اليوم الاجتماع الأول للجمعية العمومية للأهلي لاختيار مجلس جديد

يشهد النادي الأهلي اليوم، الجمعة، حدثًا استثنائيًا طال انتظاره من أعضاء وجماهير القلعة الحمراء، وهو انعقاد الاجتماع الأول للجمعية العمومية لاختيار مجلس إدارة جديد يقود النادي خلال الدورة الانتخابية المقبلة (2025–2029).
الحدث لا يُعد مجرد استحقاق إداري روتيني، بل يمثل لحظة فاصلة في تاريخ أعرق مؤسسة رياضية في الشرق الأوسط، مؤسسة تمتد جذورها لأكثر من قرن من الإنجازات والبطولات والرمزية الوطنية.
أجواء حماسية داخل القلعة الحمراء منذ الصباح الباكر
منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، بدأت الحشود تتوافد إلى مقر النادي الأهلي بالجزيرة في مشهد يعكس حجم الانتماء الذي يربط أعضاء الجمعية العمومية بناديهم.
رفرفت الأعلام الحمراء على الأسوار، وتعالت الهتافات المؤيدة لهذا المرشح أو ذاك، في أجواء انتخابية يسودها النظام والتنظيم، بفضل ترتيبات مسبقة قامت بها لجنة الإشراف على الانتخابات بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة.
وعلى الرغم من حرارة الأجواء، إلا أن الإقبال الكبير فاق التوقعات، إذ سجلت الساعات الأولى حضورًا كثيفًا، خصوصًا من أعضاء النادي القدامى والعائلات الذين حرصوا على المشاركة في هذا الحدث التاريخي.
وفي مشهد مهيب، كانت الطوابير تمتد لعشرات الأمتار، والابتسامات ترتسم على الوجوه، في دليل على ثقافة ديمقراطية ترسخت عبر تاريخ النادي الطويل.
محمود الخطيب.. رمز الاستمرارية وأيقونة القيادة
لم يكن اسم محمود الخطيب بعيدًا عن المشهد، فهو القائد التاريخي للنادي الأهلي منذ توليه الرئاسة عام 2017.
وقد أعلن “بيبو” في الأسابيع الماضية عن نيته خوض الانتخابات مجددًا، على رأس قائمة تحمل شعار “الإنجاز.. الاستقرار.. المستقبل”.
القائمة ضمت مجموعة من الأسماء البارزة في مجالات الإدارة والاقتصاد والإعلام، مما جعلها تحظى بثقة جزء كبير من الجمعية العمومية.
البيان الانتخابي لقائمة الخطيب ركّز على مواصلة خطة التطوير الشاملة التي بدأها النادي في السنوات الماضية، سواء في قطاع البنية التحتية أو الإدارة الرقمية أو فرق الألعاب المختلفة.
وأكد الخطيب أن الأهلي يحتاج إلى إدارة “تمتلك الخبرة والهدوء والرؤية”، مشددًا على أن الهدف ليس الفوز بالمناصب بل “الحفاظ على قيمة الأهلي وقيادته لريادة الرياضة المصرية والإفريقية”.
قوائم المنافسين.. بين الطموح والتغيير
في المقابل، تشهد الانتخابات هذه المرة ظهور أكثر من قائمة منافسة، تسعى لتقديم رؤية مختلفة.
من أبرز هذه القوائم قائمة التغيير التي يقودها أحد أعضاء المجلس السابقين، وتركّز على “تجديد الدماء” و”توسيع المشاركة الشبابية”.
وتضم القائمة عددًا من رجال الأعمال والإعلاميين، وتطرح شعارات مثل “نحو إدارة شفافة” و“توسيع قاعدة الخدمات”.
كما يظهر في المشهد عدد من المرشحين المستقلين الذين يراهنون على شعبيتهم بين الأعضاء، خصوصًا في قطاعات مثل الفروع الجديدة (الشيخ زايد، التجمع، وأكتوبر).
اللافت أن الخطاب الانتخابي هذا العام ركّز بشكل كبير على قضايا التحول الرقمي والخدمات الإلكترونية للأعضاء، وهو ما يعكس التطور الإداري في فكر الأهلي الحديث.
العملية الانتخابية.. تنظيم دقيق ومتابعة لحظية
حرصت إدارة النادي على تنظيم العملية الانتخابية بأعلى درجات الدقة، حيث تم تخصيص 120 لجنة انتخابية داخل مقر النادي، مع توزيعها جغرافيًا لتسهيل التصويت.
كما تم اعتماد بطاقات إلكترونية تحمل باركود لكل عضو لمنع التلاعب أو الازدواجية، إضافة إلى نشر كاميرات مراقبة لضمان الشفافية الكاملة.
وتتولى لجنة قضائية مستقلة الإشراف الكامل على العملية، بالتعاون مع موظفي وزارة الشباب والرياضة.
تم تجهيز خيم ضخمة لتسهيل عملية الانتظار، وتم توفير عربات “جولف” لنقل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
كما أطلقت إدارة النادي خدمة إلكترونية عبر تطبيق “الأهلي موبايل” لمتابعة سير العملية الانتخابية لحظة بلحظة.
الأهلي.. مدرسة في الديمقراطية الرياضية
لم تكن الانتخابات في الأهلي مجرد حدث موسمي، بل تقليد راسخ يعكس ثقافة النادي ومكانته المؤسسية.
فمنذ تأسيسه عام 1907 على يد مجموعة من الوطنيين المصريين، والأهلي يمثل نموذجًا فريدًا للممارسة الديمقراطية في الأندية الرياضية.
من أول جمعية عمومية ترأسها عمر لطفي إلى اليوم، ظل النادي يرسخ قيم المشاركة والمسؤولية الجماعية في اتخاذ القرار.
ويُنظر إلى انتخابات الأهلي باعتبارها “المرجع الإداري” لبقية الأندية المصرية، حيث يعتمد عليها المسؤولون والمهتمون بالشأن الرياضي في قياس مدى تطور الوعي المؤسسي في المجال الرياضي.
ولهذا، فإن كل انتخابات جديدة في الأهلي تُعد اختبارًا لقدرة النادي على الجمع بين الاحتراف والانتماء.
الجمعية العمومية.. 350 ألف عضو يشاركون في صناعة القرار
تضم الجمعية العمومية للأهلي أكثر من 350 ألف عضو عامل، يحق لهم التصويت لاختيار رئيس النادي ونائبه وأمين الصندوق و12 عضوًا من بين المرشحين.
العدد الضخم للأعضاء يجعل انتخابات الأهلي واحدة من أكبر الانتخابات الرياضية في الشرق الأوسط.
ويؤكد الخبراء أن هذا الحجم من المشاركة يعكس الثقة التي يوليها الأعضاء لمؤسستهم، والوعي بأهمية الصوت الانتخابي في تشكيل مستقبل النادي.
وقد حرصت اللجنة المنظمة على دعوة كل الأعضاء للمشاركة بغض النظر عن الانتماء، مشددة على أن “اليوم ليس يوم الخطيب أو غيره، بل يوم الأهلي”.
التحديات أمام المجلس الجديد
ينتظر مجلس الإدارة الجديد حزمة من الملفات المعقدة، يأتي في مقدمتها الملف المالي والاستثماري.
فالنادي الأهلي اليوم لا يُعتبر ناديًا رياضيًا فحسب، بل مؤسسة اقتصادية ضخمة تدير ميزانية تقترب من 6 مليارات جنيه سنويًا.
المجلس الجديد سيكون مطالبًا بتحقيق التوازن بين الصرف الرياضي وتوسيع الاستثمارات في مجالات التسويق والإعلام والبنية التحتية.
كما يبرز ملف تطوير قطاع الناشئين، الذي يُعد ركيزة أساسية لاستدامة التفوق الكروي.
ويُنتظر من الإدارة القادمة أن تعيد بناء الأكاديميات بشكل يتماشى مع متطلبات كرة القدم الحديثة، وأن تفتح الباب أمام الشراكات الدولية في التدريب والتكنولوجيا الرياضية.
صوت الجماهير خارج الأسوار
على الرغم من أن جماهير الأهلي لا تشارك رسميًا في التصويت، إلا أن صوتها حاضر بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي.
فمنذ أيام، امتلأت المنصات بوسوم مثل #انتخابات_الأهلي و#مجلس_الأهلي_الجديد، مع تفاعل كبير من مشجعي النادي في مصر والوطن العربي.
وتحوّل الحدث إلى نقاش عام حول هوية الأهلي ومستقبله الإداري، بين من يطالب بالاستمرارية ومن ينادي بضخ دماء جديدة.
ووسط هذا الزخم، أكدت إدارات صفحات النادي الرسمية أن الأهلي “أكبر من الأشخاص”، وأن المؤسسة ستظل شامخة مهما تغيّرت الأسماء.
كواليس اليوم الانتخابي.. التنظيم، والروح، والانتماء
في جولة داخل مقر النادي، يمكن أن تلمس مدى التنظيم والانضباط الذي يسود الأجواء.
فرق الأمن الخاص بالتعاون مع شرطة السياحة تتولى تنظيم الدخول والخروج، فيما يوزع المتطوعون زجاجات المياه والوجبات الخفيفة للأعضاء المنتظرين.
على الشاشات العملاقة المنتشرة داخل المقر، تُعرض لقطات من تاريخ الأهلي وبطولاته، في مشهد يدمج الماضي بالحاضر ويغذي الشعور بالفخر والانتماء.
أما اللجان الانتخابية، فتعمل بسلاسة وهدوء، وسط إشراف قضائي صارم.
وفي تصريح خاص لأحد القضاة المشرفين، قال:
“الأهلي مدرسة في التنظيم والاحترام، والعملية تسير بشفافية كاملة دون أي خروقات تُذكر.”
المرأة في قلب المشهد
اللافت هذا العام هو المشاركة الواسعة من السيدات، سواء كناخبات أو مرشحات.
فقد ضمت القوائم عدداً من السيدات اللواتي يمتلكن خبرة طويلة في الإدارة والرياضة.
وتشير الإحصاءات الأولية إلى أن نسبة مشاركة المرأة تجاوزت 40% من إجمالي المصوتين، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ النادي.
وقالت إحدى العضوات المشاركات:
“أنا لا أختار شخصًا بعينه، أنا أختار مستقبل أولادي داخل ناديهم الذي كبروا فيه.”
الجيل الجديد.. وعي متجدد داخل الجمعية العمومية
الحضور اللافت من فئة الشباب عكس أن الأجيال الجديدة من أعضاء الأهلي تمتلك وعيًا إداريًا متقدمًا.
ففي استطلاع رأي أجرته صحيفة رياضية محلية، أكد 68% من الشباب أنهم يقرأون البرامج الانتخابية قبل التصويت، و51% منهم شاركوا في الانتخابات لأول مرة.
هذا التحول الثقافي يُعد أحد أسرار استمرار النادي الأهلي في الريادة، لأنه لا يعيش على أمجاد الماضي، بل يستثمر في وعي الحاضر.
التصويت الإلكتروني.. خطوة نحو المستقبل
أحد التطورات البارزة في انتخابات هذا العام هو إدخال نظام التصويت الإلكتروني المساعد، حيث يتم تسجيل الصوت عبر جهاز لوحي مؤمن، مع طباعة ورقة تأكيد لضمان النزاهة.
هذه الخطوة وضعت الأهلي في مصاف الأندية الأوروبية من حيث التكنولوجيا الإدارية، وأكدت أن النادي يسير بثبات في طريق التحول الرقمي الكامل.
ردود الفعل الإعلامية
الوسائل الإعلامية المحلية والعربية تابعت الحدث لحظة بلحظة، ووصفته بعض القنوات بأنه “العرس الديمقراطي الأكبر في تاريخ الرياضة المصرية”.
الصحف البريطانية المهتمة بكرة القدم سلطت الضوء على التجربة، مشيدة بالنظام والشفافية.
أما الصحافة الإفريقية، فرأت في الأهلي نموذجًا يحتذى به لبقية أندية القارة التي تسعى لترسيخ الحوكمة والشفافية.
النتائج الأولية والتوقعات
حتى ساعات المساء، تشير المؤشرات الأولية إلى تقدم قائمة الخطيب في أغلب اللجان، وسط تنافس قوي على بعض المقاعد الفرعية.
لكن الأهم من النتائج هو الروح الراقية التي سادت بين المرشحين، حيث تبادل الجميع التحية والتقدير، مؤكدين أن “الفائز الحقيقي هو الأهلي”.
الخاتمة: الأهلي ينتصر للديمقراطية من جديد
في نهاية هذا اليوم التاريخي، يمكن القول إن النادي الأهلي نجح مرة أخرى في تقديم درس جديد في الانضباط، والوعي، والروح الرياضية.
فبين أروقة القلعة الحمراء، لم تكن المنافسة على الكراسي، بل على خدمة كيان أكبر من الجميع.
الانتخابات اليوم لم تُخرج مجلس إدارة فقط، بل جيلًا جديدًا من الإداريين الواعين الذين سيقودون النادي نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
وكما قال محمود الخطيب في كلمته الافتتاحية:
“الأهلي فكرة قبل أن يكون ناديًا، ومسؤولية قبل أن يكون منصبًا.”
تلك هي الرسالة التي ستظل تُكتب في تاريخ المؤسسة التي لم تعرف سوى لغة النجاح والعمل والانتماء.
 
				





