اخبار

حادثة تهز تونس.. زوج يقتلع عينى زوجته للحصول على كنز

في واقعة أثارت الرأي العام التونسي، أعاد مشهد مأساوي تسليط الضوء على ظاهرة العنف الأسري المتفاقمة داخل المجتمع. فوفقًا للإحصاءات الرسمية، فإن نحو 42% من النساء التونسيات تعرضن للعنف من أزواجهن، وسجل أكثر من 26 ألف بلاغ بشأن العنف الأسري خلال النصف الأول من عام 2023 فقط. الحادثة الجديدة وقعت بمدينة القيروان، فما الذي حدث بالتفصيل؟ هذا ما سوف نعرفه من خلال هذا المقال.

حادثة تهز تونس.. زوج يقتلع عينى زوجته للحصول على كنز

أقدم زوج تونسي على اقتلاع عيني زوجته بطريقة بشعة، بسبب اعتقاده بوجود كنز مدفون أسفل منزله لا يمكن الوصول إليه إلا بتقديم عينيها قربانًا، كما أخبره أحد الدجالين. الواقعة صدمت الجميع في تونس وتحولت إلى حديث الشارع، لأنها لم تكن مجرد جريمة عنف أسري، بل نتيجة مباشرة للإيمان بالخرافات وضعف الوعي. لحظة واحدة كفت لتدمير حياة امرأة شابة وسلبها بصرها ومستقبلها، وجعلت من بيتها مكانًا للجريمة بدلًا من أن يكون مأوى وأمان. الجريمة فتحت الباب للحديث من جديد عن خطورة الدجل وضرورة التوعية بمخاطره.

بداية الكارثة كما هو متداول وخدعة الكنز

بحسب التفاصيل المتداولة بدأت القصة عندما أقنع أحد الدجالين الزوج بأن هناك كنز مخفي أسفل منزله، لكنه لن يستطيع الوصول إليه إلا إذا قدم قربانًا بشريًا لفك اللعنة المزعومة. الدجال طلب منه عيني زوجته بالتحديد، مدعيًا أن هذا هو السبيل الوحيد لكشف “السر المدفون”. وبرغم أن هذه الفكرة تصطدم بالمنطق والدين، فإن الزوج لم يتردد في تصديقها. تحولت حياته الزوجية إلى مسرح للتخيلات المريضة، وبدلًا من مواجهة هذه الأوهام بالرفض، بدأ بالتخطيط لتنفيذها بدم بارد، ظنًا منه أنه بذلك يقترب من الثراء.

الزوجة ترفض والمأساة تبدأ

عندما صارح الزوج زوجته بتفاصيل ما طلبه الدجال، واجهته برفض قاطع واعتبرت الأمر جنوني ولا يعقل الاستماع له. الزوجة التي لم تتجاوز التاسعة والعشرين من عمرها، تمسكت بمنطقها وعقلها، ورفضت أن تكون أداة في أوهام زوجها. لكن هذا الرفض لم يرضي الزوج، فانهال عليها ضربًا حتى فقدت وعيها، غير آبه بأن ما يفعله هو جريمة مزدوجة بحق القانون والإنسانية. وبرغم توسلاتها وصراخها قرر تنفيذ ما في رأسه، وكأن شيئًا لم يعد يردعه عن ارتكاب أفظع ما يمكن أن يتخيله العقل.

مشهد قاس يرعب المجتمع

في لحظة فقد فيها كل مظهر من مظاهر الرحمة، أقدم الزوج على اقتلاع عيني زوجته باستخدام أداة حادة، حيث أكدت المصادر أنه وضع عينيها داخل كيس بلاستيكي، مستعدًا لتقديمهما للدجال كقربان كما طلب منه. ترك زوجته غارقة في دمائها، فاقدة البصر إلى الأبد، دون أدنى إحساس بالندم أو الصدمة مما فعله. المشهد ترك أثراً بالغًا في كل من شاهده أو سمع به، فالجريمة لم تكن لحظة غضب عابرة، بل فعل محسوب ومقصود نفذ بدم بارد تحت تأثير الجهل والخرافة، في واحدة من أبشع صور العنف الأسري.

تدخل أمني وتحقيقات موسعة

بمجرد الإبلاغ عن الجريمة، تحركت قوات الأمن إلى مسرح الحادث وتمكنت من القبض على الزوج المتهم، والذي لم يبد مقاومة كبيرة عند توقيفه. وبدأت الجهات الأمنية تحقيقات موسعة لكشف ملابسات الواقعة، لا سيما أن الدجال الذي كان المحرك الأساسي للجريمة ما زال هاربًا حتى الآن. تحاول الشرطة الوصول إلى هذا الشخص الذي حرض على الجريمة بدعوى امتلاكه قوى خارقة، فيما أشار بعض شهود العيان إلى أنه من خارج المدينة وكان يتردد على المنطقة بين الحين والآخر، مدعيًا امتلاك مفاتيح الكنوز وعلوم الغيب.

حالة صحية حرجة للزوجة

نقلت الزوجة المصابة إلى أحد المستشفيات الجامعية في حالة صحية حرجة، حيث تبين أنها فقدت بصرها بالكامل نتيجة اقتلاع عينيها، كما تعاني من كسر في الرقبة وسحجات شديدة في الوجه والجسم، فضلًا عن انهيار نفسي حاد بسبب ما مرت به. الأطباء يحاولون التعامل مع إصاباتها الجسدية، بينما أكد الطاقم المعالج أن حالتها النفسية تحتاج إلى دعم كبير بعد الكارثة التي تعرضت لها. الأسرة تحاول تقديم الدعم لها، لكن الصدمة أكبر من أن تحتوى بسهولة، خصوصًا أن الفاعل هو أقرب الناس إليها.

دعوات لتجريم الشعوذة والردع القانوني

أثارت الحادثة موجة غضب واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب كثيرون بسرعة ملاحقة الدجال الهارب وتقديمه للعدالة، كما دعت جمعيات حقوقية إلى ضرورة تجريم الشعوذة والدجل بشكل واضح في القانون التونسي، الذي لا ينص صراحة على ذلك حتى الآن. كما شدد البعض على ضرورة وضع حد لتنامي ظاهرة العنف ضد النساء، خاصة في الأوساط الفقيرة والمهمشة، حيث تغيب التوعية وتنتشر الخرافات. الحادثة أعادت طرح تساؤلات كبرى حول دور الدولة في محاربة هذا النوع من الجرائم والحد من انتشاره.

شراكة في الجريمة

ما يجعل هذه الجريمة أكثر رعبًا هو إشراك أشخاص من العائلة وإحضار المشعوذ من العاصمة. وفقًا للمصادر لم يكن الزوج وحده الذي صدق الأوهام؛ بل تعاونت معه بعض أفراد أسرته الذين جلبوا “الدجال” لتنفيذ ما أسموه “طقوس إنقاذ الكنز”. اعتمد المشعوذ على زرع الخوف والقدرية، مستخدمًا فكرة “العين” و”النقطة السوداء”، وهي معتقدات متجذرة في التراث الشعبي، ليضفي على أفعاله حجية خرافية. شارك الجميع في رسم خطى وحشية انتهت بتشويه الضحية واستخراج عينيها ضمن ما يشبه الطقس الشيطاني.

جرائم سابقة وتحذير من الاستسلام للشعوذة

هذا النوع من الجرائم ليس الأول. فقد شهدت البلاد حوادث سابقة ارتبطت بضحايا الشعوذة، منها وفاة طفل بعد علاجه بشعائري “بموافقة ولي الدين”. وتبرهن هذه الوقائع على وجود فجوة كبيرة بين الاعتقاد الخرافي والحاجة لتوعية مجتمعية صارمة، خاصة في المناطق القروية. ما يثير القلق هو أن قانون العقوبات يغلب عليه الطابع التجاري لا الجنائي في معالجة الشعوذة، ما يترك باب واسع أمام انزلاق الضحايا إلى ممارسات خطرة تقنن تحت لافتة “التحيل”.

مصير قانون تجريم الشعوذة والمطالب الشعبية

منذ أبريل 2025 أحال البرلمان التونسي مشروع قانون لتجريم السحر والشعوذة على لجنة التشريع، لكن دون تقدم ملموس في النقاش أو التصويت. ويطالب ناشطون ومنظمات حقوقية الآن بتسريع نهائي لهذا القانون ليغلق الثغرات التي استغلها “الدجالون”، كما يطالبون بتكثيف حملات التوعية في المدارس والقرى، كوسيلة وقائية فعالة ضد الجرائم المستندة إلى الخرافة. وتكررت الدعوة إلى فرض رقابة صارمة على المحتوى الخرافي والأنشطة الشعوذية، لتفادي سقوط مزيد من الأرواح تحت شعار الثراء السريع أو الخلاص المزعوم.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى