القمر يزين السماء..ظاهرة بدر إلا ربع تلفت الأنظار

في مشهد سماوي يخطف الأبصار ويثير الدهشة شهدت السماء في خلال الساعات الماضية ظاهرة فلكية نادرة جدا عرفت باسم بدر إلا ربع حين يصبح بدا القمر مضيئا بشكل شبه كامل قبل اكتماله الفعلي وذلك كان بنحو ست ساعات فقط مما جعله يبدو ك البدر الكامل تقريبًا في عيون كل المتابعين رغم أنه لم يصل بعد إلى مرحلة الكمال الفلكي الدقيقة

القمر يزين السماء..ظاهرة بدر إلا ربع تلفت الأنظار

الظاهرة التي أثارت اهتمام محبي الفلك وعشاق التصوير، لفتت أنظار الناس في مختلف أنحاء العالم، إذ ظهر القمر بدرجة من السطوع الاستثنائي جعلته يزين السماء بلمعانه الأبيض الناصع، لتتحول كل مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة لآلاف الصور والمقاطع التي وثقت هذا الحدث الهام و النادر.

ما معنى بدر إلا ربع؟

مصطلح بدر إلا ربع ليس مصطلحًا رسميًا في علم الفلك، لكنه تعبير شعبي شاع بين المهتمين برصد القمر، ويقصد به أن القمر يكون قريبًا جدًا من مرحلة الاكتمال التام، لكنه لا يزال ينقصه نحو ست ساعات فلكية وذلك ليصل إلى حالة البدر الكامل التي تحدث عند وصوله إلى طور الإضاءة بنسبة 100%، في تلك اللحظة يكون القمر في وضعية مواجهة شبه كاملة مع الشمس، بينما تكون الأرض بينهما تقريبًا، مما قد يجعل سطحه الي المواجه لنا مضاء بالكامل أما في حالة بدر إلا ربع، فيكون القمر قد وصل إلى حوالي 99% من الإضاءة فقط، وهو ما يكفي لجعل عينة البشرية تراه مكتملاً.

التفسير الفلكي لهذه الظاهره

من الناحية العلمية، يعتمد اكتمال البدر على موقع القمر في مداره حول الأرض يدور القمر في مدار بيضاوي الشكل، وليس دائريا تمامًا، مما قد يجعل المسافة بينه وبين الأرض تختلف من وقت لآخر، وهو ما يؤثر على مظهره ودرجة سطوعه، وعندما يقترب القمر من نقطة الحضيض وهي أقرب نقطة له من الأرض يبدو أكبر وأكثر سطوعًا، وهي الظاهرة التي تعرف باسم القمر العملاق، أما إذا حدث البدر وهو بعيد نسبيا عند نقطة الأوج، فيبدو أصغر قليلا، وفي حالة بدر إلا ربع، يكون القمر في مرحلة قريبة جدًا من الحضيض، ما يمنحه مظهرا مشعًا وأقرب للبدر العملاق رغم أنه لم يكتمل بعد فلكيا.

كيف تم رصد هذه الظاهرة؟

رصدت المراصد الفلكية في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية هذه الظاهرة بوضوح خلال الليلة الماضية، إذ تمت متابعة القمر عبر التلسكوبات الرقمية، وأكدت كل القياسات أن القمر قد وصل إلى 99.1% من الإضاءة عند منتصف الليل بالتوقيت العالمي، أي قبل اكتماله الحقيقي بست ساعات فقط، أما هواة التصوير الفلكي فقد استغلوا الفرصة لتوثيق المشهد، حيث انتشرت صور مدهشة للقمر وسط السماء الصافية، تعكس التباين الجميل بين الضوء والظل على سطحه، خاصة عند حواف الفوهات البركانية القمرية التي تظهر بوضوح شديد في مثل هذه الليالي.

القمر في الثقافة الإنسانية

كان القمر رمزا للجمال والإلهام في مختلف الثقافات، فقد تغنى به الشعراء، وارتبط في الموروث الشعبي بالمشاعر والرومانسية، كما استخدمه الإنسان منذ القدم وذلك لتحديد مواقيت الزراعة والصيد والعبادات، وتحتل مرحلة البدر الكامل مكانة خاصة في العديد من التقاويم القمرية، مثل التقويم الهجري، الذي يعتمد على رؤية الهلال لتحديد بدايات الشهور، ورغم أن ظاهرة بدر إلا ربع لا تؤثر تماما على حسابات الأشهر الهجرية، فإنها تذكر الناس بدقة النظام الكوني وجمال التناسق بين كل حركات الأجرام السماوية.

الظاهرة بالعين المجرده

من اللافت أن العين البشرية لا يمكنها التمييز بسهولة بين القمر المكتمل والقمر في مرحلة بدر إلا ربع، نظرًا لصعوبة ملاحظة الفرق في نسبة الإضاءة التي تقل عن 1%، ولهذا السبب، يعتقد الكثير من الناس في هذه الليالي أن القمر قد اكتمل، رغم أن التوقيت الفلكي الدقيق يشير إلى أنه لم يصل بعد إلى تمام البدر، ويرى كل العلماء أن هذا الالتباس البصري يعكس مدى دقة الحسابات الفلكية الحديثة، إذ يمكن تحديد لحظة اكتمال البدر إلى الثانية عبر كل الأقمار الصناعية والحسابات المدارية، بينما تظل هذه التجربة البصرية خاضعة الانطباع العين البشرية فقط.

موعد اكتمال البدر فعليًا

بحسب البيانات الصادرة عن المرصد الفلكي الدولي، فإن لحظة اكتمال البدر الفعلية حدثت في تمام الساعة 03:45 فجرا بتوقيت غرينتش، أي بعد نحو ست ساعات من ظهور القمر في حالة بدر إلا ربع، وبعد هذه اللحظة، يبدأ القمر تدريجيًا في التراجع عن الاكتمال، ليبدأ أولى مرحلة التربيع الأخير بعد أيام قليله، ويشير خبراء الفلك إلى أن هذه الظاهرة تتكرر عدة مرات سنويا، لكنها لا تلاحظ دائمًا بسبب اختلاف الظروف الجوية أو بسبب عدم انتباه بعض المراقبين.

اهتمام عالمي وتفاعل من جميع منصات التواصل الاجتماعي

على منصات التواصل الاجتماعي، تصدر وسم بدر إلا ربع قائمة الترند في عدد من الدول العربية، حيث تداول بعض المستخدمون الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر القمر في أبهى حالاته، كما نشرت وكالات الأنباء العالمية صورًا ملتقطة من مراصد فضائية تبرز دقة التفاصيل على سطح القمر في تلك اللحظة، وفي مصر تحديدا، شهدت المحافظات المختلفة أجواء رائعة جدا سمحت برؤية القمر بوضوح تام، خاصة في بعض المناطق الساحلية والريفية التي تتميز بانخفاض التلوث الضوئي، وهو مما جعل المشهد يكون أكثر جمالا واكثر صفاً.

تعليق من بعض الخبراء

قال الدكتور أشرف تادرس، أستاذ الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، إن ظاهرة بدر إلا ربع تعد من المشاهد الجذابة التي يمكن رصدها بسهولة بالعين المجردة، مشيرًا إلى أنها تحدث بسبب فارق التوقيت بين لحظة الرؤية البصرية وايضا بين لحظة الاكتمال الفعلي، و أضاف أن القمر يكون في هذه الحالة في مواجهة شبه تامة مع الشمس، مما يجعل سطحه يكون مضيئا بالكامل تقريبًا، لافتا إلى أن هذا المشهد لا يتكرر بنفس الوضوح إلا في ليال قليلة جدا من كل عام.

لماذا اهتم كل الخبراء بمراقبة القمر؟

رصد القمر ليس مجرد هواية فلكية، بل يحمل أهمية علمية كبيرة ف القمر يعد مرآة تساعد العلماء على دراسة تأثير الضوء الشمسي، و الانعكاسات الحرارية على الأجسام الصخرية في الفضاء، كما أن تتبع كل أطواره يساعد في فهم العلاقات الجاذبية بين الأرض والقمر، وتأثيرها على المد والجزر والمناخ الأرضي، وفي السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام برصد القمر مع عودة خطط الرحلات المأهولة إلى سطحه ضمن برامج أرتميس التي تقودها وكالة ناسا، ما جعل كل ظاهرة تتعلق به موضع دراسة دقيقة جدا وتحليل متواصل.

ظاهرة بدر الا ربع ولحظة تجمع بين العلم والجمال

ظاهرة بدر إلا ربع تذكرنا بأن الكون مليء بالتفاصيل الدقيقة و الهامة جدا التي لا يمكن ملاحظتها إلا حين نرفع أعيننا نحو السماء، هي لحظة تجمع بين الجمال والعلم،  وايضا تجمع بين الدهشة الإنسانية والدقة الفلكية، لتؤكد أن هذا الجرم الأبيض الصغير الذي يرافقنا كل ليلة ما زال يحمل في طياته أسرار كثيرة تستحق التأمل والإعجاب في قدره الله تعالي.