تصفيات كأس العالم 2026.. مصر والجزائر أمام فرصة حسم التأهل

تصفيات كأس العالم 2026.. مصر والجزائر على أعتاب إنجاز تاريخي جديد
تدخل المنتخبات الإفريقية مرحلة الحسم في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2026، والتي تُقام لأول مرة بمشاركة 48 منتخبًا، ما يمنح القارة السمراء تسع بطاقات مباشرة للتأهل. وتتصدر المنتخبات العربية المشهد في هذه المرحلة، وعلى رأسها منتخب مصر ومنتخب الجزائر، اللذان يقتربان من حسم التأهل المبكر إلى المونديال قبل نهاية المشوار. وقد قدم المنتخبان أداءً مميزًا منذ بداية التصفيات، مع ثبات في النتائج وانضباط تكتيكي عالٍ، جعل الخبراء يضعونهما ضمن المرشحين الأبرز لتمثيل إفريقيا في النهائيات. ويأمل جمهور البلدين أن يكون عام 2025 عام الحسم التاريخي الذي يعيد ذكريات مونديال روسيا 2018 بالنسبة لمصر، ومونديال قطر 2022 بالنسبة للجزائر.
مصر تواصل الصدارة بثبات وتقترب من الحسم
واصل منتخب مصر بقيادة مديره الفني روي فيتوريا عروضه القوية في التصفيات، محققًا العلامة الكاملة في مبارياته الأخيرة التي جمعت بين الأداء المقنع والنتائج المطمئنة. يحتل الفراعنة صدارة مجموعتهم برصيد 12 نقطة بعد أربع جولات، دون أن يتلقوا أي هزيمة أو تعادل، مسجلين ثمانية أهداف ولم تستقبل شباكهم سوى هدف واحد. ويعتمد المنتخب المصري على مزيج من الخبرة والنجوم العالميين مثل محمد صلاح، إلى جانب عناصر محلية متألقة من الدوري الممتاز، مما يجعل الفريق أكثر توازنًا في الخطوط الثلاثة. وتنتظر مصر مباراتين مهمتين أمام منتخبي سيراليون وإثيوبيا، وفي حال تحقيق الفوز فيهما، سيكون الطريق شبه محسوم نحو مونديال 2026.
الجزائر تثبت قوتها وتقترب من الحسم في مجموعتها
في الجهة المقابلة، يواصل منتخب الجزائر عروضه المميزة في التصفيات بقيادة جمال بلماضي، حيث يتصدر مجموعته عن جدارة، بعد سلسلة من الانتصارات التي أبرزت تماسك الدفاع وصلابة خط الوسط بقيادة بن ناصر وبن سبعيني، إلى جانب براعة الهجوم بقيادة رياض محرز وبغداد بونجاح. وتُظهر الإحصائيات أن الجزائر تمتلك أحد أقوى خطوط الدفاع في التصفيات الإفريقية حتى الآن، إذ لم تستقبل سوى هدفين في خمس مباريات، وهو رقم يعكس النضج الفني والتنظيمي للفريق. ويكفي “محاربي الصحراء” الفوز في مباراة واحدة من المباراتين القادمتين لضمان بطاقة التأهل رسميًا إلى كأس العالم، لتكون المشاركة الخامسة في تاريخهم بعد أعوام 1982 و1986 و2010 و2014.
المدربون الأجانب يصنعون الفارق في المنتخبات العربية
يلعب المدربون الأجانب دورًا بارزًا في نتائج المنتخبات العربية المشاركة في التصفيات الحالية، إذ استطاع البرتغالي روي فيتوريا أن يمنح منتخب مصر طابعًا هجوميًا متوازنًا مبنيًا على التنظيم الدفاعي الصارم، بينما واصل الجزائري جمال بلماضي تطوير منظومته التي تجمع بين الصلابة الدفاعية والانضباط التكتيكي العالي. ويُلاحظ أن المنتخبين أصبحا أكثر قدرة على السيطرة في المباريات الصعبة خارج الديار، وهي نقطة كانت تمثل عقبة تاريخية أمام الفرق الإفريقية. كما أن الاعتماد على المدارس الأوروبية في الإعداد والتحليل الفني أسهم في رفع مستوى الأداء، مما جعل مصر والجزائر نموذجين للمنتخبات التي استطاعت توظيف الفكر الحديث في إطار من الهوية المحلية.
الجماهير العربية تترقب فرحة التأهل المزدوج
تمثل تصفيات 2026 فرصة مثالية للجماهير العربية في القارة الإفريقية للاحتفال بتأهل أكثر من منتخب عربي إلى كأس العالم. فإلى جانب مصر والجزائر، تواصل منتخبات المغرب وتونس والسودان تحقيق نتائج إيجابية تعزز حظوظها. غير أن التركيز الأكبر الآن على الفراعنة ومحاربي الصحراء، باعتبارهما الأقرب من حسم التأهل مبكرًا. وتشهد الملاعب العربية حضورًا جماهيريًا كبيرًا في المباريات الأخيرة، حيث ملأت الجماهير المصرية مدرجات استاد القاهرة، فيما رسمت الجماهير الجزائرية لوحات فنية في ملعب تشاكر بالبليدة، تأكيدًا على الارتباط العاطفي الكبير بين الشعوب العربية ومنتخباتها الوطنية. هذه الحالة من الحماس الجماهيري تشكل دافعًا نفسيًا قويًا للاعبين نحو تحقيق حلم الملايين.
منافسو مصر والجزائر.. أمل ضئيل وصراع البقاء
في المقابل، تواجه المنتخبات المنافسة لمصر والجزائر صعوبات كبيرة في ملاحقتهما على صدارة المجموعات. فمنتخبات مثل بوركينا فاسو، سيراليون، وأنغولا تجد نفسها أمام مهمة شبه مستحيلة بعد اتساع الفارق في النقاط. هذه المنتخبات قد تلعب من أجل تحسين مراكزها أو الحفاظ على آمال ضئيلة في التأهل عبر أفضل مركز ثانٍ إذا تم تعديل نظام التصفيات لاحقًا. لكن الواقع يؤكد أن حسم الصدارة في المجموعتين بات قريبًا جدًا من القاهرة والجزائر العاصمة. ومع ارتفاع معنويات اللاعبين واستقرار الأجواء داخل المعسكرات، تزداد الثقة بأن الطريق نحو مونديال 2026 لن يشهد مفاجآت غير متوقعة.
التحليل الفني.. التنظيم والعمق يصنعان الفارق
عند تحليل أداء منتخبي مصر والجزائر، نجد أن التنظيم التكتيكي والعمق في قائمة اللاعبين هما العاملان الأبرز في نجاحهما. منتخب مصر يعتمد على أسلوب “الضغط المتوسط” والانتشار السريع في الأطراف، مستفيدًا من السرعات العالية لمحمد صلاح وعمر مرموش، بينما يعتمد منتخب الجزائر على “التحكم في الإيقاع” من خلال كثافة الوسط وجودة التمرير عبر بن ناصر وفغولي. في الحالتين، هناك وضوح في الفلسفة التدريبية وثقة بين المدرب واللاعبين. كما أن البدائل الجاهزة في كل مركز قلّلت من تأثير الإصابات أو الغيابات، مما أعطى المنتخبات استمرارية في الأداء والثبات الفني الذي تحتاجه التصفيات الطويلة.
سيناريوهات الحسم والتأهل الرسمي
بحسب اللوائح الحالية، يتأهل متصدر كل مجموعة مباشرة إلى كأس العالم، ما يعني أن فوز مصر في مباراتها المقبلة أمام سيراليون سيجعل رصيدها 15 نقطة من خمس مباريات، وهو رصيد يصعب على أي منافس اللحاق به. أما الجزائر، فإن فوزها على أوغندا أو التعادل في مباراتين سيكفي لضمان الصدارة رسميًا. ويُتوقع أن تُحسم بعض البطاقات رسميًا في الجولة السادسة قبل الأخيرة، ما يتيح للمنتخبات المتأهلة بدء التحضير المبكر للمرحلة النهائية من المعسكرات التدريبية والتجارب الودية. كما تُشير المؤشرات إلى أن الفيفا قد يُعلن لاحقًا آلية ترتيب المقاعد الإضافية، مما يفتح الباب لمزيد من المنتخبات الإفريقية للمنافسة على التمثيل التاريخي.
مونديال 2026.. طموح عربي لمشاركة قياسية
يأمل الشارع العربي في أن يكون مونديال 2026 نسخة استثنائية من حيث عدد المنتخبات العربية المشاركة، خاصة مع زيادة مقاعد القارة الإفريقية. وإذا نجحت مصر والجزائر والمغرب وتونس في حسم تأهلهما، فستكون تلك أول مرة في التاريخ يشارك فيها أربعة منتخبات عربية إفريقية في بطولة واحدة. هذا الإنجاز سيمنح الكرة العربية حضورًا قويًا في البطولة العالمية، ويزيد من فرص التمثيل المشرف أمام المنتخبات الأوروبية واللاتينية. كما أن الاستقرار الفني للمنتخبات الكبرى يشكل قاعدة مثالية لتقديم عروض قوية تعكس تطور الكرة العربية خلال السنوات الأخيرة.
خاتمة.. طريق المونديال يمر عبر الانضباط والتركيز
بين طموح الفراعنة وصلابة المحاربين، تتجه الأنظار إلى الجولات الحاسمة في تصفيات كأس العالم 2026، حيث يمكن أن يُكتب فصل جديد من فصول المجد العربي في كرة القدم. ومع كل فوز جديد، تزداد الثقة بأن مصر والجزائر تسيران بثبات نحو التأهل، مدعومتين بجماهير لا تعرف اليأس، ومدربين وضعوا بصماتهم بوضوح على الأداء. وإذا استمر النسق بنفس المستوى من التركيز والانضباط، فإن حجز مقعديهما في المونديال لن يكون مجرد إنجاز رياضي، بل تأكيد على أن الكرة العربية قادرة على المنافسة عالميًا بروح واحترافية تليق بتاريخها وحضارتها الكروية.