
البرق الكروي هو ظاهرة نادرة وغامضة في علم الأرصاد الجوية، يتمثل في ظهور كرة مضيئة متوهجة تطفو في الهواء لبضع ثوانٍ قبل أن تختفي فجأة أو تنفجر. يختلف هذا النوع من البرق عن البرق التقليدي المعروف بخطوطه اللامعة وسرعته الهائلة، إذ أن البرق الكروي يتميز ببطئه النسبي وشكله الكروي المستدير. لا توجد حتى الآن نظرية علمية مؤكدة تفسر طبيعة هذه الظاهرة بالكامل، لكن العلماء يعتقدون أنها تتكون من بلازما مشحونة أو تفاعلات كيميائية معقدة. يُقال إن هذه الكرات تتراوح ألوانها من الأبيض إلى الأحمر أو الأزرق، ويبلغ قطرها عادة من 1 إلى 40 سنتيمتراً. يشيع ظهورها أثناء العواصف الرعدية، ولكن ما يميزها هو أنها قد تدخل البيوت من النوافذ أو تتنقل عبر الجدران، ما يزيد من غموضها ويجعل دراستها تحدياً علمياً كبيراً. شاهد الفيديو بالاسفل
تاريخ رصد البرق الكروي
رُصد البرق الكروي لأول مرة في العصور القديمة، وذكرت بعض التقارير ظهور هذه الكرات المضيئة في سجلات قديمة تعود إلى الحضارة اليونانية والرومانية. إلا أن الاهتمام العلمي الجدي بها لم يبدأ إلا في القرن التاسع عشر، حين وثّق العلماء عدة مشاهدات لهذه الظاهرة، خاصة خلال الحروب، حيث كانت العواصف الرعدية شائعة. في عام 1638، وقع حادث شهير في كنيسة بمدينة “ويدكومب” الإنجليزية، حيث أبلغ شهود عن دخول كرة نارية عبر النافذة أثناء عاصفة، مسببة دماراً ومقتل بعض الحاضرين. ومنذ ذلك الحين، توالت تقارير مماثلة من مختلف أنحاء العالم، لكن عدم إمكانية التنبؤ بظهورها وصعوبة تصويرها جعل منها لغزاً محيراً للعلماء. حتى مع تطور التكنولوجيا، لا تزال ظاهرة البرق الكروي تفتقر لتوثيق دقيق بالفيديو أو بالقياسات العلمية المباشرة.
الخصائص الفيزيائية للبرق الكروي
البرق الكروي يتمتع بخصائص فيزيائية غير مألوفة. عادةً ما يظهر ككرة مضيئة بحجم يتراوح بين كرة التنس وكرة القدم، ويتحرك ببطء نسبياً، بسرعة من 1 إلى 10 أمتار في الثانية، ويمكنه التحليق لعدة ثوانٍ دون أن يتأثر بالجاذبية أو الرياح. تتنوع ألوانه بين الأبيض، الأصفر، الأحمر، وحتى الأزرق، وغالباً ما ينبعث منه صوت أزيز أو طنين. يعتقد بعض الباحثين أن درجة حرارة الكرة قد تصل إلى عدة آلاف من الدرجات المئوية، مما يفسر قدرتها على إذابة المعادن أو إحداث حرائق عند اصطدامها بالأجسام الصلبة. كما يقال إن لها القدرة على المرور عبر الزجاج أو الجدران دون أن تترك أثراً مرئياً. هذه الخصائص غير الاعتيادية دفعت بعض العلماء لاعتبارها شكلاً من أشكال البلازما أو مادة في حالة غريبة لم تُفهم بالكامل بعد.
-
كيك البرتقال الهش : وصفة لذيذة وسهلة التحضير2023-12-10
-
أخطر نوع حلوى علي وجه الأرض2023-11-16
النظريات العلمية حول نشأته
لم يتمكن العلماء حتى اليوم من وضع تفسير موحد ومؤكد للبرق الكروي، لكن توجد عدة نظريات تحاول شرح هذه الظاهرة. إحدى النظريات تفترض أنه يتكون من جسيمات مشحونة في حالة بلازما شبه مستقرة، تتجمع بفعل المجالات الكهربائية والمغناطيسية المتولدة أثناء العواصف. نظرية أخرى تشير إلى أن البرق الكروي قد ينشأ نتيجة تفاعلات كيميائية معقدة بين عناصر موجودة في التربة مثل السيليكون والهيدروجين، يتم تحفيزها بواسطة ضربة برق. وهناك افتراض ثالث يربط الظاهرة بالموجات الميكروية، حيث تولّد ضربة برق رئيسية موجات ميكروية تنعكس وتُحبس في فقاعة غازية، مما يؤدي إلى ظهور الكرة المضيئة. رغم تنوع هذه التفسيرات، إلا أنه لم يتم التحقق منها عملياً في ظروف مخبرية، ما يجعل الظاهرة لا تزال غامضة من الناحية الفيزيائية.
مشاهدات موثقة ومثيرة
على مر العقود، تم تسجيل عدد من المشاهدات الموثوقة للبرق الكروي من قبل طيارين، بحارة، وحتى علماء فيزيائيين. من أبرز الحالات ما وثقه طاقم طائرة روسية في الثمانينات، حيث أبلغوا عن دخول كرة مضيئة إلى مقصورة القيادة وتحليقها لثوانٍ قبل أن تختفي دون أن تترك أثراً. كما تحدث رواد فضاء عن مشاهدات مماثلة خلال رحلاتهم، ما يعزز فرضية أن الظاهرة قد تحدث خارج نطاق الأرض كذلك. في عام 2012، تمكن علماء في الصين من تسجيل طيف ضوئي لكرة برق كروي باستخدام أجهزة دقيقة، وهو ما يعد أحد أهم الإنجازات في فهم هذه الظاهرة. رغم هذه المشاهدات، إلا أن قلة تسجيلات الفيديو وعدم القدرة على التكرار التجريبي يجعل من الصعب التأكد من صحة كل الروايات، وإن كانت بعض التفاصيل المشتركة تعطي مصداقية معينة للظاهرة.
الفرق بين البرق العادي والبرق الكروي
الفرق الجوهري بين البرق العادي والبرق الكروي يكمن في الشكل والسلوك. البرق العادي يُعرف بأنه تفريغ كهربائي خاطف يمتد من الغيوم إلى الأرض أو بين السحب، ويتميز بسرعته وشكله المتفرع. أما البرق الكروي فهو أكثر ندرة ويظهر على هيئة كرة مضيئة متوهجة تستمر لبضع ثوانٍ وقد تتحرك ببطء. كما أن البرق العادي يصدر ضوءاً وصوتاً لحظيين (الرعد)، في حين أن البرق الكروي قد يصدر صوت طنين منخفض ويترك أثراً حرارياً أو حتى إشعاعياً. كذلك، البرق العادي لا يمكنه الدخول إلى المباني أو المرور عبر الأجسام الصلبة، بينما تم الإبلاغ عن دخول البرق الكروي إلى منازل ومركبات دون إحداث ثقوب واضحة. هذا التناقض يجعل العلماء يعتقدون أن طبيعة البرق الكروي تختلف جذرياً عن البرق العادي، وقد تكون آلية تولده أكثر تعقيداً مما نعرفه حالياً.
الأخطار المحتملة للبرق الكروي
رغم ندرته، إلا أن البرق الكروي قد يشكل خطراً حقيقياً على البشر والممتلكات. بعض التقارير تشير إلى أن هذه الكرات المضيئة قد انفجرت عند ملامستها لأجسام معدنية أو إلكترونية، مسببة حرائق أو أضراراً في المعدات. وقد تم تسجيل حالات لوفيات بشرية نتيجة انفجار البرق الكروي قرب الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، فإن دخوله إلى المنازل أو الطائرات يجعله تهديداً يصعب التنبؤ به أو التحكم فيه. يقال أيضاً إن له تأثيرات مغناطيسية قد تُعطّل الأجهزة الإلكترونية أو تُحدث تشويشاً في أنظمة الاتصالات. لذلك، فإن أي دراسة مستقبلية لهذه الظاهرة يجب أن تأخذ في الاعتبار إمكانية تطوير وسائل للكشف المسبق أو الوقاية منها، خاصة في المناطق المعرضة لعواصف رعدية متكررة.
استخدامات محتملة إذا تم فهمه
رغم الغموض الذي يحيط بالبرق الكروي، إلا أن فهمه بشكل كامل قد يفتح آفاقاً جديدة في مجالات عدة. على سبيل المثال، إذا تمكن العلماء من محاكاة هذه الظاهرة بشكل مستقر، فقد تُستخدم في تطوير مصادر طاقة جديدة تعتمد على البلازما، أو تصميم أنظمة إنارة طبيعية منخفضة التكلفة. كما يمكن أن تسهم الأبحاث في فهم البرق الكروي في تطوير وسائل دفاعية أو تكنولوجيات تعتمد على التحكم في الطاقة العالية داخل حجوم صغيرة. في المجال الطبي، قد تساعد معرفة آلية تكون هذه الكرات في تصنيع أجهزة تعتمد على الموجات الكهربائية عالية التردد. ورغم أن هذه التطبيقات لا تزال في طور الفرضيات، فإن اهتمام المجتمع العلمي المتزايد بهذه الظاهرة ينبئ بإمكانية تحقيق تقدم كبير إذا ما تم الكشف عن طبيعتها الحقيقية يوماً ما.
لمشاهدة الفيديو اضغط الزر بالاسفل