منوعات

اعرف الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الـ19

في الدورة التاسعة عشرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب، فاز في فرع الآداب كاتبٌ عربي قدير استطاع أن يُعيد تشكيل الذاكرة السردية من منظور جديد، عبر رواية عابرة للحدود الجغرافية والسياسية، ولكنها غارقة في التفاصيل الإنسانية.

تميزت الرواية الفائزة بعمقها النفسي واللغوي، إذ لم تكن مجرد استعادة للتاريخ، بل كانت محاولة لفهمه، بل ومساءلته، من خلال شخصيات تحمل ملامحنا جميعًا، وتمضي في رحلة البحث عن الذات والمعنى والهوية.

لم يكن الفوز مفاجئًا، فالعمل الأدبي استحوذ على اهتمام النقاد والقراء على حد سواء، واعتُبر خطوة مهمة في تجديد الخطاب السردي العربي، وتأكيدًا على أن الرواية ليست مجرد تسلية بل أداة للفهم والتغيير.

الكاتب، المعروف بجرأته في الطرح وجمال لغته، خاض في مناطق شائكة، منها العلاقة بين الأفراد والسلطة، والصراع الداخلي في المجتمعات، دون أن يغفل البُعد الإنساني والوجداني، مما أعطى الرواية نَفَسًا عالميًا.

أشاد العديد من أعضاء لجنة التحكيم بقدرة العمل على التعبير عن لحظة عربية معاصرة، مضطربة ومتداخلة، ولكنها مشبعة بالأمل، وهو ما ينسجم مع توجهات الجائزة نحو مكافأة الأدب الذي يعكس نبض المجتمع.

يُتوقع أن يُترجم هذا العمل قريبًا إلى عدة لغات، ما يفتح أمام الرواية العربية أبوابًا جديدة نحو الانتشار العالمي، ويُعيد طرح سؤال: لماذا لا يزال الأدب العربي حاضرًا بقوة، رغم كل التحديات؟

فوز هذه الرواية يفتح الباب أمام أعمال أخرى تحمل سمات مشابهة: التعدد في الرؤية، الحس النقدي، والانفتاح على الأسئلة الكبرى، لا على الأجوبة الجاهزة.

من المثير أيضًا أن الرواية تتضمن إشارات ثقافية متشابكة، بين الفلسفة والتاريخ والأنثروبولوجيا، ما يمنح القارئ تجربة فكرية متكاملة، وليست فقط لحظة جمالية عابرة.

الكاتب، في تصريح له عقب الإعلان عن الجائزة، قال إن هذا التتويج يمثل له مسؤولية أكبر نحو اللغة والإنسان، وهو ما يعكس وعيه العميق بدور الكاتب كمثقف عضوي لا مجرد راوي.

إن جائزة الآداب لهذا العام أعادت التأكيد على أن الكتابة الجيدة لا تموت، وأن الفن الصادق يجد طريقه دومًا إلى القارئ مهما طال الزمن.

الفائز في فرع الثقافة العربية في اللغات الأخرى: جسر بين العوالم

كان من أبرز مفاجآت الدورة الـ19 لجائزة الشيخ زايد للكتاب فوز باحث أوروبي مرموق في فرع الثقافة العربية في اللغات الأخرى، عن دراسة متعمقة تتناول تأثير الفكر العربي في تكوين الفلسفة الغربية الحديثة.

الكتاب الفائز تمكّن من تقديم عرض تاريخي وفلسفي دقيق، يكشف عن الحلقات المفقودة في الرواية الغربية عن الفلسفة، مؤكداً أن الإرث العربي لم يكن مجرد ناقل، بل مُنتِج أصيل للأفكار.

استخدم المؤلف منهجًا مقارنًا عالي الجودة، إذ لم يقع في فخ “الاستشراق التقليدي”، بل انطلق من موقع شراكة معرفية، تسعى لفهم الآخر دون اختزاله أو التحدث باسمه، وهو ما نال احترام لجنة التحكيم.

العمل جاء في توقيت بالغ الأهمية، حيث يتصاعد في الغرب خطاب الاختزال الثقافي، فجاء هذا الكتاب ليُعيد الاعتبار للعمق الحضاري المشترك، ويُبرز كيف أن الحضارة لا تُبنى إلا بتفاعل الثقافات لا بصدامها.

كما أنه يقدم أدوات معرفية جديدة للباحثين العرب أنفسهم، إذ يُعيد قراءة التراث بعيون غير تقليدية، ويُحفّز على إعادة تقييم الدور العربي في مسارات الفكر الإنساني الكبرى.

أشاد القراء بثراء المراجع المستخدمة، والدقة في تحليل النصوص القديمة، والمقارنة بينها، في مزيج نادر من التخصص والوعي الثقافي الواسع، ما جعل الكتاب مرجعًا لا غنى عنه.

المؤلف أشار في كلمته خلال الحفل إلى أهمية الاعتراف بالتأثير المتبادل بين الثقافات، وأن هذا الفوز ليس تتويجًا شخصيًا فحسب، بل تأكيد على أن الانفتاح هو السبيل لمستقبل مشترك.

من المتوقع أن يُدرج هذا العمل في برامج جامعية عدة، خاصة تلك المعنية بالفكر المقارن، والفلسفة بين الثقافات، وهو ما يعزز الحضور العربي في النقاشات الأكاديمية العالمية.

الجائزة في هذا الفرع تعكس التزام الشيخ زايد للكتاب بتكريم الأصوات التي تعمل على بناء الجسور، لا الجدران، بين العرب والعالم، من خلال عمق البحث وجمال الطرح.

إن هذا التتويج يرسل رسالة واضحة: الثقافة العربية ليست حكرًا على أبنائها، بل دعوة مفتوحة لكل من يُحسن فهمها، ويعيد تقديمها للعالم بإخلاص وعمق.

فئة أدب الطفل والناشئة: فوز يُعيد صياغة الحكاية العربية

أحد أكثر الفروع إثارة للاهتمام في جائزة الشيخ زايد للكتاب هو فرع “أدب الطفل والناشئة”، والذي شهد هذا العام تتويج كاتبة عربية متميزة استطاعت أن تمزج بين التراث والتكنولوجيا، في عمل أدبي فريد.

الكتاب الفائز عبارة عن قصة خيالية معاصرة تُخاطب الأطفال بلغة مرحة، ولكنها تحمل في طياتها قيمًا كبرى تتعلق بالهوية، والاختلاف، وحرية التعبير، وهو ما جعله يحظى بترحيب واسع من القراء الصغار والكبار.

اعتمدت الكاتبة أسلوبًا بصريًا مدهشًا، حيث ترافقت القصة مع رسوم توضيحية رقمية تفاعلية، تمنح الطفل مساحة للمشاركة، والتفكير، لا مجرد التلقي، وهو ما يُعد نقلة نوعية في مجال أدب الطفل العربي.

أشادت لجنة التحكيم بحرفية السرد، وقدرة الكاتبة على خلق عالم موازٍ يعبّر عن واقعنا، ولكن بلغة طفولية ساحرة، تمنح القارئ فرصة للحلم والتأمل في آن واحد.

القصة تحمل في بنيتها عناصر متعددة من الفلكلور العربي، ولكنها تُقدّم بشكل عصري، ما يجعلها أداة تعليمية ثقافية تساعد في ترسيخ الهوية دون أن تكون وعظية أو تقليدية.

الكتاب أثار نقاشًا واسعًا حول مستقبل أدب الطفل في العالم العربي، وضرورة التجديد في الشكل والمحتوى، لمواكبة تطلعات الجيل الجديد، والذي يعيش في عالم رقمي بالكامل.

الكاتبة أعربت عن سعادتها البالغة بالجائزة، مشيرة إلى أن العمل كان بمثابة “رسالة حب” لكل طفل عربي يبحث عن مكانه في هذا العالم، وعن قصة تُشبهه وتشبه أحلامه.

تم التنويه أيضًا إلى أن فوز هذا العمل سيحفز دور النشر على الاستثمار أكثر في أدب الطفل، ليس فقط كقطاع تجاري، بل كمجال تنموي ثقافي لا غنى عنه في بناء المستقبل.

ومن اللافت أن الجائزة قد تُمهّد الطريق لترجمة هذا العمل إلى لغات أجنبية، ليُقدّم صورة معاصرة ومتفائلة عن الثقافة العربية للأطفال حول العالم.

يُعزز هذا التتويج مكانة جائزة الشيخ زايد للكتاب كمنصة تدعم الأدب الموجّه للطفل بشكل جاد وعميق، وترسّخ فكرة أن بناء القارئ يبدأ من سن مبكرة، ومن قصة تُلهم لا تُلقّن.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى