أنا إيه البهدلة اللي أنا فيها دي؟

فريد هو إنت بتعمل فيا إيه؟

فريد هو إنت عاملي سحر؟!

شيلت إيدي من فوق المكتب، وخبيتها تحت… ما كنتش عايزاه يشوف الرعشة اللي فيها… كنت هتفضح…

-خير إن شاء الله…؟

قال كده، وأنا عاملة نفسي جامدة أوي… بس للأسف الكلمة طلعت بصوت رايح، ومتلخبط… زي ما يكون واحد بيموت…

-ليلة… ممكن أعرف سبب رفضك؟

كإن أنا شايفة الباب بيتحرك!! معقولة أنفاسي وصلته، وحركته؟ لأ أنا أكيد بيتهيألي؟

في اللحظة دي مكنتش لاقية كلام أقوله… دورت في دماغي قاموس اللغة العربية كله… معرفتش أفتكر ولا كلمة… أنا شكلي فقدت الذاكرة… هو ايه اللي جرالي؟

-يا ترى في سبب؟

آخيرا خرجت كلمة، أي كلمة على لساني، وقلت: قسمة، ونصيب…

فريد إتوتر… بالرغم من الحالة اللي أنا كنت بمر بيها… بس خدت بالي من توتره…

-نصيب مع غيري يعني؟

في اللحظة دي جت عيني في عينه… وبعدتها بسرعة… وبصيت في الأرض…

كنت عايزة أخبي عينيا تحت الأرض، بس مش عارفة أعمل إيه…

-ليلة…

آااه لو تعرف يا فريد لما بتندهلي بليلة… الكلمة دي بتعمل فيا إيه؟ كإنها مخدر…

رفعت عيني من تحت سابع أرض… وبصيتله…

أنا كنت حاسة إني خلاص شوية، وهنام من تأثير المخدر… لو حد فتح دماغي دلوقتي مش هحس…

كإن فريد كان عايز يقول حاجة… بس رجع، وما تكلمش…

قام فريد وقف فجأة، وقال: اللي فيه الخير يقدمه ربنا…

وخرج…

كان بيبعد، عيوني كانت بتبعد معاه… زي ما يكون خدها وهو ماشي…

خرجت إيدي من تحت المكتب… كانت متلجة، ولونا مزرق… حطيتها على وشي عشان تبرد السخونة اللي كانت فيه…

فريد مشي… فريد إنتهى… فريد جه لحد عندي… وأنا رفضته… أااه يا فريد…

أنت أمنية حياتي… أنا لسة بعشقك، ودايبة فيك…

فريد رجعلي عينيا… فريد ما تمشيش…

——

من طريقة كلام أخويا، عرفت إن في حاجة مضيقاه…

ما كنتش مستغربة لما قالي إن ليلة رفضته…

الصراحة أنا كنت عارفة إن ده اللي هيحصل… وكنت بتمنى إنه يحصل…

حمدت ربنا في سري… لكن زعلت على حال أخويا، وهو مخنوق، ومتضايق…

حبيت أقوله أي كلمة عشان أصبره بيها…

-قسمة، ونصيب…

كإن أنا قلت كلمة عيب، أو كلمة مينفعش أقولها، أو شتيمة…

فريد سمع الجملة دي، وإتشال، وإتهبد… وصوته علي…

-نصيب؟ أنهي نصيب ده؟

-مع دكتور تامر؟

هو ده نصيبها، وهي نصيبه؟

والله ما يستاهل حتى ضفر ليلى…

-فريد!!

-حتى حسام الله يرحمه مكانش يستاهلها…

قعدت أبص لأخويا… وأنا مصدومة من كلامه… ده أكيد إتجنن!!

اللي خلاني متأكدة الطلب اللي طلبه مني…

-شروق عايزك تكلميها…

-نعم؟ بتقول إيه يا فريد؟ وعملت نفسي ما سمعتش؟

-إنتي سمعتيني كويس يا شروق… عايزك تعرفي منها ليه رفضتني؟

عشان الدكتور إتقدملها قبل مني… ولا عشان إيه؟

إعرفي هي موافقة على الدكتور ده… ولا إيه الموضوع؟

المرة دي أنا مقدرتش أسكت، وزعقت في وش فريد…

-والله ما يحصل… ولا هسألها… ولا ليا دعوة بالموضوع ده خالص…

فريد خرجني برا جنانك ده نهائي…

متهيألي إن أنا كنت غبية معاه أوي… شكل فريد زعل مني…عشان بصلي بإحباط… ومن غير ما يفتح بوقه إداني ضهره، وخرج…

طب وبعدين بقى في الحكاية دي؟ مش هنخلص منها؟

في نفس اليوم ده شوفت دلال… وفتحنا الموضوع، وطبعا قلبها إرتاح عشان الموضوع خلص على خير…

بس أنا مكنتش متفائلة أوي كده زيها… أنا فاكرة بصة أخويا فريد ليا… ومتأكدة إن الموضوع لسه فيه مفاجآت كتيرة… وإنتوا هتشوفوا اللي هيحصل…

———

عديت على المرضي بتوعي في أوضهم الصبح… وكنت بخرج من أوضة، وأدخل التانية…

لحد ما وقفت على باب أوضة منة… قعدت أبص على الباب… وإفتكرت دلال وهي بتطردني من الأوضة…

كان نفسي أدخل أشوف البنت الصغيرة، وأسلم عليها…

بس مكنتش عارفة مين معاها جوا أبوها، ولا أمها…؟

ياريت حيطان المستشفى كانت شفافة…

بعد ما خلصت مرور على العيانين… قعدت في مقر الممرضات… عشان أسجل شوية بيانات على الكمبيوتر…

جه دكتو تامر، وكان بيقرا شوية تقارير كانوا في إيده…

سألته عن منة، وقالي إنها زي ما هي بين تحسن شوية، وتعب شوية…

مفيش دقيقة إلا، ولقيت فريد خارج من الأوضة بتاعة منة، وجاي ناحيتنا… وعنينا جت في عنين بعض…

في لحظة حسيت بكهربا في جسمي… وخرجت دقات قلبي من غير فرامل…!!

بسرعة نزلت عيني على الأرض… عشان تتصدم بيها… يمكن كده يبقى أهون…

فريد سلم، وبعد كده سأل دكتور تامر عن آخر نتايج لتحاليل منة…

الدكتور تامر إداله شوية معلومات، فريد شكره… ورجع على أوضة منة تاني… وعيوني كانت معاه…

فريد ساب باب الأوضة مفتوح… كنت أنا شيفاه جواها… وهو شايفني كمان…

حاولت إني أركز في شاشة الكمبيوتر اللي قدامي… بس مفيش فايدة عيوني كانت من غير فرامل…

طب قولولي أتحكم فيها إزاي؟

أنا قاعدة هنا، وعينيا مع فريد جوا الأوضة…

كنت شيفاه بيلعب مع بنته شوية… يشيلها على دراعه شوية… ويحطها على رجله شوية…

يحضنها مرة… ويبوسها مرة…

يمسح على شعرها مرة… وهي تمسح على شعره مرة، وتلف إيديها الصغيرة حوالين رقبته مرة تانية…

آه يا منة… يا بختك…

يا ريتني أقدر أكون قريبة منه زيك كده…يا ريتني أبقى منة، ولو دقيقة واحدة بس…

هو كتير عليا يعني دقيقة واحدة بس… أتحول فيها لحد قريب من قلبه… قلب السكر… آه يا سكر…

فجأة إنتبهت من أفكاري على صوت دكتور تامر…

-الراجل ده متعلق ببنته جامد أوي…

بصيتله، وفهمت إنه كان بيراقبني… وأنا براقب فريد، وبنته… حسيت بكسوف جامد، وإتحرجت أوي…

-أيوة فعلا… ربنا يخليهم لبعض…

-ويخليلك إبنك… ويخليكي ليه، ولينا كلنا…

ساعتها إنتبهت لكلامه اللي كان له معنى تاني… وحاولت أفوق نفسي شوية…

دكتور تامر كان قصده حاجة من كلامه ده…

من غير لف، ودوران لما لقاني ببصله بتركيز… دخل فى الموضوع على طول…

-ها فكرتي تاني في موضوعنا؟

بعدين معاك بقى… هو أنا نقصاك!!

موضوع إيه، وتفكير في إيه؟

إنت ولا داري بأي حاجة في الدنيا!

كان نفسي أقوله كلمة تخليه ينسى يتكلم في الموضوع ده تاني… كلمة تنسيه إسمه…

أنا أرفض فريد السكر عشان أتجوزك إنت!!

من غير وعي بصيت على فريد… وكإني عايزة أقارن بينهم!!

حسيت إن أنا إتكهربت تاني… لما إتفاجأت بعيون فريد بصالي، وعايزة تاكلني…

رجعت بعنيا بالعافية من عينيه، وبصيت لدكتور تامر…

كنت بدور على كلمة فيها خلاصة الكلام بس ما عرفتش…

فريد كان بيراقبني… أنا متأكده إنه بيراقبني…

حتى وهو بعيد، حاسة بعيونه باصة عليا… زي الشمس… تزغلل عينك… وتحرق وشك… وتحس بسخونتها… وهي بعيدة عنك بأميال…

-مفيش نصيب…

دي كانت أقوى كلمة قدرت أخرجها في اللحظة دي… وكنت مرتبكة، ومتوترة… وحالتي حالة…

إبتسم دكتور تامر، وقال: اللي فيه الخير يقدمه ربنا…

هو فاكر إن أنا مرتبكة بسببه هو… ولما قال كده كان لسه متعشم إني أوافق عليه…

رفعت عيني، وبصتله..

 كنت عايزة أقوله ينسى الموضوع… بس…!!

سمعت صوت جاي علينا خلاني نسيت أنا كنت هقول إيه…

فريد كان شايل منة بنته، وجاي…

-دكتور تامر شوف كده أنا حاسس إن منة سخنة شوية؟

بعد كده بصلي بصة غريبة فيها عتاب، وتحذير، وتحدي!!

بعد كده جابلي منة، وقالها: سلمي على ليلة…

رجع يبصلي تاني… بيتهيألي كان عايز يوصلي إنه أقرب ليا من دكتور تامر… بس هو عرف إزاي إن إحنا كنا بنتكلم في موضوع الجواز؟!!

أنا قومت من على الكرسي، وروحت لمنة عشان أسلم عليها…

-إزيك يا منة؟

منة مدت إيديها عشان تسلم عليا…  أنا خدتها من حضن أبوها… وحضنتها جامد أوي …

كإني بحضن أثر فريد اللي لسه على جسم بنته… وبشم ريحته اللي كانت على هدومها… وبقيت حاسة بالدفا اللي سخن جلد بنته… وأحس بحب فريد اللي مالي دنيتها الصغيرة…

أه يا منة… ينفع أعيش جوا جسمك بس دقيقة واحدة؟

——

أمي إتغيرت أوي… وبقت عصبية زيادة عن اللزوم…كل ما تبقى عايزة حاجة تقعد تصوت…

دايما قاعدة في أوضتها… ومش عايزة تتكلم مع حد…

كنت حاسس إنها تعبانة، أو فيها حاجة مش طبيعية… وكمان ما بقتش بتهتم بيا زي الأول…

جدتي كانت قلقانة عليها أوي… وكانت دايما تبصلي بصة عتاب… عشان تتحسسني إن أنا السبب في اللي حصل لأمي…

عشان أنا كنت مش موافق على جوازها من فريد…

الراجل ده أنا ما شفتوش غير مرة واحدة في حياتي… بس شكله إتطبع جوايا…

بعد فترة إتعرفت على مهند إبنه… معايا في المدرسة…

عرفت إنه أكبر مني بسنة… وأبوه رجل أعمال كبير… ومن أغنى أغنياء البلد… وعرفت إنه ولد وحيد… وشايف نفسه، ومناخيره في السما

يا بختك يا مهند، إنت أبوك عايش… لكن أنا أبويا ميت…

——

فريد أخويا كانت نفسيته تعبانة من يوم ما ليلى رفضته…

كنت كل ما أشوفه أحس إنه تعبه بيزيد يوم عن يوم… حتى وهو قاعد مع منة بنته مكانش مرتاح…

كان محمد على طول يقولي: (الراجل هيضيع من بين إيدينا)

كلامه كان بيقلقني جامد… أخويا فعلا متدمر…

كنت حاسة إن لو كانت ليلى قبلت تتجوزه… كانت حالته إتحسنت كتير…

كنا في وقت الزيارة في أوضة منة… والبنت النهاردة كانت تعبانة أوي أكتر من إمبارح…

الدكتور جه، وكشف عليها… ومكانش متطمن، وأمر بدخولها العناية المركزة فورا…

فريد لما سمع كده إتخض جامد عليها…

-هي بنتي فيها حاجة جديدة يا دكتور؟

-حالتها مش مستقرة… ولازم تدخل العناية المركزة دلوقتي حالا…

أخويا فريد شال منة على دراعه… وخدها فى حضنه، وضمها جامد جوا صدره…

فريد كان خايف عليها أوي… وكان عمال يدعي ربنا يشفيهاله… وتقوم بالسلامة…

كانت منة دايخة جامد… وبتتنفس بصعوبة شديدة… وكانت إنتكاسة جديدة… ربنا المعين…

مفيش دقايق، وكنا مع منة في العناية المركزة…

عملولها التحاليل اللي أمر بيها الدكتور… وكلها جت محبطة…

الدكتور قرر يحطها على جهاز التنفس الصناعي…

دلال بدأت تعيط جامد، وتنوح… وأنا مش عارفة أسكتها، ولا أنوح معاها…

الدكتور طلب مننا إننا نخرج… عشان ممنوع الزحمة في المكان ده…

فريد أخويا فضل جنب بنته… ما إتحركش… أما إحنا فضلنا رايحين جايين على الأوضة…

———

أنا جيت المستشفى النهاردة عشان أقدم على طلب أجازة…

أنا كنت تعبانة، وضغطي عالي أوي… وكان الصداع ملازمني طول الوقت…

قدمت على طلب الأجازة… وفضلت جوا مكتبي… عشان أخلص شوية أوراق، وتقارير خاصة بشغلي…

على العصر كده لقيت سمر عدت عليا… وقعدنا نتكلم مع بعض شوية…

حكيتلها عن آخر الأحداث اللي حصلت في حياتي…

لقيت نفسي من غير ما أحس بعيط في حضنها…

في لحظة نسيت فيها كل حاجة… وإستسلمت لمشاعري بمنتهى الضعف…

قد إيه حاجات كتير فكرت فيها… لما كنت حاسة إن دماغي قربت تنفجر…

سمر بعد شوية حاولت تخرجني

من الحالة اللي أنا كنت فيها…

-هتروحي إمتى؟

-حالا دلوقتي… وإنتي؟

– والله يا ليلى عندي مريض تعبان أوي… في العناية المركزة… والنهارده إضطرينا نعمله إنعاش تلات مرات… وإن شاء الله قبل ما أخرج…

سمر وهي بتتكلم في نفس اللحظة… سمعنا النداء على كل الدكاترة…إنهم يتوجهوا للعناية المركزة فورا… الحالة حرجة…

-دي بقى هتبقى رابع مرة…

سمر قالت كده، وقامت بسرعة على قسم العناية المركزة… وأنا كنت معاها… عشان نشوف العيان بتاعها… اللي كانت حالته متأخرة…

راقبت سمر، والعيان اللي معاها… وبعدين لقيت دكاترة كتير متجمعين على سرير تاني… وشوفت في وسطيهم فريد!!

——

كان عندي مريض في العناية المركزة… وكانت حالته خطيرة، وبيموت…

عملناله إنعاش تلات مرات لحد دلوقتي من الصبح…

في العصر كنت في أوضة ليلى… وقاعدين مع بعض… إلا ولقينا النداء العام بيقول في حالة حرجة في العناية المركزة… وبيأمر كل الدكاترة يروحوا هناك…

أنا على طول إفتكرت إن ده المريض بتاعي، وقلبه وقف… ومحتاج إنعاش لرابع مرة…

روحنا أنا، وليلى بسرعة على أوضة العناية المركزة…

لما دخلت لقيت إن في تلات دكاترة، وإتنين من التمريض متجمعين على سرير غير سرير المريض بتاعي!!

أنا روحت للمريض بتاعي، عشان أبص على علاماته الحيوية، وتحاليله قبل ما أمشي، وأسيبه تحت رعاية الدكتور النباتشي…

الصراحة ما بصيتش على المريض التاني… خصوصا إن كان معاه الدكاتره بتوعه، والدنيا كانت زحمة…

بس خدت بالي إن ليلى كانت واقفة هناك… قريبة من السرير التاني…

فجأة سمعت صويت…صويت… صويت…

إنتبهت للصوت، ولقيته صوت شروق، وفريد!!

جريت بسرعة عند ليلى… وكانت واقفة ما بتتحركش… من الصدمة عينيها بس اللي بتتحرك…

فريد بيصرخ: الله يباركلك إعمل حاجة يا دكتور…

-لو سمحتوا إطلعوا برا… سيبونا نعرف نركز في شغلنا…

دلال تصوت من ناحية… وشروق تصوت من الناحية التانية…

-البنت بتموت إنقذوها…

فوضى، وزحمة، وتوتر… دي حاجات إتعودنا نشوفها في المستشفى…

بس المرة دي المنظر في توتر زيادة… والدنيا ضلمت أكتر…

مسكت ليلى من إيدها… كنت عايزة أخدها، وأخرج بيها برا الأوضة…

بس لقيتها بصتلي، وسحبت إيدها مني…

فضلت تبص على الأجهزة، وعلى فريد…

ساعة إلا تلت بيتعملها إنعاش، ومفيش فايدة… كانوا الدكاترة بيتناوبوا عليها… والعرق بيشر منهم…

أربعين دقيقة كانت مدة كافية جدا… عشان الدكتور يوقف الإنعاش، ويسجل لحظة موت البنت…

الدكاترة شالوا إيديهم عن منة…

فريد بص للدكتور، وزعق.. 

-إنت وقفت ليه؟

الدكتور هز راسه، وقال: البقاء لله…

الصويت ملا الأوضة… شروق بقت تصوت… ودلال تصوت…

منة ماتت قدامنا كلنا… كنت عايزة أخرج… بس ما قدرتش…

فريد حضن منة، وبقى يقولها: منة ردي عليا يا حبيبتي…

كان بيعيط بحرقة كبيرة…

أنا مكنتش قادرة أتحمل كل ده…

يتبع…..

جالك عريس يا بنتي.

وشي اتقلب، وملامحي اتغيرت، وبعد شوية سألت أمي: مين؟

-إبن عمة أبوكي حسام.

أنا ما إتفاجإتش كنت حاسة، أمه لمحت للموضوع كتير قبل كده، بصراحة كنت متوقعة إنهم هييجوا يتقدموا رسمي في أي يوم، لكن أنا مكنتش عايزاه…

-هما جم إمتى؟

-عارفة؟ هي كانت مكلماني قبل كده بس كان مجرد تلميح، إمبارح دخلت في الموضوع، وطلبتك رسمي…

سكت سكوت طويل، حتى الكلام عن الموضوع مش فارق معايا أبدا، ومش هاممني…

مين يصدق؟ دي حالة عروسة داخلة على خطوبة!!

-طيب بما إنك تعرفي عنه كل حاجة، هو مش غريب… الموضوع مش محتاج أكلمك عنه أكتر من كده…

-أيوة بس أنا محتاجة أخد وقتي عشان أفكر…

-طبعا فكري، إنتي مش هتلاقي أحسن منه، وبعدين الراجل مننا، وعلينا…

أنا إتجاهلت الموضوع خالص أول يوم، وبعدين رجعت أمي، وفتحت معايا الموضوع تاني يوم، وبعد كده لقيت أبويا بيكلمني برضوا…

إبتديت أحس إن الموضوع دخل في الجد…

يا ليلى الموضوع جد… فوقي…

غصب عني كل ما آجي أفكر، مش صورته هي اللي بتيجي على بالي، لأ… صورة حبيبي اللي بعيد عني لحد دلوقتي، مرت شهور على جوازه…

مش عارفة الدموع اللي غرقت وشي دي جات منين؟ آه يا سكر…

مش عايزة أرجع أفتح الجرح اللي في قلبي تاني إنسي يا ليلى…

ما جاليش نوم في الليلة دي، وفضلت سهرانة لوش الصبح أفكر، واللي شغل عقلي طول الليل فكرة واحدة بس…

-معقولة دي؟ أنا مش مصدق عينيا…

-لأ صدق… ليلى قدامك دلوقتي…

كانت كل أطرافي بتترعش، وقلبي بيتنفض، مكنتش متوقعة إني أفضل عايشة… كان هو هو… أيوة مفيش حاجة إتغيرت فيه… نفس الشكل… ونفس الصوت… حتي بصاته ليا ما إتغيرتش…

حتى نفس الإحساس اللي بحسه لما بشوفه قدامي…

كإن الزمن ما فرقش بينا ولا لحظة واحدة…

-في حاجة حبيت أقولهالك، وهمشي على طول…

-إتفضلي؟ أؤمري؟ خير إن شاء الله؟

عدت عليا دقائق، وأنا واقفة ساكتة زي ما أنا، ماكنتش عارفة أقعد، ولا أفتح بوقي… الراجل عنده شغل مش فاضي… وأنا كمان!

هو كان مرتبك جدا، ولما حس بالجو متوتر، حاول يهدينا شوية، وسألني عن الدراسة…

-عاملة إيه في الكلية، والمذاكرة؟

-تمام الحمد لله…

-ربنا يوفقك، وتتخرجي بإمتياز بإذن الله.

-ده… ده لو كملت…

-ليه بتقولي كده، إوعي تكوني عايزة تسيبي دراستك؟ بعد كل السنين دي؟

-يعني على حسب ظروفي…

حس بقلق كبير من كلامي، ونبرة صوته إتغيرت، وقال: هي فيه حاجة جديدة؟

قلبي وقف لما سألني السؤال ده، من غير ما أحس رفعت وشي قدام وشه، وفضلت أبص جوا عينيه…

بدأت أنفاسي ترتبك جوا صدري… ما حسيتش إلا ودموعي بتنزل من عينيا شلالات…

-ليلى…؟

مش عارفة إزاي طلعت الكلام من بوقي…

-حسام خطبني…

هو أنا كنت بتخيل، ولا فعلا شفت الذهول باين على وشه من المفاجأة، وملامح وشه إتغيرت…

مش عارفة إزاي قدرت أشوف كل ده من وسط دموعي…

يتهيألي كان متفاجئ جدا، ومش مصدق…

-حسام… أكيد… مش حد تاني؟

-أيوة حسام…

بعد ما سكتنا شوية، قال: لكن حسام ده ما يناسبكيش، ولا يناسب دراستك، ومستواكي الدراسي…

هزيت راسي، وقلت: لأ

أنا كنت برد عليه، وأنا حاسة إن أنا مش بإيدي حاجة… ومسحت دموع عيني بإستسلام…

-طب إنتي رأيك إيه… وافقتي؟

-لسة ما قررتش حاجة…

-ليلى … ما تتسرعيش خدي وقتك…

-وإيه اللي هيفرق؟ حسام زيه زي غيره…

-يعني… على الأقل إختاري راجل مناسب ليكي ولمستواكي الثقافي… بيكون أحسن والله…

-النصيب… نصيب، مفيهوش حاجة تتعيب…

-على العموم دي حياتك… وإنتي حرة فيها…

بصيت عليه بإستغراب!! وهو كمان إستغرب نظراتي…

-يعني أتجوزه؟…

إتفاجأ جدا من سؤالي، وكان باين عليه إنه بيحاول يسيطر على نفسه، أو أكون أنا إتخيلت كده…

-والله لو إنتي شايفاه مناسب ليكي، وهو في الحقيقة راجل كويس جدا، فعلى بركة الله… ليه لأ؟

كلامه كان طعنة في صدري، وعلي صوتي: بس أنا بحبك إنت…

الكلام طلع من غير تفكير، ولا وعي، ما إكتشفتش إن أنا قلت كده إلا بعد ما إهتز وإتنفض قدامي، وبعد وشه عني، وإيديه قعدت تتحرك بإضراب على وشه، وتترعش جامد…

إستنيت منه رد الفعل التاني، وجه أشد من الطعنة الأولى…

-ليلى حاولي ما تضيعيش حياتك عشان راجل إتجوز، وخلاص…

حسيت بضربة قوية على وشي، وفوقت منها…

أنا إيه اللي جابني هنا؟ أنا إيه اللي أنا عملته؟

وقفت بسرعة، وجريت على الباب، وأنا بداري دموعي بإيديا…

كنت سامعاه، وهو عمال ينادي عليا…

-ليلى لحظة… عشان خاطري يا ليلى لحظة واحدة…

مشيت… ومشيت مكنتش دريانة بالدنيا…

وصلت على البيت، ورميت نفسي على سريري، وصرخت في وش المخدة صريخ مكبوت…

بكرهك يا سكر، بكرهك بكرهك بكرهك…

بعد ما هديت بساعة كده، خرجت لأمي، وقلتلها: خلي العريس ييجي عندنا النهارده بالليل…

_______

خبطت على الباب، ودخلت لقيت فريد واقف عند الشباك، ياترى بيبص على إيه؟

سلمت عليه، وما ردش عليا…

-إحم إحم… بقولك عامل إيه يا فريد؟

خد باله مني، ورد عليا من غير ما يبصلي…

-أهلا إزيك يا محمد…

من الحزن اللي في صوته حسيت إن في حاجة…

-خير… مالك، كإنك تعبان أو متضايق؟

فريد ما ردش عليا، وده اللي أكدلي إن في حاجة…

قلت في عقل بالي يمكن مش عايز يتكلم…تمام ندخل في موضوع الشغل أحسن…

-حبيت نراجع البنود قبل الإجتماع…

-دلوقتي يا محمد؟ مالوش داعي…

-غريبة!! إنت اللي قلتلي إمبارح!!

-خلاص يا محمد ممكن تحضر الإجتماع لوحدك بالنيابة عني، ولا أقولك أجله لحد بكرة…

أنا إتفاجإت جدا من كلامه، إمبارح إحنا كنا محضرين كل حاجة، ودي كانت أول مرة يقلي فيها أجل الإجتماع…

لأ الراجل فعلا مش طبيعي، وكان باين عليه إنه مخنوق جدا، رجعت سالته تاني: فيك إيه يا فريد، مالك يا أخويا إنت مش طبيعي…

أنا لسه سايبك من ساعة، وكنت زي الفل، وعال العال…إيه اللي حصل؟

-مفيش حاجة يا محمد، كل الحكاية إن أنا مش عايز أحضر الإجتماع دلوقتي…

-أنا مش هتوه عنك يا فريد، إحنا مش لسه بنتعرف على بعض…

إتكلم يمكن ترتاح، أنا صاحبك، وقريبك، وزميلك كمان في الشغل، وأقرب واحد ليك، معقولة تخبي عليا؟!! ولا من لقى أحبابه نسي أصحابه؟

فجأة لقيت وش فريد إتقلب عليا، وخبط على إزاز الشباك بإيده، كويس إنه ما إتكسرش، وكإن الجملة اللي قلتها جات في الجون، وصابت الهدف…

سكت شوية، أنا عارف فريد كويس، ما بيتعصبش بسهولة، ومش أي حاجة ممكن تأثر عليه… حاجة واحدة بس ممكن تخليه كده…

-ليلى…

أنا قلت إسمها، وكنت عايز أشوف رد فعله!!

كان عندي حق، يادوب سمعني، ولف راسه عليا، وبصلي بصة أنا عارفها كويس…

قدرت أشوف في عنيه كلام كتير مش قادر يقوله، ورفع راسه، وغمض عينيه، وخد نفس طويل، وإتنهد تنهيدة كلها مرار، وحزن…

-هي فيه حاجة جدت، وأنا ما أعرفهاش؟!!

مفكرش كتير، وقال: أيوة ليلى كانت هنا…

إندهشت، وسألته وأنا مستغرب: جت إمتى؟

-قبل ما إنت تيجي بشوية.

-و… إيه اللي حصل؟!

-جاية عشان تقولي إن في واحد خطبها.

عدت علينا لحظة سكوت، والمرة دي أنا ما سألتش، هو إتكلم لوحده.

-حسام قريبها، ما إنت عارفه…

-حسام أيوة طبعا أعرفه، شاب ما يترفضش.

-هو راجل طيب، وأخلاقه كويسة جدا، ويستاهل كل خير… بس ما يستاهلهاش…

يمكن قال الكلمة من غير ما يحس، حبيت أتأكد إن أنا سمعت صح، وقلت: ما يستاهلهاش؟!

-لأ ما يستاهلهاش، ليلى بنت مثقفة، وجامعية، وحسام شخص بسيط، ما يناسبهاش، لا تستاهل واحد زيه، ولا هو يستاهلها…

-طيب أومال مين يستاهلها؟!!

السؤال طلع مني من غير قصد، وكنت فاكره مش هيجاوب، لكن قال: واحد زيها… ثقافته عالية، ومركزه الإجتماعي عالي، وذكي، بيفكر صح، وعنده بعد نظر عشان يقدر يفهمها…

واحد عنده طموح، شخصيته قوية، راقي…

-زيي أنا كده يعني…

قلتها، وأنا بضحك، بس شكلها طلعت غلط، عشان صاحبنا بصلي بصة تهديد، وتحذير، شكلي كده جيت أكحلها عميتها، حبيت ألطف الجو، وشكلي عكرته زيادة…

-أنا فيا كل الصفات اللي إنت قلت عليها، وإنت عارفني كويس… إيه رأيك؟ أنفع؟!

والله كان كل قصدي أهزر معاه وأفكه شوية مش أكتر، بس فريد ما بلعهاش مني وهو متضايق كده، زعق في وشي: محمد مش وقت رخامتك دي دلوقتي، أنا مش ناقصك…

بصراحة كلامه جرحني، بقى ده جزاتي، إن أنا بحاول أخفف عنه؟

إتكلمت جد، وقلت:  وأنا فيا إيه مش عاجبك؟!!

-إنت آخر واحد في الدنيا أسمحله يتجوز ليلى…

لأ دي بقى كانت تقيلة، وما إتحملتهاش، حسيت نفسي بتهزأ، بس أنا ما سكتش.

-وإنت أصلا إيه اللي دخلك، عشان تسمح، أو ما تسمحش؟!!

طبعا ما عرفش يجاوب عليا، أصلا ما عندوش جواب، ولا ليه حق يتدخل…

ما صدقت إنه سكت، وقلت: دي حياتها الخاصة، وهي حرة تتجوز اللي هي عايزاه، ويتهيألي حسام راجل إنسان، وقلبه طيب، ومتواضع، ومش مغرور…

أكيد هو هيسعدها، ربنا يهنيهم ببعض…

-محمد ممكن ترجع على مكتبك؟

كإني بتطرد، مش كده؟ أنا إتطردت، إنتوا كمان فهمتوا كده، صح؟

ما إتحركتش من مكاني، وكإني ما فهمتش الجملة، رجع يقول وهو بيضغط على أسنانه: محمد بقولك ممكن ترجع على مكتبك، وتحاول تأجل الإجتماع لبكرة؟!! ممكن؟

بصيتله شوية، وبعدين إديته ضهري، ومشيت…

بس كان في كلمة محشورة في زوري، ولازم أقولها…

فتحت الباب، وقبل ما أخرج، وقفت ثانية، ولفيت عليه، وقلت: إنت عارف إيه مشكلتك يا فريد؟!!

إنك لحد دلوقتي فاكر إن ليلى ليك، وتخصك، ومش قادر تصدق إنها تكون لحد غيرك…

مشكلتك يا فريد إن إنت بتحبها، وإنت مش عايز تعترف بده لنفسك، وبتكابر…

-محمد!!!

-ما تكابرش…

بعدها خرجت، وقفلت الباب ورايا.

________

إنتي مجنونة؟!!

صرخت في وش ليلى، وحواجبي مرفوعة، وعينيا مبرقة من كتر الإستغراب!!

-تروحيله برجليكي يا ليلى، إنتي أكيد إتجننتي!!…

-الله يخليكي يا سمر… خلاص بقى…

طبعا أنا مكنتش ناوية أسكت خالص، لولا إن لمحت الدموع محبوسة في عينيها، وده اللي خلاني أبلع لساني، وأسكت ما أتكلمش، وما ضغطش عليها أكتر من كده…

بعد شوية قلت: طب وحسام …خلاص؟!!

ـ أيوة…خلاص…

قالتها بحزن، ومرارة، صاحبتي، وعارفاها كويس، هي مش مقتنعة بيه، ولا عايزاه…

لكن وافقت عليه عشان ترد على جواز فريد، في لحظة يأس…

كان نفسي أقولها: لو مش مرتاحة من قرارك، ما تكمليش، ومتتهوريش، إنتي مش مضطرة تقبلي حد مش مقتنعة بيه…

بس ما إتكلمتش، وياريتني إتكلمت…

الصراحة كنت عايزة ليلى تتجوز، وتكون ليها حياة جديدة تنشغل بيها، وتنسى فريد، وعذاب فريد، وحياة فريد، كفاية اللي شافته منه.

قلت: حسام والله ميعيبوش حاجة، راجل الكل بيمدح فيه، وفي أخلاقه، إنتوا الإتنين محظوظين ببعض، الله يهنيكم…

عدت كام ثانية كنا ساكتين، لقيتها غصب عنها، وبعد حبس لدموعها وقت طويل، نزلت بغزارة، ورفعت إيديها عشان تخبي وشها الحزين.

قلبي إتقطع وأنا شايفة صاحبة عمري بالحالة دى…

فتحت دراعاتي، وحضنتها، وحطتها على صدري بحنان…

فضلت تعيط كتير، وأنا بحاول أهديها، وأقويها…

المرة دى هى اللى بدأت تتكلم، وقالت: أنا مع الوقت هاخد عليه، وهحبه، وهيستحوذ على قلبي، ومشاعري، مش صح كده يا سمر، مش كل المخطوبين بيحبوا خطابهم، وبيتعلقوا بيهم، صح ولا إيه؟

قالت الكلام ده بكل وجع، ومرارة، وكأنها بتقنع نفسها بيه مش بتقوله ليا أنا، مش عارفة أصلا هى كانت بتسألني ولا بتسأل نفسها؟

حسيتها فى اللحظة دى شبه الغرقان اللى عايز يتعلق بقشاية…

فهمت إن هى محتاجة بس حد يشجعها، ويقلها: (صح، إنتى أكيد هتحبيه أكتر من فريد… نهاية فريد مش نهاية الدنيا يعني)

قلت: أكيد يا ليلى، ودي أحسن حاجة في الجواز، إن مشاعرك تتعلق بشخص، ويبقى هو الدنيا بالنسبالك.

-فريد بالنسبالي كان الدنيا، وما فيها يا سمر، كان كل حاجة بالنسبالي.. كل حاجة.

قالت كده وانفجرت تاني فى عياط أكبر من اللى قبله.

حضنتها جامد مرة تانية، أنا مش متحملة أشوفها قدامي بالمنظر ده وهى بتتدمر قصاد عيني.

اتمنيت ساعتها إن فريد يظهر…

مش عشان يشوف ليلى وهى حاصل فيها كده، ولا عشان يسمع هي بتقول عنه إيه، لأ ده عشان أمسك السكينة، وأغرزها في قلبه، وأقطعه زي ما قطع قلب صاحبتي حبيبتي…

-كفاية يا ليلى إنسي اللي فات، وخلينا نركز في اللي جاي… خلاص ياليلى عشان خاطري…

رفعت راسها، وبصتلي بصة عمري ما اقدر أنساها، ودموعها كانت مغرقة وشها، وعيونها كانت حمرا، وجفونها وارمة، و شها كان شبه وشوش الميتين…

-سمر ممكن تسيبيني أعيط لآخر مرة؟؟

هو مش أنا من حقي أعبر عن مشاعري للمرة الأخيرة قبل الوداع؟؟

سمر… سمر… اللى أنا فقدته حاجة مش هينة… إنتي لازم تفهمينى… أنا فقدت قلبي يا سمر، كل ده ومش عايزاني أعيط؟؟

حرام عليكوا… إنتوا مش فاهمين فريد ده بالنسبالي إيه… سيبوني أعيط براحتي… آه يا فريد… آه… ليه عملت فيا كده؟

اليوم ده عمري ما هنساه…

دعيت من كل قلبي، وبكيت من كل قلبي…

يا رب أعيش لغاية ما أشوف فريد بيحصل فيه زي اللى حصل فى ليلى…

ماكنتش أعرف إن دي ساعة إجابة.

____

مكنتش متخيلة إن أنا هعرف أنام في الليلة دي.

بس تقريبا التعب، والوجع اللي أنا شفته خلوني أروح في النوم بسرعة غريبة!! مع إني ما إتهنيتش…

شفت حلم غريب، تقريبا عشان اللي حصل طول اليوم عمللي لخبطة في دماغي….

كنت أنا مع سكر في مركب وسط البحر، وكنا مبسوطين اوي…

فجأة ظهر حسام من جوا البحر، وكان راكب مركب صغيرة…

قرب من المركب اللي إحنا فيها، وقعد ينادي عليا: يا ليلى إنزلى، ياليلى إنزلي.

كان وشه مفزوع، وبينادي عليا برعب، وكان بينهج جامد، ومتوتر وهو بيصرخ عليا!!

بصيت لسكر، وأنا مستغربة، والأغرب لما لقيت سكر بيبتسم!!

لسة صوت حسام بيرن في وداني: يا ليلى إنزلي، وكان بيمدلي إيده عايزني انزل المركب معاه، وأنا واقفة جنب سكر، وما بتحركش…

فجأة بدأ المركب بتاعنا يغرق، ويغرق بسرعة كبيرة، وحسام بيصرخ (يا ليلى تعالى بسرعة)…

أنا مسكت في إيد فريد، عايزاه يجي معايا…

لقيت إيد فريد بتتبخر زي الدخان، ولقيت نفسي طايرة في الهوا، وبسقط جنب المركب، لكن إيد حسام بتمسكني…

عيني كانت على سكر، كان واقف على ضهر المركب وهي بتغرق، وأنا عارفة كويس إنه مش بيعرف يعوم…

فضلت اصرخ بقوة، وبعلو صوتي: فرييييد…

صحيت من النوم، مفزوعة، ومرعوبة، ما كنتش قادرة آخد نفسي، ولا أتحرك…

بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم…

بصيت في الساعة كانت أربعة الفجر…

فضلت قاعدة مكاني بحاول أخد نفسي، وأمسح من دماغي صورة سكر، وهو بيغرق بالمركب…

آه يا حزني لو جراله حاجة، بعد الشر عليه من الموت… ومن الشر… عليا، وعليه…

حبيت أشرب شوية مية، تهدي قلبي، وروحي من الخضة، ولما روحت آخد المية من على المكتب، لقيت رسالة جايالي من فريد على الفاكس، وده كان من تلات ساعات…

-إزيك عاملة إيه؟ عايز أتكلم معاكي لو سمحتي؟

مقدرتش غصب عني ما تلومونيش؟!!

كنت عايزة أنساه، عايزة أتجاهله، عايزة أخرجه من حياتي، لكن…

ممكن تنسى إن جواك روح، ممكن تنسى إن جواك قلب، وتنسى إن فيك عين؟؟

لكن إزاي أنساه كده فجأة؟ وخصوصا في الوقت ده؟ وأنا صاحية من النوم مرعوبة عليه…

وبعدين الفاكس اللي جالي كان من مكتب الشركة…

يعني هو كان قاعد في الشركة لبعد نص الليل…

حسيت إني مش هقدر اروح أنام قبل ما أسمع كلام قلبي، وانفذه…

كلمة واحدة بس كتبتها (خير) كتبتها، وبعتهاله…

كنت عارفة إنه هيرد عليا لما يدخل مكتبه الصبح، ويشوف رسالتي…

يادوب وصلت على السرير، وهحط راسي على المخدة، سمعت صوت رسالة جاية على الفاكس…

نطيت من على السرير، وجريت أشوف الرسالة كان بيقول(عدي عليا بكرة الساعة ستة بالليل في مكتبي مع شروق)…

كنت متفاجأة جدا، إيه اللي مقعد فريد لحد دلوقتي في المكتب يا ترى؟!!

الرسالة كانت بخط إيده، شكله كان مستعجل، أو مشغول جامد…

خدت الورقة، ورجعت فردت جسمي على السرير، وحطيت الورقة على صدري…

فريد عايز يشوفني… فريد عايز يقولي حاجة…

ياترى ممكن يكون لسه في أمل؟

لأ يا ليلى ماتسرحيش بدماغك لبعيد، فوقي يا ليلى…

خلاص يا ليلى…

خلاص…خلاص…

______

-هي دي الكتب، ودي آخر حاجة كتبتها يا شروق، عايزة أسلمها قبل ما أنشغل.

-شاطرة يا ليلى، ماشاء الله عليكي، لحقتي تقريها كلها؟!

-لأ ما قرأتهاش كلها، قرأت كام جزء بس، وعارفة إني مش هقدر أكملها، وحابة أرجعها النهارده، إيه رأيك تيجي معايا؟!!

-هاتيها، وأنا لما أشوف فريد أخويا هبقى أديهاله.

أنا سكت، وماردتش عليها…

إبتسمت شروق، وفهمت إن ورا الكلام في حاجة تانية…

قالت: أقولك الأفضل إنك إنتي اللي تسلميهاله بنفسك، أحسن يقولي إنتي عملتي فيها حاجة كده، ولا كده…

إتفقنا أنا، وشروق إننا نروح لفريد الساعة ستة…

أنا كنت طول اليوم ده مرتبكة، ومتوترة على الآخر، بس ما جتنيش أي رسالة جديدة، وبدأت أستعد للمقابلة المنتظرة.

جهزت الكتب اللي أنا كنت وخداها من سكر عشان أقرأها.

كمان قعدت أدورعلى قصيدة حلوة من بين مؤلفاتي، تنفع أنشرها في المجلة…ونقيت دي…

إنتي شمس كل يوم بتطلعي، وبتدوري في السما…

بتشوفي خلق ربك، وتعرفي بيوتهم، وأسرارهم…

بصي على بيت حبيبي اللي خرس، واللي إتعمى…

يمكن نورك لو وصلهم يبين لنا أسرارهم…

يا شمس عرفيني، ونورك مالي عيوني…

فين اللي نسيوني، ولا كإنهم يعرفوني…

راحوا وسابوني وحيدة، وما رجعوش يزوروني…

ظنيت إن بعدي هيقتلهم، وخابت ظنوني…

يا شمس قوليلي، يمكن بالخير إفتكروني…

إسمي إتذكر بالخير، ولا كانوا بيعيبوني…

بعد البعاد، اليوم مش حابين يشوفوني…

زهقوا من هوانا، ولا إحنا مش عارفين نجاريهم…

خليهم يبصوا على حالنا، ما بقينا مضطرين ليهم…

إتذلينا في ودهم، ربنا ما يوريهم…

نار الهوا، والحب، ما تقدرش تداريهم…

ياشمس بهواهم، وفي قلبي مساكنهم…

في دماغي فكراهم، ومانعة القلب ينساهم…

برجع أحنلهم، حتي لو قسيت قلوبهم…

بالأشواق بناديهم، وما بتسمعش آذانهم…

يا شمس سلميلي على فريد، وقوليله…

باقية على وعد الهوا، وحالي إوصفيله…

هو نسي حبنا اللي راح، وشاف غيره…

ما رضيتش أقول لسمر اللي أنا ناوية أعمله…

لو كانت عرفت كانت هتقعد تصوت في وشي، وتخليني ما أروحش لفريد…لكن… فريد قلبي، وما أقدرش ما أروحش…

كانت الشمس خلاص بتمشي، والليل قرب يليل…

وإتفرقت أنوار الغروب في السحاب، ولونت السما بألوان الغروب البرتقالية المتدرجة…

كان منظر حلو أوي، الشمس خلاص ماشية، وراجعة لنا بكرة في يوم جديد…

روحنا المكتب أنا، وشروق، وكانوا خلاص الموظفين أكترهم مشيوا، والباقيين كانوا بيلموا حاجتهم، وينظموها عشان يمشوا…

أما فريد السكر كان واقف بيبص من البلكونة المفتوحة، بيبص على غروب الشمس، وفي إيده السبحة الفضة بتاعته، وكان بيحرك حباتها بصوابعه…

-السلام عليكم، إزيك يا فريد، عامل إيه يا أخويا؟

كانت شروق أول واحدة إتكلمت، وإبتسم فريد، ورد عليها التحية، وبصلي، وقال: مساء الخير ياليلى…

إتوترت، وإرتبكت، بشكل أنا نفسي ما توقعتوش، هو ده فريد واقف قدامي دلوقتي، والفرق اللي بيني، وبينه كام خطوة، صوتي كان مرتبك، وأنا برد عليه…

-مساء… النور…

-إتفضلوا أقعدوا…

رفعت إيديا وكنت شايلة الكتب، وحطيتها على الترابيزة…

عشان ما يحسش إن أنا متوترة، قلت: دي كانت آخر كتب عندي، أنا متشكرة…

-العفو، بس يارب تكون عجبتك؟

-أيوة، اللي قريته منها عجبني أوي…

آخيرا شروق إتكلمت، وكانت بتحاول تطري الجو شوية…

-ها حجزت لها كام عمود في المجلة.

إنت عارف؟ دي ليلى جايبة معاها قصيدة طويلة، والمرة دي مش ببلاش، الدفع مقدما…

-يا سلام، طيب يا ستي، وإحنا جاهزين، وفلوسنا حاضرة…

فجأة سمعنا أصوات مجموعة من العصافير كانت بتلف حوالين الشركة، وصوتهم عالي…

بصينا كلنا على البلكونة، وفريد فتح الباب، ودخل يبص عليهم، وشروق خدتني من إيدي عشان ندخل البلكونة نتفرج على العصافير…

العصافير كان عددها كبير أوي، والفرجة عليها تشرح القلب، والشمس خلاص مشيت، وما فضلش منها إلا بواقي إشعتها كانت بترقص على أنغام الطيور، والعصافير…

قعدنا شوية نتفرج على جمال الطيور، من غير ما نتكلم خالص…

لما مشيت العصافير، وراحت بعيد، فوقت على صوت فريد وهو بيقول: ياريت كان ليا جناحين زيهم…

لفيت، وبصتله، هو كان لسه باصص في السما، لما حس إني ببصله، لف ناحيتي، وآخيرا إتقابلت عينينا التايهة…

أنا كإني حسيت بصدمة كبيرة، ووديت وشي الناحية التانية، ولفت عينيا تدور على شروق، وما لقيتهاش…

بصيت عليها في المكتب كله، لقيتها واقفة بعيد عند المكتبة، كانت بتتفرج على الكتب اللي فيها، وبتقلب فيها…أو عاملة إنها بتقلب فيها…

كانت البلكونة واسعة، وكبيرة، وإحنا كنا واقفين في ركن من أركانها…

فضلنا واقفين فى سكوت، وصمت رهيب…

كنت مستنياه يبتدي في الكلام، لكن حسيت إن أنا هستنى العمر كله…

الشمس دلوقتي سحبت كل ألوانها، ومبقاش فاضل غير النور الأحمر اللي بييجي وراه الليل على طول…

-كنت عايز تقولي إيه يا فريد؟!!

أنا بدأت أتكلم، وعيني كانت على السما.

-ليلى… أنا آسف…

انا عملت نفسي مش فاهمة حاجة…بس جوايا نار قايدة…

-بتتأسف على إيه؟!

-على كل حاجة ياليلى، أنا عايزك تسامحيني…

-أسامحك بس، هو ده كل اللي إنت عايزه؟!!

كإن بكلامي دوست على وجع كبير!!

إتنهد بمرارة، وضيق، ووجع…

تنهيدته دي قطعتلي قلبي، فريد شكله متضايق، وأنا مقدرش أشوفه بالمنظر ده، وأسكت…

-سلامتك من الوجع…

-ليلى…ليلى أنا مش عارف أقولك إيه؟

-قول اللي ييجي في بالك، وأنا هسمع، خير إن شاء الله…

-ليلى… هو إنتي مقتنعة بحسام؟

وصلنا للنقطة الصعبة، أيوة أنا كنت حاسة إنه هيكلمني في الموضوع، بس مع ذلك إرتبكت، وإتوترت…

-هو ماله حسام، فيه عنده حاجة تخليني مش مقتنعة؟ مش هو ده الراجل اللي أخلاقة طيبة، وما يتعيبش؟! مش هو ده رأيك في حسام؟!!

-أيوة صح… بس المهم إنك إنتي تكوني مقتنعة بيه…

-مهم، عشان مين؟ وعشان إيه؟

-عشانك، وعشانكوا إنتوا الإتنين، عشان إنتوا هتعيشوا سوا تحت سقف واحد…

ليلى إنتي لازم تدي نفسك وقت كبير تفكري فيه، قبل ما يفوت الأوان…

-خلاص يا فريد، فات الأوان من بدري، إحنا هنتخطب بعد كام يوم…

فريد جز على سنانه من الغيظ، وأنا رفعت عيني للسما أدور على النور الأحمر، بس ما لقيتوش، مشي، وما لحقتش أشوفه…

رجعت بعيني، ونزلت وشي في الأرض، وأنا متضايقة…

-ليلى… أنا مش عايز أكون السبب إنك تعيشي بقية حياتك تعيسة، وحزينة…

-إنت… سبب تعاستي، وحزني، إنت السبب في اللي بيحصل…

أنا مش عارفة الكلام ده طلع مني إزاي؟!! أنا ما قصدتش أقوله…

فريد ملامحه كانت حزينة، ومتضايق جامد…

-عشان خاطري يا ليلى، ماتخلينيش أبقى متعذب كده، أنا أصلا حاسس بالذنب…

ياليلى إنتي عارفة إن كان في ظروف، ومعرفناش نرتبط، إنتي عارفة إن بينا عقبات كتيرة مستحيلة، وما قدرناش نعديها…

رديت عليه بسخرية، وقلت: أيوة عندك حق!!

حس إني بسخر من كلامه، وده جننه، وعلا صوته وقال: مش بإيدينا يا ليلى صدقيني، طريقنا ما كانش واحد، كل واحد مننا ليه طريق…

ياريت تفهميني يا ليلى، أنا خلاص إتجوزت، واللي حصل حصل، وإنتي في يوم من الأيام هتتجوزي، بس لازم يكون إختيارك صح، وعن إقتناع، ويكون حد مناسب ليكي…

-مش مهم، حسام زيه زي غيره…

-لأ يا ليلى، لأ دي حياة، وعيشة، ومستقبل، لازم تختاري اللي تكوني مقتنعة بيه، ويناسبك…

-مفيش غيرك قلبي إختاره… مفيش غيرك يملا عيني، مفيش غيرك يقدر يقنعني… يعني بلاش أتجوز بقى…

لحد هنا، وما قدرتش أمسك دموعي، إنهرت في العياط اللي يقطع القلب، وإديته ضهري، وفضلت أعيط، أعيط، وهو فضل ساكت معرفش كانت ملامح وشه بتقول إيه، لما سكت، وهديت شويه، قال: إنتي هتقبلي تتجوزيني، وأنا متجوز يا ليلى؟!!

بصيتله ببطء، وحاولت أدقق في وشه، بس الدموع مكانتش مبينة وشه كويس… 

أنا مش عارفة هو كده كان بيعرض عليا الجواز…ولا مجرد سؤال بيعرفني فيه إنه مينفعش؟!!

-أنا ما أفتكرش يا ليلى، إنتي لا يمكن تقبلي راجل متجوز، وقريب هيبقى أب…

إتنفضت أطرافي، وحسيت برعشة بتهز جسمي كله، وكلمة أب دي خرمت طبلة ودني…

خبر جديد جاي تقولهولي دلوقتي!!

كمل فريد كلامه لما لقاني ساكتة، ومصدومة…

بعدين دلال ذنبها إيه؟ يرضيكي بعد جواز تلات شهور إني أتجوز عليها؟

هيكون شكلي إيه قدامها، وقدام أهلها، وحتى قدام أهلك، تفتكري هيوافقوا بكده… عمرهم ما هيوافقوا، وهيبقى الموضوع رخم أوي…

-أيوة فعلا رخم، وسخيف…

-فهمتي كلامي يا ليلى؟

-أيوة فهمت.

-شفتي إن قد إيه طريقنا مسدود…

مسحت عيوني، وقلت بنبرة لوم: إنت جايبني هنا النهارده عشان تسمعني الكلام ده؟!

فضل لسان حالي يقول: (كده يا فريد هنت عليك تعمل فيا كده، جايبني هنا عشان تقولي مش عايزك، وما اقدرش أتجوزك، كده قلبك طاوعك تقسى عليا؟)

-لأ يا ليلى… أنا… أنا

ما قدرش يكمل كلامه سكت شوية، وبعدين إتنهد تنهيدة قوية، وفضل يهز في السبحة اللي في إيديه بعصبية، ورفع راسه للسما، وكإنه بيدور على الطيور.

طيور بجناحين تقدر تطير بيهم بكل حرية، في كل مكان…

رجع يبصلي، وكإنه بيقول: (مع الأسف أنا مش طير بأجنحة).

-ليلى… أنا بس حبيت أنبهك إنك ما تندفعيش، وتربطي نفسك بواحد إنتي مش عايزاه…

ما تتسرعيش، يا ليلى إدي لنفسك وقت تفكري، وبلاش تقرري إنك تتجوزي دلوقتي…

أنا مش عايزك تندمي يا ليلى، عشان خاطري إفهميني…

-إنت إيه اللي يهمك في الموضوع يعني؟ ولا تكون مستكتر حسام عليا، ولا تكون مستخسره فيا؟!!

فريد إتصدم من كلامي، وملامح وشه إتغيرت، وبعد بوشه بعيد…

فجأة لقينا الهوا بقى شديد، وفضلت الستاير ترقص، والهوا طير شوية أوراق من على المكتب…

بسرعة شروق قعدت تلم الورق، وترتبه على ترابيزة المكتب، وبقت قريبة مننا شوية…

-فريد…

ناديت عليه بصوت كله حزن…

فريد بصلي، ورد عليا بحنان: أؤمريني… أيوة يا ليلى… أمرك…

كتمت نفسي في صدري ثانية…وطلع  صوتي مع باقي الشجاعة، والجرأة اللي عندي، مع شلالات دموعي، وآهاتي، مع مراري، وعذابي، مع ناري اللي بتحرق في قلبي…

طلعته معاهم كلهم دفعة واحدة، وكلمة واحدة، ونفس واحد…

-بحبك…

متهيألي لو كان قدامي في اليوم ده جبل من التلج، وسمعني، كان داب في لحظة…

إتبعترت الحروف مع بعترة الهوا لكل حاجة، وفي كل الإتجاهات…

وصلت لكل مكان، وصلت لأبعد النجوم، وصلت لأعمق البحور…

بس لقلبه ما وصلتش، لإحساسه ما وصلتش…

رجليا ما قدرتش تشيلني، وإترعشت، وكنت حاسة إن أنا هقع من طولي…

إترميت على الكرسي اللي جنب الترابيزة، ونزلت راسي لتحت…

حسيت إن الدنيا كلها ضلمت في وشي…

الشمس اللي مشيت، مش هترجع تاني…

الطيور اللي هاجرت مش هترجع مكانها تاني….

حتى الهوا اللي إتبعتر مستحيل يرجع يتجمع تاني….

في عز يأسي، وحزني، شميت ريحة حلوة، فاكراها كويس أوي…

دي كانت الكوفية بتاعة فريد، ومعاها السبحة، والطاقية، كانوا على المكتب جنبي بالظبط…

كان البرفيوم بتاعه ماليها…

برفيوم فريد كنت لما أشمه بيخليني في حالة غريبة!! مش عارفة أوصفها.

رفعت دماغي شوية، عشان أقدر أشوف الكوفية، وزغللت في عيني السبحة الفضة…

السبحة دي كانت دايما في إيد فريد، عمري ما شفته إلا والسبحة دي في إيده بترقص…

موجود على كل حباية من السبحة دي بصمات صوابع فريد…

-ليلى…

جسمي إتنفض، وهو بيناديني، رفعت راسي، وبصيت عليه…

كان لسه واقف مكانه ما إتحركش زي جبل من حديد…

-متضيعيش أحاسيسك، وحبك على شخص ما بقاش يستحقها… وما يستاهلش حبك…

جيت عشان أقوم، مقدرتش كإن حاجة بتشدني، عشان أحط دماغي على الترابيزة مرة تانية، حاولت، وقومت.

لقيت نفسي بقول من غير ما أفكر…

-لو ما كنتش متجوز كان إيه اللي هيحصل؟!

سكت كده شوية، وبعد كده قال: بس أنا خلاص إتجوزت، مبقاش ينفع نقول لو…

بإلحاح، وعند قلت: ولو إنت مش متجوز؟!!

ما رضيش يجاوب، وسكوته إستفزني…

إتكلمت، وأنا عيني قدام عينيه، وبحاول أشوف أي لمحة، أو إشارة…

-هسألك سؤال واحد بس، وياريت تجاوبني عليه بصراحة، وبكلمة واحدة بس…بتحبني؟

فضل باصصلي، وبعدين غمض عينيه لحظات، وكل ما يبقى عايز يشوف الكلمة دي هتأثر فيا قد إيه، لسانه ما يطاوعوش، بس سكوته أكد الكلمة…

لحد هنا، وقررت أمشي، وأنسحب، ما بقاش فيه حاجة تتقال…

خلاص كنت خارجة من البلكونة، وعيني وقعت على الترابيزة اللي فوقيها السبحة الفضة…

ما دريتش بنفسي إلا وأنا بمد إيدي، وآخد السبحة، وأقفل إيدي عليها…

بصيت على فريد، ولقيته واقف يتفرج عليا، وأنا باخد السبحة بكل بجاحة…

-خلاص بقت بتاعتي…

-خلاص بتاعتك…

قالها، وهو بيبتسم إبتسامة خفيفة ظهرت على وشه…

دخلت المكتب، ولقيت شروق واقفة عند الترابيزة، بعد ما خلصت ترتيب الأوراق عليها.

أنا ما أعرفش هي سمعت إيه من كلامي أنا، وسكر، بس واثقة إن هي شافت السبحة الفضة في إيدي، وكنت بدخلها جوا الشنطة بتاعتي، وسمعتني وأنا بقولها: يلا بينا نمشي… بكرا خطوبتي على حسام…

الليلة دي آخر ليلة ليا، وأنا وحيدة، من بكرا هبقى خطيبة حسام…

كانت الساعة إتنين بعد نص الليل، الموضوع ده مخلانيش أعرف أنام، وأنا عمالة بفكر، حاولت أريح دماغي عشان أعرف أنام، ومفيش فايدة…

فضلت صاحية أفتكر كلام فريد ليا، وأنا قلت إيه، وهو قال إيه، وكانت في إيدي السبحة الفضة شاهدة على كل حاجة كلمة كلمة…

الساعة إتنين في عز الليل، خرجت برا، أتمشى في الجنينة بتاعتنا شوية.

روحت عند المرجيحة اللي جنب النافورة الصغيرة، وقعدت عليها، وإتمرجحت شوية…

الساعة إتنين في نص الليل، والناس كلها تلاقيها نايمة، ما عدا اللي بالهم مشغول…

أنا بتمرجح بالراحة على مرجيحة الحياة، وبسمع صوت المياة اللي بتنزل في النافورة اللي جنبي!!

كنت حاسة بلسعة الهوا الخفيفة الباردة، بتلسع في وشي، وشايلة معاها ريحة الورود الجميلة اللي مالية الجنينة…

غمضت عيني، وحسيت براحة كبيرة…

لفت إنتباهي صوت المياه، فتحت عيني، ولفيت عشان أبص على النافورة…

حسيت بالكهربا بتجري في جسمي كله… بصيت بعنيا على وشي اللي كان جوا وش القمر على سطح المياه…

كنت مرعوبة، وأطرافي إتشنجت، ووقفت المرجيحة…

بحركة طبيعية، بصيت فوق في السما، كانت السما ضلمة، وسودة…

كنت ببص على جمال القمر، ونوره اللي مالي الدنيا…

المشهد كان صامت بعد كده…

عدت عليا لحظات كنت فيها ما بتحركش، زي التمثال بالظبط…

كانت راسي مرفوعة لفوق، وعنيا بتبص على القمر، الدنيا كانت هس هس، إلا من صوت المياه اللي في النافورة… وشوية هوا حيرانين.

حسيت إن وشي مبلول مياة، معقولة مياة النافورة طلعت لوشي؟!!

رفعت إيدي، وعينيا كانت لسة مشدودة لسحر القمر، والذكريات… وحطيت إيدي على وشي، عشان أمسح دموعي اللي نزلت من عينيا من غير ما أحس بسخونتها…

نتقابل كل نص شهر إحنا، والبدر(فريد) …

مسكت السبحة اللي في إيديا جامد، زي ما أكون بحاول أمسك ذكرياتي، أحسن تتنسي…

ما بقيتش شايفة القمر، كان مستخبي مع إن النور كان لسه طالع منه…

مع كل الحلاوة، والعظمة اللي حواليه… ما أعرفتش أشوفه.

فريد السكر، مشاه من مكانه، وقعد بداله… بقيت شايفة وش فريد، وبدل ما أسمع صوت المياه من النافورة… بقيت سامعة صوت فريد…

بدل نسمات الهوا، بقيت بسمع صوت نفس فريد…

بدل ريحة الورد الفواحة، بقيت أشم ريحة البرفيوم اللي بيحطه فريد…

بدأت الدنيا تلف بيا، وحسيت بدوخة، والمرجيحة كانت واقفة.

وذكرياتي مع فريد شغلت كل تفكيري، وحكاياتنا، ومواقفنا مع بعض، كل ده كانوا عاملين سبق في دماغي من غير ترتيب…

كنت أنا، وحبيبي فريد متفقين نتقابل كل نص شهر مع القمر…

إتفقنا نفضل نبص للقمر، وكل واحد يتخيل إنه شايف التاني في وش القمر…

إتواعدنا نبعت حبنا الدافي لبعض عن طريق القمر، أنا من ناحية، وهو من ناحية…

مع إن المسافة بيننا كانت بعيدة، لكن كنا نقدر نشوف حاجة واحدة إحنا الإتنين في نفس الوقت، هو القمر…

أنا خارج أبص على القمر يا ليلى، وهشوفك…

كنا بنتقابل في خيالنا، في أوهامنا، روحي، وروحه من غير أجسامنا، حب، وأحاسيس بس من غير ما نحس، هناك عند القمر بتاع نص كل شهر…

عدت الشهور، وغاب حبيبي فريد غياب مفيش بعده ظهور… وفضلت أنا، والقمر لوحدنا…

بقيت أبص للقمر، وما أشوفش غير

سكر… ما كنتش حاسة بالوش اللي ياما بللته الدموع…

ياه على الوقت اللي قلب عليا العذاب اللي إتنسى…

لما وشى في وش القمر، ووش الحبيب إتقابل…

جاي عشان تشمت فيا، ولاجاي عشان تشوف وحدتي؟؟

يا قمر روح، وسيبني في حالي مع غربتي…

سيبني أداري جراح الزمن، سيبني أخبي دمعتي…

مبقتش ناقص غير شماتك فيا، وتعيب فيا عشان عجزت…

إبيض شعري من مرار الحب، مش عشان كبرت…

إنت تعرف إيه عن سني؟ ده إنت زورتنا مرة في الشهر، وروحت…

دوقت الحرقة، وشوفت الفراق، وتعبت ألم، وقهر…

كل ألوان العذاب، لحد ما غطا الشيب الشعر…

بصيتله في السما رفعت إيدي للكريم…

يا رب يا اللي بتخلي القمر بدر، في وسط السما كل شهر…

إنت قادر يا رب ترجعلي حبيبي، ولو بعد طول العمر…

رجعهولي يا ربي، ده نور قلبي، وعنيا…

يا بعيد عني، القرب ليك أبعد من النجوم، ولا وهم…

يا سبب همي، وإكتئابي، وعذابي، والحزن…

راجع لي أستناك، ولا ما بتفكرش في الرجوع؟..

رد عليا، إيوة، ولا لأ؟ ولا صعب عليك كمان تقول؟

فرييييد!!

________

-فريد!!

خد باله مني، وبصلي، وكان مستغرب!! وباين على وشه، بس أنا كمان كنت مستغربة أوي!!

-شروق؟!!

-خير إنت قاعد بتعمل إيه؟!!

-إنتي إيه اللي صحاكي دلوقتي؟!!

-أنا كنت قاعدة بذاكر، ما حسيتش بالدنيا، وروحت في النوم على المكتب، صحيت بعد شوية، وقمت أقفل الشباك، وشوفتك!!

إتنهد فريد أخويا، وعرفت إن في حاجة، أو بالأصح عرفت ماله…

-طب إنت كويس؟

-أيوة كويس، وبخير، بس حبيت أشم شوية هوا…

يشم شوية هوا الساعة إتنين بالليل!!!

انا من ساعة كده فتحت الشباك، عشان يدخللي حبة هوا، ومكانش هو موجود في الجنينة…

قعدت على مكتبي عشان أذاكر شوية، لحد ما النوم غلبني، ونعست من غير ما أحس…

أصلا البرد اللي كان داخل من الشباك هو اللي صحاني، ولما قمت أقفل الشباك لقيت فريد أخويا واقف في الجنينة، وبيبص على القمر….

والله اللي يشوف أخويا، وهو باصص على القمر، يفتكر إنه قاعد يتكلم معاه!!

بصراحة أنا إترعبت لما شوفته، بس بعد كده حسيت إن أنا قلقانة عليه…

فريد بقاله كام يوم مش طبيعي، بيتأخر كتير في الشغل، وعلى طول سرحان، وفي دنيا تانية، وكإنه شايل هموم الدنيا على راسه…

أكيد مراته، وكل اللي حوالينا حسوا بكده زيي…

-الدنيا برد هنا هتتعب!!

-ما تخافيش عليا، روحي إنتي نامي يا شروق.

-طيب، وإنت؟

– هدخل بعد شوية.

-أنا هحاول اقرأ لي كلمتين ينفعوني في الإمتحان!!

-ده مش وقت مذاكرة دلوقتي يا شروق، أجليها لبكرة.

-بكرة هبقى مشغولة جدا! إنت عارف؟ الحفلة هتبدأ الساعة تمانية، وهفضل أجهز لها طول اليوم!!

ياريتني ما إتكلمت… هو كان ناسي الموضوع، وأنا بكلامي فكرته؟ ولا هو كان فاكر، و أنا قلبت عليه المواجع، والذكريات؟

فريد وشه إتغير، نور البدر خلاني أشوف وشه في عز الضلمة…

حسيت بيه لما رفع وشه للقمر، وأنا بتكلم، وكإنه بيقوله سامع؟!

فريد أخويا أغلى واحد عندي في الدنيا، وماليش غيره…

بحزن أوي لما بشوفه متضايق، أنا عارفة السبب كويس بس مش بإيدي أعمل حاجة…

أنا ما سمعتوش بيقولها بحبك في اليوم ده، لكن سمعت ليلى وهي بتقوله…

بس أنا شوفت الكلمة مكتوبة بخط إيده على ورقة من الأوراق اللي كنت قاعدة برتب فيها فوق المكتب كان كاتب: (ليلى أنا بحبك).

خلاص بكرة هتبقى ملك لواحد تاني، وفريد الليلة دي مش هيعرف ينام…

-تصبحي على خير يا شروق…

قالها بعد مانزل عينه عن القمر، وحتى من غير ما يبصلي… ومشي…

-وإنت من أهله يا أخويا…

________

النهاردة هيبقى بقالنا تلات أسابيع مخطوبين أنا، وليلى، في التلات أسابيع دول قابلتها أربع مرات…

الليلة دي كان المفروض إننا خارجين نتعشى سوا برا…

إتصلت بيا من شوية، وقالتلي إنها يمكن ما تقدرش تخرج معايا النهارده، عندها مذاكرة كتير، ومش هتقدر تخلص بدري…

بصراحة أنا إتكدرت، وإتضايقت جامد…

أنا كنت مبسوط، وهطير من الفرحة، أصل دي كانت هتبقى أول خروجة لينا سوا، كنت عايز الليلة دي تكون ممتعة، ومميزة…

عدى تلات أسابيع، وأنا لحد دلوقتي حاسس إن ليلى مش مبسوطة بخطوبتنا، زي ما أنا مبسوط، وفرحان…

يمكن تكون لسه ما إتعودتش عليا، يمكن تكون مكسوفة حبتين؟ أنا مش عارف!!

