
شهدت شركة جوجل Google واحدة من أكبر الخسائر في تاريخها الحديث بعد الإعلان عن إطلاق ChatGPT Atlas النسخة الجديدة والمتطورة من منصة الدردشة الذكية التابعة لشركة OpenAI والتي أحدثت موجة من القلق داخل أروقة عملاق التكنولوجيا الأمريكي فقد هبطت أسهم الشركة بأكثر من 8% خلال أيام قليلة لتفقد أكثر من 100 مليار دولار من قيمتها السوقية وسط تساؤلات متزايدة حول مستقبل منتجاتها الرئيسية وعلى رأسها متصفح جوجل كروم Google Chrome الذي كان لسنوات رمزا لهيمنة الشركة على سوق الإنترنت
انهيار مفاجئ في أسهم جوجل بقيمة 100 مليار دولار
منذ ظهور النسخة الأولى من ChatGPT أواخر عام 2022، وجوجل تحاول جاهدة الحفاظ على موقعها الريادي في عالم البحث والذكاء الاصطناعي، لكن إطلاق ChatGPT Atlas، الذي يوصف بأنه قفزة ثورية في قدرات الفهم والتحليل، جاء كجرس إنذار جديد، بعدما أظهر إمكانيات مذهلة تتجاوز مجرد المحادثة، ليقدم تجربة متكاملة تشمل التصفح، البحث إنشاء المحتوى، وتحليل البيانات في وقت واحد، ويقال إن Atlas قادر على تصفح الإنترنت لحظيًا وتقديم نتائج دقيقة مع تلخيصات فورية وتحليل متقدم للمصادر، وهي الميزة التي تجعل محرك بحث جوجل يبدو بحسب بعض المحللين وكأنه يعيش مرحلة التراجع التكنولوجي.
هل يتأثر متصفح جوجل كروم؟
من أبرز التساؤلات التي تصدرت المشهد بعد هذه الخسائر هي ما مصير متصفح جوجل كروم، يعتبر كروم أحد أهم مصادر القوة الاقتصادية لجوجل، حيث يستخدم من قبل أكثر من 3.2 مليار مستخدم حول العالم، ولكن مع التطورات الأخيرة في الذكاء الاصطناعي، وظهور أنظمة مثل ChatGPT Atlas Browser الذي يجمع بين الذكاء الفوري وسرعة التصفح، بدأت تظهر مؤشرات على أن عصر كروم الذهبي ربما يقترب من نهايته.
التقارير الاوليه عن تاثر المتصفح
فبحسب تقارير أولية، فإن Atlas يقدم تجربة تصفح متكاملة بدون الحاجة إلى الانتقال بين علامات تبويب أو البحث اليدوي، إذ يمكن للمستخدم أن يطرح سؤالا في المحادثة ليُنجز له النظام عملية البحث، التحليل، وحتى التلخيص في صفحة واحدة، وهذه السهولة قد تجعل المستخدمين يشعرون بأنهم لا يحتاجون إلى متصفح تقليدي ك كروم، ما لم تطور جوجل أدواتها بسرعة لتواكب هذه الطفرة.
رد فعل جوجل: هل تتحرك بسرعة كافية؟
لم تلتزم جوجل الصمت بعد هذه الخسارة الضخمة ففي بيان رسمي، أعلنت الشركة أنها تعمل على تسريع دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في كل منتجاتها، بما في ذلك البحث وكروم، وأشارت إلى خطط لإطلاق أدوات مشابهة لميزات ChatGPT Atlas خلال الأسابيع المقبلة، كما كشفت تسريبات داخلية أن فريق DeepMind التابع لجوجل يعمل على مشروع سري يحمل الاسم الرمزي Gemini X، يهدف إلى تطوير نموذج ذكاء اصطناعي يتفوق على ChatGPT Atlas في الأداء والتفاعل مع المستخدمين، ولكن الخبراء يشككون في قدرة جوجل على تحقيق قفزة سريعة، خاصة في ظل الانتقادات التي تواجهها بشأن بطء اتخاذ القرار وتعدد طبقات الإدارة داخل الشركة.
لماذا خسرت جوجل 100 مليار دولار؟
السبب المباشر وراء خسارة القيمة السوقية لجوجل هو ردة فعل المستثمرين السريعة بعد إطلاق Atlas، فقد خشي المستثمرون من أن يكون النموذج الجديد بداية مرحلة تراجع لحصة جوجل في سوق البحث، خصوصًا أن OpenAI باتت تملك دعما قويا من مايكروسوفت، التي تدمج خدماتها الذكية في متصفح Edge ومحرك Bing، وهذا التحالف بين OpenAI ومايكروسوفت يجعل المنافسة شديدة على جوجل من جبهتين، من جهة الذكاء الاصطناعي المتقدم،ومن جهة خدمات التصفح والبحث التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، النتيجة كانت موجة بيع مكثفة لأسهم Alphabet الشركة الأم لجوجل في البورصة الأمريكية، ما أدى إلى فقدان أكثر من 100 مليار دولار من قيمتها خلال أيام معدودة.
تحولات المستخدمين: إلى أين يتجه الجمهور؟
تشير بيانات أولية إلى أن عددًا متزايدة من بعض المستخدمين بدأوا في الاعتماد على ChatGPT Atlas كأداة رئيسية للبحث والتصفح، خصوصًا بين فئة المهنيين وصناع المحتوى ففي حين أن جوجل كانت تستند لعقود إلى نموذج الإعلانات الممولة من عمليات البحث، فإن Atlas يقدم تجربة خالية من الإعلانات تقريبًا، ما يمنح المستخدم شعوراً بالراحة والتركيز، كذلك فإن قدرة Atlas على فهم نية المستخدم وسياق الأسئلة تمنحه تفوقا كبيرًا على محركات البحث التقليدية التي تعتمد على الكلمات المفتاحية فقط فمثلا، يمكن للمستخدم أن يطلب من Atlas إعداد تقرير، تلخيص بحث علمي، أو مقارنة بين منتجات، وكل ذلك يتم لحظيًا دون الحاجة إلى زيارة مواقع متعددة.
مستقبل متصفح كروم
حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أن جوجل ستتخلى عن كروم، لكن الواضح أنها ستعيد تعريف دوره، فبدلا من أن يكون مجرد متصفح تقليدي، قد يتحول إلى منصة ذكاء اصطناعي تفاعلية، تضم مساعدا ذكيا مدمجًا يعتمد على نموذج Gemini، بحيث يقدم توصيات فورية ويدير تجربة المستخدم بالكامل داخل المتصفح، كما تعمل جوجل، بحسب تقارير تقنية، على تطوير واجهة جديدة لكروم تتضمن ما يعرف باسم Smart Overlay، وهي طبقة ذكاء اصطناعي تسمح للمستخدم بالحصول على ملخصات لأي صفحة ويب أثناء تصفحها، دون الحاجة للرجوع لمحرك البحث، وهذه الخطوة يتوقع أن تكون محاولة مباشرة لمواجهة ميزة Atlas Assistant التي تقدم الخدمة ذاتها بالفعل.
المنافسة في عالم المتصفحات الذكية
ما يحدث اليوم يمكن اعتباره بداية ثورة جديدة في سوق المتصفحات، فبعد عقود من الاعتماد على نماذج ثابتة للتصفح، أصبح الذكاء الاصطناعي الآن هو العامل الفارق بين البقاء والانقراض، متصفحات مثل Edge و Brave و Arc بدأت تدمج الذكاء الاصطناعي في تصميمها، بينما تسعى جوجل للحفاظ على صدارتها من خلال التحديثات المستمرة لكروم، لكن التحدي الحقيقي أمام جوجل ليس فقط تطوير أدوات جديدة، بل إقناع المستخدمين بالعودة إليها بعد أن ذاقوا تجربة أكثر سلاسة وشمولية مع Atlas، فقد بات المستخدم المعاصر يبحث عن السرعة والذكاء والنتائج الدقيقة، لا مجرد الروابط والإعلانات.
السيناريوهات المحتملة لمستقبل جوجل كروم
هناك سيناريوهات رئيسية يطرحها المحللون لمستقبل كروم خلال السنوات القليلة القادمة وهم كالاتي:
السيناريو الأول
التطور والاندماج الكامل مع الذكاء الاصطناعي، حيث يندمج كروم مع نموذج Gemini ليصبح أداة بحث وتصفح وتفكير متكاملة، ما قد يعيد جوجل إلى الواجهة من جديد.
السيناريو الثاني
التراجع التدريجي، إذا فشلت جوجل في اللحاق بسرعة بموجة التطوير التي تقودها OpenAI، فقد يبدأ المستخدمون بالانتقال التدريجي نحو متصفحات مدعومة بـ Atlas، ما سيؤثر على أرباح الإعلانات والمكانة السوقية.
السيناريو الثالث
التحالف أو الشراكة،رغم أنه احتمال ضعيف، إلا أن بعض الخبراء لا يستبعدون أن تتجه جوجل نحو شراكات جزئية، مع شركات أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي لضمان البقاء في المنافسة، تجسد أزمة جوجل الحالية تحولا جذريا في شكل الإنترنت كما نعرفه، فلم يعد التصفح مجرد كتابة كلمات في مربع بحث، بل أصبح حوارا ذكيا مع أنظمة تفهم وتتعلم وتفكر.
السيناريو الرابع
خسارة 100 مليار دولار ليست سوى إنذار مبكر لجوجل بأن عصر الذكاء الاصطناعي التفاعلي بدأ بالفعل، وأن الحفاظ على الريادة لم يعد يتطلب قوة البنية التحتية فقط، بل سرعة الابتكار وقدرة الاستجابة للتغيير، ويبقى السؤال الذي يترقبه الجميع، هل سيتمكن جوجل كروم من البقاء في القمة وسط هذه العاصفة الذكية؟ أم أن ChatGPT Atlas سيكون البداية لنهاية متصفح حكم الإنترنت لأكثر من عقد ونصف.






