هندي يخدع عملاق إدارة الأصول بلاك روك ويكبدها خسائر ضخمة
خسائر ضخمه من هندي بسبب خداع بلاك روك

في واحدة من أكبر قضايا الاحتيال المالي في خلال السنوات الأخيرة حيث تصدرت شركة بلاك روك BlackRock وهي أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم عناوين الصحف بعد أن خسرت ما يقرب من نصف مليار دولار وذلك بسبب عملية احتيال محكمة نفذها شاب هندي بمهارة عالية جدا وهذه القضية صدمت الأوساط المالية العالمية وأثارت تساؤلات كثيرة جدا حول مدى الأمان في كل الأنظمة المالية الحديثة حتى في كل الشركات العملاقة التي تمتلك أحدث وسائل الحماية والتحقق
هندي يخدع عملاق إدارة الأصول بلاك روك ويكبدها خسائر ضخمة
بدأت القصة بشاب هندي يدعى راهول ميهتا الاسم ولقد تم تغيير هذا الاسم لأسباب قانونية كثيرة جدا، حيث انه يبلغ من العمر 32 عامًا، عمل لسنوات طويله في بعض شركات التكنولوجيا المالية في بنغالور، كان يتمتع بذكاء استثنائي عالي جدا في تحليل كل البيانات والبرمجة، لكنه استخدم هذه المهارات في طريق غير قانوني، راهو ل لم يكن مجرد هاكر تقليدي فقط، بل كان يعرف بدقة عاليه كيف تعمل الشركات الاستثمارية الكبرى، وخصوصا تلك التي تعتمد على الأتمتة والذكاء الاصطناعي في إدارة الأصول، من هنا بدأ بتخطيط واحدة من أعقد عمليات الاحتيال المالي الرقمي.
بداية الخطة: استغلال الثقة في الأنظمة الآلية
استغل راهول ثغرات في أنظمة التداول الآلي التابعة لشركات وسيطة تعمل مع بلاك روك، قام بإنشاء شركات وهمية تقدم نفسها على أنها صناديق استثمار ناشئة ترغب في التعاون مع بلاك روك، و أرفق معها مستندات مالية مزيفة تبدو حقيقية تمامًا، تشمل توقيعات رقمية مزورة ورخص رسمية من جهات رقابية مزيفة، وبفضل مهاراته في البرمجة وتحليل البيانات، تمكن من خداع أنظمة التحقق الإلكترونية التي تعتمد عليها الشركة، وكانت الخطوة الذكية التي اتبعها هي اختراق حلقة الموردين الماليين وليس بلاك روك نفسها، أي أنه تسلل من الأطراف الثالثة التي تتعامل معها الشركة، مما جعل تتبع عملياته أمرًا شبه مستحيل في البداية.
كيف تمت عملية الاحتيال؟
في بداية عام 2024، بدأت بلاك روك بالتعامل مع إحدى الشركات الاستثمارية التي أسسها المحتال، بعد أن ظهرت كشريك موثوق في أكثر من منصة مالية مرخصة،استطاع راهول تحويل مبالغ ضخمة على مراحل متتالية، بحجة أنها استثمارات في أدوات مالية قصيرة الأجل، كان يرسل بيانات مزيفة توحي بأن الأموال تم استثمارها في سندات وأسهم ذات عائد مرتفع، بينما في الحقيقة كانت الأموال تحول إلى حسابات متعددة في بنوك آسيوية يصعب تتبعها، في خلال أربعة أشهر فقط، تمكن من الاستيلاء على أكثر من اربع مائه وثمانين مليون دولار أمريكي، قبل أن تبدأ بلاك روك في ملاحظة وجود اي اختلافات في تقارير الأداء المالي لتلك الشركة الوهمية.
اهم التقارير الصادرة عن صحيفه فا ينانشال تايمز
بحسب التقارير الصادرة عن صحيفة فا ينانشال تايمز، لاحظت إدارة المخاطر في بلاك روك أن هناك تأخيرًا غير مبرر في التقارير المالية القادمة من الشريك الهندي، إلى جانب تناقضات في البيانات المتعلقة بالعوائد المتوقعة بدأت الشركة تحقيقا داخليا موسعا، وتبين أن الوثائق التي تم الاعتماد عليها في التعاقد كانت تحتوي على تواقيع رقمية مزيفة صادرة من جهة حكومية هندية غير حقيقية، وبعد فحص معمق جدا لكل المعاملات البنكية، اكتشفت بلاك روك أن السلسلة المالية التي تمر من خلالها الأموال تنتهي إلى حسابات شخصية مرتبطة براهول ميهتا، والذي كان قد اختفى بالفعل قبل أسبوعين من انكشاف القصة.
رد فعل من بلاك روك
الشركة أصدرت بيانا رسميًا أكدت فيه تعرضها لعملية احتيال خارجية لم تؤثر على أموال العملاء أو المحافظ الأساسية التي تديرها، مشيرة إلى أن الخسائر تخص أحد مشاريعها الجانبية في الأسواق الناشئة، ورغم ذلك، فإن حجم الخسائر الضخم الذي تجاوز نصف مليار دولار تسبب في اهتزاز ثقة المستثمرين مؤقتا، ما أدى إلى تراجع أسهم الشركة في بورصة نيويورك بنسبة قد تقارب من 3% في يوم الإعلان عن الحادثة، و أعلنت بلاك روك أنها بدأت إجراءات قانونية وذلك بالتعاون مع كل السلطات الهندية والدولية لملاحقة المحتال، كما تعهدت بتعزيز أنظمة المراجعة الداخلية وايضا التأكد من التحقق اليدوي، وذلك إلى الجانب الآلي في كل المعاملات المستقبلية.
التحقيقات التي اقيمت في الهند والتي تتبعت بعض الحسابات البنكيه
في المقابل، أعلنت الهيئة الهندية للجرائم الاقتصادية ED أنها فتحت تحقيقا رسميًا بعد تلقي بلاغ من بلاك روك والسلطات الأمريكية، وتمكنت الجهات الأمنية من تتبع بعض الحسابات البنكية التي استخدمها المحتال، وتبين أنه قام بتحويل الأموال عبر سلسلة طويلة من الشركات الوهمية في سنغافورة ودبي وسريلانكا قبل أن تختفي الآثار المالية تمامًا، وتشير بعض التقارير إلى أنه ربما فرّ إلى إحدى الدول الأوروبية مستخدما جواز سفر مزيف.
دروس مستفادة من هذه الحادثة
القضية كشفت بشكل واضح أن الذكاء الاصطناعي والأتمتة المالية، رغم كونها أدوات قوية لتسهيل إدارة الأصول، إلا أنها ما زالت عرضة للاستغلال البشري الذكي،أحد الخبراء الماليين صرح قائلا لم تعد الهجمات تستهدف اختراق الأنظمة فقط، بل أصبحت تركز على اختراق الثقة المؤسسية التي تبنى عليها الشركات العملاقة مثل بلاك روك، هذه الحادثة دفعت العديد من الشركات العالمية إلى إعادة تقييم أنظمة التحقق المالي، وإضافة طبقات أمنية بشرية إلى جانب الذكاء الاصطناعي، وذلك لضمان التوازن بين الكفاءة والأمان.
تداعيات على السوق الناشئة
على الرغم من أن بلاك روك قادرة ماليا على امتصاص الخسارة، فإن الواقعة أحدثت ضجة في سوق إدارة الأصول العالمي، فقد بدأت كل البنوك الاستثمارية وصناديق التحوط الأخرى بإعادة النظر في طريقة تعاملها مع الشركاء الجدد، خصوصًا في بعض الأسواق الناشئة، و أطلقت حملات تدقيق موسعة جدا لكل التعاقدات الحديثة، كما ارتفعت الأصوات المطالبة بتشديد الرقابة على التحويلات المالية العابرة للحدود، خاصة تلك التي تتم من خلال شركات ناشئة أو وسطاء غير مسجلين في البورصات الرسمية.
تطور القصة ومستقبل التحقيق
حتى الآن، لا تزال كل السلطات تسعى لتتبع الأموال المفقودة و استردادها، مصادر قريبة من التحقيق قالت إن بلاك روك تمكنت من استرجاع حوالي اكثر من سبعين مليون دولار فقط بعد تجميد بعض الحسابات في دبي وسنغافورة، لكن الجزء الأكبر من المبلغ يعتقد أنه تم تحويله إلى عملات مشفرة، مما يصعب من مهمة التعقب بشكل كبير، والسلطات الأمريكية بالتعاون مع الإنتربول أصدرت مذكرة توقيف دولية بحق المحتال الهندي، وتعمل على تعقب نشاطاته الرقمية عبر البلوك تشين وشبكات التحويل المشفرة.
قصه الاحتيال ليست مجرد حادثه ماليه بل كانت جرس انذار
قصة الاحتيال هذه ليست مجرد حادثة مالية عابرة، بل جرس إنذار حقيقي للشركات والمؤسسات التي تعتمد على الأنظمة الرقمية بشكل كامل وذلك دون رقابة بشرية كافية ولقد أظهرت أن التكنولوجيا، مهما بلغت دقتها، يمكن أن تتحول إلى نقطة ضعف إذا استخدمت ضد نفسها ورغم أن بلاك روك ستتعافى ماليا في خلال فترة قصيرة جدا، فإن الضرر الأكبر يكمن في الثقة التي تزعزعت مؤقتا داخل مجتمع الاستثمار العالمي.






