اخبار التكنولوجيا

غضب عالمي بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون

لماذا تم ازاله 100 ألف شجرة من غابات الأمازون

أثار قرار السلطات البرازيلية بإزالة ما يقرب من 100 ألف شجرة من غابات الأمازون موجة واسعة من الغضب والانتقادات على المستويين المحلي والعالمي بعدما تبين أن الهدف من هذه الخطوة هو تسهيل حركة ضيوف قمة المناخ المقبلة التي تستضيفها البرازيل خلال الأشهر القادمة هذه الواقعة التي وصفها البعض ب المفارقة الصارخة جاءت في وقت تسعى فيه الدول إلى الحد من الانبعاثات الكربونية وحماية الغابات التي تعد رئة الأرض الأمر الذي جعل كثيرين يرون أن ما حدث يمثل تناقضا واضحا بين الشعارات البيئية والممارسات الواقعية على الارض

غضب عالمي بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون

تعد غابات الأمازون من أكبر وأهم النظم البيئية في العالم، إذ تغطي مساحة تتجاوز 5.5 مليون كيلومتر مربع وتنتج نحو 20% من الأكسجين على كوكب الأرض لذلك، فإن أي تدمير جزئي أو قطع لأشجارها يعد تهديدا مباشرًا للتوازن البيئي العالمي، ولكن المفارقة المثيرة للجدل تكمن في أن إزالة هذا العدد الضخم من الأشجار جاءت في إطار التحضير لاستضافة حدث يفترض أنه يكرس لمناقشة قضايا البيئة والمناخ، ما جعل ناشطين بيئيين ومواطنين برازيليين يصفون الخطوة بأنها عبث بيئي وصفعة لجهود حماية الكوكب.

تبريرات رسمية مثيرة للجدل

من جانبها، بررت السلطات البرازيلية الخطوة بأنها ضرورية مؤقتا من أجل توسيع بعض الطرق الرئيسية وبناء ممرات جديدة لتسهيل تنقل الوفود الرسمية والضيوف القادمين من مختلف أنحاء العالم، وأوضح متحدث باسم وزارة البنية التحتية البرازيلية أن الأعمال تهدف إلى تحسين الخدمات اللوجستية وتقليل الازدحام المروري المتوقع خلال فعاليات القمة، مشيرًا إلى أنه سيتم تعويض الأشجار المزالة بزراعة أضعافها في مناطق قريبة، إلا أن هذه التبريرات لم تقنع كثيرين، خاصة في ظل غياب خطة واضحة و معلنة لزراعة الأشجار البديلة أو تحديد مواقع إعادة التشجير، ما جعل الكثير من الخبراء يشككون في جدية الوعود الحكومية.

انتقادات منظمات البيئة الدولية

عدد من المنظمات البيئية العالمية، وعلى رأسها غرينبيس والصندوق العالمي للطبيعة WWF، أصدرت بيانات غاضبة، مؤكدة أن هذه الخطوة تعد سابقة خطيرة، وتكشف عن نفاق بيئي في تنظيم المؤتمرات الدولية، وقالت غرينبيس في بيانها، من غير المقبول أن يتم التضحية بآلاف الأشجار التي احتاجت لعقود لتنمو، فقط لتوفير مسارات مريحة لضيوف يتحدثون عن حماية البيئة، وأضافت المنظمة أن إزالة هذا العدد من الأشجار يعني انبعاث آلاف الأطنان من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يتناقض تمامًا مع أهداف قمة المناخ التي تهدف للحد من الانبعاثات وتوسيع الرقعة الخضراء عالميا.

سكان الأمازون في مواجهة القرارات الحكومية

أما السكان المحليون، خاصة من يعيشون في محيط المناطق التي جرى فيها القطع، فقد عبروا عن غضبهم الشديد، مشيرين إلى أن الغابة ليست مجرد مورد طبيعي، بل تمثل لهم مصدر حياة وهوية وثقافة، وقالت إحدى الناشطات من السكان الأصليين، الأشجار هنا ليست مجرد نباتات، بل هي جزء من أرواحنا عندما تقطع، يقطع جزء من حياتنا، وأفاد بعض السكان بأن عمليات الإزالة تمت بسرعة ودون استشارة المجتمعات المحلية، مؤكدين أن الأصوات المعارضة تم تجاهلها تمامًا رغم محاولات كثيرة للتواصل مع المسؤولين قبل تنفيذ القرار.

التأثيرات البيئية لقطع هذا العدد من الاشجار

من الناحية العلمية، تشير التقديرات إلى أن إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون تعني خسارة مساحة خضراء هائلة تسهم في امتصاص ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنويا، كما أن الأشجار المقطوعة كانت موطنًا لعدد كبير من الكائنات البرية، بما في ذلك طيور نادرة وحيوانات مهددة بالانقراض مثل النمر الأمريكي والقرد العنكبوتي ويحذر العلماء من أن هذه الإزالة قد تحدث خللاً بيئيا طويل الأمد، خاصة إذا لم تتخذ إجراءات فورية لإعادة التشجير في المناطق المتضررة.

وسائل التواصل الاجتماعي تشعل النقاش

على منصات التواصل الاجتماعي، اشتعلت موجات من الغضب والسخرية، حيث أطلق المستخدمون وسما بعنوان انقذوا الأمازون وقمة المناخ تقتل الأشجار، تعبيرا عن استيائهم مما حدث، وتداول النشطاء صورًا وفيديوهات تظهر مساحات واسعة من الغابة وقد تحولت إلى طرق ترابي ومواقع إنشائية، بينما أرفقوا تعليقات تنتقد المفارقة الواضحة بين الكلام عن البيئة والعبث بها على أرض الواقع، بعض المغردين كتبوا بسخرية يبدو أنهم سيزرعون الخطابات البيئية مكان الأشجار التي قطعوها.

حسابات سياسية واقتصادية وراء القرار

يرى محللون أن ما حدث لا يمكن فصله عن البعد السياسي والاقتصادي للحدث، فالبرازيل تراهن على أن قمة المناخ ستجلب استثمارات ضخمة وتعزز صورتها الدولية كمركز بيئي عالمي، لكن هذه الطموحات الاقتصادية قد جعلت الحكومة تتغاضى عن المبادئ البيئية التي ترفعها في المحافل الدولية، إذ فضّلت الصورة اللامعة للحدث على حساب الطبيعة، ويشير مراقبون إلى أن الحكومة أرادت أن تظهر الجاهزية التنظيمية حتى لو كان الثمن تدمير جزء من الغابة التي تُعد أبرز رموز البيئة في العالم.

مقارنة مع قمم سابقة

في قمم مناخ سابقة مثل قمة باريس 2015 أو قمة غلاسكو 2021، حرصت الدول المنظمة على اتخاذ إجراءات بيئية صارمة، مثل استخدام وسائل نقل كهربائية، وتقليل البصمة الكربونية للفعاليات،لكن ما حدث في البرازيل، بحسب المراقبين، يمثل تراجعا عن تلك المبادئ، ويعطي إشارة سلبية للدول الأخرى بأن الالتزامات البيئية يمكن تجاوزها من أجل اعتبارات لوجستية أو سياسية، هذا التناقض أثار تساؤلات جدية حول مدى التزام المجتمع الدولي فعلا بالأهداف المعلنة لمواجهة التغير المناخي.

خبراء البيئة يحذرون: الضرر لا يُعوض بسهوله

أكد عدد من علماء البيئة أن إعادة زراعة الأشجار المقطوعة ليست عملية بسيطة، إذ تحتاج الغابات الاستوائية مثل الأمازون لعقود طويلة حتى تستعيد توازنها البيولوجي بعد أي تدخل بشري واسع، وأشار الباحث في جامعة ساو باولو مارسيلو رودريغيز إلى أن زراعة الأشجار الجديدة لا تعني بالضرورة استعادة النظام البيئي القديم، لأن التربة تتأثر، والحيوانات التي فقدت موطنها قد لا تعود بسهولة، كما حذر من أن إزالة هذا العدد من الأشجار في فترة قصيرة قد تسهم في تسريع ظاهرة التصحر المحلي وزيادة درجات الحرارة في المناطق المحيطة.

دعوات لإعادة النظر في الاستعدادات

في ظل هذا الجدل، طالبت منظمات المجتمع المدني ومجموعات من الأكاديميين بإعادة تقييم ترتيبات استضافة قمة المناخ في البرازيل، والبحث عن حلول بديلة لا تتعارض مع مبادئ الحفاظ على البيئة، واقترح بعضهم إنشاء طرق مؤقتة باستخدام مواد قابلة للتحلل، أو الاعتماد بشكل أكبر على النقل الجماعي الصديق للبيئة بدلاً من بناء طرق جديدة على حساب الغابات، كما دعت الحركات البيئية إلى فرض رقابة دولية على أي مشروعات تطويرية في مناطق حساسة مثل الأمازون لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

بين الشعارات والواقع

في النهاية، تمثل حادثة إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون درسا قاسيا للعالم بأسره، و تذكيرًا بأن حماية البيئة لا تتحقق بالشعارات ولا بالمؤتمرات، بل بالأفعال والسياسات المسؤولة، فكيف يمكن للعالم أن يناقش مستقبل المناخ وهو في الوقت نفسه يسهم في تدميره يبقى السؤال مطروحا هل ستتحول قمة المناخ في البرازيل إلى منصة حقيقية للتغيير، أم إلى مناسبة جديدة للكلام عن البيئة وسط غابة تتناقص أشجارها يومًا بعد يوم.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى