اخبار التكنولوجيا

الصين تطلق تراخيص رقمية للمؤثرين

اطلقت الصين تراخيص رقميه تعرف عليها

في خطوة جديدة تؤكد اتجاه الصين نحو تعزيز الرقابة على المحتوى الرقمي وضمان مصداقية المعلومات المنتشرة على الإنترنت أعلنت السلطات الصينية عن إطلاق نظام تراخيص رقمية للمؤثرين يلزم صنّاع المحتوى بالحصول على شهادات اعتماد رسمية قبل التحدث في مجالات محددة مثل الصحة والتمويل الشخصي وهذا القرار أثار جدلا واسعا داخل وخارج الصين ما بين مؤيد يرى فيه حماية للمجتمع من التضليل ومعارض يعتبره تقييدًا لحرية التعبير في الفضاء

الصين تطلق تراخيص رقمية للمؤثرين

تعتبر دولة الصين من أكثر الدول التي تمارس رقابة صارمة جدا على خدمات الإنترنت، حيث تمتلك جدار الحماية العظيم وهو المعروف باسم Great Firewall الذي يحد من الوصول إلى كل المنصات الغربية مثل منصه فيس بوك ويوتيوب وايضا تطبيق انستجرام، وبدلا من ذلك، يعتمد بعض المستخدمون في الصين على تطبيقات محلية اخري مثل تطبيق ال Weibo وايضا تطبيق Douyin  حيث انه هو النسخة الصينية من تطبيق تيك توك، و ايضا Bilibili.

خلفية القرار: الإنترنت تحت السيطرة المنظمة

مع الانتشار الواسع للمحتوى الذي يقدمه بعض المؤثرون، خاصة في مجالات هامه مثل الطب والعلاج والاقتصاد الرقمي، قد لاحظت السلطات تزايدا في كل المعلومات المضللة، سواء حول الأدوية والعلاجات المنزلية أو فرص الاستثمار المشبوهة ولذلك، جاء هذا القرار الجديد ليكون ك جزء من خطة وطنية لضبط الفضاء الإلكتروني، وايضا لضمان أن يكون المحتوى المتداول قائما على المعرفة والخبرة الفعلية.

تفاصيل عن النظام الجديد

وفقًا لما أعلنته إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين CAC، فإن المؤثرين الذين يرغبون في نشر محتوى يتعلق بالصحة، او بالطب، أو المال، سيكون عليهم أولا الحصول على رخصة رقمية و تثبت أنهم مؤهلون للحديث في هذه المجالات، وفي مجال الصحة يجب أن يمتلك المؤثر شهادة طبية معتمدة أو إثبات عمل في المجال الصحي، مع تقديم كل الوثائق الرسمية للجهة التنظيمية،اما في مجال الاقتصاد والتمويل يطلب من المؤثرين إثبات خبرتهم المهنية في القطاع المالي أو الحصول على شهادة أكاديمية متخصصة وفي مجالات أخرى عالية الحساسية مثل القانون أو التعليم، قد تطبق معايير مشابهة في المراحل القادمة، أما المؤثرين الذين يشاركون محتوى ترفيهيا أو عامًا فلن يلزموا بهذه التراخيص تماما، لكنهم سيظلون خاضعين لرقابة عامة وذلك لضمان عدم نشر اي معلومات كاذبة أو نشر محتوى يتعارض مع القيم العامة المجتمعيه.

التراخيص الرقمية: هوية إلكترونية موثوقة

الترخيص الرقمي سيكون في شكل هوية إلكترونية موحدة مرتبطة بحسابات المؤثر على كل المنصات المختلفة، وهذه الهوية تظهر أن الشخص حاصل على موافقة رسمية للحديث في مجال معين، ما يمنحه مصداقية أكبر أمام الجمهور، وفي الوقت نفسه تسهل على السلطات مراقبة المحتوى وتتبع المخالفات، ويتوقع أن تسهم هذه الخطوة في الحد من انتشار الشائعات الطبية، خاصة تلك التي انتشرت خلال جائحة كورونا أو التي تتعلق بمنتجات التخسيس والعلاجات الشعبية غير المعتمدة كما تهدف الحكومة إلى رفع جودة النقاشات الاقتصادية على الإنترنت، خصوصًا مع زيادة عدد الشباب المهتمين بالاستثمار عبر التطبيقات الرقمية.

تأثير القرار على المؤثرين والمحتوى الصيني

القرار يفرض واقعا جديدا على المؤثرين الصينيين الذين يملكون ملايين المتابعين، فالكثير منهم بنى شهرته على تقديم نصائح أو تجارب شخصية وذلك دون امتلاك خلفية علمية أو مهنية قوية جدا الآن، سيكون عليهم إما توثيق خبراتهم بشهادات رسمية أو التوقف عن التحدث في تلك المجالات الحساسة، وبعض المؤثرين عبروا عن قلقهم من أن القرار قد يقلل من تنوع المحتوى، بينما رأى آخرون أنه فرصة لإعادة الثقة بين الجمهور وصناع المحتوى الحقيقيين، كما أن بعض الشركات التي تعتمد على التسويق عبر المؤثرين ستحتاج إلى مراجعة حملاتها الإعلانية لتتوافق مع القواعد الجديدة، خصوصًا في القطاعات الصحية والمالية.

الصين ورؤية الإنترنت الآمن والمنضبط

تأتي هذه الخطوة في إطار سياسة أوسع تتبعها بكين لبناء ما تسميه الإنترنت الآمن و المنضبط، وهو مفهوم يربط بين حرية الاستخدام والمسؤولية الأخلاقية والمهنية، في خلال السنوات الماضية، فرضت الصين قواعد صارمة جدا على الألعاب الإلكترونية، الإعلانات الرقمية، وحتى على خوارزميات التوصية التي قد تستخدمها بعض المنصات، ويرى محللون أن نظام التراخيص الجديد لا يهدف فقط للرقابة، بل أيضًا إلى خلق بيئة رقمية أكثر احترافية، تشجع على نشر المعرفة الدقيقة وتحد من ظاهرة المؤثر الخبير في كل شيء التي أصبحت شائعة على مستوى العالم.

ردود الأفعال الدولية

القرار لاقى اهتمامًا واسعا في الأوساط الإعلامية الدولية، حيث رأى البعض أنه نموذج قد تلجأ إليه دول أخرى في المستقبل، خاصة مع تصاعد القلق من التضليل على الإنترنت، ففي خلال السنوات الأخيرة، واجهت منصات مثل يوتيوب و تيك توك و إنستجرام انتقادات بسبب انتشار نصائح صحية خطيرة ومحتوى مالي مضلل، ما دفعها لمحاولة التعاون مع جهات مختصة للتحقق من المحتوى،و لكن في المقابل، يرى منتقدو القرار أن فرض تراخيص رسمية للمؤثرين قد يحد من حرية التعبير ويمنح الحكومة سيطرة مفرطة على الخطاب العام، خصوصًا في المواضيع التي ترتبط بالسياسات الاقتصادية أو الصحية، ويخشى البعض أن يستخدم هذا النظام لاحقًا لتقييد الأصوات المعارضة أو المستقلة، تحت مبرر عدم امتلاك المؤهل المناسب.

بين الحرية والمسؤولية: جدلية متجددة

تفتح الخطوة الصينية الباب أمام نقاش عالمي حول حدود حرية التعبير في العصر الرقمي فبينما يرى البعض أن الإنترنت يجب أن يظل مساحة مفتوحة للجميع، يرى آخرون أن الفوضى المعلوماتية صارت خطرا حقيقيا على الصحة العامة والاقتصاد، وفي الحقيقة، فإن التوازن بين الحرية والمسؤولية أصبح من أكبر تحديات العصر الرقمي فالمعلومات الخاطئة حول دواء أو استثمار قد تؤدي إلى أضرار فعلية تمس حياة الناس ومن هنا، يبدو أن الصين اختارت الطريق الحازم، بتشديد الضوابط وتوثيق هوية المؤثرين لضمان أن من يتحدث في مجال متخصص، يكون فعلا خبيرًا فيه.

المستقبل: هل تنتقل الفكرة إلى دول أخرى؟

يرجح بعض المراقبين أن النظام الصيني قد يلهم دولا أخرى في آسيا أو حتى أوروبا لاعتماد آليات مشابهة، خاصة في مجالات مثل الصحة العامة والاستثمار، فقد بدأت بعض الجهات في الاتحاد الأوروبي بالفعل بمناقشة فكرة التحقق المهني للمؤثرين في المحتوى الحساس، بعد تزايد الشكاوى من تضليل المستخدمين، ومع أن النموذج الصيني يظل أكثر صرامة، إلا أنه يظهر اتجاها عالميا نحو تنظيم الفضاء الرقمي، بحيث لا يصبح الإنترنت ساحة مفتوحة بلا ضوابط، بل بيئة أكثر أمانا و موثوقية.

الصين تعيد رسم قواعد اللعبة في عالم صناعة المحتوي

بإطلاقها نظام التراخيص الرقمية للمؤثرين، تعيد الصين رسم قواعد اللعبة في عالم صناعة المحتوى، ف المؤثر لم يعد مجرد شخص يملك جمهورًا واسعا، بل أصبح مطالبا بإثبات كفاءته و مسؤوليته أمام القانون والمجتمع، وبينما يرى البعض في القرار تقييدًا، يراه آخرون خطوة ضرورية نحو مستقبل رقمي أكثر انضباطًا ومصداقية،ومهما اختلفت الآراء، يظل مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل تحولا كبيرًا في العلاقة بين الدولة والمحتوى الرقمي، وقد تكون بداية لعصر جديد من الشفافية والمساءلة في فضاء الإنترنت الصيني.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى