الصحة والجمال

إجابات أهم 5 أسئلة عن لقاح الأنفلونزا.. كيف يعمل ومدة الفعالية وأهمية التطعيم السنوي

موسم الأنفلونزا يعود.. واللقاح يتصدر المشهد

مع اقتراب فصل الشتاء وبدء ارتفاع معدلات الإصابة بفيروسات الجهاز التنفسي، يعود الحديث مجددًا عن لقاح الأنفلونزا الموسمية، أحد أهم وسائل الوقاية في عالم الطب الحديث. ففي كل عام، يصيب فيروس الأنفلونزا الملايين حول العالم، ويؤدي في بعض الحالات إلى مضاعفات خطيرة خاصة لدى الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.

ورغم انتشار حملات التوعية، لا يزال كثيرون يتساءلون عن مدى فعالية اللقاح، وكيف يعمل، ومدة حمايته، وهل هو ضروري للجميع؟ في هذا المقال التحليلي المفصل، سنجيب عن أهم 5 أسئلة تدور حول هذا اللقاح الحيوي، مع تحليل علمي مبسط لكل جزئية حتى يفهم القارئ الصورة كاملة دون تعقيد.

السؤال الأول: كيف يعمل لقاح الأنفلونزا داخل الجسم؟

لفهم طريقة عمل اللقاح، يجب أن نتذكر أولاً أن الأنفلونزا مرض فيروسي يسببه عدد من سلالات الفيروسات التي تتغير كل عام تقريبًا. يعمل اللقاح من خلال إدخال نسخ ضعيفة أو غير نشطة من هذه الفيروسات إلى الجسم.

وبمجرد دخول اللقاح، يتعرف عليه الجهاز المناعي كعنصر غريب، فيبدأ بتكوين أجسام مضادة مخصصة لمهاجمته. هذه الأجسام المضادة تظل في الجسم لعدة أشهر بعد التطعيم، لتكون خط الدفاع الأول في حال التعرض للفيروس الحقيقي لاحقًا.

إنها ببساطة طريقة لتعليم جهاز المناعة كيفية التعرف على العدو قبل المعركة الفعلية. لذا، حين يصادف الشخص الفيروس الحقيقي، يكون الجسم جاهزًا للهجوم الفوري، مما يقلل من حدة الأعراض أو يمنع الإصابة بالكامل.

السؤال الثاني: ما مدة فعالية لقاح الأنفلونزا؟

تُعد مدة الحماية واحدة من أكثر الأسئلة التي يطرحها الناس. وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية (WHO) ومراكز السيطرة على الأمراض الأمريكية (CDC)، فإن فعالية اللقاح تمتد عادة بين ستة إلى ثمانية أشهر بعد التطعيم.

ويرجع السبب في ذلك إلى أن مستويات الأجسام المضادة تبدأ بالانخفاض تدريجيًا بمرور الوقت، بالإضافة إلى أن فيروسات الأنفلونزا نفسها تتغير كل عام في عملية تُعرف باسم التحور الفيروسي المستمر.

لهذا السبب، يُنصح بأخذ اللقاح كل عام في بداية الموسم الخريفي أو مع أول انخفاض في درجات الحرارة، لضمان أعلى مستوى من الحماية المناعية قبل ذروة انتشار الفيروسات.

السؤال الثالث: من هم الأكثر حاجة إلى لقاح الأنفلونزا؟

رغم أن اللقاح مفيد للجميع، إلا أن هناك فئات معينة تعتبر أكثر عرضة لمضاعفات الأنفلونزا الخطيرة. وتشمل هذه الفئات:

  • كبار السن فوق سن 65 عامًا، لأن جهازهم المناعي يصبح أضعف مع التقدم في العمر.
  • الأطفال، خصوصًا من هم دون الخامسة، لأن مناعتهم لم تكتمل بعد.
  • النساء الحوامل، لحمايتهن وحماية الجنين.
  • الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة مثل السكري، أمراض القلب، الكلى، أو الجهاز التنفسي.
  • العاملون في القطاع الصحي، لأنهم الأكثر تعرضًا للعدوى بحكم تعاملهم مع المرضى يوميًا.

ويؤكد الأطباء أن تلقي اللقاح لا يهدف فقط إلى حماية الفرد، بل أيضًا إلى حماية المجتمع بأكمله عبر ما يُعرف بـالمناعة الجماعية. فكلما زادت نسبة الملقحين، انخفضت احتمالات انتشار الفيروس بين الناس.

السؤال الرابع: هل يمكن أن يُسبب لقاح الأنفلونزا المرض نفسه؟

هذا السؤال يُعتبر من أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعًا. الحقيقة العلمية المؤكدة هي أن لقاح الأنفلونزا لا يمكن أن يسبب الأنفلونزا، لأن الفيروس المستخدم فيه إما ميت تمامًا أو تم إضعافه بحيث لا يمكنه التكاثر داخل الجسم.

ما يشعر به البعض بعد التطعيم من أعراض خفيفة مثل الحمى أو التعب هو مجرد استجابة مناعية طبيعية، وهي دليل على أن اللقاح بدأ يُحفز الجسم لتكوين الأجسام المضادة.

كما أن بعض الأشخاص قد يُصابون بالأنفلونزا بعد فترة وجيزة من التطعيم لأنهم كانوا قد تعرضوا للفيروس قبل أن يبدأ اللقاح مفعوله، وهو ما يستغرق عادة من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

السؤال الخامس: ما مدى فعالية اللقاح في الوقاية من الأنفلونزا؟

تعتمد فعالية اللقاح على مدى التطابق بين سلالات الفيروس المستخدمة في تصنيعه والسلالات المنتشرة في الموسم الحالي. في المواسم التي يكون فيها التطابق مرتفعًا، تصل نسبة الحماية إلى نحو 70-90%. أما في السنوات التي تشهد تحورًا مفاجئًا، فقد تنخفض النسبة إلى 50% تقريبًا، لكنها تظل فعالة في تقليل الأعراض والمضاعفات.

وتؤكد الدراسات الطبية أن الأشخاص الذين يحصلون على اللقاح يكونون أقل عرضة لدخول المستشفيات بنسبة تصل إلى 60% مقارنة بغير الملقحين. حتى إن أصيبوا بالفيروس، تكون الأعراض لديهم أخف ويشفون أسرع.

كيف يتم اختيار تركيبة اللقاح كل عام؟

في كل عام، تجتمع منظمة الصحة العالمية وخبراء الصحة من جميع أنحاء العالم لدراسة سلالات الفيروس المنتشرة خلال الموسم السابق في نصف الكرة الشمالي والجنوبي.

بناءً على هذه الدراسات، يتم تحديد ثلاثة أو أربعة أنواع من الفيروسات الأكثر احتمالًا للانتشار في الموسم القادم. يتم بعد ذلك إنتاج اللقاح بناءً على هذه التوقعات العلمية الدقيقة.

ورغم أن التنبؤ لا يكون دقيقًا بنسبة 100%، إلا أن هذه الطريقة أثبتت فعاليتها العالية على مدار العقود الماضية، حيث ساهمت في خفض معدلات الوفاة ودخول المستشفيات بشكل ملحوظ.

الأنواع المختلفة للقاحات الأنفلونزا

تتوفر عدة أنواع من لقاحات الأنفلونزا، تختلف حسب طريقة التصنيع وطبيعة الفيروس المستخدم:

  • اللقاح الرباعي (Quadrivalent): وهو الأكثر شيوعًا، ويوفر حماية ضد أربع سلالات من الفيروس.
  • اللقاح الثلاثي (Trivalent): يحمي من ثلاث سلالات أساسية.
  • لقاح الأنفلونزا المعطل: يحتوي على فيروسات ميتة ويُستخدم غالبًا للبالغين وكبار السن.
  • لقاح الأنفلونزا الحي المضعف: يُعطى على شكل بخاخ أنفي للأطفال والبالغين الأصحاء، ويحتوي على فيروسات حية ضعيفة لا تسبب المرض.

ما الجديد في لقاح الأنفلونزا لعام 2025؟

أدخلت الشركات العالمية في السنوات الأخيرة تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل الجينوم في تصميم اللقاحات الجديدة. وفي عام 2025، تم تطوير لقاحات تستخدم تقنية الحمض النووي الريبوزي (mRNA) المشابهة لتلك المستخدمة في لقاح كوفيد-19، مما يجعلها أسرع إنتاجًا وأكثر دقة في استهداف السلالات المتغيرة.

هذه اللقاحات الحديثة تُعد بداية ثورة في عالم الوقاية من الأمراض الموسمية، إذ يمكن تعديلها بسرعة كبيرة لمواجهة أي طفرات فيروسية غير متوقعة.

هل يحتاج الشخص لتلقي اللقاح كل عام؟

نعم، لأن الفيروس يتغير سنويًا، والمناعة التي يكتسبها الجسم من اللقاح السابق تبدأ في الانخفاض بمرور الوقت. لذا، التطعيم السنوي هو الطريقة المثلى للحفاظ على مستوى حماية مرتفع.

الخبراء يؤكدون أن الأشخاص الذين يحرصون على أخذ اللقاح بانتظام يتمتعون بمناعة تراكمية أفضل على المدى الطويل، كما يقل خطر تعرضهم لمضاعفات خطيرة مثل الالتهاب الرئوي أو التهابات الأذن.

هل هناك آثار جانبية للقاح؟

عادة ما تكون الأعراض الجانبية خفيفة ومؤقتة، وتشمل:

  • ألمًا خفيفًا أو احمرارًا في موضع الحقن.
  • شعورًا بالإرهاق أو الصداع البسيط.
  • ارتفاعًا طفيفًا في درجة الحرارة لمدة يوم أو يومين.

وهذه الأعراض تُعتبر جزءًا من الاستجابة المناعية الطبيعية ولا تدعو للقلق.
أما الأعراض الخطيرة فهي نادرة جدًا، وتحدث عادة في الأشخاص الذين لديهم حساسية شديدة من مكونات اللقاح، مثل البروتينات البيضية. لذلك يُنصح دائمًا بإبلاغ الطبيب قبل التطعيم عن أي تاريخ مرضي للحساسية.

العلاقة بين لقاح الأنفلونزا وكوفيد-19

منذ جائحة كوفيد-19، ازداد الاهتمام بلقاحات الجهاز التنفسي، وأصبح الناس أكثر وعيًا بأهمية المناعة الوقائية.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن تلقي لقاح الأنفلونزا قد يُقلل من خطر الإصابة بالتهابات تنفسية أخرى ويُخفف شدة الأعراض في حال العدوى المتزامنة.
كما يمكن الحصول على لقاح الأنفلونزا ولقاح كوفيد-19 في نفس اليوم دون أي مشكلة، لكن في موضعين مختلفين من الذراع.

كيف تعزز فعالية اللقاح بعد التطعيم؟

للحفاظ على فعالية اللقاح، يُنصح باتباع نمط حياة صحي بعد التطعيم يشمل:

  • تناول غذاء متوازن غني بالفيتامينات والمعادن.
  • الحصول على قسط كافٍ من النوم لتعزيز المناعة.
  • ممارسة النشاط البدني بانتظام.
  • الابتعاد عن التدخين والملوثات الهوائية.

هذه العوامل تساعد على إبقاء الجهاز المناعي في أفضل حالاته، مما يُعزز من استجابة الجسم للقاح ويُطيل فترة الحماية.

نصائح وزارة الصحة للمواطنين

أصدرت وزارة الصحة مؤخرًا تعليمات واضحة تدعو فيها المواطنين إلى الإسراع في الحصول على لقاح الأنفلونزا قبل دخول الشتاء.
وشددت على أن التطعيم متاح في جميع المراكز الصحية والمستشفيات بأسعار رمزية، وأن الأولوية تُمنح للفئات الأكثر عرضة.
كما أوصت بعدم الاعتماد فقط على اللقاح، بل على الإجراءات الوقائية المكملة مثل غسل اليدين باستمرار، وتغطية الفم عند العطس، وتجنب الاختلاط في الأماكن المغلقة.

اللقاح والمناعة المجتمعية

عندما يتلقى عدد كافٍ من الناس اللقاح، تقل فرص انتشار الفيروس داخل المجتمع. هذه الظاهرة تُعرف باسم المناعة المجتمعية أو «حماية القطيع».
فحتى الأشخاص الذين لم يحصلوا على اللقاح يستفيدون من انخفاض معدل العدوى العامة.
ويُعتبر ذلك أحد أهداف منظمة الصحة العالمية في حملاتها الموسمية لتطعيم الشعوب ضد الأنفلونزا.

خاتمة: اللقاح ليس رفاهية بل ضرورة

في ظل التحورات الفيروسية السريعة وارتفاع معدلات العدوى الموسمية، لم يعد لقاح الأنفلونزا خيارًا ثانويًا بل أصبح ضرورة صحية لحماية الأفراد والمجتمعات.
اللقاح لا يمنع المرض بنسبة 100%، لكنه يقلل بشكل كبير من شدته ومضاعفاته، ويُخفف الضغط على المستشفيات في ذروة الموسم.

ولأن الوقاية دائمًا خير من العلاج، فإن تلقي اللقاح في الوقت المناسب هو استثمار في الصحة العامة وحماية للأرواح.
فالعلم يقول كلمته بوضوح: المناعة تبدأ من الإبرة.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى