اخبار التكنولوجيا

القضاء الهولندي يلزم ميتا بإعادة تنظيم خوارزميات الجداول الزمنية 

تعرف علي كيف يتم تنظيم خوارزميات الجداول الزمنيه

شهدت الساحة القانونية الأوروبية مؤخرًا تطورا بارزا في العلاقة المتوترة بين منصات التواصل الاجتماعي العملاقة والقوانين المحلية حيث أصدرت محكمة هولندية حكما قضائيا يلزم شركة ميتا المالكة لفيسبوك وإنستجرام بإجراء تعديلات جوهرية على أنظمة إدارة الجداول الزمنية للمستخدمين هذا القرار تعتبر سابقة جديدة في المواجهة المستمرة بين التشريعات الأوروبية وسياسات شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تواجه منذ سنوات انتقادات متزايدة حول الشفافية حماية البيانات وتأثيرها على السلوك الاجتماعي والسياسي

القضاء الهولندي يلزم ميتا بإعادة تنظيم خوارزميات الجداول الزمنية

مع أن شركة ميتا قد تحاول استئناف الحكم أو المماطلة في تنفيذه، إلا أن الاتجاه العام في أوروبا يبدو واضحا المزيد من القيود، المزيد من الشفافية، والمزيد من حقوق للمستخدمين وفي هذا السياق، قد نشهد خلال السنوات القادمة تحولا جذريا في الطريقة التي نستهلك بها المحتوى على المنصات الاجتماعية، ليس في هولندا فقط، بل على مستوى العالم كله.

خلفية القضية: كيف وصلت ميتا إلى المحكمة؟

بدأت القضية بعد شكاوى تقدم بها عدد من المنظمات الهولندية المعنية بحقوق المستهلك وحماية الخصوصية، إذ اعتبرت أن خوارزميات ترتيب الجداول الزمنية Feeds على فيسبوك وتطبيق انستجرام تُدار بطريقة غير شفافة، وتؤثر بشكل مباشر على طريقة وصول المعلومات الي كل المستخدمين لهذه المنظمات أكدت أن هذه الخوارزميات تعطي الأولوية لمحتوى محدد بناءً على مصالح تجارية وإعلانات مدفوعة، مما انه قد يؤدي إلى تضليل المستخدمين أو حجب بعض أنواع المحتوى التي قد تكون ذات أهمية عامة كما جرى التركيز على ما اعتبرته الجمعيات الهولندية هيمنة غير عادلة لمحتوى مدفوع على حساب المنشورات العضوية، وهو ما يتعارض من وجهة نظرهم مع حق المستخدم في بيئة رقمية متوازنة وعادلة.

رفعت هيئه حمايه المستهلك الهولنديه دعوه قضائيه ضد ميتا

بناءً على هذه الشكاوى، تدخلت هيئة حماية المستهلك الهولندية ورفعت دعوى قضائية ضد ميتا، وهي مطالبة بفرض رقابة أكبر على كيفية ترتيب وعرض المحتوى، إلى أن انتهت القضية بإصدار المحكمة حكما قد يلزم الشركة بتعديل كل أنظمتها.

تفاصيل الحكم القضائي

الحكم الصادر عن المحكمة الهولندية لم يكن عامًا أو فضفاضًا، بل جاء محددًا بعدة نقاط رئيسية، زيادة الشفافية يجب على ميتا أن تكشف للمستخدمين بوضوح آلية عمل الخوارزميات التي تحدد ترتيب المنشورات على صفحاتهم، ومنح المستخدم حق الاختيار على الشركة أن توفر خيارات متعددة لعرض الجداول الزمنية، مثل الترتيب الزمني البسيط بدلا من الاعتماد الحصري على التوصيات الخوارزمية، وتقييد الإعلانات الموجهة يلزم الحكم الشركة بتمييز أوضح للمحتوى الإعلاني، مع وضع قيود على قدرة الإعلانات المدفوعة في السيطرة على واجهة الاستخدام، وفترة زمنية للتنفيذ منحت المحكمة ميتا مهلة محددة لتطبيق التغييرات، مع تهديد بفرض غرامات مالية ضخمة في حال عدم الامتثال.

رد فعل ميتا: دفاع معتاد أم بداية استجابة؟

حتى الآن، جاء رد من شركة ميتا على الحكم الهولندي بنبرة متحفظة الشركة أبدت خيبة أملها من القرار، معتبرة أن أنظمتها الحالية تمنح المستخدمين بالفعل تجربة مخصصة وآمنة، لكنها أكدت في الوقت نفسه أنها ستراجع الحكم بعناية وتدرس خياراتها القانونية، ومصادر مقربة من شركة ميتا أشارت إلى أن الشركة تفكر في استئناف القرار، غير أن المراقبين يؤكدون أن أي استئناف قد يواجه صعوبة في ظل المناخ الأوروبي الصارم ضد المنصات الرقمية إذ سبق للمفوضية الأوروبية أن اتخذت خطوات مشابهة ضد شركات مثل  شركة جوجل وايضا التيك توك و أمازون، مما انه يجعل من شركة ميتا هدفا طبيعيا لقرارات مماثلة.

الأبعاد القانونية والسياسية للقرار

ينظر إلى الحكم الهولندي باعتباره جزءًا من معركة أوسع بين أوروبا و عمالقه التكنولوجيا الأمريكي، ف الاتحاد الأوروبي يسعى منذ سنوات إلى تقليص الهيمنة التي تفرضها هذه الشركات على حياة الأفراد الرقمية، وهو ما تجسد في تشريعات متعددة تهدف إلى ضمان المنافسة العادلة وحماية حقوق المستخدمين.

تتمتع السلطه ايضا بصيغه الواقع الرقمي لملايين من المستخدمين

القضية هنا لا تتعلق فقط بخوارزمية الترتيب فقط، بل بالسلطة التي تتمتع بها ميتا في صياغة الواقع الرقمي لملايين من المستخدمين، فعندما تقرر الخوارزمية أي محتوى يراه الفرد أولا، فإنها بذلك تحدد أولوياته المعرفية وربما حتى توجهاته الفكرية والسياسية ولهذا السبب، يعتبر القانونيين أن الحكم الهولندي يمثل خطوة مهمة جدا نحو إعادة التوازن، بين حرية الشركة في إدارة كل منصاتها وحق المستخدم في بيئة معلوماتية عادلة.

التأثير على المستخدمين: ما الذي سيتغير تجربه المستخدمين

في حال التزمت ميتا بتطبيق القرار، فإن تجربة المستخدم في هولندا وربما في دول أوروبية أخرى لاحقًا ستشهد تغييرات ملحوظة أبرزها، وظهور خيار الترتيب الزمني للمنشورات، ما يمنح كل المستخدمين فرصة كبيرة لرؤية المحتوى كما نُشر، دون تدخل من الخوارزميات، وتمييز أوضح للإعلانات بحيث يسهل على المستخدمين إدراك المحتوى التجاري وعدم الخلط بينه وبين المنشورات العادية، و زيادة الوعي بكيفية عمل الخوارزميات، إذ سيكون على الشركة توضيح الأسس التي تستند إليها في التوصيات، هذه التغييرات قد تعيد جزءًا من السيطرة إلى المستخدم، وتقلل من الانتقادات المتكررة حول إدمان التمرير، أو الانجذاب المستمر إلى محتوى مثير للجدل وذلك بفضل توصيات الخوارزميات.

انعكاسات اقتصادية على ميتا

من الناحية الاقتصادية، قد يشكل الحكم الهولندي تحديا كبيرًا من ميتا، إذ تعتمد الشركة بشكل رئيسي على الإعلانات الموجهة و الخوارزميات في تحقيق أرباحها، من الإعلانات الموجهة تقييدها أو تمييزها بشكل أوضح قد يقلل من فعاليتها وبالتالي من قيمتها للمعلنين، وخسارة النفوذ على تجربة المستخدم إذا أجبرت الشركة على تقليل سيطرة الخوارزميات، فقد يتراجع الوقت الذي يقضيه المستخدمون على المنصة، وهو ما ينعكس على العائدات، تكاليف الامتثال تطبيق التغييرات المطلوبة قد يستلزم استثمارات كبيرة في البنية التحتية وتطوير البرمجيات، و لكن في المقابل، يرى بعض المحللين أن الامتثال قد يفتح الباب أمام ثقة أكبر من المستخدمين، ما يعزز ولاءهم للمنصات على المدى الطويل.

هل يمكن أن يمتد الحكم إلى دول أخرى؟

السؤال الأبرز الآن هو، هل ستبقى هذه الخطوة محصورة داخل هولندا، أم أنها ستتحول إلى نموذج يحتذى به في باقي أوروبا وربما العالم، والعديد من الخبراء يرجحون أن يصبح الحكم الهولندي سابقة قانونية يمكن الاستشهاد بها في محاكم أوروبية أخرى، خصوصًا وأن الاتحاد الأوروبي يشجع على تبني معايير موحدة وإذا ما تكررت هذه القرارات، فقد تجد ميتا نفسها مضطرة لتعديل أنظمتها عالميا بدلا من تطبيق معايير مختلفة في كل دولة.

ردود الفعل من العامة

القرار قبل بترحيب واسع جدا من المنظمات الحقوقية والمدافعين عن الشفافية الرقمية، الذين قد اعتبروا أن الحكم انتصار للمستخدمين ورسالة قوية جدا لشركات التكنولوجيا بضرورة احترام القوانين المحلية، أما في الأوساط التقنية، فقد تباينت كل الآراء من بعض الخبراء رأوا أن تدخل المحاكم في طريقة تصميم الخوارزميات قد يعيق الابتكار و يؤثر على مرونة الشركات، في حين شدد آخرون على أن  هذا الابتكار بلا ضوابط وانه يمكن ان يشكل خطراً أكبر على المجتمع كله.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى