اخبار

الروضة الشريفة تحتضن قلوب الحجاج المصريين

زيارة الروضة.. رحلة قلبية قبل أن تكون جسدية

فتحت الروضة الشريفة في المسجد النبوي أبوابها لحجاج بيت الله الحرام من جمهورية مصر العربية، في لحظات روحانية فريدة امتزج فيها الدعاء بالدموع، والخشوع بالشكر. الروضة التي وصفها النبي ﷺ بأنها “روضة من رياض الجنة”، استقبلت وفود الحجاج المصريين بخشوع بالغ، حيث امتدت الصفوف في هدوء يشبه الطمأنينة، وتسابقت القلوب قبل الأقدام لبلوغ البقعة الطاهرة الواقعة بين المنبر وحجرة النبي. هذه اللحظات المباركة لم تكن عابرة، بل كانت ذروة شوق تراكم خلال سنوات، وصبر دعا الله صاحبه فاستجاب له. الدخول إلى الروضة لم يكن مجرد زيارة، بل مقام روحي يتجلى فيه معنى القرب من الله ورسوله. شعور الحجاج لا يوصف بالكلمات، فكل خطوة داخل الروضة تعني شيئًا مختلفًا: دعاء للوالدين، استغفار عن الذنوب، رجاء في القبول، وحمد على بلوغ هذه النعمة التي يتمناها ملايين المسلمين حول العالم.

زيارة الروضة.. رحلة قلبية قبل أن تكون جسدية

الذهاب إلى الروضة الشريفة ليس مجرد حركة بالجسد، بل رحلة تبدأ من القلب وتتشكل على هيئة شوق صامت، ينمو في الأعماق مع كل صلاة وكل دعاء. حجاج مصر هذا العام حملوا في قلوبهم أمنيات السنوات، ودعوات الأمهات، ورسائل المحبة لمن لم يستطيعوا السفر. الدخول إلى الروضة لم يكن عاديًا، بل حالة من الصفاء تغمر الروح، وكأن الأرض نفسها تشع نورًا وسكينة. من لحظة المرور عبر البوابات وحتى السجود على أرض الروضة، يشعر الزائر أنه انتقل إلى مقام أعلى، حيث تسكن الرحمة، وتتنزل البركة، ويُستجاب الدعاء. في هذا المكان تتوقف الحواس، ويتحدث القلب فقط، ويترقرق الدمع بدون استئذان. الروضة الشريفة ليست مكانًا فحسب، بل زمنٌ خارج الزمن، يُنسى فيه العالم، وتُستعاد الطمأنينة التي لا يمنحها إلا القرب من حضرة النبي ﷺ. لهذا السبب، كانت الزيارة رحلة داخل النفس قبل أن تكون إلى المدينة المنورة.

دموع الشكر.. أول ما يُزرع في أرض الروضة

ما إن تطأ أقدام الحاج المصري أرض الروضة الشريفة، حتى تتسابق الدموع إلى الخدود دون إنذار، وكأن العين قررت وحدها أن تحكي ما لا يُقال. دموع الشكر هي أول ما يُزرع في تلك البقعة المباركة، حيث يذوب التعب، ويتبخر الانتظار، وتتحول الخطوات إلى سجدة امتنان لا نهاية لها. الحجاج وصفوا اللحظة بأنها “خروج من الدنيا”، حيث يختفي الضجيج، وتبقى همسات الدعاء الصادق. البعض دعا لأولاده، والآخر سأل الله حسن الخاتمة، وآخرون وقفوا فقط صامتين، يسبّحون في هيبة الموقف. هذا البكاء ليس حزنًا، بل طمأنينة نادرة لا تُشترى ولا تُمنح إلا هنا، بين المنبر والحجرة. هي لحظة ينكسر فيها القلب لينجبر، وتخرج فيها النفس من صراعاتها لتسكن، ويشعر الإنسان أنه أقرب ما يكون من باب السماء. فزيارة الروضة لا تمر بسلام داخلي فقط، بل توقظ في القلب كل معنى جميل ربما نام طويلًا خلف هموم الحياة.

بين المنبر والحجرة.. أبواب السماء مشرعة

الروضة الشريفة تقع بين المنبر النبوي والحجرة التي يرقد فيها جسد رسول الله ﷺ، وهذه المسافة الصغيرة في حجمها عظيمة في معناها. في هذا الموضع، يشعر الحاج أن أبواب السماء مشرعة، وأن الدعاء يصعد بلا عوائق، وأن النور الإلهي يلامس الروح مباشرة. المكان يجمع بين تاريخ النبوة، وحضور الرسالة، وحميمية الصحابة الذين مشوا عليه وتركوا فيه أثر الخشوع. الحجاج المصريون وقفوا هناك، في تلك الرقعة الطاهرة، يسترجعون سيرة من لا يُنسى، ويبعثون برسائل حب وسلام للنبي الكريم. بعضهم تمتم بالصلاة عليه، وبعضهم بكى شوقًا لرؤيته، والبعض الآخر طلب من الله أن يُدفن قريبًا منه. هذا الموضع يحوّل الزائر إلى عاشق حقيقي، يرى في الأرض جنة، وفي الجدران ذكرى، وفي الهواء طُهر لا يشبه طُهر الدنيا. بين المنبر والحجرة، تُختصر الرحلة، ويتحقق الرجاء، وتُكتب لحظة من الجنة على أرض المدينة النبوية.

الحجاج المصريون.. حضور مهيب وقلوب خاشعة

تميز حضور الحجاج المصريين في الروضة الشريفة هذا العام بحالة من الخشوع المهيب، حيث ظهر الجميع في أبهى صور الانضباط الروحي، والتواضع الكامل أمام عظمة المقام. رجال ونساء من مختلف الأعمار، لم يحملوا سوى قلوبهم ودعواتهم، ولم ينشغلوا إلا بالابتهال والدموع. الأصوات خفيضة، والسكون يغلف المكان، والأعين تترقب بشغف كل لحظة تقضيها في تلك المساحة النورانية. البعض جلس في الزاوية يتلو القرآن، والآخر ركع لله شكرًا، وآخرون رفعوا أيديهم دون أن ينطقوا، وكأن الله يفهم من القلب قبل اللسان. هذا المشهد المصري الأصيل، الذي يجمع بين التدين والبساطة، نقل للعالم صورة ناصعة من الروحانية والاحترام. حجاج مصر لم يكونوا زوارًا فقط، بل رسل حب ووفاء لرسول الله ﷺ، يحملون في ملامحهم حنين الملايين ممن لم يستطيعوا الحضور. ولهذا، كانت لحظاتهم في الروضة رسالة روحانية تُكتب في سجل الزائرين المخلصين الذين يعرفون كيف يُبجّلون مقامًا بهذا الشرف.

الروضة تُعيد ترتيب أولويات الحياة

الوقوف في الروضة الشريفة يُحدث انقلابًا داخليًا لا يلاحظه إلا الزائر نفسه. هناك، حيث الطمأنينة تسكن الجدران، يعيد الإنسان النظر في حياته، ويكتشف أن ما كان يظنه كبيرًا كان صغيرًا، وأن ما أغفله من عبادات كان أثمن من كل شيء. حجاج مصر شعروا أن الحياة تُختصر في لحظة صدق داخل هذه البقعة، وأن الأولويات كلها تتغير: من العمل إلى الآخرة، ومن الركض خلف الدنيا إلى التعلق بالآخرة. الكثيرون عادوا من الزيارة بقرارات جديدة، وأفكار نقية، وعزيمة على تغيير حقيقي يبدأ من الداخل. هذا المكان يوقظ الضمير، ويُشعل الإيمان، ويمنح فرصة نادرة لإعادة التوازن بين المادي والروحي. ولهذا، فإن زيارة الروضة ليست فقط عبادة، بل هي مدرسة للحياة، يخرج منها الزائر بأنقى نسخة من نفسه، وقد قرر أن يعيش بروح جديدة أقرب إلى الله، وأبعد عن شواغل الدنيا التي تُثقِل القلب وتُطفئ النور.

الدعاء في الروضة.. من القلب إلى السماء

في الروضة الشريفة، لا يُحكم الدعاء بالكلمات، بل بما يفيض من القلب مباشرة نحو السماء. كل حاج مصري جلس هناك كان يحمل ورقة في داخله مليئة بالأمنيات، بعضها قديم وبعضها حديث، وكلها طاهرة ونابعة من القلب. البعض دعا بالرزق، والآخر بالشفاء، وبعضهم بكى طويلًا دون أن ينطق، فكان البكاء نفسه هو الدعاء. هذا المكان يُلهم الدعاء الصادق، لأنه يحملك إلى جوار النبي ﷺ، ويجعلك تشعر أنك في حضرة عظيمة تستحق أن تقول كل ما في صدرك. الحجاج شعروا أن كل طلب ممكن، وكل رجاء مقبول، وكل أمنية قابلة للتحقق، لأنهم في أرض البركة والسكينة. بعضهم قال إن قلبه استُجيب قبل أن ينطق، وبعضهم شعر أن الله يسمعه كما لم يسمعه من قبل. الدعاء في الروضة له طعم مختلف، لا يذوقه إلا من ذاب في اللحظة، ونسي كل ما حوله، وفتح قلبه لله دون تكلّف أو حواجز.

تنظيم دقيق يُيسّر على الحجاج ويزيد الخشوع

أشاد حجاج مصر بحسن التنظيم الذي وفّرته السلطات السعودية للدخول إلى الروضة الشريفة، مؤكدين أن الانسيابية والهدوء في الحشود ساعدت على أداء الزيارة بروحانية عالية. تحديد المواعيد المسبقة، وتخصيص مسارات للرجال وأخرى للنساء، ساهم في تقليل التزاحم وأتاح وقتًا كافيًا للعبادة دون شعور بالضغط. فرق الإرشاد والمتطوعين كانوا موجودين بكل اللغات، وقدموا المساعدة بكل لطف واحترام. هذا التنظيم الدقيق لم يمنع الروح، بل ساعدها على التجلّي، وخلق أجواءً مثالية للتأمل والخشوع. الحجاج أكدوا أن التنظيم جعلهم يركزون على العبادة، بدلًا من الانشغال بالوصول أو القلق من الزحام. في هذا المكان الذي يفوق التصورات في قدسيته، كانت التجربة متكاملة: روحانية عالية، وسلاسة في الدخول، واحترام لخصوصية كل زائر. ولهذا، شعر الجميع أن رحلتهم إلى الروضة كانت مُيسّرة من الله أولًا، ومن عباده الذين سهّلوا عليهم الوصول إلى رياض الجنة.

الروضة.. ذكرى لا تُنسى في رحلة العمر

زيارة الروضة الشريفة بالنسبة لحجاج مصر كانت الحدث الأهم في رحلة الحج، بل اللحظة التي سيظلون يتذكرونها طوال حياتهم. البعض قال إن صورة الروضة لا تفارق خياله، وإنه كلما أغلق عينيه تذكّر النور والسكينة والهواء المختلف. آخرون أكدوا أن الدعاء الذي رفعوه هناك سيبقى عهداً بينهم وبين الله. كثيرون التقطوا صورًا بعيونهم فقط، لأنهم شعروا أن الكاميرات لا تليق بهذا المقام، وأن أجمل توثيق هو ما يسكن القلب. الروضة أصبحت في ذاكرتهم مثل الوعد الذي تحقق بعد صبر، والحلم الذي صار واقعًا. هي ليست مجرد محطة في رحلة الحج، بل تجربة قائمة بذاتها، تُعلّم الإنسان أن ما عند الله لا يُنال إلا بالشوق والدعاء والنية الصادقة. ولهذا، خرج الجميع منها وكأنهم خرجوا من مقام لا يُنسى، يحملون ذكرى لا تُشترى، وعهدًا بأن يعودوا يومًا، أو يظلوا أوفياء لتلك اللحظة بكل ما أوتوا من إيمان.

زيارة الروضة.. ختمة روحية لحج مقبول بإذن الله

اختُتمت زيارات حجاج مصر للروضة الشريفة بسكينة تشبه الختام الروحي لحج كامل، حيث شعر الجميع أنهم أكملوا الرحلة بنعمة لا تُقدّر بثمن. من طواف الكعبة إلى الوقوف بعرفة، ومن رمي الجمرات إلى زيارة المدينة، جاءت الروضة كمسك الختام، وكأن الله أراد لهم أن يخرجوا من الرحلة بنقطة نور أخيرة تغسل قلوبهم. البعض قال إنها اللحظة التي شعر فيها بأن حجّه قُبل، والبعض رأى فيها جوابًا على دعواته طوال الطريق. هناك، في ذلك المكان الذي باركه الله، شعروا أن أبواب السماء فُتحت، وأن الرحمة نزلت عليهم كما المطر، وأنهم عادوا إلى بلادهم مطمئنين. زيارة الروضة الشريفة لم تكن مجرد محطة، بل كانت روحًا تتجدد، وعهدًا بين العبد وربه بأن يحيا قريبًا من الله، ما استطاع إلى ذلك سبيلًا. وهكذا، كانت الروضة حقًا ختمة نور على كتاب حجّ كُتب في السماء قبل أن يُكتب في الأرض.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى