عبد الرحمن بن عوف: أحد العشرة المبشرين بالجنة

عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي، صحابي جليل من أوائل من دخلوا الإسلام، ولد في مكة عام 580 ميلادي. ونشأ في بيئة عريقة من أشراف قريش. يعدّعبد الرحمن بن عوف أحد أعظم شخصيات التاريخِ الإسلامي. فهو من العشرةِ المبشرين بالجنة، ومن السابقينَ الأولينَ في الإسلام. اشتهرَ بثرائهِ ومهاراتِهِ التجاريةِ، ولم يُعرفْ عنهُ البخلُ قطّ، بل كان غنيًّا شاكرًا، وكريمًا مُتواضعًا. وفيما يلى سنعرف اكثر عنه.
عبد الرحمن بن عوف: من المسلمين الأوائل
عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه هو من الصحابة الذين أسلموا في بداية الدعوة الإسلامية. وكان سبب إسلامه هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه. الذي كان يدعو إلى الإسلام من كان له مكانة وشهرة في قومه. ومن هؤلاء الذين أسلموا على يد أبو بكر: الزبير بن العوام وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف. ثم ذهب هؤلاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه بإسلامهم. وكان عبد الرحمن في ذلك الوقت في سن الثلاثين. وكان قد أسلم قبل أن يتخذ رسول الله دار الأرقم . وتبعه في إسلامه أخوه الأسود بن عوف.
عبد الرحمن : نبراس من أخلاق وصفات
- عفة ونبل: تجلى عفاف عبد الرحمن في موقفه مع سعد بن الربيعِ بعد مؤاخاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بينهما، حيث عرض عليه سعد نصف ماله وزوجته. فرفض عبد الرحمنِ ذلك وطلب منه أن يدله على السوق ليكتسب من عرق جبينه.
- مهارة تجارية:كان عبد الرحمن تاجرًا ماهرًا، ففتحَ اللهُ عليه في تجارتِه وأصبح من أغنى رجال قريش.
- شجاعة وإقدام:لم يكن ثراء عبد الرحمن بن عوف ليثنيه عن الجهاد في سبيل الله، بل كان شجاعا مقداما، يشارك في المعارك دون خوف أو وجل.
- كرم وسخاء:عرف عبد الرحمن بكرمه وسخائه. فكان ينفق في سبيل الله دون حساب، وتصدق بنصف ماله في يوم واحد.
- تواضع وزهد:رغم ثرائه، لم يعرف عن عبد الرحمن التكبر أو البطر، بل كان متواضعًا زاهدًا، يمشي بين مماليكه دون أن يعرف من شدّة تقشفه.
شهادات نبوية تخلّدُ ذكرى عبدِ الرحمنِ
روى عبد الرحمن أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “أبو بكرٍ في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنةِ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنةِ”. وسمعت أم سلمة رسولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يقول لأزواجهِ: “إن الذي يحنو عليكم بعدي هو الصادق البار. اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة”.
روى أبو سعيد الخدري أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى عن سب أصحابِهِ. وضرب عبد الرحمنِ بن عوف مثالًا على فضلهم.و قالت عائشة بنت أبي بكر: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لا يحنو عليكن من بعدي إلا الصابرون. سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة”.
روى عبد الرحمن أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قطع له أرضًا بالشّأم يقال لها السليل. ولم يكتب له بها كتابًا، إنما قال له: “إذا فتح الله علينا الشأم فهي لك”.
قصة عبد الرحمن بن عوف في عهد الخلفاء
في عهد عمر بن الخطاب:
كان عبد الرحمن من ضمن الوفد الذي رافق زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحج، حيث كان مسؤولاً عن حمايتهن.وصف عمر بن الخطاب عبد الرحمن بالعدل الرضي، وكان يُفتي في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، واستمر على ذلك في عهد أبي بكر وعمر بن الخطاب.
عندما خرج عمر بن الخطاب غازياً إلى الشام. ووصلته أخبار عن وجود وباء في الأرض، استشار عبد الرحمن ، فنصحه بعدم الخروج، فاستجاب عمر بن الخطاب لنصيحته. امتنع عمر بن الخطاب عن إعطاء الجزية للمجوس. حتى شهد عبد الرحمن أنَّ الرسول أخذها من مجوس هجر البحرين، فاستجاب عمر بن الخطاب لنصيحته.
في عهد عثمان بن عفان:
بعد وفاة عمر بن الخطاب، تمّ اختيار ستة من الصحابة لتحديد الخليفة القادم. وكان عبد الرحمن أحدَهم. بعد نقاشاتٍ ومشاوراتٍ، عمل عبد الرحمن جاهداً ثلاثة أيام متواصلة يسأل الكبير والصغير من يوليها. حتى أجاب عثمان بن عفان، فبايعه عبد الرحمن وعلي بن أبي طالب والناس جميعاً. و بعد بيعة عثمان بن عفان، تمّ إرسال عبد الرحمن لحجّ الناس في ذلك العام.