قصص إثارة وغموض

تحقيقات المفتش عمر قضية (لعنة عيلة الرفاعي)

أنا إسمي الدكتور أحمد، بكتب الحكاية ديه عن صديقي أستاذ المفتش عمر، وهو متحري شهير، بيعيش في 221 ب شارع بغداد، كانت بداية القصة لما خبط علينا راجل غريب الباب، وكان ده الصبح في يوم سنة 1889.

الراجل الغريب: أستاذ عمر، إسمي الدكتور مازن، وأنا جيت أطلب مساعدتك.

عمر: أتفضل أدخل، إزاي أقدر إني أساعدك؟

قعد دكتور مازن، وقعدت أنا وصديقي عمر بنسمع لحكايته.

الدكتور مازن: أنا دكتور وشغال في بلد ريفيه، وعايش وبشتغل في إدفا، والمكان ده أرض برية كبيرة، وفي هناك بيت كبير في إدفا وهو بيت الرفاعي، وكان أستاذ حسن الرفاعي صاحب البيت، وكان صديقي وأنا كنت الطبيب الخاص بيه.

عمر: قرأت عن إنتهاء حياته في الجرايد.

الدكتور مازن: كان ده من ثلاث شهور فاتت، كتبت الجرايد عن خبر الوفاة، بس ما حكيتش تفاصيل الوفاة.

عمر: هل كان فيه حاجة مش طبيعية خاصة بوفاته؟

الدكتور مازن: مش عارف، بس في حكاية لعنة عيلة الرفاعي، وكان أستاذ حسن مؤمن جداً بالحكاية ديه.

سألت: لعنة؟ قصدك إيه؟

دكتور مازن: هنا بيت القصيدة، خرج دكتور مازن ورقة كبيرة من جرنان.

دكتور مازن: أرجوك أقرأ ده بصوت عالي، ديه حكاية لعنة عيلة الرفاعي.

عنوان الخبر: لعنة كلب آل الرفاعي.

الخبر: سنة 1645، كان أستاذ هارون الرفاعي صاحب بيت الرفاعي، كان شخص سيء وشرير، وحب بنت فلاح في إدفا، إلا إن الأب والإبنه رفضوه، غضب أستاذ هارون الرفاعي، وطلب الأب من أستاذ هارون إنه يفضل بعيد عن المزرعة بتاعتة، وفي يوم كان أهل البنت مشغولين، قدر أستاذ هارون إنه يخطف البنت وياخدها ويحبسها في بيت الرفاعي.

كانت البنت خايفة ومرعوبة، وكان هارون قفل عليها أوضة النوم بالمفتاح، وتجمع مع أصحابه وفضلو يشربوا ويضحكوا.

إستنت البنت الدنيا تضلم وبعد كده فتحت الشباك وهربت منه، كانت مزرعة باباها على بعد أربع أميال من بيت الرفاعي، وعلى الرغم من إن الدنيا كانت ضلمة قدرت البنت إن هي تعرف الطريق تحت ضوء القمر، وبدأت تجري في المستنقع الضلمة.

إكتشف أستاذ هارون الرفاعي، إن البنت هربت، غضب غضب شديد وأمر رجاله إنهم يحضروها، ركبوا كلهم الخيول، وجابوا معاهم مجموعة من الكلاب البرية الخاصة بالصيد.

كانت البنت وقت هروبها وقع منها منديلها، أخذه أستاذ هارون وشممه للكلاب وأمرهم أستاذ هارون إنهم يطلقوا الكلاب عشان تلاقيها، وركب هارون حصانه وجري ورا الكلاب.

بعد فترة تفرق هارون عن صحابة وبدأوا أصحابه يدوروا عن البنت أو الكلاب أو هارون، ما لقوش غير الحصان الأسود الخاص بهارون بيجري من غير صديقهم، وكان بيجري بسرعة جنونية.

بدأ الرجال يخافوا وكانت أصوات الكلاب بتعلى بشكل مريب، وأخيراً لقوا الكلاب واقفة على حافة عالية بتبص لتحت.

قربوا من الحافة وبصوا لقوا إن البنت المسكينة وقعت من الحافة وكان جسمها باين تحت ضوء القمر، بس اللي رعبهم أكثر وخلاهم مفزوعين إنهم شافوا صديقهم هارون الرفاعي مرمي على الأرض جنب البنت وواقف جنب جسمه كلب ضخم أسود، وكان الكلب حط أنيابه في رقبة أستاذ هارون.

إتفزع كل الرجال وهربوا بسرعة، من الوقت ده إنتهت حياة كتير من أبناء عيلة الرفاعي وهما في عمر صغير، وكان موتهم بطرق غريبة، وهي دي لعنه آل الرفاعي.

دكتور مازن: دلوقتي يا أستاذ عمر، إيه رأيك في الموضوع ده؟

عمر: ما اعتقدش إن القصة ديه حقيقية، ليه بتوريني القصة ديه، وهل إنت مصدقها فعلاً؟

دكتور مازن: قبل وفاة أستاذ حسن ما كنتش مصدقها، بس أستاذ حسن نفسه كان صدق القصة وأمن بيها جداً، لدرجة إنه بقى مريض وقلبه ضعيف.

عمر: وليه صدق القصة؟

دكتور مازن: لأنه شاف الكلب جنب المستنقع الكبير، أو ظن إنه شافه، ولما حكالي أستاذ حسن عن الأمر ده، طلبت منه إنه ياخذ أجازه ويريح أعصابه ويسافر المدينة وينسى كل حاجه ليها علاقة بالمكان هنا و اللعنة.

قلت: وهل خد الاجازة؟

دكتور مازن: كانت خطته إنه يروح المدينة يوم الجمعة بس يوم الخميس بالليل خرج يتمشى جنب المستنقع الكبير وما رجعش أبدا ً.

سألت: وإزاي إنتهت حياته؟

دكتور مازن: مات بذبحة قلبية، ولما دورنا عليه لقيناه قريب من المستنقع الكبير، وكان بيجري من حاجة مخوفاه لما مات، أنا متأكد من ده.

عمر: إيه الشيء اللي كان بيجري منه؟

دكتور مازن: أنا بصيت على الآثار في الأرض الطينية، وشفت آثار أقدامه، بس كان في آثار أقدام تانية، وما كانتش آثار أقدام إنسان كانت آثار أقدام كلب عملاق وضخم.

كنت أنا وصديقي عمر مذهولين، كانت الحكاية عجيبة جداً، ما كنتش مصدق بإن في كلب عملاق أنهى حياة أستاذ حسن، بس كنت حابب إني أعرف الحقيقة.

عمر: وهل في حد شاف آثار الأقدام ديه غيرك؟

دكتور مازن: ما حدش شاف آثار الأقدام ديه، حصل بعد كده مطر شديد في نفس الليلة، والصبح كانت كل آثار الأقدام إتمحت.

عمر: كان حجم الآثار ديه قد إيه؟ هل كانت أكبر من آثار أقدام كلب الصيد؟

دكتور مازن: أيوه يا أستاذ عمر، كانت آثار أقدامه كبيرة جداً، ما كانتش زي آثار أقدام كلب عادي.

عمر: وإنت بتقول إن أستاذ حسن هرب من الكلب ده؟

أستاذ مازن: كانت الأرض طينية وشفت آثار أقدام أستاذ حسن وهو خارج من البيت، وكانت آثار الأقدام جنب بعض وكان ماشي في الطريق اللي جنب المستنقع.

بعد كده وقف وأستنى عند البوابة الحديد، وبعد كده إتغيرت آثار أقدامه، وبدأ يبقى فيه تباعد بين القدمين وأكثر عمق، أنا أعتقد انه كان بيجري ناحية البيت، أظن إن في حاجة خرجت من عند المستنقع، أعتقد إن أستاذ حسن شاف لعنة كلب آل الرفاعي.

عمر: وعرفت إزاي إن أستاذ حسن وقف عند البوابة الحديد؟

دكتور مازن: لأنه كان بيدخن سجاير وشفت رماد السجاير الأبيض على الأرض.

عمر: كويس يا دكتور مازن أعتقد إنك ممكن تكون محقق كويس.

دكتور مازن مع إبتسامة: أشكرك.

عمر: بس إنت بتظن إن الكلب العملاق هو اللي أنهي حياة أستاذ حسن؟

دكتور مازن: اللي أنا عارفه ومتأكد منه إنه كان بيهرب من حاجة، ومتأكد كمان إني شفت آثار أقدام لكلب عملاق.

بص دكتور مازن على ساعته وقال: أنا هقابل أستاذ هادي الرفاعي في المحطة بعد ساعة، وأستاذ هادي يبقى إبن أخ أستاذ حسن، وهو كان مسافر في بلد ثانية، ما كانش لأستاذ حسن أي أولاد، فدلوقتي كل الأموال والبيت هيورثهم أستاذ هادي، وبسبب الأمر ده في مشكلة.

عمر: وإيه هي المشكلة؟

دكتور مازن: أعتقد إن أستاذ هادي في خطر؟ هل صح إن أنا أخده لبيت الرفاعي؟

عمر: أرجوك سيبني أفكر في الأمر، خليك في المدينة النهاردة، وبكرة الصبح تعالى وقابلني، وأتمنى إنك تجيب معاك أستاذ هادي.

وقف دكتور مازن وقال: أكيد هعمل كده، أتمنى ليكم نهار سعيد.

إتحرك دكتور مازن عشان يقابل أستاذ هادي في المحطة.

عمر: أنا عندي مشكلة يا أحمد في ثلاث أسئله في دماغي، إيه هي الجريمة؟ ومين اللي عملها؟ وإزاي حصلت؟

تاني يوم الصبح، جه دكتور مازن ومعاه أستاذ هادي لبيتنا في شارع بغداد، كان أستاذ هادي عنده تقريباً 30 سنة، ما كانش طويل بس كانت كتافه عريضة وجسمه قوي، كان شبه رجال المصارعة.

عمر: إزيك يا أستاذ هادي؟

هادي: أنا وصلت إمبارح بس للمدينة وحصلت معايه حاجتين غريبتين.

عمر: إتفضل أقعد يا أستاذ هادي واحكيلي إيه اللي حصل؟

ما فيش حد يعرف إن أنا نزلت في فندق الزهرة، بس بالليل جات ليه رسالة، وكانت الرسالة عبارة عن حروف متقطعة من جرنان ومتكون بيها جمل ما عدا كلمة واحدة كلمة مستنقع مكتوبة بخط الإيد، كانت الرسالة بتقول: حياتك في خطر أمشي بعيد عن المستنقع.

أستاذ هادي: إزاي الشخص ده عرف أنا فين؟

عمر: شيء غريب… إنت قلت إن حصل معاك حاجتين إيه هي الحاجة الثانية؟

أستاذ هادي: ضاعت فردة جزمة، في حد سرق فردة من جزمتي في الفندق.

عمر: فردة جزمة واحدة هي اللي أتسرقت!!

أستاذ هادي: أيوه كانت جزمة جديدة لسه شاريها إمبارح ما استخدمتهاش، وليه يسرق فردة واحدة بس؟

عمر: سؤال ممتاز، أعتقد إني هزورك في فندقك يمكن أقدر أعرف إجابه سؤالك.

هادي: أتمنى إنكم لما تيجي للفندق نقعد ونتغدى مع بعض هناك، أما دلوقتي فاستأذنكم عشان عندي بعض الأعمال عاوز خلصها، هستناكم الساعة 2:00 في الفندق على الغداء؟

عمر: هنكون موجودين في الميعاد.

مشي أستاذ هادي الرفاعي والدكتور مازن في شارع بغداد، وكان عمر بيبص عليهم من الشباك.

عمر: بسرعة يا أحمد لازم نمشي.

لبست الطاقية بتاعتي وجريت ورا عمر للشارع.

سألت: ليه نمشي وراهم؟

عمر: لأن في حد غيرنا ماشي وراهم يا صديقي، بص في راجل هناك جوه العربية ديه بيراقبهم.

بصيت للمكان اللي بيشاور عليه عمر، كانت عربية بيشدها حصان بتتحرك ببطء جداً، جواها راجل عنده دقن سودا، وكان ماشي ورا دكتور مازن وأستاذ هادي.

لف الشخص صاحب الدقن لما عمر شاور عليه، ولما شافنا زعق في سواق العربية وقال، سوق بسرعة جداً.

ضرب السواق الحصان بالكرباج، وفي وقت قليل جداً أختفت العربية.

عمر: أعتقد إن إحنا لقينا إجابة سؤال من الثلاث اسئلة، الشخص ده مشي ورا أستاذ هادي لغاية الفندق الزهرة، وكمان هو اللي بعت الرسالة.

وصلنا الفندق الزهرة، الساعة 1:50، وفي نفس الوقت ده كان أستاذ هادي بيتكلم بشكل غاضب مع مدير الفندق.

أستاذ هادي وهو بيزعق: فردتين جزمة في يومين، فردتين جزمة يتسرقوا من أوضتي، واحدة جديدة والثانية قديمة.

مدير الفندق: هندور في كل مكان يا أستاذ هادي، وهنلاقي فردتين الجزمة المسروقين.

كان أستاذ هادي ساكت طول الفترة اللي كنا بنتغدى فيها، كان متضايق جداً بسبب فردتين الجزمة اللي إتسرقوا.

دكتور مازن: قولي يا أستاذ عمر هل من الصح إن أستاذ هادي يروح بيت الرفاعي؟

عمر: أعتقد إن هناك هيكون أمان أكثر من المدينة هنا، إنت كنت عارف إن في شخص بيراقبكم النهاردة الصبح.

دكتور مازن بدهشة: شخص كان بيراقبنا؟ مين؟

عمر: راجل عنده دقن سودة تقيلة،هل تعرف شخص ليه نفس المواصفات؟

دكتور مازن: أيوه الخادم في بيت الرفاعي، عنده دقن سودة تقيلة وإسمه بهيج، مش عارف هو ليه كان ماشي ورانا، بس أنا أعتقد إن أستاذ هادي في خطر، ولازم إنه يفضل هنا في المدينة.

عمر: لأ مش صح، في المدينة في ملايين من الناس، مش هنقدر أبدا إن إحنا نراقبهم كلهم، أما في إدفا في عدد قليل من الناس، وهيقدر الناس هناك تاخد بالها لو كان في أي شخص غريب.

دكتور مازن: بس الشخص ده ممكن ما يكونش غريب عن إدفا.

عمر: عشان كده أستاذ هادي لازم إنه ما يقعدش في بيت الرفاعي لوحده، صديقي الدكتور أحمد هيروح معاكوا لإدفا.

قلت: اه طبعاً، ما فيش مشكلة، هروح معاكم بالتأكيد.

عمر: كويس…. قولي يا أستاذ هادي، مين الشخص اللي هيمتلك بيت الرفاعي لو إنت إنتهت حياتك؟

أستاذ هادي: مش عارف، كان لأستاذ حسن أخين، والدي اللي سافر بلد تانية، واخ ثاني أصغر منه إسمه رجب، بس هو ما أتجوزش ومات وهو مسافر، ما فيش أي قرايب عايشين، مش عارف مين اللي هياخد كل الفلوس لو أنا إنتهت حياتي.

عمر: هل ممكن أسألك الفلوس ديه قد إيه؟

أستاذ هادي: بالتأكيد يا أستاذ عمر، أنا ورثت من أستاذ حسن فلوس تقدر بمليون جنية.

عمر: أشخاص كثير ممكن يقتلوا أقرب أصدقائهم عشان خاطر مليون جنية.

يوم الحد الصبح، جه عمر معايه للمحطة عشان يوصلني.

عمر: الأمر خطيرة يا أحمد، خليك قريب من أستاذ هادي، ما تخليهوش يمشي عند المستنقع الكبير لوحده بالليل.

قلت: ما تقلقش، أنا جبت معايا مسدسي الخاص.

عمر: كويس جداً، إكتبلي كل يوم وقولي إيه اللي إنت شفته أو سمعته، أحكيلي عن كل التفاصيل.

سلمت على صديقي عمر وقابلت أستاذ هادي والدكتور مازن في المحطة.

أخذت الرحلة بالقطار حوالي ثلاث ساعات، كنا بنبص من شباك القطر على الزرع الأخضر الجميل.

أخيراً وصلنا لإدفا، وفي المنطقة ديه أتحول الزرع الأخضر لأرض يابسة، مليانة بالتلال المكسرة من صخور سودة.

نزلنا من القطر في محطة صغيرة في قرية باجا، وكان مستنينا سواق مع عربة بتجرها خيول وأخذنا لبيت الرفاعي.

وإحنا في الطريق شوفنا شرطي واقف بحصانه، وكان الشرطي ماسك بندقية وبيراقب الطريق.

إتكلمت مع السواق: ليه الشرطي بيحرس الطريق؟ هل في مشكلة؟

السواق: أيوه يا سيدي، إمبارح هرب مسجون من سجن إدفا، وهو شخص شرير وسيء جداً، إسمه سالم، وهو قاتل خطير.

بصيت في المستنقع الفاضي، في اللحظة ديه جت رياح باردة جداً خلتني أترعش.

عمر بيظن إن في حد كان عايز يقتل أستاذ هادي الرفاعي، ودلوقتي كمان فيه قاتل هارب من السجن، حسيت إن المكان هنا خطير جداً، وكنت أتمنى إني أرجع للمدينة.

كان في مجموعة كبيرة من الأشجار حوالين بيت الرفاعي، كان البيت شبه القلعة، اللي واقفة لوحدها جوه المستنقع الكبير الفاضي.

وقفنا خارج بيت الرفاعي وقال دكتور مازن: أنا لازم أمشي دلوقتي عندي حاجات كتير لازم أعملها، وكمان زوجتي مستنياني في البيت.

أستاذ هادي: أتمنى إنك تيجي وتتغدى معانا قريب يا دكتور مازن.

دكتور مازن: هاجي قريب جداً أرجوك أبعتلي رسالة لو كنت محتاج حاجة أياً كان الوقت.

بعد كده ركب دكتور مازن العربية ومشي بعيد.

بعد شوية خرج من البيت راجل عنده دقن سودة تقيلة ووشه باهت، سلم على أستاذ هادي وقال: أهلا بيك في بيت الرفاعي يا سيدي، أنا بهيج، وأنا شغال في البيت هنا من سنين، وقامت زوجتي بكل التجهيزات والترتيبات علشان خاطرك، تحب نعمل جولة حوالين البيت.

أستاذ هادي: أيوه يا بهيج، وده صديقي دكتور أحمد، وهيكون ضيفنا ويقعد معانا كام يوم.

الخادم بهيج: حاضر يا أستاذ هادي.

بعد كده أخذ الخادم الشنط جوه البيت، كنت ببص بعناية للخادم بهيج، هل كان هو نفس الشخص اللي كان بيراقب أستاذ هادي في المدينة؟ أنا مش متأكد، على حسب كلامه إن هو وزوجته موجودين في البيت ده من سنين وبيهتموا بيه.

كل شيء كان منظم، إلا إن البيت كان بارد جداً وبعيد عن الناس، وكان في مشكلة هنا.

الليلة ديه كتبت رسالة لصديقي المفتش عمر، وقلتله كل اللي سمعته وشفته، وأنا بكتب الرسالة سمعت صوت ست بتعيط، وكانت الست الوحيدة اللي في البيت هي زوجة الخادم بهيج، وكنت مستغرب جداً ليه هي حزينة وبتعيط.

تاني يوم الصبح وإحنا على ترابيزة الفطار سألت أستاذ هادي: إنت سمعت صوت ست إمبارح بتعيط بالليل؟

أستاذ هادي: سمعت صوت عياط، بس كنت متخيل إن ده صوت الريح في المستنقع.

كان أستاذ هادي بعد الفطار بدأ في فتح الجرايد وكانت كميتها كبيرة، سبته عشان يقرأها وخرجت أتمشى في المستنقع.

مشيت حوالي ميلين أو ثلاث أميال جنب المستنقع الفاضي، بعد كده سمعت صوت حد بيناديني وبيقول: دكتور أحمد.

لفيت كنت أظن في الأول إنه الدكتور مازن، بس لقيت إن هو شخص غريب بيقرب مني.

الشخص الغريب: أزيك يا دكتور أحمد عامل إيه؟ أنا إسمي بلال، وشفت دكتور مازن النهاردة الصبح وقالي عنك، إنت صديق المتحري الشهير المفتش عمر مش كده؟

 قلت: أيوه يا أستاذ بلال أنا صديقه.

أستاذ بلال: وهل المفتش عمر موجود برضو في بيت الرفاعي، هل هو عنده إهتمام ببلدنا الصغيرة إدفا؟

قلت: أستاذ عمر في المدينة، هو شخص عنده مسؤوليات وأعمال كثير.

بلال: أكيد، أتمنى إنك تيجي معايا وتشوف بيتي، هو قريب جداً من هنا، أنا قاعد هناك مع أختي.

مشيت أنا وأستاذ بلال في الطريق الضيق جمب المستنقع، مشينا ناحية تلة فيها صخور رمادية.

بلال: أرجوك خلي بالك يا دكتور أحمد، خليك ماشي في الطريق اللي أنا ماشي فيه، إحنا دلوقتي في مستنقع باجا الكبير، وفي بحر من الوحل تحت العشب، لو وقعت فيه مش هتخرج منه أبدا ً.

قلت: شكراً إنك قولتيلي ونبهتني، بس ليه إنت بتعيش هنا في المكان الخطير والبعيد عن الناس ده.

بلال: أنا عالم مهتم بالطبيعة، وفي نباتات وطيور مهمة جداً في مستنقع باجا الكبير، وفي حيوانات عجيبة في إدفا.

في اللحظة ديه سمعنا صوت غريب كإنه كان صوت كلب ضخم جاي من مسافة مش بعيدة.

قلت: بلال! مش ده صوت كلب؟

بلال: ده صوت الرياح بس يا دكتور أحمد، الرياح لما بتضرب الصخور بتعمل أصوات غريبة، بس أنا بيتي هنا، وشاور ليه على بيت قريب من التلة وقال: أختي جايه تقابلنا.

الآنسة بسنت بنت جميلة جداً، رفيعة وطويلة وليها عينين سودة، فكرت إزاي في إختلاف شديد ما بينها وما بين أخوها، فهي شعرها أسود أما هو كان شعره أصفر، كان هما الإثنين في ال 30 من عمرهم، وإن ظهر بلال إنه أكبر شوية، كان بلال شخص قصير ورفيع، ما عندوش دقن وشه طويل.

قلت: أزيك يا آنسة بسنت، أنا قابلت أخوكي وكلمني عن مستنقع باجا الكبير وعن النباتات والطيور الغريبة، هل سمعت الصوت الغريب اللي حصل من شوية، وهل الرياح لما بتضرب بالصخور بتصدر الأصوات ديه؟

ردت الآنسة بسنت بسرعة: لا أنا ما سمعتش حاجة، وبصت لأخوها ولاحظت في عيونها خوف.

بصلها أخوها بغضب وقال: خلينا نوري دكتور أحمد بيتنا.

قعدت هناك فترة قليلة، وفي الوقت ده وراني مجموعة النباتات والفراشات اللي عنده.

 بلال وهو بيودعني: أنا هاجي النهاردة أزور أستاذ هادي الرفاعي، هل ممكن تبلغوا ده؟

قلت: اه طبعاً هبلغه، أستاذنكم، لازم أرجع بيت الرفاعي، وأتمنى إني أشوفكم مرة ثانية قريب.

بلال: خليك على الطريق يا دكتور أحمد، وأفتكر مستنقع باجا الكبير، وإن في أشخاص كثير ماتت فيه.

طلعت معايا آنسه بلال عشان تودعني وقالتلي بسرعة وبصوت واطي: دكتور أحمد أنا عايزة أقولك عن الصوت الغريب اللي سمعته، الناس هنا بتتكلم عن لعنة عيلة الرفاعي، وبيقولوا إن ده صوت كلب آل الرفاعي، وبيقولوا إن الكلب ده قتل أستاذ حسن وهيقتل دلوقتي أستاذ هادي، أرجوك ما تقولش لأخويا إن أنا أتكلمت معاك، وأرجع للمدينة، أرجع النهاردة، ودخلت بسرعة للبيت.

مشيت في الطريق الضيق ببطء وفضلت أفكر في اللي قالته الآنسة بسنت.

الرسالة الأولى اللي بعتها دكتور أحمد لعمر: صديقي عمر، أنا قلتلك عن بيت الرفاعي وعلى الأشخاص اللي موجودين فيه، وعندي حاجات تانية عايز أقولهالك.

دلوقتي أنا هرسملك خريطة للمنطقة عشان تبقى فاهم قصدي، بيت الرفاعي بعيد حوالي 2 ميل عن قرية باجا، وأنا بروح للقرية ديه عشان أبعت الرسايل من مكتب البريد هناك.

في أشجار حوالين بيت الرفاعي، وطريق طويل مليان بالشجر بيودي لبيت صيفي صغير في الجنينة، وإنتهت حياة أستاذ حسن الرفاعي قريب من البيت الصيفي ده، وأنا رسمتلك البوابة الحديد اللي كان واقف عندها أستاذ حسن وبيدخن السجاير، وباب البوابة ديه بيتفتح على المستنقع.

كنت حكيتلك عن الجيران هنا، دكتور مازن عايش قريب من هنا في نص المسافة تقريباً بين قرية باجا والمراغة.

قابلت عيلة بلال وبيتهم بعيد حوالي ثلاث أميال عن بيت الرفاعي، هو في الناحية الثانية من الهضبة الكبيرة.

في شخص أنا ما قابلتوش لغاية دلوقتي، دكتور مازن حكالي عنه، وهو أستاذ فارس… هو عالم فلك وعنده تلسكوب كبير بيستخدمه لرصد النجوم.

أما في الأيام اللي فاتت ما كانش بيبص للنجوم كان بيبص للمستنقع، كان بيراقب المستنقع لأن الشرطة هنا لسه ما مسكتش القاتل سالم، أستاذ فارس بيدور في المستنقع عن أشخاص غريبة، بس أنا ما اعتقدش إن القاتل سالم مستخبي في المستنقع لأن هناك ما فيش أكل ولا شرب والجو بارد جداً.

أستاذ هادي كان قلقان جداً على عيله بلال، وبيعتقد إن القاتل دخل بيتهم، وكان أستاذ هادي زار الآنسة بسنت كذا مرة، وبقت في علاقة صداقة قوية بتربطهم، بس أستاذ بلال متضايق جداً ومش بيحب إن أستاذ هادي يزور أخته.

هقولك دلوقتي عن مجموعة أخبار عن الخادم بهيج في بيت الرفاعي، هو شبه الشخص اللي إحنا شفناه في العربية في المدينة، اللي كان ماشي ورا أستاذ هادي ودكتور مازن في شارع بغداد.

أنا قلت لأستاذ هادي في اللي أنا بفكر فيه، وسأل أستاذ هادي الخادم، هل راح للمدينة من قريب؟

كان رده إن عمره ما راح للمدينة في حياته، وزعل الخادم بهيج من سؤال أستاذ هادي، وكان عايز يسيب بيت الرفاعي، أعتذر منه أستاذ هادي وأداله بعض اللبس هدية ليه، وشكره الخادم بهيج، وشكرته كمان زوجته على اللبس اللي أداه لزوجها.

بعد كده إمبارح بالليل شفت حاجة غريبة، سمعت في نص الليل  صوت خطوات خارج باب أوضة نومي، ولما بصيت لقيت الخادم بهيج ماسك شمعة ومشي لنهاية الطرقة، وقف عند الشباك الكبير اللي بيبص على المستنقع، وفضل يحرك الشمعه قصاد الشباك يمين وشمال.

جريت وبصيت من شباك أوضتي، وشفت في المستنقع ضوء بيتحرك بنفس الطريقة، وكان الضوء ده قريب من الهضبة الكبيرة، واضح إنها كانت إشاره، بس كان معناها إيه؟!

 

لتكملة القصة اضغط الزر بالاسفل



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى