الصحة والجمال

الكوليرا راجعة وبقوة في السودان.. ليه رجعت دلوقتي؟

الخرطوم بتنزف.. 1540 وفاة في 3 أيام بس

الموضوع مرعب بجد، الكوليرا رجعت السودان تاني وكأنها بتنتقم من الناس الغلابة اللي مش ناقصين. الوباء اللي افتكرناه بقى من الماضي، رجع وبقوة في وقت البلد فيه مشاكل من كل ناحية: حرب، مجاعة، انهيار صحي، وكمان أزمات مياه ونظافة. طب ليه دلوقتي؟ ببساطة لأن الظروف كلها كانت مهيّأة لانتشاره: لا في رقابة صحية، ولا في حملات تطعيم كفاية، والمياه في مناطق كتير بقت غير صالحة للشرب. الناس بتستعمل أي مياه تلاقيها، ومفيش أي تعقيم أو صرف صحي. ده غير إن المستشفيات نفسها مش قادرة تستوعب المرضى، فالوضع بقى مأساوي. الكوليرا بتنتهز أي فرصة علشان تنتشر، وطول ما الظروف دي مستمرة، هيكون صعب السيطرة عليها.

الخرطوم بتنزف.. 1540 وفاة في 3 أيام بس

الأرقام صادمة ومخيفة، وبتخليك تحس إنك في كابوس مش في واقع. في 3 أيام بس، الكوليرا خطفت أرواح 1540 شخص في الخرطوم. والأرقام دي مش جايه من إشاعات، دي تقارير من أطباء على الأرض شايفين بعنيهم اللي بيحصل. مستشفيات بتنهار، وأسر بتفقد أكتر من فرد في نفس اليوم. المشهد هناك أشبه بحرب وبائية، والناس مش عارفة تلحق مين ولا تنقذ مين. الضحايا مش بس كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة، لا، ده أطفال كمان ماتوا، ومفيش قدرة على العزل أو العلاج السريع. المشكلة إن الجثث مش دايمًا بتدفن بسرعة، وده بيزود احتمالية العدوى وانتشار المرض أكتر. الخرطوم بتعيش لحظة حرجة، ولازم العالم يتحرك بسرعة قبل ما الكارثة تتضاعف.

اللقاح فين؟ ومين ليه أولوية التطعيم؟

سؤال بيتكرر على لسان كل الناس هناك: “فين اللقاح؟”، وفي الحقيقة، الكوليرا ليها لقاح معروف، لكن المشكلة في التوزيع والتوفير. في ظل الحرب وانهيار المنظومة الصحية، توصيل اللقاح بقى تحدي كبير. الجهات الصحية بتحاول تحدد الفئات اللي لازم تاخد اللقاح الأول، زي الأطفال، كبار السن، والناس اللي عايشين في مناطق مزدحمة أو فيها تلوث مائي شديد. لكن الكمية اللي موجودة أصلاً مش كفاية، والدول المانحة مش بتتحرك بالسرعة المطلوبة. ده غير إن في ناس كتير مش عارفة إن في لقاح أصلاً، فالتوعية غايبة. المنظمات زي منظمة الصحة العالمية بتحاول تدخل، لكن الوضع معقد، والنقل والتخزين محتاج لوجستيات مش متوفرة بسهولة. فحتى لو اللقاح موجود، مين هيضمن وصوله لكل اللي محتاجينه؟

المستشفيات مش قادرة.. نقص في الدكاترة والمستلزمات

الوضع الصحي في السودان مأساوي قبل حتى انتشار الكوليرا، ولما زاد المرض، كل حاجة وقعت أكتر. المستشفيات هناك مش قادرة تتعامل مع الأعداد الكبيرة دي، والمشكلة مش بس في الأسرة أو الأجهزة، لكن كمان في الأطباء نفسهم. كتير منهم سابوا البلد بسبب الحرب أو ظروف المعيشة الصعبة، واللي موجودين بيتعاملوا مع عدد مهول من الحالات يوميًا، من غير إمكانيات. مفيش محاليل كافية، ولا أجهزة تعقيم، ولا حتى كمامات. المرضى بيتكدسوا على الأرض، وكل واحد بيستنى دوره في طابور طويل، والوقت مش في صالحهم. الكوليرا محتاجة تدخل سريع، وكل دقيقة بتفرق. وده للأسف مش متحقق حاليًا. المستشفى بقت أشبه بخيمة طوارئ في منطقة حرب، واللي بينجو بيبقى بالحظ.

هل في أمل نوقف انتشار الكوليرا؟

رغم السواد اللي مغطي المشهد، دايمًا في بصيص أمل، حتى لو بسيط. انتشار الكوليرا ممكن فعلاً يتوقف، بس ده محتاج خطة متكاملة وسريعة. أهم حاجة نبدأ بيها هي التوعية: الناس لازم تفهم يعني إيه كوليرا، بتنتقل إزاي، ونتفاداها إزاي. الخطوة التانية هي تحسين الوصول لمياه نظيفة، حتى لو عن طريق توزيع فلاتر أو أقراص تعقيم. وبعدها، توفير المحاليل والمضادات الحيوية للمصابين، وأخيرًا، لازم اللقاح يوصل للمناطق المتضررة. المشكلة إن كل خطوة من دي محتاجة تنسيق دولي، ودعم لوجستي كبير. لو الحكومة السودانية، رغم الظروف، تعاونت مع المنظمات الدولية، في فرصة نسيطر على الوباء. الأمل موجود، بس محتاج تحرك حقيقي وسريع، مش كلام على ورق.

دور المنظمات الدولية.. مساعدات بتكفي ولا لأ؟

المنظمات الدولية بدأت تتحرك، زي منظمة الصحة العالمية، وأطباء بلا حدود، لكن السؤال: “هل التحركات دي كفاية؟” للأسف لأ. عدد الحالات أكبر بكتير من المساعدات اللي بتوصل، وفي تأخير واضح في الدعم. أحيانًا بتتأخر شحنات اللقاحات أو الأدوية، وأحيانًا بيكون في صعوبة في الوصول للمناطق المتضررة بسبب الحرب. غير كده، في ضعف في التمويل، لأن الكوليرا مش لوحدها، في أزمات كتير حوالين العالم، والدعم بيتوزع. بس ده ما ينفعش يكون مبرر. السودان بيمر بكارثة إنسانية، ومحتاج تدخل فوري على كل المستويات: صحية، لوجستية، إعلامية. لازم يتفتح كمان باب التطوع للأطباء من بره، وتسهيل دخولهم. أي تأخير دلوقتي معناه أرواح بتضيع كل يوم.

المياه الملوثة.. السبب الرئيسي ولا في أسباب تانية؟

المياه الملوثة هي السبب الأساسي لانتشار الكوليرا، وده معروف من زمان. في مناطق كتير في الخرطوم وباقي المدن السودانية، الناس بتشرب من مصادر مياه غير آمنة، زي الترع، أو خزانات مفتوحة، أو مياه راكدة. وبما إن مفيش نظام صرف صحي متكامل، فالمياه بتتلوث بسهولة، خاصة في المناطق العشوائية. لكن هل دي السبب الوحيد؟ لأ. في عوامل تانية بتلعب دور كبير، زي الجهل بطبيعة المرض، وعدم وجود توعية كافية، وتأخر الناس في طلب العلاج، وأحيانًا حتى رفضهم يروحوا المستشفى خوفًا من التكلفة أو الفوضى اللي هناك. يعني انتشار الكوليرا مش بس مسئولية الحكومة، ده كمان نتيجة تراكمات كتير على مدار سنين، من إهمال في البنية التحتية، لحد ضعف التعليم والصحة.

التوعية المجتمعية شبه معدومة.. والناس تايهة

واحدة من أكبر مشاكل الوباء ده هي إن الناس مش عارفة تتصرف. مفيش توعية حقيقية، لا في المدارس، ولا في التلفزيون، ولا حتى على السوشيال ميديا. في قرى كاملة فاكرين إن الكوليرا “عين” أو “سحر”، وده بيرجع الناس سنين لورا. في أمهات مش عارفين يحضروا محاليل الجفاف في البيت، ولا فاهمين إمتى يروحوا المستشفى. الإعلام الرسمي شبه ساكت، والمنظمات الأهلية محدودة القدرات. التوعية دي مش رفاهية، دي أساس في أي أزمة صحية. لو كل بيت فهم إزاي يحمي نفسه، حتى بإمكانيات بسيطة، هنقدر نقلل أعداد الإصابات. لازم تطلع حملات توعية بكل اللغات واللهجات المحلية، ولازم الشيوخ والمعلمين يدخلوا في الموضوع. التعليم هو خط الدفاع الأول.

الكوليرا مش أول وباء يضرب السودان.. اتعلمنا من اللي فات؟

السودان مر عليه أوبئة كتير، من الحمى الصفراء للكورونا للكوليرا في سنين فاتت، لكن السؤال: “هل اتعلمنا من اللي فات؟” الحقيقة لأ. كل مرة بنرجع لنفس النقطة: فوضى، ارتباك، نقص موارد، وعدم استعداد. مفيش خطة طويلة المدى للتعامل مع الأوبئة، ومفيش تدريب حقيقي للكوادر الطبية. كأننا كل مرة بنتفاجئ بالمرض، رغم إننا عدينا بالتجربة دي قبل كده. مش المفروض يكون في دروس مستفادة؟ مراكز حجر صحي مجهزة؟ خطط توزيع طوارئ؟ حتى قاعدة بيانات للناس اللي محتاجة لقاح أو علاج؟ كل ده مش موجود، والنتيجة إننا بنكرر نفس الأخطاء، والناس بتموت على الفاضي. لازم يكون في وقفة، ولو الوباء ده مر، لازم نحط نظام يمنع تكراره.

إزاي اللقاح ممكن ينقذ الأرواح؟ ونوفره إزاي؟

اللقاح ضد الكوليرا مش بس وسيلة وقاية، ده ممكن يكون الفرق بين الحياة والموت، خاصة في الظروف اللي بيمر بيها السودان. اللقاح بيشتغل على تقوية المناعة ضد البكتيريا اللي بتسبب المرض، وبيقلل نسبة الإصابة بشكل كبير. المشكلة إن توفيره في بلد زي السودان مش سهل، بسبب مشاكل النقل، والتبريد، وعدم الاستقرار. علشان كده، لازم يبقى في خطة قومية بالتعاون مع الجهات الدولية لتوزيع اللقاح بطريقة عادلة، تبدأ بالمناطق اللي فيها أعلى إصابة، وبعدها الأماكن اللي مفيهاش مرافق صحية. كمان مهم إننا نشتغل على تصنيع اللقاح محليًا أو على الأقل تخزينه بشكل سليم. اللقاح مش رفاهية، ده ضرورة في وقت الوباء، ولازم يكون متاح للجميع، مش بس للي معاهم واسطة أو فلوس.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى