بالميراس يصعد لنهائي كأس ليبرتادوريس بعد ريمونتادا تاريخية ضد كويتو.. معجزة كروية تهز أمريكا الجنوبية

في ليلة كروية لا تُنسى، كتب فريق بالميراس البرازيلي فصلاً جديدًا في تاريخ بطولة كوبا ليبرتادوريس، بعدما قلب تأخره أمام نظيره الإكوادوري LDU كويتو إلى فوز درامي مذهل، منح “العملاق الأخضر” بطاقة العبور إلى المباراة النهائية بعد أداء أسطوري أعاد للأذهان روح الفرق البرازيلية العريقة.
الريمونتادا التي حققها بالميراس لم تكن مجرد انتصار رياضي، بل كانت ملحمة حقيقية جمعت بين الشغف، والإصرار، والذكاء التكتيكي الذي تجسد في كل دقيقة من دقائق المباراة.
العودة من المستحيل.. تفاصيل ليلة الريمونتادا التاريخية
انطلقت المباراة وسط أجواء حماسية في مدينة ساو باولو، حيث كان ملعب أليانز بارك يمتلئ بالجماهير التي جاءت على أمل تحقيق المعجزة بعد خسارة الذهاب أمام كويتو في الإكوادور. دخل بالميراس اللقاء تحت ضغط كبير، إذ كان عليه تعويض الهزيمة بهدفين نظيفين، ومع ذلك، بدا الفريق مصممًا على كتابة سيناريو مختلف.
بدأت المباراة بوتيرة سريعة، وضغط قوي من الفريق البرازيلي، الذي استغل عاملي الأرض والجمهور لصالحه. جاءت أولى لحظات الإثارة في الدقيقة العاشرة، عندما سدد النجم إندريك كرة صاروخية ارتدت من العارضة، لتعلن للجميع أن الليلة لن تكون عادية. ومع استمرار الضغط، نجح بالميراس في تسجيل هدفه الأول في الدقيقة 24 عبر رافائيل فيغا بعد هجمة منظمة أظهرت التناغم بين خطوط الفريق الثلاثة.
ورغم الهدف المبكر، لم يتراجع بالميراس، بل واصل الهجوم بضراوة. وفي الدقيقة 43، أضاف مايكون الهدف الثاني من تسديدة قوية على حدود منطقة الجزاء، ليشتعل الملعب بالهتافات. الشوط الأول انتهى بنتيجة 2-0، وهي نفس نتيجة مباراة الذهاب، مما جعل التوتر يبلغ ذروته بين الجماهير التي كانت تعيش على أعصابها.
الشوط الثاني.. عندما رفض بالميراس الاستسلام
مع بداية الشوط الثاني، حاول كويتو تهدئة الإيقاع والاعتماد على المرتدات، لكن المدرب أبيل فيريرا قرأ الموقف جيدًا، وأجرى تبديلات هجومية قلبت الموازين. أدخل المهاجم روني، الذي أحدث الفارق بفضل سرعته وقدرته على اختراق الدفاعات، وفي الدقيقة 67 سجل الهدف الثالث من متابعة رائعة، ليكمل ثلاثية بالميراس ويعلن عن ريمونتادا تاريخية بكل المقاييس.
بعد الهدف الثالث، حاول كويتو العودة إلى اللقاء بتسديدات بعيدة المدى، لكن الحارس المخضرم ويفرتون كان في الموعد، متألقًا بتصديات حاسمة منعت الفريق الإكوادوري من تقليص الفارق. ومع صافرة النهاية، انفجرت المدرجات بالفرح، بينما انهمرت دموع اللاعبين والجماهير التي كانت تعي جيدًا حجم ما تحقق في تلك الليلة المجنونة.
تحليل فني: كيف صنع أبيل فيريرا معجزته التكتيكية؟
المدرب البرتغالي أبيل فيريرا، الذي أثبت مرة أخرى أنه أحد أفضل العقول التكتيكية في قارة أمريكا الجنوبية، نجح في قراءة نقاط ضعف كويتو بدقة متناهية. اعتمد على الضغط العالي، وتضييق المساحات، والتمريرات السريعة التي أربكت الدفاع الإكوادوري.
وبينما ظن الكثيرون أن بالميراس سيكتفي بالهجوم العشوائي، جاء الأداء منظمًا إلى درجة أدهشت المراقبين.
أظهر بالميراس توازنًا مثاليًا بين الدفاع والهجوم. فكل لاعب كان يعرف دوره بدقة: من جوستافو غوميز قائد الخط الخلفي، إلى دانيلو في محور الارتكاز، وصولًا إلى إندريك، النجم الشاب الذي يعتبر مستقبل الكرة البرازيلية. وقد وصفه بعض المحللين بأنه “الفتى الذهبي الجديد للبرازيل” بعد مستواه اللافت في هذه البطولة.
ردود فعل الجماهير.. فرحة تتخطى حدود البرازيل
ما إن انتهت المباراة حتى امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بآلاف التغريدات والمنشورات من جماهير بالميراس ومن عشاق كرة القدم حول العالم. تصدّر وسم #Palmeiras ترند تويتر في البرازيل وأمريكا الجنوبية، فيما تناقلت الصحف العالمية عناوين مثل: “بالميراس يصنع المعجزة”، و“ريمونتادا القرن في كوبا ليبرتادوريس”.
الجماهير خرجت إلى الشوارع في ساو باولو تحتفي بفريقها حتى ساعات الفجر الأولى، حيث علت أصوات الأغاني والأهازيج التي تمجد النادي. البعض وصف هذه الليلة بأنها “ليلة الخلاص”، فيما قال آخرون إنها “العودة التي لن تُنسى”. وكان من الملفت أن جماهير أندية برازيلية أخرى كـ فلامنجو وسانتوس شاركت في التهاني، اعترافًا بعظمة ما قدمه بالميراس.
الصحافة العالمية تتحدث: “بالميراس لا يعرف المستحيل”
تناولت الصحف العالمية الحدث باهتمام بالغ. فقد وصفت صحيفة ماركا الإسبانية المباراة بأنها “ملحمة جنوبية تليق بتاريخ البطولة”، فيما كتبت لاجازيتا ديلو سبورت الإيطالية أن “بالميراس أعاد للأذهان روح السامبا التي لا تستسلم”. أما الصحافة الإنجليزية، فأشادت بالتنظيم الدفاعي للفريق وبقدرة لاعبيه على العودة الذهنية رغم الضغط العصبي الكبير.
من جهة أخرى، اعتبرت تقارير من مجلس الكونميبول أن بالميراس أصبح أول فريق برازيلي يحقق ثلاث ريمونتادات متتالية في النسخ الأخيرة من البطولة، مما يضعه ضمن نخبة الأندية التي صنعت التاريخ الكروي في أمريكا اللاتينية.
من سيكون الخصم في النهائي؟
بعد تأهل بالميراس، ينتظر الفريق البرازيلي معرفة خصمه في النهائي، حيث من المقرر أن يلتقي الفائز من مباراة بوكا جونيورز الأرجنتيني وريفر بليت — المواجهة التي تحبس أنفاس عشاق الكرة اللاتينية. ويبدو أن الجماهير تحلم بنهائي كلاسيكي يجمع بالميراس وبوكا، في تكرار لمواجهات الماضي الملحمية.
تأثير الفوز على معنويات الفريق قبل النهائي
يُتوقع أن يمنح هذا الفوز دفعة معنوية هائلة للفريق ولاعبيه قبل النهائي. فالفوز بثلاثة أهداف نظيفة بعد خسارة الذهاب كان بمثابة رسالة قوية مفادها أن بالميراس قادر على الفوز على أي منافس، مهما كان اسمه أو تاريخه. اللاعبون باتوا يؤمنون بأن البطولة في متناول أيديهم، خصوصًا بعد الأداء البطولي الذي قدموه.
أرقام قياسية وإحصاءات من المباراة
بحسب الإحصاءات الرسمية من الكونميبول، سدد بالميراس 18 كرة على المرمى مقابل 6 فقط لكويتو، واستحوذ على الكرة بنسبة 61%. كما صنع الفريق 9 فرص محققة للتسجيل، وقطع 21 كرة في منتصف الملعب. أما الحارس ويفرتون، فحقق 5 تصديات حاسمة جعلته نجم اللقاء بلا منازع.
تاريخ بالميراس في كوبا ليبرتادوريس
يُعد بالميراس من أكثر الأندية البرازيلية نجاحًا في البطولة، إذ توّج بها ثلاث مرات سابقة (1999، 2020، 2021)، وها هو الآن يسعى لإضافة اللقب الرابع ليصبح على بُعد خطوة واحدة من معادلة رقم إندبيندينتي الأرجنتيني صاحب الرقم القياسي. هذا التاريخ العريق يعزز مكانة بالميراس كواحد من أعمدة كرة القدم اللاتينية.
خاتمة: من قلب ساو باولو إلى المجد القاري
بين دموع الفرح وهتافات الجماهير، أثبت بالميراس أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل شغف يُترجم إلى إصرار لا ينكسر.
الريمونتادا أمام كويتو ستظل واحدة من أكثر اللحظات إلهامًا في تاريخ كوبا ليبرتادوريس، ورسالة لكل عشاق المستديرة أن المستحيل لا مكان له في قاموس الإصرار البرازيلي.
الأنظار الآن تتجه إلى النهائي المرتقب، حيث يسعى بالميراس لتأكيد هيمنته وصناعة مجد جديد في سجل البطولات الخالدة.






