اخبار

فتح السوق الفلبيني أمام صادرات البصل والثوم الطازج المصرى لأول مرة

فتح السوق الفلبيني أمام الصادرات الزراعية المصرية لأول مرة

في إنجاز جديد للقطاع الزراعي المصري، أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن نجاح المفاوضات مع الجانب الفلبيني لفتح أسواقه أمام صادرات البصل والثوم الطازج المصري لأول مرة في التاريخ.
يمثل هذا القرار خطوة استراتيجية ضمن جهود الدولة لتنويع أسواق التصدير ودعم المنتجات الزراعية المصرية في الأسواق الآسيوية، بعد النجاحات المتتالية التي تحققت خلال السنوات الأخيرة في تصدير الموالح والعنب والرمان إلى عشرات الدول.
ويأتي فتح السوق الفلبيني تتويجًا لمفاوضات فنية استمرت لأكثر من عامين بين الحجر الزراعي المصري ونظيره الفلبيني، شملت زيارات ميدانية ومراجعة دقيقة لإجراءات السلامة والجودة المطبقة في المزارع ومراكز التعبئة المصرية.

بداية جديدة للتواجد المصري في جنوب شرق آسيا

تُعد الفلبين من أكبر الأسواق الاستهلاكية في آسيا، حيث يتجاوز عدد سكانها 115 مليون نسمة، وتعتمد بشكل كبير على استيراد السلع الغذائية الطازجة، خاصة الخضروات والفاكهة.
ويأتي فتح هذا السوق أمام البصل والثوم المصري كخطوة محورية لتوسيع النفاذ الزراعي المصري إلى منطقة جنوب شرق آسيا، التي تضم أسواقًا ضخمة مثل إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وفيتنام.
ويؤكد الخبراء أن هذا النجاح يعكس ارتفاع مستوى الثقة الدولية في منظومة الرقابة الزراعية المصرية، والتي أثبتت كفاءتها في الحفاظ على جودة وسلامة المنتجات المصدّرة.

معايير الجودة التي أهلت المنتج المصري للقبول

أجرت الجهات الفلبينية المعنية سلسلة من الفحوصات الدقيقة على عينات من البصل والثوم المصري، للتأكد من خلوها من أي متبقيات مبيدات أو أمراض نباتية.
كما تم تقييم نظم الزراعة والتعبئة والتخزين، والتي أثبتت التزامها الكامل بمعايير “الهاسب” (HACCP) وبرامج التتبع الزراعي من المزرعة حتى التصدير.
ويُذكر أن وزارة الزراعة المصرية نفذت خلال الأعوام الأخيرة خطة تطوير شاملة في منظومة الحاصلات التصديرية، تضمنت تدريب المزارعين، وتطبيق منظومة التسجيل للمزارع ومراكز التعبئة المعتمدة، وتوسيع قاعدة التحاليل الرقابية.

مفاوضات فنية طويلة انتهت بنجاح

بدأت المفاوضات الرسمية بين الحجر الزراعي المصري ونظيره الفلبيني في منتصف عام 2023، بعد تقديم الجانب المصري ملفًا فنيًا متكاملًا يوضح الإجراءات الوقائية والتتبع الزراعي المعمول بها في الحقول المصرية.
واستمر التواصل الفني عبر سلسلة من الاجتماعات الافتراضية والزيارات المتبادلة، إلى أن أصدرت السلطات الفلبينية مؤخرًا قرارها الرسمي بالسماح باستيراد البصل والثوم الطازج المصري بشروط محددة تتعلق بالفحص المسبق قبل الشحن.
وأكدت الوزارة أن أولى الشحنات التجريبية ستبدأ خلال الأسابيع المقبلة، تمهيدًا لتوسيع حجم الصادرات مع بداية موسم 2026.

انعكاسات اقتصادية قوية على المزارعين والمصدرين

يفتح هذا القرار الباب أمام مئات المزارعين والمصدرين المصريين لتوسيع نشاطهم وزيادة العائد من زراعة البصل والثوم، وهما من المحاصيل التي تمتاز بها مصر عالميًا من حيث الجودة والإنتاجية.
وبحسب إحصاءات وزارة الزراعة، يبلغ متوسط إنتاج مصر من البصل سنويًا نحو 4 ملايين طن، فيما يتجاوز إنتاج الثوم 400 ألف طن، يتم تصدير نحو 25% منها سنويًا إلى الأسواق الخارجية.
ويُتوقع أن يؤدي دخول السوق الفلبيني إلى زيادة الطلب الخارجي ورفع الأسعار المحلية بنسب معتدلة، بما يعزز من دخل المزارعين في محافظات مثل بني سويف والمنيا والبحيرة والشرقية.

دور الحجر الزراعي المصري في فتح الأسواق الجديدة

أشاد السيد الدكتور أحمد العطار، رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي، بجهود الفرق الفنية المصرية التي نجحت في استيفاء المتطلبات الصارمة التي فرضتها السلطات الفلبينية.
وأوضح أن هذا النجاح يضاف إلى سلسلة من الإنجازات التي حققها الحجر الزراعي المصري مؤخرًا، حيث تم فتح أكثر من 15 سوقًا جديدًا خلال عامين فقط، منها أسواق في اليابان والبرازيل وتشيلي وكندا.
وأكد أن استراتيجية الدولة تهدف إلى رفع عدد الأسواق المفتوحة أمام الحاصلات المصرية إلى 100 سوق بنهاية عام 2026، مع التركيز على الأسواق الآسيوية التي تُعد الأسرع نموًا في العالم.

الثقة الدولية في المنتج الزراعي المصري

تعكس هذه الخطوة حجم الثقة التي باتت تحظى بها الصادرات الزراعية المصرية عالميًا، بعد أن أصبحت مصر من بين أكبر عشر دول مصدّرة للمنتجات الزراعية في العالم.
ويشير تقرير منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” إلى أن مصر تحتل المركز الأول عالميًا في تصدير البرتقال منذ خمس سنوات متتالية، كما ارتفع تصدير العنب والرمان والفراولة المجمدة إلى مستويات قياسية.
وتعمل الدولة حاليًا على تنويع قاعدة المحاصيل المصدّرة، بحيث تشمل الخضر الجذرية والعطرية مثل البصل والثوم والبقدونس والكرفس، ما يمنح مصر ميزة تنافسية فريدة في الأسواق الجديدة.

البعد الاستراتيجي للاتجاه نحو آسيا

تأتي أهمية السوق الفلبيني من كونه بوابة حيوية إلى القارة الآسيوية، إذ يمكن أن يفتح المجال لتوسيع التعاون التجاري مع دول رابطة “الآسيان” التي تضم أكثر من 600 مليون نسمة.
كما أن اعتماد الفلبين الكبير على الواردات الغذائية يجعلها سوقًا واعدة للمنتجات المصرية، خاصة مع تمتع الأخيرة بأسعار تنافسية وجودة مرتفعة.
وتؤكد وزارة الزراعة أن هذا النجاح يمثل نقطة انطلاق لتوسيع العلاقات التجارية مع آسيا، ليس فقط في الزراعة بل في مجالات التصنيع الغذائي ونقل التكنولوجيا الزراعية.

رؤية الخبراء: مصر تحقق نموذجًا ناجحًا في الدبلوماسية الزراعية

يرى الدكتور محمد نجيب، الخبير في الاقتصاد الزراعي، أن هذا الإنجاز يبرز نجاح ما يُعرف بـ”الدبلوماسية الزراعية”، أي استخدام التعاون الزراعي كأداة لتعزيز العلاقات الخارجية.
وأوضح أن التوسع في الأسواق الجديدة يعزز من قدرة الدولة على تحقيق الأمن الغذائي عبر تشجيع الإنتاج الموجه للتصدير، ما يسهم في تحسين ميزان المدفوعات وزيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي.
كما أشار إلى أن دخول منتجات مثل البصل والثوم إلى أسواق بعيدة جغرافيًا مثل الفلبين يعكس قوة منظومة النقل والتعبئة المصرية وقدرتها على تلبية متطلبات الجودة العالمية.

الاستدامة وجودة الإنتاج عنوان المرحلة المقبلة

تركز الحكومة حاليًا على تحقيق التوازن بين زيادة الإنتاج وتحسين جودة المحاصيل الموجهة للتصدير، من خلال التوسع في الزراعة التعاقدية وتشجيع المزارع على تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة (Global GAP).
وتسعى الوزارة إلى زيادة المساحات المزروعة بالبصل والثوم في الأراضي الجديدة خاصة في مناطق الدلتا الجديدة وتوشكى وشرق العوينات، بما يعزز من قدرات مصر التصديرية خلال السنوات المقبلة.
كما يجري العمل على رقمنة نظم التتبع الزراعي لضمان الشفافية الكاملة من المزرعة إلى المستهلك الخارجي.

انعكاسات بيئية وتنموية إيجابية

يؤكد خبراء البيئة أن زيادة الصادرات الزراعية تعتمد بالأساس على ممارسات مستدامة، مثل ترشيد استخدام المياه وتحسين خصوبة التربة واستخدام الأسمدة العضوية الآمنة.
وقد أطلقت وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمات دولية برامج لتدريب المزارعين على تقنيات الري الحديث والزراعة الذكية مناخيًا، بهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية.
كما أن زيادة الطلب الخارجي على المحاصيل المصرية يخلق فرص عمل جديدة في القرى الريفية ويعزز من سلاسل القيمة الزراعية، بما يدعم أهداف التنمية الريفية.

خاتمة: نجاح جديد يؤكد قوة الزراعة المصرية عالميًا

يمثل فتح السوق الفلبيني أمام صادرات البصل والثوم الطازج المصري حدثًا استراتيجيًا يعزز مكانة مصر كقوة زراعية إقليمية ذات حضور عالمي متنامٍ.
فهذا الإنجاز لم يأتِ صدفة، بل هو ثمرة سنوات من العمل الفني والتفاوضي والرقابي، وترجمة عملية لرؤية الدولة في جعل الزراعة المصرية ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني.
ومع استمرار الدولة في توسيع أسواقها الخارجية وتطوير منظومتها الإنتاجية، يبدو أن المستقبل يحمل مزيدًا من النجاحات للمنتج الزراعي المصري الذي بات يحمل توقيع “صُنع في مصر” بكل فخر في أسواق العالم.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى