
في عالم التكنولوجيا الحديثة لا تقتصر الابتكارات على الأجهزة الضخمة أو الآلات الصناعية بل تمتد إلى أصغر المقاييس الممكنة الروبوتات الدقيقة Microrobots تمثل أحد أحدث فروع الروبوتيك الذي يحقق ثورة في علوم النانو والهندسة الميكاترونية هذه الروبوتات التي قد لا تتجاوز مليمترات أو ميكرومترات في الحجم تمتلك القدرة على التحرك بسرعة مذهلة متجاوزة العديد من الحدود التقليدية في الأداء في هذا المقال سنستعرض أبرز هذه الروبوتات الدقيقة السريعة التقنيات التي تجعلها ممكنة والتطبيقات المستقبلية المحتملة
أسرع الروبوتات الدقيقة في العالم
الروبوتات الدقيقة هي آلات روبوتية في حجم صغير جدًا ميليمتر، ميكرومتر، أو حتى نانومتر، قادرة على أداء مهام متنوعة مثل الزحف، القفز، السباحة، والمناورة في بيئات ضيقة جدًا تكمن أهميتها في قدرتها على العمل في أماكن لا يمكن للروبوتات الكبيرة الوصول إليها، مثل داخل الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، أو داخل خطوط إنتاج دقيقة، أو حتى في عمليات التصنيع على مستوى
أبرز الروبوتات الدقيقة الأسرع في العالم
فيما يلي بعض من أسرع الروبوتات الدقيقة المعروفة حتى الآن، مع شرح لما يجعلها مميزة، وميكروبوت الزحف بسرعة عالية جدًا محرك كهربائي دقيق، في بحث منشور في مجلة Nanoscale، طور فريق روبوت دقيق يزن ميليغرامات ويبلغ حجمه على مقياس المليمتر، قادر على الزحف crawling بسرعة تصل إلى 251.8 مم/ثانية، وهو ما يعادل حوالي 74 طول جسم في الثانية body lengths/s، هذه السرعة تجعله من أسرع الروبوتات على مستوى الميكرو غرام ومقياس المليمتر، متجاوزا بعض مفصليات الأرجل من حيث الأداء النسبي، والسرعة العالية ناتجة عن محرك دقيق مبتكر micr -actuator يستجيب لمنبهات كهربائية، مع كفاءة طاقة قوية وتحويل سريع للطاقة.
الروبوت الجري BHMbot من جامعة بيهانغ أسرع روبوت ميكرو غير مربوط ويت‑ثيرد
جامعة بيهانغ Beihang University طورت روبوتًا صغيرا بحجم تقريبًا 2 سنتيمتر 20 مم ويسمى BHMbot، وهو روبوت ذو أرجل قادر على الجري بسرعة عالية جدًا بطريقة غير مربوطة بأسلاك untethered، وفقًا للدراسة، الروبوت يمكن أن يحقق سرعة تصل إلى 17.5 طول جسم في الثانية BL/s، باستخدام تحكم لاسلكي wireless في الأرجل الأمامية، يمكنه تنفيذ مناورات مختلفة مثل الجري في دوائر أو مسارات معقدة أو تجاوز عقبات، وعند الاختبارات، استهلاك الطاقة للروبوت كان حوالي 1.77 واط، ما يعتبر إنجازًا كبيرًا لروبوت بهذه الصغر وقدرته على الحركة من دون سلك.
نسخة محسنة من BHMbot‑B للذهاب ذهابا وإيابا بسرعة عالية
في بحث لاحق، طور الفريق نسخة تسمى BHMbot‑B بطول 15 مم تقريبًا، تدار بمحركات كهرمغناطيسية وتشمل دائرة تحكم مع بطارية، ما يجعلها مريحة للاستخدام غير المربوط،وهذه النسخة حققت سرعة 18.0 BL/s إلى الأمام حوالي 360 مم/ث و16.9 BL/s للخلف حوالي 338 مم/ثكما أن النظام يوازن بين الأداء والباور بحيث يحقق استقرارا جيدًا حتى مع الاهتزاز الناتج عن الجري السريع، وهذا الإنجاز يمثل قفزة في قدرة الروبوتات الصغيرة على المناورة عالية السرعة في الاتجاهين دون الحاجة إلى الربط السلكي.
روبوت متعدد الحركة زحف + قفز
هناك روبوت ميكرو على مقياس المليمتر تم تطويره بكتلة حوالي 52 ميليغرام وأبعاد حوالي 9.3 مم × 9.1 مم، هذا الروبوت يستخدم محركات عضلية ميكرو، bionic-muscle actuators تعمل بالنبضات الكهربائية وتسخين Joule، ما يساعد على توليد اهتزازات عالية التردد، بفضل هذا التصميم، الروبوت قادر على الزحف وتحويل الاتجاهات، وكذلك القفز، حقق ارتفاع قفز يصل إلى 42 مم أكثر من 10 أضعاف ارتفاع جسمه، سرعة القفز تصل إلى حوالي 0.91 م/ث، وهي سرعة عالية جدًا بالنسبة لحجم صغير إلى هذا الحد، مثل هذا النوع من الروبوتات يظهر كيف يمكن للتصميم الذكي أن يجمع بين عدة أنماط حركة multi-locomotion، في روبوت صغير جدًا.
الروبوتات المورّقة Delta فائقة الصغر
في جامعة كارنيغي ميلون Carnegie Mellon، تم تطوير ما يعرف بـ MicroDelta Robots، وهي روبوتات دلتا Delta robots صغيرة جدًا، بأبعاد 1.4 مم و0.7 مم في الارتفاع، ما يميز هذه الروبوتات هو أنها تعمل بتردد تشغيل فوق 1 كيلوهرتز، ما يمنحها سرعة حركة عالية جدًا ودقة كبيرة جدًا دقة أقل من ميكرومتر، رغم صغر حجمها، يمكنها توليد طاقة كافية لإطلاق مشروع صغير جدًا مثل حبة ملح ما يظهر قدرتها على أداء مهام دقيقة مع طاقة كبيرة، هذا النوع من الروبوتات يُعد مثالا ممتاز على كيف أن تصغير الآليات الروبوتية يمكن أن يعزز الأداء السرعة، الدقة وهو ما أثبتته تجارب هؤلاء الباحثين.
الروبوتات السابحة الدقيقة من جامعة بيرديو Purdue
مجموعة من الباحثين في جامعة بيرديو طورت روبوتات دقيقة جدًا تسبح microrobotic swimmers باستخدام طباعة ثلاثية الأبعاد على مقياس الميكرو، وتصميم ذي ذيل هيدروجيل قابل للتكيف مع البيئة، وسرعة هذه الروبوتات وصلت إلى 8.1 طول جسم في الثانية 8.1 BL/s، أي ما يعادل تقريبًا 2 مم/ث بالنسبة لبعض التصاميم، وهي سرعة قياسية في هذا السياق، نظرًا لصغر حجمها بعضها بعرض يقارب عرض شعرة الإنسان، لا يمكنها حمل بطارية داخلها لذا يتم تشغيلها بواسطة مجالات مغناطيسية خارجية، وهو حل ذكي للتحكم والطاقة في هذا النطاق الصغير، التقنية وراء السرعة العالية، كيف تصنع هذه الروبوتات دقيقة وسريع، ولفهم كيف يمكن لروبوت صغير جدًا أن يكون سريعًا جدًا، من المهم معرفة بعض النقاط التقنية الأساسية وهي:
محركات دقيقة Micro-actuator
تستخدم بعض الروبوتات أسلاك من سبائك الذاكرة الشكل Shape-Memory Alloy, SMA التي تتقلص وتتمدد عند تسخينها أو تبريدها، ما يولد حركة دقيقة عالية السرعة، وفي حالات أخرى، تستخدم محركات مغناطيسية أو محركات piezoelectric كهروضغطية صغيرة جدًا لتحريك الأرجل أو الأجزاء الأخرى.
تصميم الحركة الديناميكية
بعض الروبوتات تعتمد نمط القفز bouncing مع مزامنة تردد القفز وطول القفزة لتحقيق سرعة كبيرة كما في BHMbot، وتصميم الأرجل أو الزعانف يمكن أن يحاكي الطبيعة مثل الزواحف أو الأسماك، لتحقيق كفاءة عالية في التنقل.
التصنيع الدقيق
استخدام تقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد المجهرية micro-scale 3D printing أو الطباعة الضوئية two-photon polymerization، يسمح بإنشاء هياكل دقيقة جدًا بتفاصيل معقدة، كذلك، تركيب الأجزاء الصغيرة مثل الأسلاك الدقيقة أو الأجزاء المرنة يتطلب دقة تصنيع عالية جدًا لتجنب الأخطاء وإهدار الطاقة.
مصادر الطاقة والتحكم
بعض الروبوتات تكون مربوطة بأسلاك (tethered، لتزويدها بالطاقة والتحكم، لكن الاتجاه الأهم هو نحو الروبوتات غير المربوطة untethered لأنها أكثر عملية ومرونة مثل BHMbot‑B الذي يعمل بالبطارية، في بعض التصاميم، تستخدم حقول مغناطيسية خارجية للتحكم والطاقة كما في روبوتات السباحة، المجهرية التي تتحكم بها حقول مغناطيسية.
الكفاءة الديناميكية والطاقة
تصميم محسن للحركة يساعد على تقليل الطاقة المفقودة وزيادة تكلفة النقل Cost of Transport على سبيل المثال، في BHMbot كان هناك حساب لكفاءة استهلاك الطاقة مقابل السرعة، في بعض الروبوتات، المكتسب من السرعة مثل القفز أو الزحف يقلل من الطاقة المطلوبة مقارنة بالروبوتات التي تتحرك ببطء أو حركة أقل فعالية.
لماذا هذه السرعات مهمة؟
هذه الروبوتات السريعة والدقيقة لا تمثل مجرد إنجاز علمي، بل تفتح الباب أمام تطبيقات مستقبلية مهمة جدًا، الطب والعلاج الدقيق، الروبوتات الدقيقة يمكنها التنقل داخل الأوعية الدموية أو الأنسجة، لنقل الدواء مباشرة إلى الخلايا المستهدفة، أو تنفيذ مهام تشخيصية دقيقة جدًا، والتصنيع المجهرى،في مصانع النانو أو العمليات الدقيقة، يمكن استخدام هذه الروبوتات لبناء أو تجميع مكونات على مستوى خلية أو ميكرومتر، بدقة وسرعة عالية جدًا.






