الصحة والجمال

اعرف الوقت المناسب لتناول وجبة الإفطار لتحافظ على صحتك.. سر الساعة الأولى بعد الاستيقاظ

وجبة الإفطار هي البداية الفعلية ليومك، فهي التي تحدد مستوى طاقتك، تركيزك، ومزاجك طوال اليوم. لكن المفاجأة أن كثيرين لا يعرفون أن **توقيت الإفطار** قد يكون أهم من مكوناته نفسها.
فليس كل من يتناول فطوره مبكرًا يستفيد منه، ولا كل من يؤجله يفقد فوائده. السر الحقيقي في التوازن بين الوقت، ونوع الطعام، وإيقاع الجسم البيولوجي.في هذا التقرير، نكشف لك بالتفصيل متى يجب أن تتناول وجبتك الأولى لتستفيد منها بشكل كامل، ولماذا يعتبر الإفطار في توقيت محدد مفتاحًا للحفاظ على وزنك وصحة قلبك وسكر الدم. كما نعرض آراء خبراء التغذية حول أفضل توقيت للإفطار في أنماط الحياة المختلفة، سواء كنت تعمل صباحًا، أو تمارس الرياضة، أو تتبع حمية غذائية.

🍽️ الإفطار.. وجبة ليست كبقية الوجبات

الإفطار ليس مجرد عادة صباحية، بل هو “إشارة البدء” التي تنظم عملية الأيض (التمثيل الغذائي) في الجسم بعد ساعات طويلة من الصيام أثناء النوم.
ففي أثناء النوم، تنخفض مستويات السكر في الدم، ويبدأ الجسم في استهلاك مخزونه من الطاقة.
وعندما نستيقظ، يكون الجسد في حاجة ماسة إلى الوقود لاستعادة النشاط والتركيز.

توضح الدكتورة منى فؤاد، أستاذة التغذية الإكلينيكية، أن “الإفطار هو المنبه الداخلي للجسم”.
تقول: “تأجيله لساعات طويلة يجعل الجسم يظل في وضع الصيام، فيبدأ في تخزين الدهون عند تناول أي وجبة لاحقة، مما يؤدي إلى زيادة الوزن رغم تقليل الطعام.”
وتضيف أن “الإفطار الجيد في الوقت المناسب يوازن الهرمونات المسؤولة عن الجوع والشبع مثل الإنسولين واللبتين.”

⏰ متى يجب أن تتناول وجبة الإفطار؟

بحسب الدراسات الحديثة، فإن **أفضل وقت لتناول الإفطار هو خلال الساعة الأولى بعد الاستيقاظ**.
الهدف هو استعادة مستويات الجلوكوز في الدم وتحفيز عملية التمثيل الغذائي قبل الدخول في أي مجهود ذهني أو بدني.

ويُفضل أن يكون توقيت الإفطار بين 6:30 و9:00 صباحًا، على ألا يتجاوز ساعتين بعد الاستيقاظ.
فالإفطار المتأخر – خاصة بعد الساعة العاشرة – يقلل من كفاءة حرق الدهون ويزيد من الشعور بالخمول طوال اليوم.

وفي دراسة أجرتها جامعة “هارفارد” على أكثر من 50 ألف شخص، تبين أن الذين يتناولون إفطارهم في غضون ساعة من الاستيقاظ تقل لديهم معدلات السمنة والسكري بنسبة 35% مقارنة بمن يتأخرون حتى منتصف النهار.

🌞 لماذا الساعة الأولى بعد الاستيقاظ هي الأهم؟

الساعة الأولى بعد الاستيقاظ تُعد “النافذة الذهبية” للجسم.
فيها ترتفع مستويات الكورتيزول الطبيعي، وهو الهرمون المسؤول عن النشاط والطاقة، كما يبدأ الدماغ في طلب الوقود المتمثل في الجلوكوز.
وإذا لم يحصل الجسم على ما يحتاجه في هذا الوقت، تبدأ عملية الهدم العضلي للحصول على الطاقة من البروتين المخزون في العضلات.

هذا ما يفسر لماذا يشعر البعض بدوخة أو صداع أو توتر عند تأخير الإفطار، فالمخ ببساطة يرسل إشارات استغاثة لعدم توافر الوقود.

🥣 ماذا يحدث إذا تناولت الإفطار متأخرًا؟

تأخير وجبة الإفطار لأكثر من ثلاث ساعات بعد الاستيقاظ يربك الساعة البيولوجية للجسم ويؤدي إلى عدة مشاكل:

  • انخفاض التركيز: بسبب نقص الجلوكوز في الدماغ.
  • بطء التمثيل الغذائي: فيتراجع حرق الدهون وتزداد فرص زيادة الوزن.
  • اضطراب سكر الدم: ما قد يسبب رعشة أو دوخة لدى بعض الأشخاص.
  • زيادة الشراهة لاحقًا: إذ يميل الجسم لتعويض ما فاته بوجبات دسمة في الغداء أو العشاء.
  • تعب وإرهاق عام: لأن الجسم يظل في وضع “الطوارئ” بلا طاقة كافية.

كما أن تناول الإفطار متأخرًا – خصوصًا بعد منتصف النهار – يُربك إفراز الإنسولين ويزيد احتمالية تراكم الدهون في منطقة البطن، وهي أخطر أنواع الدهون على صحة القلب.

🥗 مكونات الإفطار المثالي

الوقت المناسب لا يُجدي نفعًا دون مكونات متوازنة.
الإفطار المثالي هو الذي يحتوي على كربوهيدرات معقدة + بروتين + دهون صحية + ألياف + فيتامينات.

نموذج لإفطار صحي متكامل:

  • شريحتان من الخبز الأسمر أو الشوفان.
  • بيضة مسلوقة أو قطعة جبن قريش.
  • ملعقة صغيرة من زيت الزيتون أو حفنة مكسرات.
  • ثمرة فاكهة طازجة مثل التفاح أو الموز.
  • كوب شاي أخضر أو قهوة خفيفة بدون سكر مضاف.

هذا النوع من الإفطار يساعد على تثبيت السكر في الدم ويمنح الجسم طاقة متدرجة تدوم حتى الغداء.

🏋️‍♂️ الإفطار وممارسة الرياضة

إذا كنت من ممارسي الرياضة صباحًا، فالتوقيت يصبح أكثر أهمية.
الخبراء ينصحون بتناول وجبة خفيفة قبل التمرين مثل موزة أو كوب زبادي، ثم تناول الإفطار الكامل بعد التمرين مباشرة لتعويض الطاقة.

أما الصيام قبل التمرين لفترات طويلة فقد يؤدي إلى دوخة أو انخفاض في ضغط الدم، خصوصًا لدى النساء.
ويشير د. عمرو الديب، خبير التغذية الرياضية، إلى أن “التمرين على معدة فارغة قد يساعد على حرق الدهون، لكنه يستهلك من العضلات أيضًا إن لم يتم بحذر.”

⌚ الإفطار ومواعيد النوم

يعتمد توقيت الإفطار المثالي أيضًا على موعد النوم والاستيقاظ.
فمن يستيقظ في السادسة صباحًا يجب أن يتناول الإفطار قبل السابعة، بينما من ينام متأخرًا ويستيقظ في التاسعة يمكنه تناول إفطاره حتى العاشرة كحد أقصى.

الأهم أن يكون هناك **اتساق زمني يومي**، لأن اضطراب المواعيد – كما يحدث في الإجازات – يربك الساعة البيولوجية ويؤثر سلبًا على الجهاز الهضمي.

🥐 لا تفوت الإفطار.. حتى لو بسيطًا

كثيرون يهملون الإفطار بحجة ضيق الوقت أو فقدان الشهية في الصباح، لكن تجاهله تمامًا يضر أكثر مما ينفع.
فالجسم عندما لا يحصل على طاقة كافية يبدأ في حرق مخزونه من العضلات بدلاً من الدهون.

حتى وجبة صغيرة تحتوي على كوب زبادي أو حفنة مكسرات مع ثمرة فاكهة أفضل كثيرًا من الصيام الطويل.
كما أن تناول الإفطار بانتظام يعزز إفراز “السيروتونين” – هرمون السعادة – مما ينعكس إيجابًا على المزاج طوال اليوم.

🥛 الإفطار والسمنة

من المفارقات أن من يتخطون الإفطار ظنًا منهم أنهم يقللون الوزن غالبًا ما يزداد وزنهم مع الوقت.
ذلك لأن الجسم عندما يشعر بنقص الطاقة يخزن كل ما يأكله لاحقًا على هيئة دهون، خاصة في منطقة البطن والأرداف.

تشير دراسة في مجلة “Obesity Journal” إلى أن الأشخاص الذين يتناولون إفطارهم قبل الساعة الثامنة صباحًا يحرقون سعرات حرارية أكثر بنسبة 11% على مدار اليوم مقارنة بمن يؤجلونها لما بعد التاسعة والنصف.

السر هنا هو “ضبط إيقاع التمثيل الغذائي” وليس فقط كمية السعرات.

☕ ماذا عن القهوة على الريق؟

القهوة مشروب صباحي محبب، لكنها لا تُعتبر وجبة إفطار.
تناولها على معدة فارغة يزيد من إفراز الأحماض في المعدة، ما يسبب حرقة أو ارتجاعًا عند البعض.
كما أن الكافيين على الريق يرفع الكورتيزول فجأة، مما قد يؤدي إلى توتر مؤقت أو اضطراب في ضغط الدم.

لذلك ينصح الخبراء بشرب القهوة بعد الإفطار بـ30 إلى 45 دقيقة، أو تناولها مع قطعة صغيرة من طعام لتقليل التأثير الحمضي.

🥬 الفرق بين الإفطار المتكامل والسريع

في عالم اليوم المزدحم، يلجأ الكثيرون إلى وجبات الإفطار السريعة مثل المعجنات أو المشروبات الجاهزة.
لكن الفرق بين الإفطار المتكامل والسريع يشبه الفرق بين ملء خزان السيارة بالوقود الممتاز أو بوقود منخفض الجودة.

الإفطار السريع الغني بالسكريات البسيطة (مثل الكرواسون والعصائر الصناعية) يرفع السكر بسرعة ثم يخفضه فجأة، فيشعر الشخص بالتعب بعد ساعتين فقط.
بينما الإفطار المتوازن بالبروتين والألياف يمنح طاقة ثابتة حتى الظهر.

🍳 نصائح الأطباء حول الإفطار الصحي

  • ابدأ يومك بكوب ماء فاتر لتحفيز الجهاز الهضمي.
  • لا تتناول الإفطار وأنت متوتر أو على عجلة، فالهضم يبدأ من الحالة النفسية.
  • احرص على وجود مصدر بروتين دائمًا في الوجبة (بيض – لبن – زبادي – فول).
  • تجنب الإفراط في السكريات والعصائر الجاهزة صباحًا.
  • خصص 15 دقيقة لتناول الإفطار بتركيز دون استخدام الهاتف.

🕗 الإفطار في أنظمة الصيام المتقطع

أصبح الصيام المتقطع من أشهر أنظمة التغذية في السنوات الأخيرة، وهو يعتمد على الامتناع عن الأكل لفترات طويلة.
لكن حتى في هذا النظام، يظل توقيت أول وجبة (الإفطار) بعد الصيام عاملًا حاسمًا.

يقول د. شادي السعيد، خبير الأنظمة الغذائية: “في الصيام المتقطع، الإفطار ليس في الصباح بالضرورة، لكنه يظل الوجبة الأهم التي تعيد تشغيل الجسم بعد ساعات من الصيام.”
ويضيف: “عند كسر الصيام، يجب أن تكون الوجبة الأولى خفيفة ومتوازنة لتجنب صدمة الإنسولين.”

بمعنى آخر، حتى لو كنت تفطر في الثانية عشرة ظهرًا، فإن مبدأ “الساعة الأولى بعد الاستيقاظ” يظل قائمًا: لا تؤجل الأكل كثيرًا بعد الاستيقاظ من النوم.

🥑 الإفطار وصحة القلب

العديد من الدراسات تربط بين انتظام الإفطار وصحة القلب.
فالأشخاص الذين يتناولون وجبتهم الصباحية بانتظام يقل لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 27%.
ويرجع ذلك إلى أن الإفطار المنتظم يحافظ على استقرار سكر الدم وضغط الدم ومستويات الكوليسترول.

كما أن تناول البروتين في الصباح يساعد على تقليل الرغبة في تناول أطعمة دهنية لاحقًا في اليوم، مما ينعكس إيجابًا على صحة القلب والأوعية الدموية.

🧠 الإفطار وصحة الدماغ

الدماغ هو أول عضو يستفيد من وجبة الإفطار.
فهو يستهلك نحو 20% من طاقة الجسم، ويعتمد كليًا على الجلوكوز كمصدر للوقود.
لذلك، الإفطار المتوازن يحسن التركيز والذاكرة والانتباه.

دراسة في جامعة أكسفورد وجدت أن الطلاب الذين يتناولون إفطارهم قبل الذهاب للمدرسة يحققون درجات أعلى بنسبة 18% مقارنة بمن يهملونه.
أما في البالغين، فيساعد الإفطار المنتظم على تحسين الحالة المزاجية وتقليل التوتر.

💤 ماذا لو لا تشعر بالجوع في الصباح؟

إذا استيقظت دون شهية، فقد يكون السبب هو تناول وجبة عشاء دسمة أو متأخرة.
في هذه الحالة، جرب أن تتناول شيئًا خفيفًا مثل كوب زبادي أو ثمرة فاكهة حتى تنظم ساعتك البيولوجية من جديد.

كما أن ممارسة نشاط بسيط مثل المشي أو شرب كوب ماء دافئ قد يساعد على تحفيز الشهية بشكل طبيعي.

🥦 خلاصة القول

الوقت المناسب لتناول وجبة الإفطار هو **خلال الساعة الأولى من الاستيقاظ**، ويفضل أن تكون بين السادسة والتاسعة صباحًا.
تأخيرها يربك الجسم ويؤثر على مستويات الطاقة والمزاج والوزن.

احرص على أن تكون الوجبة متوازنة، تحتوي على مزيج من البروتين والألياف والدهون الصحية والكربوهيدرات المعقدة.
ولا تنسَ أن الإفطار ليس مجرد طعام، بل هو إشارة حياة تخبر جسدك أن يبدأ يومه بقوة واستقرار.

ابدأ يومك بإفطار ذكي، فصحتك تستحق الدقيقة الإضافية صباحًا.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى