اخبار التكنولوجيا

وكالات الفضاء تستنفر مركبات المريخ والمشترى 

تعرف على مركبات المريخ والمشترى

في تطور علمي يثير فضول علماء الفلك حول العالم تستعد مجموعة من المركبات الفضائية التابعة للمريخ والمشترى لمراقبة حدث فلكي فريد من نوعه يتمثل في مرور المذنب البين نجمي 3I/ATLAS عبر النظام الشمسي ويعد هذا المذنب أحد الأجسام النادرة التي لا تنتمي إلى نظامنا الشمسي بل جاءت من الفضاء البين نجمي مما يجعله مصدرًا مهما لدراسة تكوين المذنبات في أنظمة نجمية أخرى

وكالات الفضاء تستنفر مركبات المريخ والمشترى

هذا الحدث، المتوقع أن يصل إلى أقرب نقطة له من الشمس خلال الأشهر المقبلة، يجذب اهتمام وكالات الفضاء العالمية، وعلى رأسها وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ESA، إلى جانب المراصد العلمية المنتشرة على الأرض والمركبات المدارية التي تدور حول كواكب المجموعة الشمسية، وتم وصفة إنه ليس مجرد مرور لجسم جليدي في الفضاء، بل رسالة كونية تحمل بين ذراتها اسرار من خارج حدود نظامنا الشمسي، تذكّرنا بمدى اتساع الكون وضآلة موقعنا فيه، وبأن المعرفة الحقيقية تبدأ دائمًا من مراقبة السماء.

ما هو المذنب 3I/ATLAS؟

تم اكتشاف المذنب 3I/ATLAS عام 2024 بواسطة شبكة التلسكوبات الأمريكية ATLAS Asteroid Terrestrial-impact Last Alert System، وهو ثالث مذنب يتم تصنيفه كـ بين نجمي بعد المذنبين الشهيرين ʻOumuamua 1I/ʻOumuamua و2I/Borisov، ويعتقد أن هذا المذنب جاء من منطقة بعيدة خارج نطاق تأثير جاذبية الشمس، ربما من نظام نجمي آخر في مجرتنا درب التبانة، قبل أن يدخل إلى النظام الشمسي بسرعته الهائلة التي تتجاوز 45 كيلو مترا في الثانية، العلماء وصفوه بأنه كبسولة زمنية تحمل مواد أولية من مرحلة تكون النجوم الأولى، وربما تحتوي على جزيئات عضوية تشبه تلك التي ساهمت في نشأة الحياة على الأرض.

أهمية المراقبة بين المريخ والمشترى

في خطوة غير مسبوقة، تم تكليف عدد من المركبات المدارية التابعة للمريخ والمشترى، بمهام خاصة لمتابعة مرور المذنب 3I/ATLAS،ومن أبرز هذه المركبات كالاتي:

المركبة الأوروبية مارس إكسبريس

التي تدور حول المريخ منذ عام 2003، وتستخدم أجهزتها الطيفية لرصد التركيب الكيميائي للمذنب أثناء مروره.

مسبار جونو الأمريكي

وهو الذي يدور حول المشترى منذ عام 2016، وسيعمل على مراقبة المذنب من زاوية مختلفة تساعد على قياس انعكاس الضوء وتحليل تكوين الغازات المتصاعدة منه.

المركبة الصينية تيانوين-1

ستشارك أيضًا في عمليات الرصد من مدار المريخ، ضمن تعاون علمي محدود بين الصين ووكالات دولية أخرى، وجود هذه المركبات في مواقع استراتيجية حول الكواكب العملاقة يتيح فرصة نادرة للحصول على بيانات من أكثر من منظور، ما يعزز الدقة في فهم طبيعة المذنبات البين نجمية.

هدف العلماء من مراقبة 3I/ATLAS

الهدف الرئيسي من هذه العملية هو فهم أصول المذنبات البين نجمية، ومعرفة ما إذا كانت تحتوي على مواد مشابهة لتلك التي وجدت في النظام الشمسي أم أنها تختلف كليا، ويأمل العلماء أن تساعد البيانات الجديدة في الإجابة على سؤال محوري، هل تتشكل المذنبات في الأنظمة النجمية البعيدة بنفس الطريقة التي تتشكل بها هنا في نظامنا الشمسي؟ كما أن مراقبة المذنب أثناء اقترابه من الشمس تمنح فرصة لدراسة كيفية تفاعله مع الرياح الشمسية والإشعاع، مما يكشف عن طبيعة تركيب سطحه ودرجة تحلله.

التحديات العلمية والتقنية

رغم الحماس الكبير، تواجه المهمة تحديات معقدة ومن أبرزها كالاتي:

السرعة العالية

السرعه العاليه للمذنب ومساره غير المنتظم الذي يصعب التنبؤ به بدقة، إضافة إلى ذلك، فإن الضوء المنعكس منه ضعيف نسبيا مقارنة بالمذنبات المحلية، مما يتطلب أجهزة تصوير فائقة الحساسية ودقة عالية في التتبع.

المسافه بسن مواقع المركبات الفضائيه

كما أن المسافة بين مواقع المركبات الفضائية والمذنب تمثل عقبة في تحقيق تزامن مثالي في المراقبة لذلك، تعمل الفرق العلمية على استخدام تقنيات المحاكاة الحاسوبية، المتقدمة لتوقع موقع المذنب بدقة في كل لحظة.

تعاون دولي غير مسبوق

يُعد رصد المذنب 3I/ATLAS مناسبة لتوحيد جهود وكالات الفضاء الكبرى، فقد أعلنت ناسا وESA ووكالة الفضاء اليابانية JAXA عن إنشاء فريق مراقبة المذنبات البين نجمية، وهو فريق علمي دولي يتبادل البيانات في الوقت الحقيقي، كما أبدت الإمارات والهند اهتمامًا بالمشاركة عبر مراصدها الأرضية الجديدة، لتسجيل الضوء المنعكس وتحليل التغيرات في لمعانه، هذا التعاون يعكس إدراك المجتمع العلمي العالمي لأهمية دراسة الأجرام القادمة من خارج النظام الشمسي، باعتبارها مفاتيح لفهم نشأة الكون وتطور المجرات.

الفروق بين المذنبات المحلية والبين نجميه

تظهر الدراسات أن المذنبات المحلية مثل هالي أو إنكي ،تتكون أساسا من جليد وغبار ناتجين عن بقايا تكوين الكواكب، أما المذنبات البين نجمية مثل 3I/ATLAS، فهي تختلف من حيث تركيبها الكيميائي وسرعة حركتها و مسارها غير الدوري، ويعتقد أن المذنبات البين نجمية تتكون في أنظمة نجمية أخرى، ثم تقذف خارجها بسبب التفاعلات الجاذبية مع كواكبها العملاقة، بالتالي، فإن دراستها تمنحنا نافذة على بيئات لم نتمكن من الوصول إليها بعد.

أدوات الرصد والتحليل

ستعتمد المركبات الفضائية المشاركة على مجموعة من الأدوات المتطورة، منها مطيافات الأشعة تحت الحمراء لتحليل الجزيئات الطيارة في ذؤابة المذنب، كاميرات الأشعة فوق البنفسجية لتحديد نسب الغازات مثل الهيدروجين و الهيليوم، أجهزة تحليل البلازما لمراقبة التفاعل بين المذنب والرياح الشمسية، أنظمة تتبع الضوء البصري التي تساعد في رصد تغير السطوع بمرور الوقت، البيانات التي سيتم جمعها سترسل إلى الأرض لتُحلل في مراكز بحثية متقدمة، من بينها مختبر الدفع النفاث في كاليفورنيا ومعهد الفضاء الأوروبي في ألمانيا.

ماذا يمكن أن نتعلم من هذا المذنب؟

يرى العلماء أن المذنب 3I/ATLAS قد يحمل أدلة على تاريخ تشكل المجرات وعلى العمليات الكيميائية التي تحدث في الفضاء البين نجمي، فإذا وجدت في مادته الأساسية مركبات عضوية معقدة، فذلك سيدعم فرضية أن اللبنات الأولى للحياة يمكن أن تنتقل بين الأنظمة النجمية عبر المذنبات، كما أن تحليل نسبة النظائر في جليد المذنب قد يكشف عن الفروق في تكوين الماء في بيئات مختلفة، ما يساعد على فهم كيف وصل الماء إلى الأرض في بدايات تكوينها.

رؤية العلماء لمستقبل المذنبات البين نجمية

يتوقع الخبراء أن تزداد عمليات اكتشاف الأجسام البين نجمية خلال العقد المقبل، بفضل التلسكوبات العملاقة الجديدة مثل فيرا روبن في تشيلي وجيمس ويب في المدار، ومع كل اكتشاف جديد، تتسع معرفتنا عن تنوع الأنظمة النجمية في الكون، ويأمل العلماء في المستقبل أن يتم إرسال مسبار مخصص لاعتراض أحد هذه المذنبات وجمع عينات مباشرة من سطحه، كما حدث مع مهمة روزيتا الأوروبية سابقا، وهناك بالفعل مقترحات لمشاريع مثل Interstellar Probe التابعة لناسا، التي تهدف إلى الوصول إلى أحد هذه الأجرام في نهاية الثلاثينيات من القرن الحالي.

ظاهرة تثير اهتمام العامة أيضًا

الاهتمام بالمذنب 3I/ATLAS لا يقتصر على العلماء فقط، بل يمتد إلى عشاق الفضاء حول العالم، فمع اقترابه من الشمس، يتوقع أن يصبح مرئيا جزئيا من الأرض باستخدام التلسكوبات الصغيرة، وقد يظهر ذيلا مضيئا يمكن رصده في سماء الفجر أو الغروب، وكما حدث مع المذنبات السابقة، ينتظر الهواة فرصة التقاط صور نادرة توثق مروره، وهو ما يجعل الحدث تجربة فلكية مثيرة للجميع، ومع استعداد المركبات الفضائية التابعة للمريخ والمشترى لمراقبة المذنب البين نجمي 3I/ATLAS، يقف العالم العلمي على أعتاب مرحلة جديدة من الفهم الكوني، فكل معلومة تجمع من هذا الحدث قد تغيّر ما نعرفه عن أصل المذنبات، وربما عن نشأة الحياة نفسها.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى