جرائم غامضة (الجزء الخامس)

كريم: ممكن اكلمك مره تاني لما اوصل المحل؟ في اللحظه دي الشوفان كان وصل وطالع منه بخار شكله شهي جدا.
ريهام: اكيد طبعا المهم انك ترجع تكلمني تاني
بعد ما خلصت الفطار بتاعي رحت للمحل، كانت الموظفه حطت الاكل للقط برونو..
كريم: شكلك جيتي بدري النهارده.
الموظفه: افتكرت ان انا هروح بدري النهارده
كريم: حتى لو مفتكرتيش برده انت بتيجي بدري دايما
الموظفة: الاستاذ حجاج اشتكى من نفس الموضوع تاني بيقول انه عايز يرجع يشحن من اول وجديد.
كريم: الشحنة كلها؟
الموظفه: ايوه، لانه بيقول ان كلها مترتبه بطريقه غلط.
استاذ حجاج ده كان واحد بيجمع الكتب وبيعيش في المكسيك لكن احنا كنا حاسين كإنه بيعيش في البيت اللي جنب المحل، اشترى من المحل بتاعنا طن من الكتب بس للاسف رجع النص علي الاقل مره تاني، كان بيتصل كل شويه متضايق وكمان كان بيبعت رسائل فيها كلام مش كويس..
كريم: متتعاملوش مع الشخص ده تاني.
الموظفه: بتقول ايه؟!
كريم: ابعتيله مره تاني وقوليله ان احنا هنقبل اي كتب هو عايز يرجعها مره تاني بس بعد كده مش هيقدر يشتري مننا اي حاجه تاني، علشان بجد انا جبت اخري منه.
الموظفه: انت متاكد؟
كريم: ايوه متاكد جدا، يلا ابعتيله الرساله على البريد الالكتروني بتاعه، ولو كنتي مش حابه تعملي كده قوليلي وانا هعمل كده مكانك.
الموظفه: بالعكس انا حابه ان انا ابعتله الرساله، عايز ابعتلك النسخه؟
كريم: اكيد طبعا، ممكن يكون تصرف غلط اللي انا بعمله ده بس انا مبقيتش مهتم وحسيت بالاجتياح ان انا اعمل كده.
قبل ما ارن مره تاني على العميله ريهام بعت بريد الكتروني للشخص المسؤول عن الدعايه وانا كنت متجاهله بقاله فتره واكدت عنده على موعد الحضور بتاعي وبتاع المؤلفه اللي هتيجي الندوه النقاشيه في الشهر مارس، بعدين فتحت الخزانه المصنوعه من الإزاز واخدت النسخه الاولى من كتاب “غرباء على القطار” واخدتها عند مكان التليفون الارضي.
الغلاف بتاعها كان لونه ازرق غامق وعليه صوره مقربه لوش رجل مع واحدة ست بشرتها كان منظرها شاحب جداً وشعرها لونه احمر.
رنيت على ريهام وردت عليا بعد اول جرس.
كريم: ازيك ياريهام اخبارك ايه؟
اسمها بالنسبالي كان غريب وانا بنطقه.
ريهام: شكرا انك رجعت ترن عليا مره تاني، نتكلم عن الكتاب اللي انا قرأته؟
كريم: ايه رأيك؟
ريهام: الكتاب ده كئيب جدا وعرفت من القصه بتاعته إن الفيلم كان مختلف شويه عن الكتاب والكتاب هو اللي كئيب اكتر بالنسبالي والرجلين هما الاتنين بيعملوا مشاكل في الفيلم..
حاولت ان انا افتكر احداث الفيلم وبعدين قولتلها: اعتقد مش بيحصل كده اكيد لا، لان الشخصيه الحقيقيه في الفيلم ده بتكون لاعبه تنس فكان خلاص قرب انه ينهي حياه باباه بس في الاخر مش هيعمل كده.
اعتقد انهم مكانش متاح بالنسبالهم انهم بسيبوا المتهم يفلت بالجريمة بتاعته منهم، رغم اني مقرأتش الفيلم ده بقالي سنين وكمان مستمعتش الفيلم بقالي مدة اكبر، بس انا لسه فاكر الاحداث بتاعته كويس جدا
ريهام: القانون “هايز” بتاع الانتاح السينمائي ياريت الناس كانت بتمشي عليه في الوقت ده.
كريم: فعلاً عندك حق.
ريهام: على فكرة الشخصية دي مش لاعبة تنس في الكتاب.
كريم: تقصدي مين؟!
ريهام: الشخصية البطلة في الفيلم كانت مهندس معماري.
كريم: ااااه، تصدقي فعلا، ايه رأيك في الكتاب؟ كان مفيد بالنسبالك وانتي بتقريه؟
ريهام تجاهلت السؤال بتاعي وقالت: انت قولت في القايمة اللي انت عملتها إن ده هو المثال الرائع للمشاكل الغامضة! ممكن افهم ايه قصدك بالكلام ده؟
كريم: دي مشكلة غامضة كاملة لاني كل اللي بيحصل فيها من مشكلات وناس بتموت بيكون تم عن طريق شخص تاني هو اللي متوكل إنه يعمل كده، وبيكون في الأصل شخص غريب ومش معروف وبالطريقة دي بيكون مفيش أي صلة وصل بين الضحية والمتهم وده اللي بيخبي المتهم ويخلي الوصول للحقيقة اصعب.
ريهام: ده اللي انا كنت بفكر فيه، الفكرة الذكية الموجودة في الكتاب هي إن الشخص اللي عمل المشكلة الغامضة دي مش ممكن حد ممكن يتخيله أو يربطه بالاحداث دي، بس طبعا ده ملوش علاقة بأسلوب المشكلة نفسها.
كريم: قصدك ايه؟
ريهام: في واحد بينهي حياه زوجه صاحبه بطريقه معينه ولما دوروا لقوا انه عمل كده بالخنق، انا شايفه انه مفيش حاجه ذكيه في كده، لو كنت انا امير اسمع مني وبس..
ازاي حد ممكن يعمل مشكله غامضه مبنيه على روايه “غرباء على القطار”
كريم: فهمت انت قصدك ايه … الموضوع هيكون صعب صح … ممكن واحد يخنق حد في مكان واسع مثلا او مكان يكون في منتزه واسع وكده انما في القطر ده هيكون صعب شويه علشان في الحاله دي هيكون مضطر انه يشوف واحد تاني يعمل معاه المشكلة دي.
ريهام: هو ده اللي انا فكرت فيه بس مش ضروري في الحقيقه لان انت لو كنت امير اكيد كنت هتحاول انك تقلد المشكله الغامضه بتاعه روايه “غرباء على القطار” انا اكيد هختار شخص يكون من المتوقع انه يموت علشان يكون الضحيه.
انا حاسه اني من كتر الافكار دي دماغي بقت فاضيه مش قادر ان انا افكر بطريقه واضحه.
كريم: مين الشخص اللي كان بيسرق فلوس كل الناس في مدينه نيويورك؟
ريهام: ده واحد كان اسمه محمد!!
ريهام: اكيد ده هيفي بالغرض لكن ممكن يكون في ناس كتير نفسهم ان الشخص ده يموت، انا شايفة انه شيء علني.
لو عملت كده اكيد انا في الاول هستنى ان الشخص ده يبعد وبعدين هعمل المشكله اللي انا عايزاها، واعتقد ان ده هيكون افضل طريقه علشان التزم بالتعليمات اللي كانت جايه في روايه “غرباء على القطار”
كريم: بصراحه كلامك منطقي
ريهام: وانا برده شايفه كده وشايفه انها فكره تستحق اننا نهتم بيها وندور وراها.. طب وانت؟ هل جاتلك اي افكار جديده امبارح؟
كريم: بصراحه امبارح كنت تعبان شويه وفضلت صاحي الليل كله وحتى الليله اللي قبلها برده كنت صاحي وبعد كده مجتنيش اي افكار جديده، بس انا هستمر ان انا افكر في الموضوع.
ريهام: شكرا انك كنت دايما بتساعدني في كل الاوقات.. وبعدين كملت كلامها وقالت بنبرة صوت مختلفه شويه: متنساش ان انت تبعتلي كل معلومات رحله بتاعه الطيران اللي انت عملتها في لندن السنه اللي فاتت في الخريف.
كريم: اكيد هبعتهالك النهارده.
بعد ما قفلت سماعه التليفون جه برونو وكان بيعمل صوت بخطواته على الارض اللي مصنوعه من الخشب وقعد عند رجليا، كنت شايفه وهو بيلعب حواليا وانا بتكلم في التليفون طول الوقت كنت بفكر في المكالمه اللي عملتها مع ريهام فجأه جه صوت الموظفه بتاعتي وكان بيقول “اخيراً عملتها”
لفيت ولقيتها جايه ناحيتي وعلى وشها كان في ابتسامه استثنائيه.
كريم: عملتي ايه؟
الموظفه: بعتت البريد الالكتروني، واكيد هيتصدم دلوقتي.
كريم: واضح انك مبسوطه جدا
الموظفه: انت عارف الشخص ده بيخليني مجنونه ازاي..
كريم: ولا يهمك بصراحه انا شايف ان هو بيحتاج لينا اكتر ما احنا بنحتاجله لاني مش دايما الزبون بيكون عنده الحق زي ما انتي عارفه.
الموظفه ابتسمت ابتسامه عريضة شويه وبعدها سألتني: هو انت كويس؟!
رد عليها كريم: ايوه انا كويس ليه!
الموظفه: مش عارفه بس حاسه ان انت مشتت شويه ده كل الموضوع..
مش عارف اذا كان في حاجه مضايقاك او لا.
مكانش من عادات الموظفة دي انها تبين اي اهتمام لدرجه ان انا حسيت ان انا بتصرف بطريقه مختلفه…. انا دايما بلاقيني شخص تقيل ورزين، شخص مش بحب اكشف اي حاجه تخصني لذلك فكره انها تلاحظ علي ده بصراحه قلقني خالص.
كريم: هو انا لو طلعت اتمشيت شويه ممكن تضري في حاجه؟ يعني هتقدري تكوني مسؤوله عن المحل لوحدك!
الموظفة: اكيد طبعا.
كريم: متقلقيش مش هتاخر عليكي… هتمشي على السريع.
الجو بره كان لسه برد شويه بس الشمس كانت نازله وكاسيه السما باللون الازرق الظاهر والرصيف مكانش عليه اي تلج.
مشيت باتجاه الشارع اللي اسمه تشارلز وكنت فاكر ان انا هقطع الطريق ده وهوصل للحديقه العامه اللي كانت موجوده هناك.
كنت بفكر طول الطريق في المحادثه اللي دارت بيني وبين العميله ريهام عن الكتاب اللي اسمه “غرباء على القطار”
والكتاب ده انا اشتغلت عليه شغل جامد جدا وكنت بحاول ان انا مفكرش فيه بقالي سنوات كتير جدا.
كان في عدد كبير من الناس موجود في الحديقه … بصراحه العدد اللي كان موجود اكبر من اللي انا كنت متخيله مقارنه بدرجه الحراره اللي كانت موجوده في الوقت ده.
وكان في اب بيمسح التلج الموجود على التماثيل، والتماثيل دي كان اسمها “وسع الطريق للبط الصغير” علشان يقدر ان هو يحط طفله فوق التمثال ده ويصورها صوره.
انا كنت عديت من جنب التماثيل دي مرات كتير قبل كده ودايما كان بيكون ام او اب او مجموعه من الامهات والابهات بيساعدوا اطفالهم انهم ياخدوا وضعيه معينه علشان يصوروهم صوره لطيفه.
وكمان كان ساعات بيكون صف انتظار في فصل الصيف وناس بتستنى ان اولادهم ياخدوا دورهم علشان يتصوروا الصوره دي، وكنت دايما ببقى مستغرب هل الموضوع مهم للدرجه دي وانهم يوقفوا في الطابور ده علشان يوثقوا لحظه معينه.
ممكن علشان انا مش اب مكنتش قادر اعرف الحقيقه بس في الواقع انا وتسنيم عمرنا ما اتكلمنا عن فكره ان احنا نجيب اطفال.
كنت دايما بقول لنفسي ان انا سايبلها هي الموضوع بس ممكن هي كمان كانت مستنياني انا افتح معاها الموضوع.
كنت ماشي حوالين البحر اللي كان متجمد والرياح كانت بتجيب اوراق الشجر الجافه وتوقعها في البحر وعديت الطريق ووصلت للمتجر.
عرفت ان هيقولوا اني كنت السبب في انهاء حياة واحد من الضحايا، في اللحظه اللي خلصت فيها قراءة مذكرات مراتي تسنيم… بس الموضوع اخد مني شوية شهور لحد اما جمعت شويه شجاعه علشان اعترف لنفسي بكدا.
كمان عرفت ان بعد موت الضحيه دي كل الشكوك هتبقى عندي انا لإن مراتي كانت راجعه من بيت الضحيه في نفس اليوم اللي حياتها انتهت فيه بسبب حادث السير.
كمان الضحيه اعترفت ان الممنوعات اللي لقوها في جسمها محطوطه ليها بالقصد، واكيد طبعا هيقولوا ان تسنيم هي اللي حطت الممنوعات دي وانها كمان كانت على علاقه مع صاحب الشركه.
فكرت ان انا أأجر حد علشان ينهي حياة الضحيه دي واتأكد ان انا اكون بعيد في الاول يعني بره البلد، بس كان في اسباب كتير منعتني ان انا اعمل كده
في اللحظه دي، يعني مثلا على سبيل المثال كنت بشك ان انا اقدر ادفع الفلوس اللي هيطلبها الشخص اللي هيعمل المهمه دي.
حتى لو قدرت اعمل كده في اي حد ممكن يدخل على الحساب بتاعي فجأه ويعرف ان انا فلوسي خلصت وممكن يشك فيا، وكمان مكنتش حابب ان انا احس اني بدعم المتهمين لاني مكنتش اتخيل في يوم اني ممكن اقف مع اي حد بينهي حياه شخص تاني علشان بياخد فلوس.
وكمان فكره ان انا اعمل كده ده معناه ان انا هدي فرصه للشخص اللي قدامي انه يتحكم في حياتي العائليه والخاصه، وبعدين قررت ان انا مش هقدر اني استأجر الشخص اللي هيعمل كده بس فكره ان انا اكون بعيد عن الاحداث اللي بتحصل دي عجبتني بصراحه.
وقبل سنه في يوم من الايام سنه 2009 دخلت واحده شابه المتجر بتاع المالك اللي انا بشتغل عنده دلوقتي، وكان معاها مجموعه من الطبعات الاولى وكانت قيمه جدا بس الروايات دي مكانتش روايات بوليسيه على الرغم من وجود طبعه من ضمن الروايات البوليسيه واللي كانت صدرت في سنة 1982.
كان في حوالي 10 كتب من بينهم الطبعه الاولى للكتابين بتوع مارك توين، واكيد المبلغ بتاعهم كان بيساوي الالاف وكانت الست دي شعرها خشن شويه وشفايفها متشققه من كتر الجفاف، وكانت معاها كتب في الشنطه بتاعتها بس الشنطه دي مكانتش شنطه ضهر كانت شنطه بقاله..
كريم: انتي جبتي الكتب دي منين؟
الست: انت مش عايزهم؟
كريم: اكيد طبعا عايزهم بس لما اعرف انت جبتيهم منين!
اول ما سألتها السؤال ده مشيت من المحل بسرعه.. وكل مره برجع ابص على الماضي بتمنى لو اني اخدت منها الكتب اللي كانت معاها بأي مبلغ كانت تطلبه في اللحظه دي.
كنت هقدر ان انا اوصل للشخص المالك … بعد اللي حصل ده اكتشفت انها اكيد كانت سارقه بيت شخص معين ولما انا عرضتها للاسئله دي هي رجعتله الكتب بتاعته تاني وخافت.
واللي حصل وقتها ان انا اتصلت بالشرطه وبلغتهم باللي حصل وقالولي انهم اكيد هيكونوا متابعين الموضوع بس ما استقبلتش منهم اي رد بعدها في فتره معينة.
مشفتش الست دي في اي مكان تاني … في الوقت ده كان في المتجر اللي انا شغال فيه موظف اسمه حاتم، ده كان بيشتغل دايما في نهايه كل اسبوع وكان بيجمع الكتب وكان بيرتبها على حسب الرعب الموجود في كل روايه، ولما قابلته اول مره كلمته عن الست اللي جت عندي واللي كان معاها طبعات نادره جداً من الروايات دي.
حاتم: ممكن تحاول انها تبيعهم اون لاين.
كريم: بس مكانش باين عليها انها من الستات اللي بتفهم في الاون لاين والانترنت.
حاتم: ومع ذلك فهي برده فكره تستحق ان احنا ندور وراها وممكن برده تعملها!
حاتم ده كان بيشتغل في قسم التكنولوجيا الخاص بالمعلومات في شركه خاصه تبع التأمين وكان بيشتغل طول الاسبوع كله.
جابلي موقع الكتروني.. بالنسبالي الموضوع كان غريب جداً ومش مفهوم.. كان شكله زي اللوحات اللي متبادل من خلالها الرسايل من ايام الإنترنت الاولى، لكن عبده سحب قسم وكان بيتعرض فيه التقنيات النادره جداً اللي بيعرضوها للبيع وكل اللي كان موجوده هناك كان مجهول الهويه بالنسبالي.
دورنا احنا الاتنين على الكتب اللي جابتها الست دي للمتجر بتاعنا بس مظهرش اي حاجه.
كريم: طيب ايه في تاني هنا ممكن ندور عليه؟
حاتم: انا اثار فضولي بصراحه جزء كبير من الكتب اللي كانت موجوده هناك، وكمان مكان الدردشه مكانش بيكشف عن هويه الشخص اللي بيتكلم معاك، دي مش بس شبكه تبع الويب دي ممكن تكون شبكه مضلمه بدرجه مش طبيعيه.
لتكمله القصه اضغط الزر بالاسفل