الصحة والجمال

لماذا تتكون حصوات المرارة لدى النساء أثناء الحمل وبعد الولادة؟

تُعد حصوات المرارة من المشكلات الصحية الشائعة بين النساء، وخصوصًا خلال فترات الحمل وبعد الولادة مباشرة. وتكشف الإحصاءات الطبية أن ملايين النساء حول العالم يتعرضن لتكون الحصوات خلال هذه المرحلة الحساسة من حياتهن، بسبب تغيرات هرمونية وجسدية معقدة تشهدها المرأة. ومع أن أغلب الحالات تمر دون مضاعفات شديدة، إلا أن بعضها قد يكون مؤلمًا أو يحتاج تدخلاً طبيًا عاجلاً.

في هذا المقال المفصّل، سنشرح بالتفصيل لماذا تتكون حصوات المرارة أثناء الحمل وبعد الولادة؟، وما العوامل التي تؤدي إليها، وكيف يمكن للمرأة الوقاية منها، إضافة إلى العلامات التي تستدعي زيارة الطبيب العاجلة. المقال غني بالمعلومات الطبية المبسّطة ومعزز بأسباب علمية مدعومة بالدراسات، ويُعد دليلاً شاملاً لكل امرأة ترغب في الحفاظ على صحتها خلال هذه الفترة الدقيقة.

ما هي حصوات المرارة؟

حصوات المرارة هي تكتلات صغيرة تتكون داخل المرارة – وهي عضو صغير يقع تحت الكبد ويعمل على تخزين العصارة الصفراوية التي تساعد في هضم الدهون. وتتكون الحصوات عادة من:

  • الكوليسترول (وهو النوع الأكثر شيوعًا).
  • البيليروبين الناتج عن تكسر خلايا الدم.
  • الأملاح الصفراوية.

وقد تكون الحصوات صغيرة مثل حبة الرمل، أو كبيرة تصل إلى عدة سنتيمترات. أغلب الحصوات لا تسبب ألمًا، لكنها تصبح خطيرة إذا انتقلت إلى القنوات الصفراوية أو سببت التهابًا.

لماذا تعتبر النساء أكثر عرضة لحصوات المرارة؟

من المعروف طبيًا أن نسبة إصابة النساء بحصوات المرارة تفوق الرجال بأكثر من الضعف. ويرجع ذلك إلى تأثير الهرمونات الأنثوية ومستويات الدهون، بالإضافة إلى الحمل الذي يمثل حالة هرمونية وبدنية كاملة التغيير.

لكن لماذا تزداد هذه النسبة تحديدًا أثناء الحمل وبعد الولادة؟ للإجابة، علينا فهم التغيرات العميقة التي تحدث داخل الجسم في هذه المرحلة.

أولاً: تأثير الهرمونات أثناء الحمل

الحمل هو فترة تحدث فيها تغييرات هرمونية هائلة داخل جسم المرأة. ومن أهم هذه الهرمونات التي تؤثر على المرارة:

1. ارتفاع هرمون الإستروجين

يؤدي ارتفاع مستوى الإستروجين خلال الحمل إلى:

  • ارتفاع نسبة الكوليسترول في العصارة الصفراوية، ما يجعلها أكثر لزوجة.
  • زيادة فرصة ترسب الكوليسترول وتكوين الحصوات.
  • بطء حركة المرارة بسبب ضعف انقباضاتها.

هذه التغييرات تجعل المرارة بيئة مثالية لتكوين الحصوات، خصوصًا عندما تظل العصارة الصفراوية راكدة داخل المرارة لفترة طويلة.

2. تأثير هرمون البروجسترون

البروجسترون هو الهرمون المسؤول عن تثبيت الحمل واسترخاء العضلات الملساء في الجسم. لكن هذا الاسترخاء لا يقتصر على الرحم، بل يشمل المرارة أيضًا.

نتيجة لذلك:

  • تتراجع قدرة المرارة على الانقباض.
  • يبقى السائل الصفراوي داخلها لفترة أطول.
  • يرتفع خطر تبلور المواد وتكون حصوات الكوليسترول.

وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة الإصابة بحصوات المرارة مع تقدم أشهر الحمل.

ثانيًا: التغيرات في نمط الغذاء أثناء الحمل

الكثير من النساء خلال الحمل يتجهّن إلى:

  • تناول كميات أكبر من الطعام.
  • الرغبة في الأطعمة الدسمة الغنية بالدهون.
  • الإفراط في الحلويات.

هذه الأنماط الغذائية ترفع مستوى الكوليسترول في الدم والمرارة، ما يضاعف فرص تكون الحصوات.
كما أن زيادة الوزن أثناء الحمل (وهي حالة شائعة جدًا) تُعد أحد أهم عوامل خطر الإصابة بحصوات المرارة.

ثالثًا: قلة الحركة والنشاط البدني

من الطبيعي أن تقل حركة المرأة أثناء الحمل خصوصًا في الشهور الأخيرة، مما يؤدي إلى:

  • بطء عملية الهضم.
  • ركود العصارة الصفراوية.
  • ارتفاع فرص تكوين الحصوات داخل المرارة.

رابعًا: لماذا تزداد الحصوات بعد الولادة؟

بعد الولادة، تستمر بعض التغيرات التي حدثت أثناء الحمل لفترة من الزمن، مما يجعل المرأة أكثر عرضة لتكون الحصوات في الأسابيع أو الأشهر الأولى بعد الولادة.

1. استمرار اختلال مستوى الهرمونات

سقوط مستوى الهرمونات مباشرة بعد الولادة لا يعني عودة الجسم فورًا لعمله الطبيعي. يستغرق الأمر:

  • أسابيع لتوازن الإستروجين.
  • أشهر لتوازن البروجسترون.

وخلال هذه الفترة تستمر مشكلة بطء حركة المرارة، مما يزيد من احتمالية تكوين الحصوات.

2. الرضاعة الطبيعية

الرضاعة الطبيعية تُقلل من هرمون الإستروجين، لكنها تزيد الحاجة إلى الطعام، وقد تتجه بعض الأمهات إلى تناول الوجبات الدسمة لتعويض الطاقة، مما يرفع نسبة الدهون في المرارة.

3. فقدان الوزن السريع بعد الولادة

العديد من النساء يلجأن إلى الدايت القاسي بعد الولادة للتخلص من الوزن المكتسب.
لكن:

  • الفقدان السريع للوزن يعيد ضخ الدهون بشكل مكثف إلى المرارة.
  • يرفع نسبة الكوليسترول الصفراوي.
  • يزيد من تكوين الحصوات بشدة.

وهذه نقطة يغفلها الكثيرون رغم أنها سبب رئيسي في تكون الحصوات بعد الولادة.

أعراض حصوات المرارة لدى الحامل وبعد الولادة

تتراوح الأعراض بين الخفيفة والشديدة، ومن أبرزها:

  • ألم شديد في الجزء العلوي الأيمن من البطن.
  • ألم بين الكتفين أو في الظهر.
  • غثيان أو قيء.
  • انتفاخ بعد الأكل.
  • ألم يزيد بعد تناول الدهون.
  • اصفرار الجلد (في الحالات المتقدمة).

وقد تزداد الأعراض في الليل أو بعد تناول وجبة كبيرة.

هل حصوات المرارة خطيرة أثناء الحمل؟

غالبًا لا تسبب حصوات المرارة مشاكل خطيرة أثناء الحمل، لكن في بعض الحالات قد تسبب:

  • التهاب المرارة الحاد.
  • انسداد القناة الصفراوية.
  • التهاب البنكرياس.

وهنا تصبح الحالة أكثر تعقيدًا وقد تحتاج تدخلًا طبيًا عاجلاً.

كيفية تشخيص الحصوات أثناء الحمل

يعتمد الأطباء غالبًا على:

  • السونار (الأشعة فوق الصوتية) — وهو آمن تمامًا على الجنين.
  • تحاليل وظائف الكبد.
  • تحاليل نسبة البيليروبين والدهون.

لا يتم استخدام الأشعة التي تتضمن إشعاعًا على البطن إلا للضرورة القصوى.

طرق علاج حصوات المرارة للحامل

يعتمد العلاج على شدة الحالة:

1. الحالات البسيطة

  • تغيير النظام الغذائي.
  • تناول أدوية آمنة للحامل.
  • المتابعة المستمرة مع الطبيب.

2. الحالات المتوسطة

  • استخدام مسكنات آمنة.
  • استخدام مضادات التقلص.
  • تخفيف الدهون تمامًا.

3. الحالات الخطيرة

قد يلجأ الأطباء إلى التدخل الجراحي لإزالة المرارة، وغالبًا يتم ذلك:

  • خلال الثلث الثاني من الحمل (الأكثر أمانًا).
  • أو بعد الولادة مباشرة.

الوقاية من حصوات المرارة خلال الحمل وبعد الولادة

يمكن للمرأة تقليل مخاطر الإصابة بحصوات المرارة عبر اتباع نصائح بسيطة لكنها فعّالة، ومنها:

  • تجنب الإفراط في الدهون.
  • تقسيم الوجبات على مدار اليوم.
  • الحفاظ على وزن صحي قبل وأثناء الحمل.
  • ممارسة رياضة خفيفة (بإشراف الطبيب).
  • شرب كمية كافية من الماء.
  • تجنب فقدان الوزن السريع بعد الولادة.

الخلاصة

تتكون حصوات المرارة لدى النساء خلال الحمل وبعد الولادة نتيجة التغيرات الهرمونية الكبيرة، وارتفاع نسبة الكوليسترول، وتأثر حركة المرارة، إلى جانب عوامل غذائية وبدنية ونفسية. ورغم أن معظم الحالات لا تكون خطيرة، إلا أن تجاهل الأعراض قد يؤدي إلى مضاعفات تحتاج إلى تدخل طبي.

الوعي، والمتابعة الطبية، والالتزام بنمط حياة صحي هي الخطوات الأهم لحماية المرأة من هذا الأمر خلال واحدة من أهم مراحل حياتها.

 



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى