رواية صغيرتي الجزء الرابع عشر والأخير

ومشيت بسرعه لاوضتها؟؟
استنيت لحظه وانا حيران… بعدين وقفت وقلت لاخويا: هتكلم معاها معاها.
مظهرش على اخويا اي رده فعل..
رحت خبطت على اوضتها وخدت اذنها عشان ادخل.. فأول ما دخلت شفت مجموعه كبيره من اللوحات جنب بعضها عند الحيطه اللي قدام الباب… صور لابويا وامي… صور ليه انا وانا رافع ايدي محطوطه على عمود الأوضه..
اول ما شفت صوره ابويا وامي ما عرفتش امسك نفسي.. ومشيت باتجاهها وبصيت فيها وحسيت بوجع ومراره…
كلمتهم في سري.. مش هتخرجوا من اللوحتين… وتشوفوا اللي احنا فيه.. وتحلوا مشاكلنا… انا واخويا بنحب بنت واحده.. هي كل حاجه لينا.. ولازم واحد مننا يموت قلبه عشان الثاني يعيش.. انا يا امي ويا ابي.. عايزه اموت بس ما يحصلش لاخويا اي حاجه… سامحوني عشان انا كنت اناني.. ما فهمتش مشاعره وما قدرتهاش… فكرت ان رهف حاجه تخصني وان هو اللي سرقها مني..
لفيت لرهف كانت بصه في الارض حزينه… قلتلها في سري… هو انت مش حاجه تخصني انا يا رهف؟ انت مش بنتي انا؟؟ انت مش ليا؟؟ مش هتكوني ليا؟؟ مش المفروض تكوني ليا؟
حست رهف بنظراتي.. او ممكن تكون سمعت كلامي في سري… لفت ليا وبصيتلي بصه خلتني تايه
ظهر على وشها ان هي بتترجاني.. قالت: ارجوك يا ليث.. شيل الفكره من دماغك.. خلينا نعيش هنا كويسين.. انا تعبت من الحرب… تعبت من التشرد واني ابقى يتيمه وضايعه.. تعبت من الصراعات… اعمل ده عشاني؟
قلبي وجعني من كلامها انت بتطلبي المستحيل يا رهف؟
قربت منها وقلت بعطف وحنان ومتحجج بمسؤولياتي: يا رهف.. يا صغيرتي العزيزه.. مين يعمل شغلي هناك في الوطن… مش انت عارفه ان انا عندي مسؤوليات كبيره وجديده؟
قالت: وانا؟ مش انا جزء كبير من مسؤولياتك؟ ازاي هتسيبني لوحدي وتروح بعيد عني؟
قلت: ازاي بتقولي لوحدك؟ اناهسيبك مع ليلى وأسر.
قالت بانفعال: لكن انت الواصي عليا والمسؤول عني بشكل شرعي… لازم تخليني معاك وتفضل معايا؟ مش ده من واجبك؟
ما جاوبتش بشكل مباشر وقلت: وبرده انا المسؤول عن رضوى… ومن واجبي ارجع ليها.
كنت متوقع اني اضايقها لما اتكلم عن رضوى.. وكنت بتعمد اتكلم عنها عشان افوق من اللي انا فيه..واقطع الحبل المتعلق بسفينه رهف..
كنت متوقع ان رهف تضايق لما اقول رضوى زي عادتها لكن ما توقعتش ان ردة فعلها تكون بالشكل ده..
صرخت بالفعل وقالت: ارجع ليها.. ارجع ليها.. اكيد انت مشتاق لعينيها الزرقاء وشعرها الحرير… روح مين اللي هيتنازل عن بنت جميله غنيه.. مبروك عليك اختيارك.. ولما ناديتها لفت وشها عني وقالت: روح دلوقتي.
لما رجعت مكان ما كنا بناكل من شويه ما لقيتش اخويا هناك.. دورت عليه في كل مكان ما لقيتهوش.. شفت تليفونه محطوط على سريره.. سألت ليلى عنه قالتلي ان هي ما شافتهوش من وقت ما كنا بناكل الكيك العصر.
قضيت الساعتين الثانيين واقف على اعصابي لحد ما ظهر اخيرا جاي من بره.. جيتله وسألته: رحت فين؟
اظاهر عليه انه اتضايق من سؤالي وقال: نعم.
قلت: قصدي في الجو البرد ده
رد أسر: اتمشيت شويه.
شويه وبعدين قلت وانا بمشي: هروح انام.
وقفني أسر بسؤاله: عملت ايه النهارده؟
شديت على ايدي وقلت: ما فيش حاجه… هي مش حاسه بالمسؤوليات اللي ورايا.. متوقعه مني انا اسيب كل حاجه واقعد ارعاها هي بس…
شفت ابتسامه سخريه على شفايفه.. بعدين ظهر على وشه الجد وقال: هي متعلقه بيك.
اتحرجت جدا وبصيت لاخويا لقيته مستني تعليقي بعدت عيني عنه وقلت: عارف.
قال: والحل؟
لفيت وشفت في عينه اهتمام جامد… ما كنتش عارف اعمل ايه.. قال اخويا وكان باين عليه انه متضايق: ليه ما بتردش… انت جيت بيا من مكان ثاني لهنا وحطيتها قدام عيني… رجعتني للي كنت عايزه اخلص منه.. وانت عايز تمشي وتسيبني في نفس الدوامه… يا ريت تحل مشكلتي مع رهف الأول.
طلعت النار جوايا وبدأ العرق ينزل مني رغم ان الجو برد قلت اخيرا: اصبر يا اسر… خلينا ناخد فتره من اللي حصل في الاخر الأول.
شفت اخويا بيمد ايده قدامي وبيضايق عينه وبيضغط على الاثنين وهو بيقول بتهديد: ما تلعبش بيا يا ليث.
اعصابي فلتت مني وقلت: عايزني اعمل ايه دلوقتي؟ اغصبها ان هي ترجعلك؟ انت ما عندكش اعتبار لمشاعرها؟ ولا لراغبتها؟
رد: انا اكثر واحد عارف بمشاعرها.. ارادتها… انت لازم تحط حد للموضوع ده.. لازم تفهمها اللي مش عايزه تفهمه… لازم تخليها تفوق من احلامها المستحيله اللي مش بتسبب لها غير الوجع ..لازم تقول لها تبطل تحط مشاعرها على الانسان الغلط.
اتفاجئت بكلام اخويا لسه مش قادر افوق من المفاجاه… هو لما فوقت كان اخويا مشي..
رحت اوضتي وقعدت على سريري واخذت قطع صوره رهف من محفظتي المتخبيه تحت المخده وجمعتها وبصيت لوش رهف.
اتألمت.
جت اللحظه عشان كل حاجه تنتهي يا رهف..
معقوله انا هضطر اني اتخلى عنك بعد كل ده؟
هو بيساومني على حياته يا رهف.. هضحي بيكي عشانه؟ هعمل كده يا رهف؟ هقدر فعلا؟
ضميت صورتها لصدري وعصرتها بايدي وقلت: مش هقدر… مش هقدر.
____________
ليث في حاله صعبه جدا بعد خبر انه هيرجع لوطنه.. لمكان الحرب والتعذيب والخوف والهلاك… للشقره اللي مستنياه… انا يا ليث مستعده ان اقبل اي حاجه مهما كان مقابل انك تخليني جنبك وتحت رعايتك انت..
وانا في افكاري جات لي ليلى قالت: عامله ايه؟ بيقولوا انك عامله اضراب عن الاكل؟
وكل اللي حصل اني ما تعشيتش امبارح وما فطرتش النهارده
قلت: مين بيقول كده؟
قالت: هو قلقان انه يغمى عليك بسبب الجوع وبعتني عشان اشوفك..
فرحتني الجمله لمجرد الاحساس ان ليث بيهتم بيا
قلت: هو فين دلوقتي؟
قالت: خرج مع نور من شويه.. رايحين لمكتب الطيران.
اتفاجئت بكلامها وشهقت وقلت: تقصدي عشان يشتروا تذاكر السفر؟
خالد: ايوه… اتجننت وصرخت بانفعال: لو مش هيغير موقفه هروح معاه.
ولفيت لي التليفون وقلت: هتصل بيه واطلب منه يشتريلي تذكره انا كمان..
ومشيت خطوتين للتليفون وقفتني ليلى ماده ايديها وماسكه بدراعي.. بصيت ليها قالت: استني يا رهف.. انت فاكره ان هياخدك معاه فعلا؟
اتضايقت اكثر وقلت: طبعا هياخذني.. مش هو الواصي عليا؟ مش انا تحت عهدته؟
قالت: اتنازل عن الوصايه لأسر.
بصيت لها مش مستوعبه الجمله الاخيره فسألت: نعم؟ قلت ايه؟
قالت: زي ما سمعت يا رهف..
قعدت احرك راسي يمين وشمال كنت عايزه اخرج منها اللي قالته وبعدين قلت: بتكذبي.
بصيتلي ليلى وقالت: قالي ده من شويه.. قالي انه وكل محامي ابو سامي عشان يعمل كده يعمل كل الاجراءات الرسميه وهو في المستشفى الفتره اللي فاتت..
رفعت ايدي لصدري كنت بحاول اسيطر على اللي حصل لنبضات قلبي من الصدمه…
فهزيت راسي مش مصدقه… ليث عملها… مستحيل… مستحيل.
قلت بصرخه: مستحيل… وكملت للتليفون عايزه اتصل بيه واتأكد من الخبر.. لكن ليلى اخذت مني التليفون وقالت لي بصي: رهف هتعملي ايه؟ هتطلبي منه يرجعك لوصايته؟ ما تعصبيش الموضوع يا رهف.. التصرف ده الصح والمناسب لظروفنا.
قلت بانفعال: لظروف مين؟ انا ما ليش ذنب اني أسر بيهددوا الخطر لو رجع لبلده…. انا مش عايزه افضل هنا.. انا عايزه ارجع مع ليث وافضل معاه..
سألت ليلى بانفعال: لحد امتى؟
قلت: للابد.
مسكت ليلى ايدي وقاعده بتشد عليها وتقول: ليث مش عايزك تروحي معاه.. هيرجع لخطيبته… انت ليه مش عايزه تفهمي… هيتجوزوا قريب… هو رجعك لأسر عشان تفضلي مع أسر.. هو اكثر انسان محتاجك وبيحبك يا رهف… هو بيمر بأزمه صعبه… ليه مش بتفكري فيه؟
سحبت ايدي من ايديها وبعدت عنها وانا بقول بانهيار: انا مش عايزه ارجع لأسر… ما تعملوش فيا كده.. ما تعيدوش اللي قفلناه.. هروح مع ليث.
____________
كان لازم نحسم الامور وبشكل نهائي عشان كل واحد مننا يعرف مكانه.. كنت بفكر في الطريقه اللي هكلم فيها ليث اليوم ده… واطلب منه يحط النقط على الحروف ويختم الصفحه..
كان الوقت الضحى وكنت قاعد في اوضتي بحضر نفسي عشان اواجهه جاتلي اختي ليلى…
قالت: صباح الخير يا أسر؟ انت لسه ما صحيتش؟
قلت: صباح النور.. اتاخرت… رفعت الاطباق بتاعه الفطار؟
سألت: ليث صحي؟
قلت: ايوه وهو مع نور في مكتب الطيران دلوقتي…
اتغيرت التعبيرات على وشي وسرحت بعيد… ولما لاحظت ليلى سألتني مالي.. قلتلها اللي بيدور في راسي من امبارح.. من وقت ما قال ليث ان هو هيرجع للبلد.
قلتلها بكل صراحه ان لما يمشي اخويا مش هقدر اعيش مع رهف في مكان واحد وتكون تحت مسؤوليتي الا اذا اتجوزنا بشكل شرعي زي زمان.. والا فلازم ياخدها معايا ويخلصني من الدوامه دي.. كنت صريح جدا لان خلاص زهقت مش هستمر ان انا اعيش دور الانسان اللي ما عندوش قلب… قلت: يا اما ياخدها معاه للابد… او يسيبها معايا للابد.
قلت ده بانفعال وبعدين بصيت لليلى لقيت على وشها القلق والحزن كأنها بتفكر في حاجه: سألتها:في ايه؟
جاوبت: كنت مع رهف من شويه.
فهمت ان عندها حاجه تقولها قلت: قالت ايه؟
قالت بتردد: بتحضر شنطتها.. مصممه ترجع البلد مع ليث.
انا نفسي كنت متوقع ده.. ما فاجأنيش موقفها ابدأ لكن كنت عايز احسم الموضوع نهائي مع ليث..
قلت: هطلب ليث يشتري ليها تذكره معاه.. وياخدها معاه ونخلص.
وضربت الحيطه من غيظي وقلت: هي مش عايزه غيره هو… ياخدها معاه ويريحنا… انا تعبت.
كنت مجروح جدا من أصرار رهف على موقفها… انها مش بتفكر فيا.
قالت ليلى: ما تعملش كده…. خليه بس يرجع وانا هتكلم معاه الأول… هو نقل الوصايه ليك زي ما قالي.. مش هياخدها معاه.. هيقنعها تفضل معانا.
قلت: وايه الفايده لو كانت هتفضل معانا هنا وبالها متعلق بيه؟ انت ما شفتيش حالتها قبل ما يجي؟ انا مش عايز يحملني المسؤليه على بنت من غير روح.. خليه ياخدها ويخلصني من العذاب ده؟
ماته ليلى ايديها تطبطب على كتفي: هون عليك يا اخويا.
قلت بانفعال: انا تعبت.. كنت خلاص هحط نهايه لكل ده لكن هو اعترض طريقي.. وجابني هنا.. هو هيتحمل عذابي؟
سكتنا شويه وبعدين ليلى سألت: هو عارف ان هي…؟
قلت: طبعا عارف… لازم يواجهها ويصحيها من اللي هي فيه… لحد امتى هيسيبها تتعلق بيه وتجري وراه وهو متجوز وهو مشغول بقصته.
قالت ليلى: هو بيحبها؟
استغربت السؤال وقلت: وايش عرفني؟ المهم ان هو متجوز ومشغول بزوجته… مش شاغل نفسك بمشاعرها.
قالت رهف: ومشاعره هو.
بصيت ليها وانا مستغرب وقلت: مشاعره هو؟
لقيت نظره غريبه على عينيها شكلها بتلمح لحاجه فسألتها: مشاعره هو مالها؟
قالت بتردد: مشاعره اتجاه رهف..
بصطلي جامد استغربت وحسيت بالدهشه لما شفتش شكلها كانت هتقول حاجه مهمه واخيرا قالت: أسر.. هقولك اللي امي الله يرحمها قالته لما زورتها بعد ليله جوازي..
كلامها خلاني استغرب وسألتها: قالت ايه؟
ردت بجديه: لما قلت لها عن قرار رهف المفاجئ بالانفصال عنك وعن حالتها المتغيره الغريبه بعد سفر ابويا وامي للحج… وبعد التفاصيل اللي حصلت.. قالت ان ده اللي كانت خايفه منه.. وان هي لاحظت تغيرات على رهف بعد رجوع ليث.
اختي سكتت عشان تشوف تاثير كلامها عليا طلبت منها تكمل بلهفه: وبعدين؟
قالت: انا فعلا لاحظت عليها التغيرات كثيره جدا في الفتره دي.. لكني ما توقعتش ان السبب يكون هو ليث.
. ايوه ليث.. ليث اللي ظهر فجأة واخذ قلب رهف… وبعدها عني.
كملت: كمان ما كنتش اتوقع ابدأ.. ان
سكتت متردده كأنها خايفه تقول الجمله اللي جايه: شجعتها وقلت: كملي؟
قالت: لما قلت لها عن ارتباط ليث المفاجئ ببنت المزرعه… حزنت وزعلت كتير جدا.. وقالت لي ان ليث هو كمان كان بيحب رهف كتير وهو صغير… كلنا كنا عارفين.. لكن اللي ما كناش نعرفه هو انه حسب كلامها وحسب اللي اتأكدت منه.. ان هو هو بعد ما رجع من السفر ..قصدي من السجن.. كان لسه بيحبها.. وبيحلم بيها.. واتصدم بجوازكم..
بصيت لليلى بذهول مش قادر استوعب اللي بتقوله… قلت بندهاش: بتقولي ايه؟
قالت و ظهر عليها القلق: ممكن ما كانش لازم اقول ده لكن…
بصيت ليها بتشتت وكنت مذهول جدا وفجأة افتكرت كلام ام صبري ليه اليوم اياه..
فجأة لقيت لساني بينطق من غير وعي: مستحيل.
ليلى قالت: هو ده اللي قالته امي… وقالت انه لسه بيحبها… وانها لقت صوره قديمه لرهف عنده في مره.
______________
كنت الصبح.. رحت مع نور مكتب الطيران واشتريت تذكره سفر واكدت سفري.. هيكون مباشر لشمال البلد… حاولت اتصل بالمزرعه وبتليفون رضوى لكن ما فيش رد… اتصلت بالاستاذ اسامه واعتذرت لي عن اختفائي المفاجئ وقلتله اني هعود قريب…
كمان اتصلت بسامي وطمنته على اخباري..
بعد ما رجعت للبيت وانا داخل الطرقه الموديه لاوضه نومي شفت أسر واقف في وسط الطريق..
كان غريب ان هو يقف يستناني الا لو كان الموضوع مهم.. وطبعا انا عارفه.. قلت: ازيك يا أسر صحيت امتى؟
رد بجديه: عايز اتكلم معاك.
كان شكله منفعل… متوتر جدا
قلت وانا بسبقه للاوضه وبفتح الباب: اتفضل.
دخلنا الاوضه وسيبنا الباب مفتوح… خليته يقعد لكن هو وقف قريب من الباب مستعجل على الكلام. وقفت قدامه وقلت: خير؟
بصلي بصه حزن ولهفه وغضب وقهر وبعدين قال: ليث هسألك سؤال… وارجوك تجاوب عليه بمنتهى الصراحه.
نظرته قلقتني فقلت: في ايه؟
ركز أسر عليا جدا وقال: جاوب عليا بكل صراحه يا ليث.
قلت وانا قلقان جدا اسأل؟ قلقتني.
أسر قال: ايه مشاعرك تجاه رهف.
فاجئني السؤال… اتخضيت… ما كنتش قادر استوعب… اكيد انا ما سمعتش كويس اللي قاله اخويا ؟
قلت: نعم؟
اخويا توتره زاد: ايه مشاعرك تجاه رهف؟
كان بيبصلي جامد بيراقب كل انفعالات وشي وتغير لونه… كانت نظراته هتسلخني وفجأة قال: هو فعلا كنت بتحبها؟
ما حسيتش الا والدم طالع لوشي فجأة ولونه بقى احمر.. العرق بيظهر من كل مكان.. لساني مش قادر ينطق… اخويا بيبصلي جامد وبيشوف ردي… شفته بيعض على شفايفه من التوتر وهيصرخ من كتر الانفعال.
عصرت لساني لحد ما خرجت الكلمات بالعافيه: تقصد ايه يا أسر؟ ايه هو السؤال؟
خبط الباب اللي واقفين قريب منه جامد وكرر سؤاله بعصبيه: فهمتني يا ليث..سؤالي واضح.. قلي فعلا كنت بتحب رهف؟ انت بتحبها لحد دلوقتي؟ قلي قبل ما تجنن.
وللحاله الرهيبه اللي كان اخويا فيها خفت ان يحصل اي حاجه… كنت بحاول اداري مشاعري واتظاهر اني بضحك: طبعا بحبها.
بحبها زي بنتي تماما… انا اللي ربيتها مع ابويا وامي.
كنت بحاول ان يكون ردي في ضحك ومقنع.. اخويا بصلي بشك وبعدين قال: ده كل حاجه ؟جاوبني بصراحه.
اتظاهرت اني ببتسم وقلت: طبعا كل حاجه.. أسر مالك بتقول سؤال مضحك زي ده ليه؟
فضل يبصلي وبعدين قال: لكن ليلى بتقول ان امي قالت لها قبل ما تموت انك كنت بتحب رهف من وانت صغير وبتتمنى تتجوزها..
فكرت بسرعه في اي تعبير يخفي الحقيقه وما لقيتش الا الضحك اداري وراه الوجع..
ضحكت جامد… الضحكه ممكن وصلت للذكريات اللي نايمه في قلبي وصحتها..
ضحكت وانا شايف الدموع ورا المشاعر المزيفه
ولما خلصت الضحك المتصنع قلت بسخريه: ضحكتني يا أسر… مالك… انا هفكر في رهف كده؟ هو انت سمعت عن اب بيتمنى يتجوز بنته؟ ايه السخافه دي؟
وضحكت تاني.. عشان اشيل منه اي شك في الحقيقه حتى انا من كتر الضحك بليت رموشي.
بصلي اخويا وحاول يهزر… شفت الشك في عينه… وبعدها الراحه… الظاهر اني اقنعتك باللي قلته يا ليث.
ازاي طاوعت لسانك على ده؟
بص اخويا للارض وبعدين بص لي وقال: هي دي الحقيقه فعلا؟
قلت لتاكيد: وبعدين يا أسر.. انا ربيتها هي وليلى.. انت مش فاكر؟ الاثنين زي ولادي.
ظهر التردد والحيره على وشه وبعدين قال باستسلام: اسف.. ليلى وترتني.
فسكت شويه وبعدين قال: انا برده كلامها ليا كان غير معقول.. اكيد ده سوء فهم… اسف ليث.
ابتسمت وقلت: ولا يهمك.
ولا يهمك انا متعود اخد طعنات كثيره من كل الانواع من كل الاماكن لقلبي.. بقى ليا مناعه ضد اي حاجه.. ولا يهمك.
سكتني شويه وبعدين قال: دلوقتي لازم تكلمها وتحسم الموضوع.. لازم تفهمها انك بتحبها وبتراعها زي ابوها… بتقنعها ان هي تقعد معايا ومع ليلى هو احسن ليها ليها من انها ترجع معاك عشان هي بتلم حاجتها عشان تروح معاك.
قلت: فعلا؟ ومين قال اني هاخدها معايا اصلا؟
قال اخويا: هي بتفكر كده.. عايزه تروح معاك اي مكان تروح.
بلعت المراره اللي في زوري وقلت: بس انا مش واصي عليها.. هي تحت مسؤوليتك دلوقتي.
قال: ارجوك فهمها.. قلها تبطل عناد وتبطل تصدني.. هي مش عايزه حد يأكد لها انا بحبها قد ايه… انا هحطها في عيني… قلها ده ليث ارجوك.
كنت دايس على ايدي.. هقطع الاوتار بضوافري من شده الوجع.. قلت حاضر يا أسر
هعمل اللي انت عايزه ارجوك كفايه بقى امشي دلوقتي.
نفس طويل بجدد بيه الهواء المخنوق في صدري وقلت: هتكلم معاها.. لكن يا أسر ارجوك انت.. سيبها تاخذ وقتها حتى لو طول.. انها تتاقلم مع الوضع الجديد… ما تستعجلهاش وتلح عليها.. خصوصا دلوقتي.. بصلي أسر بصه قويه وهز راسه انه موافق.
خرجت بعدها من اوضتي عايز ابعد عن كلام أسر متظاهر اني رايح لرهف وهتكلم معاها..
كنت في الحقيقه بدور على مكان واسع اخرج فيه صرخاتي او جبال اضربها.. ولأسخف مفاجاه في اسوء توقيت شفتها واقفه بره قريبه.
بصيتلي بصه مخيفه وشفت وشها جايب الوان.. وجريت لاوضتها.
___________
كنت رايحه عشان اتكلم معاه…. واطلب منه.. اتوسل ليه انه ياخذني معاه للوطن.. كنت هقوله على مشاعري واني عايزه افضل معاه… مش مهم الشقره.. المهم اني اكون معاه.. مش هشغل بالي بالخطر ولا الحرب.. ولا الرعب.. كنت مستعده اني اتنازل عن اي حاجه.. وارضي باي حاجه.. واعمل اي حاجه.. مقابل اني افضل معاه.. يرعاني واشوفه.. واشرب من حنانه وعطفه اللي دايما بيغمرني بيهم من وانا صغيره..
قربت من اوضته.. كان الباب مفتوح كان بيتكلم ويضحك.. كان بيقول لأسر ان هو ضحك وان هو مش بيفكر فيا بالشكل ده… سمعته بوداني وهو بيقول عمرك سمعت عن اب نفسه يتجوز من بنته..
كان بيسخر من مشاعري وبيستخف بحبي.
سمعته بيضحك وبيقول اسمي وبيقول اني بنته..
ليث قلبي بيسخر مني.
بعد كل الحب الكبير والمشاعر الصادقه اللي في قلبي لي… كل الوقت ده.. بعد كل احلامي واماني المتعلقه بيه.. هو بس بيضحك ويسخر مني…
انا يا ليث بتعمل فيا ده؟؟
حسيت باهانه كبيره… حسيت بالخذلان من اقرب الناس واحبهم الى قلبي..
جرحني اللي سمعته جرح كبير جدا وعميق وعميق… كان اشد جرح في حياتي… ما قدرتش بعد كده اقاوم فضولي وفضلت اسمع لضحكه اللي بيسخر فيها مني… وقلبي عمال يتزلزل وينهار.. والدهشه بتاخد مني قلبي..
ايه كنت ملهوفه عليه… لكن بعد موقفه اللي بيسخر فيه مني وبعد تنازله عني بالبساطه دي كأني حته قماش باظت.. ما بقتش عايزه اشوف وشه.. ومش هتكلم معاه تاني.. ومش هسمحله يدخل مهما خبط.. مش هروح معاه.. مش هودعه.. مش ههتم بيه.. مش هفكر فيه بعد دلوقتي.. مش هسامحك ابدا يا ليث… ابدا.
اخيرا وقف الخبط ومشي ليث.. ما بقتش حاسه ان هو موجود ورا الباب.. لفيت وشي الناحيه الثانيه.. لمحت اللوحه اللي قضيت ساعات كثيره الايام اللي فاتت برسمها وهو بيبصلي.. طاقتي وموهبتي كلهم خرجوا عشان ارسمها زي الواقع… زي وش حبيبي وهو بيشاورلي
اول ما شوفتها وبصيت لعينه… لقيت ضحكته لسه بترن في راسي…. قمت للوحه وبوظتها باللون الاسود… ووقعتها في الارض.
بعترت كل اللوح اللي رسمتها لليث ولا ابويا وامي رميت الصور بعيد وخبطت اللوح في الحيطه.
وبعدين اترميت على سريري عمال اعيط واكح واتوجع وانا بقول.. انا من النهارده للنهايه هكرهك يا ليث.
____________________
لما يئيست انها تفتح لي الباب بعدت عن اوضتها ودورت عن ليلى…. وصلت ليها كانت في اوضتها… طلبت انا وهي نتقابل بعيد عن الناس… قالتلي اروح لها في اوضه خاصه في الجناح بتاعها..
كنت متوتر من اللي قالوا اخويا… وهروب رهف مني. والنظره الغريبه اللي بصتهالي..
حست اختي بتوتري فسألتني على طول: هو أسر اتكلم معاك؟
ده خلاني اتأكد انها عارفه انا جيت ليه.. اختصرت علي الطريق قلت على طول: اي الجنان اللي قلتي لأسر ده يا ليلى؟
بصيتلي كتير وما جاوبتش لكن فهمت قصدي.. قلت: اسمعيني يا ليلى.. ما كانش ينفع تنقلي كلام زي ده لأسر.. أسر حالته النفسيه صعبه.. انت مش عارفه انا حصل فيا ايه عشان اخرجه بره البلد… ما عندكيش اي فكره انا عملت حاجات فظيعه قد ايه عشان انقذه.
ليلى بقت تهتم بكلامي وده خلاني اكمل: مش عايز كل ده يضيع في الارض… انا ما يهمنيش اي حاجه… كل اللي يهمني سلامه اخويا… مش مستعد اني افقده… او ادخل في مغامره تاني تعرض حياته للخطر.. انت فاهمه؟
ظهر ان هي عندها شك وحيره فقلت: أسر ارتكب غلطه كبيره لما انضم للمنظمه في الوطن… كان خلاص هيهلك… لو رجع البلد وخادته الشرطه ويختفي…. لانه كان الايد الخفيه للمنظمه.. هيعدموه على طول.. انا عايزه يستقر هنا معاكي… ويبدأ حياته من جديد.
قالت ليلى: مع رهف؟
عضيت على اسناني وشديت على ايدي وقلت: مش هيقدر يجازف بحياته وهي تحت مسؤوليته… هيحافظ على نفسه عشان يحافظ عليها.
بصيت ليا ليلى بصة وجع وقالت: بس هي حضرت شنطتها عشان تسافر معاك.
رديتلها البصه وقلت: مش هاخدها معايا.. مهما حاولت الموضوع ده منتهي.
وقفت وقلت: عايزك تيجي معايا دلوقتي وتقوليلها اني عايزه اكلمها كلام مهم.
قالت: وأسر؟
قلت بتحذير: سيبيه في حاله… ما تحطيش في راسه حاجات خطيره… ممكن ترجعنا للصفر.
لفيت عشان امشي سمعتها بتقول: يبقى اللي امي قالته صح!
اتسمرت في مكاني وقلت: مش عارف هي قالتلك ايه؟ وما يهمنيش اعرف.. بس احتفظي بكلامها بعيد عن أسر..
حسيت بحاجه بتمسك دراعي… لقيت ليلى بتظهر قدامي وبتبرق في عيني وتقول: قولي انا.. هوعدك اني مش هقول لأسر اي حاجه… انا فهمت اني غلطت لما قلتله… انت فعلا كنت بتحب رهف ونفسك تتجوزها من وانت صغير؟
اتضايقت جدا من السؤال اكثر سؤال وجعني في حياتي… اجبرني ان اخون قلبي قلت بغضب: سخافه… بحذرك.. اياكي تكرري الكلام ده على أسر او رهف.
برنقت ليا كانت بتحاول تقرا اللي بيدور جوايا… عينيها كانت شبه عين امي… ده خلاني احس بحنين لامي… خصوصا في اللحظه دي.. وانا بكتشف ان هي كانت بتفهمني وبتفهم حقيقه مشاعري.. في الوقت اللي كنت بحس بيه… ان الدنيا كلها اتخلت عني… وان ما حدش مهتم بمشاعري..
ليلى: ليث انت ليه غامض؟ ليه مش قادره افهمك؟ ليه مش بتصارحني زي أسر؟ انت كمان اخويا.. وبحبك زي ما بحبه.. ونفسي تبقى معانا وتعيش سعيد ومرتاح…
حسيت بالعطف والحنان فيها… حسيت ان مشاعرها صادقه ودافيه.. ودايما كان نفسي الاقي اخت زيها من سنين… ما لقيتش حد يعوضني عنها غير رضوى… اللي اتجمدت علاقتي بيها من زمان… من وقت ما عرفت اني انهيت حياه علي.
مديت ايدي وشديت على ايد اختي بامتنان على لحظه العطف دي وقلت: سعادتي وراحتي ان تكونوا انتم الثلاثه بخير وأمان.
حاولت كتير ليلى تقنع رهف تسمحلي اتكلم معاها… خلص اليوم اليومين اللي بعده ورهف قافله على نفسها في اوضتها بترفض تقابلني لحد يوم الرحيل..
انا دلوقتي بحضر شنطه سفر الصغيره اللي جبتها معايا من البلد.. عشان امشي.
همشي واسيب عيلتي هنا… قلبي هنا… كل مشاعري… وبواقي الاحلام المستحيل… اخد جروحي بعيد… لمكان بارد… وهدفنها تحت الجليد اخيرا.. آن الاوان للوداع.
اخيرا يا ليث..
كل لعبه قدر وانت بخير
بدخل ايدي جوه الشنطه مسكت حاجه… كانت في قعرها.. حاجه زهلت لما خرجتها وشفتها قدام عيني..
انتم عارفين ايه هو؟
صندوق اماني رهف..
يا للمفاجاه..
فضلت اقلب في الصندوق بحاول اتأكد ان هو… انا اكيد مش هتوه عنه.
ضحكت على نفسي.. وخرجت ضحكات مش عارف مين اللي سمعها.
ياه هو لسه عايش… وجيه ورايا كل المسافه دي من شرق الارض لغربها من غير ما اخد بالي؟ هو لسه الصندوق ده مصمم يفكرني بالامنيات الوهميه المستحيله اللي حلمت بيها في يوم من الايام؟
عرفت ..القدر شاء اني اجيبه معايا حتى لو من غير قصد عشان ارجعك لصاحبتك قبل ما اودعها الوداع اللي مش هيكون فيه لقاء بعده..
مش هتحمل كل اللي هيحصل فيا بعد ما تختفي رهف والامل اللي اتعلقت بيه من صغري انها تبقى ليا.
خليت الصندوق بين ايديا وقدام عيني وفضلت استرجع الذكريات القديمه..
لما جت طفله صغيره شايله كتابها المدرسي وطالبه مني اني اصنعلها صندوق شبه اللي موجود في الكتاب… والطفله دي بتكتب اول امنيه ليها وبتحطها جوه الصندوق..
انا مستعد انهم ياخدوا روحي واروح عند ربنا مقابل ان البنت دي تظهر قدامي تاني دقيقه واحده بس… اضمها لصدري وامسح على شعرها وابوس خدها.. يا حبيبتي يا رهف… دقيقه واحده
الشوق ليها خلاني اخرج قطع صورتها القديمه وألمها على صدري وابص فيها.. كنت بغرق في الوقت الضايع … في الوقت اللي لازم افوق فيه… لازم احسم الموضوع.. لازم اتماسك عشان ما اغرقش السفينه بانهيار… وداعا يا رهف..
ما حسيتش الا وصوابعي بتضم قطع الصور لصدري قطعه قطعه وبعدين بتحطها جوه الصندوق… في مقبره الاماني الميته اللي مش هترجع للحياه… وما انتبهتش الا وصوره رهف الصوره اللي نامت تحت مخدتي او فوق صدري تسعه او 10 سنين… ليالي كتير والاف الساعات اختفت من قدامي بشكل نهائي..
جت لحظه المواجهه الاخيره…
هروح للمطار مع نوار بعد شويه وكان أسر وليلى هيجو معانا…
رهف… رهف حبيبتي… وخلوني اقول حبيبتي زي ما انا عايز… عشان انا مش هقولها بلساني في يوم من الايام ولا في سري بعد النهارده.
اقول ان حبيبتي رهف رفضت ان هي تخرج من اوضتها وتودعني.. كانت اخر مره شفتها صباح اليوم ده اللي شفتها بصالي بصه غريبه عند اوضتي وبتهرب مني…
اظن ان هي كانت جايه كانت جايه عايزه تتكلم معايا واكيد سمعتني وانا بتكلم لأسر وبوصيه عليها فرجعت ورفضت ان هي تقابلني..
ما قدرتش اخرج من غير ما ابص عليها بصه اخيرا.. اكيد انا مش هشوفها مره تانيه ولا هشوف صورتها بعد دلوقتي.. خلوني اقابلها لو للحظه… اخيره
ما فيش اصعب من الكلمه دي ولا من اللحظه دي؟؟؟ ما فيش اصعب من ان انت تحاول وصف حاجه مش بتتوصف باي شكل.
طلبت من اخويا يستناني في الصاله.. وخدت صندوق الاماني ورحت فيه لاوضه رهف.. خبطت الباب وسألتها تديني الاذن عشان ادخل ما اذنتشليش …
لحيت عليها كتير… اقسمت عليها وسألتها بالله ان هي تسمحلي اتكلم معاها مره اخيره..
اخيرا فتحت الباب..
كانت قاعده على سريرها مديه ضهرها ليا… ما لفتش ليا عشان تخليني اشوفها بصه الوداع…
ناديت عليها ما ردتش عليا… دخلت الاوضه قربت منها اكتر.
في الوقت ده انتبهت على اللوح اللي محطوطه على الحيطه… صوره امي وصوره ابي وصوره ملامحها مختفيه بالسواد.. ما كانش صعب عليا اني اعرف انها صورتي..
بصيت لرهف وما عرفتش اقول ايه.. ابدأ منين واتكلم ازاي طالما رهف بتعبر عن مشاعرها بالرسم… انا هعبر عن مشاعري دلوقتي ازاي؟
اخيرا استجمعت شجاعتي وقلت: هو السواد ده اللي انت شايلاه في قلبك ليا يا رهف؟
ما ردتش
قلت: انت بتكرهيني يا رهف.. صدقيني انا مضطر جدا عشان اعمل ده.
ما ردتش برده.
قربت منها اكتر وسألت: انت مش مصدقاني يا رهف؟
ما ردتش.
حسيت بالوجع عشان هي متجاهلاني في اخر لحظه هتجمعنا..
قلت بخيبه: انت مش هتودعيني يا رهف؟ انا همشي دلوقتي.. ممكن ما نشوفش بعض تاني.
في الوقت ده سمعت تنهيده بتخرج من زورها كلها مراره..جي بعدها كحه جامده.. بعدين شهاقات كانت صغيرتي بتعيط جامد وبتداري وشها ودموعها.. كأنها مش عارفه ان انا حاسس بالدموع بتخرج من قلبي قبل ما توصل على خدها.
رهف.. صغيرتي… كل واحد مننا بيتمنى حاجات كتيره لكن.. ظروف الحياه ما بتسمحش ان احنا نحقق كل امنياتنا..
رقبتها ما لقيتش منها اي تفاعل معايا..
قلت: انا حاولت ابذل كل جهدي انك تعيشي افضل حياه… كنت عايزك تكوني سعيده ومرتاحه.. تكوني مطمنه على حاضرك ومستقبلك… حاولت ان اكون وصي واب كويس.. ما بخلتش عليكي بحاجه.. ولو عملت كده ارجوكي سامحيني…
خرجت رهف اه قويه جدا مع عياط تدوب الحجاره.. ما قدرتش اتحمل…
كانت لسه لفه وشها عني.. مصممه تحرمني من البصه الاخيره..
اتوسلت ليها وقلت: رهف.. بصيلي.
ما عملتش كده..
قلت: بصيلي ارجوكي..
ما استجبتش بالعكس رفعت ايديها وخبت وشها وراهم.. ما كانش عندي اي امل اني اشوفها… اخذت تنهيده ورجعت خطوه لورا وبصيت عليها شويه وبعدين قلت… أسر وليلى هيخلوا بالهم منك… ممكن احسن مني.. واحسن من خالتك ومن اي حد ثاني كنت بتتمني ان هو يهتم بيكي.
هنا نطقت رهف فجأة وقالت: انا مش عايزه حد يهتم بيا… انا مش طفله زي ما انتم فاكرين.. ومن دلوقتي انا هاهتم بنفسي.. وهاخد قراراتي بنفسي… ولو حاول حد يتدخل.. او يفرض نفسه عليا.. هوقفه عند حده.
كان صوتها متألم وكلامها مهدد.. قلت: ما حدش بيفرض نفسه عليكي يا رهف.. ما حدش هيجبرك على حاجه.. ساعات بنلاقي نفسنا لازم نضحي عشان ناس بنحبهم وهم يستحقوا التضحيه… وكلنا حاسين بالندم عشانهم.
ما علقتش فقلت: فهماني يا رهف؟
استنيت منها ترد عليا تلف ليا لكن كانت قاسيه.. ما ادتنيش الفرصه الاخيره..
رجعت لورا خطوه ورا خطوه.. وقفت عند الباب وعيني عليها.. كانوا هيخرجوا من مكانهم وهيفضلوا هنا قلت: وداعا.. صغيرتي.
اخيرا نطقت وقفلت بقي وغمضت عيني ببلع المراره اللي في قلبي من الجمله اللي قلتها.. بحاول ابلع الدموع اللي جوايا لو فتحت عيني.. بصيت لصندوق الامنيات اللي في ايدي وحسيت بالالم..
وداعا يا صندوق..
كنت صاحب ليا غامض وكاتم للأسرار طول السنين اللي فاتت.. انا حفظت على أسرارك من وقت ما عملتك بايدي.. يا ترى هتكتم امنياتي واحلامي وحبيبتي جواك للابد؟
حطيت الصندوق بالراحه على الترابيزه اللي جنب الباب واخيرا قفلت الباب بالراحه بالراحه جدا لحد ما اختفت فتحته ما بقاش فيه حاجه تخليني اشوف رهف.
واحنا نازلين من السلم انا وأسر وليلى كنا خارجين من الجناح فجأة سمعنا صوت البوابه وانا عمال أأكد الوصايا على اخويا..
رهف بانفعال: ليث.
كانت واقفه فوق وبصتلي.. عيني ما صدقتش اني شفتها.. انت جيتي عشان تودعيني؟ اخيرا هترحميني.
قالت: خذ.
رمت عليا حاجه خبطت في صدري ووقعت قدام رجلي.
كنت عايزه اشوف ايه ده لكن ما نزلتش عيني من عليها وشفتها بتقول: خليه معاك انت عشان انا ما بقتش طفله عشان اخلي معايا حاجه تافهه وغبيه زي كده.
فجأة اختفت بسرعه البرق
عيني فضلت تبص في المكان اللي كانت هي واقفه فيه بتدور عليها.. اختفت فين فجأة؟ راحت فين؟
خدت بالي على صوت ليلى وهي بتقول: ايه ده؟
لفيت ليها لقيتها بصه مكان الارض وديت راسي وبصيت انتم عارفين انا لقيت ايه؟
ايوه هو اللي في بالكم ..صندوق الامنيات.
______________
ليث!
استغربت جدا لما شفته واقف قدامي بعد المده الطويله اللي غابها عني.. فعلا هو لسه فاكرني؟
مد ايده عشان يسلم عليا.. ما ماديتش ايدي ليه.. بعد كل الغياب ده عايز تسلم عليا؟ بعد كل الهروب مني عايز ببساطه كده تسلم عليا؟
قال: رضوى.. مش هتسلمي عليا؟
سألني وايده لسه متعلقه مستنيني اسلم عليه… وخالي واقف جنبه على وشه توسل لكن انا لفيت وشي بعيد عنه وقلت: ايه اللي رجعك؟
سمعت خالي بيقول: رضوى!
لفيت لي ولليث وقلت: وصل متاخر جدا.
ليث كمل عشان يوريني ان هو ندمان واتكلم وقال: مريت بازمه صعبه جدا يا رضوى.. هشرح ليكي.
قلت: انت مش مضطر.
رجع خالي تاني يزعقلي.
قلت واعصابي فلتت: كل المده دي يا خالي هو مش موجود.. بيسافر ويجي وبيغيب كل ده.. من غير كلمه… كان متجاهلني.. ناسي ان في زوجه موجوده في حياته..انت عايزني استقبله وارحب فيه؟
قال خالي: ربنا يهديك يا بنتي خلينا نسمع منه اللي حصل الأول..
خرجت من المكان ورحت المزرعه.
بعد فتره جه خالي وطلب مني اروح معاه عشان نتكلم.. رفضت.. قالي ان ليث شرحله الظروف اللي مر بيها وان هي كانت خطيره جدا وطلب مني اني اسمع منه المبررات بتاعته.
وافقت عشان خالي اللي كان قلقان بسبب علاقتي مع ليث اللي اعتبرتها خلصت من زمن.
سابنا خالي مع بعضنا وراح عشان يعمل قهوه.. ليث بدأ الكلام وقال: عامله ايه يا رضوى؟
استفزني سؤاله جدا.. تتوقع ايه حالي وجوزي هاجرني من فتره طويله وانا حزينه جدا على امي اللي ماتت؟
قلت بجفاء: ارجوك يا ليث.. مش عايزه اي كلام جانبي.. قولي بس انت قلت ايه لخالي واختصر على قد ما تقدر.
بصلي ليث بصه حزينه… انتبهت دلوقتي ان شكله اتغير.. كانه كبر 20 سنه… كان لونه اصفر والظهر محني.. شكله مريض وتعبان جدا.. كان شعر راسه ودقنه طوال جدا مش مرتبين… عينيه كانت داخله لجوه وجسمه اسود.. شكله قلقني.
قال: طيب يا رضوى. انا مش هضغط عليكي في حاجه.. انت خدتي وقتك في التفكير والتقرير.. انا هكون تحت امرك اللي انت عايزه تقرريه بس اسمعي مبرراتي وموقفي.
قلت وانا كلي اهتمام: اتفضل.
بدا ليث يحكي لي اللي حصل معاه ومع اخوه واللي اضطر يعملوا من الوقت اللي سابني فيه الليله اللي حضرت ليه العشاء وسابني وراح لاخوه لحد ما رجع للحظه دي.
مطارده.. حكايات كانت شبه الافلام.. عنف وشرطه وخوف وهروب ومرض ومستشفى.. احداث غريبه جدا خلتني أأشعر.. قلبي وجعني مشاعري انهارت.. كان فوق ما توقعت بكثير.. صعب ان عقلي يستوعب كل ده مره واحده.
كان ليث بيقف من وقت للتاني بياخد نفسه ويشرب ميه من اللي جايبها خالي.. رغم اني طلبت منه يختصر التفاصيل لكن هو قال تفاصيل كثيره جدا قال ايام وتواريخ وساعات حتى قال مبالغ اضطر يسحبها وصرفها فين.. وقال اسامي دكاتره عالجوه واسامي ادويه..
كنت بسمع كل ده من غير ما اقاطعه… كنت بتجاوب معاه من خلال انفعالات بتظهر على وشي لما بيقول حاجه مثيره.. حقيقي كل اللي قاله كان كله اثاره وربكني جدا..
قلت بتشويق لما شفته وقف عن الكلام: وبعدين؟
قال: ركبت عربيه وجست على طول من المطار لهنا.
كنت عايزه اتأكد اكتر ممكن يكون نسي اي حاجه من التفاصيل اللي قالها..
قلت: جيت لوحدك؟
شاور حواليا وقالي: زي ما انت شايفه.
سكتت شويه وسألت: وبعدين؟
بصلي وقال: الموضوع يرجعلك.
انتم مصدقين؟
هو ده ليث؟ معايا دلوقتي لوحده! ساب حبيبته المدلله في اخر الدنيا ورجعلي فعلا؟ هو اتخلى عنها عشاني؟ هو سابها هناك؟ ورجع عشان يبقى معايا انا؟
___________________
خلصنا السوق ورجعنا واحنا واخدين حاجاتنا للشقه… النهارده 30 شعبان وبكره اول يوم رمضان… احنا في موسم الشتاء وصاحبي عايش في الشقه دي لوحده… ومش لاقي قدامه غير الاكل المعلب بياكلوا على الفطار..
بالرغم اني كنت بلح عليه عشان يشارك عيلتي في فطار رمضان لكنه كان بيرفض..
صديقي وانا عارفه كويس.
سألته وانا بمسك بعلبه الزيتون الاسود: احط دي فين؟ في المخزن ولا في التلاجه؟
خدها مني وقال: هاتها.
فتحها وفضه شويه منها في طبق وقال: اتفضل اتعشى معايا النهارده.
ابتسمت وقلت: شكرا يا صاحبي مراتي مستنياني دلوقتي.
اخذت كم حبه زيتون بسرعه وبعدين قلت: انا همشي دلوقتي انت محتاج حاجه؟
جاوب: الف شكر.
سلمنا على بعض ومشيت من الشقه.
ليث شغال موظف في واحده من الشركات وعايش في الشقه دي من كام شهر بعد ما مشي من البيت الكبير اللي كان بيعيش فيه لوحده… واتفق مع عيلته ان هو يعرضه للبيع.
كانت هي دي خطوه مهمه في حياته وانا قلتله عليها وشجعته عليها وسهلتله ان هو يلاقي الشقه دي.. ليث كان هيتجنن لو استمر ان هو يعيش لوحده هناك حواليه اشباح عائلته وذكرياته اللي بتوجعه..
كان ليث محتاج مبالغ كتير يسدد بيها القروض اللي اخذها من المؤسسه عشان يغطي بيها مصاريف سفر اخوه وانه يعيش بره…
كمان باع عربيته الجديده الفخمه وعربيته القديمه اللي كانت في شمال البلد… عربيه وشقه اخوه بيت عيلته في الشمال واتفق مع اخواته على كل ده.. واشترى العربيه والشقه المتواضعين دول.. ومستني يوصلوا عرض جديد عشان يبيع البيت الكبير وياخذ نصيبه عشان وضعه يتحسن.
لو بتسألوا عن السيده رضوى البحيري؟
هو سابها بعد ما رجع من بره.
مر ليث بفتره صعبه جدا لما رجع من بره.. انفصل عن خطيبته و انفصل من الشغل واتدهورت حالته الماديه والصحيه والنفسيه… واستدعيته الشرطه اكثر من مره عشان يحققوا في قضيه اختفاء اخوه أسر المطلوب.
كنت عايش معاه في الفتره دي وحاولت انا وابويا ندعمه بأقصى ما عندنا.. كل ما ازوروا في البيت ده بشوفه حزين جدا.. كل ما بحاول اني اواسيه او اشجعه بينهار وبيحكي ليه ازاي حبس اخوه في الاوضه وازاي لفه في السجاده وازاي دخل رجال الشرطه عليه وضربوه دايما كان بيحكي كل حاجه وازاي اذو بنت عمه.. كان لسه بيحتفظ بعكزها وبتليفونها وبحاجات كتيره تخصها رفض انه يتخلص منها…
الامور ما هديتش الا في الفتره الاخيره وليث بيحاول ان هو يخف ويرجع يعيش طبيعي.. بيحاول يملا حياته ويسد الفراغ الكبير اللي سابه فراق خطيبته واخوه وبنت عمه.
بيقضي اوقاته بين الشغل الصبح والدراسه بالليل وبنزوره انا وابويا وشويه اصحاب وبنعدي على النادي او على الشاطئ في غالبيه ايام الاجازه.
كنت بحاول ان انا اساعده على قد ما اقدر لحد ما يعدي من الفتره دي ويبدأ مره ثانيه..
لما اتوصل بيا أسر امبارح وسألني عن عنوان شقه ليث خفت.
قالي أسر ان هم هيجوا عشان يقضوا شهر رمضان في البلد وان هم عايزين يعملوا مفاجأه لليث..
ليث كان بيتجنب يتصل باهله الا وقت قليل عشان ده بيقلب عليه المواجع زي ما بيقول.. ما رضيتش ان انا اضايقه وابوظ المفأجاه فما قلتلوش على اللي حصل… لكن كنت خايف ان الزياره دي ترجعه لورا.
الحرب لسه ما خلصتش لكن الحكومه اتغيرت ووضع البلد بشكل عام بقى احسن وفي ناس كانت مهاجره رجعت للبلد اخيرا.
لما وصلت بيتي قالتلي زوجتي ان في حد اتصل من شويه يسأل عني وسايب رقم تليفونه عشان اتصل بيه في اقرب وقت.
الرقم كان للاعب كوره مشهور اسمه نور.
لتكملة القصة اضغط الزر بالاسفل



