
أنا كنت في الشغل وسط الزحمة المعتادة، ما بين طفل عايز واجبه يتراجع، وعميل بيزنّ على تسليم، وساعتها زميلة ليا بعتتلي لينك وقالتلي: “جربي ده، هيساعدك تكتبي أي حاجة أسرع”. دخلت على الموقع، ولقيتني قدام شباك كده بكتب فيه سؤال، واللي قدامي بيرد عليا كأنه بني آدم… بيرد بجمل كاملة، بلغة مفهومة، وبطريقة مهذبة ومركزة، وكأن فيه عقل تاني بيشتغل معايا. ساعتها حسيت بدهشة، مش علشان هو بيجاوب، لكن علشان بيجاوب من غير ما يدّعي، ومن غير ما يتهرّب. وده في وسط وقت كلنا بندوّر فيه على مصدر يساعدنا ننجز، شيء شبه سحري.

فهمت بعدين إن ده مش شخص بيرد عليا… ده نموذج ذكي بيفهم
بعد شوية قراية، اكتشفت إن ChatGPT مش بني آدم، ده نموذج ذكاء اصطناعي معمول من شركة OpenAI، اتدرّب على كمية مهولة من النصوص والمقالات والكتب والمحادثات، فبقى عنده قدرة إنه يركّب جمل، ويرد على أي موضوع تقريبًا، وكأنه حد قاعد معاك وفاهمك. بس اللي ميزه فعلًا عن غيره إن الردود مش مجرد كلام محفوظ… لأ، فيها تركيز، فيها أسلوب، وكأن فيه شخصية بتتشكّل قدامك على حسب الطريقة اللي بتسألي بيها. في الأول خفت منه، حسيت إنه هيخلي شغل كتير يتلغي، بس بعدين فهمت إنه مش بديل، لكنه مساعد.
جربت أكتب بيه مقال، لقيته أداة مش حل نهائي
أنا كاتبة محتوى، وشغلي كله قايم على الكتابة. فجربت أكتب مقال كامل باستخدام ChatGPT، وفعلاً كتب، وبسرعة. بس لما قريته لقيته ناقص “روح”. الكلام مترتب، والحقايق صح، لكن مفيش إحساس، مفيش لمسة شخصية. وده خلاني أفهم إن الذكاء الصناعي مهما كان عبقري، مش بيعرف يحس، ومش بيعرف يفتكر مواقف حقيقية أو يتكلم من قلبه. فبقيت أستخدمه كمسودة أولى، يديني هيكل، فكرة، بداية. وأنا أضيف عليه اللمسة اللي تخليه حقيقي. وده يمكن أحسن استخدام ليه… يبقى “زميل شاطر”، مش “كاتب بديل”.
في أوقات الضغط بيكون المنقذ اللي بيرتبلي دماغي
ساعات بيكون عندي مقال لازم يخلص في ساعتين، وأنا مش عارفة أبدأ منين. أو حد طلب مني وصف منتج معرفوش، أو ترجمة حاجة بسرعة. هنا بلاقي نفسي بفتح ChatGPT وأسأله: “ساعدني أبدأ بمقدمة عن كذا”، أو “اديني وصف بسيط لكذا”، وهو يجاوب بسرعة، ويديني كذا احتمال. حتى لو مش هاخد منه اللي كتبه زي ما هو، لكنه بيفتح دماغي، ويخليني أعرف أنهي طريق أمشي فيه. يعني هو مش بيشتغل بدالي، لكنه بيساعدني أشتغل أسرع، خصوصًا وقت الطوارئ.

أوقات كنت ببقى محتاجة أسأله حاجات محرجة… من غير ما أحس بخجل
في حاجات مش بنتكسف نسأل عنها قدام الناس، أو مش بنبقى عايزين حد يعرف إننا مش فاهمينها. زي مثلًا قواعد في النحو، أو معلومات تقنية، أو حتى أسئلة عامة عن الدين أو العلم. ساعتها كنت بلاقي في ChatGPT حل مثالي… أسأله من غير ما أستحي، وهو يجاوب من غير ما يحكّم عليا، ومن غير نبرة تنمّر أو استعلاء. بتحسي إنك في مساحة آمنة للسؤال، وده في حد ذاته قيمة كبيرة لأي أم أو كاتبة أو طالبة بتتعلّم.
قدرته على الترجمة وتبسيط المفاهيم فرقت معايا كتير
أنا بشتغل على محتوى عربي وإنجليزي، وساعات بيبقى قدامي نص بالإنجليزي مش سهل، مش ترجمة حرفية بس، لأ فيه مصطلحات محتاجة شرح. كنت بأستخدمه أوقات كوسيلة لفهم المعنى، يشرحلي الجملة بلغة بسيطة، أو يقدّملها لي بشكل مبسط. وساعات كنت أطلب منه يكتبلي نفس الفكرة بأسلوب عامي، أو رسمي، أو بسيط… وده فادني كتير، خصوصًا لما بشتغل على جمهور مختلف في نفس الوقت.

مشكلته الأساسية إنه أوقات “بيقلف” الإجابة
رغم كل مزاياه، في أوقات بيجاوب على حاجة وهو مش متأكد منها، وبيقول المعلومة بثقة، لكن لما تراجعيها تطلعي إنها غلط. زي مثلًا مرة سألته عن تطبيق معين، فاخترع مميزات مش موجودة، أو ألف اسم مطور مش حقيقي. وده خلاني أفهم إنه لازم دايمًا أراجع اللي بيقوله، وأتأكد من أي حاجة حسيتها مش منطقية. هو ذكي، لكن مش معصوم من الخطأ. وزي ما بنقول: “اللي يقولك معرفش، أصدق منه اللي يقولك أي كلام بثقة”.
استخدامه بيعلمك تفكر بشكل أوضح
أنا لاحظت إني لما بسأل ChatGPT، لازم أكون دقيقة، أو على الأقل واضحة. كل ما كنتي محددة في سؤالك، كل ما كانت الإجابة أدق. وده في حد ذاته تدريب للعقل. بقيت أعرف أكتب السؤال بشكل أرتّب فيه أفكاري، وأتعلم أشرح اللي عايزاه بشكل منظم. وده من غير ما أقصد، طوّر من طريقة كتابتي وأسلوبي في الطلب. يعني مش هو بس اللي بيساعدني، ده أنا كمان بتعلّم وأنا بتعامل معاه.
مش تطبيق للناس الكسالى، لكنه أداة للي عايزين يطوّروا نفسهم
الناس اللي فاكرة إن ChatGPT هيشتغل بدلهم تمامًا، هيخيب ظنهم. هو مش بيحل كل حاجة، ومش هيكتب بالنيابة عنك بإبداع، ولا هيتكلم بلسانك. لكنه أداة، اللي يعرف يستخدمها صح، هيطوّر نفسه، وهيشتغل أسرع، وهيفهم أكتر. يعني هو عامل زي آلة حادة… ممكن تقطع بيها، وممكن تتعور بيها، على حسب إيدك. وأنا اخترت أستخدمه بحذر، واستفادة، ومن غير ما أعتمد عليه بشكل كامل.
في الآخر… هو مش معجزة، لكنه بداية لتطور جديد في الكتابة والشغل
أنا مش بخاف منه، بالعكس، شايفة إنه فرصة للي عايزين يشتغلوا بذكاء. مش لازم أكون ضده، لكن لازم أكون واعية وأنا بستخدمه. لأنه أداة قوية، واللي في إيده حاجة قوية لازم يعرف يستخدمها صح.
ويمكن أجمل حاجة فيه إنه بيعلّمني كل يوم إني أطور نفسي، وأسأل، وأراجع، وأتأمل… ودي حاجات مش أي تطبيق بيديهالك.
 
				





