حرامي الأتوبيس

كان يا ما كان، في حارة شعبية بسيطة في قلب القاهرة، كان فيه واحد اسمه “مراد”، مشهور بين الناس بإنه “حرامي الأتوبيس”.
مراد كان شاب في التلاتينات، طويل، وسيم وبعيون خضرا وشعر اسود.
كان عنده قدرة غريبة على السرقة من غير ما حد يلاحظ.
كل يوم كان يركب الأتوبيس ويمارس مهاراته بدون ما حد يشك فيه.
مراد اتربى في بيئة صعبة، أبوه كان مدمن، وأمه كانت تشتغل ليل نهار عشان تقدر تأكله هو وأخواته.
مراد اضطر يشتغل من صغره، يبيع مناديل في إشارات المرور، ينضف العربيات، يلم الزبالة، ويعمل أي حاجة تجيب شوية فلوس.
بعدين، لما كبر شوية، اتعرف على شلة من الحرامية الصغيرين، وبدأ يتعلم منهم فنون السرقة والنشل.
وفي يوم من الأيام، كان مراد واقف عند محطة الأتوبيس زي كل يوم، ومستني الأتوبيس اللي بياخده عشان يروح على الشغل بتاعه، أو بمعنى أدق، الشغل بتاعه في السرقة.
الأتوبيس وصل، ومراد ركب بسرعة وبدأ يدور على ضحيته الجديدة.
شاف راجل كبير في السن قاعد قدام وكان ماسك محفظة بين ايده.
الراجل كان باين عليه التعب ومش مركز أوي، فمراد قرر إن ده هيكون الهدف بتاعه النهاردة.
مراد قرب من الراجل بهدوء وبدأ يحاول ياخد المحفظة من إيده.
بس فجأة، الراجل فاق وشد المحفظة بقوة وقال بصوت عالي: إنت بتعمل إيه؟
الناس في الأتوبيس كلهم بصوا على مراد، ومراد حس بالإحراج، بس بسرعة حاول يتصرف بذكاء وقال: آسف، يا حاج، أنا افتكرت المحفظة بتاعتي، عشان فيها شبه كبير منها.
الراجل شاف نظرة البراءة في عيون مراد وصدق كلامه.
وبعد الحادثة دي، مراد قرر إنه لازم يكون حذر أكتر.
وبدأ يراقب الناس أكتر ويختار ضحاياه بعناية.
بس المرة دي كان فيه حاجة مختلفة.
مراد بدأ يحس بإن في حد بيراقبه.
وفعلًا كان فيه بنت شابة بتابعه في كل مكان بيروحه.
كانت بتقف عند نفس المحطة وتركب نفس الأتوبيس وتراقبه بنظراتها.
في يوم من الأيام، قررت البنت إنها تواجه مراد، وبعد ما نزل من الأتوبيس، لقاها واقفة قدامه.
قالتله: أنا عارفة إنت مين وعارفة إنت بتعمل إيه.
اسمك مراد، وانت حرامي الأتوبيس.
مراد اتفاجئ وابتسم بتريقة وقال: وانتي مين بقى اللي عرفك كل ده؟
البنت: اسمي ليلى، وأنا محققة خاصة.
بقالنا فترة بنراقبك وعارفين كل حاجة عنك، لكني مش هنا عشان أقبض عليك، عندي عرض ليك.
مراد كان شاكك فيها، وقال: عرض؟ نوع إيه من العروض؟
ليلى وضحتله، وقالت: إحنا عايزين نستخدم مهاراتك في حاجة أكبر بكتير، في شبكة لتهريب المخدرات في المدينة، وعايزينك تساعدنا في القبض عليهم.
هتشتغل معانا وهنوفرلك الحماية وكل اللي تحتاجه.
مراد فكر شوية وقال: وإيه اللي يضمنلي إنك مش هتقبضي عليا بعد ما اخلص الشغل ده؟
ليلى ردت: أنا كلمتي شرف، ولو رفضت هتكون في السجن قريب.
مراد وافق على العرض وبدأ يشتغل مع ليلى وفريقها.
كان لازم يدخل جوه شبكة المهربين ويكسب ثقتهم.
استخدم مهاراته في السرقة عشان يثبت نفسه ليهم، وبعد شهور من الشغل المتعب والمخاطرة، قدر مراد يكشف عن خططهم ويساعد الشرطة في القبض على زعيم الشبكة.
في يوم القبض، كان مراد واقف جنب ليلى وهو شايف الشرطة وهي بتقبض على المهربين.
ليلى بصتله بابتسامة وقالتله: أديك عملت حاجة كويسة أخيرًا يا مراد.
مراد ابتسم وقال: يمكن دي تكون بداية جديدة.
ليلى: أكيد وكمان فيه مكافأة مستنياك، مش هننسى دورك معانا.
وبعد العملية دي، مراد قرر إنه يسيب حياة السرقة ويبدأ من جديد.
واستخدم المكافأة اللي أخدها من الشرطة وفتح مشروع صغير في الحارة بتاعته.
وبدأت الناس تشوف فيه الشخص الطيب اللي كان مستخبي جوا الحرامي اللي كلهم كانوا بيخافوا منه.
وفي يوم من الأيام، رجع مراد بيته بعد يوم شغل طويل، ولقى أمه قاعدة في الصالة وزعلانة، سألها: مالك يا أمي؟ في إيه؟
أمه ردت بدموع في عينيها: أخوك الصغير، علي اتحبس، قبضوا عليه في قضية سرقة.
مراد حس بالذنب لإنه كان قدوة سيئة لعلي.
قرر يروح قسم الشرطة ويحاول يساعده، ولما وصل القسم، لقى علي قاعد في الزنزانة، وشكله خايف وتعبان.
مراد قاله: إيه اللي حصل يا علي؟ إزاي وصلت لكده؟
علي: كنت محتاج فلوس، وشفتك قبل كده وانت بتسرق، فقلت اعمل زيك، بس اتقفشت.
مراد حس بالذنب أكتر وقاله: أنا السبب في اللي إنت فيه، هحاول أخرجك، بس لازم تتعلم من غلطك.
مراد اتكلم مع ليلى وحاول يقنعها تساعد علي.
ليلى وافقت بشرط إن علي يشتغل معاهم في مهمة جديدة عشان يقضوا على شبكة تانية من المهربين.
علي وافق وبدأ يشتغل مع مراد وليلى.
وبعد المهمة الجديدة، علي كان اتعلم من غلطته وقرر يمشي في الطريق الصح.
مراد كان فخور بأخوه وبنفسه لإنه قدر يساعد علي ويكون قدوة أفضل ليه.
مراد بقى رمز للتغيير في الحارة، والناس بدأوا يحترموه ويثقوا فيه.
بدأ يساعد الشباب الصغير في الحارة ويعلمهم مهارات جديدة ويشجعهم على إنهم يبعدوا عن الطرق الغلط.
وحكى ليهم قصته، وقالهم: دايمًا في فرصة للتغيير، المهم إنك تعرف تستخدم مهاراتك في الطريق الصح.
وفي نهاية القصة، مراد بقى مثال حي على إن أي حد ممكن يتغير ويبدأ حياة جديدة مهما كان ماضيه.
وبقى الناس يشوفوا فيه الأمل والقوة في التغيير، ومراد بقى سعيد بحياته الجديدة اللي بعيد عن السرقة والخطر.