تحقيقات المفتش عمر قضية (لغز إختفاء اللاعب جمال)

شئ عادي إن يوصلنا تلغرافات عجيبة في شارع بغداد… بس اللي فاكره بشكل قوي هو تلغراف وصلنا في يوم من أيام شهر فبراير تقريباً من حوالي سبع، أو تمن سنين…
التلغراف ده خلى عمر في حالة دهشة مدة ربع ساعة، وكان التلغراف كالتالي: لو سمحت إستناني… مصيبة كبيرة… لاعب الجانب الأيمن إختفى… مالوش بديل بكرة… توقيع إبراهيم.
قرأ عمر الرسالة أكتر من مرة، وقال: عليها ختم بريد شارع سنان، وإتبعتت الساعة 10:36 دقيقة… واضح إن أستاذ إبراهيم اللي بعتها كان منفعل جداً، وهو بيكتبها واضح إنه كانت أفكاره ملخبطة، ومنفعل.
المهم أعتقد إنه هيكون موجود هنا بمجرد ما أخلص قراءة الجرنان، ووقتها هنعرف كل حاجة… في الوقت اللي أنا فيه ده هرحب بأي قضية مهما كانت تافة.
كان الوضع صعب جداً… كنت دايماً بخاف من فترة قلة الشغل، وده لإن عقل صديقي النشيط جداً بشكل غير طبيعي ما ينفعش إنه يفضل بدون أفكار.
قضيت سنين كتير بساعده إن يتخلى عن السجاير، والشرب اللي كانوا هيدمروا حياته في يوم من الأيام، ويضيعوا مسيرته… على الأقل دلوقتي بطل إنه يستخدمهم بشكل مسرف… بس أعتقد إن الرغبة في إستخدامهم بإسراف لسه موجودة، وممكن تصحى تاني في اي وقت… عشان كده كنت دايماً بخاف من الفترة اللي بيكون فيها الشغل قليل… وبمجرد ما وصلت رسالة أستاذ إبراهيم أياً كان مين هو كنت مبسوط جداً برسالته الغريبة اللي نبهت عمر، وخلته في حالة دهشة، وإستغراب.
زي ما عمر قال وصل صاحب الرسالة بعد شوية… كانت البطاقة بتاعته مكتوب عليها أستاذ سليم إبراهيم من جامعة القاهرة… كان جسمه ضخم، وهو شاب… أعتقد إن عظمه، وعضلاته ممكن تعدي ال 100 كيلو جرام، وطي الشاب شوية علشان يقدر يدخل بكتفه العريض من الباب، وبدأ يبصلنا أنا، وعمر بملامحه الوسيمة اللي مليانة قلق.
الضيف: أستاذ المفتش عمر؟
حرك صديقي راسه… كمل الضيف: أنا كنت في قسم الشرطة، وقابلت هناك المفتش إسماعيل وهو اللي قالي إني أجي أزور حضرتك، وكمان قالي إن التحقيق في القضية دي خاص بمجالك أكتر من إنه يكون خاص بمجال الشرطة.
عمر: أقعد لو سمحت، وإحكيلي إيه اللي حصل.
أستاذ سليم: الأمر فظيع يا أستاذ عمر فظيع جداً… جمال
سمير أكيد سمعت عنه مش كده؟ هو أهم لاعب في الفريق كله… أنا معنديش مشكلة إني أستغنى عن المهاجمين طالما جمال موجود في منطقة اليمين… محدش يقدر يلمسه سواء كان معاه الكورة، أو كان بيدافع، وبيوقف المهاجمين… كمان هو قائد الفريق، وهو اللي بيخلينا كلنا نحس بالقوة، والتماسك… أعمل إيه؟
هو ده اللي أنا جاي علشان تساعدني فيه يا أستاذ عمر… في لاعب إحتياطي إسمه مدحت بس هو بيلعب في خط الوسط، وعمره ما هيقدر يقوم بنفس المهمة اللي بيقوم بيها جمال بشكل كويس… هو بيعرف ينفذ الضربات الثابتة بس للأسف معندوش موهبة التميز كمان ما بيجريش بسرعة خالص… يا الله… جعفر، ومحمد في فريق الخصم يقدروا يفوزوا عليه بسهولة.
أما اللاعب فايز فهو سريع إلا إنه ما بيسجلش أهداف، واللاعب اللي ميقدرش ينفذ الركلة، أو يسجل الهدف ما يستحقش إنه يلعب حتى ولو كان سريع… لاء يا أستاذ عمر أكيد إحنا هنخسر لو ما ساعدتناش إن إحنا نلاقي جمال سمير.
سمعت أنا، وصديقي عمر بدهشة لحكاية الضيف الشاب اللي كان بيحكيها بإنفعال، وحماسة، وسرعة شديدة، وكان بيضرب على ركبته عشان يأكد كل كلمة بيقولها.
لما خلص الضيف كلامه مد عمر إيده، ومسك دفتر السيرة الخاص بيه، وطلع حرف الجيم إلا إنه للأسف، ولأول مرة كان بحثه بدون فايدة.
عمر: في أسماء كتير جداً فيه المزور، والحرامي، والقاتل إنما إسم جمال سمير جديد عليا.
إندهش الضيف جداً من كلام عمر، وقال: إزاي يا أستاذ… أنا كنت فاكر إن إنت بتطلع على كل الأخبار؟ أظن بقى إنك ما تعرفنيش أنا سليم إبراهيم أنا كمان… مدام مسمعتش عن جمال سمير مش كده؟
إبتسم عمر، وحرك راسه بمعنى لاء.
قال اللاعب بإنفعال: يا الله … إزاي أنا كنت اللاعب الأساسي لفريق المدينة في مواجهة فريق ويلز، وكنت قائد منتخب الجامعة طول السنين اللي فاتت؟ بس ده مش مهم أنا عمري ما تخيلت إن فيه إنسان واحد في المدينة ما يعرفش مين هو جمال سمير لاعب الجانب الأيمن في فريق القاهرة، وصاحب العشر مباريات الدولية… يا الله يا أستاذ عمر إنت عايش في أنهي دنيا؟
ضحك عمر ضحكه ساذجة، وقال: إنت عايش في عالم مختلف العالم عن اللي أنا عايش فيه يا أستاذ سليم… يمكن عالمك يكون عالم أجمل، وأحسن.
تفاصيل القضايا بتاعتي ممكن توصل لكل شرائح المجتمع بس أنا مبسوط إني أقولك إن هي ما قربتش أبدا من الرياضة، وهي أفضل شريحة إجتماعية، وأحسنها إستقراراً بس زيارتك ليا بتبينلي إن العالم اللي إنت بتعيش فيه اللي غالبا بيكون نقي، وصافي، وبيتسم باللعب النزيه ممكن كمان إن يكون فيه شغل ليه.
دلوقتي لو سمحت أنا هطلب منك إنك تقعد، وتقولي بهدوء إيه اللي حصل عشان أقدر أساعدك.
ظهر على ملامح الشاب سليم نظرة قلق… أظن إن الشخص ده دايماً بيستخدم عضلاته أكتر من عقله، وبعد شوية بدأ يقول قصته إلا إني هكتب هنا الحاجات المفيدة، وهحذف التفاصيل الغير واضحة، والمتكررة من قصته.
الشاب سليم: الموضوع يا أستاذ عمر زي ما قلتلك إن أنا مدرب فريق كلية القاهرة، واللاعب جمال من أحسن أفراد الفريق… بكرة هنواجه فريق عين شمس… وصلنا كلنا إمبارح في فندق بينلي الخاص، والساعة 10:00 خرجت أتمشى شوية، ولقيت إن كل أصدقائي ناموا، وده لإني حريص جداً على إنهم يتدربوا تدريب قوي، وياخدوا فترة كافية من النوم عشان يحافظوا على لياقتهم.
إتكلمت شوية مع جمال قبل ما أروح للنوم كان ظاهر على وشه إنه باهت، وإنه حزين سألته ماله… رد عليا إن هو كويس، وإنه عنده شوية صداع… قلتله تصبح على خير، وسبته
نص ساعة، وقالي حارس الأمن في الفندق إن راجل شكله غريب عنده دقن جه، ومعاه رسالة لجمال، وكان لسه جمال ما نامش.
إستلم جمال الرسالة، وقرأها، ووقع على الكرسي كأن حد ضربه على راسه… إتخض فرد الأمن جداً، وكان هيروح يجيبني من أوضتي بس جمال منعه.
شرب جمال شويه مية، وتمالك نفسه، وبعد كده نزل الدور اللي تحت، وقال كام كلمة للراجل اللي كان مستني في الطرقة، ومشيوا هما الإتنين مع بعض… وآخر حاجه شافها حارس الأمن إنهم مشيوا لشارع سنان، وكانوا تقريباً بيجروا.
النهاردة الصبح كانت أوضة جمال فاضية ما نمش على سريره أبدا…كل حاجته موجودة زي ما هي زي ما شفتها إمبارح بالليل.
مشي جمال مع الشخص الغريب، وما سمعناش عنه حاجة من الوقت ده أعتقد إنه مش هيرجع أبدا… ما صدقش أبدا إن جمال ممكن ينقطع عن تدريبه، ويحط فريقه، ومدربه في مشكلة كبيرة… مستحيل أنا متأكد إنه إختفى غصب عنه للأسف حاسس إنه إختفى للأبد، وإن إحنا مش هنشوفه أبدا.
سمع عمر بإنتباه شديد للحكاية الغريبة اللي قالها الشاب، وبعد كده قال.
عمر: وإنت عملت إيه؟
الشاب: بعت رسالة لجامعة القاهرة أسأل إذا كان في حد يعرف عنه حاجة هناك، وكان الرد على الرسالة إن محدش شافه.
عمر: هل كان يقدر يرجع القاهرة؟
الشاب: أيوه كان آخر قطر هيمشي الساعة 11:15.
عمر: هل قدرت تتحقق من أمر إنه ما ركبش القطر؟
الشاب: أيوه، وللأسف محدش شافه.
عمر: عملت إيه بعد كده؟
الشاب: بعت رسالة لأستاذ مجدي.
عمر: وليه بعت رسالة لأستاذ مجدي؟
الشاب: ده لان جمال يتيم، وأستاذ مجدي هو قريبة الوحيد أعتقد إن هو عمه.
عمر: الموضوع بدأ يظهر فيه تفصيلة جديد، وهو إن أستاذ مجدي من أغنى أغنياء المدينة عم اللاعب.
الشاب: سمعت جمال بيقول حاجة زي كده.
عمر: هل كان صديقك علاقته قوية بعمه؟
الشاب: أيوه هو وريثه الوحيد، وخاصة إن الشخص ده عنده 80 سنة تقريباً، وعنده مرض صعب جداً… ما إداش جمال شيلن واحد طول حياته، وده لإنه بخيل جداً… بس كل الثروة هترجع لجمال في الآخر.
عمر: هل رد عليك أستاذ مجدي؟
الشاب: لاء للأسف.
عمر: ليه ممكن صديقك يروح لأستاذ مجدي؟
الشاب: أنا متأكد إن كان في حاجة مخليه جمال قلقان إمبارح، ولو كان الموضوع ليه علاقة بالفلوس فممكن إن هو يروح لقريبه اللي عنده فلوس كتيرة جداً، ويطلب منه.
على الرغم إن كل اللي سمعته عن بخل الشخص ده إنه مكانش هيقدر يأخد منه أي حاجة إلا إن جمال بيحب عمه العجوز، وعمره ما كان هيروحله، ويطلب منه فلوس لو كان قدامه فرصة تانية.
عمر: نقدر إننا نحسم الأمر لو كان جمال صديقك راح عند عمه أستاذ مجدي… إلا إننا لازم نفسر وجود الراجل اللي شكله غريب في الساعة المتأخرة، وكمان سبب القلق، والفزع اللي حصل لصديقك بعد ما أقرأ الرسالة.
ضغط الشاب سليم بإيده على راسه، وقال: أنا مش لاقي أي تفسير.
عمر: تمام… أنا فاضي النهاردة، وهكون سعيد لو حققت في قضيتك… بس لازم أنصحك إنك تجهز للمباراة بغض النظر عن وجود جمال… لإن زي ما إنت ما قلت هو عمره ما هيحطك في الموقف ده إلا لو كان في ظرف غصب عنه، وممكن جداً الظروف دي يخليه بعيد.
خلينا نروح دلوقتي مع بعض للفندق، ونتكلم مع حارس الأمن اللي يمكن يدينا معلومة جديدة في القضية.
كان عمر عنده موهبة إنه يقدر يطمن الشهود البسيطة، وده حصل فعلاً، وقدر حارس الأمن إنه يحكي كل حاجة جواه بعد ما قعد هو، وعمر لوحديهم في أوضة اللاعب جمال الفاضية.
كان الشخص اللي جه إمبارح بالليل شكله من طبقة متوسطة، وهو ده الوصف اللي قاله حارس الأمن، وإنه عنده 50 سنة… عنده دقن فيها شعر أبيض كتير، وشه باهت… لابس لبس عادي… وكان الشخص ده نفسه شكله قلقان، ولاحظ حارس الأمن إن إيده كانت بتترعش، وهو بيسلمه الرسالة.
حط جمال الرسالة في جيبه ، وما سلمش على الشخص اللي كان في الطرقة إلا إنهم إتكلموا بكلمات بسيطة ما فهمش منها حارس الأمن إلا كلمة الوقت، وبعد كده مشيوا بسرعة بنفس الوصف اللي وصفه الحارس قبل كده، وكان الكلام ده الساعة 10:30 بالظبط.
قال عمر، وهو قاعد على سرير جمال: ثواني… إنت حارس فترة الصبح مش كده؟
الحارس: أيوه يا أستاذ أنا ورديتي بتخلص الساعة 11:00.
عمر: أعتقد إن الحارس اللي بعدك ما شافش حاجة مش كده؟
الحارس: أيوه يا أستاذ… جه بعد كده فرقة مسرح في وقت متأخر، ومفيش حد جه تاني.
عمر: هل كان شغلك إمبارح طول اليوم؟
الحارس: أيوه يا أستاذ.
عمر: هل جت رسالة لأستاذ جمال تاني؟
الحارس: رسالة واحدة.
عمر: شيء مثير… كانت الساعة كام وقتها؟
الحارس: الساعة 6:00 تقريباً.
عمر: كان فين أستاذ جمال لما إستلمها؟
الحارس: كان في أوضته.
عمر: هل كنت موجود لما فتحها؟
الحارس: أيوه يا أستاذ لإني وقفت أستنى إذا كان هيبعت رد على الرسالة.
عمر: تمام، وإيه اللي حصل؟
الحارس: كتب رد على الرسالة يا أستاذ.
عمر: هل بعت الرسالة؟
الحارس: لاء يا أستاذ بعتها بنفسه.
عمر: هل كتبها، وإنت موجود؟
الحارس: أيوه يا أستاذ أنا كنت واقف عند الباب، وهو كان مديني ضهره عند الترابيزة دي، ولما خلص كتابتها قال: شكراً بس أنا هبعت الرسالة بنفسي.
عمر: كتب بإيه؟
الحارس: بقلم حبر يا أستاذ
عمر: هل كانت إستمارة التلغراف واحدة من الموجودين على الترابيزة دي؟
الحارس: أيوه هي الإستمارة اللي فوق دي.
قام عمر، ومسك إستمارة التلغراف ناحية الشباك، وبدأ يفحصها بدقة، وقال، وهو بيرمي الإستمارة على الترابيزة تاني، وبيتحرك.
عمر: للأسف إنه ما كتبش بقلم رصاص فأثر كتابة القلم الرصاص بتكون واضحة، وبتنطبع على الورقة اللي بعدها… الأمر ده كان مشكلة كبيرة وفضح ناس كتير بس للأسف أنا هنا مش لاقي أي أثر بس أنا عندي أمل… هو كتب بريشة طرفها عريض أكيد هنلاقي أثر الكتابة على نشافة الحبر… اه هو ده اللي أنا بدور عليه.
قطع عمر ورقة منديل رقيقة، وحطها على النشافة، وظهر كلام بالمقلوب.
قال اللاعب سليم بإنفعال: حطها قدام المرايا.
عمر: مفيش داعي الورقة رقيقة، وهيظهر الكلام في الجزء اللي ورا، وكانت الرسالة: أقف جنبنا لو سمحت.
عمر: كانت هي دي آخر جملة كتبها جمال قبل ساعات من إختفائه أكيد… فاتني حوالي ست كلمات على الأقل في الرسالة دي، وكل اللي باقي هي كلمة أقف جنبنا أرجوك…
واضح إن صديقك الشاب كان عنده خطر، ومشكلة كبيرة، وإن كان في شخص تاني يقدر إنه يحميه.
كمان لاحظوا كلمة جنبنا دي معناها إن في حد تاني مقصود بالجملة يا ترى ممكن يكون مين غير الشخص اللي عنده دقن، واللي كان هو كمان في حالة قلق… إيه العلاقة ما بين اللاعب جمال، والشخص صاحب الدقن؟ ومين الشخص التالت اللي كانوا بيترجوه إنه يحميهم من الخطر؟ أعتقد إن قضيتنا متوقفة علي الأسئلة دي.
قلت: أعتقد إن إحنا محتاجين نعرف هو بعت الرسالة الأخيرة لمين.
عمر: بالظبط يا أحمد أنا فكرت في الموضوع رغم إنه صعب… وده لإنك لو دخلت أي مكتب بريد، وطلبت إنك تعرف معلومات عن الشخص المرسل فأكيد هيكون في صعوبات من ناحية الموظفين… فالموضوع ده بيكون فيه كتير من الإجراءات الروتينية… بس أعتقد برضو إنه ممكن بإسلوب لطيف، وبطريقة كويسة نقدر نوصل اللي إحنا عايزينه.
دلوقتي، وبما إنك موجود يا أستاذ سليم أنا حابب إني أفحص الورق اللي موجود على الترابيزة.
كان في مجموعة من الرسايل، والفواتير، والدفاتر… مسكها عمر، وبدأ يفحصها بسرعة، وقال: مفيش حاجة هنا…هل اللاعب جمال كان صحته كويسة، ولا كان تعبان من حاجة؟
سليم: لاء كانت صحته كويسة جداً.
عمر: ما شفتوش تعبان أبدا؟
سليم: ولا يوم واحد… هو بس في يوم أضطر إنه يقعد في البيت بسبب إصابة في رجله بس مكانش ليها تأثير كبير عليه.
عمر: أظن إنه مكانش قوي زي ما إنت متخيل، وأعتقد إن هو كان عنده مشكلة صحية مخبيها… لو سمحت أنا هاخد ورقة، أو إتنين معايا يمكن يفيدوني في التحقيق.
جه صوت من راجل عجوز جسمه صغير بيترعش عند باب الأوضة، وكان لابس لبس أسود باهت، وطاقيه طويلة وحافتها عريضة، والكرفت مفكوك… كان شكله العام سخيف وهدومه متهالكة… كان صوته خشن وفيه حده.
قال الراجل الغريب: إستنوا… إستنوا.
كمل الراجل الغريب: إنت مين، وازاي تمسك الأوراق دي.
عمر: أنا محقق، وبحاول أحل لغز إختفاء اللاعب جمال.
الراجل الغريب: اه، ومين اللي كلفك بالمهمة دي؟
عمر: الشخص المحترم ده صديقه أستاذ سليم… واللي نصحه إن يجيلي المفتش إسماعيل من قسم الشرطة.
وجه الراجل الغريب كلامه للشاب سليم: وإنت مين؟
سليم: أنا سليم إبراهيم.
الراجل الغريب: أيوه إنت اللي بعتلي الرسالة… أنا أستاذ مجدي… جيت بسرعة جداً في الأتوبيس… إنت عينت محقق؟
سليم: أيوه يا أستاذ.
أستاذ مجدي: أعتقد إن إنت اللي هتدفع الأتعاب مش كده؟
سليم: أظن إن صديقي جمال هيكون مستعد لما نلاقيه إن شاء الله إن هو اللي يعمل كده.
أستاذ مجدي: لو ملقنهوش قولي هتعمل إيه؟
سليم: أعتقد إن في الحالة دي عيلته….
أستاذ مجدي، وهو بيصرخ: مفيش حاجة من دي… أنا مش هدفع سنت واحد إنت فاهم إنت، وهو؟ أنا عيلته، وبقولك إني مش مسؤول عن دفع الفلوس… ولو كنت فاكر إن هو هيورثني فده لإني حافظت على الفلوس، وما ضيعتهاش… ومش هعمل كده دلوقتي.
أما بالنسبة للأوراق اللي إنت بتتصرف فيها بحرية فأنا هقولك حاجة واحدة لو كان فيها أي حاجة قيمة فأنا بحملك المسؤولية كاملة.
عمر: أنا فاهم اللي بتقوله يا أستاذ… لو سمحت محتاج أسألك هل عندك فكرة عن سبب إختفاء إبن أخوك؟
أستاذ مجدي: لاء معنديش فكرة هو كبير كفاية إنه يهتم بنفسه… ولو كان هو اللي ضيع نفسه فأنا أرفض تماماً إني أتحمل مسؤولية إني أدور عليه.
عمر، وكان في لمعة غريبة في عينيه: أنا فاهم موقفك يا أستاذ، وأتمنى إن إنت تفهم موقفي أنا كمان …واضح ان الشاب جمال كان شخص فقير، ولو حد خطفه فده مش علشان حاجة هو بيملكها، وأكيد إنت عارف إن حضرتك مشهور بإنك أغنى أغنياء المدينة فممكن يكون في مجموعة حرامية خطفوا إبن أخوك عشان ياخدوا منه معلومات عن بيتك، أو ثروتك، أو أسلوب حياتك.
إبيض وش الراجل العجوز زي الأموات، وقال: يا الله… فعلا أنا ما جتش فدماغي الفكرة دي… أشخاص أغبيا… بس الولد جمال ولد كويس مفيش حاجة هتخليه يعمل كده في عمه العجوز… أنا هبعت الحاجات القيمة للبنك النهاردة أما دلوقتي فأرجوك يا سيادة المحقق أتوسل إليك إنك ترجعه بالسلامة، وبالنسبة للفلوس فممكن ترجعلي لو إحتجت فلوس معاك من خمسة ل 10 جنية.
مقدرناش نحصل على معلومات من الراجل العجوز البخيل، وده لإنه مكانش عنده معلومات كبيرة عن إبن أخوه… كان الحل الوحيد موجود في الرسالة اللي مقدرناش نعرف غير سطر واحد منها، وبدأ صديقي عمر في سلسلة تحقيقاته.
كان الشاب سليم إبراهيم راح يتكلم مع فريقه عن المشكلة اللي هما فيها، وكمان مشي العجوز الغني البخيل.
كان في مكتب بريد على مسافة قريبة من الفندق اللي كنا فيه قال عمر: الموضوع يستحق المحاولة يا أحمد خلينا نروح، ونعمل حيلة بسيطة يمكن نقدر نوصل للمعلومات اللي إحنا عايزينها… خلينا نحاول.
قال عمر للبنت اللي قاعده ورا الشباك بأسلوب جميل: أسف جداً على الإزعاج بس في خطأ صغير في رسالة أنا بعتها إمبارح… أنا ما وصليش أي رد، وأعتقد إني نسيت أكتب إسمي في نهاية الرسالة… هل ممكن تبلغيني لو كان الأمر كده؟
فضلت البنت تدور في مجموعة كبيرة من الورق على بيانات الرسالة.
سألت البنت: بعتها إمتى؟
عمر: الساعة 6:00 تقريباً.
البنت: كانت مبعوته لمين؟
حط عمر صوبعه على شفايفه، وبصلي، وقال بصوت واطي: كانت آخر كلمة مكتوبة أرجوك… أنا قلقان جداً إني ما وصليش رد لغاية دلوقتي.
خرجت البنت واحدة من رسايل قله، وقالت، وهي بتحطها على الترابيزة: هي دي مفيش عليها إسم.
عمر: علشان كده ما وصلنيش رد… يا الله إزاي أنا غبي كده شكرا ليكي يا آنسة، وأسف على إزعاجك.
إبتسم عمر إبتسامه خفيفة، وإحنا ماشيين… سألته: وبعدين؟
عمر بإبتسامة: إحنا بنتقدم يا عزيزي… كان عندي سبع خطط ناوي إني أعمالهم علشان أبص على التلغراف ده بس مكنتش متأكد إني هنجح من أول مرة.
قلت: ولقيت إيه؟
عمر: النقطة اللي هنبتدي منها تحقيقنا يا عزيزي… شاور عمر لعربية أجره، وقال: لو سمحت المحطة.
قلت: هو إحنا رايحين في رحلة؟
عمر: أيوه أعتقد إن إحنا لازم نروح جامعة القاهرة دلوقتي… كل الإثباتات بتوديني في الطريق ده.
سألت عمر، والعربية بتتحرك: قولي يا عمر مفيش أي وجهة نظر كونتها تفسر إختفاء الشاب؟ ما اظنش إني قابلت قضية من بين كل القضايا الدافع فيها غامض كده… كمان ما أعتقدش إنه ممكن يكون إتخطف عشان يقول معلومات ضد عمه الغني مش كده؟
عمر: فعلاً يا أحمد أنا ما أعتقدش إن هو ده التفسير المناسب بس أنا فكرت فيه علشان هو أقرب واحد يقدر يثير العجوز الغني البخيل.
قلت: هو أكيد آثار أهتمامه… بس إيه التفسير التاني؟
عمر: في تفسيرات كتير بس لازم تاخد بالك إن شيء مثير جداً إن تحصل الحادثة دي قبل المباراة المهمة بيوم… وإن اللي يختفي هو أفضل لاعب في الفريق اللي وجوده ضروري عشان يفوزوا… الموضوع ده مش صدفة… اللعبة دي مفيهاش مراهنات بس ممكن يكون في مراهنات خارجية بين جمهور، وممكن يكون في شخص أعتقد إن ممكن يكسب الرهان لما يعمل كده في واحد من اللعيبة زي ما بيحصل في سباق الخيل.
في تفسير تاني واضح أكتر، وهو بما إن الشاب هو الوريث الوحيد للثروة الكبيرة فممكن يكون اللي حصل خطة علشان يحصلوا على فدية.
قلت: كل اللي إنت بتقوله مالوش علاقة بالتلغراف.
عمر: فعلاً يا أحمد التلغراف الإثبات الوحيد اللي لازم نتعامل معاه، ولازم نركز إهتمامنا عليه إحنا في طريقنا دلوقتي لجامعة القاهرة علشان نعرف إيه سبب التلغراف ده بس أعتقد يا صديقي إن على بالليل هنكون حصلنا على معلومات مفيدة.
لتكملة القصة اضغط الزر بالاسفل





