اخبار التكنولوجيا

خطوة حاسمة.. منع الأطفال من دخول عالم التواصل الاجتماعي قبل 15 عامًا

لماذا منع الاطفال من التواصل الاجتماعي قبل 15 عامًا

في خطوة مثيرة للجدل ومحل نقاش واسع داخل أوروبا أعلنت الحكومة الدنماركية مؤخرًا عن نيتها فرض حظر شامل على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 15 عامًا وذلك في محاولة للحد من التأثيرات السلبية المتزايدة لهذه المنصات على الصحة النفسية والعقلية للمراهقين وصغار السن القرار الذي ووصف بأنه الأكثر جرأة في أوروبا جاء بعد سلسلة من الدراسات والتقارير الرسمية التي كشفت عن الارتباط الوثيق بين الاستخدام المفرط للسوشيال ميديا وبين اضطرابات النوم وتراجع التركيز وارتفاع معدلات القلق والاكتئاب بين المراهقين

خطوة حاسمة.. منع الأطفال من دخول عالم التواصل الاجتماعي قبل 15 عامًا

بحسب ما أعلنه وزير التعليم والطفولة الدنماركي، فإن الحكومة أجرت خلال العامين الماضيين دراسات معمقة حول التأثيرات الاجتماعية والنفسية التي تتعرض لها الفئات العمرية الصغيرة، نتيجة تعرضها المستمر لمحتوى غير مناسب عبر الإنترنت وأظهرت النتائج أن الأطفال دون 15 عامًا يقضون أكثر من 4 ساعات يوميًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو معدل مرتفع يؤثر على نموهم النفسي والاجتماعي، ويقلل من مشاركتهم في الأنشطة الواقعية ك التفاعل الأسري والأنشطة الرياضية.

حماية الجيل القادم من مخاطر العالم الرقمي

كما أكد الوزير أن الهدف من القرار ليس فقط المنع، بل إعادة توجيه الطاقة الرقمية نحو استخدامات تعليمية وإبداعية أكثر نفعًا، مشيرًا إلى أن الأطفال في هذه السن لا يمتلكون النضج الكافي للتعامل مع الخوارزميات الموجهة أو الإعلانات المستهدفة التي تستخدمها المنصات الكبرى مثل تطبيق التيك توك و إنستجرام، و سناب شات.

تطبيق القانون وآلية المراقبة

تعتزم الحكومة الدنماركية إنشاء نظام تحقق رقمي إلزامي للهوية العمرية قبل التسجيل في أي تطبيق تواصل اجتماعي داخل البلاد، وسيطلب من المستخدمين الجدد تقديم رقم الهوية الوطنية أو ما يثبت عمرهم قبل السماح لهم بإنشاء حساب، على غرار ما بدأته فرنسا في مبادرة مشابهة، وتعمل الحكومة حاليًا بالتعاون مع شركات التكنولوجيا لوضع آلية موحدة للتحقق من عمر المستخدمين دون انتهاك خصوصيتهم، بحيث تكون العملية مؤتمتة ومشفرة بالكامل، وفي حال ثبوت مخالفة أي منصة أو تساهلها في تطبيق النظام الجديد، ستُفرض عليها غرامات مالية ضخمة قد تصل إلى 10 ملايين يورو، بالإضافة إلى إمكانية حجب الخدمة مؤقتًا داخل الأراضي الدنماركية.

ردود فعل متباينة داخل المجتمع الدنماركي

القرار أثار موجة واسعة من الجدل بين أولياء الأمور وخبراء التكنولوجيا ومؤسسات حقوق الطفل، ففي حين رحب عدد كبير من الأسر الدنماركية بالقانون باعتباره خطوة ضرورية لحماية أبنائهم من الإدمان الرقمي والتنمر الإلكتروني، يرى آخرون أنه تقييد مفرط للحرية الرقمية وقد يخلق نوعًا من التمييز العمري داخل الإنترنت، الناشطة في مجال حقوق الطفل.

اهميه الرقابه الابويه وثقافه تعامل الطفل مع وسائل التواصل

ليندا فريدريكسن قالت في تصريح لوسائل الإعلام المحلية إن الحظر الكامل قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، لأن الأطفال سيحاولون التحايل عبر استخدام حسابات مزيفة أو شبكات VPN للوصول إلى تلك المنصات، مضيفةً أن الحل الأمثل هو التثقيف والرقابة الأسرية وليس المنع التام في المقابل، أكد مؤيدو القرار أن المنع المؤقت في سن صغيرة هو وسيلة لضبط العلاقة بين الأطفال والعالم الرقمي، خاصة وأنهم يتعرضون يوميًا لكم هائل من المعلومات والمحتوى الذي يتجاوز قدرتهم على الاستيعاب.

موقف شركات التكنولوجيا الكبرى

لم يمر القرار مرور الكرام على الشركات المشغلة لمنصات التواصل الاجتماعي، فقد أبدت شركات مثل ميتا فيس بوك وإنستجرام، وبايت دانس و تيك توك تحفظها الشديد على الخطوة، معتبرةً أن القرار سيؤثر على الابتكار الرقمي ويحد من قدرة المنصات على دعم المبدعين الصغار، إلا أن الحكومة الدنماركية ردت على هذه التصريحات مؤكدةً أن سلامة الأطفال تأتي قبل أي اعتبارات تجارية، وأن الشركات مطالبة بتحمل مسؤوليتها الاجتماعية، كما أعلنت أن أي شركة ستتعاون في تطبيق النظام الجديد ستحظى بامتيازات قانونية وضريبية داخل السوق الدنماركي.

تجارب مشابهة في أوروبا والعالم

ليست الدنمارك أول دولة تثير هذا النوع من الجدل، ففي العام الماضي، فرضت فرنسا قانونًا يلزم الحصول على موافقة الوالدين قبل إنشاء أي حساب لطفل دون 15 عامًا، أما إيطاليا فقد بدأت في فرض قيود على استخدام تيك توك بعد وفاة طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات شاركت في تحدٍ خطير انتشر عبر التطبيق،وفي الولايات المتحدة، تسعى عدة ولايات مثل يوتا وأركنساس لتطبيق قوانين مشابهة تتضمن قيودًا عمرية صارمة وموافقة أبوية إلزامية،وهذه الخطوات تشير إلى أن هناك اتجاهًا عالميًا متزايدًا نحو تقنين العلاقة بين الأطفال والسوشيال ميديا، خصوصًا بعد أن تحولت هذه المنصات من أدوات ترفيه وتواصل إلى بيئات مليئة بالمخاطر النفسية والاجتماعية.

تأثير القرار على المجتمع الدنماركي

من المتوقع أن يحدث هذا القرار تغيرًا جذريًا في السلوك الرقمي للأسر والمدارس داخل الدنمارك، فقد بدأت بعض المؤسسات التعليمية في الاستعداد لتطبيق برامج بديلة تشجع الأطفال على استخدام الإنترنت في أغراض تعليمية، مثل البرمجة، وصناعة المحتوى العلمي، بدلاً من التصفح السلبي، كما تعمل الحكومة على تطوير منصات تواصل آمنة للأطفال تحت إشراف تربوي مباشر، بحيث تتيح لهم التفاعل والتعلم دون التعرض للمحتوى الضار أو الإعلانات الموجهة، ويرى خبراء علم النفس أن تقليل تعرض الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي سيؤدي إلى تحسين مستويات التركيز والنوم والتفاعل الاجتماعي الواقعي، مما قد ينعكس إيجابيًا على نتائجهم الدراسية وصحتهم العامة.

انتقادات من المنظمات الحقوقية

رغم نبل الهدف المعلن من القرار، إلا أن بعض المنظمات الحقوقية في أوروبا حذرت من أن هذه السياسة قد تُستخدم لاحقًا كذريعة لتقييد حرية الإنترنت بشكل أوسع، وأشار الاتحاد الأوروبي لحرية الإعلام إلى ضرورة الموازنة بين حماية القاصرين وبين احترام حقوق المستخدمين في الوصول إلى المعلومات، كما حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من مخاطر جمع البيانات الشخصية أثناء عملية التحقق من العمر، معتبرةً أن أي خطأ في تأمين تلك البيانات قد يعرّض الأطفال لانتهاكات رقمية مستقبلية.

خطط مستقبلية للتوعية والتثقيف

إلى جانب الحظر، تخطط الحكومة الدنماركية لإطلاق حملات توعية رقمية واسعة، داخل المدارس والأسر لتعليم الأطفال كيفية التعامل الآمن مع الإنترنت وتتضمن البرامج الجديدة دروسًا في الأمن السيبراني، وحماية الخصوصية، والتمييز بين الأخبار الحقيقية والمضللة، كما سيتم تدريب المعلمين على مراقبة السلوك الرقمي للطلاب، ومساعدة الأسر على فهم آليات المنع والتحكم في الأجهزة الذكية.

رؤية مستقبلية: نحو إنترنت آمن ومتوازن

يبدو أن الدنمارك لا تهدف فقط إلى الحد من أضرار السوشيال ميديا، بل إلى إعادة صياغة علاقة الأجيال القادمة بالتكنولوجيا،فالقرار يأتي ضمن رؤية أشمل للحكومة تسعى إلى خلق بيئة رقمية أكثر توازنًا، تحمي الهوية الثقافية والقيم الاجتماعية دون الانغلاق على العالم، ويرى محللون أن نجاح التجربة الدنماركية قد يدفع دولًا أخرى لتبني سياسات مشابهة، خاصة في ظل تزايد الوعي الدولي بخطورة ترك الأطفال في مواجهة خوارزميات لا ترحم.

تحول جوهري في طريقة تعامل الدول مع التجنولوجيا وحماية حقوق الطفل

القرار الدنماركي بحظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 15 عامًا، يمثل تحولًا جوهريًا في طريقة تعامل الدول مع التكنولوجيا فبينما يرى البعض أنه خطوة جريئة لحماية الطفولة في عصر رقمي سريع التغير، يعتبره آخرون تقييدًا مفرطًا لحرية الأفراد لكن المؤكد أن هذه الخطوة فتحت نقاشًا عالميًا حول حدود التكنولوجيا، ومسؤولية الحكومات والشركات والأسر في تربية جيل رقمي أكثر وعيًا وأمانًا.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى