صغيرتي (الجزء الثالث عشر)

ولمحت التذكره فعلا على الترابيزه.
قلت: أسر انت ليه بتعمل كده؟
جاوب: انا قلتلك ان عندي حاجات ضروريه هحضرها وشغل هعمله.
قلت: وده كله ما ظهرش الا دلوقتي؟ اجل سفرك للاسبوع الجاي او على الاقل لما ارجع.
قال: لا طبعا مستحيل سفري ضروري جدا دلوقتي.
وخد شويه حاجات في شنطه ايده وبعدين قرب من الباب عشان يمشي… بصيت عليه بعيني حسيت بوجع جامد في صدري وفي معدتي… وقفته وقلت بحنيه: استنى يا أسر… خلينا نتكلم في الموضوع بعد اما ارجع من السفر…. رجع شنطتك لمكانها.
وقف أسر عن الحركه وسكت شويه وبعدين قال: نتكلم في ايه؟
قلت: اللي كنا بنتكلم فيه امبارح… نقول وجهه نظر كل واحد مننا… والحقيقه.
قال أسر بجديه: بالنسبالي ما فيش الا حقيقه واحده ما تحاولش تلف وتدور بعيد عنها… يا اما تديني وعد انك ترجعهالي… او هخرج من حياتكم للابد.
قلت: انت مجنون؟
اتجاهل أسر كلامي ومشي وخرج من الاوضه… جريت وراه وقعدت انده عليه كثير لكن كمل خروج، ولف وشاور عليا بايده وقال: افتكر انت السبب يا ليث.
وبعدها اختفى من البيت خالص.
في اخر السلم كانت واقفه البنت اللي اتخانقنا بسببها… أسر خرج بسرعه وما بصش عليها… سندت على السلم وسرحت.
ليه اخويا الوحيد يحب البنت اللي هي حبيبتي انا وبنتي انا… اللي مش هتنازل عنها لاي حد في الدنيا… حتى لو كان الحد ده انت يا أسر.
وبسبب السفر بتاعه اضطريت ان انا ألغي الرحله بتاعتي وافضل مع رهف… وكانت النار مولعه في المزرعه طبعا مستنيين رجوعي عشان احل المشكله.
مع بدايه الاسبوع الجديد رجعت رهف جامعتها وكانت لسه بالجبيره بتاعتها والعكاز.
لكن مروحها الجامعه كان افضل حل لوضعنا الحالي.
وعشان هي لسه محتاجه المساعده لقينا الحل ان صاحبتها تروح معاها وتيجي معاها وانا اوصلهم بنفسي.
وفي مره كنت في اجتماع مهم في المكتب بتاعي في المصنع جاتلي مكالمه من رهف كانت الساعه 12:30 الظهر… وكانت رهف مش بتتصل بيا الا للضروره… ولما رديت عليها قالتلي ان هي خلصت المحاضرات النهارده وعايزه ترجع البيت.
ما كانش الوقت المناسب طلبت منها ان هي تستنى تليفوني في وقت تاني.
بعد 40 دقيقه اتصلت بيها عشان اقولها ان انا مشغول ومش هقدر اجيلها قبل ساعه… اتفاجئت بيها بتقولي ان هي وصاحبتها في طريق الرجوع للبيت في عربيه اخوها.
وطبعا اخوها ده الاستاذ عرفه.
مسكت نفسي بالعافيه… ونهيت المكالمه وانا باين عليا الهدوء وكملت شغلي من غير اي تركيز.
ز ولما رجعت للبيت معايا الغداء كانت الساعه 4:00 العصر.
رحت لاوضه رهف وانا مش قادر اصبر… ولما قربت سمعت صوتها بتضحك مع بنت تانيه.
رحت للمطبخ وسألت الخدامه قالتلي ان رهف معاها ضيفه اتغدوا سوا وهم جابوا اكل معاهم الظهر وقاعدين في الاوضه بقالهم كتير.
قفلت على نفسي في اوضه الضيوف … بعد ساعه ونص سمعت صوت حركه في الطرقه… ومعاها صوت بنتين بيودعوا بعض وبعدين صوت الباب الرئيسي بيتقفل.
وقفت ومشيت باتجاه الباب وكنت بتنحنح عشان ألفت انتباه رهف… وفي الممر لقيت رهف ماشيه باتجاه اوضتها فناديت عليها.
لفت ليا ولقيتها مبسوطه جدا كان باين ده على وشها.
سألتني: انت هنا؟ رجعت أمتى؟
مشيت ناحيتها وانا بقول: قبل ساعه ونص تقريبا…انا اسف كنت في اجتماع مهم.
قالت: ولا يهمك.
لفت عايزه تكمل وتدخل اوضتها.
استني رايحه فين:… قلت: رجعت مع الاستاذ عرفه؟
لفتلي ولسه السعاده باينه على وشها وقالت: ايوه احنا خلصنا المحاضرات النهارده بدري وما كناش عايزين نضيع الوقت واحنا مستنيينك… رجعت وعزمت فرح على الغداء والمذاكره معايا.
كتمت اللي جوايا وسبتها ترجع لاوضتها بسلام.
رجعت لاوضه الضيوف واتصلت باخويا كتير جدا لكن مش بيرد عليا… وهو على الحال ده من وقت ما سافر.
اتصلت بالمزرعه وكالعاده رفضت رضوى تتكلم معايا… ورجع يعيد عليا لعم اياس ان الوضع صعب ولازم احضر بسرعه.
زي كل يوم دخلت المكتب بتاعي وفضلت فيه وفضلت رهف في اوضتها… في الحقيقه ما كناش بنتقابل الا في العشا بناكل مع بعض واحنا ساكتين خالص.
حسيت بملل وانا في المكتب وما قدرش اللاب توب ان هو يشغل تفكيري… كان عندي حاجات اعمق واهم بفكر فيها.
سبت اوضتي عشان استرخي وفي الواقع دورت على رهف كانت في اوضتها…
قلت: انت بتذاكري؟
جاوبتني وهي بتفتح الباب وبتشاور على كراسات الرسم المحطوطه على السرير بتاعها: كنت بتفرج على رسوماتي.
قلت وانا بحاول ادوب الجليد اللي حوالينا: عندك جديد؟ اقدر اتفرج؟
ظهر على وشها تعبير ما قدرتش افهمه وبعدين ظهر عليه السعاده وقالت: ايوه طبعا… اتفضل.
اذنتلي اني ادخل اوضتها قلت: خلينا نروح المطبخ هحضر شويه شاي.
وسبقتها للمطبخ وبدأت احضر الشاي وهي جت بعد شويه وشايله كراسه في ايديها.
حطيتها على الترابيزه وقعدت وهي بتقول: ما اعتقدش ان انت شفت دي.
كنت زمان بتفرج على لوحاتها الجديده طول الوقت… وكانت صغيرتي بتحب ده… قربت منها وقعدت على الكرسي اللي جنبها ومسكت الكراسه وقعدت اتصفح.
سمعنا الصوت غليان الميه وقفت رهف وقالت: هحضره انا.
مسكت بالعكاز… قلت وانا ببص على عكازها وبفتكر ميعاد الدكتور: بكره هنروح للدكتور وهيشيل الجبيره وهتخلصي منها اخيرا.
ابتسمت ابتسامه جميله جدا وكملت طريقها.
كنا قاعدين على كرسيين جنب بعض ما عملناش كده من زمان… بنشرب الشاي وانا عمال بقلب في صفحات الكراسه وهي بتعلق على كل صفحه من وقت للتاني.
ما فيش حاجه غير كده…. ما فيش حاجه اقرب من كده.. بداري اللي بيدور في راسي ورا صفحات الكراسه… بحاول اتكلم عن حاجه خارج الصفحه بس مش قادر..
يا ترى ايه اللي بتفكري فيه دلوقتي يا رهف؟
على الورقه الثانيه لقيت ورقه ملاحظات صغيره ملزوقه على الصفحه اللي قدامها وكان مكتوب عليها وبخط صغير وجميل كلمات مختصره فهمت منها انها تعليق على الرسمه الجايه.
كانت الرسمه فعلا حلوه… احسن من اللي قبلها… فضلت اتاملها كثير…بالرغم ان ما بفهمش في الرسم كويس لكن انا انبهرت جدا.
قلت: فعلا جميله ما شاء الله.
ابتسمت رهف واحمر وشها شويه وبعدين قالت: هي دي الاحلى بين المجموعه.. حسب شهاده الخبرا.
لفيت ليها وسالتها: الخبراء؟
قالت وهي بتشاور على ورقه الملاحظات الملزوقه على الصفحه اللي قدامها: انت قرأت دي؟
قلت: ايوه هي دي واحده من مدرساتك في الجامعه؟
ابتسمت رهف وقالت: لا… ده الرسام عرفه.. هو شاف رسوماتي في الكراسه وكتب ملاحظاته.
كنت هوقع كوبايه الشاي من ايدي وادلقه على الصفحه دي بالذات… اتخضيت… واتسمرت عيني على ورقه الملاحظات… حاولت ابعدها عنها.
انت قصدك ايه يا رهف؟ انت قصدك ان عرفه هو اللي كتب ده؟ عرفه مسك بكراستك دي… واتفرج على رسوماتك؟ ازاي اتجراتي تعملي كده يا رهف؟
لفيتلها اخيرا وبدأ الغضب يظهر عليا وكانت عينيها بتبص في ورقه الملاحظات وباين عليها السعاده.
حطيت كوبايه الشاي على جنب وشديت على ايدي من الغيظ وسالت: ازاي شاف الاستاذ عرفه كراستك؟
جاوبت: اديتها لفرح من يومين ورجعتهالي النهارده.
بلعت ريقي وخدت نفسي وقلت: طيب ليه؟ هي دي فكرتك؟
جاوبت رهف: فكره فرح… كانت بتصر ان هي تعرض رسوماتي على اخوها الفنان من فتره…. بتقول ان هي واثقه انها هتعجبه وهيرحب ويعرضها في واحد من معارضه في يوم من الايام. وخدت كراستي عينه.
عضيت على شفايفي وقلت: واي رايك انت؟
ردد بسعاده واضحه عليها: انا لو رسمت لوحه حلوه ما فيش حاجه احب ليا من ان هي تتعرض وسط مجموعه لفنان كبير… هيكون ده نجاح كبير ليا.
وكانت عينيها بتطلع منها السعاده…
قلت وانا مش قادره اتحمل اكثر: الظاهر ان انت مبهوره بالفنان عرفه مش كده؟
استنيت اجابتها واعصابي مولعه نار من الغيظ.
بصتلي ورفعت عينيها من على الكراسه… وبعدين وطت للارض وخدها بقى احمر وتعبيراتها اتغيرت…
تقصدي ايه يا رهف؟ ازاي يجيلك الجراه؟
ايه المصيبه اللي بعتتك لينا يا عرفه؟ ومنين خرجت؟
انا مش هسمح لك ابدا يا رهف…
قفلت الكراسه عشان ما قدرتش اتحمل اكثر من كده… وبدأ التوتر على صوابع ايدي. ما قدرتش اكتب مشاعري اكتر… ازاي وانا بقرأ الاعجاب في عينيها بواحد من الرجاله… ايا كان هو ايه؟
مديت ايدي لحد ما مسكت ايديها وشديت عليها… رهف برنقت ليا.. وبان عليها الجد.. بصيتلها بصات غيظ وعتاب ورفض وتوسل.. مش عارف لو كانت رهف فهمت اي حاجه منهم… اتجرأت اخيرا وقلت: رهف … انت اكيد عارفه ان هو طلب ايدك مني.
بصيت على تعبيراتها بالتفصيل… هربت بعينيها عني وظهر عليها الارتباك.. وحاولت تسحب ايديها مني… شديت عليها اكثر وقلت: اذا؟
تاملتها وانا مركز جدا… ما قالتش حاجه… ما حركتش شفايفها.. لكن سعادة وشها زادت اكتر… ده خلاني احس بالوجع اكتر… شديت على ايديها اكثر… كنت عايزها تحس باللي جوايا… الحبيبه الخائنه.
قلت: ايه موقفك يا رهف قوليلي؟
ما نطقتش اي كلمه وما بصيتش ليا… جاوبيني يا رهف ارجوك… قولي انك ما بتفكريش في اي حاجه… قولي انك مش شايفه في العالم راجل غيري… ريحيني ارجوكي.
ولما ما جاوبتش… الافكار خلتني اتجنن..
قلت بعنف وكان ظاهر على صوتي الغضب: اتكلمي يا رهف… قوليلي اللي بتفكري فيه دلوقتي.
نبرتي خوفتها بصت بصه عليا وبعدين حاولت تشيل ايديها مني وقالت بتوسل: ارجوك سيبني.
حاولت تقف وتهرب بعيد… لكن انا ما سبتش ايديها ووقفت معاها… هي بتحاول تبعد وانا بمنعها تتحرك.
قالت: ليث ارجوك.
قلت: ارجوكي انتي قوليلي ايه اللي بيدور جوه راسك.
خرجت دمعه فجأه من عينيها وظهر في عينيها الحزن.
احترت افسر وافهم وقلت: انا اللي ما بقتش افهمك؟ انت عايزه ايه؟ انت بتفكري في ايه؟
صرخت رهف ووشها بيكشر وقالت: ما فيش حد… ما فيش حاجه… انا مش عايزه اتجوز اصلا.. ابدا… انت مش هتفهمني.
وسحبت ايديها واخذت عكازها بسرعه وخرجت من المطبخ.
رميت جسمي على الكرسي وسندت راسي على الترابيزه واخذت نفس عميق.
الموقف ده ما زودش العلاقه بيننا الا بعد وبرود… وبعد ما كنا بنتقابل على سفره الاكل ما بقيناش نتقابل الا في العربيه وانا بوديها وبرجعها من الجامعه.
لكن الكلام بينا اختفى ما بقيناش بنكلم بعض غير كلمه او اثنين في اليوم.
كانت مشكله كبيره زودت تعبي لكن الورطه اللي كانت بعديها اتخطت كل حاجه… كانت الكارثه اللي قسمت ضهري.
كانت ليله الاربعاء وكنت قاعد في اوضه الضيوف عشان انام… جات لي مكالمه هيجت كل اعصابي وغيرت مجرى حياتي 180 درجه…
كان اللي بيتصل ابو صبري وما اتصلش بيا من فتره.
في الاول اتجاهلت الاتصال كنت عايز استرخي وما فيش حاجه تأثر عليا… لكن إلحاحه ثار فضولي.
قلت: مرحبا.
اتكلم ابو صبري: ازيك يا ليث عامل ايه؟ انت فين؟
قلقتني نبرته وسؤاله قلت: خير؟
اتفاجئت بيه بيقول: انت في البيت دلوقتي؟ انا عند الباب.
نعم؟ عند الباب؟
سألته وانا مستغرب فجاوب: ايوه لو كنت موجود افتحلي عشان في حاجه جيت اكلمك عنها.
قمت بسرعه وانا مخضوض وسألت: في ايه؟
قال: خليني ادخل الأول.
وبسرعه رحت للجنينه وفتحت الباب ولقيت ابو صبري واقف قدامي.
حسيت بالخضه لان وجوده في الوقت ده وبالمنظر ده معناه ان في حاجه خطر.
دخلته للبيت وكان ماشي بالراحه ورحنا لاوضه الضيوف وانا مش قادر اسيطر على اعصابي.
بمجرد ما قعد على الكرسي وقبل اي كلام سألته: في ايه؟
ابو صبري لف مين وشمال كانه عايز يتأكد ان ما فيش حد هيسمعنا.. وكان باين عليه الجد بشكل مخيف.
استر يا رب.
قال: في حاجه خطيره لازم تعرفها وتتصرف بسرعه يا ليث.
اتخضيت بصيتله وانا فاتح عيني على اخرها وقلت: حاجه ايه؟
رد وهو بيوطي صوته: المصادر اللي اخذت منها المعلومات موثوقه 100% وانا بخاطر وبقولك السر… انا جيت عشان اقولك على حاجه لازم تعرفها كويس وتتصرف معاها بحذر وبسرعه.
قلت باضطراب: نشفت ريقي يا عم. قلي في ايه؟
قرب ابو صبري راسه مني وقال بصوت واطي: الموضوع يخص اخوك.
وقف قلبي عن النبض فجأه وصدري عن النفس… وجالي فزع رهيب…
رفعت ايدي لصدري وقلت بخضه: ماله اخويا؟
ابو صبري كان بيبص عليا وبيشوف انا اتخضيت قد ايه… وسأل: هو هنا؟
قلت بارتباك لا؟؟ لكن ماله اخويا؟؟ ارجوك قول؟؟ هو في حاجه صابته؟
قال ابو صبري وهو ظاهر عليه الاسف: لسه… لكن هو في خطر.
بعدين خد نفس وقال: انت تابعت محاوله اغتيال الوزير… اللي تم تنفيذها قبل ايام…. اخوك متورط مع المنظمه دي… وشارك في العملية.
اتخضيت واتسمرت في مكاني… اتصلبت اطرافي وعضلاتي.. حتى كلمه ايه ما قدرتش ان انا اقولها… ممكن انا مش بسمع كويس… او نايم..
بصيت لابو صبري مش مصدق مذهول… لقيت الجديه باينه عليه… فجأه حسيت بايده بتمسك كتفي وصوته بيقول: الخبر مؤكد… انا جيتلك بسرعه عشان ابلغك… واحد من الاعضاء وقع في ايد السلطان… واتاخدت منه اعترافات خطيره… وهما دلوقتي في طريقهم عشان يقبضوا على الباقي كله.
سكت لحظه يشوف رد فعلي وبعدين قال: أسر واحد من العناصر دي… لو وقع في ايديهم هيعدموه في الحال.
اخيرا قدرت انطق قلت بتهته: مستحيل… ايه اللي انت بتقوله ده؟
شد ابو صبري على كتفي وقال: انا واثق من معلوماتي جدا.
شهقت وقلت: اي اللي بتقوله؟ أسر اخويا؟ عضو في… ايه اللي انت بتقوله ده ايه الجنان ده؟
شده ابو صبري على كتفي وقال: انا عارف ان هي صدمه لكن الوقت ده مش وقت مفاجأت يا ليث… اخوك في خطر… لازم تحاول بسرعه تخرجه من البلد… الان يا ليث.. قبل ما يفوت الاوان.
بصيت حواليا حاولت الاقي اي حاجه تأكدلي اني مش بحلم… كنت رافض اقبل فكره ان اخويا انا… اه… مستحيل.
قلت وانا رافض ومشكك:…ممكن…. ممكن…
لكن ابو صبري قال بجديه وحزن: انا ما جيتش من الشمال للجنوب وبسرعه وبالشكل ده وفي الوقت ده عشان ممكن… ليث ارجوك لازم تستوعب الحقيقه بسرعه… حياه اخوك في خطر حقيقي… هو متورط بقاله شهور مع المنظمه… ومجموعه منها هم زمايله في الشغل في المدينه الصناعيه… واللي اعتقل قال عن خطتهم الجايه ومين هينفذها…. هينفذوها في المدينه الساحليه قريب..والسلطه هتنصب كمين وهتهجم عليهم كلهم… مش هينجوا لو وقع في قبضتهم… ما فيش مخرج.
مسكت براسي حسيت بيها بتتمرجح وغمضت عيني كنت مش عايز اشوف الحاجات اللي بدأت تظهر جوايا.
ابو صبري وهو بيشوفني كده قال: لازم تمسك نفسك يا ليث… ما فيش وقت للانهيار… لازم تنقذوا قبل ما يتم القبض عليه….ووقتها مش هيكون في امل ننقذه.
حركت راسي بأيد كلامه بالرغم من اني في مرحله صدمه بجبر نفسي اني اتخطاها وبسبق الزمن.
قلت: اعمل ايه؟ اتصرف ازاي؟
قال: لازم تخرجه من البلد بأسرع وقت… استخدم كل نفوذك عشان تخرجه بره… ما فيش حد بيقع في ايديهم بيرجع بالسلامه.. وبالاخص في قضيه بالخطوره دي.. حاول كل المحاولات يا ليث.
مسحت العرق اللي نازل على وشي زي شلال ميه مالحه… وفتحت زراير قميصي كأن ده هيشيل الكتمه اللي في صدري.. وقلت: انا مش عارف هو فين دلوقتي؟
بصلي ابو صبري بضيق، وهنا قلت: سافر للشمال الجمعه اللي فاتت ومش بيرد عليا.
وبعدين قلت بخضه: انا خايف انه.
قاطعني ابو صبري وقال:لا ما تخافش هو لسه ما اتقبضش عليه وهيشارك في العمليه الجايه اكيد هو قريب من هنا دلوقتي.
في الليله دي حسيت ان الكره الارضيه خرجت من مكانها وخبطت وصدمت في كل الكواكب اللي في السما.. ما خلتش نجم ولا قمر الا وخبطته في راسي.
ماشي ابو صبري البيت وسابني في كوم الكواكب المتكسره.
فضلت على نفس الكرسي فاقد كل حواسي الخمسه اللي يشوفني يقول اني جثه متصلبه.
بعد فتره مش عارف قد ايه رجعت الروح لجسمي وقدرت اتحرك.
وقفت وانا مش قادر جنبي اليمين عايزني امشي يمين وجنبي الشمال عايزني امشي شمال… كل ما اجي امشي اتمرجح يمين وشمال.
طلعت السلم ولقيت نفسي بدخل اوضه أسر في الدور اللي فوق.
اتخيلي اني هصحى من الكابوس وهلاقي اخويا نايم على سريره…
لكن ما كانش على سريره.. نورت النور لكن ما شفتش اي حاجه… ومن غير ما احس بقيت ادور في حاجاته
مسكين يا ليث… هو دماغك خيلك ان انت هتلاقي اخوك مستخبي في اي درج من الادراج؟
اللي لقيته في واحد من الادراج كان صندوق… هو نفس الصندوق اللي شفته في شقته في المدينه التجاريه.. واللي تغلبت في الوقت ده على فضولي وما فتحتوش.
لكن ليه دلوقتي ايدي بتتحرك عشان تفتحه؟ اي جه في دماغي ؟ فتحته اخيرا.. ريقي ناشف.. وعيني فتحت على اخرها… مش هتتخيلوا ايه اللي شفته.
حتى مش هتتصوروا… كان مسدس.
_______________
الساعه قربت 7:30 وليث مظهرش… هتأخر عن الجامعه… هو لسه نايم لحد الوقت ده؟
كان لازم اروح لاوضه الضيوف مكان ما بينام واخبط الباب.
