في إحدى الأحياء المصرية البسيطة، كان فيه شاب اسمه كريم.
كريم كان شاب بسيط، لكن الحياة ما كانتش رحيمة بيه، من صغره وهو بيتحمل ضغوطات الحياة، أبو كريم كان شديد، قاسي في معاملته، ودايمًا يحمله مسؤوليات أكبر من سنه.
كريم كان دايمًا يحس إن الدنيا مش منصفة معاه، بس كان بيكتم في قلبه وما يشتكيش.
كريم كان عنده أختين أصغر منه، وكان بيحبهم جدًا، كانوا دايمًا في عينه أهم من نفسه، وكان مستعد يضحي بأي حاجة عشانهم، لكن أبوهم كان دايمًا بيفضلهم عليه، بيهتم بيهم وبيجيب لهم كل اللي بيطلبوه، في حين إن كريم كان بيعيش في ظلهم، محروما من أبسط حقوقه.
يوم من الأيام، قرر كريم إنه يروح يشوف شغله عشان يساعد في مصاريف البيت، ويخفف الحمل على أبوه.
اشتغل كريم في ورشة نجارة صغيرة جنب البيت.
كان بيصحى كل يوم بدري، يروح شغله ويشتغل من قلبه، رغم إنه كان مرهق من كتر الضغوط، بس كان عنده أمل إن يومًا ما الدنيا هتضحك له.
في يوم شغل عادي، كريم كان شغال على منشار كهربائي، وفجأة حصلت حادثة.
المنشار خرج عن السيطرة وجرح كريم جرح عميق في إيده، الدم كان بينزل بغزارة، وكريم كان بيصرخ من الألم، زمايله في الورشة حاولوا يساعدوه، لكن الجرح كان خطير جدًا.
نقلوه على المستشفى بسرعة…..
في المستشفى، اكتشفوا إن الجرح أثر على أعصاب إيده، وده معناه إنه مش هيقدر يشتغل في الشغلانة دي تاني.
كان كريم متحطم، مش بس من الجرح، لكن من التفكير في إنه مش هيقدر يساعد في مصاريف البيت تاني.
حس إنه بقى عبء بدل ما يكون عون لأسرته.
لما رجع كريم البيت، أبوه كان مستني عند الباب.
كريم كان متوقع إن أبوه هيواسيه أو حتى يخفف عنه بكلمة طيبة، لكن اللي حصل كان العكس.
أبوه كان زعلان وحاسس بالإحباط، وقال له: “إنت دايمًا سبب المصايب في حياتنا! مش كفاية إنك طول عمرك فاشل، دلوقتي كمان هتبقى عالة علينا؟”
الكلمات دي كانت زي السهم اللي اخترق قلب كريم، حس إنه ملهوش مكان في الدنيا دي.
خرج من البيت، وماشي في الشارع من غير ما يحس بأي حاجة حواليه.
كان بيدعي في سره ويقول “حسبنا الله ونعم الوكيل” كأنه بيشتكي لله اللي ملوش حد غيره.
كريم قعد يفكر في حياته، في كل اللحظات اللي كان محتاج فيها لحنية أبوه وما لقاهاش، في كل المرات اللي حس فيها إنه مش مهم، وإنه مش زي باقي إخواته.
وقعد يتساءل: ليه أنا؟ ليه أنا بالذات اللي لازم أتحمل كل ده؟
بعد أيام، قرر كريم إنه يبعد عن كل حاجة.
جمع شوية حاجات من البيت، وراح قرية صغيرة كان يعرف فيها حد من زمايله في المدرسة القديمة.
ساب المدينة وكل اللي فيها، وبدأ حياة جديدة بعيد عن كل حاجة بتفكره بالماضي.
في القرية، قابل راجل كبير في السن، كان معروف عنه بالحكمة وطيبة القلب.
الراجل ده شاف في كريم شاب ضايع ومحتاج حد يساعده، فقرر إنه يقرب منه ويبدأ يحكي له عن الحياة والصبر والرضا بالقضاء والقدر.
كريم بدأ يلاقي في كلام الراجل الحكيم ده نوع من الراحة.
بدأ يفهم إنه مهما كانت الدنيا ظالمة، لازم يكون عنده قوة داخلية تحميه من الانكسار.
الراجل علمه إن “حسبنا الله ونعم الوكيل” مش مجرد دعوة، لكنها سلاح في وجه الظلم، ودرع يحمي القلب من القسوة.
ومع مرور الوقت، بدأ كريم يتعلم حرفة جديدة في القرية، وبدأ يبني حياته من جديد بعيد عن الظلم والقسوة.
بدأ يحس بقيمة نفسه، وبدأ يفهم إن الراحة النفسية بتيجي لما تبعد عن الناس اللي بتأذيك وتدور على الناس اللي بتديك قيمة وتحبك بصدق، لكن كريم مانسيش أبوه وأسرته.
كان دايمًا بيدعي لهم بالهداية، وكان بيزورهم كل فترة، رغم إنه كان بيخاف يلاقي نفس القسوة اللي هرب منها، لكن مع الوقت، حصلت معجزة صغيرة.
أبوه بدأ يحس بالندم على معاملته لكريم.
بدأ يحس إنه كان قاسي بزيادة على ابنه، وإن كريم مش يستاهل كل القسوة دي.
في يوم من الأيام، لما كريم رجع يزورهم، أبوه استقبله بكلمات غير متوقعة.
قال له: “سامحني يا ابني، يمكن كنت قاسي عليك، لكن مش عشان إنت أقل من إخواتك، لكن عشان كنت عاوزك تكون أقوى منهم، أنا غلطت، وندمان على كل لحظة جرحتك فيها.”
الكلمات دي كانت بمثابة البلسم اللي داوى جروح كريم.
حس إن جزء من قلبه اللي كان مكسور بدأ يتلم من تاني.
سامح أبوه، وقرر إنه يبدأ صفحة جديدة مع أسرته، وفضل دايمًا فاكر إن “حسبنا الله ونعم الوكيل” كانت هي القوة اللي خلت قلبه يستمر في الحياة.
وفي النهاية، كريم بقى مثال لكل حد بيعاني من الظلم والقسوة.
بقى يروي حكايته للناس عشان يعلمهم إن مهما كانت الحياة صعبة، دايمًا في ضوء في نهاية النفق، وإن القوة الحقيقية هي إنك تعرف تسامح وتكمل حياتك رغم كل حاجة.