اخبار التكنولوجيا

أوروبا تطور نظام ليزر متقدم للتصدي لمخاطر الحطام الفضائي

يشهد الفضاء المحيط بكوكب الأرض ازدحاما غير مسبوق بالأقمار الصناعية والمركبات الفضائية وهو ما أدى إلى تزايد كمية الحطام الفضائي الطافي في المدار الأرضي المنخفض والمتوسط ومع تزايد المخاطر المحتملة على البنية التحتية الفضائية الحساسة بدأت الوكالة الأوروبية للفضاء ESA وشركائها في الاتحاد الأوروبي العمل على تطوير أنظمة ليزر متقدمة قادرة على التعامل مع النفايات الفضائية وإبعادها عن مسارات الأقمار الصناعية العاملة هذه المبادرة قد تشكل نقلة نوعية في مجال الأمن الفضائي وحماية الاستثمارات الضخمة في الفضاء

أوروبا تطور نظام ليزر متقدم للتصدي لمخاطر الحطام الفضائي

قد تتصاعد المخاطر في الفضاء ومع تزايد كبير جدا لأعداد الأقمار الصناعية وحتى المركبات الفضائية، حيث يهدد الحطام الفضائي عن اتجاه مساراتها بشكل كبير جدا، وفي خطوة حديثة لمواجهة كل هذه التحديات، ونشرت وكالة الفضاء الأوروبية ESA، ليزرا قويا في مرصد مزدوج وهو على جبل تيدي بجزيرة تينيريفي الإسبانية، وهذا لرصد وتتبع الشظايا الفضائية بدقة كبيرة جدا، وكذلك يمكن استخدامه لدفع الحطام الفضائي وبعيدا عن مسار الاصطدام بالأقمار الصناعية.

أولاً: أزمة الحطام الفضائي

خلال العقود الماضية، ومع ازدياد وتيرة إطلاق الأقمار الصناعية، أصبح المدار الأرضي يعج بملايين القطع الصغيرة الناتجة عن الصواريخ المستهلكة، و الاصطدامات بين الأقمار، وأجزاء من مركبات قديمة، وتشير التقديرات الحديثة إلى وجود أكثر من 36 ألف قطعة حطام يزيد حجمها عن 10 سم تدور حول الأرض، أما الأجسام الصغيرة التي يتراوح حجمها بين سنتيمتر واحد و 10 سنتيمترات، قد تتجاوز مليون قطعة، وفي حال احتساب الجسيمات متناهية الصغر، فقد تصل الأعداد إلى مئات الملايين.

سرعه الاجسام الفضائيه

رغم أن معظم هذه الأجسام صغيرة، إلا أن سرعتها الهائلة، التي قد تصل إلى 28 ألف كيلومتر في الساعة تجعلها خطيرة للغاية، إذ يمكن لقطعة معدنية لا يتجاوز حجمها عدة سنتيمترات أن تلحق دمارا هائلا بقمر صناعي، حيث انه قد تبلغ تكلفته مئات الملايين من الدولارات.

ثانيًا: الخطر على البنية التحتية الفضائية

الأقمار الصناعية قد أصبحت العمود الفقري لعالمنا الرقمي المعاصر فهي تدعم الاتصالات، والملاحة عبر GPS، ومراقبة الطقس، وايضا إدارة لكل الكوارث، والخدمات العسكرية أي خلل أو تدمير في هذه البنية يمكن أن يسبب خسائر اقتصادية واستراتيجية ضخمة جدا، حادثة اصطدام قمر، إيريديوم الأمريكي مع قمر روسي معطل عام 2009 كانت جرس إنذار خطير جدا، و الاصطدام أدى إلى نشوء آلاف القطع الجديدة من الحطام، مما زاد من تعقيد الوضع، والخبراء يحذرون من متلازمة كيسلر وهي سيناريو كارثي قد يتضاعف فيه الحطام وذلك نتيجة لكل الاصطدامات المتتالية، حتى يصبح المدار غير صالح تماما للاستخدام.

الحلول التقليدية المحدودة

حتى الآن، اقتصرت محاولات مواجهة الحطام على تتبع ورصد الأجسام عبر شبكات الرادار و التلسكوبات المناورات المدارية، حيث تغيّر كل الأقمار الصناعية مساراتها لتفادي الاصطدام ومقترحات كثيره في إزالة ميكانيكية، مثل الشباك و الأذرع الروبوتية، ولكنها مكلفة ومعقدة جدا، غير أن كل هذه الحلول غير كافية أمام التزايد المستمر للحطام، خاصة مع دخول شركات خاصة مثل سبيس إكس، بمشاريع ضخمة جدا مثل ستارلينك التي تخطط لنشر آلاف الأقمار في المدار.

الليزر الأوروبي كحل مبتكر

في مواجهة هذا التحدي، أعلنت الوكالة الأوروبية للفضاء عن خطط طموحة جدا لتطوير أنظمة ليزر أرضية قادرة على معالجة مشكلة الحطام الفضائي بطرق جديدة، حيث يقوم الليزر عالي الطاقة بتسليط نبضات دقيقة على سطح قطعة الحطام، ويؤدي ذلك إلى توليد قوة دفع صغيرة جدا قد تغير مسار القطعة، بحيث تدخل الغلاف الجوي و تحترق بأمان، أو يمكن ان تتحرك بعيدًا عن مسار الأقمار العاملة، وهذه التقنية لا تتطلب ملامسة مباشرة، مما قد يجعلها أكثر عملية وأقل تكلفة من كل الحلول الميكانيكية.

التحديات التقنية

رغم جاذبية هذه الفكرة، إلا أن تطبيقها ليس سهلا، ويحتاج الليزر إلى دقة عالية جدًا لتوجيه الأشعة نحو أجسام صغيرة جدا وهي تتحرك بسرعات هائلة، ويجب حساب المسارات المستقبلية بدقة عاليه وذلك لتفادي التسبب في اصطدام غير مقصود، وهناك حاجة إلى قدرات حوسبة فائقة جدا وأنظمة ذكاء اصطناعي وهي تكون قادرة على اتخاذ قرارات لحظية، وكما أن الطقس والسحب والغبار في الغلاف الجوي قد يعيق فاعلية الليزر الأرضي، مما قد يدفع بعض العلماء لاقتراح محطات ليزرية في الفضاء نفسها.

البعد الجيوسياسي

الخطوة الأوروبية لا تأتي في فراغ سياسي، الولايات المتحدة وروسيا والصين سبق وأن أعلنت جميعها عن مشاريع كثيره تكون مرتبطة بالليزر في الفضاء، بعضها ذو طابع عسكري، ويخشى بعض المراقبين أن يفسر هذا المشروع و الليزر الأوروبي على أنه برنامج تسليح فضائي فقط، خاصة إذا تم استخدامه لتدمير أقمار صناعية عدوة وليس فقط الحطام.

هذا المشروع يندرج ضمن امن الفضاء وحمايته

الاتحاد الأوروبي يصر على أن الهدف مدني بحت، وأن هذا المشروع يندرج ضمن أمن الفضاء وحماية الأصول الاقتصادية، ولكن التداخل بين المدني والعسكري في مجال الفضاء قد يجعل الموضوع محل جدل دولي و متواصل.

الفوائد الاقتصادية والاستراتيجية

إذا نجح المشروع الأوروبي، سيوفر حماية مباشرة لمئات الأقمار الصناعية الأوروبية، حيث انه يقوم بتقليل كل الخسائر التي تكون محتملة وهي بمليارات الدولارات، وتعزيز مكانة أوروبا كلاعب رئيسي في أمن الفضاء، و في مواجهة الهيمنة الأمريكية وايضا الصينية، وفتح سوق جديد جدا في مجال خدمات تنظيف المدار، قد يصبح صناعة مستقبلية ضخمة.

دور الشركات الخاصة الأوروبية

من المتوقع أن تلعب الشركات الأوروبية دورا محوريا في تطوير كل أنظمة الليزر، وكل شركات الصناعات الدفاعية مثل إيرباص و تاليس قد تسهم في بناء الأنظمة البصرية والإنجليزية، وشركات ناشئة في مجال الفضاء قد تدخل السوق بخدمات متخصصة جدا لرصد وتتبع هذا الحطام، والتعاون بين القطاعين العام والخاص سيكون أساس نجاح هذه المبادرة.

الأبعاد الأخلاقية والقانونية

القانون الدولي للفضاء لا يزال قاصرا عن تنظيم قضايا مثل استخدام الليزر لإزالة الحطام، ومن يملك الحق في التدخل مع قطعة حطام إذا كانت قد تعود في الأصل لدولة كثيره أخرى.

هل يمكن اعتبار العملية انتهاكا للسيادة؟

كيف يتم ضمان الشفافية وايضا منع الاستخدام العدائي كل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات، واضحة جدا عبر اتفاقيات دولية جديدة، وإلا قد يتحول الليزر من أداة للحماية إلى مصدر توتر عالمي.

المستقبل المنتظر

من المتوقع أن تبدأ التجارب الأولية للأنظمة الليزرية الأوروبية خلال السنوات الخمس المقبلة، وإذا أثبتت نجاحها، فقد نشهد خلال عقد من الزمن مع انتشار محطات ليزرية أرضية في عدة دول أوروبية وتعاون دولي وذلك لإنشاء شبكة عالمية لإزالة الحطام وتطور تقنيات ليزر فضائية وهي محمولة على أقمار صناعية وبذلك، قد يتحول الفضاء من مكب نفايات قد يهدد البشرية إلى بيئة أكثر أمانا واكثر استدامة.

الحطام الفضائي

الحطام الفضائي يمثل تحديا عالميا حيث انه يتطلب حلولا مبتكرة وجريئة المبادرة الأوروبية، لتطوير ليزر لمواجهة تهديد الحطام ليست مجرد مشروع تقني، بل انه خطوة استراتيجية تحمل أبعادا علمية واقتصادية وسياسية وإذا نجحت، فقد تفتح الباب أمام عصر جديد من إدارة المدار وحماية الفضاء باعتباره موردا مشتركا للبشرية جميعا.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى