فرصتان امتحانيتان لطلاب 3 ثانوي بمدارس المتفوقين واحتساب التقدير الأعلى – ماذا يعني القرار؟

أصدر وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في مصر قرارًا مهمًا يخص طلاب الصف الثالث الثانوي في مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا (STEM)، حيث قررت منحهم **فرصتين لدخول الامتحان لكل مادة** من المواد المحتسبة في معدل النجاح، مع احتساب **أعلى تقدير ونقاط يحصل عليها الطالب بين الفرصتين**.
القرار يمثل تغييرًا جذريًا في آلية التقييم التقليدية، ويأتي في إطار الإصلاحات التي تسعى الوزارة من خلالها إلى تخفيف الضغط على الطلاب وإعطائهم فرصة ثانية لتحسين أدائهم دون أن يخسروا سنة كاملة. كما يهدف إلى تعزيز العدالة بين الطلاب وإتاحة مجال لتدارك الأخطاء أو الظروف الطارئة التي قد تؤثر على أداء الطالب في الامتحان الأول. هذا القرار نال ردود فعل إيجابية بين عدد كبير من الطلاب وأولياء الأمور، بينما طرح بعض التساؤلات حول آليات التنفيذ وشروط الاستفادة من الفرصة الثانية.
ما هي التفاصيل الرسمية للقرار؟
بحسب القرار، يُسمح لطالب 3 ثانوي في مدارس المتفوقين بدخول امتحان كل مادة مرتين: أولًا امتحان “الفرصة الأولى” في نهاية العام الدراسي، ثم “الفرصة الثانية” متزامنة مع امتحان الفرصة الثانية للبكالوريا المصرية.
النتيجة النهائية تحتسب بناء على أعلى علامة يحصل عليها الطالب في أي من الفرصتين، حيث يتم اعتماد التقدير (مثل A, B+ …) ونقاطه في حساب المعدل العام (GPA).
كما أكدت الوزارة أن التقديم للامتحان يخضع لنفس قواعد التقدم العادية، وأن الامتحان يحتسب ضمن السنوات الدراسية، فلا يحق للطالب إعادة الصف الثالث بهدف تحسين المعدل.
أما في حالات الغش أو مخالفة التعليمات الامتحانية، فيتم إلغاء الامتحان فورًا، وتُسقط فرصة الطالب الثانية أيضًا، بحسب الضوابط المعلنة.
بهذا، تمنح الوزارة طلاب STEM فرصة ثانية دون مخاطر إضافية على مسارهم الدراسي، على أن يُحتسب فقط أفضل أداء تحقق ضمن الفرصتين.
لماذا اتخذت الوزارة هذا القرار؟
جاء القرار في ضوء ما وصفته الوزارة بـ “مراعاة الظروف الاستثنائية التي يمر بها الطلاب”، خاصة في ضوء الضغوط النفسية الكبيرة التي ترافق الامتحانات النهائية. في السنوات الأخيرة، زاد الحديث عن أزمة ضغط الامتحانات والإرهاق النفسي بين طلاب الصف الثالث الثانوي، خاصة في مدارس ذات نظام مكثف مثل STEM. وأضافت الوزارة أن الهدف هو توفير بيئة أكثر عدالة ومنح الطلاب فرصة لتدارك أي خطأ تقني أو ظرف طارئ ـ مثل مرض أو ظرف عائلي ـ بدلاً من حرمانهم من فرصة النجاح أو خفض معدلاتهم. كما يعكس القرار رغبة في تشجيع الطلاب على الاستعداد الجيد للفرصة الثانية دون رهبة كبيرة من الفشل.
من جانب آخر، يُنظر إلى القرار على أنه محاولة لتقليل الهجرة نحو النسخة التقليدية للبكالوريا (Thanaweya Amma) بسبب ضغط التقييم في مدارس المتفوقين، بالاحتفاظ بطابع STEM لكن مع مرونة أكبر في التقييم.
كيف يُحسب التقدير والنقاط (GPA) بعد الفرصة الثانية؟
اعتمدت الوزارة نظام GPA على مقياس من 4 نقاط لطلاب STEM.
الآلية: عند النتائج تُرتّب درجات النجاح بين الطلاب، ويُقسّم مدى النجاح إلى 10 شرائح متساوية؛ الشريحة الأعلى تُعطى تقدير A مع 4.0 نقاط، تليها A- بـ 3.7، ثم +B بـ 3.3، وهكذا حتى D- بـ 1.0 نقطة، أما الراسب فيُعطى F – 0 نقطة.
إذا أخذ الطالب فرصة ثانية وحصل على درجة أعلى من الأولى، تُحتسب الدرجة الأعلى فقط. هذا يمنحه فرصة حقيقية لتحسين معدله دون خوف من أن تؤثر الامتحانات الأولى على المعدل النهائي.
وبالتالي، فإن القرار يعزز مبدأ العدالة ويخفض الضغط على الطلاب، لأنه يكافئ الأداء وليس المحاولة الأولى فقط.
ردود الفعل بين الطلاب وأولياء الأمور
سرعان ما انتشر القرار بين طلاب مدارس المتفوقين وعائلاتهم، وكان الاستقبال إيجابيًا بشكل عام. الطلاب أعربوا عن ارتياحهم لأنهم حصلوا على “فرصة ثانية” إذا كانت ظروفهم غير مناسبة في الامتحان الأول، كالمرض أو قلق أو ظرف عائلي. بعضهم وصف القرار بأنه “منصف جدًا” ويقلل من رهبة الامتحانات. وأولياء الأمور رحّبوا بالفكرة لأنها تمنح أبنائهم فرصة حقيقية للنجاح وتحسين مستقبلهم دون التسرع أو التوتر.
بالمقابل، أبدى البعض قلقًا من أن بعض الطلاب قد يستغلون الفرصة الثانية بدون استعداد جيد، معتقدين أن لديهم “ضمانة” النجاح، ما قد يؤدي إلى تهاون في المذاكرة أو الاعتماد على الفرصة الثانية كخيار احتياطي. هذا القلق دفع بعض أولياء الأمور والمدرسين إلى الدعوة لأن يرتبط دخول الفرصة الثانية بشروط، مثل الحضور الفعلي للطالب أو تقديم مبررات واضحة للغياب أو الأداء المتواضع في الأول.
فرص ومزايا القرار على المدى البعيد
القرار من الممكن أن يكون له آثار إيجابية على المدى الطويل، أبرزها خفض الضغط النفسي على طلاب STEM، وتحسين جودة التعليم لأن الطلاب لن يواجهوا رهبة الامتحان النهائي، بل سيعملون بتركيز وهدوء. كما أن وجود فرصة ثانية قد يشجع أولياء الأمور على دعم أبنائهم نفسياً ومادياً، لأنهم لن يشعروا أن “سنة كاملة مهددة”.
أيضًا، قد يؤدي القرار إلى رفع مستوى الأداء العام في مدارس المتفوقين لأن الطلاب سيركزون على الفهم الحقيقي والمراجعة الجيدة بدلًا من الحفظ السريع خوفًا من الرسوب. كما يعزز فكرة أن التعليم يجب أن يكون مرنًا ويأخذ في الاعتبار الإنسان أولًا، وليس فقط النتائج.
نقاط تحتاج إلى متابعة: التحديات المحتملة
رغم المزايا العديدة، توجد بعض التحديات التي يجب على الوزارة والمجتمع التعاطي معها بحذر. أولًا: ضرورة ضبط عملية الفرصة الثانية بحيث لا يتم استغلالها كضمان للكسل أو التهاون، بل كفرصة حقيقية لمن أراد تحسين مستواه. ثانيًا: تأمين نزاهة الامتحانات خاصة في الفرصة الثانية، لأن الضغط على بعض الطلاب قد يدفعهم إلى الغش، وبالتالي يتطلب ذلك رقابة صارمة. ثالثًا: المتابعة النفسية للطلاب لأن الفرصة الثانية قد تسبب ضغط إضافي إذا لم تتوفر لهم موارد دعم جيدة، فالشعور بأن “هذه فرصتي الأخيرة” قد يحمل عبئا كبيرًا.
أخيرًا: توعية الطلاب بأن الفرصة الثانية ليست ذريعة للتقاعس، بل فرصة لتدارك الخطأ وتقديم أفضل ما لديهم بعد مراجعة حقيقية وجهد حقيقي.
مقارنة بين هذا النظام ونظام البكالوريا التقليدي
في النظام التقليدي للبكالوريا العامة (Thanaweya Amma)، الطالب يؤدى امتحانًا نهائيًا واحدًا لكل مادة دون فرصة ثانية، وهذا يجعل الامتحان لحظة حاسمة تحدد مستقبل الطالب الجامعي.
أما في نظام مدارس المتفوقين STEM بعد تعديل القرار، فالطالب يُمنح مرونة أكبر وفرصة ثانية، ممّا يقلل من رهبة الامتحانات، ويجعل العملية التعليمية أكثر رحمة وإنسانية، دون أن تُفقد الصرامة الأكاديمية المطلوبة. هذا التغيير يجعل مدارس المتفوقين أقرب إلى أن تكون بيئة تعلم وليس مجرد رحلة امتحانات.
خاتمة: بين الفرصة والالتزام
قرار منح طلاب الصف الثالث بمدارس المتفوقين فرصتين لدخول الامتحان لكل مادة، مع احتساب التقدير الأعلى، خطوة جريئة تسعى إلى تحقيق التوازن بين العدالة الأكاديمية والرحمة النفسية. إنه يعكس وعيًا من وزارة التربية والتعليم بأن الطلاب بشر أولًا، وقد يخطئون تحت ضغط. لكنها في الوقت نفسه تمنحهم فرصة لإثبات أنفسهم بدون أن يخسروا مستقبلهم بسبب يومٍ واحد.
إذا استُخدمت الفرصة الثانية بحكمة، وبشروط صادقة، يمكن أن تُغير مفهوم الامتحان من اختبار خوف إلى اختبار كفاءة. أما إذا أُسيء استخدامها، فقد تتحول إلى باب للتساهل والضعف الأكاديمي. في النهاية، القرار يحمل في طياته أملًا كبيرًا — لكنه مسؤولية أيضًا.






