الصحة والجمال

استئصال ورم ليفى يزن كيلوجرام من أذن تيس بالطب البيطرى جامعة القاهرة

في إنجاز طبي نادر يعكس الكفاءة والخبرة المصرية في مجال الطب البيطري، نجح فريق من الأطباء بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة في إجراء عملية دقيقة لاستئصال ورم ليفي ضخم يزن نحو كيلوجرام من أذن أحد التيوس. العملية التي استغرقت أكثر من ساعتين متواصلتين، لاقت إشادة كبيرة داخل الأوساط العلمية والبيطرية، بعد أن أُجريت بنجاح تام دون مضاعفات تُذكر، مع الحفاظ على سلامة الأذن ووظيفتها الحيوية.

تفاصيل العملية الجراحية الدقيقة

قاد فريق الجراحة الدكتورة منة الله عطية نحلة، المدرّس بقسم الجراحة والتخدير والأشعة، والدكتورة آية مجدي طلعت، بمشاركة مجموعة من الأطباء والباحثين في الكلية. وأوضح الفريق أن العملية بدأت بعد تلقي الحالة في المستشفى البيطري بالكلية، حيث لاحظ الأطباء وجود تورم كبير في الأذن مع علامات تضخم تدريجي على مدار أسابيع. وبعد الفحص السريري والتصوير بالأشعة، تبيّن أن الورم من النوع الليفي الحميد لكنه بلغ حجمًا غير مسبوق يستلزم التدخل الجراحي الفوري.

صعوبات واجهت الفريق أثناء العملية

أوضح الأطباء أن الورم كان متداخلًا مع الأنسجة المحيطة بالأذن، مما جعل الجراحة غاية في الدقة، خاصةً مع ضرورة الحفاظ على الأوعية الدموية والأعصاب الدقيقة المسؤولة عن تغذية الأذن والحفاظ على شكلها. استخدم الفريق الجراحي أدوات دقيقة وتقنيات متطورة في القطع والاستئصال، مع مراقبة مستمرة للوظائف الحيوية للحيوان أثناء العملية. وبعد إزالة الورم بالكامل، تم تنظيف مكان الجراحة وإعادة ترميم الأذن بشكل يحافظ على مظهرها ووظيفتها الطبيعية.

النتائج الأولية بعد الجراحة

أكدت كلية الطب البيطري في بيانها أن العملية تكللت بالنجاح، وأن الحيوان خضع بعد الجراحة لمتابعة دقيقة داخل المستشفى البيطري. تماثل “التيس” للشفاء تدريجيًا وبدأ في استعادة نشاطه الطبيعي بعد أيام قليلة فقط من العملية. وتم إجراء اختبارات مخبرية على العينة المستأصلة أكدت أن الورم من النوع الليفي الحميد، أي غير سرطاني، وهو ما بعث الطمأنينة في نفوس الفريق والمربين.

الأهمية العلمية والطبية للحالة

تُعد هذه الحالة من الحالات النادرة التي يتم فيها استئصال ورم بهذا الحجم من الأذن في الحيوانات الكبيرة، خاصة أن الورم بلغ وزن كيلوجرام تقريبًا. وأكدت الدكتورة منة الله عطية أن هذه التجربة تمثل إضافة علمية جديدة في مجال الجراحة البيطرية، إذ تفتح الباب أمام دراسات متخصصة حول الأورام الليفية في الحيوانات، وطرق التعامل الجراحي معها بأقل تدخل ممكن. كما أنها تُظهر الإمكانات المتقدمة التي تمتلكها كلية الطب البيطري بجامعة القاهرة في إجراء مثل هذه العمليات المعقدة بنجاح.

الجانب البحثي والتطبيقي للعملية

تسعى الكلية إلى توثيق العملية بالكامل وإدراجها ضمن الأبحاث العلمية المنشورة في المجلات الطبية البيطرية الدولية، لما تمثله من إنجاز مهني وعلمي على المستويين المحلي والعالمي. كما سيتم تحليل النسيج الورمي معمليًا لمعرفة خصائصه البيولوجية وإمكانية الاستفادة من نتائج الفحص في فهم طبيعة النمو الليفي لدى الحيوانات. ومن المتوقع أن تساهم هذه الحالة في إثراء المحتوى العلمي الخاص بجراحة الأورام في الطب البيطري.

ردود فعل الوسط العلمي والبيطري

قوبل نجاح العملية بإشادة واسعة من داخل جامعة القاهرة وخارجها، حيث أعرب العديد من أساتذة الطب البيطري في الجامعات المصرية والعربية عن فخرهم بهذا الإنجاز. وأكدوا أن هذه الحالات النادرة تُبرز قدرات الكوادر المصرية وتضعها في مصاف الجامعات المرموقة عالميًا في مجال الجراحة البيطرية. كما تم تداول الخبر بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، مصحوبًا بصور توثق تفاصيل العملية قبل وبعد الاستئصال، مما جذب اهتمام الجمهور العام والمهتمين بالطب الحيواني.

الرعاية الطبية بعد العملية

لم تتوقف الجهود عند حدود الجراحة، بل واصل الفريق الطبي متابعة حالة الحيوان بعناية شديدة، حيث وُضع التيس تحت الملاحظة المستمرة للتأكد من التئام الجرح وعدم حدوث التهابات أو مضاعفات. وتم تزويده بنظام غذائي متوازن ومضادات حيوية مناسبة، مع تنظيف موضع الجراحة بانتظام ومراقبة أي مؤشرات لتكرار الورم. وأشار الأطباء إلى أن التيس استعاد نشاطه الكامل تدريجيًا بعد أسبوعين فقط من العملية.

رسالة إنسانية وعلمية من قلب كلية الطب البيطري

أكدت إدارة كلية الطب البيطري أن هذه العملية تعكس الوجه الإنساني والعلمي في آنٍ واحد لمهنة الطب البيطري، فهي تُبرز الدور الحقيقي للطبيب في إنقاذ حياة الكائنات ورعايتها بغض النظر عن قيمتها المادية. كما أن هذا النجاح يعبّر عن التزام الكلية بتطوير التعليم والبحث العلمي، وتدريب الطلاب على أحدث أساليب الجراحة والرعاية الطبية للحيوانات، بما يعزز سمعة مصر الإقليمية في هذا المجال.

نبذة عن قسم الجراحة والتخدير بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة

يُعد قسم الجراحة والتخدير والأشعة بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة من أقدم وأعرق الأقسام الأكاديمية في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تأسس منذ عقود ليكون ركيزة أساسية في تطوير مهارات الأطباء البيطريين وتأهيلهم على أحدث التقنيات الجراحية في علاج الحيوانات. يضم القسم نخبة من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في جراحات الحيوان المختلفة، سواء للحيوانات الأليفة أو الإنتاجية، كما يقدّم خدمات تشخيصية وعلاجية متقدمة من خلال المستشفى البيطري الجامعي المجهز بأحدث الأجهزة الطبية.

أهداف القسم ودوره في دعم البحث العلمي

يهدف القسم إلى رفع كفاءة التعليم البيطري التطبيقي، وتطوير مهارات الطلبة والباحثين في مجالات الجراحة الدقيقة والتخدير والعناية المركزة للحيوانات. كما يعمل على تنفيذ مشروعات بحثية تهدف إلى فهم طبيعة الأمراض الجراحية والأورام في الحيوانات المختلفة، مع التركيز على تحسين أساليب الجراحة والوقاية. ويُعتبر القسم مركزًا علميًا رائدًا في الشرق الأوسط، حيث يشارك بانتظام في المؤتمرات الدولية وينشر أبحاثًا علمية في مجلات محكمة عالميًا.

خدمات المستشفى البيطري الجامعي

يقدم المستشفى البيطري التابع لكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة خدماته للحيوانات من مختلف المحافظات، ويستقبل الحالات الطارئة والجراحات الكبرى على مدار الأسبوع. ويُعد مركزًا تطبيقيًا لتدريب طلاب الكلية على التعامل مع الحالات الواقعية، مما يكسبهم الخبرة العملية في مجالات التشخيص والعلاج والجراحة. كما يساهم المستشفى في دعم المربين والمزارعين من خلال تقديم الاستشارات الطبية البيطرية بأسعار رمزية.

رسالة جامعة القاهرة في خدمة المجتمع

يمتد دور كلية الطب البيطري بجامعة القاهرة إلى ما هو أبعد من حدود القاعات الدراسية والمختبرات، إذ تسعى الكلية إلى خدمة المجتمع من خلال مشاريع توعية صحية للحفاظ على الثروة الحيوانية، وتدريب الكوادر البيطرية في مختلف المحافظات. وتتبنّى الكلية نهجًا علميًا وإنسانيًا قائمًا على الابتكار والتعاون بين الأقسام المختلفة، لضمان تطوير بيئة علمية متكاملة تواكب أحدث المستجدات العالمية في الطب البيطري.

علم وإنسانية في آن واحد

عملية استئصال الورم الليفي من أذن التيس ليست مجرد نجاح جراحي فحسب، بل مثال حيّ على تداخل العلم مع الإنسانية في أبهى صورها. فقد أثبت الأطباء البيطريون بجامعة القاهرة أن التفاني والدقة يمكن أن يصنعا المعجزات، حتى في أصعب الحالات. وبينما يواصل قسم الجراحة والتخدير والأشعة أداء دوره الريادي في تعليم الأجيال الجديدة من الأطباء، يظل هذا الإنجاز شاهدًا على أن مصر تملك من العقول والخبرة ما يجعلها في صدارة الطب البيطري العربي والإفريقي، بل والعالمي.

خاتمة: إنجاز مصري يُضاف إلى سجل التميز العلمي

بهذا الإنجاز، تُثبت جامعة القاهرة من جديد مكانتها الرائدة في مجال التعليم البيطري والبحث العلمي، وتؤكد أن الكفاءة المصرية قادرة على تحقيق المستحيل في مختلف التخصصات. فالعملية التي بدأت بقلق وانتهت بابتسامة أمل، ليست مجرد حدث طبي، بل قصة نجاح تحمل في طياتها رسالة علمية وإنسانية مفادها أن الرعاية والعلم عندما يجتمعان، يمكن أن يصنعا المعجزات حتى في عالم الحيوان.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى