تحقيقات المفتش عمر قضية (الجوهرة المسروقة)

دايماً كنت بزور عمر من وقت للتاني… المرة دي لقيت نفسي في الأوضة اللي في الدور الأول اللي دايماً مش مترتبة في شارع بغداد، واللي كانت هي نقطة بداية لكتير من المغامرات الجميلة…
بصيت علي رف المواد الكيميائية اللي السطح بتاعه محروق بسبب المواد الحامضة….كمان الأوراق الخاصة بقضايا عمر اللي محطوطة في كل حته في الأوضة، وشنطة الكمان اللي محطوطة في الزاوية… كانت الأوضة كالعادة غير مرتبة، وغير منظمة.
في الآخر بصيت للوش الجميل المبتسم الخادم الصغير اللي كان ذكي، وعبقري رغم صغر سنه… الولد اللي ساعد إنه يملا وحدة، وفراغ المحقق المشهور.
قلت: واضح إن كل حاجة زي ما هي يا عيسى، وإنت كمان متغيرتش… يا ريت أقدر أقول نفس الكلام عليه.
بص عيسى ناحية باب أوضة النوم المقفول، وقال: أعتقد إنه في سريره، ونايم.
كانت الساعة 7:00 بالليل في يوم جميل في فصل الصيف بس أنا كنت متعود دايماً إن صديقي عمر مش منتظم في أوقات نومه، وصحيانه عشان كده مكنتش مندهش.
سألت: ده معناه إن في قضية جديدة؟
عيسى: أيوه يا أستاذ هو بيعمل مجهود كبير جداً الفترة الأخيرة… أنا خايف على صحته، وشه بقى باهت، وضعيف، وما بيقربش من الأكل….ولما مدام هالة سألته: إمتى أحضر العشا يا أستاذ عمر؟
قالها: الساعة 7:30 بعد بكرة… إنت عارف طريقته لما بيكون مهتم بقضية.
قلت: أيوه يا عيسى عارف.
عيسى: هو كان بيراقب شخص إمبارح، وكان متنكر في شكل عامل بيدور على شغل، والنهاردة ست عجوزة لدرجة إن أنا نفسي إتخدعت اللي المفروض إني عرفت أكتر أساليبه.
شاور عيسى لشمسية مفتوحة كانت مسنودة على الكنبة، وقال: ده جزء من شخصية الست العجوزة.
سألت: بس يا عيسى ليه كل ده؟
وطي عيسي صوته كإنه بيناقش سر من الأسرار الحربية للدولة، وقال: معنديش مشكلة إني أقولك يا دكتور… بس لازم توعدني إنك ما تقولش لأي حد بالموضوع… القضية دي ليها علاقة بالجوهرة المفقودة من التاج.
قلت: إيه؟ إنت قصدك سرقة الماسة اللي قيمتها 100 ألف جنية؟
عيسى: أيوه يا دكتور… لازم إنهم يرجعوها، وعشان كده رئيس الوزراء، ووزير الداخلية قعدوا على الكنبة دي بنفسهم، وكان أستاذ عمر لطيف جداً معاهم، وأول ما اتكلم معاهم هديوا، ووعدهم إنه هيعمل كل اللي يقدر عليه بس الأمير كاظم…
قلت: أيوه…
عيسى: إنت عارف ده معناه إيه؟! هو زي لوح التلج البارد… أقدر أقول إني ممكن أنسجم مع رئيس الوزراء، ومعنديش إعتراض على شخصية وزير الداخلية، هو شخص مؤدب، وطيب… بس أنا مش طايق الأمير كاظم، ولا كمان أستاذ عمر طايقه… فاللي أنا شايفه إنه مش مقتنع بأستاذ عمر، ومكانش موافق إنهم يستعينوا بيه… أعتقد إنه هيبقى مبسوط لو أستاذ عمر فشل.
سالت: وعمر عارف بده؟
عيسى: أستاذ عمر دايماً يعرف كل حاجة لازم تتعرف.
قلت: تمام نتمنى إنه ما يفشلش، وظن الأمير كاظم يخيب… بس يا عيسى إيه سبب الستارة اللي متعلقة على الشباك ده؟
عيسى: حطها أستاذ عمر من تلات أيام، وده لإننا بنحط حاجة عجيبة وراها.
إتحرك عيسى، وشال الستارة… مقدرتش أكتم دهشتي، وده لإن كان التمثال صورة طبق الأصل من صديقي عمر، ولابس بيجامة البيت، وكل حاجة تانية، وملفوف ب 3/4 وشه ناحية الشباك، وموطي لتحت كإنه بيقرأ كتاب، وكان التمثال موجود على الكرسي اللي بدراعين…شال عيسى الراس، ورفعوها في الهوا..
عيسى: بنحطه بزاوية مختلفة عشان يبان إنه حقيقي… مكنتش أقدر ألمسه لولا إن الستاره نازلة… بس لما بتكون مرفوعة تقدر تشوفه من الناحية التانية من الشارع.
قلت: إستخدمنا حاجة زيه زمان.
عيسى: قبل ما اجي؟!
إتحرك عيسى ناحية الشباك، وفتح الستارة، وبص برة، وقال: في ناس بتراقبنا… أقدر أشوف الشخص دلوقتي من الشباك بص بنفسك.
قربت خطوة لقدام، وفي الوقت ده إتفتح باب أوضة النوم، وطلع عمر بجسمه الرفيع… كان واضح على وشه التعب، والمجهود، وإن كانت خطواته فيها نشاطه المعتاد، بنطة واحدة كان عمر عند الشباك، وقفله.
عمر: كفاية يا عيسى…كنت هتعرض حياتك للخطر يا إبني… ووقتها مش هعرف أعيش حياتي من غيرك… أهلا يا أحمد مبسوط إني شفتك في بيتك القديم مرة تانية… جيت في وقت صعب.
قلت: ده اللي أنا إستنتجته.
عمر: تقدر تمشي دلوقتي يا عيسى… الولد ده عاملي مشكلة يا أحمد…. أعتقد إني ممكن أسمح إني أعرضه للخطر؟
سألت: أي خطر؟
عمر: خطر الموت… أنا متوقع ده من إمبارح بالليل.
قلت: إيه هو اللي متوقع إنه يحصل؟
عمر: إني تنتهي حياتي يا أحمد.
قلت: لأ إنت بتهزر يا عمر!
عمر: حتى هزاري ممكن يكون أفضل من كده… خلينا نستريح شوية… العصير، والسجاير موجودين في مكانهم القديم… خليني أشوفك مرة تانية قاعد على كرسيك اللي بدراعين يا أحمد… البايب، والتبغ بيحل محل الأكل الأيام دي.
قلت: وليه ما بتاكلش؟
عمر: لإن المهارات العقلية بتكون أقوى لما الإنسان بيجوع… أكيد إنت عارف يا أحمد عشان إنت دكتور إن الدم اللي بيروح للجهاز الهضمي هو خسارة كبيرة للمخ، وأنا معتمد إعتماد كلي على مخي… أما بقيت جسمي فهو شيء زائد، وعشان كده مخي هو اللي لازم أهتم بيه.
قلت: بس إيه الخطر اللي بتتكلم عنه يا عمر؟
عمر: يمكن لو حصل فعلاً تضطر إنك تتعب ذاكرتك، وتفتكر إسم المجرم، وعنوانه عشان تديهم لقسم الشرطة… إسمه ناجي سرور إكتبوه يا أحمد 136 شارع محمد فريد وسط البلد فهمت؟
إتغيرت ملامحي لملامح قلق… كنت عارف المخاطر اللي دايماً بيعيشها عمر، وفهمت من اللي عمر قالوه، إنه بيهون عليا مش بيهول الأمور، وأنا دايماً كنت راجل عملي، وقد كلامي.
قلت: أنا معاك يا عمر مفيش حاجة شغلاني ليوم أو يومين.
عمر: مش هتتغير يا أحمد، وكمان ضفت الكذب لصفاتك… عندك كل علامات الدكتور المشغول اللي دايماً بيستدعوه كل ساعة.
قلت: بس هي مش مهمة… هل هتقدر تقبض على الشخص ده؟
عمر: أيوه يا أحمد أقدر، وهي دي الحاجة اللي مخلياه قلقان.
سألت: وليه ما عملتش كده؟
عمر: لأني لسه مش عارف مكان الجوهرة.
قلت: أيوه قالي عيسى عليها… جوهرة التاج المسروقة.
عمر: أيوه الماسة الخضرا الكبيرة… أنا رميت الصنارة، وعندي السمك… بس لسه ما فزتش بالجوهرة… إيه الفايدة… إني أمسكهم نقدر نخلص العالم منهم لما يلبسوا الكلبشات… مش هو ده اللي أنا عايزه… الماسة اللي أنا عايزها.
سألت: والشخص اللي إسمه ناجي سرور من السمك اللي إنت إصطدته؟
عمر: أيوه هو سمكة القرش الكبيرة، والتاني سامي مجدي الملاكم… سامي شخص مش شرير بس ناجي بيستغله… كمان سامي مش سمكة قرش، هو سمكة بلطي ضخمة، وعنيدة… بس هو موجود في شبكتي برضو.
قلت: وفين الشخص اللي إسمه ناجي سرور؟
عمر: كنت قريب منه طول النهار… إنت شفتني متنكر قبل كده بشكل ست عجوزة… كنت مقنع جداً المرة دي، المفاجأة إنه ساعدني، ومسك الشمسية بتاعتي، وقال: بعد إذنك يا مدام خليني أساعدك.
هو شخص نصه أجنبي، وعنده لباقة لما يكون مزاجه رايق… بس بيبقى شيطان لما بيكون مزاجه متعكر… الدنيا مليانة تقلبات يا أحمد.
قلت: ويمكن تكون مليانة مقاسي.
عمر: يمكن تكون كده… أنا مشيت وراه لغاية ما وصلنا عند ورشة العجوز عبد العزيز، واللي فهمته إن العجوز عبد العزيز صنعله بندقية كاتمة للصوت… قد ايه صناعته اليدوية جميلة جداً، وأنا متأكد إنها موجودة في الشباك اللي قدامنا دلوقتي… إنت شفت الجسم؟ أكيد شفته… أكيد عيسى ورهولك… ممكن راس التمثال الجميلة تتصاب برصاصة في أي لحظة… أيوه يا عيسى في إيه؟
كان عيسى ظهر تاني في الأوضة، ومعاه بطاقة… بص عمر على البطاقة، وضم حواجبه، وبعدين إبتسم إبتسامة خفيفة.
عمر: هو نفس الشخص… شيء مش متوقع… أمسك نفسك يا أحمد… قد إيه الشخص ده جريء… يمكن تكون سمعت عنه إنه بيصياد الفرايس الكبيرة… هيكون شيء مشرف لسجله إني أكون ضمن قايمته… الزيارة دي معناها إنه حاسس إني وراه.
قلت بسرعة: بلغ البوليس.
عمر: يمكن أعمل كده بس مش دلوقتي… ممكن تبص بحذر من الشباك يا أحمد عشان تشوف هل في شخص بيتحرك في الشارع؟!
قلت: في شخص شكله بشع قريب من الباب.
عمر: ده أكيد سامي مجدي هو مخلص بس غبي… فين الأستاذ ده يا عيسى؟
عيسى: موجود في أوضة الضيوف تحت يا أستاذ.
عمر: خليه يطلع لما أرن الجرس.
عيسى: حاضر يا أستاذ عمر.
عمر: لو مكنتوش في الأوضة دخلوه برضو.
عيسى: حاضر يا أستاذ.
إستنيت لغاية ما الباب إتقفل، وبعد كده لفيت لصديقي، وقلت: أسمع يا عمر ده مستحيل… الشخص ده معندوش حاجة يخسرها، ومستعد إنه يعمل أي حاجة، ويمكن يكون جاي عشان ينهي حياتك.
عمر: مش هتفاجئ بده.
قلت: أنا مصمم إني أفضل موجود معاك.
عمر: ماينفعش هتكون عائق.
قلت: هكون عائق في طريقه؟
عمر: لأ يا صديقي في طريقي أنا.
قلت: مستحيل مش هسيبك.
عمر: لأ تقدر يا أحمد، وده لإنك دايماً ملتزم بالقواعد، وأنا متأكد إنك هتفضل كده لحد النهاية… الشخص ده جه عشان هدفه، وأنا هخليه موجود عشان هدفي أنا.
خرج عمر دفتر، وكتب كام سطر بشكل مش منظم، وبعد كده قال: أركب عربية أجرة لقسم الشرطة، وإدي الورقة دي ليحيى في قسم التحقيقات الجنائية، وإرجع، ومعاك البوليس… الخطوة اللي جايه هتكون القبض على المجرم.
قلت: هكون مبسوط إني أعمل كده.
عمر: يمكن يكون عندي الوقت الكافي إني أعرف مكان الجوهرة قبل ما ترجع.
لمس عمر الجرس، وقال: أعتقد إننا هنخرج من أوضة النوم… المخرج التاني ده مفيد جداً…عايز أشوف سمكة القرش بتاعتي من غير ما هو ما يشوفني، وزي ما إنت عارف أنا ليا طريقتي الخاصة.
لتكملة القصة اضغط الزر بالاسفل






