اخبار

الأزهر الشريف يعلن فتح باب التقدم لمسابقة حفظ القرآن الكريم للعام الدراسي الجديد

أعلن الأزهر الشريف رسميًا عن فتح باب التقدم لمسابقة حفظ القرآن الكريم للعام الدراسي 2025 / 2026، والتي تُعد واحدة من أعرق المسابقات الدينية في العالم الإسلامي، وتشهد سنويًا إقبالًا واسعًا من الطلاب والطالبات في مختلف المحافظات. وأوضح الأزهر أن باب التقديم مفتوح الآن إلكترونيًا عبر البوابة الرسمية للأزهر الشريف، في خطوة تهدف إلى تسهيل الإجراءات وضمان تكافؤ الفرص بين المتقدمين في كل أنحاء الجمهورية. وتأتي هذه المسابقة في إطار حرص المؤسسة الأزهرية على ترسيخ قيم القرآن الكريم في نفوس النشء، وتخريج أجيال تحمل كتاب الله فهمًا وتدبرًا وتطبيقًا. وقد خُصصت ميزانية قدرها 27 مليون جنيه لدعم هذه المسابقة وتطوير نظام التحكيم والمكافآت.

التحول الرقمي في إدارة المسابقة: تقديم إلكتروني وخدمات ذكية

في ظل التحول الرقمي الذي يشهده الأزهر الشريف، أعلن مركز المعلومات بالأزهر عن إطلاق منصة إلكترونية مخصصة لتلقي طلبات المشاركة في المسابقة، بحيث يمكن للطلاب التسجيل ورفع بياناتهم إلكترونيًا دون الحاجة للحضور الميداني. ويأتي هذا التوجه في إطار استراتيجية الأزهر للتحول إلى منظومة رقمية متكاملة في الخدمات التعليمية والدينية، حيث تسمح المنصة للمشاركين بمتابعة حالة طلبهم، والتعرف على مواعيد الاختبارات، والاطلاع على النتائج النهائية فور إعلانها. كما تتيح المنصة التواصل مع لجان التحكيم والدعم الفني في حال وجود استفسارات. ويُعد هذا التطوير نقلة نوعية في طريقة إدارة المسابقات الدينية بالأزهر، ما يجعل التجربة أكثر شفافية وتنظيمًا.

27 مليون جنيه دعمًا للمسابقة.. استثمار في حفظة القرآن

أكدت مشيخة الأزهر أن تخصيص مبلغ 27 مليون جنيه لمسابقة القرآن الكريم هذا العام يعكس مدى اهتمام المؤسسة بحفظة كتاب الله، ورغبتها في تكريم المتميزين وتحفيزهم على مزيد من الإتقان. وتشمل الميزانية المعلنة مكافآت الفائزين في جميع المستويات، وتكاليف لجان التحكيم والتقييم، إلى جانب تطوير المنصة الرقمية والمحتوى التدريبي المخصص للمشاركين. وتأتي هذه الخطوة تأكيدًا على رسالة الأزهر المستمرة في رعاية حفظة القرآن ودعم المواهب الدينية في مختلف المراحل العمرية. كما تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال منح فرص متساوية لجميع الطلاب، سواء من المعاهد الأزهرية أو من خارجها، للمشاركة والتنافس الشريف في ميدان حفظ القرآن.

أربعة مستويات للمسابقة.. أقلها حفظ 10 أجزاء

أوضح الأزهر الشريف أن المسابقة تنقسم إلى أربعة مستويات رئيسية، تبدأ بالمستوى الأول وهو حفظ القرآن الكريم كاملًا مع إتقان أحكام التلاوة والتجويد، والمستوى الثاني حفظ ثلاثة أرباع القرآن، والمستوى الثالث حفظ نصف القرآن، بينما يمثل المستوى الرابع حفظ عشرة أجزاء على الأقل. وتتيح هذه المستويات مشاركة أوسع لجميع الفئات العمرية، بدءًا من الأطفال الصغار وحتى الشباب وطلبة المعاهد. كما تُراعي اللائحة أن تكون الأسئلة متنوعة وتشمل الجوانب الحفظية والتدبرية واللغوية، ليكون التقييم شاملًا للمهارات القرآنية. وتُخصص جوائز مالية متميزة للفائزين في كل مستوى، مع شهادات تقدير رسمية من مشيخة الأزهر.

معايير التحكيم الدقيقة تضمن النزاهة والمصداقية

تخضع المسابقة لنظام تحكيم دقيق يعتمد على لجان متخصصة من كبار علماء القراءات والتجويد بالأزهر الشريف، ممن يمتلكون خبرات واسعة في التقييم القرآني. وتقوم لجان التحكيم بوضع معايير محددة تراعي الدقة في الحفظ، وصحة مخارج الحروف، والتدبر في التلاوة، إلى جانب الالتزام بقواعد الوقف والابتداء. كما يتم تسجيل جميع جلسات التقييم لضمان الشفافية، ويمكن للمشاركين مراجعة نتائجهم إلكترونيًا بعد إعلانها. وتؤكد مشيخة الأزهر أن الهدف ليس مجرد المسابقة، بل بناء جيل يتعامل مع القرآن باعتباره منهج حياة، يفهم معانيه ويعمل بها في السلوك والممارسة اليومية.

المسابقة في سياقها التاريخي.. أكثر من نصف قرن من العطاء

تُعد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم من أقدم المسابقات الدينية في العالم الإسلامي، إذ يعود إطلاقها إلى أكثر من خمسين عامًا. ومرت المسابقة بمراحل من التطوير المستمر، سواء في آليات التقديم أو أساليب التقييم أو نطاق المشاركين. وقد شارك فيها عبر العقود مئات الآلاف من الطلاب، بعضهم أصبح لاحقًا من العلماء والدعاة البارزين. ويحرص الأزهر كل عام على تجديد اللائحة لتواكب المتغيرات التكنولوجية والتعليمية، حتى تبقى المسابقة نموذجًا للاجتهاد والانضباط والتميز الديني. إنها ليست مجرد منافسة لحفظ الآيات، بل مدرسة لغرس القيم الأخلاقية والوطنية في نفوس الشباب.

التحفيز على المشاركة المجتمعية ورعاية الموهوبين

تعمل المؤسسة الأزهرية على توسيع نطاق المسابقة هذا العام بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية والمجتمعية، لتشجيع الأسر على دعم أبنائها في حفظ القرآن، وإشراك مؤسسات المجتمع المدني في رعاية الموهوبين. وسيتم تخصيص جوائز إضافية للمؤسسات التعليمية التي تشهد أكبر نسبة مشاركة، مع تكريم خاص للمدرسين والمشرفين الذين أسهموا في إعداد حفظة القرآن. ويأتي ذلك ضمن رؤية الأزهر لترسيخ مفهوم “المجتمع القارئ للقرآن”، الذي يُعلي من القيم الروحية، ويُسهم في محاربة التطرف من خلال فهم النصوص في سياقها الصحيح. كما تُفتح المسابقة أمام المتفوقين من ذوي الإعاقة البصرية، في تأكيد لمبدأ المساواة والتكافؤ في الفرص.

أهمية المسابقة في تعزيز الهوية الإسلامية المعتدلة

من خلال هذه المسابقة، يسعى الأزهر إلى نشر الفكر الوسطي المعتدل الذي يدعو إليه منذ قرون، ويُبرز صورة الإسلام الصحيح القائم على التسامح والرحمة. فحفظ القرآن لا يقتصر على التلاوة الصوتية، بل يمتد إلى الفهم العميق لمعانيه وأحكامه. ولذا فإن الأزهر يجعل من هذه المسابقة مناسبة تربوية متكاملة تغرس في المتسابقين روح الانتماء والاعتزاز بالدين والوطن، وتُسهم في بناء شخصية متوازنة فكريًا وسلوكيًا. كما تمثل المسابقة رسالة إلى العالم بأن مصر، من خلال مؤسستها الأزهرية، ما زالت الحاضنة الأولى لحَمَلة القرآن والداعية إلى قيم الاعتدال والسلام.

التقنيات الحديثة في التنظيم والمتابعة

أضاف الأزهر الشريف هذا العام أنظمة رقمية متطورة لمتابعة مراحل المسابقة منذ التسجيل وحتى إعلان النتائج. وتشمل هذه الأنظمة أدوات تحليل البيانات لاكتشاف أفضل الأساليب التعليمية في حفظ القرآن، وتحديد المناطق الأكثر مشاركة لدعمها ببرامج تحفيظ إضافية. كما تم اعتماد التوقيع الإلكتروني في جميع مراحل الإجراءات الإدارية، لضمان الكفاءة والسرعة في الرد على استفسارات المتقدمين. وتُعد هذه التجربة الرقمية نموذجًا يُحتذى به في المؤسسات الدينية الأخرى، إذ تجمع بين الحفاظ على القيم التراثية والأدوات التكنولوجية الحديثة، بما يواكب التطور العالمي في إدارة الفعاليات التعليمية والدعوية.

ختامًا.. الأزهر يواصل رسالته العالمية في خدمة كتاب الله

تُجسّد مسابقة الأزهر الشريف في حفظ القرآن الكريم للعام الدراسي 2025 / 2026 امتدادًا طبيعيًا لرسالة الأزهر التاريخية في خدمة كتاب الله وحَمَلَته. ومن خلال الدعم المالي الكبير، والتنظيم الإلكتروني، والمعايير الدقيقة، يثبت الأزهر مرة أخرى أنه المؤسسة القادرة على الجمع بين الأصالة والتجديد. ومع فتح باب التقديم رسميًا، تبدأ رحلة جديدة لعشرات الآلاف من الطلاب في أرجاء مصر وخارجها، نحو حفظ القرآن وتدبره. إنها ليست مجرد مسابقة، بل محطة تربوية وروحية تعيد التأكيد على أن الأمة التي تُعلي من شأن القرآن ستظل دائمًا في مقدمة الأمم علمًا وخلقًا وإيمانًا.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى