كما نعلم أن شهر رمضان هو شهر المصارعة للتقرب من الله عز وجل، سواء كان التقرب بالعبادات أو الصدقات أو مساعدة المحتاجين، وجميع أعمال الخير التي تقربنا من الله. فهو شهر تتضاعف فيه الأجور وتفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتُقيد الشياطين. ويعد الإحسان للآخرين والصدقة في هذا الشهر من أبرز أعمال الخير التي يجب على المسلم ألا يغفل عنها في هذا الشهر الذي يأتي مرة واحدة كل سنة. من خلال هذا المقال، سوف نوضح لكم فضل الصدقة في رمضان.
فضل الصدقة في رمضان ومدى تأثيرها على المسلم
إن المسلم الفطين هو الذي لا يفوته الفرصة العظيمة في كسب الأجر والثواب، بالأخص في شهر رمضان. فالصدقة في هذا الشهر من أهم العبادات للتقرب إلى الله عز وجل وزيادة الحسنات وتجسيد معاني التكافل والتضامن والتراحم بين المسلمين. ولقد حثَّ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة جميع المسلمين بلا استثناء، الغني والفقير، المرأة والرجل، والعجوز، على غسل الأموال والتصدق للمحتاجين طوال فترة أيام السنة، مع الحث على زيادة إنفاق الصدقات في شهر رمضان المبارك. وفي القرآن الكريم والسنة النبوية مواضع متعددة تتناول فضل وأجر الصدقة وصفات من يستحقها. وفيما يلي سوف نوضح لكم بالأدلة فضل الصدقة في شهر رمضان المبارك:
- حيث قال الله تعالي في كتابه: {إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون * وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} (الذاريات:16-19)، وفي موضع آخر يتحدث عن أجر وثواب الصدقة يقول تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} (سبأ:39)، وفي موضع آخر يقول سبحانه: {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} (البقرة:245).
- فيما يخص الحديث النبوي، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كرباً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً)، رواه البيهقي.
- وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل) رواه الترمذي.
أهمية شهر رمضان للعبادة والتقرب إلى الله
شهر رمضان من الأشهر الحرم التي ينتظرها كل مسلم، فهو سيد الشهور، ويجب اعتباره فرصة ذهبية لتجديد الإيمان والتقرب إلى الله عز وجل. في هذا الشهر، يجتمع المسلمون على طاعة الله، وتكون تطلعاتهم كبيرة لفعل العبادات وأداء الصلوات المكتوبة جماعة في المسجد، والمحافظة على صلوات النوافل مثل صلاة التراويح وقيام الليل والتهجد، سواء في البيت أو في المسجد. ومن أروع الأشياء هو اجتماع العائلات والأقارب لأداء الصلوات والعبادات، سواء في المنزل أو في المسجد، مع التأكيد والتركيز بشكل كبير على أداء النوافل في المسجد ليكون الأجر مضاعفًا.
العشر الآواخر من رمضان
من أجمل ما ينتظره المسلمون في شهر رمضان هو العشر الأواخر، حيث تقع فيهن ليلة القدر، وهي الليلة التي فضلها الله عن ليالي رمضان، وقال إنها ليلة خير من ألف شهر. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل أنه يجب على المسلمين الإكثار من العبادات في العشر الأواخر من رمضان، حيث تكون في ليلة القدر، التي هي من أهم الأيام للعبادات في شهر رمضان. لذلك يجب أن يتحراها المسلم ويحرص عليها بالغ الأهمية والاجتهاد، حتى لا يفوتهم فضل العبادة فيها ومضاعفة الأجور والتنازل عن الرحمة والفضل العظيم من الله.
الصدقة وأنواعها
إن الصدقة لها أنواع كثيرة، فالصدقة لا تكون بالمال فقط، لذلك سوف نوضح لكم أنواع الصدقة مقسمة إلى قسمين رئيسيين:
- الصدقة الواجبة، مثل زكاة المال وزكاة الفطرة، التي ورد فيها نص بوجوبها بالقرآن والسنة النبوية الشريفة، وتجب على جميع المسلمين في العالم، وهي ركن من أركان الإسلام الخمسة.
- الصدقة المستحبة، وهو كل ما ينفقه المسلم طواعية في سبيل الله بعد أداء الزكاة المستحقة عليه، مثل التبرعات للفقراء والمحتاجين، وبذل المال في سبيل الخير، مثل كفالات الأرامل واليتامى وطلبة العلم وسقيا الماء ودعم رجال الدعوة والعلم النافع وغيرها.
أنواع الصداقات المحببة في رمضان
للصدقات المحببة في رمضان أنواع كثيرة، وفيما يلي سوف نوضح لكم أهمها:
- إفطار الصائمين، سواء بشكل فردي من خلال توزيع الوجبات على البيوت أو من خلال موائد الرحمن، التي هي واجبات الإفطار الجماعي، وعادة ما تكون في المساجد.
- تقديم التبرعات المالية أو العينية للجمعيات الخيرية الموثوقة.
- كسوة العيد للمحتاجين، ولا سيما الأطفال الأيتام.
- كفالة اليتامى، ففي الحديث النبوي يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن كفالة اليتيم أحد أسباب دخول الجنة للمسلم.
- بناء أو ترميم المنازل للفقراء والعائلات الفقيرة المتعففة.
فوائد الصدقة على الفرد والمجتمع
إن الصدقات تعزز شعور الرضا والسلام الداخلي لدى الفرد، وتزيد من الحسنات وتضاعف الأجر والثواب، وتحمي من الكرب والمصائب، وفوائد كثيرة لا تعد ولا تحصى. كما أنها تساهم في تحقيق التكافل والتماسك الاجتماعي، وتقلل الفقر والجوع بين الفقراء، وتبني مجتمعًا مترابطًا يسوده الكرم والسلام، ونبذ الحسد والبغضاء بسبب عدم تقسيم المجتمع إلى طبقات منفصلة من الأغنياء والفقراء، من خلال حصر الثروة بيد الأغنياء فقط، بل توزيع الثروة والمال بين أفراد المجتمع.
فضل الصدقة في الإسلام
للصدقة فضل عظيم جدًا في الإسلام، فهي تطهر النفس من البخل، وتبارك الرزق، وترد من مصائب الدنيا والآخرة. فلقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء” (رواه الترمذي). كما أنها تمحو الذنوب والآثام، ويحصل بها المسلم على الأجر والثواب العظيم. وفي شهر رمضان المبارك، تضاعف الصدقة الحسنات وتزيد البركة في العبادات.