احنا مش بنتكلم من ايام… في الحقيقه العلاقه بينا كانت شبه منقطعه من فتره…
وبعد موضوع الفنان عرفه ما بقيناش نقول غير السلام.
لكن انا راضيه منه بأي حاجه… حتى لو قرر يتجاهلني خالص هقبل… انا عايزه بس ان هو يخليني جنبه.. ويسمحلي اشوفه لو مره واحده كل يوم.
والنهارده هياخذني للدكتور عشان اشيل الجبيره من رجلي اخيرا وارجع اتحرك.
خبطت على الباب كذا مره ما جاوبش عليا…. كان الوقت مش بيسعفني… ما اترددتش وفتحت الباب والمفاجأه انه ما كانش جوه.
دورت عليه في المطبخ وفي الاوض الثانيه ما لقيتهوش… حسيت بالقلق.. رجحت ان ممكن يكون فوق… كانت الخادمه لسه نايمه… اتصلت بأوضته اللي فوق من خلال التليفون بس ما حدش رد… قلقت اكتر… اتصلت بتليفونه واخيرا رد: ايوه يا رهف.
قالها بسرعه وكانه مستعجل ومشغول… سألته باستغراب: انت فين؟
جاوب: انا هنا جنبك هوصل بعد شويه صغيرين.
لكن رحت فين الصبح بدري كده يا ليث وازاي مشيت وسبتني…
قلت: ماشي.
خلصت المكالمه وقعدت استناه في المطبخ… جه بعد شويه وكان شايل معاه كيس في فطاير وشويه اكل.. استنتجت ان هو كان في الفرن.
ليث ساق العربيه بسرعه كبيره للجامعه على غير عادته… وجاتله ثلاث تليفونات في الطريق وكان باين من كلامه ان في حاجه قلقاه.
ما قدرتش اسأله لان التواصل بينا في الفتره الاخيره كان بارد جدا… رحت للجامعه وقضيت النهار مع اصحابي كالعاده.. ما جاش في بالي انه هيكون اخر يوم ليا في الجامعه.
بعد ما خلصت المحاضرات قعدت انا وفرح عند الموقف مستنيين توصل عربية ليث زي العادي.
كان هو اللي بيوصلنا كل يوم وبيرجعنا.. مرت كم دقيقه وما وصلتش العربيه.
لقت فرح انتظارنا فرصه عشان تسألني: هو في جديد في موضوعنا؟
تقصد عرض الزواج..
يا رب يا فرح! هو ده وقته؟
ما بقتش عايزه اكون وحشه معاها واقولها بشكل مباشر ان هي تنسى الموضوع خصوصا وان في طلب رسمي من عيلتها مقدم بشكل رسمي الى ليث ولي امري.. ولازم هو يتولى بنفسه الرد الرسمي على الطلب.
ما كنتش عايزه احرجها واحرج نفسي عشان كده قلت وانا بتظاهر بالسعاده: استنوا رد ابويا.
لكن ما خلصتش منها سألتني تاني: طب رايك انت ايه؟ انت موافقه على الفكره بشكل مبدئي؟
احترت اجاوب على ايه؟
ممكن تكون فسرت مرح الحيره بتاعتي انه موافقه وكسوف… لان هي ابتسمت وهي فرحانه.
بان الجد على ملامح وشي وقلت: فرح في حاجه ما قلتلكيش عليها قبل كده.
ابتسمت اكثر وقالت بفضول مندفع: ايه هي قوليلي سرك في بير؟
الظاهر ان صعب تاخد الموضوع بجد… قلت وانا مستمره في الجد: كنت مخطوبه قبل كده.
اتخضت فرح وبصتلي وهي مش مصدقه قلت: ايوه… اتخطبت كم سنه.
قالت بعد كده وهي مخضوضه اكتر: بجد؟ مش مصدقه؟ ازاي؟ وامتى؟ وفين؟ ومين؟
استنيت لحد ما تفوق من المفأجاه وقلت: لا صدقي.
قالت: امتى يا رهف.
قلت: من سنين… كنت صغيره.. انفصلت عنه قبل شهور….
ما دارتش فرح دهشتها..
استغربت من نفسي ازاي بقول الموضوع ده كأنه حاجه عدت وانتهت لكن في الحقيقه كان حدث وفضل اربع سنين..
اربع سنين فضلت مخطوبه لأسر وانا مش عارفه ايه حقيقه مشاعري تجاهه اصلا… ما كنتش عارفه ان في نوع من الشعور.. ما دقتش منه الا طعم واحد… لحد ما رجع ظهر ليث في حياتي مره كمان.. ووراهولي.
سألت فرح: مين هو؟
بصيتلها جامد وبعدين بعدت عيني عنها ووطيت راسي وبعد تردد قلت: ابن عمي.
هنا قالت فرح بصوت عالي وهي بترفع ايديها لبقها: المليونير؟ ليث شكري؟
لفيتلها بسرعه وجاوبت التوتر: لا لا.. اخوه الصغير.
قالت فرح وبدا عليها ان هي هتستوعب اللي قلته: اه .. الموضوع كده بقى.
سكتت شويه ورجعت تسأل: بس ليه انفصلتوا؟
كأنها في اللحظه دي كان لازم تقف… قلت وانا بفتح شنطتي وباخد تليفوني واتظاهر اني مش فارق معايا..
مفيش نصيب.
اتصلت على طول بليث اسأله هو ليه تاخر… وخضني وحيرني لما جاوب: يا رهف مش هقدر اجي دلوقتي مشغول جدا ارجعي مع صاحبتك.
______________
كنت في الوقت ده ببذل كل جهودي الممكنه والمستحيله عشان اسهل امر خروج اخويا في اي وقت اوصل ليه… اخذت احتياطات كثيره جدا.. وحطيت خطط وبدايل كتير كنت بستعد للموضوع.
ما كانش فيه قدامي اي شك ان اخويا فعلا متورط مع المنظمه دي.. مكنتش محتاج اي دليل بعد ما لقيت الصندوق.
ما فيش قدامي اي وقت عشان استوعب واحلل.. انا هنا بس عشان اشوف حل بأي طريقه… عشان الاقيه واخرجه من البلد قبل ما تسبقني السلطات ليه.
وواحد زيي عايش في السجن ثمان سنين وقعد مع مجرمين.. ما حدش محتاج يشرحلي اللي ممكن يحصل لو قبضوا عليه.
رجعت للبيت الساعه 5:00… كنت تعبان جدا.. واستقبلتني رهف وهي قلقانه وسألتني: اتاخرت يا ليث.
وبسرعه لاحظت اني باين عليا التعب قالت بخضه: في ايه؟
دعكت عيني اللي ما داقوش النوم من امبارح وقلت: تعبان من الشغل.. هروح انام.
وجيت ادخل اوضه الضيوف لقيت رهف بتقول: معادي مع الدكتور.
افتكرت ان النهارده هو ميعاد ان احنا نشيل الجبيره بتاعه رهف.. وانا نسيت الموضوع ده بسبب اللي حصل.
لفيت ليها وقلت: ما فيش وقت.
بس بصيت ليا بحيره واستغراب وكانت حزينه… في الوقت ده قربت منها وقلت رهف… جمعي اهم حاجاتك في شنطه.. جهزيها في أسرع وقت النهارده.
ظهر عليها الخوف ورفعت ايديها على صدرها وقالت وهي خايفه: هترجعني لخالتي؟ ارجوك لا.
بصيتلها وانا مذهول وقريت خوفها وقلت: لا الموضوع مش كده.. هنضطر نسافر بسرعه في اي لحظه لازم تكوني مستعده.
ومشيت لاوضه الضيوف سبتها محتاره… ونمت على الكنبه ونعست على طول.
صحيت على صوت رهف بتقول: ليث… أسر هنا.
فتحت عيني وفوقت عشان اكتشف اني لسه نايم على الكنبه وشفت رهف واقفه قدامي.
لكن ثانيه… هي قالت ايه؟ هو انا كنت بحلم؟ انا سمعت ايه؟ انا اتهيألي ايه؟
قعدت مكاني لسه ما فوقتش وبصيت لايدي على الساعه.
لقيت الساعه 8:00 بالليل.. يا ربي الصلاه..
قلت: ليه ما صحتنيش المغرب؟
كان باين عليها القلق وقالت: ما كنتش عارفه ان انت لسه نايم.. حسيت بحركه في البيت ولقيتك نايم هنا… سألت الخدامه قالتلي ان هي شافت أسر طالع فوق… جيت عشان اقولك.
لخمس ثواني فضلت بس استوعب اللي هي بتقوله وبسرعه البرق جريت من مكاني وطرت فوق مكان أسر.
رحت باندفاع لأوضته وكان الباب مقفول فتحت بسرعه ودخلت للاوضه.
كان قلبي هينفجر من السعاده لما لقيت اخويا قدام عينين قلت: الحمد لله.
خرجت الجمله من لساني وطرت لاخويا وحضنته جامد وقلت: الحمد لله يا رب… الحمد لله يا رب
الف حمد ليك يا رب وشكر انك رجعتلي اخويا سالم وحقيقي ومعافى… دلوقتي اقدر اخبيه واحميه وابعده عن الخطر.
بعدت عن اخويا وبصيت لعينه لقيت الشك باين عليه.. والاتهام طالع منه… وانتبهت في الوقت ده للصندوق اللي كان أسر بيخبي فيه السلاح محطوط على السرير ومفتوح.
احنا الاتنين بصينا للصندوق وبعدين قال أسر: هو فين؟
قصده على المسدس اللي اخذته من الصندوق وخبيته… ما جاوبتش فكرر أسر الكلام بعصبيه وقال:هو فين؟
بصيتله وقلت: اتخلصت منه… وشه اتغير ولونه واتبدل شكله وقال وهو ماسك اعصابه بالعافيه: قلي يا ليث.. حطيته فين؟ ولي سمحت لنفسك انك تدخل اوضتي وتدور في حاجتي؟
قلت وانا بحاول امتص غضبه وامسك بايده: خلينا نقعد ونتكلم.
لكن اخويا شد دراعه من ايدي وقال بعصبيه: رجعوا ليا دلوقتي يا ليث… ما عنديش وقت؟
بصيتله بحنان وقلت: ما فيش وقت لايه؟ هتعمل ايه؟
رد: مش موضوعك… وما تدخلش نفسك في اللي ما لكش فيه.
رديت باعتراض: ما يخصنيش ازاي؟ انت اخويا يا أسر… اخويا الوحيد واي حاجه تخصك تخصني.
قال أسر بعصبيه: ليث ارجوك.. ما تضيعش الوقت في الكلام… رجع السلاح ليا دلوقتي وسيبني امشي.
كلمه امشي هزت كل جسمي من شعر راسي لضوافر رجلي… هزيت راسي بلاء… ما كانش منه الا انه عداني ومشي بسرعه للباب وهو بيقول: هفتش عنه بنفسي.
راح لاوضه نومي دخلها وقعد يقلب في الحاجات ويبعتر …كل حاجه بتقع ….بيدور عليه.
وقفت عند الباب براقبه وانا مش مصدق ان هي الحقيقه… اخويا انا عضو في المنظمه ..بيشارك في حاجات بالسوء ده… اخويا انا؟
أسر: وديته فين يا ليث رد عليا.
قال كده بعد ما اتعصب جدا وما قدرش يلاقيه قلت: ما تتعبش نفسك هو مش هنا.
لف ليا والغضب طالع من عينه وقال: يعني مش هتقولي على مكانه؟
قلت: لا ابدا.
ما كانش من اخويا الا ان هو ساب اللي في ايده ومشي خارج الاوضه وباتجاه السلم.
مشيت وراه وانا بقول: هتروح فين؟ هو مش في البيت.
سمعته بيقول: خلاص هسيبلك انت البيت.
جريت بسرعه وراه وانا بقول: استنى… استنى.
نطيت من على السلم لحد ما وصلت ليه ومسكت دراعه وقلت: مش هسيبك تخرج.
أسر حاول يشد دراعه مني شديت عليه اكثر.. صرخ في وشي وقال: سيبني.
لكن انا شديته اكثر ومنعته ان هو يمشي.
في الوقت ده ضربني في معدتي.. والألم والوجع الشديد جابولي شلل مفاجئ.
في الوقت ده قفل مني ومشي بعيد.
لحقت بيه بسرعه عند الطرقه مسكته وشديته وانا بقول: مش هسيبك تمشي يا أسر.. مش هسيبك.
ودارت بينا معركه كبيره اشد من اي خناقه حصلت بينا.. حتى يوم عرفه.
كنت بضربه وانا بتوجع… كنت بقطع هدومه وانا بتقطع.. مستحيل ان انا اسيبك تخرج يا أسر.. حتى لو اضطريت اني اكسر رجلك هعمل كده.. مش هسيبهم يقبضوا عليك مش هسيبهم يلمسوا منك ولا شعره.
_____________
وقفت اتفرج على خناقتهم… وانا لازقه نفسي بالحيطه خايفه ان يجيلي اي ضربه منهم.
كل ما واحد يضرب منهم التاني بصرخ واغمض عيني واداريها بايدي.. جسمي كله اتنفض.
كان أسر بيحاول يخرج لكن ليث بيجره للبيت جوه وهو بيصرخ: مش هسمحلك تخرج… مش هسيبهم يمسكوك… مش هسلمك للموت بالشكل ده ابدا.
واسر بيحاول يتحرر من ايده ويقول: سيبني.. ما لكش دعوه بيا.
رد ليث: هيقبضوا عليك انت مش فاهم؟ هيرموك في السجن لحد ما يعدموه باصعب طريقه؟؟؟ انا مش هسمح ليهم يوصلوا ليك.
وشدت بينهم الخناقه وانا شايفها اللون الاحمر على جسمهم.
ضرب أسر رجل ليث جامد.. وحاول أسر يهرب فيمسكوا ليث وهنا يفقد توازنه ويقع… ويمسك رجل أسر ويجره في الطرقه بالعافيه …ويحاول أسر يقف فيفشل ويصرخ ويقول: سيبني… ابعد.
ويضرب ليث جامد في مناخيره لكن ليث مش بيسيب أسر ابدا… ويحاول أسر يغرز ضوافره في الرخام من غير اي نتيجه.. يصرخ بصوت اقوى ويقول: سيبني يا وحش.
ليث لسه بيجر اخوه لحد ما دخله اوضه الضيوف… ما فضلتش مكاني مش قادره اشوفهم لكن صراخهم كان بيرج البيت.. كمان صوت ضرب كتير وألم ووجع كتير …حسيت ان في حد منهم عضمه اتكسر.
ما حسيتش الا ودموع الرعب بتنزل من عيني..
انا زمان اتفرجت على خناقه بينهم لكن اللي بيحصل دلوقتي صعب.
فجأه جسمي اتنفض على صوت حد بينده باسمي: رهف
رهف تعالي بسرعه…
ما عرفتش من قوه الصوت مين صاحبه.
رهف بسرعه..
مسكت العكاز ومديت بسرعه لاوضه الضيوف وسبت قلبي متعلق على الحيطه اللي كنت سانده عليها… اول ما وصلت لفتحه الباب شفت ليث بيلوي دراع أسر وبيخبطوا في الحيطه وبيحاول أسر يهرب منه وبيضربه في رجله.
ليث: اقفلي الباب بالمفتاح.
قال ليث ده بصيتله وانا مش مستوعبه…
صرخ: يلا بسرعه.
اتخضيت من صرخته وبصيت للباب وشفت المفتاح فيه.
صرخ ليث: اقفليه بسرعه يلا.
وفي نفس الوقت صرخ أسر: اوعي يا رهف.
صرف ليث صرخ اقوى: اتحركي.
سمعت بعدها كلامه من غير وعي وقفلت الباب.
وقفت ورا الباب المقفول حطيت ايدي على صدري وانا عمال ابص بالمفتاح… ما عطلنيش الخناقه اللي هزت الباب.. ما قدرتش افهم ولا استوعب اي حاجه…
بعدت عن الباب وانا متوقعه انه يتكسر في اي لحظه… كان جسم واحد منهم بيتخبط في كل شويه… وبعدين ايد واحد منهم فضلت تخبط فيه جامد.
أسر: افتحي يا رهف.
ليث: اياكي يا رهف… افضلي مكانك.
دخلت الاصوات جوه بعض افتحي ما تفتحيش لحد ما حسيت بالدوخه ونزلت على الارض.
فضلت اعيط جامد واصرخ: ايه اللي حصل ايه اللي جرالكم؟
مش فاهمه اي حاجه
بعدين سمعت ضربات قويه على الباب كانت هتكسره وصراخ أسر بيقول: افتحي يا رهف.
بعد كده صوت ليث:ما تسمعلوش يا رهف… لو خرج هيقتلوه… اياك يا رهف.
لفيت للباب وقلت: مين اللي هيقتله مين؟
رد ليث: الشرطه بتطلبه.. وهيلاقوه… انا بحاول انقذه قبل ما يوصلوله..
انا مش فاهمه حاجه.
ناداني ليث: رهف…. انت سامعه؟
قلت: ايوه .
قال: هاتي تليفوني بسرعه… ما تكلمتش… فكمل: سامعاني يا رهف؟
قلت: ايه اللي بيحصل؟ انا مش فاهمه حاجه؟
قال: هاتي تليفوني وما تفتحيش الباب الا لما اقولك بسرعه يا رهف.
قمت وجبت تليفونه من اوضه الضيوف ووقفت عند الباب وقلت: التليفون.
سمعته بيقول لأسر: سيبني انقذك يا أسر.. انا عارف طريقي لده.. ما تعترضش ارجوك.
لكن الظاهر اني أسر فضل يضربه تاني وقال: انت عايز مني ايه؟ ليه مش عايز تسيبني في حالي؟
قال ليث: مش هسيبك يا أسر… هيقبضوا عليك ويقتلوك انت مش فاهم؟
رد أسر: ويهمك في ايه؟ دي حياتي انا.
يرد ليث بألم: ازاي بتقول كده؟ انت اخويا الوحيد؟ انت الوحيد اللي بقالي من عيلتي؟ انا ما اقبلش يحصلك اي حاجه.
رد أسر: انت منافق.
جه صوت ليث بوجع: انا يا أسر.
رد أسر: انت اصلا ما فرقتش معاك مشاعري ولا انا فرقت معاك… اخوه ايه ونفاق ايه بقى.
وفجأه سكتوا هم الاثنين وبعدها سمعت ليث بيقول: انا واخد بالي من كله وفارق معايا الكل… وكل حاجه تخصك يا أسر… انت مش شايف اللي انا فيه؟ انت مش شايف؟ انت مش عارف ايه اللي حصلي من وقت ما عرفت.
وبعدين قال: سيبني اعمل كام اتصال واتصرف بسرعه قبل ما الاوان يفوت.
رد أسر: وفر المجهود بتاعك… الاوان فات… انا ما يهمنيش اي حاجه… لا الحياه ولا الموت.
رد ليث: الاوان ما فاتش… هحاول بكل جهدي ان انا اخرجك من البلد.
وبعدين اتغيرت نبرته وقال برجاء:افضل مكانك…ارجوك انا تعبان…. ما عنديش طاقه اعمل اكتر من كده.
وبعدين قرب صوته وبقى عند الباب بشكل مباشر وقال: رهف افتحي الباب.
فضلت ثواني متردده وسالت: افتح فعلا؟
جاوب: ايوه افتحي.
فتحت الباب بحذر وبعدين لقيت ليث بيفتح الباب وشكله كان صعب ومرعب.
اتحرك ليث بسرعه لبره وزق أسر وقفل الباب.
فضل أسر يضرب على الباب بايده رجله وهو بيصرخ عايزه يفتح الباب وليث بيقول: مش هفتحه يا أسر… ارجوك ما تصعبش الموضوع… استنى لحد مأمنك… ارجوك ثق فيا.
أسر بصراخ: جبان… هتدفع الثمن.
وما جاوبش ليث
ومسح بإيده على وشه وبعدين لقيته بيتألم وبيلف ليا.
اوصفلكم هو كان ازاي؟؟
مهما وصفت مش هقدر اوصفلكم الوضع عامل ازاي.
لبس متقطع.. عليه دم.. زوره في خدوش… شعره متبعتر في كل الاتجاهات.. وشه وارم ومحمر… ملامحه متغيره… اللي يشوفه لازم يقعد شويه عشان يقدر يتعرف عليه.
جرح على خدوده… مناخيره بتنزل دم.
ليث قلبي.
مد ليث ايده ليا… ومن كتر ظهوره بشكل صعب ما فهمتش هو عايز ايه.
هو عايز اشد على ايده واطبطب عليها.
ولا عايز انظف جرحه؟
ولا عايز يسند عليا.. ايوه اكيد… هو في حاله صعبه.. وما يقدرش يمشي لوحده.
ممكن يكون حس ليث ان انا تايهه فقال: التليفون.
هنا ضرب أسر الباب وصرخ: افتحوا الباب… سيبوني اخرج من هنا.
مسك التليفون من ايدي.. وشال المفتاح من الباب.. وبص ليا وقال… اياك يا رهف.. اياكي تفتحيله.. اياكي.
ولا ممكن يكون لاحظ ان انا تايهه ومش قادره استوعب حاجه فقال مره كمان: حياته بين ايدينا… اياك تفتحي ليه الباب مهما حصل… انت فاهمه؟
فاهمه؟ فاهمه ايه يا ليث؟؟
هزيت راسي وحاولت ان انا انطق سؤال لكن ليث كان خلاص بدأ يتصل وبعد عني واختفى.
بعد الوقت ده ب 40 دقيقه كنت قاعده في اوضتي حيرانه جالي وكان ظاهر عليه ان هو استحمى ونظف جرحه وغير هدومه وقالي ان هو هيروح مشاوير مهمه وهيرجع الخادامه لمكتب التخديم.
وسألني لو كنت جهزت شنطه سفري… واتضايق لما قلتله لا.
رد: ما فيش وقت قدامنا يا رهف… اجمعي الحاجات المهمه بتاعتك واستعدي ان احنا نسافر في اي وقت.
قلقت جدا وسألت: مش هتوضحلي ايه اللي بيحصل؟ جاوب اجابه قصيره وهو بيلف وبيمشي: اطورت في عمليات شغب خطيره… الشرطه هتقبض عليه… عايز اخرجه بره البلد ونوضح كل حاجه.
وقف ليث ولفلي وبص بتحذير: ما تفتحيش الباب يا رهف… اياكي.
فضل يبصلي، وبعدين مشي… سابني مذهوله جدا.
بعد ده بفتره قصيره.. خرجت من اوضتي واتسللت لاوضه الضيوف.
قربت من الباب ولزقت ودني فيه بحاول اسمع اي حركه او صوت من جوه.
كانت الاوضه فيها هدوء تام مش مصدقه ان هي كانت فيها صراخ من شويه…
قلت بصوت خفيف: أسر.
ما جاوبش علي: خبطت الباب بالراحه وقلت: أسر انت سامعني؟
رد أسر: رهف.
بعدين حسيت بحركه وسمعت أسر بيقول وصوته قرب من الباب: فين ليث يا رهف؟
قلت: خرج من البيت.
سأل: راح فين؟
قلت: قال ان عنده مشاوير ضروريه هيروحها.
سكت شويه وهنا قلت: اصابتك عامله ازاي؟
انا ما استبعدتش ان يكون عظم منه اتكسر بعد الخناقه الكبيره اللي حصلت مع ليث.. ما جاوبش سكت شويه وبعدين سألت: ايه اللي بيحصل يا أسر قلي؟
ما جاوبش… فكملت: ارجوك قلي… ايه اللي عملته بيعرض حياتك للخطر؟ وليه؟ انا مش مصدقه.
قال فجأه :رهف افتحي الباب.
بعدت عن الباب كنت خايفه ان انا اسمع كلامه لما اقرب منه وما اتكلمتش.
قال برجاء: ارجوكي يا رهف افتحي الباب.. في حد مستنيني.. الموضوع مهم جدا.
اتشجعت وقلت: موضوع ايه؟
سكت أسر شويه وبعدين قال: ما اقدرش اقولك.. افتحي الباب وسيبيني اخرج قبل ما يرجع ليث.. هو مش عارف حاجه ومش فاهم الحقيقه.
قلت: حقيقه ايه.
قال وصبره نفذ: ما اقدرش اشرح لك.. لازم اخرج والا في كارثه هتحصل لاصحابي.. ارجوك يا رهف.. افتحي وسيبيني الحق الموضوع قبل ما يفوت الوقت.
رجعت لورا وانا بهز راسي بالرفض كاني بحذر نفسي اني اسمع كلامه.
سمعت أسر بيخبط على الباب وبيقول: انت فين يا رهف.. ارجوك افتحي الباب.
قلت: لا مش هفتح.. ما اقدرش.
قال: ليه؟
قلت: ليث!
قبل ما اكمل كلامي قاطعني وقال: ليث مش عارف الحقيقه… هيندم كثير جدا لما يكتشفها ما فيش وقت اوضحلك يا رهف… ارجوك افتحيه وخلصيني.
قلت:استنى لما يجي ليث وقوله الحقيقه.. وبعدين المفتاح معاه هو.
قال: هتلاقي المفاتيح الاحتياطيه في درج المكتب بتاعه زي ما بيسيبها على طول.. هاتي المفاتيح ودوري عن المفتاح بتاع الاوضه بسرعه يا رهف ارجوكي..
قلت واناببعد ايدي: ما اقدرش يا أسر ليث حذرني.
قال فجأة : طبعا هتسمعي كلامه هو.
اتفاجئت من كلامه سحبت ايدي وقلت: لا عشان هو قال ان انا لو فتحت بيبقى خطر على حياتك.
رد أسر بعصبيه: مش صح… وجودي هنا خطر على حياتي وحياه اصحابي.. هو فاهم غلط.
… انت هتشاركي انك تعرضي حياتنا للخطر… هو ده هيرضيكي؟
قلت: لا.
قال: يبقى افتحي الباب .. وانا اضمنلك ان احنا هنكون بخير وهنمتن ليكي على انقاذنا.
قلت: فعلا؟
قال: ايوه يا رهف… يلا افتحي دلوقتي… وانا هتصل بليث واشرحله كل حاجه.. يلا بسرعه.
احترت جدا.. باين ان أسر بيقول الحقيقه.. وكان بيقنعني اني بعرض حياته للخطر لو فضلت سايباه كده.. لكن بصات ليث ليا وهو بيقولي قبل ما يخرج اياك يا رهف تفتحي الباب… ده خلاني بعدت عن الباب بسرعه.
أسر: رهف.. دلوقتي.
قلت: ما اقدرش يا أسر سامحني.
وسمعت ضربه قويه بتخبط الباب.
رجعت اوضتي بدأت احاول اجمع اهم حاجاتي في شنطه صغيره… وبعد نص ساعه سمعت ضربه على باب اوضه الضيوف وصوت أسر بيناديني…
رحت ليه بسرعه وقلت: نعم أسر انا هنا.
رد: رهف ممكن شويه ميه.
لما لاحظ سكوتي قال برجاء: هموت من العطش… هاتي لي ازازه كبيره من فضلك.
قلت بتردد: لكن!
قال برجاء يدوب الصخر: لكن ايه يا رهف؟ حلفتك بالله زوري نشف.. مش قادر ارجوكي هاتيلي حتى لو كاس واحد.
وجعني قلبي من كلامه.. ما اتحملتش… رميت بجسمي على الباب وقلت: ما تخدعنيش يا أسر ارجوك.
رد: اخدعك؟ بقولك ان انا قربت اموت من العطش.. انا كل السوائل الموجوده بجسمي خلصت وانا بتخانق مع ابن عمك؟ انت مش بترأفي بحالي؟
حسيت بوجع كبير ونويت ان انا اقدم له ميه…. لكن بعد خطوه سمعت جرس الباب.
كان الجرس بيضرب جامد حسيت بالخوف ورجعت للباب بكلم أسر: جرس الباب.
قال: سامعه.
قلت: مين؟ وليه بيخبط بالشكل ده؟
قال أسر: اوعي تجاوبي على الباب اياك.
جملته خوفتني وقلت :مين ده؟ انا خايفه؟
رد: اسمعي يا رهف.. اتصلي على ليث وقوليله على الجرس وقوليله ياخد باله.
قلت وانا قلقانه اكثر: انت عارف مين؟
رد: لا بس لازم ناخذ احتياطاتنا.
وقف جرس الباب وانا بتصل بليث.
قلتله وحذرني اني اجاوب على اي حد.. وقالي اني افضل ساكته لحد ما يرجع.
سالني عن أسر قلتله ان هو عطشان وعايز ميه نهاني اني اصدقه واكد لي اني ما قربش من الباب تاني وقالي انه هيرجع بعد شويه صغيرين.
مش شويه صغيرين دول كانوا ساعه والساعه دي مش اي ساعه.
قعدت قريبه من العتبات بتاعه الطرقه اللي بتودي لاوضه الضيوف.. في وسط المسافه بين الباب الرئيسي وباب الضيوف.. وكنت راميه وداني على البابين.
ودني الاولى كانت بتسمع أسر وهو بيقول: فين الميه يا رهف؟
وودني الثانيه مستنيه رجوع ليث.. واخيرا ودني دي سمعت صوت باب البيت بيتفتح.
وقفت وبصيت على مدخل البيت كنت عايزه اشوف ليث بيدخل عشان اطمن.
مجرد اني احس بوجوده بيحسسني بالامان.
ليث: واقفه هنا ليه؟
سالني بقلق ممكن ملاحظش التعبيرات بتاعه اللهفة على وشي قلت: اتاخرت.
قال: كنت باخد بالي وانا جاي.
قلت بندفاع: أسر عطشان دخلوا ميه بسرعه.
لقيت وشه بيتعصب وبعدين قال: ربنا ياخذ الكفره.
ومشي للمطبخ وخد ازازه ميه واكياس فاضيه وراح لاوضه الضيوف.
ليث:أسر جبتلك الميه.
خبط على الباب وخرج المفتاح من جيبه وقال: ارجوك عايزين نتصرف كاتنين عاقلين.
بعد ما تردد شويه فتح الباب ودخل.
____________
شفت اخويا قاعد على واحد من الكراسي شعره متبعتر ولبسه وباين عليه المرض.. ووشه عليه الوان الطيف، قربت منه وانا شايل ازازه الميه والكاس.. مليته وقربته ليه وقلت: اتفضل.
بص ليه بصه صعبه وكان ظاهر انه متردد وبعدين حرك ايده للكاس.
خد الكاس مني وبصلي وبعدين دلقوا عليا ووقف بسرعه ورمى الكاس وجري على الباب.
حطيت الازازه على جنب وجريت وراه ومسكته وجريته لجوه.. وزقيته جامد للكرسي وجريت على الباب وخرجت وقفلته بسرعه.
سمعت اخويا بيصرخ وبيقول: افتح يا ليث.. انا مش حيوان عشان تحبسني كده.
رديت بانفعال: هتفضل محبوس لحد ميعاد السفر.. مش هسمح لاي حد انه يوصلك.. انت سامع.. هخرجك من البلد دي بعد بكره.
صرخ أسر: ومين قالك اني عايز اخرج.
قلت بعصبيه: هتخرج يا أسر… هتعمل كل اللي بقوله بالحرف.. انت فاهم؟ انا دبرت كل حاجه.. انت ما عندكش فكره انا عملت ايه وانا اخذت مجهود قد ايه عشان اخرجك من اللي انت فيه.. مهما صرخت ومهما قاومت ومهما اتخانقت معايا.. هتعمل هتعمل اللي انا عايزه.. بمزاجك او غصب عنك هتنفذ خطتي.
اتعصب أسر من جديد وفضل يضرب في الباب خفت ان هو يكسره.. لفيت لرهف لقيتها بتبصلي بصات خوف واتهام.
انا مش ناقصك دلوقتي يا رهف.. ارجوكي.
بعدت عن الطرقه وقلبي بيوجعني على اخويا.. رحت لمكتبي عشان اخذ كم حاجه وبعدين طلعت الدور اللي فوق عشان اجهز شنطه سفري.
كانت الحاجات متبعتره في اوضه نومي لان اخويا قلبها وهو بيدور فيها.
خرجت شنطه سفر صغيره بدات اجمع فيها اهم حاجاتي.. وفي نفس الوقت كنت بحاول ارتب الاوضه حتى لو شويه صغيرين.
فجأة لقيت حاجه ما كنتش اتمنى اشوفها دلوقتي… حاجه شكلها اسطواني… مرميه مع شويه حاجات متبعتره على الارض.
صندوق الامنيات بتاع رهف.
وصدقوني ما خدتش بالي من ايدي وهي بتحطه في الشنطه بالغلط… كنت سرحان وما اكتشفتش ده الا بعدين.
بعد ما خلصت تحضير الشنطه قفلت باب اوضتي ورحت عشان اشوف اوضه أسر خدت منها تليفونه بشنطته اليدويه اللي كانت فيها ورق مهم وحاجات ثانيه… وبعدين قفلتها هي وبقيه الاوض.
وشلت شنطتين لتحت، وبعدين رحت لرهف واخذت شنطتها ونقلت الشنط الثلاثه للعربيه المركونه في الجراج.
لما رجعت لجوه لقيت رهف واقفه مستنياني وطبعا في في راسها 1000 علامه استفهام… لكن هي ما سالتنيش عن حاجه… ممكن من صعوبه الموقف اللي احنا فيه… بصيتلي بصه ورجعت لاوضتها.
كل واحد فينا فاهم المشكله الكبيره وان ما فيش وقت مناسب للكلام…
قربت من باب اوضه الضيوف وفي الوقت ده جالي وجع فظيع في معدتي… هنا رجعت للصاله واخذت برشامتين اللي ما جابوش اي نتيجه وفضلت اتألم على الكرسي لوقت طويل….
الساعه 4:00 الفجر رن المنبه بتاع تليفوني قومني عشان اصلي… خلصت صلاتي وقرأت كم ايه من القران ودعيت ربنا… وبعدين رحت للمطبخ ما فيش حاجه بتشغل تفكيري غير اخويا.
حطيت شويه من الاكل والميه على صينيه ورحت لباب اوضه الضيوف.
كان نايم على الارض وحاطط تحته المخده بتاعه الكراسي… قلبي حن ليه كنت عايزه اطبطب عليه بالراحه لكن طبطبت عليه بقوه اكثر عشان اصحي للصلاه.
أسر فضل يبص حواليه بخضه.. الظاهر ان صحياني ليه كان اقوى من اللي اتصورته.
قلت وانا بطمنه: بسم الله ما تتخضش ده وقت الصلاه.
بصلي اخويا وما كلمنيش وبعدين قام وقعد يتمطع وراح للحمام التابع لاوضه الضيوف.. رحت جبت سجادتي وفرشتها على الارض، خرج اخويا بعد شويه وقال عايز استحمى.
ترددت شويه وبعدين خرجت وقفلت الباب ورجعت تاني شايل لي شنطه هدوم نظيفه.. وفضلت في الاوضه لحد ما اخلص الحمام وصلى وعيني بتراقبه.
قلت: تقبل الله.
جاوب من غير ما يبصلي: منا ومنكم.
بعدين شفته بيريح على الكرسي قلت: جبتلك شويه اكل ارجوك كل شويه.
ملفش ليا.. كملت كلامي وقلت: هنمشي قبل ما يطلع فجر بكره.. قولي لو عايز حاجه عشان ناخدها معانا.
قربت منه واتكلمته بحنان كان قلبي جواه كل الحب والقلق عليه قلت: اخويا يا نور عيني… انا مش بسالك انت عملت كده ليه… مش هاممني اعرف اي تفاصيل… كل اللي انا عايزه ان انت تبقى كويس وتبعد عن الخطر بأسرع وقت…. انا عشت تجربه في السجن وكان معايا في الزنزانه مجرمين سياسه وامن وشفت ازاي الشرطه بتعاملهم وبتعذبهم وبتخلص عليهم قدام عيني.
رد اخويا اخيرا: احنا مش مجرمين.
قلت: الشرطه شايفاكم مجرمين وقالت كل اللي بيعارضها وبيعمل فوضى اسمه مجرم امن.
اخويا كأنه بدأ يهتم بكلامي اخيرا كملت :كانوا بيعذبونا اصعب انواع التعذيب… حتى وانا مش منتمي للمجموعه دي خدت نصيبي من الضرب القاسي.. عشان حبسوني في زنزانه غلط.
وكملت وانا بكشف عن ظهري وصدري: بص كل ده… وده.. واكثر.
شاورت على العاهات اللي سابتها ايام التعذيب على جسمي… بعدين شاورت على مناخيري وكملت: حتى مناخيري كسروها زي ما انت شايف…. وصاحبي ابو رضوى.. عذبوه تعذيب كبير جدا لحد ما مات وهو على ايدي.
واتخيلت صوره فهيم في اخر لحظه قبل ما تطلع روحه.. جسمي اتنفض وشي اتلون وعصرت عيني عشان امسح الصوره الفظيعه اللي ظهرت على ذاكرتي.
قلت: بعد كل ده. ازاي تفكر ان انا هسيبهم يقبضوا عليك؟ مش هيحصل ابدا.
هنا قعد اخويا ورد بعصبيه:انا ما يهمنيش الموت ولا التعذيب.
اتخضيت من رده وقلت: امال ايه اللي يهمك؟
قال: ولا حاجه.. ولا حاجه تهمني في الدنيا الصعبه دي.. اللي كلها حزن.
وسكت شويه وبعدين قال: ما فيش حاجه بعد اللي فقدته..انتهى كل معنى الحياه في عيني… اهلا بالموت.
وخد نفس وبعدين كمل: لكن انا مش هموت قبل ما انتقم منهم.
اتخضيت اكثر وقلت: من مين؟
رد بعصبيه: من الخونه الغدارين اللي قتلوا ابويا وامي.
بصيتله وانا مستغرب لقيته بيقول: هو انت فاكر ان ابويا وامي انتهت حياتهم برصاص العدو؟
بصيتله اكتر لقيته بيكمل: السلطات الخاينه هي اللي عملت كده.. ما بذلتش اي مجهود عشان تحمي المواطنين… سمحت ان في معركه بتحصل عند الحدود وبالتحديد عند الشارع اللي كانت بتعدي منه عربيات المدينه اللي مليانه بالابرياء.
وقف اخويا من شده انفعاله وقال وهو بيضغط على ايده: خلوا الحجيج مسرح للجرايم بتاعتهم… مش هسامحهم ابدا وهخليهم يدفعوا الثمن.
بعدين لقيته بيوطي راسه بيخبي عينه وراء ايده ويسكت شويه… بعدين يعيط.
ناديته بحنيه: أسر.
شال ايده عن عينه وقال وسط الدموع: انت ما شفتش جسمهم كان عامل ازاي.. انت ما شفتش حاجه… الجسم اللي كنت بقعد ابوسه واعظمه لقيته متخرم برصاص… وصدرهم اللي كنت بترمي فيه صدر امي نبع الحنان… كان اشلاء.. حتى قلبها كان خارج من… اه…ازاي انسى ده؟
وقعد اخويا على الارض فضل يبكي بصوت عالي متوجع وبيضرب الارض بايده بانهيار.
ما قدرتش اتحمل اللي سمعته طلعت مني صرخه ودموعي نزلت انا كمان.
كان أسر بيضرب الارض وهو بيقول: يا ابي… يا امي.
ومع صراخه وقلبي بيتوجع… كنت بلاحظ من وقت وفاتهم ربنا يرحمهم ان أسر كان اطول واحد فينا حزن وكان اكثر واحد فينا بيفتكرهم وبيتالم على ذكراهم.. كانوا اقرب ليه مني وكانوا اقرب ليهم مني.. ده عشان الفتره الطويله اللي قضيتها في السجن بعيد عنهم ومحروم منهم…
مديت ايدي على كتف اخويا وشديت عليه لحد ما وقف عياط ولفلي وبدا الغضب يطلع من عينه وقال: وانت فاكر اني ههرب من غير ما انتقم؟
قلت: تنتقم من مين؟
قال: من اي حاجه تخص الشرطه …لانهم المسؤولين عن موت ابويا وامي بالطريقه البشعه دي.
وجه عشان يقف .. شديت عليه اكتر فقال: سيبني اطفي النار اللي والعه جوه صدري.
قلت: وده هيرجعهم للحياه؟ انت بتعمل اي حاجه مجنونه؟
قال: لكن الغل اللي جوايا هيخف شويه.
قلت: وتدفع حياتك وحريتك ثمن؟ يا أسر هم مش هيعتقلوك.
قال: مش بخاف من الموت… ما يهمنيش.. وما فيش في حياتي حاجه استحق اعيش عشانها
حسيت بالالم من كلامه قلت: ازاي بتقول ده؟ يا أسر انت لسه شاب صغير… عندك شبابك وصحتك.. وشغلك ومستقبلك… وعيلتك… ازاي هتضحي بكل ده؟
جاوب وهو بيبصلي بصه قويه: انهي عيله دي؟ ابويا وامي اللي ماتوا… ولا اختي اللي مشيت بعيد… ولا خطيبتي اللي سابتني… ولا اخويا… اخويا المنافق… عديم المشاعر… اللي ما بيفهمش.. وما بيشغلش نفسه بحاجه…. بعد كده فاضل مين؟
جرحني بكلامه عني… بعت ايدي عنه وبصيت لي الارض شويه… بعدين بصيتله وقلت: انا بحس يا أسر… انت اخويا… دمك هو دمي… مشغول بيك كثير ..والا ما كنتش حبستك هنا وعملت اصعب حاجه عشان اسفرك.
قال أسر: وبعدين؟
قلت: وبعدين ايه؟ وبعدين هتبدا حياتك من جديد بره… المهم ان انت تخرج من الخطر دلوقتي… وبعدها هعمل عشانك اي حاجه.
بصلي بصه شك وبعدين سال: هترجعلي ابويا وامي؟
فاستنى مني رده فعل بصيتله وانا محتار وهنا قال: ولا هترجعلي خطيبتي؟
هنا جسمي اتصلب.. وبصاتي اتجمدت ما قدرتش احركهم.. فضل اخويا يبصلي كانه مستني الجواب واستنى كثير.
ابتسم اخويا بسخريه وبعدين اداني ظهره وقعد على الكرسي واعلن ان الحوار انتهى…
خرجت من الاوضه وقفلت الباب…. وسندت عليه وغمضت عيني بوجع… فهمت ان موضوع عرفه المنذر هو الشراره اللي فجرت أسر… هي رهف.
هو ده الثمن اللي بتطلبه قدام حياتك يا أسر؟
انت عايز تخطف مني قلبي مره ثانيه؟
عايزني اتنازل ليك عن اكبر واهم حلم في حياتي؟
البنت اللي هي جزء مني… اللي هي انا… بروحي وبتفكيري.. ازاي اكون انا من غيرها؟
اه يا رب…
لما فتحت عيني تخيللي اني شايف شبح رهف واقف نهايه الطرقه… هو النور مش كفايه.. ولا في غشاوة على عيني من كتر ما انا بفكر فيها… ولا هي خرجت من احلامي وظهرت قدامي..
غمضت عيني مره كمان بحاول ابلع افكاري اللي ظهرتلي في اصعب ايام حياتي… ولما فتحت عيني مره ثانيه ما لقيتش حاجه.
الساعه 11:00 الصبح… صحيت على جرس تليفوني اللي محطوط على الترابيزه اللي جنبي في الصاله.
مديت ايدي واخذت التليفون وقلت: نعم.
سمعت صوت ابو صبري اللي كنت بتصل بيه اول باول وبيقولي كل جديد… وكنت ببلغه ان اخويا رجع وان انا حبسه في البيت..
قال: ازيك يا ليث اسمعني كويس…
كان باين على نبره صوته انه هيتكلم في حاجه مهمه وخطيره وبسرعه قال: الشرطه في الطريق عشان تفتش بيتكم… اتصرف بسرعه.
قمت بسرعه ووقعت اجزاء صوره رهف اللي كانت نايمه على صدري من الفجر… سالت وانا مخضوض: ايه؟
كرر ابو صبري: دلوقتي يا ليث… انا شايفهم قدامي في الطريق اللي هيوصل لبيتكم… خبي الامانه بسرعه جوه البيت بسرعه.
جريت بسرعه من مكاني ورحت لاوضه الضيوف فتحت الباب ودخلت وانا بقول بصراخ: أسر بسرعه الشرطه جايه.
كان اخويا نايم ولكن بسرعه انتبه على صوتي مسكت دراعه وانا بشده وبقول: تعالى لازم تستخبى في مكان ثاني.
أسر سحب ايده من ايدي وهو بيقول: ابعد عني.
قلت بعصبيهك قلت لك الشرطه جايه انت مش فاهم؟
جاوب ببرود: ما يهمنيش انا هسلم نفسي وننهي المهزله دي.
قلت بصراخ: الظاهر انك مش عايز تفهم.
وبعدين مسكت دراعه وجريته معايا بره الاوضه مش عارف اخبيه فين.. ظهرت رهف قدام باب المطبخ وشافت المنظر اتخضت وقالت: في ايه؟
قلت وانا بجر اخويا غصب عنه المطبخ: الشرطه… لازم نخبيه.. مش هسمح لحد ياخده لو اضطريت انهي حياتهم كلهم.
مشيت وانا مش عارف اعمل ايه عمال ابص على كل حاجه في البيت بدور على مكان اخبيه فيه.
خرجت من الباب الخلفي للمطبخ وسحبت اخويا رغم مقاومته للجنينه المهجوره.
بصت يمين وشمال وما لقيتش قدامي الا شويه من العفش القديم اللي خرجناه للجنينه لما جينا عشان نعيش في البيت انا ورهف ورضوى والخاله ربنا يرحمها.
وهناك واحنا قريبين من عده الشوي القديمه اللي حرقت اخويا في مره.. كان في مجموعه من السجاد الملفوف والمتكوم على بعضه.. كنا سحبناها للمكان ده في نفس الوقت.
ما جاتلش اي فكره في بالي.. كان دماغي مشلوله عن التفكير… كنت عايز بس اخفي اخويا عن عين الشرطه لحد ما اسفروا بره.
زقيته لحد ما وقع على الارض.. وقعدت عليه عشان امنعه يتحرك ومديت ايدي لواحده من السجاد الملفوف وفتحتها.
سحبت اخويا من طرف السجاده ولفيته زي بلف الحشو بالورق وهو بيصرخ: بتعمل ايه يا مجنون؟
لحد ما اخفيته خالص جوه في السجاده.. سحبتها بعد كده بكل قوتي… وركنتها لباقي السجاد… وبعدين حطيت شويه تراب عشان تبان كأنها مركونه هنا من سنين.
قلت: اوعى تطلع اي صوت يا أسر.. ما تضيعش كل مجهودي في الارض… ولو حاولت تعمل اي حاجه هستخدم سلاحك وهقتلهم كلهم… انت سامع؟ مش هسمحلهم ان هم يوصلوا لك ابدا.
ورحت للرمله بداري اثر رجلينا.. وبعدين قربت وشي من فتحة السجاده وقلت: اتحمل شويه..هخرجك اول ما يمشوا… ارجوك امسك نفسك وانا هحققلك اللي انت عايزه.. خلينا نسافر واعمل بعد كده اللي انت عايزه… ارجوك يا أسر… ارجوك.
وقمت بسرعه لجوه.
كانت رهف واقفه عند باب المطبخ بتراقبنا وهي مفزوعه وكان جرس البيت بيرن جامد.
خدت رهف لجواه وقفلت باب المطبخ وقلت: اياكي تعملي اي حاجه تكشفنا يا رهف… ارجوكي.. حياه اخويا قدام تصرفاتنا..
رحت بسرعه لاوضه مكتبي واخذت سلاح اخويا اللي كنت بخبيه هناك وداريته في هدومي.
خدت نفس عميق وبعدين رحت لباب البيت الرئيسي وبعدين لباب الجنينه الخارجي وفتحته.
________
كنت في المطبخ بفطر بالراحه لحد ما سمعت صوت باب بيتفتح.. بخطوات بتجري بارتباك على الارض.. جي لعقلي ان أسر خرج من الاوضه وبيحاول يهرب..
سمعت صوت ليث بعدها بيزعق: أسر بسرعه… الشرطه جايه.
اتخضيت ووقفت وانا سانده على العكاز وجريت رجلي للباب.. ولقيت ليث واقف في اتجاهي وهو بيجر أسر سالته بخضه: في ايه؟
رد بتوتر: الشرطه.. لازم نخبيه.. مش هسمحلهم ياخدوه.. ولو اضطريت انهي حياتهم كلهم.
خرج ليث أسر للجنينه ودفنوا جوه سجاده ملفوفه… مداريه بالغبار والرمله..
كان هيتخنق لو بقى اكثر من دقايق هنا اكيد.
كانت عيني بصه على السجاده وبقي مفتوح من الخوف… ما حسيتش الا وايد ليث بتسحبني لجوه المطبخ.. وبعدين اختفى ورجع ومعانا.
لقيت ليث جاي عند باب المطبخ وبيخبط وبيتكلم معايا وعينه بتراقب واحد ثاني وبيقول: بعد اذنك يا بنت عمي… عندنا ضيوف.
بعدين دخل للمطبخ ووراه شرطي لابس اللبس العسكري… حسيت بالخوف وشفت بصه خوف في ليث كلها تحذير.
دخل الشورطي المطبخ وهو بيدوس بجزمته على الارضيه ومشي للمخزن وبص عليه… وبعدين راح للباب الخارجي ومسك بالاكره بتاعته ولفها.
كنت في الوقت ده عماله انزل عرق وبكتم نفسي ووقفت مستخبيه ورا ليث.
سمعت الشرطي بيسال: فين المفتاح؟
جاوب ليث: ضايع من زمان.
سال الشرطي: ايه اللي موجود ورا الباب؟
رد ليث: الجنينه الخلفيه للبيت.
رجع الشرطي لباب المطبخ ومشي.
لف ليث وما نطقش ولا كلمه.. فضلنا بنركز وسمعنا حركه رجال الشرطه وهم بيفتشوا البيت.
جي واحد منهم بعد كده وسألنا: الاوض اللي فوق مقفوله فين المفاتيح؟
رد ليث: ايوه عشان احنا ما بنستخدمش غالبياتها فبنخليها مقفوله.
كرر الشرطي: فين المفاتيح؟
قال ليث: هجيبهالكم.
وبعدين لفلي وقال: تعالي معايا.
ومشينا مع بعض… لاوضه مكتب ليث… خرج المفاتيح وسلمها للشرطي.
قال الشرطي: تعالى معانا فوق.
رد ليث: البنت متعوره زي ما انت شايف.
شاور على العكاز بتاعي… فسلم الشرطي المفاتيح لاصحابه وقال لهم يفتشوا كل الاوض… وفضل هو واثنين من اتباعه معانا في المكتب.
قال الشرطي: هو انتم عايشين هنا لوحدكم؟
جاوب ليث: بتعيش معانا خدامه بشكل متقطع… وزوجتي مسافره للحداد على والدتها اللي ماتت من قريب.
سأل الشرطي: مين صاحب البيت؟
رد ليث: ده ملك مشترك بيني وبين اخواتي وبنت عمي.
قال الشرطي: والسيد أسر اال شكري مش عايش هنا؟
رد ليث: لا.. هو عايش في الشمال من سنين.
وفضل الشرطي يطرح اسئله كثير جاوب عنها ليث وهو ماسك نفسه لحد ما جه رجال الشرطه وقالوا: ما فيش حد في الدور اللي فوق.
قال القائد: الجنينه.
وهنا حسيت بإيد ليث بتتنفض . ولو ما كانش الشورطي بيبص لاتباعه وقتها للاحظ اللي انا لاحظته وانكشف سرنا.
قعدت ادعي ربنا جوايا يعمي ابصارهم عن مكان أسر… دعيته من كل قلبي وانا متاكده ان ليث بيدعي زيي.
يا رب احنا ما نملكش الا قلوبنا عشان ندعيك… ما تخيبش رجاءنا المتعلق بيك.
مشي صورتي القائد من المكتب باتباعه.. لفلي ليث كان باين عليا الخوف بص لي بصه خوفني بيها.. بتحول فيها بياض عينه لبحر من النار المغليه.. وبعدين لقيت ايده بتتحرك تجاه واحد من جيوبه وبيخرج منها المسدس.
اتخضيت حط ليث ايده الثانيه على بقي بيكتم شهقتي وقال: هنهي حياتهم لو لمسوه يا رهف.
حاولت اخرج النفس ما قدرتش وشي خرج في الدم والهواء اتحبس في صدري… كنت هقع مخم عليا من الخضه… سمعنا صوت رجلين بتقرب… هنا خاب بلايس المسدس ورا ظهره وقرب من باب المكتب… كان واقف مستعد عشان يحط المسدس باتجاه الرجال.
جه الشرطي القائد ووراه اتباعه واقف قدام ليث وقال: لو جه هنا او عرفتم طريقه فمن الافضل ليه وليكم ان انتم تعرفونا… هو مجرد واحد مشتبه فيه.. هنخرجه بعد ما نسأله شويه اسئله وهتنتهي كل حاجه.
وبعدين شاور لجنوده ان هم يمشوا ومشيوا كلهم بره البيت.
_________
لفيت لرهف مش مصدق ان الشرطه مشيت فعلا من غير اخويا… كنت عايزه اسمع منها تأكيد عشان اقدر اصدق… لكن لقيتها فجأه بتقعد على الكرسي وبتتنفس جامد وبتتوجع.
رجعت المسدس لجيبي ورحت لها ووطيت عليها بقلق وقلت: رهف انت كويسه؟
قالت وهي بتبلع الهوا جواها: حاسه ان نفسي اختفى هموت..
كان اسمها بيترعش من الخوف ووشها مليان عرق.
شديت على ايديها وانا بقول: ارجوكي اتشجعي بسم الله عليكي… امسكي نفسك يا صغيرتي.
فجأه لقيت ايديها ماسكه دراعي وشها بيتدفن في كم قميصي وهي بتصرخ منهاره: انا ما اتحملش كل ده… انا هموت من الخوف.
حاولت اهديها شويه وبعدين قمت واقف وبعدت صرخت: هتروح فين؟
جاوبت: هروح لأسر.
ورحت بسرعه وهي عماله تنده عليا وتقول: ما تسيبنيش لوحدي…
من بين مجموعه السجاد… حركت السجاده اللي كان فيها اخويا… فتحتها بسرعه وخرجته من جواها… مسكت كتفه وفضلت انفض التراب من وشه وشعره وانا بقول: الحمد لله عديت على خير يا قلبي… مشيوا.
بصلي أسر بصه حزينه وهنا قلت: سامحني يا اخويا… ما كنتش عايزه اعمل كل ده فيك… سامحني.
بعدين حضنته بدراعي وشديته في صدري وحضنته جامد…
بعد كده اخذته جوه المطبخ واديته ميه وهنا شرب كميه كبيره… ما قلتش عن الكميه اللي انا شربتها انا كمان.
قلت بعد كده: البيت ما بقاش مكان امن ليك… هاخدك لمكان تاني لحد ما يجي ميعاد رحيلك.
قعد اخويا على واحد من الكراسي المتوزعه على الطاوله.. وحط راسه على الطاوله وهو مستسلم وبيتألم.
قلت وانا بتحرك لباب المطبخ الداخلي: هشوف ازاي هقدر اخرجك دلوقتي وهاخدك فيه.
قبل ما اخرج من المطبخ سمعته بيقول: ليث.
لفيت ليه شفته بيبصلي وباين تعبيرات كتيره على وشه سألني وعينه خلاص هتعيط: ليه؟ ليه بتعمل لي كل ده؟
قلت: ازاي بتسأل يا أسر؟ انت اخويا الوحيد؟… انا ما ليش في الدنيا اخ قريب غيرك.
أسر: لكن.
مساعدتوش الكلمات.. هنا قلت: انا… مش هشوف اخويا الوحيد اللي اتبقى ليا من ابويا وامي ومن الدنيا بيتعرض للخطر وأقف اتفرج عليه… مهما كانت حجم المصيبه اللي عملها… مش هسمح لاي مخلوق ان هو يؤذيك يا أسر… ارجوك… سيبني انفذ خطتي… ثق بيا.
رحت بسرعه لاوضه المعيشه… كنت سبت تليفوني المحمول… اتصلت بابو صبري… وقالي انه كان لسه قريب من البيت… وان الشرطه مشيت وما فيش اي حاجه حوالين البيت… طلبت منه انه يجي واول ما دخل سألني: فين أسر؟
اخذته للمطبخ كان أسر قاعد وكانت رهف….
الدهشه ظهرت على وش أسر وراه رهف اول ما شافوا ابوه صبري… والثاني راح بسرعه على أسر وطبطب على كتفه وقال: الحمد لله ان انت لسه كويس…
سامر بص ليا بحيره وقلق قلت: هو يعرف كل حاجه وهو هنا عشان يساعدنا.
ولمعلوماتكم ابو صبري شغال في دايره عسكريه بيشتغل في مكتب.
لفيت ليه وقلت: هاخد آسر اللي مكان ثاني… ارجوك خليك مع رهف لحد ما ارجع… وما تفتحش الباب لاي حد يخبط.. هرجع بسرعه.
رهف: نعم؟
كان الصوت ده صوت رهف بتهتف بخضه وبتقف وباين على وشها الخوف وبتقول: مش هتسيبني هنا لوحدي.
قلت: ابو صبري هيكون معاكي.
قالت: مش هتسيبني لوحدي في المكان ده… ما اقدرش افضل هنا.. هموت من الخوف… ارجوك يا ليث خدني معاك.
قلت وانا بحاول اطمنها واهديها: يا رهف.. المشوار اللي هناخده خطير جدا… انت هنا في امان اكثر… ممكن يجي رجال الشرطه او يحصل اي حاجه في الطريق… ازاي عايزاني اخدك معايا.
اتكلم ابو صبري وقال لرهف: ما عندناش وقت نضيعه في الكلام… لازم نخرج أسر من هنا بسرعه.
بعدين لف ليا وقال: يلا ليث.. سرع.
بصيت عليه وعلى اخويا وبعدين بصيت لرهف… منظرها منعني ان اقول اي كلام.. هنا قال ابو صبري مستعجلني: دلوقتي يا ليث.
مسحت العرق المتجمع على وشي وزوري وقلت لرهف: خليكي لحد ما ارجع مش هتأخر.
غمضت رغد عينيها من الخوف… لكن انا ما قدرتش غير اني امشي…
لفيت لاخويا اللي قاعد على الكرسي وقلت: يلا بينا… توكلنا على الله.
ما اتحركش أسر… كان هادي ومستسلم ظاهر عليه اليأس… كإن الموضوع ما يخصهوش او انه فقد الامل انه يعدي منه.
بص ابو صبري لأسر وقال: يلا يا ابني. وهو بيطبطب على كتفه.
وقف أسر وعينه عماله تبص علينا واحنا عمالين نبص عليه.
قال اخيرا: لفين؟
بيسأل عن المكان اللي هخبيه فيه فقلت: مصنع ابويا.
بص الكل ليا باستغراب.
مصنع ابويا اتدمر لما هجم العدو على المدينه من سنين… وهو دلوقتي مهجور وفي خراب وفي وحوش بريه… كمان المصنع عند طرف المدينه في مكان بعيد عشان نوصل ليه هناخد وقت كبير… خصوصا ان الشوارع بقت متدمره ومتقطعه…
اخيرا لف ابو صبري لأسر وقال: اتوكلوا على الله.
مشي اخويا وهو بيقرب مني.. انا كنت لاقرب للباب ولما بقى قدامي.. مديت ايدي لدراعه وقلت: أسر.. ثق بيا… اعتمد عليا… انا بوعدك ان انت هتخرج من البلد سليم باذن الله… انا رتبت كل حاجه… الفلوس بتسهل اي حاجه صعبه.
بص ليا اخويا والهم ظاهر على عينه… بصيته هزتني من جوايا… ده خلاني اشد على دراعه جامد واقول: ارجوك تشجع.. اوعدني ان انت مش هتضيع مجهودي في الارض… اوعدني ان انت تلتزم باللي اقوله… ما تحاولش تعمل اي حاجه تانيه… ارجوك اوعدني.
حس اخويا اني بترجاه اخيرا: بوعدك يا ليث.
ابتسمت بشجعه وشديت على دراعه اكتر وبعدين خرجت من جيبي السلاح اللي كنت بخبيه.
اديته لاخويا وهو بيبصلي باستغراب فقلت: استخدمه لو اضطريت.
اخذ أسر مسدسه من ايدي… وهو بيبصلي مش مصدق.. بعدين خباه في واحد من جيوبه.. بعدين حضني جامد جدا.
خدنا معانا تليفوني وتليفون أسر اللي كنت شايله عندي.. فقبل ما نمشي لفيت لرهف والعم ابو صبري وقلت: هي في امانتك لحد ما ارجع.
لفيت وشي قبل ما منظر رهف يوجع قلبي مره كمان.
اخيرا دخلنا واحد من المباني… المبنى كان في مكان للعمال واوضه… اخيرا دخلنا اوضه استراحه.
من المبنى الاقل ضرر واللي سقفه واقف على جدرانه.
المكان كان وحش جدا… لما تشوفه تخاف.
ما كانش في اي اضاءه غير نور بسيط داخل من شباك صغير قريب من السقف.
قلت: ده هيكون ده كويس.
وكنت بنفض التراب من على ترابيزه وبطلب من اخويا يقعد عليها فقال: ايه اللي كويس؟
كان متضايق جدا من المكان.. وقف اخويا يبص حواليه… بصيت بعيني في الاوضه وما قدرتش اقنع نفسي بحاجه غير احساس اخويا.
قلت وانا بشجعه: اتحمل كم ساعه بس.
شاورت ليه ان هو يقعد… لكن هو ما اعدش.
اخويا من صغره تعود ان هو يعيش في غنى.. بيتنا الكبير في الجنوب… وبيتنا المميز في الشمال… وشقته الجميله… انا فاكر انه لما جالي في المزرعه وشاف الاوضه المتواضعه اللي كنت عايش فيها والبيت البسيط اللي كنت عايش فيهم حاسه بالنفور.
قلت: ده مش حاجه لو جيت قارنت بالزنزانه…
وانا كنت بفتكر الزنزانه الفظيعه اللي قضيت بين حيطانها ثمان سنوات من عمري.
بصلي أسر باستسلام وبعدين قعد على الترابيزه.. لو ما كانش عندي حاجه اعملها ضروريه كنت فضلت معاه… ازاي اسيب اخويا في مكان مرعب ومهجوز زي كده.
قلت وانا بستعد عشان امشي: هخلص اللي ورايا وارجعلك… خلي بالك من نفسك وخلي عينك وودانك مفتوحين .. وكلمني لو حصل اي حاجه فورا.
بصيت لعين اخويا فيها توسلات ان انا ما اغبش عنك فرديت على رسالته بنظره بتقوله يستناني.
ومشيت من مصنع ابويا المهجور سبت جواه اخويا الوحيد لوحده…. اتصلت بعد كده بالبيت اطمن على رهف وابو صبري وطمنتها علينا.. رحت بعد كده اخذت الاوراق المهمه اللي هنحتاجها للسفر… وانجزت كم حاجه.. مش هتصدقوا انا اضطريت اعمل ايه عشان انقذ اخويا.. ما كنتش اتصور اني هلجأ لده في يوم من الايام..
رجعت للبيت بعد كده.. بمجرد اني دخلت شفت رهف.
كانت قاعده في الطرقه على الارض وسانده على الحيطه وفرده رجليها قدامها… وعكازها مرمي جنبها وتليفونها الناحيه الثانيه.. ووشها كله رعب وخوف… لما شافتني مدت ايديها ليا وسألتني بلهفه: ليث!
كان صوتها ضعيف تعبانه… مش قادره تتماسك من كتر الخوف… اتقدمت ليها وقعدت جنبها.. سندت راسي على الحيطه.. ومديت رجلي قدام… وبعدين حطيتها وغمضت عيني…
كنت عايز اخد كم نفس.. حسيت بايديها بتمسك بدراعي جامد.. لفيت ليها وبصت عيني في خوفها.
قلت: هنتحرك الفجر يا رهف.
قالت رهف باللي باقي من صوتها: لفين؟
جوابت: هنطلع من البلد دي وهنروح بلد جنبها.. وبعدين نخرج خالص لليلي.
حسيت بايديها بتترعش قلت: هنعدي الحدود بسلام… ادعي يا رهف.
غمضت رهف عينيها كإنها بتدعي من قلبها اللي ربنا… رجعت راسي لورا وغمضت عيني وقعدت ادعي.
بعد شويه كلمتني رهف وقالت: انا مش قادره اصدق حاجه يا ليث… مش قادره استوعب اللي بيحصل.. هو ده كابوس… ارجوك قولي بانه كابوس..
فتحت عيني ولفت ليها وقلت: اتمنى لو كان كابوس يا رهف.. يا ريت كان كابوس… اه.
سألت وهي مش مصدقه: ليه؟ أسر؟ انا مش مصدقه ان ممكن يعمل حاجه زي كده.. هو دايما هادي ومسالم جدا… عمل ايه؟ وليه؟
بصيت لرهف… واتألمت بمراره… كان صدري قرب يخرج دخان كثيره من كتر الالم والوجع.. ما فيش بدايه ولا نهايه غير ان ابو صبري قرب مننا جاي من اوضه الضيوف وسألني: ايه اللي حصل؟
لفيت لي وسألته: الموضوع عدى على خير… المهم الحدود..
سمعت رهف بتقول بقلق: ايه اللي هيحصل لو الشرطه مسكت فينا؟ هيعملوا فينا ايه؟
عضيت على اسناني من التوتر… وبصيت ليها وانا مش لاقي اي جواب الا اني اقول: بعد الشر.. اكيد ساعتها هنكون في مشكله كبيره.
جوابي ده زود رعشه ايديها وده اتنقل لدراعي وهزني.
اتقدم ابو صبري وقعد على عتبات السلم اللي جنبينا وقال: هو لازم تاخدوها معاكوا؟
فجأه صوابع رهف اتفلتت وفتحت قبضتها على ذراعي وجاي ألف ليها لقيتها قالت بانفعال: طبعا هروح معاكم.
كانت خايف اني اقول حاجه غير كده.
ابو صبري قال: انت عارف يا ليث ان الموضوع في مخاطره كبيره. خرجوا الأول… وبعدين ارجع واخدها واعمل اللي انت عايزه.
كنت لسه ببص لرهف.. يا دوبك ابو صبري خلص جملته وهي قالت وهي مخضوضه: هروح معاكم.
قلت وانا بطمنها لما شفت الخوف ظاهر عليها: ما تقلقيش.. انا مش بفكر اسيبك واسافر خارج البلد ابدا.
لتكملة القصة اضغط الزر بالاسفل


