قصص إثارة وغموض

تحقيقات المفتش عمر قضية (الرسومات الغريبة)

فضل عمر قاعد كام ساعة ساكت ما بيتكلمش، وكان بيعمل تجربة كيميائية، وكانت المادة اللي بيشتغل عليها ريحتها وحشة جداً.

عمر: هاه.. يا أحمد مش هتستثمر في المشروع اللي في جنوب أفريقيا… مش كده؟

كنت مصدوم جداً على الرغم إني إتعودت على قدرات عمر العبقرية إلا إنه دايماً بيفاجئني بأمور مش متوقعة، وهو إنه بيجاوب على أفكاري، وخاصة في الوقت اللي ما بيفسرش إزاي عرف.

قلت: إزاي عرفت ده؟

لف عمر، وفي إيده أنبوبة الإختبار، وكان خارج منها بخار، وقال: بجد يا أحمد قول إن إنت إتفاجئت.

قلت: أنا معترف بده.

عمر: لازم أخليك تكتب ورقة، وتشهد علي كده.

قلت: ليه؟

عمر: لإن بعد دقايق هتحس إن الموضوع بسيط.

قلت: لأ أوعدك إني مش هقول حاجة زي كده.

حط عمر أنبوب الإختبار في مكانها، وبدأ يشرح: إنت عارف يا أحمد… مش شيء صعب إنك تخلق مجموعة من الإستنتاجات كل واحد فيهم بيعتمد على اللي قبله، ورغم كده كل واحد فيهم بيكون بسيط، وبعد كده تبعد الإستنتاجات اللي في النص، وتقدم للشخص اللي قدامك الحدث الأول، والأخير فيحصل الذهول، والدهشة.

دلوقتي لما بصيت علي العلامة اللي على صباعك في إيدك الشمال… مكانش شيء صعب إني أستنتج إنك مش هتستثمر فلوسك في الدهب في جنوب أفريقيا.

قلت: أنا مش شايف إن في أي علاقة بين الإتنين.

عمر: خليني أبينلك العلاقة الكبيرة اللي ما بينهم… دلوقتي هقولك على الأحداث اللي مش موجودة في النص بين البداية، والنتيجة.

واحد: كان في لون طباشير على صباعين من إيدك الشمال لما رجعت من النادي إمبارح بالليل.

إتنين: إنت بتستخدم الطباشير بالطريقة دي لما بتلمع عصاية البلياردو.

تلاته: إنت ما بتلعبش البلياردو أبدا إلا مع صديقك ترسين.

أربعة: إنت قلتلي من أربع أسابيع إن ترسين كان مشترك في مشروع في جنوب أفريقيا، ومدة عقدة هتنتهي خلال شهر، وإنه كان طالب منك إنك تشاركه.

خمسة: دفتر الشيكات بتاعك موجود في درج مكتبي، وإنت مطلبتش مني المفتاح.

تبقى النتيجة إن إنت مش هتستثمر فلوسك بالطريقة دي.

قلت: قد إيه بسيط لحد التفاهة.

عمر بغضب: طبعاً كل قضية تبقى تافهة بمجرد إني أشرحهالك… أهي قضية أنا لسه ما شرحتهاش… قولي إيه اللي تقدر تستنتجه منها يا صديقي؟

زق عمر ورقة على الترابيزة، وبعد كده لف يكمل التجربة الكيميائية بتاعته.

بصيت على الورقة اللي كان فيها رسمة.

قلت: إيه ده يا عمر؟ دي رسمة ولد صغير.

عمر: هو ده اللي إنت شايفه؟

قلت: وهتكون إيه غير كده؟

عمر: هو ده اللي أستاذ هيثم كمال الموجود في حي المعادي عاوز يعرفه… الورقة دي وصلت النهاردة الصبح بالبريد في أول قطر، وكان المفروض إنه هيجي في القطر اللي بعده على طول… الجرس بيرن يا أحمد… أعتقد إن هو اللي على الباب.

سمعنا صوت خطوات تقيلة على السلم، وبعد شوية دخل الأوضة راجل طويل، وشه أحمر… معندوش دقن، ولا شنب… بعد ما سلم علينا، وكان هيقعد على الكرسي… شاف الورقة اللي كانت لسه معايا، وحطيتها على الترابيزة.

الضيف: هاه يا أستاذ عمر إيه اللي فهمته من الرسمة دي؟ هما قالولي إن إنت شاطر أوي في حل الألغاز الغريبة… ومعتقدش إن في شيء أغرب من كده… أنا بعت الورقة الأول عشان تلاقي الوقت إنك تفحصها قبل ما أجي.

رد عمر: الأمر فعلاً غريب… في اللحظة الأولى يبان إنه مقلب… هي رسمة تافهة لأشخاص بترقص، وهي مرسومة بعرض الورقة… إيه اللي يخليك تدي أهمية لحاجة غريبة زي كده؟

أستاذ هيثم: مش أنا يا أستاذ عمر… مراتي هي اللي خايفة جداً… هي ما قالتش كده صراحةً… بس أنا شايف ده في عينيها، وأنا عايز أنهي الأمر ده.

مسك عمر الورقة، وقربها من ضوء الشمس… كانت الورقة مقطوعة من كشكول، وعليها أشكال مرسومة بالقلم الرصاص لأشخاص بترقص.

فحص عمر الورقة، وبعد كده طبقها، وحطها في دفتر المذكرات بتاعته.

عمر: القضية دي يبان عليها إن هي مثيرة، وغريبة… إنت إديتني بعض المعلومات في رسالتك… لو سمحت يا أستاذ هيثم تكرر تاني المعلومات عشان صديقي دكتور أحمد.

ضم الضيف صوابع إيده الكبيرة، والضخمة، وقال: أنا مش بعرف أحكي بشكل كويس… إسألني عن الحاجة اللي محتاجة توضيح… هبدأ كلامي من وقت ما إتجوزت السنة اللي فاتت… أنا محتاج أوضح حاجة في الأول إن على الرغم إني مش شخص غني إلا إن أهلي بيعيشوا في البيت الكبير من حوالي خمس قرون… كمان أنا عيلتي مشهورة جداً في حي المعادي.

أنا جيت للمدينة السنة اللي فاتت عشان أحضر إحتفال رسمي، وفي الفندق اللي كنت نازل فيه شفت هناك بنت جميلة إسمها آلسي باسم في الأول كنا أصحاب، وقبل ما رحلتي تنتهي كنت حبيتها، وعشقتها.

إتجوزنا في هدوء، ورجعنا إحنا الإتنين لالمعادي كزوجين… ممكن تعتقد إن اللي عملته شيء متسرع يا أستاذ عمر… إن شخص من عيلة عريقة يتجوز بواحدة بالطريقة دي، وهو ميعرفش حاجة عن أسرتها، ولا عن ماضيها… بس لو كنت إنت شفتها، واتعرفت عليها كنت هتقدر موقفي.

كانت آلسي صريحة في الأمر ده… مقدرش أقول إنها ما ادتنيش فرصة إني أنهي العلاقة لو أنا حبيت.

آلسي: أنا كان ليا بعض العلاقات اللي أتمنى إني أنساها، وما أحبش إني أتكلم عن الماضي… لإنه مؤلم ليا… لو إتجوزتني لازم ترضى إنك ما تسألنيش عن الماضي، وما تطلبش مني إني أحكيلك حاجة عنه… لو حسيت إن شرطي صعب عليك إرجع لأهلك، وسيبني أعيش وحيدة زي ما انا.

مقالتش الكلام ده إلا قبل جوازنا بيوم، وكان ردي عليها إني مبسوط بجوازي منها رغم شرطها، وأنا لسه عند كلامي.

عدى سنة على جوازنا، وكنا مبسوطين جداً… بس من شهر تقريباً… أخر شهر يونيو بدأت أشوف أول علامات الصعوبة.

جت لمراتي رسالة في يوم ، وكان وشها أبيض زي الأموات لما شافتها، وبعد ما قرأت الرسالة رميتها في نار الدفاية، ومحكتليش أي حاجة عنها، ولا أنا سألتها، ومن اللحظة دي مكانش في أي راحة لمراتي… كان دايماً على وشها ملامح خوف… كان المفروض إن هي تثق فيا، وهتلاقيني أفضل شخص يقف جنبها… بس أنا مقدرش أقولها إلا لو هي جت، وحكتلي.

أنا طمنتها يا أستاذ عمر، وقولتلها إن هي ست تستحق الثقة، وإن مهما كانت المشاكل اللي كانت موجودة في حياتها اللي فاتت فهي ملهاش أي ذنب فيها… هي عارفة كويس إني بحترم عيلتي جداً، وبحترم مكانتهم… وهي تعرف الموضوع ده كويس من قبل ما تتجوزني، وأنا متأكد إن هي مش هتلوث سمعة عيلتي بأي حاجة.

دلوقتي أحكيلكم عن النقطة الغريبة في حكايتي… من أسبوع تقريباً كان يوم التلات اللي فات… لقيت تحت الشباك بتاعي مجموعة من الرسومات الغريبة لأشخاص صغيرة بترقص زي اللي موجودة على الورقة دي، وكانت مرسومة بالطباشير… إعتقدت إن الولد الصغير اللي شغال في الإسطبل هو اللي رسمها بس الولد حلفلي إنه ميعرفش حاجة عن الموضوع ده.

الرسومات دي إترسمت بالليل، وتاني يوم الصبح طلبت من الخدم إنهم يغسلوها، ومقلتش أي حاجة لمراتي إلا بعد كده… فوجئت إن هي كانت منفعلة جداً، وحلفتني إني أوريها الرسومات لو ظهر زيها تاني.

طول أسبوع مفيش أي حاجة ظهرت إنما إمبارح الصبح لقيت الورقة دي موجودة على عتبة باب بيتي، ووريتها لآلسي، وفجأة، وقعت، وأغم عليها… من الوقت ده، ومراتي في شبة غيبوبة… في عينيها خوف طول الوقت، وبعد كده أنا بعت الورقة ليك يا أستاذ عمر.

مكانش ينفع أبعت الورقة للشرطة لإنهم أكيد هيضحكوا عليا… بس إنت يا أستاذ عمر هتقولي أعمل إيه… أنا مش شخص غني بس لو كان في أي مشكلة بتهدد مراتي فأنا هدفع آخر مليم معايا عشان أحميها.

لاحظت من كلام أستاذ هيثم إنه شخص مؤدب، وكمان شخص بسيط، وصريح… كانت ليه عيون لونها أزرق، ووشه وسيم… كان حبه لمراته، وثقته فيها باين على وشه… سمع عمر حكايته بإهتمام شديد، وبعد كده قعد ساكت دقايق.

عمر: إنت مش شايف يا أستاذ هيثم إن أفضل طريقة إنك تتكلم مع مراتك بشكل مباشر، وإن هي اللي تفسرلك الأمر؟

أستاذ هيثم: لاء يا أستاذ عمر… أنا وعدتها، ولازم أوفي بوعدي… لو كانت هي عايزة تحكيلي كانت قالتلي إنما أنا مينفعش إني أجبرها إنها تثق فيا… بس كان لازم إني أخد التصرف ده عشان أحميها لو فيه خطر.

عمر: أنا هساعدك، وهبقى مبسوط بده… بس في الأول هل سمعت إن في أي أشخاص غريبة سكنت في المنطقة حواليك؟

أستاذ هيثم: لاء.

عمر: أظن إن هي منطقة هادية… وأكيد ظهور أي شخص جديد فيها هيكون واضح؟

أستاذ هيثم: جنبنا بشكل مباشر أيوه… بس في مجموعة من الفنادق الصغيرة، وهي مش بعيدة عننا بمسافة كبيرة، والفلاحين بتستقبل ضيوفها هناك.

عمر: واضح إن الرسومات دي ليها معني… لو كان الأمر عشوائي فهيبقى صعب فهمها، أما لو كانت مكتوبة بنظام معين فممكن يكون في أمل… الرسومات اللي قدامي قليلة مش قادر أكتشف منها حاجة… كمان المعلومات اللي إنت قولتهالي فيها جزء كبير من الغموض… مفيش قاعدة نبني عليها التحقيق بتاعنا.

أعتقد إن أفضل حل إن إنت ترجع المعادي، وإنك تفحص الوضع هناك، وتحاول ترسملي صورة طبق الأصل من أي رسومات جديدة تظهر لأشخاص بترقص.

شيء مؤسف إن إحنا ما معناش نسخة من الرسومات اللي إترسمت على الحيطة بالطباشير… إسأل بشكل هادي عن أي أشخاص غريبة في المنطقة، ولو وصلت لمعلومات جديدة تقدر تيجي تزورني مرة تانية.

هو ده أفضل حل أنا شايف إن أنا أقدمهولك يا أستاذ هيثم، ولو في أي تطورات حصلت بشكل طارئ فأنا مستعد إني أجي، وأشوفك في بيتك في حي المعادي.

كان الموضوع ده شاغل تفكير صديقي المفتش عمر، وشفته مرات كتير في الأيام اللي بعد كده بيخرج الورقة، ويبص فيها فترة طويلة… بس ما اتكلمش معايا في القضية دي إلا بعد حوالي أسبوعين.

 يوم بعد الضهر كنت ناوي إني أخرج، وطلب مني صديقي إني أستنى، وما اخرجش.

عمر: أفضل إن إنت ما تخرجش يا أحمد خليك في البيت.

قلت: ليه؟

عمر: لإن وصلتني رسالة من أستاذ هيثم النهاردة الصبح… إنت فاكر الشخص اللي جالنا من أسبوعين بالرسمة اللي فيها أشخاص بترقص؟ هو ممكن يوصل هنا في أي وقت… بيقول في رسالته إن في حاجات جديدة حصلت.

ماعداش وقت كبير، ولقينا أستاذ هيثم جه… كان باين عليه الكآبة، وعيونه كان ظاهر عليها الرعب.

كان أستاذ هيثم مكشر، وقال، وهو بيقعد على الكرسي بتعب، وإرهاق: الموضوع ده تعب أعصابي يا أستاذ عمر… شيء صعب جداً إنك تحس إن حواليك ناس إنت مش شايفهم، ولا تعرفهم، وإنهم بيدبروا ليك المصايب، والأصعب من كده لما تعرف إن الأمر قرب إنه يقتل مراتك… اللي بيحصل ده فوق تحمل أي بشر… أنا حاسس إن مراتي بتموت قدام عيني.

عمر: هي لسه ما حكيتش حاجة؟

أستاذ هيثم: لاء يا أستاذ عمر ما قالتش حاجة… ساعات بحس إنها عاوزة تتكلم بس لسه مش قادرة تاخد الخطوة دي… حاولت إن أنا أساعدها بس أعتقد إني بوظت الأمر… كنت بتكلم عن عيلتي، وعن مستواها، ومكانتها، وعن سمعة عيلتي، ودايماً كنت بحس إن الكلام في الموضوع ده بيودينا للكلام للموضوع التاني، وفي لحظة بيتحول الكلام قبل ما نوصل للموضوع.

عمر: بس إنت إكتشفت حاجة؟

أستاذ هيثم: إكتشفت حاجات كتيرة يا أستاذ عمر… أنا معايا رسومات كتير للأشخاص اللي بترقص، و الأكتر من كده إن أنا شفت الشخص.

عمر: شفت الشخص اللي رسمها؟

أستاذ هيثم: أيوه أنا شفت الشخص اللي بيرسم الرسومات… بس خليني أحكيلك كل حاجة بالترتيب… لما رجعت للبيت بعد ما زرتك المرة اللي فاتت… كان أول حاجة شفتها تاني يوم الصبح مجموعة من الرسومات للأشخاص اللي بترقص، وكانت مرسومة بالطباشير على الباب الخشب بتاع المخزن، وهو موجود قريب من العشب الأخضر، وفي وش الشباك اللي قدام… رسمت صورة طبق الأصل منها… أهي.

مد أستاذ هيثم إيده بورقة، وفردها على الترابيزة

عمر: كويس جداً أرجوك كمل.

أستاذ هيثم: بعد ما رسمت الرسمة مسحتها من على الباب… وبعد يومين ظهرت رسومات تانية… أهي

ضحك عمر ضحكه بسيطة، وقال: الإثباتات بتتجمع بسرعة.

أستاذ هيثم: بعد تلات أيام شفت رسالة مكتوبة بشكل سريع… كانت موجودة قدام البيت أهي الرسالة…وزي ما إنت شايف الرسومات هي نفس الرسومات اللي كانت موجودة آخر مرة.

قررت في اليوم ده إني لازم أكتشف الموضوع بنفسي… خرجت مسدسي، وسهرت في المكتب اللي بيبص على الجنينة… والساعة 2:00 تقريباً كنت قاعد جنب الشباك، ومكانش فيه أي إضاءة غير نور القمر… سمعت صوت خطوات من ورايا، ولقيت مراتي لابسه لبس النوم، وبتترجاني إني أرجع للسرير، وقلتلها إني عايز أعرف مين الشخص اللي بيعمل الأمور السخيفة دي… وقالتلي إن الموضوع كله هزار رخم، وإني لازم مهتمش بيه.

مراتي آلسي: لو كان الموضوع مضايقك يا هيثم ممكن إن إحنا نسافر أنا، وإنت، ونبعد عن اللي بيحصل هنا.

قلت: وليه نمشي، ونسيب بيتنا بسبب شخص حقير بيعمل فينا مقلب؟ إحنا كده هنخلي حي المعادي كله يضحك علينا.

مراتي آلسي: خلاص تعالى نام دلوقتي، وبكرة نتكلم في الموضوع.

فجأة في الوقت اللي إحنا بنتكلم فيه شفت وشها بقى أبيض، ومسكت كتفي جامد… كان في حاجة بتتحرك في الضلمة عند المخزن… كان فيه شخص بيتسحب ناحية المخزن، ووقف قدام بابه… مسكت مسدسي، وكنت هطلع لبرة إلا إن مراتي آلسي مسكتني بقوة، وكانت بتترعش حاولت إني أتحرك بس هي مسكتني بقوة أكتر.

لما فلت من إيديها فتحت الباب، ووصلت للمخزن، وكان الشخص ده مشي بس هو ساب وراه رسمة بنفس الرسمة الأخيرة اللي ظهرت… اللي لغاية دلوقتي ظهرت تلات مرات… دورت على الشخص ده حوالين البيت ملقتش ليه أي أثر، والمدهش أنه كان موجود طول الوقت لإن تاني يوم الصبح فوجئت إن في رسومات تانية.

عمر: هل الرسمة الجديدة معاك؟

أستاذ هيثم: أيوه بس هي قصيرة جداً، وأنا رسمت صورة طبق الأصل منها.

خرج أستاذ هيثم ورقة.

عمر: هل كانت رسمة جديدة، ولا تكملة للرسم الأول؟

أستاذ هيثم: كانت رسمة جديدة على لوح مختلف.

عمر: تمام… دي أكتر واحدة فيهم مهمة، وإديتني أمل… دلوقتي يا أستاذ هيثم كمل حكايتك المشوقة.

أستاذ هيثم: مفيش حاجة تاني أقولها يا أستاذ عمر غير إني كنت زعلان من مراتي في اليوم ده إنها منعتني إني أمسك الشخص الحقير اللي بيعمل كده… هي قالت إن هي كانت خايفة عليا… مقدرش أخبي إني شكيت إن هي تعرف الشخص ده، وإنها تعرف إيه معنى الرسومات الغريبة… بس كان في نظرة في عينيها، ونبرة في صوتها يا أستاذ عمر بتأكدلي إن هي عملت كده عشان خاطري… هو ده كل اللي حصل… أنا عايز نصيحتك يا أستاذ عمر إني أحط ستة من رجالتي بين الشجر، ولو جه الشخص ده تاني يضربوه بالكرباج عشان يسيبنا في حالنا.

عمر: أعتقد إن الموضوع معقد أكتر من كده، وإن الحلول البسيطة مش هتكون مفيدة… إنت هتفضل قاعد في المدينة قد إيه؟

أستاذ هيثم: لازم أرجع النهاردة مينفعش أسيب مراتي لوحدها بالليل… هي خايفة، وترجتني إني أرجع.

عمر: أعتقد إنك عندك حق… يمكن لو كنت قعدت شوية كنت هرجع معاك بعد يوم، أو يومين أما دلوقتي فإنت هتسيبلي الورق ده، وأعتقد إني هزورك قريب، وهكشفلك عن حاجات في القضية.

فضل عمر محتفظ بهدوئه لحد ما مشي الضيف… بس بما إني عارفه كويس فأنا شفت قد إيه هو كان منفعل… بمجرد ما خرج أستاذ هيثم جري عمر على الترابيزة، وحط قدامه كل الورق اللي فيه الرسومات، وبدأ يغرق في تفكير عميق.

قعدت ساعتين ببص عليه، وهو عمال يملي صفحات من الرسومات، والحروف لدرجة إن أنا حسيت إن هو نسي إني موجود.

مرات كان بيصفر كإنه نجح، ومرات تانية تظهر على ملامحه الحيرة فيقعد فترة طويلة مكشر، وغرقان في تفكيره.

فجأة قام عمر من على الكرسي، وإتحرك في الأوضة رايح جاي… بعد كده كتب رسالة طويلة، وقال: لو جه رد على الرسالة دي زي ما أنا عايز هتكون القضية دي فعلاً يا أحمد ممتازة، وتقدر تحطها مع باقي كتاباتك… أعتقد إن إحنا هنروح حي المعادي بكرة، وأظن كمان إن إحنا هنبلغ أستاذ هيثم بمعلومات مفيدة.

كان عندي فضول شديد إني أعرف النظرية اللي وصلها عمر… بس أنا متأكد إن عمر مش هيحكي إلا في الوقت اللي هو هيختاره… ففضلت مستني لغاية ما يجي الوقت المناسب بالنسبة ليه علشان يحكيلي.

عدى يومين، ولسه رد الرسالة ما جاش… كان عمر متضايق جداً، وكان بيستنى كل رنة جرس يمكن يكون رد الرسالة… تاني يوم بالليل.

وصلت رسالة من أستاذ هيثم كان كل حاجة عنده كويسة، وقال إن في رسمة جديدة ظهرت تاني يوم، وبعت مع الجواب نسخة من الرسمة

فحص عمر الورق بدقة، وبعد كده قام فجأة، وفي وشه إندهاش، وملامح فزع، وقال: الموضوع زاد عن حده جداً… هل في قطر رايح النهاردة المعادي؟

لما بصيت على مواعيد القطر لقيت إن القطر الأخير لسه متحرك حالاً.

عمر: يبقى هنفطر بكرة، وناخد أول قطر الصبح إحنا لازم نكون موجودين هناك… إيه ده…. الرسالة اللي أنا مستنيها… شكراً يا مدام هالة… لحظة واحدة …هو ده اللي كنت متوقعة… الرد على الرسالة بيأكد إن إحنا لازم ما نضيعش أي وقت…. لازم نبلغ أستاذ هيثم إيه اللي بيحصل… وإيه المشكلة الخطيرة اللي هو فيها.

الأمر كان كده فعلاً… في الأول كان التحقيق كله من وجهة نظري تحقيق في حاجة تافهة، وعجيبة… وللأسف إنتهي الأمر بكمية فزع، ورعب كبيرة… كان نفسي يكون فيه نهاية أفضل من كده أكتبها بس اللي أنا بحكيه ده هو اللي حصل، ومفيش قدامي إلا إني أكتب الأحداث العجيبة، والنهاية المأساوية اللي حصلت في بيت أستاذ هيثم.

أول ما حطينا رجلينا في المحطة جري علينا بسرعة مدير المحطة، وقال: أعتقد إن إنتم المحققين اللي جاين من المدينة… مش كده؟

بصله عمر بدهشة، وقال: إيه اللي خلاك تظن ده؟

مدير المحطة: عشان المحقق مروان لسه معدي من هنا… بس ممكن تكونوا إنتم الجراحين… عموماً هي لسه عايشة… ده اللي أنا سمعته… أعتقد إنكم وصلتوا في الوقت المناسب عشان تلحقوها، وتوصلوها لحبل المشنقة.

إتصدم عمر من الكلام، وقال: إحنا رايحين لبيت أستاذ هيثم… بس إحنا ما سمعناش أي حاجة عن اللي حصل هناك.

مدير المحطة: اللي حصل شيء مرعب… هما الإتنين إتصابوا بالرصاص… أستاذ هيثم، ومراته… هي ضربت عليه النار، وبعد كده ضربت نفسها… ده اللي بيقولوا الخدم هناك… والمسكين أستاذ هيثم إنتهت حياته… شيء فظيع إن يحصل حاجة زي كده في أكبر عيلة من عائلات حي المعادي.

جري عمر على عربية من العربيات اللي قدام المحطة، وطول الطريق منطقش ولا كلمة… حط عمر ضهره على الكرسي، وكانت حالته، وملامحه سيئة جداً… بعد فترة قال.

عمر: هو ده البيت.

إستقبلنا على الباب شخص جسمه رشيق… وكان لسه واصل للمكان… عرفنا بنفسه إن مروان من الشرطة، وانه يعرف صديقي، وسمع إسمه قبل كده.

المحقق مروان: يا الله يا أستاذ عمر…الجريمة حصلت الساعة 3:00… إزاي سمعت عنها، وإنت في المدينة، وإزاي وصلت بالسرعة دي؟

عمر: لإني توقعت إن هي تحصل… كان عندي أمل إن أنا أمنعها.

المحقق مروان: أكيد إنت عندك إثبات إحنا منعرفوش… وده لإنه كان معروف عن أستاذ هيثم، ومراته إنهم زوجين مثاليين.

عمر: كل اللي معايا رسومات لأشخاص بترقص، و هشرحلك الموضوع بعدين… دلوقتي بما إن خلاص فات الوقت إن إحنا نمنع الحادثة فأنا حابب إني أستخدم المعلومات اللي عندي عشان أحقق العدالة.

 

لتكملة القصة اضغط الزر بالاسفل



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى