صلاح ينافس مرموش وحكيمي.. موعد إعلان الفائز بجائزة الأسد الذهبي وأسرار المعركة الكروية الإفريقية

تترقب جماهير كرة القدم العربية والإفريقية والعالمية لحظة الإعلان عن الفائز بـجائزة الأسد الذهبي التي تُمنح سنويًا لأفضل لاعب إفريقي، وسط منافسة مشتعلة بين ثلاثة من أبرز نجوم القارة السمراء: المصري محمد صلاح، والمغربي أشرف حكيمي، والمصري الآخر الصاعد بسرعة الصاروخ عمر مرموش. هذه المنافسة ليست مجرد سباق على جائزة رمزية، بل هي انعكاس لمكانة اللاعبين العرب في المشهد الكروي العالمي، ولحضورهم المتزايد في الدوريات الأوروبية الكبرى.
يأتي هذا العام في ظل تداخل كبير بين الإنجازات الفردية والجماعية، حيث برز كل من المرشحين الثلاثة في مشاهد مختلفة داخل أنديتهم الأوروبية، مقدّمين أداءً مميزًا أثار إعجاب المحللين والجماهير. ويزداد الزخم الإعلامي حول الحدث مع اقتراب موعد الإعلان الرسمي عن الجائزة، الذي من المقرر أن يكون خلال الأسبوع الثاني من نوفمبر 2025 في العاصمة المغربية الرباط.
ما هي جائزة الأسد الذهبي؟
تُعد جائزة الأسد الذهبي واحدة من أعرق الجوائز الإفريقية التي تُمنح لأفضل لاعب في القارة السمراء، وهي من تنظيم صحيفة “المنتخب” المغربية الرياضية الشهيرة. بدأت الجائزة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، لتُصبح بمرور الوقت من أبرز المحافل التي تكرّم التألق الإفريقي داخل وخارج القارة.
يشارك في التصويت عشرات من الصحفيين الرياضيين من مختلف الدول الإفريقية والعربية، إلى جانب بعض المحللين والخبراء الكرويين، حيث يُقاس الأداء على مدار العام في كل البطولات المحلية والقارية والدولية. وقد حملت الجائزة اسم “الأسد الذهبي” نسبة إلى شعار المغرب “أسود الأطلس”، مما أكسبها بعدًا رمزيًا قويًا في الوسط الرياضي الإفريقي.
سبق أن تُوّج بها نجوم كبار على مدار العقود الماضية مثل جورج ويا، ديدييه دروجبا، يايا توريه، صامويل إيتو، ومحمد صلاح الذي فاز بها أكثر من مرة في السنوات الأخيرة. هذا العام يبدو أن المنافسة أكثر توازنًا من أي وقت مضى، مع تألق لافت لعدد من النجوم العرب في القارة العجوز.
محمد صلاح.. أسطورة تتجدد كل عام
النجم المصري محمد صلاح، قائد ليفربول الإنجليزي، يدخل سباق الأسد الذهبي وهو يحمل سجلًا حافلًا بالإنجازات الفردية والجماعية خلال العام 2025. رغم المنافسة الشرسة في الدوري الإنجليزي، حافظ صلاح على مكانته كأحد أكثر اللاعبين تأثيرًا في البريميرليج، حيث واصل تسجيل الأهداف وصناعة الفرص، محققًا أرقامًا قياسية جديدة في مسيرته.
سجل صلاح خلال الموسم الماضي أكثر من 25 هدفًا في جميع المسابقات، وصنع ما يزيد عن 12 تمريرة حاسمة، ليكون الهداف الأول لفريقه بلا منازع. أما على الصعيد الدولي، فقد قاد المنتخب المصري في عدة مباريات تصفيات كأس العالم وأمم إفريقيا بأداء ثابت وقيادي. ولا يزال يُنظر إليه باعتباره رمزًا للالتزام والانضباط، ونموذجًا يُحتذى به في الاحترافية.
صحيفة “ذا غارديان” البريطانية وصفت صلاح هذا العام بأنه “اللاعب الذي لا يشيخ”، مشيرة إلى قدرته الفريدة على الحفاظ على مستواه البدني والفني في ظل ضغط المباريات. ويرى محللون أن وجوده في قائمة المرشحين هو أمر طبيعي، بل إن البعض يعتبره المرشح الأوفر حظًا للفوز بالأسد الذهبي للمرة الرابعة في مسيرته.
عمر مرموش.. المفاجأة المصرية في أوروبا
بينما يُعد صلاح من الأسماء الثابتة على قوائم الجوائز، فإن صعود عمر مرموش هذا العام كان بمثابة المفاجأة السارة لعشاق الكرة المصرية. النجم الشاب الذي يلعب حاليًا في صفوف آينتراخت فرانكفورت الألماني قدّم موسمًا استثنائيًا على مستوى الأداء والفاعلية، حيث أصبح أحد أعمدة الفريق الأساسية في البوندسليجا.
مرموش سجل أكثر من 15 هدفًا في جميع المسابقات خلال العام الجاري، بالإضافة إلى مساهماته الحاسمة في تحقيق الانتصارات الأوروبية والمحلية لفريقه. وأشاد المدربون في ألمانيا بقدراته البدنية والتكتيكية العالية، وبمرونته في اللعب في أكثر من مركز هجومي، سواء كمهاجم صريح أو جناح سريع.
كما ساهم مرموش في تعزيز صورة اللاعب المصري في أوروبا بعد سنوات من هيمنة صلاح وحده على المشهد. واعتبره الإعلام الألماني أحد أفضل الصفقات المحلية خلال العام الماضي، حيث قالت صحيفة “بيلد”: “مرموش يملك كل مقومات النجم الكبير، والطريق أمامه مفتوح نحو العالمية”.
أشرف حكيمي.. الظهير الطائر وسلاح باريس السري
المدافع المغربي أشرف حكيمي، نجم باريس سان جيرمان الفرنسي، يدخل سباق الأسد الذهبي للمرة الرابعة على التوالي، في ظل استمرار تألقه مع فريقه ومنتخب بلاده. خلال الموسم المنصرم، أثبت حكيمي أنه ليس مجرد ظهير تقليدي، بل جناح هجومي قادر على صناعة الفارق في كل لحظة.
أرقامه تتحدث عنه: أكثر من 8 أهداف و10 تمريرات حاسمة في موسم واحد من مركز الظهير الأيمن، إلى جانب أدائه المذهل في دوري الأبطال، حيث سجل وصنع أمام فرق من العيار الثقيل. كما يظل حكيمي أحد ركائز منتخب المغرب الذي واصل نتائجه الإيجابية بعد كأس العالم 2022.
يتمتع حكيمي بدعم جماهيري كبير في المغرب والعالم العربي، إذ يُعتبر فخر الجيل الجديد من اللاعبين العرب في أوروبا. ورغم التحديات التي واجهها في بعض فترات الموسم بسبب الإصابات، إلا أنه حافظ على مستواه واستحق مكانه بين الثلاثة الكبار في سباق الأسد الذهبي.
كيف يتم التصويت على الجائزة؟
آلية التصويت على جائزة الأسد الذهبي تمر بعدة مراحل دقيقة لضمان النزاهة والشفافية. تشارك في التصويت أكثر من 40 وسيلة إعلامية إفريقية، بالإضافة إلى عدد من خبراء كرة القدم في أوروبا والعالم العربي. يتم منح النقاط وفق معايير محددة تشمل الأداء الفني، التأثير داخل الفريق، الانضباط، الحضور الجماهيري، والإنجازات الفردية والجماعية.
ويُجمع أصوات الصحفيين إلكترونيًا عبر نظام مشفّر تشرف عليه لجنة مستقلة من صحيفة “المنتخب”، ثم يتم إعلان النتائج النهائية خلال حفل رسمي يُقام سنويًا في المغرب، غالبًا في الأسبوع الثاني من نوفمبر. ويُتوقع أن يُبث الحفل هذا العام مباشرة عبر قنوات دولية وعربية، بالنظر إلى الزخم الجماهيري الكبير حول المنافسة.
لماذا توصف المنافسة هذا العام بأنها الأشرس؟
تأتي نسخة 2025 من جائزة الأسد الذهبي في وقت يعيش فيه اللاعبون العرب حقبة ذهبية في الكرة الأوروبية. فمحمد صلاح ما زال على القمة رغم مرور أكثر من عقد في الملاعب الكبرى، بينما فرض مرموش نفسه كنجم صاعد في الدوري الألماني، وأثبت حكيمي أنه من أفضل الأظهرة في العالم.
الخبراء يرون أن الفارق بين الثلاثة هذا العام ضئيل للغاية، وأن الفائز لن يُحدد فقط بالأرقام بل أيضًا بالتأثير الإعلامي والجماهيري. فصلاح يمتلك شعبية طاغية وتأثيرًا عالميًا، وحكيمي يحمل إرثًا من كأس العالم ونجاحات باريس، بينما مرموش يُمثل جيل الشباب الصاعد الذي يفرض نفسه بقوة.
دلالات فوز أي من اللاعبين الثلاثة
في حال فوز محمد صلاح، فسيكون ذلك تأكيدًا جديدًا على استمراريته التاريخية كأعظم لاعب عربي في العصر الحديث، إذ سيصبح أكثر لاعب فوزًا بالجائزة منذ إنشائها. أما فوز حكيمي فسيعزز مكانة المغرب كقوة كروية إفريقية بعد إنجاز كأس العالم، وسيكرّس تفوق اللاعبين العرب في أوروبا. أما تتويج مرموش فسيكون حدثًا استثنائيًا يمثل انتصار الجيل الجديد من المواهب المصرية التي تسير على خطى الأساطير.
مهما كان الفائز، فإن النتيجة تعكس تطور الكرة العربية وازدهارها، ليس فقط على مستوى المنتخبات، بل أيضًا في القدرة على المنافسة الفردية في المحافل الدولية.
الصحافة الإفريقية تتحدث عن السباق
الصحافة الإفريقية منحت الجائزة هذا العام أهمية مضاعفة. صحيفة “ليكيب أفريك” الفرنسية كتبت أن “الأسد الذهبي 2025 هو سباق بين ثلاثة لاعبين أعادوا رسم ملامح الكرة العربية في أوروبا”، مؤكدة أن صلاح ما زال المرشح الأبرز من حيث الشعبية، لكن حكيمي يتمتع بدعم واسع من الصحفيين المغاربة والفرنكوفونيين.
أما موقع “سوبر سبورت” الجنوب إفريقي، فأشار إلى أن “مرموش هو المفاجأة الجميلة في قائمة المرشحين، وقد يخطف الأضواء إذا استمر في هذا المستوى”. بينما تناولت مواقع مصرية عديدة القضية من زاوية رمزية، معتبرة أن وجود لاعبين مصريين في القائمة النهائية للمرة الأولى إنجاز في حد ذاته.
دور الجماهير ووسائل التواصل الاجتماعي
رغم أن التصويت الرسمي يتم عبر لجان متخصصة، إلا أن تأثير الجماهير على وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن تجاهله. ملايين المنشورات، الصور، والهاشتاغات تملأ المنصات الرقمية منذ الإعلان عن المرشحين. هاشتاغ #الأسد_الذهبي تصدّر الترند في مصر والمغرب خلال الأسبوع الماضي، مع حملات دعم متبادلة بين عشاق صلاح وحكيمي ومرموش.
وتشير بيانات من “تويتر” و”إنستغرام” إلى أن حساب محمد صلاح سجل زيادة ضخمة في التفاعل خلال فترة التصويت، فيما نظمت جماهير مغربية حملات إلكترونية ضخمة لدعم حكيمي، معتبرة أنه “سفير المغرب في أوروبا”. كما حظي مرموش بدعم ملحوظ من جمهور الكرة الألمانية الذي أشاد بتطور مستواه السريع.
كواليس الاستعداد لحفل الإعلان
تستعد العاصمة المغربية الرباط لاستضافة الحفل السنوي الكبير للإعلان عن الفائز، وسط أجواء احتفالية ستجمع نجوم القارة السمراء من مختلف الأندية والمنتخبات. وسيحضر الحفل ممثلون عن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف)، وعدد من أساطير اللعبة السابقين.
ومن المتوقع أن يشهد الحفل عروضًا فنية تبرز التراث الإفريقي، مع تكريم رموز الكرة الذين ساهموا في رفع اسم القارة عالميًا. وستُعرض لقطات خاصة لمسيرة كل مرشح على الشاشات العملاقة قبل إعلان الفائز بالجائزة وسط ترقب ملايين المشاهدين.
التأثير الاقتصادي والإعلامي للجائزة
جائزة الأسد الذهبي لم تعد مجرد لقب رياضي، بل أصبحت حدثًا اقتصاديًا وإعلاميًا ذا عائد كبير. فالشركات الراعية تتسابق للحصول على حقوق بث الحفل والإعلانات المحيطة به، في ظل الشعبية الجارفة للاعبين المشاركين. وتقدر بعض المصادر أن العوائد الإعلانية المرتبطة بالجائزة هذا العام قد تتجاوز 15 مليون دولار.
أما من الناحية الإعلامية، فالجائزة تسلط الضوء على صورة اللاعب الإفريقي عالميًا، وتعيد تأكيد أن القارة السمراء أصبحت مصنعًا للمواهب الكروية التي تغزو البطولات الأوروبية. وهي فرصة أيضًا للبلدان الإفريقية لتعزيز صورتها الرياضية والثقافية أمام العالم.
رأي الخبراء في فرص كل لاعب
يقول المحلل الرياضي الإنجليزي “مايكل أوين” في حديث لصحيفة “ديلي ميل”: “محمد صلاح ما زال الرقم الصعب في الكرة الإفريقية، وأرقامه تتحدث عنه، لكن المنافسة أصبحت حقيقية مع تألق حكيمي ومرموش”.
في المقابل، يرى محلل فرنسي أن “حكيمي يستحق التتويج هذا العام بفضل ثبات أدائه وتأثيره في بطولات كبرى”، بينما أشار خبير ألماني إلى أن “مرموش يجسد قصة صعود استثنائية من لاعب بديل إلى نجم الصف الأول في البوندسليجا”.
هذا التنوع في الآراء يجعل النتيجة مفتوحة على كل الاحتمالات، ويعزز من درامية اللحظة التي ستُعلن فيها النتيجة النهائية.
موعد إعلان الفائز المنتظر
بحسب صحيفة “المنتخب” المغربية، فإن حفل إعلان الفائز سيُقام يوم الاثنين الموافق 17 نوفمبر 2025، في تمام الساعة الثامنة مساءً بتوقيت الرباط، بحضور إعلامي ضخم من مختلف القنوات العربية والعالمية. وسيتم بث الحفل مباشرة عبر منصات متعددة من بينها قناة الرياضية المغربية وقنوات عربية أخرى.
وحتى ذلك الحين، ستستمر التكهنات والتصريحات والتحليلات، فيما يعيش عشاق اللاعبين الثلاثة على أمل أن يكون نجمهم المفضل هو من يرفع تمثال الأسد الذهبي هذا العام وسط تصفيق الجماهير.
الخاتمة: جائزة واحدة.. وثلاثة رموز للعروبة والإبداع
أياً كان الفائز في نهاية المطاف، فإن المنافسة الحالية تُعد شهادة حقيقية على المكانة التي بلغها اللاعب العربي في كرة القدم العالمية. فوجود صلاح ومرموش وحكيمي في صدارة الترشيحات لا يمثل مجرد إنجاز رياضي، بل هو انعكاس لمسيرة طويلة من العمل الجاد والاحتراف، ومن الحلم الذي تحوّل إلى واقع في الملاعب الأوروبية.
لقد أثبت هؤلاء النجوم أن اللاعب العربي قادر على مقارعة الكبار في أقوى البطولات، وأن الحلم الإفريقي لا حدود له. سواء ذهب الأسد الذهبي إلى صلاح الأسطورة، أو حكيمي المقاتل، أو مرموش الواعد، فإن الجائزة في النهاية تبقى فخرًا لكل عربي يؤمن بأن الطموح لا يعرف المستحيل.
وفي انتظار لحظة الحسم، تبقى العيون شاخصة نحو الرباط، حيث سيتحوّل مساء نوفمبر إلى ليلة من الذهب والأسود، تتجسد فيها قصة المجد الإفريقي الذي كتبه أبناء النيل والأطلس وأرض الفراعنة بعرقهم وموهبتهم، في رحلة لا تزال تحمل الكثير من الأمل والإلهام.