بس أنا كنت متوقع إن إحنا كنا هنتبسط أكتر…

على كل حال إحنا جوازنا قريب كلها كام إسبوع، وأكيد ساعتها الدنيا هتتظبط…

طالما بقى الليلة دي باظت مع خطيبتي، أخرج مع أصحابي على البحر…

غيرت هدومي، وجيت أخرج، لقيت أمي قدامي…

-حسام!! رايح على فين؟

كانت بتكلمني، وهي بتبص على هدومي، ومستغربة!!

-خارج مع أصحابي على البحر.

-مش إنت كنت قايل…

-حصل، بس طلعت مشغولة، وأجلنا الخروجة لوقت تاني… تؤمريني بحاجة قبل ما أمشي؟

-ربنا يحفظك، ويستر طريقك يا إبني…

ركبت العربية، وكنت ماشي زهقان، الساعة دلوقتي تمانية بالليل…

بعد دقايق لقيت التليفون بيرن…

إتفاجئت، عشان ما توقعتش ترجع تكلمني تاني بعد ما قالت: تصبح على خير!!

-أهلا يا ليلى!

– إزيك يا حسام، إنت فين؟

-في العربية…

-رايح على فين؟

-يعني هعدي على أصحابي، كنتي عايزة حاجة؟!!

سكتت، وما ردتش على طول، لما لقيتها ساكتة قلت أشجعها تتكلم…

-أوؤمري، طلباتك أوامر؟

-تعبت من المذاكرة، هكمل بعدين، كنت عايزة أغير جو…

أنا طبعا ما صدقت قالت كده!!

هي البنات كده، يقولوا حاجة، وبعد شوية يغيروا رأيهم!!

-دقايق، وأبقى قدام الباب…!

-لأ سوق على مهلك، ماتجريش.

-خايفة عليا؟

-…..يلا مستنياك، أشوفك على خير.

إتحرجت جدا، لما رجعت البيت بسرعة عشان أغير هدومي تاني، وخرجت، وأمي كانت عمالة تراقبني، ومستغرباني!!

-حسام إنت إيه حكايتك الليلة دي؟!!

-لو عايزة حاجة يا أمي، رنيلي على التليفون، سلام.

خرجت بسرعة، وطيران على بيت إبن خالي…

بعد أقل من ربع ساعة كنت أنا، وليلى قاعدين في العربية سوا، ولأول مرة…

قعدنا شوية ساكتين، ومش عارفين نتكلم، مش عشان مش لاقيين كلام نقوله، بسبب الكسوف، والإحراج!!! أنا دلوقتي حسيت بيها، لما أنا نفسي مرتبك، ومتوتر، أومال هي تعمل إيه؟ البنت الخجولة اللي زي النسمة؟!!

حبة حبة بعد شوية هنتعود على بعض، ونبقى عاملين زي اللي بييجوا في الأفلام!

وبعدين بقى، إحنا هنفضل كده كتير، لأ أنا لازم أبدأ أتكلم، وأكسر السكوت ده، بس أقول إيه؟ حد ينجدني؟

راجل قاعد مع خطيبته، هيبدأ الكلام بإيه؟

-فاضلك كتير في المذاكرة؟

-لأ مش كتير لما أرجع إن شاء الله هبقى أكمل باقي المذاكرة…

-بتذاكري عشان الإمتحان؟

-لأ أبدا، ده موضوع تعبير إتطلب مني أقوله لزميلاتي، وقاعدة أكتب فيه، وأعمل ملخصات، لحد ما زهقت، حبيت أغير جو شوية.

أما أنا راجل ما عنديش إحساس!! البنت زهقانة من المذاكرة، والدروس، وأنا قاعد أكلمها عنهم!! لازم أغير الموضوع أفضل.

-تحبي نروح فين؟

-أي مكان، زي ما تحب…

-طيب في مطعم إتفتح قريب، كلت عندهم مرة، وعجبني أوي، إيه رأيك نروح نتعشى هناك؟

-تمام ماشي.

بعد كده قعدت باصة من الشباك تتفرج على الشوارع، والعربيات، وكانت مودية وشها للناحية التانية…

أنا كنت كل شوية أبص عليها، وهموت، وأشوف عينيها وهي باصالي، لكن فضلت ساكتة، وسرحانة لحد ما وصلنا المطعم…

دلوقتي بقينا قاعدين قصاد بعض، وبقيت عارف أبصلها، وهي مش لاقية مهرب من عيوني!!

طلبنا الأكل، هي إختارت حاجة بسيطة جدا…

أنا طبعا نفسي كانت مفتوحة، وطلبت اللي أنا عايزه!!

-هو إنتي عاملة رجيم يا ليلى!!

-لأ خالص، بس أنا بالليل مش بحب آكل كتير…

أنا تخين شوية، وجسمي ضخم حبتين، لكن خطيبتي رفيعة، وجسمها متناسق…

أنا لازم أخف أكل شوية، كده مش هينفع، وندمت على الأكل الكتير اللي أنا طلبته، وما لمستوش…

فضلت طول الوقت قاعد براقب عينيها، كل نظراتها كانت على شنطتها، على الترابيزة، على كوباية العصير، الحاجة الوحيدة اللي ما بصتش عليها عينيا…

يادوب تبصلي من غير قصد كده، وترجع تاني، وانا بصراحة كان نفسي أتملى في عينيها براحتي… مش خطيبتي برضو؟!!

لازم ألفت إنتباهها، وقلبها، وتهتم بيا.

كانت عمالة تدوب التلج اللي في العصير بالشفاطة، وعينيها على الكوباية…

بصوت هامس إتكلمت: ليلى…

البنت رفعت عينيها آخيرا، وبصتلي…

أنا حاولت أبلع ريقي بالعافية، وكإن الكلام اللي أنا كنت هقوله إتبلع هو كمان، كان لسه على طرف لساني!!

يا ترى راح فين الكلام؟

عينيها دوختني!!!

-إن شاء الله يكون المكان عجبك؟!

الجملة دي هي اللي قدرت أطلعها.

-أيوة أكيد، المكان حلو أوي.

رجعت تبص تاني جوا كوباية العصير، والدوامة اللي عملتها، وهي بتدوب قطع التلج…

حسيت بقهر جامد!! البنت كلامها زي اكلها، وشربها، قليل أوي.

وأنا مش عارف أدخلها منين، مش مدياني أي دخلة!!

لكن أنا مستحيل أسيب الوضع كده، انا عايز الليلة الجميلة دي تبقى مميزة…

لازم أحاول أتقرب منها أكتر، لازم علاقتنا تسخن شوية…

بس أنا مش عارف هي ممكن تتقبل مني إيه، وتعديه، وإيه اللي ممكن لما أعمله يضايقها…

حاولت أتشجع شوية، وهي كانت بتشرب العصير، وما شافتش إرتباكي…

-عينيكي جميلة…

فجأة شرقت، وقعدت تكح، يمكن العصير اللي بتشربه ما إتحملش اللي أنا قلته، وإتحشر في زورها من الخضة!!

-سلامتك يا ليلى.

-أنا آسفة.

بعد كلمة أسفة ما إتكلمتش تاني، وما حاولتش تبصلي تاني خالص.

أنا فضلت حيران مش عارف هي شرقت لما سمعتني، ولا شرقت لوحدها، ومسمعتش أنا قلت إيه؟

بس والله ما هسكت أنا ما صدقت أتكلم، وأقول كلمة حلوة…

هي أكيد سمعتني، بس من كسوفها مش قادرة ترد عليا…

مستنياني أنا أتكلم تاني.

-عينيكي سوادها زي سواد الليل، صافية، وجميلة ما شاء الله…

لمحت حاجة كده زي ما تكون إبتسامة على حرف شفايفها، ومن الكسوف نزلت راسها أكتر، وأكتر…

كإنها عايزة تبعد عيونها عني أكتر، زي ما تكون عايزة تدفن راسها في الأرض!!

الصراحة أنا إتبسطت، حسيت إن كلامي وصلها، وإتوترت، وهي حست بيه، وده شجعني إني أكمل كلامي.

-أنا ربنا بيحبني، وأمي داعيالي.

كل الناس بتقول إن أنا دمي خفيف، أصحابي، ومعارفي، وإخواتي في البيت…

لكن البنات معرفش هيشوفوني إزاي؟!

ياريت تكوني شايفاني يا ليلى دمي خفيف على قلبك، ياريت تكوني حبيتي كلامي، ياريت أسيب عندك إنطباع حلو، ياريت أكون عجبتك؟!!

كنت لسه هتكلم، وأقول حاجة، إلا ألاقي تليفوني يرن، وكانت أمي!!

الله يصلح حالك يا أمي، هو ده وقته؟

رديت على المكالمة: أهلا يا أمي.

-إزيك يا حسام، إنت فين؟

-خير يا أمي، عايزة حاجة؟

-أخوك رائف تعبان شوية، تعالى إلحق بسرعة نوديه المستشفى.

-رائف! إيه اللي حصلله؟

-معرفش والله يا إبني إيه اللي حصلله هو تعبان أوي، ما تتأخرش.

-حاضر يا أمي مسافة السكة.

قفلت المكالمة وأنا مخنوق.

بقى ده وقته يا رائف؟ ده وقته؟

آخيرا ليلى رفعت عينيها في عينيا…

-خير إن شاء الله.

كنت محرج، وأنا بتنهد، ومش بإيدي حاجة، وكنت مرتبك جدا، وأنا بعتذر لليلى.

-إعذريني يا ليلى، لازم نمشي دلوقتي، معلش سامحيني.

-خير في إيه؟

-معلش بس أخويا رائف شكله تعب جامد، ولازم أوديه للدكتور، إنتي عارفة أنا المسئول عن البيت.

-سلامته، يارب يكون بخير.

-يارب، إن شاء الله، أنا أسف يا ليلى.

-مفيش داعي للأسف، طبعا لازم تروح حالا، يلا نقوم؟

-إن شاء الله الخروجة دي تتعوض، والجايات أكتر من الرايحات.

قلت كده وأنا ببتسم، كان نفسي في إبتسامة واحدة منها تقويني، وتشجعني.

لكن ليلى إتلهت في شنطتها عني، وخرجنا من المطعم، وركبنا العربية.

رجعت ليلى تبص على الطريق تاني…

أما أنا فكنت مقهور أوي من جوايا…

أول مرة أخرج فيها مع خطيبتي، وما أعرفش أعيش لحظة رومانسية حلوة معاها.

لما وصلنا عند بيت إبن خالي، مقدرتش أنزل أسلم عليهم…

طالما أخويا رائف تعبان، لازم أروح، ومتأخرش عليه، معرفش جراله إيه؟!!

وقفت العربية عشان ليلى تنزل، وقبل ما تنزل رجعت تاني إعتذرتلها…

-أنا أسف يا ليلى…

-مفيش داعي تتأسف، المهم إبقى طمني على رائف…

-إن شاء الله.

-تصبح على خير.

كانت بتفتح الباب، ونازلة من العربية…

-هقدر أشوفك بكرا؟

كنت عايز أمسك طرف خيط يديني أمل إني أقدر أعوض السهرة اللي باظت.

-ينفع أجيبك كل يوم من الجامعة بدل أبوكي؟

سكتت شوية، وبعدين قالت: هشوف، خير إن شاء الله، سلام.

نزلت من العربية، ودخلت البيت.

أنا فضلت واقف أبص عليها لحد ما دخلت البيت، وقفلت الباب وراها.

ما قعدناش مع بعض غير ساعة وتلت بس يا ناس!!

مسكين رائف هو تعبان، وأنا مش طايقه، عشان بوظ عليا فرحتي…

طب بالله عليكم، لو كنت روحت مع أصحابي على البحر، كان إيه اللي هيحصل؟

رائف أخويا، التوأم بتاع مجد أخويا التاني.

التوأم اللي خرج عيان من ساعة الولادة، وليه ملف كبير في المستشفى، واللي بسببه هو حصل اللي هتشوفوه بعد كده…

______

خرجنا من قاعة الإمتحانات أنا، وسمر، وشروق، وروحنا الكافيتريا بتاعة الجامعة…

سمر كانت مصممة تعزمنا النهاردة على الغدا.

مع إني عارفة إن حسام، وأمه، وإخواته معزومين على الغدا عندنا النهاردة، بس شوفت عزومة سمر فرصة ما تتعوضش عشان أهرب من عزومة حسام، وأهله…عملت نفسي ناسية!!

-ليكوا عليا لو جبت أعلى درجة فيكوا، هعزمكوا أنا…

شروق كانت بتقول كدا بتريقة، عشان الإمتحان كان صعب، وكنا عارفين إن إحنا هنجيب درجات قليلة كلنا.

كملت شروق كلامها، وقالت: اللي هتجيب أعلى درجة فينا، هي اللي عليها العشا.

-إن كان عليا، أنا واثقة إني هجيب أقل درجة مش منكوا بس، لأ ده أقل من الدفعة كلها…

يعني ما تحلموش إن العزومة تبقى عليا…

-يا بخيلة يا ليلة!!

ليلة… الكلمة رنت في وداني، وبصيت لشروق، كانت مبسوطة، وبتضحك، طبعا ما تقصدش حاجة…

فريد لحد دلوقتي هو الوحيد اللي كان بيقلي ليلة…

بسرعة خرجت صورته من بالي، مش وقت فريد دلوقتي يا ليلى، سيبني في حالي يا فريد، وأخرج من دماغي…

-خلاص لو كان على العزومة، هستناكوا الخميس الجاي إنتوا الإتنين…

أنا كنت عارفة إن الخميس بالليل، سهرة خطيبي الموعودة…

قالي إنه عايز نخرج نعوض السهرة اللي فاتت، وأنا لسه ما ردتش عليه.

إتفقنا إحنا التلاتة نتقابل في بيتي الخميس الجاي.

قعدت في الجامعة أنا، وسمر، وشروق، نرغى رغي بنات، ونضيع وقت، لحد ما بقت الساعة إتنين ونص بعد الضهر.

بعد كده مشيت شروق على بيتها، وفضلنا أنا، وسمر قاعدين.

-هتروحي إمتى يا ليلى؟

-يعني الساعة تلاتة كده زي كل يوم!

– مين هييجي ياخدك؟ أبوكي، ولا…؟

بصيتلها، وأنا فاهمة، أنا عارفة سمر كويس، نفسها تجيب سيرة حسام بأي طريقة، عايزة تعرف أخباري، بس مش عايزة تتكلم، مستنياني أنا أتكلم…وطبعا مش هنتكلم قدام شروق…

-حسام!!

-يا بختك يا ستي، ربنا رحمك من الباصات، ومرار الباصات، عقبال ما ربنا يرحمني أنا كمان منها، وأتجوز…

-عايزاني أوصلك معايا طيب؟

-لا لأ لو كان أبوكي كان ماشي، بس  طالما خطيبك هو اللي جايلك مينفعش، أتكسف!!

إبتسمت غصب عني، معرفش لازم سمر تقول حاجة تخليني أبتسم، لو كنت بعيط، بتخرجني دايما من همومي…

كإن إبتسامتي اللي بالعافية شجعتها، وطمنت قلبها…

إتنهدت براحة، وقالت: ربنا يسعدكوا دايما، ويرزقني أنا كمان بعريس، عشان انا بصراحة زهقت من الجامعة، والمذاكرة!!

لكن لو إتجوزت هسيب الجامعة، وأقعد في البيت!!

-كده، طب يارب ماتتجوزي غير بعد ما تخلصي الجامعة!!

سمر ضحكت ضحكة صافية تشرح القلب…

سمر بالنسبالي مصدر البهجة، والفرحة، وأحيانا لسعة ضمير، وقدر!!

-طيب بما إننا جبنا سيرة الجواز، ليلى قررتوا هيكون إمتى إن شاء الله؟

أيوة وصلنا لصلب الموضوع، مع إنها عارفة كويس إن لسة بدري على تحديد الجواز…

ده إحنا لسة مكملناش شهر مخطوبين!!

-لسه بدري محددناش حاجة، بس ما أفتكرش الموضوع هيطول أكتر من ست شهور…

-كتير أوي ست شهور يا ليلى، مش إنتي تقريبا قولتي قبل كده إنه بعد كام أسبوع؟

إتنهدت، وحسيت بضيق نفس…

-أنا يا سمر لسه ما إتعودتش عليه، محتاجة وقت زيادة…الموضوع مش سهل كده، أنا لسه ما أعرفوش كويس…

قطعت كلامي، وما رضيتش أكمل…

مش سهل عليا أشيل صورة سكر من قلبي، وأحط صورة حسام مكانها بالسرعة دي…

ده أنا لو عملت مقارنة بين الإتنين، هلاقي فرق كبير…

بحس إن حسام حد غريب عني، مش قادرة أتعود عليه، مش قادرة أحس بوجوده…

بصراحة… مش قادرة أتقبله، أو حتى أدي نفسي فرصة يمكن أتقبله…

كإن كل تفكيري ده بان على وشي، وعيني…

-ليلى إنتي مبسوطة يا حبيبتي؟

ملامح وشها إتغيرت، وبان عليها القلق، ورسمت المية وحداشر بين حواجبها، زيي بالظبط…

مسكت سمر إيدي بحنية، وإبتسمتلي إبتسامتها اللي بحبها، وبكون محتاجة أشوفها، عشان بتقويني، وبترجعلي ثقتي في نفسي، وبتخلي عندي أمل في الحياة…

-هتتعودي صدقيني، واحدة واحدة، كل حاجة هتيجي بالراحة، إنتي بس سيبي الدنيا تمشي طبيعي…

هزيت دماغي بحاضر، وبإيدي التانية مسكت إيديها اللي ماسكة إيدي، وقلتلها: شكرا.

لمحت الساعة، وأنا حاطة إيدي على إيد سمر، وكانت تلاتة العصر…

إتضايقت من نفسي أوي، عشان ما إتصلتش بحسام عشان أقوله تعالى، أو حتى أقوله هخلص إمتى!!

لو كنت بصيت في عينيه أكيد كنت هشوف فيها زعله مني، أو حتى نظرة عتاب…

لكن أنا بعد ما قعدت جنبه في العربية، عملت نفسي برتب الكتب، والأوراق اللي معايا…

هو مقالش أي حاجة عن عدم إتصالي، أو تأخيري، ما عاتبنيش…

أول ما سألني، سأل على الإمتحان…

-الإمتحان كان عامل إزاي، صعب، ولا سهل؟

-يعني كان لا سهل، ولا صعب.

-ربنا يوفقك إن شاء الله.

-كلنا يارب.

مشي بعد كده بهدوء… وما فتحش بوقه خالص، عكس الأيام اللي فاتت كان ما بيبطلش كلام طول الطريق…

الموضوع ده كده خلاني أحس بالذنب جامد، أنا عارفة إن أنا غلطانة، والواجب عليا إني أعتذر…

-أنا أسفة ما أتصلتش بيك، كنت مشغولة مع أصحابي…

-عادي مش مشكلة…

قال كده، وإبتسم…

ده خلاني أفهم إنه مش زعلان، وطبعا إرتحت…

مش عشان حسام نفسه مش زعلان مني بس، عشان أنا مش بحب أزعل حد، ولو كان حد تاني مكانه كنت حسيت نفس الإحساس…

حسام لحد دلوقتي، حد مش مهم بالنسبالي…

وصلنا عند البيت، وكنت فاكراه هينزل معايا، بس فضل في العربية مكانه، وقال: أشوفك بكرا على خير إن شاء الله…

دخلت البيت، ولقيت أمي قاعدة في الصالة…

-إزيك يا ماما، أومال عمتي فين؟

-أهلا، روحت خلاص، إبنها وصلها قبل ما يجيلك…

إفتكرت هلاقيها موجودة لسه، دلوقتي بس عرفت حسام وصلني ومشي ليه…

-طب أنا طالعة أوضتي.

لفيت عشان أطلع، لكن أمي ندهت عليا.

-دقيقة يا ليلى.

بصيتلها، وعرفت من عينيها إن هي عايزة تقول حاجة، وكنت عارفة هي هتتكلم في إيه…

-هو إنتي مش قولتي إنك ما عندكيش حاجة بعد الإمتحان؟ هو الإمتحان خلص إمتى؟

-خلص الضهر، بس بعد كده الوقت عدى، وأنا بتكلم مع صحباتي…

-إنتي مش عارفة إن خطيبك، وأهله معزومين على الغدا عندنا النهارده!! ليه ما خلصتيش الإمتحان، ورجعتي على طول؟

-أهو اللي حصل يا ماما…

أمي كانت متضايقة جدا من اللي عملته، وكنت حاسة إنها مش طايقاني…

أنا أصلا كنت تعبانة، ومخنوقة من الإمتحان، وشايلة شنطتي على كتفي، والورق في إيديا، وكل حلمي إن أنا أوصل لسريري، وأتفرد عليه…

-يا ليلى إنتي أحرجتينا، وكسفتينا مع الناس، إنتي عارفة إنهم جايبن عشانك.

-يا ماما يا حبيبتي اللي حصل حصل، خيرها في غيرها، نفسي أطلع أوضتي أنام شوية…

-ربنا يهديكي يا ليلى، طب على الأقل إتصلي بخطيبك، وإعتذريله…

هيقول عليكي إيه دلوقتي، ما بتفهميش في الأصول؟

أمي خلت أعصابي فلتت مني، وصوتي علي من غير ما آخد بالي…

-أيوة يا ماما أنا مبفهمش في الأصول إن كان عاجبه، ولو مش عاجبه خليه يشوف واحدة غيري، ما حدش ضربه على إيده…

كنت بتكلم بعصبية، ومن غير ما أفكر…

أمي فضلت باصة عليا، وهي جايلها ذهول… أنا عمري ما رفعت صوتي قدام أمي، بس أنا أعصابي باظت…

أمي مكانش همها زعيقي، كان كل همها في الكلام اللي أنا قلته، واللي كان هيبقى ليه نفس التأثير حتى لو قلته بصوت هادى، وواطي…

-ليلى إيه الكلام اللي إنتي قلتيه ده؟

-أنا أسفة يا أمي…

حاولت أخلص الموضوع بالأسف لكن أمي ربنا يباركلي فيها، ما سابتنيش.

-إنتي إيه اللي حصلك يا بنت؟

-يا أمي أنا أسفة، هبقى أتصل بيهم واحد واحد، وأعتذرلهم ماشي؟

-لأ مش ماشي، الولد فيه حاجة مش عجباكي؟

ما ردتش، وسكت، عشان أنا عايزة أطلع أوضتي، ومعنديش إستعداد دلوقتي لأي نقاش، ومش قادرة أتكلم…

-بعد إذنك يا ماما.

-على فين يا ليلى؟ كلميني زي ما بكلمك، قوليلي في حاجة حصلت؟

الراجل المسكين فضل مستني، وكل ما نقول نحط الغدا، يقول إصبروا شوية، يمكن تتصل دلوقتي، وكان هو، وأمه متضايقين من جواهم…

المفروض تحترميه، وتحترمي أمه، وتقدريهم، مش تحرجينا قدامهم، وتخلينا في نص هدومنا!!

صوتت مرة تانية، وكلمة المفروض دي كانت مستفزة أوي…

-قولتولي وافقي، وافقت عليه، خطوبة، ماشي عملنا خطوبة، جواز، تمام حاضر كلها كام شهر، وهنتجوز، حياتي، وقدري، ومصيري إتربط بيه وخلاص…

عايزين مني إيه تاني أكتر من كدا، مش خلاص عملت كل اللي إنتوا عايزينه…

عايزيني أحبه غصب عني كمان، حاضر يا أمي، اللي إنتوا عايزيني أعمله هعمله، بس إرحموني بقى كفاية خلاااااص…

رميت الأوراق، والكتب اللي في إيدي بقوة على الأرض، ومشيت بسرعة على أوضتي، دخلت، ورزعت الباب، وإنهرت من العياط فوق السرير…

إتحطم بسهولة القناع اللي أنا كنت بحاول أخبي وشي جواه…

إنهرت في العياط، بالظبط زي اللي حصلي يوم ما روحت لفريد المكتب، عشان أقوله على حسام، وقام يباركلي…

عيطت كتير عياط كله مرار، وحرقة… أنا كنت وعدت نفسي دموعي ما تنزلش تاني عليه أبدا من حوالي شهر…

ليه عملت فيا كدا يا فريد، ليه بعدت عني، وسيبتني، ليه سيبتهم كلهم يلعبوا بحياتي، ومستقبلي، ليه خليت إسمي يرتبط بإسم راجل ما بحبوش، ليه حرمتني من حب عمري، ليه يا فريد حكمت عليا بالموت وأنا عايشة؟

حرام عليك والله يا فريد، ليه عملت فيا كده؟!!

فريد… فريد أنا بحبك إنت…

لا عمري حبيت حد قبلك، ولا هحب حد بعدك…

مقدرتش أغصب نفسي، وأحب حد غيرك…مش بإيدي… إنت اللي خدت قلبي لوحدك… إنت.

ليه يا فريد، ليه قتلت فيا أجمل، وأحلى حاجة ممكن تتولد في قلب بنت… ليه…ليه…ليه؟؟

أنا ممكن أقول ليه من هنا لبكرا، بس راسي صدعت جامد، وأعصابي تعبت من كتر التفكير…

أخدت المخدة، وحطيتها على راسي، زي اللي بيحاول يسد ودانه عشان ما يسمعش أي دوشة، وكإن الدوشة كانت برا راسي، وهي أصلا جوا دماغي…

لسة الأصوات، والدوشة جامدة في دماغي خرجت إيدي كنت عايزة أشوف المخدة التانية، مخدة واحدة مش كفاية تمنع عني الدوشة اللي جوا دماغي…

وأنا بحرك إيديا فوق السرير، تحت المخدات، وراسي لسة تحت المخدة، إيديا لمست حاجة باردة، حاجة معدن، شوية كور صغيرة، صف خرز مخروم جواها، وربطاهم في بعض سلسلة رفيعة، سبحة فريد…

يا خسارة ضاعت عليا الفرصة النهارده…

بس أكيد هيبقى في فرصة تانية عشان أنا، وليلى متفقين نخرج مع بعض يوم الخميس اللي جاي، مش مشكلة نعوض عزومة النهارده…

أنا مش متضايق منها، بس أمي هي اللي متضايقة عشان ما جتش تتغدى معانا في بيتهم…

هي بتقول عليها متكبرة شوية، وشايفة نفسها، مع إنها كانت فرحانة، ومبسوطة أوي، ووقفت جنبي لما قلتلها إن أنا عايز أخطبها…

لدرجة إنها كانت بتقولي: هي دي البنت اللي أنا عايزاها تبقى بنتي، أنا ربنا ما رزقنيش ببنت، وليلى هتكون بنتي… ربنا يجيب الخير…

ربنا يعينها على دراستها، كل يوم تخرج من الجامعة الساعة تلاتة او اربعة العصر… وترجع بيتها تنام شوية، وتصحى تقعد تذاكر لحد بعد نص الليل…

عشان كده لما بتصل بيها بالليل بنتكلم شوية، ومبرضاش أطول فى الكلام، عشان ليلى كمان لسه كلامها معايا قليل، وبالعافية…

يعني النهاردة إتصلت بيها مرتين، وما ردتش، يمكن تكون نايمة…

هستنى لحد بالليل، واكلمها، وأشوف!!

أنا مش عارف هو انا كده قاعد مزودها شوية؟!

أنا نفسي نقرب من بعض أكتر من كده أنا، وليلى، أنا حاسس إن مفيش بينا أي حاجة!!

متهيألي إن شهر بحاله مخطوبين من الطبيعي إنها تبقى إتعودت عليا، وفكت شوية معايا، وتعاملني على إن أنا خطيبها، مش واحد غريب!!

أنا من ناحيتي بحاول أقرب منها ، بحاول أطلع معاها خطوة لقدام…

لكن ليلى واقفة مكانها، ومبتحاولش تاخد أي خطوة عشاني!!

هي من ليلة خطوبتنا، وإهتمامها الوحيد بالجامعة، والمذاكرة، أما أنا مفيش أي إهتمام!!

لكن برضوا أنا لازم أديها فرصة تانية عشان تقدر تتعود عليا في حياتها…

أنا، وليلى متفقين نخرج سوا يوم الخميس اللي جاي، لعل وعسي يكون خير…

إن شاء الله رائف أخويا ما يتعبش تاني، وأروح أقعد جنبه في المستشفى بالساعات…

بكرا كمان أنا هاخده على المستشفى للمتابعة، وبعد بكرا أنا عندي مواعيد كتير بعد العصر…

يعني كده مش هعرف أشوف خطيبتي اليومين اللي جايين!!

أنا ما بفهمش أوي في الدهب، ومبعرفش أختار، بس أنا عارف كويس إن البنات بتعشق الدهب، وعشان كده حبيت أشتريلها حاجة كويسة، هخلي صاحب المحل يختارلي حاجة على ذوقه، وأهديها لليلى لما أشوفها يوم الخميس…

هتكون لمسة حلوة مني، وإن شاء الله تعجبها، وتفك شوية…

إمتى ييجي يوم الخميس يا ناس…

___

فاكرة أن أنا لسه نايمة من الضلمة اللي كانت حواليا…

رفعت راسي من على السرير، وبصيت على الشباك، إيه ده؟ أنا فاكرة إني كنت فاتحة الستاير قبل ما أنام على طول، الدنيا ضلمة أوي، يا ترى الساعة كام دلوقتي؟

شغلت نور الأباچورة اللي جنب السرير، وبصيت في الساعة لقيتها عدت العشرة ونص، معقولة أنا نمت كل الوقت ده، وما حسيتش بنفسي؟!!

كنت لسه بهدوم الجامعة، حتى الشراب ما قلعتوش…

طب أعمل إيه دلوقتي بقى؟ كده هقعد صاحية للصبح… وأروح الجامعة أكمل نوم هناك!!

قعدت على السرير حاسة بكسل، وملل، وزهق، حتى مش قادرة أقوم من على السرير…

اللي مستغرباه أوي إن أمي بعد اللي حصل ما جاتليش، ولا حتى صحتني المغرب زي ما بتعمل على طول!!

أكيد هي لسه زعلانة مني، بس أنا غصب عنى…

قعدت أدور على السبحة على يميني، وعلى شمالي…

آخر حاجة أفتكرتها إنها كانت محطوطة على قلبي، وبتشاركني في نبض قلبي…

ما راحتش بعيد، لسه جنبي أهيه، كانت معايا في أحلامي، ووحدتي، والضلمة اللي حواليا محاوطاني…

شوية والتليفون رن، رن أكتر من مرة، كده أكيد البيت كله نام…

قمت من على السرير بالعافية، كنت حاسة بكسل جامد، وإتكلمت بصوت نعسان على الآخر…

-ألوو مين؟

فوقت فجأة على صوت حسام، كان هو اللي متصل…

-عاملة إيه يا ليلى؟

-حسام!!

-لسه صاحية، ولا إيه؟ صحي النوم…أنتي عاملة إيه؟

-الحمد لله بخير…

-صحيتي إمتى؟ ما حدش قالك إن أنا إتصلت مرتين؟

-لأ ما حدش قالي، أصل أنا لسه صاحية…

-مالك؟ سلامتك، هو إنتي تعبانة، ولا إيه؟

-يعنى شوية…

-لأ ألف سلامة عليكي من التعب يا حبيبتي…

الكلمة دي نرفزتني أوي، أنا حبيبته من إمتى إن شاء الله!!

ده إحنا مكملناش شهر مخطوبين!!

هو ده عايز مني إيه عشان متصل دلوقتي؟!!

الله يسلمك أنا عايزة أقوم آخد دش دلوقتي، وأفوق عشان أشوف مذاكرتي…

سكت شوية، وطبعا فهم إن أنا بزحلقه، ورد بصوت محبط…

-ربنا يوفقك، أنا بس كنت عايز أتطمن عليكي…

عايز كمان أقولك تعذريني عشان بكرا، وبعده هيبقى عندي مواعيد شغل، ومش هعرف أعدي عليكي في الجامعة…

-عادي مش مشكلة…

بس بإذن الله إحنا على ميعادنا يوم الخميس الجاي…

يا ريتك يا حسام مكنتش جبت سيرة الخميس اللي جاي، عشان أنا إتكلمت من غير ما أفكر…

-الخميس بالليل أنا عازمة ناس على العشا، نبقى نخرج في وقت تاني…

حسام إتضايق، وصوته إتغير…

-بس إحنا كنا متفقين نخرج، ليه ما تأجليش إنتي ضيوفك لبعدين؟!!

-لأ ما أقدرش…

متهيألي من اللحظة دي بدأ حسام يشك إن أنا مش عايزاه…

حاولت أفتح الكتاب، وأذاكر، بس ما عرفتش، ضميري كان واجعني، وندمانة على اللي قلته لحسام، وعدت عليا ساعات وانا بحاول أرضي ضميري، وأفهمه، ومفيش فايدة لسعة الضمير ما سابتنيش في حالي…

إيه الذنب اللي حسام عمله عشان أعامله كده؟

حسام نفسه يعيش حياته في سعادة، وفرح، وهنا، طب وأنا…

مش ذنب حسام إن أنا مريت بتجربة حب فاشلة مع فريد…

آه من فريد…

يا ترى إنت فين؟ وبتعمل إيه دلوقتي يا فريد؟!!

تلاقيك نايم، وأكيد بتحلم، يا ريتني أدخل جوا حلمك، عشان بس أشوفك.

بقالك كتير بعيد عني حتى في أحلامي، من بعد كابوس الغرق الفظيع، ما شوفتكش تاني…

خدني الشوق، والحنين ليه، وقمت جريت بسرعة على جهاز الفاكس…

كنت ماشية ورا أوامر قلبي اللي مستسلمة لفريد حبي…

كتبت وأنا مليانة شوق، وحنين…

يا حبيبي لو تحس نبضي، وتشوفه… من كتر أشواقي ليك طار في الرياح

دقات قلبي لينة، ومكسرتش دفوفه… ودموعي رقصت على أغنية نواح

مختفي زي القمر في ليلة كسوفه… لا هو غاب ولا ضيه في الدنيا راح

حاضر بس متداري، ومداري طيفه… مستني إمتى يطلع نور الصباح

الوقت راح من ساعة ما فارقت كفوفه… طارت اللمسات ومن غير جناح

كام مرة حصلت، ولمست راسي كتوفه… ولف بدراعه حواليا زي الوشاح

ليه نقضي ليلنا كله في عزوفه… اللي جاي من العمر مش زي اللي راح

في بيننا نهر، وبتبعد بيننا صفوفه… كل ما بنينا جسر طاح

آه من هجر الحبيب، وجحوفه… جيته بالأشواق، وجالي بالنار، والجراح

كنت خلاص هبعتهوله، ومش هيهمني أي حاجة، ولا هعمل إعتبار لحد…

روحت عشان أحط الورقة في الجهاز، لكن عيني جت على الحاجة اللي بتنور في صباعي التاني في إيدي اليمين…

إيدي وقفت في نص الطريق، وكانها متعلقة بين الترابيزة، وجهاز الفاكس…

وقفت كل أحداث حياتي في اللحظة دي…

أنا قاعدة بعمل إيه؟ لأ يا ليلى… لأ… لأ.

سيبت الورقة على الترابيزة، وخرجت من أوضتي بسرعة كإني عايزة أبعد، وأهرب من حاجة بتلاحقني…

كنت عايزة ألحق نفسي قبل ما أتهور، وأحاول أبعته تاني…

بمنع نفسي غصب عني، وعن فريد قلبها، وعن الجنان اللي كانت عايزة تعمله…

نزلت الدور الأرضي، وروحت المطبخ عشان أحاول أشغل نفسي بأي حاجة.. أي حاجة…

شفت الورق بتاعي اللي رميته على الأرض محطوط في رف من رفوف المطبخ…

افتكرت أمي، وإزاي أنا زعلتها، وضميري فضل يأنبني…

ممكن اللي أنا عملته ده نوع من أنواع الإعتذار، لكن أنا لقيت نفسي قاعدة بجهز للفطار، والغدا بتوع بكرا…

بعد كام ساعة ماما صحيت عشان تصلي الفجر…

نزلت المطبخ زي ما بتعمل كل يوم…

أول ما عيني جت في عنيها إبتسمت، وقلت بهزار عشان أحاول أصالحها: “فطاركوا، وغداكوا النهاردة من إيدي”

ابتسامتها اللي أنا شفتها قدامي كانت كفاية بالنسبالي عشان أعرف إن هي مش زعلانة مني، وأنها نسيت الموضوع، وإنها مش هتفتحه تاني إن شاء الله…

يوم الأربع ظهرت نتايج الإمتحان أخيرا، وشروق كانت هي اللي جايبة أعلى درجة فينا كلنا…

-مبروك يا شروق، إنتي تستحقي الدرجات دي عشان إنتي أكتر واحدة تعبتي، وذاكرتي.

-تسلميلي يا ليلى، أنا متوقعتش الدرجة، الحمد لله.

سمر بصتلها وهي بتضحك، ورافعة صباعها، وموجهاه ناحيتها عشان تأكد عليها، وقالتلها: شروق، إوعي تكوني نسيتي، العشا عندك النهاردة زي ما إتفقنا.

-تمام يا سمر، خلاص هستناكوا تجولي النهاردة.

اتضايقت، وقلت: لأ، إحنا قلنا إن العشا عندي أنا الليلة دي.

شروق ردت: إحنا قلنا إن اللي هتجيب أعلى درجة العشا هيكون عليها، عندي يعني عندي، ومن غير إعتراض، وإنتي نخليكي للإمتحان الجاي.

بصيت على سمر عشان تقف في صفي، لكن حصل العكس، وقالت: خلاص الإتفاق إتفاق، يلا يا شروق عشان تروحي البيت، وتعمليلنا بيتزا، من غير البيتزا أنا مش هاجي العزومة.

فضلنا نضحك من قلبنا.. مش هتفرق العزومة عند مين، المهم إننا نبقى مع بعض، أحلى صحاب في الدنيا، ربنا يديمهم نعمة في حياتي.

قلت وأنا مستسلمة للأمر الواقع: ماشي يا شروق، بس هتبقوا عندي أنا الأسبوع الجاي.

-تمام يا ليلة، متزعليش يا ستي، هنيجي عندك الأسبوع الجاي.

(ليلة)… وداني لقطتها بسرعة، والطبلة إتهزت، واتهز معاها القلب كمان…

مش بس عشان هي فكرتني بفريد، لأ… ده عشان هي خلتني آخد بالي من حاجة كانت تايهة عني…

أنا رايحة أتعشى في بيت فريد!!

كان فات الأوان خلاص…

مقدرتش بعد كده أعتذر أو انسحب من العزومة…

مالقيتش أي مبرر أو عذر عشان أقوله لشروق…

أنا مش عايزة آجي بيتك عشان أخوكي فريد، ومراته موجودين فيه!!

طب ما أنا ياما كنت بروحلها قبل ما يتجوز… لغاية قبل أربع شهور…

لكن من ساعة ما إتجوز رجلي مدبتش في بيتها خالص…

إزاي أنا تاهت عني حاجة زي كده؟

الخوف كل الخوف أبص ألاقي شروق جايبة دلال في إيديها، وبتقعدها معانا!!

أنا مش عايزة أشوفها، ولا عايزة أعرفها، ولا عايزة أسمع عنها حاجة، او أسمع منها حاجة…

أعمل إيه يا ربي، أنا ما ينفعش أروح هناك، لازم أعتذر لشروق، وأقولها أي حجة، وخلاص…

بس مفيش غير حسام، ربنا ألهمني بالفكرة دي، أنا هتصل بحسام، وأقوله إن خلاص الضيوف إعتذروا، ومش جايين، وممكن أخرج معاه…

بعد ما أخلص مع حسام المكالمة، هتصل بشروق، وأقولها إن أنا مش هعرف آجي عشان خارجة مع خطيبي، وطبعا شروق ساعتها مش هتزعل، ولا تعتب عليا…

الفكرة دي جامدة جدا، وأنا هنفذها حالا…

بعد صلاة المغرب إتصلت بحسام، وقلتله، ورد عليا: مش هقدر…

كان بيردلي الكلمة اللي قلتها قبل كده، لكن الصراحة فضل يعتذر كتير، ويقولي إن أنا لما لغيت ميعادنا مع بعض، هو إرتبط بمواعيد، ومقابلات، ومش هينفع يأجلها، وفضل يتأسف كتير أوي…

كلمت سمر في التليفون، وقلتلها إن أنا مش عايزة أروح، عشان مش هقدر أشوف البني أدمة اللي إسمها دلال، وهي عايشة فى البيت ده…

طبعا سمر زعقتلى شوية، ولامتني، وقالت لي: يا بنتي إنتي رايحة عشان صاحبتك شروق، مش عشان حد تاني، وبعدين شروق كده هتزعل منك… ومش هتعبرك، ولا تجيلك الإسبوع اللي جاي…

يا ليلى ما تضيعيش لمتنا مع بعض، وصحوبيتنا، وتكهربي الجو…

وبعدين إنتي ليه متأكدة أوي إن دلال هتقعد معانا، مش يمكن تخرج مع جوزها…؟

إنتي عارفة يوم الخميس الناس بتحب تخرج تغير جو…

سمر مقدرتش تفهمني كويس، بس أنا اللي دبست نفسي بإيديا، ولازم أروح، وخلاص…اللي يحصل يحصل…

روحنا عند شروق، يعني وصلنا الساعة تمانية تقريبا…

طول الطريق كان قلبي بيدق جامد، ومتوترة، وكإني رايحة أقابل الوزير…

كنت خايفة، وقلقانة من إني أشوف مرات سكر اللي في حياتي ما شفتها قبل كده…

كتير أوي كنت أسرح بخيالي، وأرسملها صورة في دماغي، شكلها، لبسها، طبعها، صوتها…

كل حاجة فيها، كنت برسم شخصية في خيالي عمري ما شفتها، ولا أعرف عنها حاجة غير إن إسمها دلال، وتبقى بنت خالة شروق،

هي لسه داخلة الجامعة السنادي، يعني أنا أكبر منها، وعارفة كمان إنها إتجوزت الراجل الوحيد اللي أنا حبيته في حياتي فريد…أنا كرهتها، وأنا برسمها في خيالي…

طبعا أنا عايزة أشوفها، أشوف الإنسانة اللي إتجوزت حبيبي، وعايشة معاه تحت سقف واحد، وبتشاركه في كل حاجة…

بس مش دلوقتي، أنا لسه جرحي كبير، وما إتقفلش، وناري لسه قايدة، وما إتطفتش، مش هيكون مناسب دلوقتي إن أنا آخد ضربة جديدة في قلبي، وتخليني أعيد الوجع من الأول تاني…

عند باب البيت وقفت، ورجعت لورا…شافتني سمر…

-في إيه يا ليلى؟ إيه اللي حصل؟ بترجعي لورا ليه؟

-سمر أنا عايزة أرجع على البيت…

سمر سكتت، وما إتكلمتش، كل اللي عملته إنها مسكتني من إيديا، وسحبتني معاها، ودخلنا البيت…

بصيت حواليا لقيت الدنيا متغيرة، عملوا تعديلات في الممر، والجنينة، الشجر كانت أوراقه متظبطة بإيد فنان، ومرصوصة على الجنبين بطريقة تحفة، وريحة الورود، والريحان مالية المكان، مع لفحة برد خفيفة شايلها الهوا اللي فى المكان، ودخل جوا صدورنا بريحة الورد، كنا حاسين براحة، وإنتعاش…

أنا آخر مرة كنت هنا مع شروق مكانش المكان كده…

كانت شروق واقفة مستنيانا عند باب البيت، وإستقبلتنا بإبتسامة حلوة، وترحيب جامد، ولا كإننا كنا مع بعض في الجامعة من كام ساعة بس!!

كمان جوا البيت كانوا عاملين تعديلات كتيرة، وحلوة جدا، التصميم كله إتغير، والأوض إتبدلت بس كان تحفة…

آه لو البيت ده كان بقى بيتي، ياريت!!

دخلتنا شروق أوضة جانبية، أنا فاكرة إن الأوضة دي قبل كده كانت مكتبة، وكمان كان جنبها على طول أوضة مكتب فريد…

-البيت بتاعكوا إتغير أوي يا شروق!!

-أيوة فعلا، إنتي بقالك كتير ما زورتيناش، يمكن أكتر من ست شهور، إحنا غيرنا نظام البيت كله من حوالي خمس شهور…

أيوة صح أنا بقالي شهور ما دخلتش بيتهم…

شروق معاها حق أنا فعلا بقالي كتير ما جيتش عندهم…

طبعا هما وضبوا البيت، وجهزوه عشان فريد كان بيخطب، وبيتجوز… والبيت يليق بالعروسة، ويعجبها…

سمر عشان تقفل أي كلام يفتح على سيرة فريد… حاولت تغير الموضوع…

-قوليلي بقى يا ست شروق حضرتيلى البيتزا، ولا لأ؟

عرفيني بسرعة عشان السواق برا، يروحني على بيتنا دوغري لو مكانش فيه بيتزا…

شروق قعدت تضحك جامد، وقالت: ماتخافيش عملتلك بيتزاية كبيرة ليكي لوحدك، ولو ما شبعتيش هبعت السواق بتاعك يجيبلك واحدة تانية من أحسن مطعم بيتزا في المنطقة!!

شروق قالت كده، وقعدنا نضحك كلنا…

بعد شوية شروق خرجت عشان تجهز السفرة…

-مالك يا ليلى؟ مسهمة ليه، ومش معانا؟

سمر كانت واخدة بالها إن أنا بتكلم، وببتسم بالعافية…

-هي ممكن تيجي تسلم علينا؟

-رجعنا تاني؟ يا بنتي حتى لو جت، إنتي مالك بيها؟

واحدة منعرفهاش، ولا تعرفنا، وإحنا جايين لبنت خالتها مش ليها هى…

ومتهيألي أن شروق يستحيل تعمل فيكي كده، أكيد هي واخدة بالها من الموضوع ده أوي، ومستحيل هتبقى عايزاها تشوفك، أو تشوفيها…

كلام سمر طمني شوية، فعلا مفيش أي سبب يخلي شروق تجيب دلال، وتقعدها معانا…

واللي طمني زيادة لما شروق رجعت تاني لوحدها…

-إتفضلوا يا بنات البيتزا جاهزة…

دخلنا أوضة السفرة، وقعدنا إحنا التلاتة، خلصنا على البيتزا، خلينا كام قطعة بس، أصلها كانت حلوة أوي…

كانت القعدة جميلة، والسهرة حلوة، وكنت مبسوطة أوي أكتر مما كنت أتخيل…

أو الحقيقة، إنهرت أفظع مما كنت أتوقع…

بعد ما كلنا، روحنا على أوضة الإستقبال، وفي الطرقة خدت بالي إن باب الأوضة اللي جنبنا كان مفتوح، مكتب فريد…

دخلنا الأوضة، وقعدنا على الكنبة اللي على نفس الحيطة اللي بين الأوضتين، أوضة الإستقبال، وأوضة المكتب بتاع فريد…

طبعا أنا جه في خيالي إن فريد قاعد في أوضة مكتبه، ومفيش بينا أنا، وهو غير حيطة واحدة بس…

إيه اللي يحصل… لو وقعت الحيطة دي؟

إيه اللي يحصل… لو كل السدود اللي بيني، وبينك إنهارت، ووقعت…

ياريت الحيطة دي كانت إزاز، وكنت شوفتك…

ياريتها كانت إزاز، كنت كسرته بإيديا، وجيتلك…

ياريت لو كان في حتى شباك، أشوفك منه!!

ياريت لو حتى كان فيه أي فتحة أبص عليك منها…

ياريت شروق، وسلمى يناموا كام دقيقة، كنت أجيلك أبص عليك بصة واحدة بس، وأرجع…

آه من قربك، وآه من بعدك يا حبيبي…

أنا  بقيت قاعدة زي المجانين، قلبي كان بيدق جامد، وأنا بس بتخيل إن فعلا فريد ممكن يبقى موجود ورا الحيطة دي…

تمام طب إيه اللي هيحصل لو كان فعلا موجود في مكتبه، وطلع ده حقيقي؟؟

بقيت طايرة بخيالي للسما، ونسيت نفسي، ونسيت اللي حواليا…

سمر، وشروق كانوا قاعدين بيرغوا رغي بنات، وأنا قاعدة معاهم بس بعيدة عنهم…

عقلي، وقلبي نسيتهم على باب الأوضة دي…

بصيت على باب الأوضة اللي إحنا قاعدين فيها، وقعدت أتخيل نفسي، وأنا بقوم، وأخرج أروحله…

أو إن هو دلوقتي هييجي، ويفتح علينا الباب…

فعلا الباب إتفتح!!

أنا قلبي إتنفض، وإترعبت، وحبست أنفاسي جوا صدري، وعيني برقت، وأنا مستنية…

أكيد أنا بحلم… الباب بيتفتح ببطء جدا، دلوقتي يظهر منه فريد!!

آخيرا الخيال، والحلم اللي إتمنيته من شوية، هيتحقق؟ يا فريد هو إنت فعلا اللي على الباب؟!!

دخلت دلال… أنا كنت أول واحدة خدت بالي من دخلتها… ودخلت باصالي، وعينيها مركزة في عينيا، وكإنها جاية مخصوص عشان تشوفني.

-السلام عليكم…

لما إتكلمت شروق، وسمر خدوا بالهم، الاتنين كانوا عمالين يهزروا، ويضحكوا، ما يعرفوش المرار اللي أنا فيه…

اللي حصل بعد كده هتعرفوه…خلي سمر تقولكوا على اللي حصل…

______

كنا قاعدين بنتكلم، ونضحك، ونهزر أنا، وليلى، وشروق في بيت شروق…

ليلى كانت طول الوقت قاعدة ساكتة، ويادوب بتبتسم…

فجأة سمعنا صوت واحدة غريبة داخلة، وبتقولنا: سلام عليكوا…

بصيت ناحية الصوت، ولقيتها دلال مرات فريد…

أول حاجة نطت في بالي ليلى، وقبل ما أرد عليها السلام، بصيت لليلى…

ليلى كانت حاطة إيديها على قلبها، وكانت مش عايزة تيجي عشان ما تشوفهاش، وأنا أكدتلها إن مستحيل شروق تحاول تجمعكوا سوا في مكان، ياريتني سمعت كلامها…

المصيبة إنها موجودة قدامنا دلوقتي، وكل وعودي لصاحبتي راحت في الهوا…

دلوقتي أنا مركزة في وش ليلى اللي كان أصفر، والدم هرب منه، وكإنها شايفة ملك الموت قدامها، وكانت عينيها مفتوحة على آخرها…

دلوقتي بس حسيت بالرعب اللي كانت حاسة بيه، ومش عايزة تيجي هنا بسببه…

شروق قامت على حيلها وهي مستغربة، وبصت علينا إحنا التلاتة، وقالت لدلال: وعليكم السلام، أهلا يا دلال…

كان باين على شروق جدا إنها متفاجأة زينا، وما كانتش متوقعة إن دلال تيجي، وتدخلنا…

دلال بصت عليا، وأنا وقفت من باب الإحترام، وسلمت عليها…

طبعا كده الدور على ليلى عشان تسلم عليها!!

ليلى كانت قاعدة مكانها، وعاملة زي التمثال ما بتتحركش…

شروق حبت تعرفنا على بعض، عشان إحنا أول مرة نشوفها…

-دي صاحبتي، وزميلتي ليلى.

وبعد كده بصت لليلى، وبقلة صبر قالت: دي… دلال… مرات فريد أخويا…

دلال إبتسمت، ومدت إيدها لليلى عايزة تسلم عليها، وليلى ولا هي تعرف أي حاجة، ولا حاسة بحاجة…

غمزت لليلى، وخبطت جزمتها بجزمتي خبطة خفيفة عشان تفوق، وتتصرف عادي، عشان الموقف يعدي على خير، عايزاها تقوم تقول أي حاجة…

ما أعرفش هي خدت بالها، ولا لأ؟؟

بس لقيت ليلى بتنزل براسها في الأرض، وإيديها مثبتاهم على الكنبة، كانت عايزة تتسند على إيديها عشان تعرف تقف، رجليها ما كانتش شايلاها، وحبة حبة بدأت تقوم ببطء…

قبل ما تقع من طولها فجأة، ويغمي عليها…

الأحداث اللي حصلت بعد كده جت بسرعة، وما لحقتش أفتكر تفاصيلها كويس…

كانت ليلة عمري ما هنساها، كرهت فيها البيتزا، اللي ملهاش أي ذنب، وما بقتش بحبها…

كل البيتزا اللي ليلى كلتها على العشا خرج مع ترجيعها الشديد…

أنا فاكرة إن شروق جابت جهاز قياس الضغط، وقيسنالها الضغط لقيناه سبعين على خمسة وتلاتين…

كنت حاسة ساعتها إن ليلى بتموت، وكإنها إتسممت تسمم سديد، بس هي كانت صدمة عصبية، ونفسية مفاجأة…

كان نبضها مش طبيعي، وأنا صممت نروح بيها على المستشفى حالا…

ليلى كانت مش عايزة، وكانت بتقول روحوني على البيت، بس منظرها مكانش مريحني…

أصلا هي مكانتش قادرة ترفع راسها من فوق الكنبة…

عينيها اللي كانت مفتوحة من شوية، إتقفلت، وما بقتش قادرة تفتحها، وكانت بتقول: حاسة إن الدنيا بتلف حواليا…

كنت عايزة أقوم أكلم حد من أهلي، أو من أهلها بيجي يودينا المستشفى، ولقيت دلال بتقول: إيه رأيكم نقول لفريد يودينا المستشفى؟

ردت شروق: هو فريد هنا؟

-أيوة قاعد في المكتب.

كان صباعها بيشاور على الحيطة اللي ورانا…

في نفس اللحظة راحت جري عشان تقوله…

ياريتني كانت معايا عربية قدام الباب… ياريت…

مسكت التليفون عشان أتصل بأم ليلى، بس شروق ما رضيتش…

-ما لوش لازمة يا سمر، هنخوفها ليه على بنتها بس؟ ليلى شوية، وتبقى كويسة، دوخة بسيطة، وهتروح…

ياريتها كانت تبقى زي ما قالت شروق دوخة، وتعدي…

كان عمي أبو سامر والد ليلى متفق معانا إنه هيبجي عشان ياخدنا من عند شروق الساعة عشرة ونص…

بصيت في ساعتي لقيتها عشرة إلا تلت…

ليلى فتحت عينيها، ورفعت راسها بالراحة، وحطت إيديها على دماغها، وإتوجعت جامد…

-روحوني على البيت.

حسيت كإنها إتحسنت شوية، والدوخة بدأت تروح منها…

-ليلى إنتي كويسة يا حبيبتي؟ قوليلي حاسة بإيه؟

كنت هموت من القلق عليها، وعايزة أتطمن… هزتلي راسها، وبعد كده قالت: روحوني على البيت.

طلعت راسها على مسند الكنبة، وقفلت عينيها تاني…

شوية، ودلال جت تقولنا: يلا يا بنات العربية جاهزة…

إستنينا عليها دقيقتين تلاتة، لحد ما الدوخة تهدى شوية، وقدرنا نوقفها، وأنا، وشروق سندناها من الجنبين عشان ما تقعش مننا.

دلال سبقت هي على العربية، وإحنا مشينا ماسكين ليلى جامد، وماشين بالراحة، وكنت حاسة إنها هتقع مننا في أي لحظة…

ليلى ما كانتش طبيعية، وسمعتها بتقول وإحنا بنعدي في مدخل البيت، رايحين نركب العربية… شكلها كانت بتهلوس…

-ريحة الورد جميلة أوي، أنا لازم أهد الحيطة!!!

فعلا كانت ريحة الورد مالية المكان، بس يا ليلى هو ده وقته!!!

أما كلمة ههد الحيطة دي أنا مفهمتهاش، وملقتلهاش أي تفسير!!

روحنا عند العربية، وكانت دلال قاعدة قدام، وفريد مش في العربية!!

قعدنا ورا، كنت أنا على يمين ليلى، وشروق على الشمال، وليلى في وسطينا…

ثواني، وجه فريد، ركب العربية، وساقها بينا، وصلنا المستشفى بعد كام دقيقة…

كنت قاعدة طول الوقت جنب ليلى، وهي كانت حاطة راسها على كتفي، وإيدي في إيدها، وعمالة كل شوية أسألها: حاسة بإيه؟

وكانت تجاوبني بضغطة خفيفة على إيدي إنها بخير.

وقف فريد العربية على باب الإستقبال، ونزل يجيب كرسي بعجل عشان ننقل عليه ليلى…

ليلى فتحت عينيها، وبصت حواليها، وقالت: روحوني على البيت أنا مش هدخل المستشفى، أنا كويسة…

-بس يا ليلى…

قاطعتني ليلى، وأنا بتكلم…

-سمر كفاية لو سمحتي، عايزة أروح على البيت…

في ثواني رجع فريد، ومعاه كرسي بعجل…

وصل عند العربية، لما شروق شافته قالت: خلاص يا فريد هنوصلها للبيت.

___________

رجعنا على طريق بيت ليلى…

فريد أخويا بطء سرعة العربية، وبدأ يمشي بالسرعة الطبيعية، وكانت عينينا أنا، وسمر على ليلى، ومش باصين على الطريق…

ما خدتش بالي غير لما أخويا سألني، وكنا على مفترق الطريق…

-همشي إزاي؟

رفعت عيني عن ليلى، وبصيت على الطريق، وبصيت لأخويا في المراية، وقلتله: يمين… عند بيت أبو سامر…

فضلت أنا، وأخويا باصين لبعض في المراية، ولقيته فجأة إرتبك، وعيونه برقت، وفضل باصصلي، وعينيه بتسألني: (هي دي ليلى)؟؟

هزيتله راسي هزة بطيئة عشتن يفهم إن (أيوة هي ليلى).

في الوقت ده بس فريد عرف إن اللي تعبانة في العربية معاه هي ليلى!!

وصلنا قرب بيت أبو سامر، وكانت إيد ليلى في إيد سمر…

معرفش هي حست بإيه؟ فجأة سمر ندهت بصوت عالي مخضوض…

-ليلى… ليلى… إنتي سمعاني… ردي عليا يا ليلى…؟

كلنا إتخضينا، وأخويا فريد وقف العربية، وكانت قريبة من باب بيتها…

وبقينا أنا، وسمر نهز في ليلى عشان تفوق، وترد علينا، لكن هي كانت عاملة زي حتة القماش، ما بتتحركش.

صرخت لفريد، وقلت: أرجع بينا على المستشفى بسرعة…

بسرعة، وفى لمح البصر، فريد كان طاير بالعربية، متهيألي ما خدناش أكتر من دقيقتين، وكنا على باب المستشفى…

وصلنا على باب الإستقبال، وفريد أخويا فتح الباب اللي جنبي…

-إنزلي يا شروق.

المرة دي فريد ما راحش يجيب كرسي بعجل، وأنا مكنتش فاهمة حاجة، بصيتله، وكنت مستغربة، ورجع زعق في وشي…

-بسرعة أخرجي يا شروق!!

نزلت من العربية، وفريد مد إيديه، وشال ليلى بين دراعاته، وطار بيها جوا المستشفى…

بقينا كلنا بنجري وراه، وهو طاير بيها لحد ما حطها على سرير، وجم بسرعة الدكاترة، والممرضات، والجو إرتبك في لحظة…

_________

من شوية دوخة، وهتفوق، لنزيف داخل الدماغ، والحالة خطر…

ده كان التشخيص اللي قالوه الدكاترة بعد ما عملولها الإشعات، والتحاليل…

حبيبتي، وصاحبة عمري،  وأقرب إنسانة لقلبي، جالها نزيف دماغي!!

بعد ما إنفجر شريان ضعيف في راسها، بسبب إضطراب مفاجئ في الضغط…

فضلت ليلى ساعات طويلة غايبة عن الوعي، ومش حاسة بحد من اللي حواليها…

أنا فاكرة إنها فتحت عينيها ثانية واحدة، قبل ما ياخدوها يعملولها آشعة، ومتهيألي إن أنا سمعتها تاني بتهلوس…

-(ههد الحيطة)!!

كانت تقصد إيه؟ أنا مش عارفة!!

رددت الجملة دي مرتين تلاتة، ورجعت في الغيبوبة تاني، وما فاقتش غير تاني يوم…

لحد دلوقتي، عدى تلات أسابيع على المصيبة دي، وليلى لسة ما خفتش قوي، وعشان النزيف كان بسيط ما إحتاجتش تدخل عملية الحمد لله قدر، ولطف…

بس قعدت في المستشفى كام يوم تحت الملاحظة، وحالتها إستقرت جدا…

الدكاترة قالوا إن الشريان اللي إنفجر كانت أنسجته ضعيفة، وده طبعا  حال باقي شرايين الدماغ، والمشكلة لسة موجودة…

يعني ليلى ممكن يجيلها نزيف تاني في دماغها في أي وقت.

أنا من ساعتها ما خليتش كتاب بيتكلم عن النزيف الدماغي إلا، وجبته، وقريته…

لحد ما كان متهيألي إن أنا هبقى دكتورة مخ، وأعصاب في المستقبل!!

اللي حصل فجأة لليلى خلاني كرهت حاجات كتير أوي…

كرهت نفسي عشان أنا ضغطت على ليلى جامد في اليوم ده، عشان تروح معايا لشروق…

كرهت أهلي، عشان لحد دلوقتي مش مقتنعين إنهم يجيبولي عربية تنفعني في الأزمات…

كرهت البيتزا، وما بقتش طيقاها…

كرهت فريد كره العمى، عشان بسببه كنت هفقد صاحبة عمري…

أيوة فريد هو السبب في اللي حصل لليلى، وهحمله مسئولية أي حاجة هتحصل لليلى بعد كده…

ليلى ماكانتش فاكرة حاجة خالص، من بعد ما شافت دلال، لحد لحظة ما فاقت من الغيبوبة تاني يوم…

______

مع إن أنا كنت جافة معاه، وبعامله وحش، إلا إن حسام طول الأسابيع اللي فاتت كان بيعاملني بلطف، وحنية…وبصراحة كان بيعاملني بحب كبير…

بصتي ليه إتغيرت، وبقيت بتعامل معاه كويس، وغيرت طريقة كلامي معاه…لكن ما حبتهوش…

ده اللي خلاني، وأنا في حالتي الصحية دي، وبعد ما فكرت كتير، وأنا في فترة صعبة من حياتي… أسيب حسام…

حسام يستحق يكون مع واحدة أحسن مني، واحدة مستعدة لحبه الكبير، وتكون هي كمان بتحبه أوي…

القرار ده ما حدش عرف بيه، بس أنا ما ليش غير سمر، لما تيجي هقولها على اللي جوايا…

هي جاية بعد شوية، هي كلمتني في التليفون، وإتفقت معايا إنها هتيجي تقعد معايا شوية، وهقولها أنا بفكر في إيه…؟

جت سمر في معادها، ودخلتلي الأوضة، وإبتسامتها على وشها، وشها المدور اللي بيشع فرحة، وجمال حتى في أشد الأوقات…

سلمت عليا، وحضنتني جامد حبيبتي، وقعدت جنبي…

-عاملة إيه النهاردة يا ليلى ؟

-الحمد لله أحسن من الأول…

-سمر أنا في حاجة عايزة آخد رأيك فيها…

-خير يا ليلى؟ أنا تحت أمرك يا حبيبتي!!

ابتسمت لسمر، وبعد كده حاولت أتكلم بجد… ومن غير لف، ودوران…

-أنا هفسخ خطوبتي من حسام…

 سمر بصتلي زي ما تكون إفتكرتني بهزر، وكانت لسه مبتسمة، ومبسوطة، وإتكلمت بعد شوية…

-بلاش رخامة يا ليلى، ما تهزريش، إلعبي غيرها!!

قعدت كتير أحاول أقوللها على السبب

اللي مخليني عايزة أسيبه…

-يا سمر الراجل ده ما يستاهلنيش، يستاهل واحدة أحسن مني، حرام أظلمه، هو كده مظلوم معايا، أنا ماشفتش منه غير كل خير، وده اللي مخليني متقطعة من جوايا، أنا ما بحبوش، والله ما بحبه…

-ليلى حرام عليكي، إنتي كده واحدة معندكيش إحساس، ولا رحمة…

سمر كانت قاسية عليا في الكلام أوي، وقعدت تبهدل فيا، وتضغط عليا كتير، لحد ما صوتت في وشها…

-إنتي ليه مش قادرة تفهميني يا سمر؟ يبقى حرام عليا لما أظلم الراجل معايا، يا سمر أنا ما بحبوش، ولا في حياتي هحبه، والحب مش بالعافية…

-أيوة طبعا إنتي أكيد مش هتحبيه، طول ما فيرو لسه عايش… ربنا ياخده… إجعلها ساعة إجابة يارب، ونخلص منه، اللهم آمين!!

ما دريتش بنفسي إلا إيدي نزلت على خد سمر بقلم جامد، لما دعت على فريد قدام عيني…

سمر ثبتت في مكانها، مذهولة من اللي أنا عملته، وأنا نفسي مبقتش عارفة أنا عملت كده إزاي؟

سمر قامت تجري على المكتب بتاعي، وفتحت درج من أدراج المكتب…هي عارفة الدرج ده أنا مخبية فيه كل ذكرياتي مع فريد…

شدت الدرج جامد، ومدت إيديها، وخرجت أوراق كتيرة، ورمتها ناحيتي بعصبية، وكانت بتصوت…

-عشان البني أدم ده عايزة تدمري حياتك؟ عشان ده عندك إستعداد تضحي بخطيبك؟ عشان ده تضربيني بالقلم يا ليلى؟

كل ده عشان فريد الزفت ده، إنتي إستفدتي منه بإيه، شوفي اللي إنتي فيه من وراه…خدي…

كانت عمالة تخرج في الحاجة، وترميها جنبي حاجة ورا حاجة…

-خدي… أدي فريد… خدي كمان… واللي جالك من ورا فريد… خدي كمان لحد ماتموتي بسببه، وتشبعي موت…

أنا قعدت ساكتة، وبتفرج عليها، وما فتحتش بوقي…

سمر فضلت ترمي الرسايل، والمذكرات، والكتب، والسبحة…

من وسط كل الحاجات دي مديت إيدي، وخدت السبحة…

سمر فضلت تبصلي، وأنا باخد السبحة، كإني ماسكة روحي عشان ما تخرجش من جسمي!!

غصب عني دموعي ملت عينيا، وأنا بشوف ذكرياتي مع فريد متبعترة، ومرمية حواليا.

سمر اللي قعدت تصوت في وشي بعصبية، ونرفزة، ما شفتهاش قبل كده…

لما سمر شافت دموعي نازلة، وأنا ببصلها كإني بقولها، لا لأ ما تقتليش فريد أرجوكي!!!

سمر حست إن قلبها إرتاح لما عملت كده، وهديت، وجت قعدت جنبي، ومدت إيديها عايزة تاخد السبحة من إيدي بالعافية، وأنا مسكتها بكل قوتي، وضغطت عليها جامد…هي تشد من ناحية… وأنا أشد من ناحية!!

-لا يا سمر لأ لأ لأ…

إتقطعت السبحة بين إيدينا، وإتبعترت حباتها على الأرض كلها…

فضلت عينيا تجري ورا الفصوص، كل حباية وقفت في مكان، وأنا اللي فضل في إيدي كانت السلسلة مقطوعة، وبتتمرجح في إيدي…

-خلااااص فريد إنتهى…

 

لتكملة القصة اضغط الزر في الاسفل



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى