تحقيقات المفتش عمر قضية (لعنة عيلة سليمان)

إشتركت مع صديقي عمر في قضايا كتير غريبة… بس معتقدش إن أي قضية من القضايا تقدر تتقارن بالأحداث اللي حصلت في القضية دي… كانت الأحداث مثيرة لإهتمامنا لكذا سنة، وكانت مشكلة كبيرة، وإتعرضت على عمر عشان يحلها…
أول مرة سمعنا عن عيلة سليمان كنت أنا، وعمر رجعنا نعيش مع بعض بعد ما ماتت مراتي… كان عمر معاه قضية صغيرة خاصة بوزارة الحربية… بعد ما خلصها بشكل ناجح رحنا عشان نتعشى في مطعم مع مسؤول كبير، وفي الوقت اللي كنا بناكل فيه كان بيشكر في عمر جداً…
بعد شوية أضطر المسؤول إنه يخرج علشان عنده ميعاد مهم، وقعدت أنا، وعمر نشرب القهوة قبل ما نمشي.
لما كنا هنمشي، ونسيب المطعم سلم عليا شخص بصوت معروف ليا… لفيت وشي، ولقيت قدامي أستاذ فايز سليمان… هو شخص عرفته زمان، وكان معاه راجل كبير في السن… كان في شبه ما بينهم كإنه من عيلته، وده اللي عرفته بعد كده لما صديقي قدمهولي إنه أستاذ هارون سليمان، وهو عم فايز.
كنت معرفش أستاذ فايز سليمان بطريقة قوية بس هو كان شخص لطيف… وكنت سمعت قبل كده إنه من عيلة كبيرة…
أستاذ هارون سليمان الشخص اللي كان أكبر واحد فينا في السن كان عنده تقريباً 40 سنة… كتفه محني، وكان قلنا في الوقت ده إنه مشغول بتجارب كيميائية خاصة للحكومة.
قطع كلامنا راجل طويل… لون بشرته أسمر… جه عند الترابيزة، وقال بإنفعال: الحمد لله إني لقيتكم.
فايز سليمان: في إيه يا رفعت؟
رفعت: أبوك يا فايز، وقع من على الحصان، وعنده إصابة خطيرة.
شد رفعت فايز، وكملوا كلامهم على جنب.
إستأذنا فايز بلهفة، وخرج بسرعة من المطعم… كان أبو فايز سليمان إتصاب إصابة خطيرة، وهو بيجرب حصان جديد، وكان الدكاترة قالت إن إصابته خطيرة، وإنه مش هيعيش لحد الصبح.
كان وش صديقي فايز باهت زي الأموات بسبب اللي حصل، وكنت مندهش جداً لإني إفتكرت إنه حكالي قبل كده إن مفيش علاقة طيبة بينه، وبين أبوه… عشان كده كنت مندهش إنه بيظهر مشاعر الإبن الحزين…
فضل أستاذ رفعت سليمان، وهو إبن عم فايز بعد ما مشي فايز، وعمه هارون، وخرجنا إحنا التلاتة من المطعم.
قال رفعت: الموضوع ده غريب شوية… يمكن يثير إهتمامك يا أستاذ عمر… أنا سمعت عنك من العقيد فلان ( وهو المسؤول اللي كان بيتعشى معانا في الأول) بيقول إن عندك معلومات كتيرة جداً في علم النفس.
قال عمر بهدوء: أيوه أنا درست علم النفس.
رفعت: اخدت بالك من وش فايز إبن عمي؟ كان شكله مذهول جداً مش كده؟… عارف ليه؟… عشان اللعنة اللي فضلت ماسكة عيلتنا من زمان…. هل مهتم إنك تسمع عنها؟
عمر: هيكون كرم منك لو حكيتهالي.
بص رفعت سليمان لساعته، وقال: لسه عندي وقت… أنا هقابلهم في منطقة غ.ك… تمام يا أستاذ عمر عيلة سليمان عيلة كبيرة، وقديمة من زمان جداً… جدي هارون الكبير شك في مراته بس هي حلفت إنها بريئة… بس الباشا هارون مكانش مصدق كلامها، وكان عنده إبن منها، وحلف إن الطفل ده مش إبنه، وإنه مش هيورث فيه.
أنا نسيت هو عمل إيه بس هو عمل حاجة فظيعة تقريباً بنى حيطة على الأم، والولد، ودفنهم، وهما عايشين… قتلهم هما الإتنين، وماتت الأم، وهي بتقسم ببراءتها، وبتدعي على عيلة سليمان باللعنة… وكانت دعوتها إن مفيش ولد كبير لعيلة سليمان يورث ميراث العيلة.
عدت الأيام بعد كده، وإتثبتت براءة الست، وإتصاب هارون الكبير بحالة نفسية صعبة، وإنتهت حياته بعدها بفترة قصيرة…
العجيب في الموضوع إن من الوقت ده مفيش ولد كبير في العيلة ورث أطيان العيلة، ودايماً بيموت الإبن الكبير، ويتوزع الميراث علي إخواته، أو أولاد عمامه، أو الأولاد الأصغر في السن… بس أبدا ما يروحش لأي إبن كبير.
كان فايز هو الإبن التاني من خمس أخوات… مات أخوه الكبير وهو صغير، وكان فايز مقتنع إن لو كان في حد هيموت في وقت الحرب فيكون هو… بس الغريب إن إخواته اللي أصغر منه ماتوا، وهو نفسه ما حصلوش حاجة.
قال عمر: حاجة غريبة جداً… بس دلوقتي أبوه هيموت، وهو هيورث لإنه الإبن الكبير مش كده؟
رفعت: بالضبط واضح إن اللعنة إنتهت، ومبقتش شغالة، ومبقتش قادرة تقف قدام الحياة الجديدة.
حرك عمر راسه كإنه متضايق من أسلوب الإستهزاء في كلام رفعت…بص رفعت في ساعته مرة تانية، وقال إنه لازم يمشي.
جت بقية الحكاية تاني يوم لما سمعنا بموت صديقي فايز سليمان، وهو مسافر على القطر… واضح إنه فتح بالليل باب العربية، ونط على خط السكة الحديد، وده بسبب إنه كان مصدوم من الحادثة اللي حصلت لأبوه، ويمكن كمان بسبب حالته النفسية بعد الحرب.
إتكلم الكل عن اللعنة الغريبة حوالين عيلة سليمان، وهي إن الإبن الكبير بيتحرم من الميراث… إتنقلت الثروة لشخص تاني، وهو عم فايز، وإسمه رامي سليمان اللي مات إبنه الوحيد في الحرب.
كانت مقابلتنا مع فايز في آخر ليلة من عمره شيء مؤثر لينا، وخلتنا نهتم بكل حاجة ليها علاقة بعيلة سليمان… اخدنا بالنا إن بعد سنتين من وفاة فايز مات رامي سليمان اللي كان مريض جداً وقت ما ورث كل أملاك العيلة، وبعديه ورث أخوه إسمه نبيل، وهو شخص سليم، وليه إبن بيدرس في الكلية.
كان فيه شؤم على العيلة ففي أول أجازة للولد كان بينضف البندقية، وضرب النار على نفسه بالغلط، وإنتهت حياته، وبعديه إنتهت حياة أبوه، وقالوا إنه بسبب لسعة دبور.
إتنقلت كل ممتلكات العيلة لأصغر أخ، وهو هارون سليمان اللي قابلناه قبل كده مع فايز في المطعم… وبرغم الأحداث الغريبة اللي حصلت لعيلة سليمان إلا إن مكانش عندنا إهتمام شخصي بالموضوع إنما دلوقتي الموضوع إتغير، وبقى لينا دور قوي في القضية.
في يوم الصبح زارتنا ست من عيلة سليمان….كانت ست طويلة… عندها 30 سنة باين من أسلوبها إنها ست محترمة، وكويسة… كان في لهجة أجنبية خفيفة في كلامها… قالت: أستاذ عمر؟ تشرفت بمعرفتك إنت قابلت جوزي هارون سليمان من كام سنة… بس أظن إنك مش هتفتكره.
عمر: لأ فاكره كويس… أنا قابلته مع فايز الله يرحمه.
مدام هيام: كويس جداً… أنا يا أستاذ عمر قلقانة جداً.
عمر: إيه اللي إنتي قلقانة منه؟
مدام هيام: إبني الكبير… أنا عندي ولدين رامي على إسم عمه عنده تمن سنين، ويحيى عنده ست سنين.
عمر: كملي لو سمحت… ليه إنتي قلقانة على رامي؟
مدام هيام: أستاذ عمر في الست شهور اللي فاتوا إبني رامي نجي من الموت تلات مرات بشكل عجيب… مرة كان هيغرق، و كنا كلنا في الإسكندرية في الصيف ده، ومرة وقع من شباك أوضته… والمرة التالتة كان هيتسمم من الأكل.
سكتت مدام هيام للحظة، وبعد كده قالت: أنا عارفة إنك ممكن تقول عليا ست سخيفة، وبعمل مشكلة من لا مشكلة.
عمر: لأ أبدا يا مدام أنا قادر إني ألتمسلك العذر… إنتي أم خايفة من الحوادث اللي حصلت… بس أنا مش شايف أنا أقدر أساعدك بإيه… ممكن أنصحك إنه ما ينزلش البحر تاني لوحده… أما بالنسبة لشباك أوضة الولد ركبيله قضبان حديد، وبالنسبة للأكل مفيش أحسن من إهتمامك إنتي بيه.
مدام هيام: بس ليه كل ده يحصل مع رامي، وميحصلش مع يحيى؟
عمر: صدفة يا مدام… صدفة.
مدام هيام: ده رأيك؟
عمر: إيه رأيك إنتي، وجوزك؟
ظهر على ملامح مدام هيام قلق، وقالت: مفيش فايدة من هارون هو ما بيسمعش… يمكن يكون بسبب لعنة عيلة سليمان، وهي إن الإبن الكبير ما بيورثش أبدا، وهارون مصدق اللعنة، ومصدق كل حاجة حصلت قبل كده.
لما رحت، وإتكلمت معاه قالي: هنعمل إيه هي دي لعنة عيلتنا مفيش حد يقدر ينجى منها.
بس أنا يا أستاذ عمر ما بؤمنش باللعنات، ولا بالخرافات… أول مرة قابلته كنت بنت صغيرة، ولما كلمني عن اللعنة حسيت إنها حاجة جميلة بتدل على قد إيه العيلة دي عريقة، وإنها كمان حكاية حلوة تتحكي للأولاد جنب الدفاية في الشتا… بس لما الموضوع يوصل لأولادي فأنا مش هسكت… أنا بحب أولادي يا أستاذ عمر، وأنا عندي إستعداد إني أعمل أي حاجة عشان خاطرهم.
عمر: عشان كده بدأتي تصدقي بلعنة عيلة سليمان يا مدام؟
مدام هيام بإنفعال: اللعنة متقدرش إنها تقطع شجرة كبيرة.
عمر بدهشة: إيه اللي إنتي بتقوليه يا مدام؟
قالت مدام هيام: هل تقدر اللعنة إنها تقطع شجرة الصفصاف؟ مش هتكلم عن إن رامي كان هيغرق في الإسكندرية أي طفل هيعوم بعيد عن الشط ممكن يتعرض للغرق مع إن رامي متعلم السباحة من وهو عنده أربع سنين.
بس شجرة الصفصاف موضوع تاني… الولدين دايماً أشقية، وإعتقدوا إنهم يقدروا يطلعوا الشجرة، وينزلوا… بس هما كانوا دايماً بيعملوا كده.
في يوم (وكان يحيى مش موجود في اليوم ده في البيت) طلع رامي كالعادة، ووقعت الشجرة، ووقع هو كمان… الحمد لله إنه ما تأذاش بس أنا طلعت، وبصيت على الشجرة… وزي ما تكون يا أستاذ عمر إتقطعت بمنشار يعني حد قطعها بالقصد.
عمر: اللي بتقوليه ده خطير يا مدام… إنت قلتي إن إبنك الصغير كان مش موجود في الوقت ده؟
مدام هيام: أيوه.
عمر: وفي الوقت اللي حصل فيه التسمم كان مش موجود برضو؟
مدام هيام: لأ الإتنين كانوا موجودين
قال عمر بصوت واطي: غريب… دلوقتي يا مدام مين اللي ساكن معاكم في البيت؟
مدام هيام: الآنسة سما الدادة بتاعة الأولاد، وجاسر سكرتير جوزي… وسكتت مدام هيام كإنها محرجة.
عمر: مين تاني لو سمحت.
مدام هيام: والأستاذ رفعت سليمان اللي قابلته إنت في الليلة دي… كتير بيبقى عندنا.
عمر: أيوه هو إبن عم جوزك مش كده؟
مدام هيام: إبن عم من بعيد مش من نفس فرع العيلة… أظن إنه دلوقتي أقرب قريب لجوزي… هو شخص كويس، وإحنا بنحبه، والولدين متعلقين بيه.
عمر: هل هو الشخص اللي علم الأولاد إنهم يطلعوا شجرة الصفصاف؟
مدام هيام: يمكن يكون هو… هو دايماً بيحرضهم على الأذى، وإنهم يكونوا أشقية.
عمر: أنا أسف على اللي أنا قلتهولك قبل كده… اللي إنتي فيه خطر حقيقي، وأعتقد إني أقدر أساعدك… أنا هطلب منك إننا نكون ضيوف عندكم في البيت كام يوم… هل جوزك يعارض أمر زي كده؟
مدام هيام: لأ معتقدش بس هو هيقول إن ده مش مفيد… أنا ببقي هتجنن من طريقته… هو بس بيقعد، ويسكت، ويتوقع إن الولد يموت.
عمر: إهدي يا مدام إحنا لازم دلوقتي نرتب خطواتنا عشان نمشي بشكل مضبوط.
رتبنا أمورنا في اليوم اللي بعده، وإتحركنا، وسافرنا… كان عمر غرقان في تفكيره، وفجأة فاق، وقال: هل فايز سليمان وقع من قطر زي ده؟… وضغط على كلمة وقع.
قلت: هل إنت بتشك إن ورا الحادثة اللي حصلتله جريمة؟
عمر: هل خدت بالك يا أحمد إن حالات الوفاة في عيلة سليمان… خلينا نقول تبان إنها مترتبة… فمثلاً الحادثة اللي حصلت للولد اللي في الجامعة رصاصة طايشة عن طريق الغلط، وخلينا نقول لو الولد وقع من الشباك، وإنتهت حياته الكل هيشوفها إنه حاجة طبيعية ما فيهاش شبهه…
بس ليه ولد واحد يا أحمد؟ مين اللي هيستفيد لو الولد الكبير مات؟ هل هو أخوه الصغير اللي عنده ست سنين… كلام سخيف.
قلت: مش يمكن اللي بيلعب اللعبة دي ناوي إنه يتخلص من الولد التاني بعد كده.
قلت الجملة دي، وأنا معنديش أي فكرة مين هو الشخص ده.
هز عمر راسه، وقال: التسمم… ممكن مادة الأتروبين إنها تعمل نفس الأعراض… أظن إن وجودنا هنا مهم يا أحمد.
لتكملة القصة اضغط الزر بالأسفل






