قصص إثارة وغموض

المسخ (الجزء الرابع)

حسن مكانش قادر ينسى اللي حصل، ويتعامل مع أمه…

جنات كانت لسة بتمد إيديها عشان تاخده فى حضنها، راح حسن مسكهم، وقالها: تصبحي على خير…

إداها ضهره، ومشي على أوضته عشان ينام فى حضن مراته، هى بالنسباله الأمان، والدفا…

كان يوم ورا يوم بيتعود على وجود أمه فى حياته، وبدأوا يتكلموا مع بعض عادى…

رجع فى يوم من شغله، تعبان، ومرهق من ضغط الشغل…

رمي نفسه لما دخل على أقرب كنبة قدامه، وغمض عينيه…

أمه لما شافته جريت بسرعة، ومسكت دماغه من ورا، وقعدت تعمله مساج خفيف عشان التعب يهدا، ويروح…

حسن كان مبسوط أوي من الحركة دي عشان ريحته، وكان فاكر غادة هى اللي بتعمل كده…

أمه خلصت، وهو مسك إيديها، وباسها، وكان لسه مغمض عينيه…

جنات: بقيت أحسن دلوقتى؟

حسن لما سمع صوتها قام، وإتنطر من على الكنبة…

حسن: أيوة بقيت أحسن، شكرا، هى فين غادة، والولاد؟

أمه: كانت جوا فى الحمام، بتحمي لولى، وديدو، إنت كنت عايز حاجة؟

حسن: لأ شكرا…

قام دخل أوضته، وهى كانت مش عارفة تقرب لإبنها بأي طريقة…

غادة: أنا لما شوفته أول مرة إحتاجت أعمل مجهود كبير أوي عشان بس يسمحلى أبقى جنبه…

حسن فقد الثقة فى كل الناس، وعشان كده مش أي حد يقدر يقرب منه…

أنا عايزاكى ما تيأسيش، إنتى لازم تبذلى مجهود كبير لحد ما توصليله…

فعلا جنات سمعت كلامها، وفضلت تحاول تقرب من إبنها حبة حبة…

فى يوم كان راجع من الشغل، وأول ما دخل الشقة سمع صوت عياطها…

حسن: إيه ده؟ هو إيه اللي حصل؟ هو مصطفى جه هنا تاني؟

غادة: لأ ما حدش جه، بس هي على الحال ده من بدري، وعمالة أكلمها ما بتردش عليا…

حسن راحلها، وقعد قدامها على الأرض، ومسك إيديها شالها من على وشها، ومسح دموعها…

حسن: إنتى بتعيطي ليه تاني؟ ما شبعتيش عياط؟

طول ما أنا عايش مش عايز أشوف دموعك أبدا إنتى فاهمة؟

أمه فجأة إترمت فى حضنه، والعياط، والدموع زادوا أكتر، وأكتر…

حسن آخيرا حس براحة كبيرة كان محروم منها طول حياته…

آخيرا أمه دلوقتى بقت فى حضنه، ومعاه، ومش هيفترقوا تاني…

غادة لما شافت المشهد ده، إرتاحت، وخدت عيالها، ودخلت الأوضة عشان تسيبهم براحتهم…

جنات: آخيرا يا حبيبي، ياااااه إنت كنت واحشني أوي يا إبني…

أنا عشت أيام، وليالي طويلة بحلم باللحظة اللي ترجع فيها لحضني…

كانت أمنية حياتى الوحيدة، إن أنا أكبرك فى حضني، وأشاركك كل حاجة فى حياتك…

أنا كان نفسي ما تبعدش عن عيني لحظة واحدة…

أنت نور عيني، أنا بحبك إنت أكتر واحد فى الدنيا دي، ونفسي تنسى، وتسامحني…

حسن: أنا سامحتك من بدري، أومال إنتى قاعدة معايا، ومع عيالى هنا إزاي؟ بس كنت محتاج شوية وقت مش أكتر…

أنا كمان كان حلم حياتي، هو حضنك، وبس…

جنات: ليه بقى هو حضن غادة مكانش كفاية؟

حسن: حضن غادة، وحبها ليا هو ده اللي خلانى واقف على رجليا لحد دلوقتى، ومكمل حياتى…

بس طبعا ده عمره ما كان هيغنيني عن حضنك…

إنتى حاجة تانية، كنت محروم منها طول حياتي…

جنات: طب تعالى معايا، أنا عايزة أوريك حاجة…

جنات خدت حسن أوضتها، وفتحت الشنطة، وخرجت منها صندوق صغير، وفتحته…

حسن: إيه ده؟

جنات: أنا يا حسن عايشة مع الذكريات اللي جوا الصندوق ده طول حياتي…

دي ذكرياتنا كلها، كل حاجة قدمتهالى فى يوم من الأيام…

حسن: بس إنتى كنتى على طول بترمي اي حاجة أجيبها لك فى الزبالة، أنا كنت بشوفهم بعنيا…

كان كل عيد، أو مناسبة، مكانش ينفع أجيبلك هدية، او حتى أحتفل معاكوا…

كان البواب بيسمحلى آخد وردة من الجنينة بالعافية عشان أقدمها لك…

كنت ساعات أحاول أرسملك رسمة، او أعملك طوق من الورد…

لكن كنت بلاقى كل ده مرمي فى الزبالة…

جنات: مصطفى الله يسامحه كان لما يشوف حاجة معايا تخصك، ياخدها، ويرميها فى الزبالة قدامك عشان ينكد عليك…

لكن أنا بعد كده كنت باخدها، وأحتفظ بيها، كل حاجة أهيه فى الصندوق ده…

كل وردة قدمتهالي، وكل رسمة رسمتهالي، وكل ذكرى حلوة بيننا…

ده هو اللي كان فاضلى منك، دي كانت حنية قلبك عليا…

حسن إتبسط جدا بالحاجات البسيطة دي…

آخيرا إتشالت كل الحواجز اللي كانت بعداه عن أمه، وإستوعب ضعفها، وخوفها عليه…

حسن: مش عايزة تقوليلى بقى إنتى كنتى بتعيطي ليه؟

أمه: كبر دماغك، إنسى…

حسن: لأ ما ينفعش أنا عايز اعرف فيكي إيه؟ مصطفى مضايقك؟

جنات: لأ مش مصطفى، بس محمد تعب جامد، وإتحجز فى المستشفى…

حسن: طب إنتى عايزة تروحى تشوفيه؟

جنات: هو ما بيحبش غير نفسه، وهو اللي كان السبب فى كل اللي حصل…

بس مهما كان هو هيفضل إبني، وأخوك…

حسن: أيوة فعلا هو إبنك، وطول العمر كان جنبك، وبتحبيه، أكيد هيبقى عايزك جنبه، يلا روحيله…

جنات: لأ يا حسن أنا بعد اللي كان بيعمله فى البيت، وبيعمله فيك، أنا مقدرتش أسامحه أبدا، ولا أكون أم ليه طول السنين اللي فاتت…

أيوة كان عايش معايا فى نفس البيت بس أنا معرفتش أنسى عمايله السودا…

معرفتش آخده فى حضني، أو أبقاله أم…

هو كمان طول الوقت كان محروم منى، بس وأنا موجودة…

كان عارف، ومتأكد إن أنا مش بحبه، وبحبك إنت أكتر منه، هو كمان إتحرم من حبى…

أنا كنت أم فاشلة معرفتش أضمكوا لحضني إنتوا الإتنين…

جنات قالت كده، وإنهارت تاني من العياط…

حسن خدها فى حضنه، وفضل يحاول يسكتها، ويهديها…

حسن: إنتى كنتى غصب عنك، مكانش فى إيدك حاجة، يلا قومي عشان تروحي تبصي عليه، وأنا هوصلك…

حسن نزل بيها، وراحوا المستشفى، ووصلها لحد باب أوضته…

جنات: مش هتدخل معايا؟

حسن: لأ طبعا أنا هستناكى تحت فى العربية، لو فى حاجة إتصلى بيا فورا، ماشي؟

جنات: ماشي يا حبيبي…

حسن سابها، ونزل على السلم، وفجأة لقى الدكتور اللي كان بيشوهه فى وشه…

الإتنين تنحوا لبعض جامد، وهما معديين من جنب بعض…

حسن إستغرب من نفسه جدا!! هو إزاي نسي الدكتور ده، ونسي اللي عمله فيه؟ وإزاي ما حاولش ياخد حقه منه بعد كده؟

حسن نزل ، وراح عربيته، وفضلت الذكريات تيجي فى دماغه ورا بعض…

كان بيحاول ينسى، ويفتكر الحاجات الحلوة اللي حصلت فى حياته…

جنات دخلت لمحمد أوضته، وكان مصطفى عنده…

مصطفى: إيه اللي جابك، أنا كنت فاكر إن إنتى مش هتيجي…

جنات: إزاي يعنى ما أجيش لإبني، هما الإتنين ولادي…

مصطفى: أيوة فعلا هما الإتنين عيالك، وبس…

جنات: أنا خلاص مش هحاول أخليك تصدق تاني، إنت حر…

خليك بعيد عن إبنك، وأحفادك، وحارم نفسك منهم…

محمد كان نايم، وصحى، وسمع اللي بيقولوه، والكلام ده خلاه يحسم أمره فى اللي كان بيفكر فيه…

محمد: ماما هو إنتى جيتي؟ تعالى خدينى فى حضنك، أنا كمان إبنك زيه…

جنات: إنت إبني، وبحبك، بس إنت السبب فى كل اللي إحنا فيه ده…

محمد: أنا عملت إيه بس؟ أنا حكيت اللي شوفته، وخلاص..

جنات: بقولك إيه مش وقت الكلام ده دلوقتى، إن شاء الله تقوم بالسلامة…

جنات خرجت برا الأوضة، وأبوه خرج وراها…

جنات: هما الدكاترة قالوا إيه؟ ده باين عليه التعب أوي…

مصطفى: الكبد تعبان من كتر الشرب، ومحتاج زراعة كبد، أو كبد جديد…

جنات: هو ينفع؟ هو الكبد بيتزرع؟

مصطفى: أيوة بيتزرع، والدكتور قالي إن هو محتاج متبرع…

جنات: ومين هيرضي يتبرع بكبده؟ أنا ينفع أتبرعله؟

مصطفى: بجد يا جنات إنتى عايزة تتبرعيله؟

جنات: مالك مستغرب ليه كده!! ده إبني على فكرة، وحتة منى…

مصطفى: أيوة عارف، طيب بصي أنا عملت التحاليل، وما نفعتش…

هما بياخدوا فص من الكبد، والكبد بعد كده بيعيد تكوين نفسه من تاني…

جنات: طيب أنا هعمل الإختبار، ونشوف الدنيا إيه؟

جنات كلمت حسن، وعرفته إن هي هتتأخر شوية، ولما تخلص هتكلمه…

جنات عملت التحاليل، بس هى كمان مكانتش تنفع…

كلهم كانوا جنب محمد، حتى طليقته لما عرفت جت، وعملت التحاليل عشان تتبرعله بس برضه ما نفعتش…

مصطفى: يا دكتور حضرتك شوفلنا حد يتبرع، وأنا هديه اللي يطلبه…

الدكتور: الموضوع ده عايز وقت كبير، وإحنا للأسف ما نملكش الوقت لكده، لازم نتصرف بسرعة…

مفيش حد فى العيلة عندكوا ينفع يتبرعله؟

جنات: لأ مفيش…

مصطفى: أيوة يا دكتور هو ليه أخ بس انا كنت ناسيه…

كل اللي فى الأوضة بصوله بذهول كبير…

الدكتور: تمام، كويس اوي يلا إتصلوا بيه، وخلوه ييجي يعمل تحاليل بأسرع وقت…

جنات: لأ طبعا ده لا يمكن يحصل، إبعد عن حسن يا مصطفى…

أنا مش هسمحلك بكده، وهيتبرع لمين؟ للي كان السبب فى كل البلاوي اللي حصلتله فى حياته؟

محمد: أيوة قولى اللي فى قلبك، أنا عارف إن إنتى طول عمرك بتحبيه أكتر منى، ودايما بتدافعى عنه…

أنا مش عايز حاجة من حبيب قلبك، لو سمحت يا بابا شوف حد بالفلوس، وهتلاقى كتير…

مصطفى: طب إهدى إنت بس، وأنا هشوف حل…

كلهم خرجوا برا الأوضة، وسابوه عشان يرتاح…

جنات: إبعد عن حسن يا مصطفى، كفاية اللي إنت خدته منه…

مصطفى: أنا خدت منه إيه؟ أنا ما خدتش منه حاجة…

جنات: إنت خدت عمره منه، خدت فرحته بشبابه، وخدت أبوه، وأخوه، وبوظت شكله، وشوهته…

جاي كمان بعد كل ده عايز تاخد الكبد بتاعه، يا أخي إتقى الله بقى…

مصطفى: عايزين فص من الكبد بس، وبعد كده بيرجع تاني بسهولة…

جنات: وأنا قلت لأ، دور على حد بالفلوس، الفلوس مفيش أكتر منها عندك…

مصطفى: هدور، ويا رب أعرف ألاقى حل…

جنات سابته، ومشيت راحت البيت عند حسن…

حسن: إيه الدنيا، يا رب تكونى إتطمنتى عليه…

جنات: أيوة شوفته، الحمد لله…

حسن: هو ماله عنده إيه؟

جنات: الكبد عنده تعبان، ومحتاج زراعة كبد، وبيدوروا على متبرع…

حسن: إمممم، وإيه اللي تعب الكبد كده؟ هو كان بيشرب، ولا إيه؟

جنات: كان على طول بيشرب، مش أنا قلتلك إن أنا خدت جنب منه؟

ما تشغلش بالك إنت، يلا قوم إرتاح عشان تروح شغلك فايق…

أنا كمان هدخل أنام، عشان أقوم أروحله الصبح، تصبح على خير يا حبيبي…

حسن: وإنتى من أهل الخير…

تاني يوم الصبح قامت جنات، وراحت المستشفى لإبنها…

حالة محمد كانت بتدهور، ومكانوش لاقين حد مناسب عشان التبرع…

الدكتور: إحنا لازم نلاقى متبرع فى ال٤٨ ساعة اللي جايين، وإلا الوضع هيبقى خرج من إيدينا…

مصطفى: كان حاسس بعجز كبير، إبنه بيموت، ومش عارف ينقذه، وقبل كده بنته الصغيرة، ومكانش هيقدر يتحمل كل الصدمات دي…

مصطفى دلوقتى مفيش قدامه غير حل واحد، إنه يروح بنفسه لحسن…

نزل من المستشفى، وراح لبيت حسن، ووقف متردد يخبط، ولا يمشي…

لكن عشان صحة إبنه هو كان عنده إستعداد يعمل أي حاجة…

آخيرا قرر إنه يضرب جرس الباب…

حسن قام، وفتح الباب لقى مصطفى قدامه…

حسن: إيه ده؟ إنت؟ وهنا فى بيتي، ده ليه كده؟

مصطفى ما ردش عليه، ودخل بيقلب عينيه فى الشقة، ولما إياد شافه راح جه جري عليه…

حسن: إياد خش جوا…

إياد: أسلم على جاجو الأول…

حسن: لأ قلتلك إدخل جوا يا إياد…

إياد: وأنا قلتلك هسلم على جاجو الأول…

حسن: إسمع الكلام هو مش عايز يسلم عليك، حتى جرب كده…

إياد راح لجده عشان يسلم عليه، وهو ما رضيش يبصله…

حسن: أهه مش قلتلك يلا بقى إدخل جوا…

الولد فعلا سابه، ودخل أوضته، وهو زعلان، ودموعه نازلة…

حسن: نعم، خير مراتك مش هنا، هى فى المستشفى…

مصطفى: أنا عارف، أنا مش جاي عشانها، أنا جاي عشانك إنت…

حسن: عشانى أنا!! غريبة دي، خير عايز إيه؟

مصطفى: مش إنت أخو محمد، واللي مرمي فى المستشفى ده يبقى أخوك، ومن دمك؟

حسن: أه، وبعدين…

مصطفى: هو محتاج زراعة كبد…

حسن: أيوة، وأنا مالي؟ عايز منى إيه؟

مصطفى: عايزك تتبرع لأخوك بكبدك…

حسن: نعم؟

مصطفى: بقولك إنت لازم تتبرع لأخوك…

حسن: هو إنت جاي بعد كل اللي عملته فيا، وبعد كل السنين دي، وعايزنى أتبرع بكبدي؟

طب إديني سبب واحد بس عشان أعمل كده عشانه…

مصطفى: هو أخوك، ولا ده مش كفاية؟

حسن: ياه آخيرا إعترفت بيا، عشان أنقذ إبنك؟

مصطفى: لأ طبعا إنت أخوه من أمه…

حسن: آااه أخوه من أمه، وده بقى سبب كفاية بعد كل اللي حصلي بسببه…

بعد طردي من البيت، وتشويهي، وكل اللي أنا مريت بيه بسببه، وبسببك، إنت باين عليك مش فى وعيك…

مصطفى: لأ طبعا أنا عارف بقول إيه كويس، أخ هيتبرع لأخوه، مفيهاش أي حاجة…

حسن: هههههه ضحكتني دلوقتى بقى ليا أخ، وكان فين الأخ ده طول العمر اللي فات؟ دلوقتى إفتكرت إن أنا إبنك، ومحمد ده يبقى أخويا؟

مصطفى: لأ إنت مش إبني، وأنا ما قلتش كده، إنتوا إخوات من الأم بس، ما تخلطش الأمور ببعضها…

حسن: إيه هو إنت لسه بتكابر؟

إنت عارف، الموضوع مش فارقلي تصدق ما تصدقش براحتك…

بقولك إيه، إحنا خلاص شطبنا…

مصطفى: يعنى إيه بقى شطبنا؟

حسن: يعنى خلاص زمن التضحيات راح، إن أنا أضحي عشان حد ما يستاهلش، ده مش هيحصل تاني، كفاية اللي جرالي…

مصطفى: أنا كنت عارف إن إنت هتعمل كده، بس قلت أثبت لنفسي إن أنا عملت كل اللي أقدر عليه، حتى كمان خبطت على بابك إنت…

حسن: لأ بصراحة ضغطت على نفسك أوي…

غادة فتحت باب الشقة، ودخلت، ومعاها لولي بنتها، وإتفاجأت لما لقت أبو حسن فى البيت…

ليان: جاجو بيبي…

حسن: غادة خدي بنتك، وإدخلى أوضتك…

مصطفى مكانش عارف يخلى حسن يوافق إزاي إنه يدي فص من كبده لأخوه…

مصطفى: طب أنا هتكلم معاك، باللغة اللي هتفهمها…

عايز كام، وتتبرع لإبني، اللي تطلبه هديهولك، مليون، إتنين، خمسة…

حسن حس بصدمة كبيرة أوي من كلامه، وبقى واقف مش عارف يرد عليه، الوجع اللي كان حاسس بيه كان كبير أوي…

مصطفى: ولا إيه رأيك هعملك حساب مفتوح، ولو عايز تسافر تعالج اللي حصل فى وشك ده إنت حر…

حسن: اللي حصل لوشي ده كان بسبب إبنك، هو اللي كان سايق العربية…

أنا فكيت حزام الأمان بتاعى عشان أربطله الحزام بتاعه، وفى الوقت ده هو دخل فى عربية الإزاز…

إوعى تكون لسه مصدق إن أنا اللي كنت سايق العربية…

إنت جيت المستشفى بدل ما تعالجنى، خليتهم شوهونى، وبهدلونى، وكل ده كان بفلوسك اللي إنت فرحان بيها…

دي كانت آخر تضحياتى ليكوا…

أما شكلى المشوه ده، خلاص أنا إتعودت عليه، ومش عايز أعمل فيه حاجة…

روح دور على حد تعرف تشتريه بفلوسك، عشان تلحق إبنك اللي باقيلك من الدنيا…

يلا برا بيتي، مش عايز أشوف وشك تاني…

مصطفى: أنا أطلع برا؟ ماشي يا إبن جنات…

مصطفى مشي، وحسن إترمى على أقرب كنبة، مكانتش رجليه شايلاه…

غادة خرجت من الأوضة لما سمعت صوت الباب، والعيال خرجوا وراها…

حتى العيال كانوا ساكتين، وحاسين إن أبوهم مهموم، وحزين…

غادة جريت على حسن اللي كان حاطط راسه بين إيديه، ووشه أحمر من كتر الخنقة، والضيق اللي حاسس بيهم…

غادة: مالك يا حبيبي؟ إيه اللي حصل؟ أبوك كان عايز إيه منك؟

حسن: كان عايز يشتري كبد لإبنه…

غادة: يشتري كبد!! أيوة، وإنت مالك؟

حسن: البيه عايزنى أتبرع بالكبد لإبنه…

غادة: نعم؟ هو إتجنن ده، ولا إيه، يعنى يوم ما ييجيلك بيتك يبقى عايز ياخد كبدك لإبنه؟ ده إيه الإفترا ده؟

حسن إوعى تفكر لحظة إنك تعمل كده، ماشي؟

حسن: لأ طبعا، أنا طردته…

غادة: يلا بالسلامة، شايف العيال واقفين خايفين إزاي، ومش فاهمين حاجة، وحاسين بتوتر…

حسن بص لولاده لقاهم خايفين، وخاصة إياد، كان واقف بيبص لأبوه فى ركن الحيطة…

حسن: تعالوا يا حبايبي…

العيال جريوا عليه، وخدهم فى حضنه، وقعدهم على رجليه…

إياد: بابا؟ لو كنت مش بتحب جاجو، وهو بيزعلك، إحنا كمان مش هنحبه…

المهم إنت ما تزعلش ماشي؟

حسن ضمهم جامد لحضنه، وقال: إنتوا أهم حاجة فى دنيتي، أنا ما بحبش حد قدكوا إنتوا الإتنين…

بس جاجو فى بيني، وبينه مشاكل، وهو اللي مش بيحبني، فهمت؟

إياد: أيوة فهمت، إنت عارف يا بابا أنا بحبك إنت، وماما أوي أوي…

غادة: إحنا كمان بنحبكوا أوي أوي، إيه رأيكوا نقوم ناكل عشان إحنا جعانين؟

حسن: لا لا لأ يلا إلبسي إنتي، والولاد، ونروح ناكل برا، إيه رأيكوا…

العيال قعد ا يهيصوا، وإتبسطوا أوي…

حسن كان عايز يعمل أي حاجة تخرجه من اللي هو فيه…

قضوا اليوم كله برا، ورجعوا آخر الليل…

جنات: حمد الله على السلامة، كده برضه تخرجوا من غيري؟

حسن: سامحيني يا ست الكل، بس أنا عارف إن إنتى فى المستشفى، وإنتى ما كلمتنيش…

جنات: طبعا مسمحاك يا حبيبي، ده أنا بهزر معاك، أنا لسه راجعة من شوية…

العيال كانوا نايمين على إيديهم، دخلوهم يناموا، وخرجوا تاني…

حسن دخل ياخد دش، وغادة قعدت مع حماتها، وحكتلها على زيارة مصطفى لحسن…

جنات إتضايقت جدا، وإستنت حسن يخرج من الحمام…

جنات: إوعى يا حسن تكون وافقت أبوك على طلبه؟

حسن: هو إنتى ليه ما قلتليش؟

جنات: عشان أنا رافضة الموضوع ده، هو ما يستاهلش ضفرك حتى، مش تدخل أوضة العمليات، وتدي كبدك لواحد بتاع كباريهات زي ده…

المهم طمنى، قلت لأبوك إيه؟

حسن: أنا رفضت طلبه طبعا…

جنات: صح كده، يروح يشتري حد بفلوسه…

يلا يا حبيبي قوم إرتاح إنت، ومراتك، تلاقيكوا تعبانين أوي…

حسن دخل ينام هو، ومراته، وقضى طول الليل فى كوابيس، وقلق…

الصبح صبح، كل البيت صحي، وفطروا مع بعض…

جنات راحت المستشفى لإبنها، والعيال راحوا الحضانة…

حسن قعد هو، وغادة مع بعض، هى كانت بتكلمه، وهو شارد…

دماغه مشغولة على الآخر، ومكانش مركز مع مراته خالص…

غادة: إنت سامعنى يا حسن؟ أنا بكلمك…

حسن: ها، أيوة سامعك يا حبيبتي…

غادة: حبيبتك إيه بقى؟ ده كان زمان، إنت دلوقتى قلبك إتزحم بحب عيالك، ومامتك، وحاجات تانية غيري…

حسن خدها فى حضنه: أمي، وعيالي فى مكان، وإنتى فى مكان تاني خالص…

إنتى حبي الوحيد، إنتى اللي مليتي حياتي بعد ما كانت فاضية، مليتيها حب، وفرح…

إنتى الأصل، والباقى كله صور، إنتى الوحيدة اللي ما تخيلش حياتى من غيرها يوم واحد…

عمر ما هييجي حد يشاركك جوا قلبي أبدا…

غادة: فعلا يا حسن، أنا كل ده؟

حسن: وأكتر كمان، أنا ما حبتش، ولا هحب حد غيرك فى حياتي…

غادة: أنا كمان يا حسن عمري ما حبيت فى حياتي غيرك، إنت حبي الأول، والآخير…

إنت عارف إن أنا لحد النهارده كل ما تبصلي، بحس بالكسوف زي ما أكون مراهقة، وحبيبها بيبصلها…

خدها فى حضنه، وسرح بأفكاره لبعيد من تاني…

حسن قام لبس، ولبس الشوز بتاعه…

غادة: إنت رايح فين يا حبيبي؟

حسن: رايح مشوار، وجاي…

غادة: إوعى يا حسن تكون هتعمل اللي أنا بفكر فيه، إوعى؟

حسن: أنا هروح أوضح الدنيا للكل، يلا سلام…

غادة: إستنى يا حسن، إستنى هقولك…

حسن مشي، وراح لأبوه الشركة، السكرتيرة كانت رافضة تدخله من غير ميعاد، بس هو دخل…

حسن: أنا موافق إنى أتبرع لإبنك بالكبد بس بشرط واحد…

مصطفى: الكل يخرج برا، وسيبونى معاه لوحدنا…

كل اللي كانوا قاعدين معاه، خرجوا، وهما مستغربين من دخلة حسن عليهم…

مصطفى خرج دفتر الشيكات…

مصطفى: ها عايز كام، ولا هتروح تتعالج، وتسيب الحساب مفتوح؟

حسن: فلوسك دي ما تلزمنيش، إشبع بيها…

مصطفى: أومال إنت عايز إيه؟ إوعى تكون عايزنى أعترف بيك؟ ده عمره ما هيحصل…

حسن: لأ أنا ما قلتش كده، مش عايزك تعترف بيا…

مصطفى: أومال عايز إيه إتكلم؟

حسن: أنا روحت المستشفى، وعملت التحاليل، وطلعت النتيجة إن أنا مناسب جدا لإبنك…

مصطفى: طيب كويس جدا، إنجز بقى، وقول شرطك إيه عشان نلحق الواد اللي بيموت ده؟

حسن: أنا عايزك تيجي معايا مشوار دلوقتى حالا…

مصطفى: آجي معاك فين يعنى؟

حسن: أنا، وإنت هنعمل رهان صغير…

مصطفى: رهان إزاي يعني؟ وعلى إيه؟

حسن: هروح أنا، وإنت المكان اللي إنت تختاره، وهنعمل تحاليل إثبات نسب…

مصطفى: تحاليل الDNA يعنى؟ طب إيه بقى الرهان؟

حسن: لو أنا فعلا مش إبنك، هتبرع لمحمد إبنك بالكبد بتاعي، وهتعيشوا مع بعض فى سعادة، وهنا…

كمان هشكرك جدا إن إنت فتحتلى بيتك فى يوم من الأيام…

مصطفى: طيب، وبعدين…

حسن: لكن لو كنت أنا فعلا إبنك، فى الحالة دي أنا مش هتبرع لحد بحاجة…

هسيب إبنك يموت قدام عينيك، ويبقى ده تاني حد يموت فى ولادك، وكل ثروتك مش هتعرف تنقذه…

ساعتها مش هيبقالك غيري، أنا هخليك تتحسر على كل اللي عملته فيا، وهسيبك تعيش بالذنب ده لوحدك بقية عمرك…

يومها هتبقى متأكد كويس إنت عملت إيه فى عيالك كلهم، إنت موتهم بإيدك، لما سلمت دماغك للشيطان…

هخليك تندم على أحفادك اللي ضيعتهم من إيديك، ومراتك اللي عشت طول حياتك تتهمها بالخيانة، وضيعتها من إيديك…

مصطفى: إنت عمرك ما كنت إبني، أنا موافق على رهانك ده، عشان أنا واثق من كل اللي بقوله…

إنت اللي هتعيش فى ندم، وخيانة أمك هتبان، إنت مش إبني…

حسن: تمام، يلا بينا…

نزلوا، وراحوا المستشفى اللي محجوز محمد فيها، عشان مصطفى بيثق فى الدكاترة اللي هناك، ويعرفهم كويس…

فى الوقت ده كانت غادة بتحاول تتصل بحسن بس مكانش بيرد عليها…

آخيرا كلمها، وقالها على مكانه، وكلهم عرفوا بموضوع الرهان…

كلهم كانوا مستنين النتيجة تطلع، وأكتر واحد كان خايف هو محمد، عشان هو عارف النتيجة كويس…

محمد إتصل بالمحامي بتاعه، وإستغل إن أبوه مشغول…

محمد: يلا نفذ اللي إتفقنا عليه حالا، عشان الوقت مش فى صالحنا…

المحامي: تمام هبدأ الإجراءات من دلوقتى…

النتيجة بتاعة التحاليل بتتأخر شوية، وساعات الإنتظار طويلة…

كل واحد فيهم كان قلقان، ومتوتر…

مصطفى كان عمال يفكر، ودماغه مشغولة جامد “يا ترى فعلا ممكن يكون إبني، لأ مش ممكن، هو عمره ما كان إبني، ولا هيكون…

بس جنات طول عمرها بتحلفلي، ومصممة إنه إبني…

خليك فاكر جنات خانتك، هى السبب…

طب ما يمكن تكون فعلا صادقة، ويطلع فعلا إبنك…

إنت عارف عملت فيه إيه، إنت أذيته كتير أوي، وشوهت وشه كمان، وهنته، وعذبته”

مصطفى بص على حسن من بعيد، وكان ماسك إيد مراته…

“حتى لو كان مش إبنك، إزاي تعمل كده فى عيل صغير، وتأذيه الأذى ده كله؟

إنت عمرك ما آذيت حد، إزاي تعمل كده فى عيل برئ، مالوش ذنب فى أي حاجة…

كمان رميته فى الشارع، وناس تانية هما اللي ربوه…

طب هو إزاي واجه الناس بشكله ده، طب عاش كده إزاي؟

إنت مش ممكن تكون بني آدم أبدا، إنت مسخ، إنت مشوه…

اللي يعمل كده فى عيل صغير يبقى مش بني آدم…

إنت طول عمرك بتقوله مسخ، لأ إنت اللي مسخ، إنت اللي مسخ مشوه”

مصطفى قام وقف فجأة، وهو بيقول: بس كفاية…

كل الموجودين بصوله بإستغراب…

مصطفى: أنا رايح الحمام…

سابهم، ودخل الحمام، ودي كانت أول مرة يواجه ضميره، ومن غير ما يحس دموعه نزلت، وغرقت وشه…

مصطفى إفتكر قصة حبه مع جنات، وإزاي إتحدت الدنيا كلها عشانه…

إزاي قابل حبها، وتضحياتها دي، وإتهمها بالخيانة، جنات عمرها ما تخونه أبدا…

إزاي سمع كلام أمه، هى اصلا ما بتحبش جنات، هى اللي سممت أفكاره…

إزاي صدق محمد، ومشي وراه، وخسر مراته، وإبنه…

إبنه؟ معقولة يكون فعلا إبنه، يا ويلي من وجع القلب اللي مستنيني…

هو إزاي عمره ما فكر فى الإحتمال ده؟

ليه عاند، وكابر بالشكل ده، وكان متأكد أوي كده…

حسن خبط على باب الحمام، وفتحه…

حسن: تعالى النتيجة ظهرت…

مصطفى كان قلبه واجعه جدا، ومكانش قادر يتحرك…

آخيرا مسك أعصابه، وراح ورا حسن…

الدكتور دخل، وسلم النتيجة لمصطفى…

حسن: إفتح الظرف، وإقرا النتيجة، وإعرف الحقيقة اللي نغصت عليك حياتك اللي راحت…

شوف مراتك كانت فعلا خاينة، ولا كانت صاينة شرفك، وإنت إتهمتها بالباطل…

مصطفى كان بيبصله، وإيديه بتترعش، ومش قادر يتكلم…

فتح الظرف، وشاف النتيجة، وإترمى على أقرب كرسي، ومكانش قادر حتى ياخد نفسه…

جنات: مالك يا مصطفى؟ المفاجأة كانت تقيلة عليك؟

كنت مستني ورقة هي اللي تثبتلك إن حسن إبنك؟ وريني بقى هتعيش إزاي؟

مصطفى مش مستوعب اللي بيحصل، معقول حسن يبقى إبني؟

طب هواجهه إزاي؟ وهيسامحني إزاي؟ ومراتي اللي أنا خسرتها، هتسامحني إزاي؟

مصطفى: جنات أنا——

جنات: إنت عايز تعتذر مش كده؟ بس اللي حصل ما ينفعش فيه أي إعتذار…

إنت يا مصطفى إخترت حياتك بنفسك، شوف بقى هتعمل إيه مع حسن…

مصطفى بص لحسن، ووشه اللي شوهه بإيديه، وكان بيفتكر كل كلمة قالهاله فى يوم من الأيام…

كام مرة قاله أنا بكرهك، إنت مش إبني، إنت مسخ…

قد إيه وجعه، وأهانه، وضربه على حاجات كان عارف كويس إنه معملهاش…

قد إيه كان بيحرمه حتى من أقل حقوقه إنه ياكل معاهم، أو حتى ياكل أصلا…

كام مرة خلاه ينام جعان، وبردان، ومضروب…

حتى لو مكانش إبنه، مكانش من حقه يعمل كده أبدا، ده حنين على الأطفال كلهم، إزاي يعمل كده؟

إزاي يجيب الكرباج، ويجلده لحد ما يجيب دم؟ زي ما يكون عبد إشتراه فى زمن العبيد، إزاي يعذبه كل العذاب ده؟

ده شوه إبنه، وطلب من الدكتور إنه يبقى مشوه…

للدرجة دي هو كان إبليس، ده إبليس ما يعملش اللي هو عمله فى إبنه…

مصطفى كان بيبص لحسن، ومش قادر ينطق…

حسن: شايف أنا إزاي كسبت الرهان، وإنت خسرت…

أنا لو مكانك هقوم بسرعة أدور على متبرع لإبني…

يلا قوم، وحضر دفتر شيكاتك، محمد هو الوحيد اللي فاضلك من عيالك…

مصطفى: حسن إبني…

حسن: إبنك؟ لأ أنا مش إبنك، إنت من شوية إتخليت عن الحق ده، إوعى تقول إن أنا إبنك…

إوعى تقولها مش هسمحلك تتكلم دلوقتي، بعد إذنك…

حسن خد مراته، وأمه، وسابوه قاعد مش قادر يتكلم…

فضل قاعد مش قادر يتحرك، الماضي، وذكرياته كانوا بينهشوا فيه…

حس بقلبه بيوجعه جدا، وقام من مكانه، وفجأة وقع من طوله فاقد الوعي…

بسرعة شالوه، وكشفوا عليه، وطلع عنده أزمة قلبية شديدة…

محمد كان فى ساعاته الآخيرة، ومفيش حد إتبرعله…

حسن كان قاعد فى بيته مع عياله، ومراته، وأمه بيضحكوا، ويهزروا بس جواهم خوف، وقلق…

جنات كانت شايلة هم إبنها، وجوزها، لكن قلبها إتطمن فى وجود حسن فى حياتها، ورجوعه لحضنها من تاني…

غادة كانت من جواها قلقانة على حسن، أيوة ابوه إعترف بيه، لكن كانت خايفة حسن يرجع فى كلامه، ويروح يتبرع لأخوه…

حسن عمره ما إتخلى عن حد محتاجله، يارب المرة دي يطلع أناني المرة، ويفكر فى نفسه، وبس…

حسن كان فى صراع جواه، كان أبوه يعني لازم يتصرف بالشكل ده…

محمد كمان طول عمره ما بيحبش غير نفسه، بس يا ترى هو يستاهل يتعاقب بالشكل ده؟

هو كمان كان ضحية، وخسر طول حياته…

على آخر الليل حسن خرج من أوضته، وكان مخنوق جدا…

سمع صوت عياط أمه كان خارج من أوضتها، حسن خبط عليها، ودخلها…

حسن: مالك يا أمي؟ إوعي يكون محمد جراله حاجة؟

جنات: لأ هو كويس…

حسن: طب أومال بتعيطي ليه؟

لو كنتي عايزاني أروح دلوقتى المستشفى، وأتبرع لمحمد، أنا مش

هتأخر…

جنات: لأ طبعا أنا مش عايزاك تعمل كده…

حسن: طب أومال مالك؟ بتعيطي بحرقة كده ليه؟

حسن دخل أوضته عشان يلبس، وغادة فاقت من النوم…

غادة: إنت رايح فين؟

حسن: رايح المستشفى…

غادة: إيه ده ليه؟ هو إنت تعبان؟

حسن: لأ أنا كويس، ما تقلقيش أنا رايح بأمي…

مصطفى جاتله أزمة قلبية، وهي عايزة تروحله، وأنا هوصلها…

غادة قامت، وخدت حسن فى حضنها…

غادة: طب إنت عامل إيه دلوقتى؟

حسن: أنا كويس يا غادة ما تقلقيش عليا…

حسن خرج لأمه، وكانت جاهزة، خدها، ومشي، ووداها المستشفى…

راحوا المستشفى، ودخلوا أوضة مصطفى، ولما حس بيهم فتح عينيه…

مصطفى: إنتوا جيتوا؟ أنا كنت مستنيكوا…

حسن: أنا ماشي يا أمي لما تحبي تروحي كلميني، هاجى آخدك…

مصطفى: حسن إستنى، سامحيني يا إبني…

حسن: خلاص وقت السماح إنتهى، سلامو عليكو…

مصطفى: جنات أرجوكي سامحيني، وخلى حسن يسامحنى أرجوكي…

جنات: أسامحك على إيه، ولا إيه؟ وأخلى حسن يسامحك إزاي بعد كل اللي إنت عملته؟

مش وقت أي كلام دلوقتى، قوم إنت بالسلامة، وربنا يعدلها…

حسن خرج من عند أبوه، وكان فى صراع جواه، ومشاعره متلخبطة…

راح يبص على أخوه، لقى وضعه صعب جدا، وجسمه كان متوصل بأسلاك كتير…

الدكتور دخل يشوف محمد، وكان حسن لسه واقف…

حسن:  هو مالوش حل يا دكتور غير موضوع التبرع بالكبد ده؟

الدكتور: لأ للأسف، جسمه مبقاش مستحمل، واللي فاضله مش كتير، إحتمال يموت فى أي وقت…

حسن: طب لو لقينا متبرع؟

الدكتور: هنلاقى فين؟ مبقاش فى وقت ندور على متبرع…

حسن: أنا اللي هتبرعله يا دكتور، أنا عملت تحاليل، وينفع أتبرعله…

الدكتور: هو إنت اللي عملت التحاليل النهارده الصبح؟

حسن: أيوة أنا…

الدكتور: طب كويس أوي…

حسن: كده العملية هتتحدد إمتى؟

الدكتور: حالا دلوقتى مفيش وقت نضيعه…

أنا هقولهم يجهزوا أوضة العمليات، وهبلغ أبوه عشان يتفائل شوية…

حسن: لأ يا دكتور إنت مش هتبلغ حد بحاجة، أنا مش عايز حد يعرف غير بعد العملية، وإلا هلغى الموضوع..

الدكتور: خلاص اللي تشوفه…

أوضة العمليات جهزت، وحسن لبس لبس التعقيم، وجهز، ودخل أوضة العمليات…

حسن: إستنى يا دكتور، أنا عايز أعمل تليفون الأول…

الدكتور: لأ بعدين مش وقته…

حسن: لو سمحت يا دكتور عايز تليفونى هعمل مكالمة مهمة…

حسن إتصل بغادة عشان يسمع صوتها قبل ما يتخدر…

غادة: أيوة يا حبيبي إنت فين؟ يلا تعالى إيه اللي آخرك كده؟

حسن: غادة…

غادة: مال صوتك يا حسن؟ إنت برضه عملت اللى أنا خايفة منه؟ ليه كده يا حسن؟

حسن: بكرا الصبح تيجي تاخديني من المستشفى، إنتى فاهمة الصبح؟

غادة: حسن بلاش عشان خاطري، إرجع يا حسن…

حسن: خلاص بقى يا غادة، أنا ما تعودتش على الندالة…

مستحيل تبقى حياة حد واقفة عليا، وأنا أتخلى عنه، ما إنتى عرفاني…

زي ما قلتلك الصبح تيجي تاخديني…

غادة: لأ أنا جاية دلوقتى…

حسن: لأ ما ينفعش تيجي دلوقتى عشان العيال، تعالى الصبح خديني زي ما قلتلك، يلا سلام…

حسن خلص المكالمة، وبص للدكاترة…

حسن: أنا دلوقتى جاهز إبدأوا…

إدوله حقنة المخدر، وبدأ يغيب عن الوعي شوية، شوية…

الدكتور: عايز مشرط.

الممرضة إدته المشرط…

حسن كان نايم قدامهم، ومن جواه بيقول: “هو أنا سامعهم إزاي، وهما بيتكلموا، مش يمكن بيتهيألي؟

إيه ده أنا كمان حاسس باللي بيعملوه فى جسمي…

صوته مش بيطلع، وجسمه مش بيتحرك، لأ أنا مش هقدر أعيش التجربة دي تانى”

حسن كان عايز يصرخ بعلو صوته، أو يتحرك لكن ما قدرش…

كان حاسس بيهم، وهما بيشرحوا فيه…

كمان حس بيهم، وهما بيفتحوا بطنه…

بدأ حسن يهدي نفسه، ويحاول يفكر فى أي حاجة تانية عشان يشتت إنتباهه…

حاول يفكر فى غادة، وحبه ليها، ويفتكر لعبه مع لولى، وإياد…

حاول يفكر فى أمه، وحرمانه منها طول السنين اللي فاتت…

الدكتور: أيوة الكبد قدامنا أهه، هنشيل جزء منه…

لأ يا حسن حاول ما تسمعهمش، ومتركزش معاهم، وفكر فى عيالك…

فجأة حسن لقى حد بيفتحله عينيه، وبص لقى الدكتور إياه…

اللي كان السبب فى الجروح اللي فى جسمه، ووشه…

الدكتور: إزيك يا حسن؟ يا ترى فاكرنى؟ أكيد طبعا ما قدرتش تنساني…

إنت طبعا مش هتقدر تنطق، أو تتحرك، عارف ليه؟ عشان إنت بقيت مشلول…

آخد بقى اللي أنا عايزه من جسمك، آخد كلية، ولا آخد الإتنين، ولا آخد قلبك…

يا حرام مراتك لسه صغيرة، وعيالك لسه بيبيهات، هيتيتموا بدري، يا خسارة…

بص أنا هسيب قلبك للآخر، وهشيل كل حتة من بطنك بمزاج، خليك إتفرج للآخر، وإستمتع يا حسن…

حسن كان حاسس بوجع رهيب، والوجع عمال يزيد، ويكبر أوي…

يا دكتور هو ليه مش بيفوق لحد دلوقتى…

حسن فتح عينيه، وهو واثق إن ده صوت غادة…

حسن: خديني من هنا بسرعة يا غادة…

الدكتور: أهه فاق الحمد لله، حمد الله على سلامتك يا بطل…

غادة: حسن يا حبيبي، حمد الله على سلامتك، أنا كنت قلقانة عليك…

حسن: خرجيني من هنا يا غادة…

غادة: أنا مش مفسرة كلامك خالص، ريح نفسك يا حبيبي، أنا معاك أهه…

حسن: غادة بقولك مشيني من هنا بسرعة…

غادة: أمشيك إزاي من هنا؟ إنت لسه خارج من العمليات…

حسن: عشان خاطري يا غادة خديني من هنا، عشان خاطري…

غادة: يا حبيبي إنت مش هتقدر تتحرك دلوقتى أصلا، إستنى بس لما تفوق…

حسن كان فعلا بيحاول يقوم، وكانت غادة مسكاه، ومقيدة حركته…

غادة: طب إستنى بس أنا هروح أنده الدكتور…

حسن: إستني يا غادة، ده الدكتور ده هو اللي…

غادة: هو اللي إيه؟ أنا مش فاهمة حاجة يا حسن، عشان خاطري إرتاح فى سريرك…

حسن: إسمعيني بس، دول عايزين يموتوني، وياخدوا أعضائي…

غادة: يا حبيبي دي هلوسة البنج، مفيش الكلام ده…

حسن: يا غادة إفهميني، الدكتور اللي عمللى العملية إمبارح، هو هو نفس الدكتور اللي شوهنى زمان…

هما إدوني حقنة، شلوني بيها لكن كنت حاسس بكل حاجة…

إفهمي هى دي نفس الحقنة اللي كان بيديهالي زمان آخدها، وأتشل بس ببقى حاسس بكل الوجع، خديني من هنا أرجوكي…

غادة: إنت إيه اللي بتقوله ده؟

حسن: بقولك خرجيني من هنا لو سمحتى…

الدكتور ده هو نفسه اللي شوهني زمان، هو أنا بتكلم هيروغليفي؟

غادة: لأ طبعا هى الدنيا سايبة، أصبر أنا هعرف إيه اللي بيحصل…

غادة خرجت، وبعد شوية دخلت هي، ومامت حسن، والدكتور…

جنات: حمد الله على سلامتك يا حبيبي، ليه عملت كده يا حسن؟

غادة: أهه يا حسن الدكتور اللي عملك العملية…

حسن: لأ مش هو ده يا غادة، فى دكتور تاني، دول بيكدبوا عليكي…

الدكتور: مالك يا سيادة المقدم، أنا بنفسي اللي عملتلك العملية، يا ريت ترتاح…

حسن: لأ مش إنت اللي عملتها، كان فى دكتور تاني، أنا كنت حاسس، مكنتش متبنج، وكمان سرقتوا منى كلية…

جنات: يا خبر إسود، ده أنا هوديكوا فى ستين داهية، وأقفلهالكوا…

الدكتور: يا مدام، سيادة المقدم لسه تحت تأثير البنج…

أنا اللي عملتله العملية بنفسي، وخدنا جزء من الكبد، وبيتزرع دلوقتى فى أخوه، وهو كان متبنج…

أصلا لو مكانش متبنج، كان مجرد ما هنفتح بطنه، كان هيغمى عليه فورا من كتر الوجع…

شكل سيادة المقدم شاف كابوس تقيل شوية، وحس إنه حقيقى…

حسن: إنت كداب، ما حدش يصدقه…

الدكتور: طب ثوانى، وأنا هثبتلكوا صحة كلامي…

الدكتور خرج، ورجع معاه جهاز الأشعة، وكان معاه دكتور تاني…

الدكتور: ده دكتور التخدير، اللي كان موجود معايا فى أوضة العمليات…

دكتور التخدير: يا سيادة المقدم، سعادتك كنت متبنج تماما طول العملية، وما حستش بأي حاجة، اللي إنت فيه ده تأثير البنج بس…

الدكتور فتح جهاز الأشعة، وحطه على بطن حسن…

الدكتور: قدامك الكليتين أهم دي واحدة، واالتانية أهيه الناحية اللي قصادها…

غادة: أيوة صح يا حسن، هو مش بيكدب…

حسن: لأ هما بيكدبوا عليا، طب أنا عايز أشوف الجرح…

الدكتور شال الغطا، وحسن بص على الجرح…

كان جرح صغير، ومتخيط بطريقة مبتكرة…

معقول كل ده فعلا كان كابوس؟

حسن: غادة خديني على البيت أنا مش مرتاح، وانا موجود هنا…

مش هقدر أعيش الكوابيس دى من تاني…

حسن كان مصمم، وغادة مكانش فى إيديها غير إنها تسمع كلامه…

خدت حسن على كرسي عجل، وخرجوا من الأوضة، ولقى أبوه فى وشه…

مصطفى: ليه يا حسن عملت كده؟ ليه ما خلتنيش أتحمل عقابي؟ ليه بتوجعني تاني؟

حسن: أنا عملت كده عشان أمي، مش عشانك إنت…

حسن بص لأمه، وكمل طريقه…

كانوا خلاص خارجين من المشتشفى، وسمعوا حد بينده عليهم…

حسن وقف، وإتفاجئ بالدكتور اللي شوهه واقف قدامه…

الدكتور: إستنى أرجوك، أنا قالب عليك الدنيا من زمان، ودورت عليك فى كل حتة…

حسن: عايز منى إيه تاني؟

الدكتور: أنا عارف إن إنت تعبان، بس معلش تعالى معايا لحظة…

حسن: عايزنى آجي معاك فين؟ هو إنت مجنون؟

الدكتور: أنا عايز أوريك إنتقام ربنا، ربنا بيمهل، ولا يهمل، تعالى معايا أرجوك…

الدكتور خدهم، وراح بيهم عند أوضة، فتحها…

كان فيها طفل صغير بس كان مشوه، والتشوه بتاعه كان أكتر من اللي عند حسن بكتير…

الدكتور: إوعى تستغرب، ده إتولد كده، ما حدش عمل فيه حاجة…

ده يبقى حفيدي، ده تاني حفيد ليا، الأولانى برضه كان مولود كده…

بس عاش كام سنة، ومات، وده كمان نفس الوضع، وكمان عنده القلب…

متهيألي إن هو كمان هيموت زي أخوه…

دلوقتى مرات إبني حامل، وقربت تولد، وإبني اللي هو جوزها مات من شهرين…

أنا بترجاك تسامحني يا حسن، عشان ربنا يسامحني، ويخليلي حفيدي اللي هيتولد، أرجوك…

أنا بقالى سنين بدور عليك، ومش عارف ألاقيك، أرجوك…

حسن: دلوقتى صحي ضميرك، وعايزنى أسامحك…

لأ أنا مش مسامحك، ومش مسامح أبويا، ومش مسامح أي حد ما رحمنيش…

الدكتور: يا حسن إنت ربنا إنتقملك مننا كلنا، حتى الممرضات كمان دفعوا تمن اللي عملوه فيك…

واحدة ماتت فى حادثة كبيرة، والتانية إتسجنت، والتالتة عيانة بمرض خطير، بياكل فى جسمها واحدة واحدة…

الدكتور نزل عشان يبوس رجل حسن، بس حسن سحب رجليه…

حسن: روح منك لله، أنا عمري ما دعيت على حد، بس الظلم ظلمات…

ربنا خدلى حقى منكوا، لو كنت عايز أخد حقى، أنا كنت جيتلك بنفسي، ووريتك العذاب ألوان…

لكن أنا وكلت أمري لله، وربنا جابلي حقى…

حسن خد أمه، ومراته، وروحوا البيت عشان يرتاح من العملية واحدة واحدة…

محمد فاق من البنج، وكان أبوه قاعد جنبه، وسأله عن اللي حصل…

مصطفى: خلاص إنت هتبقى زي الفل، أخوك إتبرعلك بكليته…

إن شاء الله هنعيش مع بعض كلنا من تاني…

أنا مش هسيب حسن غير لما يسامحني، ونعيش كلنا مع بعض…

إنت لما تشوف إياد، ولولي هتحبهم أوي يا محمد…

محمد: أه، وماله، إن شاء الله…

محمد من جواه إتأكد إن القرار اللي خده، وإجرائاته اللي بتتنفذ كان صح من وجهة نظره…

إتصل بالمحامي عشان يكمل الإجراءات من سكات، ومن غير ما أبوه يحس بحاجة…

حسن كان فى بيته بيتحسن يوم عن يوم، والحياة بدأت ترجع لطبيعتها…

مصطفى كان بيحاول يستسمح حسن، وجنات، لكن الإتنين كانوا رافضين حتى يسمعوه…

كان بيروح مدرسة العيال عشان حتى يشوفهم من بعيد…

حسن كان عارف بس كان مطنش، وسايبه، بس مكانش يقدر يقرب منهم…

فى مرة كان حسن بيوصل ولاده، وجه مصطفى قرب، وكلمه…

مصطفى: أرجوك سامحني يا حسن، خليني أعرف أعوضك على اللي عملته فيك، ما إنت سامحت أمك…

حسن: أيوة أنا سامحتها، عشان هى كانت ضعيفة، وإنت كنت جابرها، لكن إنت حاجة تانية…

مصطفى: بس أنا عارف إن إنت بتحب مراتك أوي، يبقى المفروض تعذرني…

حسن: أنا عشان بحب مراتي أوي، مش لاقيلك عذر…

مصطفى: طب تخيل كده لو إنت عرفت إن مراتك اللي إنت بتحبها أوي دي بتخونك…

عرفت كمان إنها حامل، وجابتلك عيل، إنت هتقدر تسامح، وتربي عيل إنت عارف إن هو مش إبنك، قول الصراحة؟

حسن: أنا عشان بحب مراتي أوي عمري ما هصدق إن هي بتخوني…

لو الدنيا كلها قالتلي مراتك خاينة، برضه مش هصدق، إلا فى حالة واحدة بس…

إن أنا أشوف خيانتها بعنيا مع واحد، لكن لا هفترض، ولا هخمن…

عشان لو ده حصل فعلا، وأنا شوفت بعنيا، تبقى هى عمرها ما حبتني…

فى الوقت ده هنسحب من حياتها فى منتهى الهدوء، هطلقها، وتروح تعيش حياتها مع اللي بتحبه، عشان الحب مش بالعافية…

حتى لو كان فى عيل، هي هتتحمل مسئوليته، أنا مش هبقى الجلاد لمراتى، وإبنها أبدا…

مصطفى: طب إنت ملاك لكن أنا كنت بشر عادي…

حسن: لأ البشر ما يعملوش اللي إنت عملته أبدا، إنت كنت وحش مش بني آدم…

أنا، وأمي عيشنا ٣٠ سنة فى عذاب، دلوقتى الدور عليك إنت…

أنا مش هسامحك أبدا، إنت لازم تدوق اللي إحنا دوقناه…

حسن سابه، ومشي، ومصطفى واقف يعض على إيده من الندم…

محمد كان ملاحظ إنشغال أبوه عن الشركة، وعنه..

كانت خطته ماشية زي ما هو عايز بالظبط، وأبوه مش حاسس بحاجة…

فى يوم كان أبوه قاعد معاه…

مصطفى: يا محمد إحنا لازم نحاول نصالح حسن، عشان نتلم كلنا، ونبقى عيلة واحدة…

أنا عايز أعوض إبني عن اللي عملته فيه…

أنا هكتب نص ثروتي لحسن، وولاده، يمكن أخليه يسامحني…

محمد: أيوة أنا كنت عارف إن ده اللي هيحصل من الأول، لو كنت عرفت إن حسن إبنك، كنت هتحبه أكتر مني…

هي ستي اللي كانت عارفة، وخلتني أكرهك فيه، هى كان عندها حق…

مصطفى: إنت بتقول إيه؟ إيه اللي دخل ستك فى الموضوع؟

محمد: أنا بعد ما عملت المستحيل عشان أبعد حسن عننا، إنت جاى دلوقتى، وعايز ترجعهولى؟

كمان عايز تديه نص الأملاك، كل حاجة ملكي أنا، أنا اللي إشتغلت، وتعبت، ده فى أحلامك…

محمد: أيوة ماما كانت ست شريفة، وجدتى هى اللي لقنتني الكلام اللي هقولهولك…

حتى الدكتور ستى إديته قرشين عشان يقولك إن حسن مولود فى ميعاده مش قبل ميعاده…

أنا عشت فى الدور كويس، وإنت صدقت كل اللي أنا قلته…

بس خد بالك أنا مش السبب فى اللي حصل، لأ إنت السبب…

عشان إنت لو كنت واثق من حبكوا لبعض، مكنتش هتصدق حاجة عليها…

لكن إنت صدقتنا بمنتهى السهولة، وعذبت إبنك…

عايز أقولك كمان إن كل البلاوي اللي أنا كنت بعملها كنت برميها على حسن، وإنت برضه كنت بتصدقنى، وبتعاقبه، وتعذبه…

كنت أنا برمي عليه كل ده، وإنت بتجلده، وتحرمه من الأكل، وتنيمه جعان…

مصطفى: إيه اللي أنا بسمعه ده؟ إنت عملت كده ليه؟ ده إنت إبني…

محمد: ماشي أنا إبنك بس مبحبش شريك، وإنتوا جيبتولى شريك، وأنا كان لازم أزيحه من طريقى عشان أفضل أنا، وبس…

الباب فجاة خبط، والمحامي دخل…

المحامي: مبروك يا محمد بيه إنت كسبت القضية…

مصطفى: قضية؟ قضية إيه دي؟

محمد: أنا حجرت عليك، عشان كنت عارف اللي هيحصل لما تعرف إن حسن إبنك…

روح بقى إستعطف إبنك يمكن يسامحك، ولا روح مد إيدك للناس، عشان إنت دلوقتى بقيت على الحديدة…

كل حاجة تخصك بقت بتاعتي أنا بس، حتى البيت ده، يلا إطلع برا…

مصطفى مكانش مستوعب إيه اللي بيحصل…

قام، وخرج من الأوضة، ورجليه كانت شيلاه بالعافية…

هو من وقت ما عرف إن حسن إبنه، وهو تعبان بس كان بيقاوم عشان يخليه يسامحه…

خلاص كده إبنه مش مسامحه، وبنته اللي كان متعلق بيها ماتت…

حتى إبنه اللي عاش عمره كله يدلعه، ويلبي كل طلباته طرده من البيت…

مصطفى فجأة وقع من طوله مغمى عليه…

أما عن حسن فكان عايش مبسوط مع أمه، ومراته، وعياله، بس حس إن أمه كانت حزينة…

حسن: بصي يا أمي إنتي لو عايزة ترجعى البيت الكبير، أنا مش هزعل…

بيتى هيفضل مفتوحلك دايما…

غادة: إحنا كلنا بنحبك، وبعدين إنتى عندك حق محدش يسيب الفيلا، والخدم، والحشم، وييجي يعيش هنا…

جنات: لأ طبعا ما ينفعش أسيب الحب، والدفا اللي لقيته معاكوا هنا، وأرجع للفيلا الكبيرة الباردة…

أنا خلاص ما بقتش أعرف أعيش بعيد عنكوا، ده كفاية ضحكة لولي، وإياد، دول بالدنيا عندى…

حسن: أيوة، وأبوهم مش فى الليلة دي بقى، ولا إيه؟

جنات: لأ يا حبيبي ده إنت النفس اللي أنا بتنفس بيه، إنت إبني، وحبيبي، وسندي فى الدنيا…

حسن: طب أومال مالك حزينة ليه؟

جنات: أبوك يا حسن…

حسن: أيوة قولى بقى إنك حنيتي، ما أنا قلتلك سامحيه…

جنات: لا مش ده اللي مضايقنى، أبوك حالته بقت صعبة أوي…

بعد اللي عمله محمد فيه، وغدره بيه…

حسن: حالته إيه، وصعبة إزاي؟ ومحمد عمله إيه؟ ما تفهميني…

جنات: هو إنت ما تعرفش اللي حصل لأبوك؟

حسن: لأ أنا معرفش عنه حاجة…

جنات: أبوك بعد ما عرف إنك إبنه، وإتأكد كان عايز يعوضك، ويديك نصيبك…

حسن: بس أنا مش عايز منه حاجة…

جنات: المهم لما محمد عرف، عمل خطة كبيرة، وخد كل حاجة، وكتبها بإسمه…

رفع قضية حجر على أبوك، وكسبها، وطرد أبوك من البيت…

حسن: اللي إنتى قلتيه ده أنا مش مستغربه، محمد يعمل كل ده، وأكتر…

طول عمره أناني، وجاحد، ودماغه دماغ شياطين…

ما هو إنتى لما تربي تعبان، وتكبريه، أول واحد هيقرصه هتبقى إنتي…

طب وإيه اللي حصل لمصطفى؟

جنات: تعب جامد، وجاله أزمة قلبية تاني، بس المرة دي ما قامش…

إتشل، ومحمد خده رماه فى دار مسنين…

حسن لما سمع كده إتنفض، وقام وقف، ووشه إحمر…

حسن: دار مسنين؟ ليه هو فقير؟ هو مش هيقدر يصرف عليه، ويجيبله ناس تخدمه؟

محمد عدى حدود الندالة، والوقاحة بكتير…

حسن قضى الليل كله بيتقلب، ودماغه من كتر التفكير هتنفجر…

غادة: شكلها مفيهاش نوم الليلة دي…

حسن: معلش يا حبيبتي، أنا دماغى مشغولة، ومش عارف أنام…

غادة: أيوة أنا عارفة والله، عارفة إيه اللي شاغل دماغك، ومش مخليك عارف تنام…

حسن: طب إنتى شايفة إيه؟

غادة: اللي إنت شايفه صح أعمله، وأنا معاك يا حبيبي…

حسن: بس ده هيبقى كتير أوي عليكي، وحاجة مش من حقى أخليكي تعمليها…

غادة: حسن إنت عارف إن أنا بحبك، وبحب أي حاجة تهمك…

بيتنا هيبقى مفتوح لأي حد ييجي من ريحتك، ولو ما شالتوش الأرض هشيله فى عينيا…

حسن: أنا بحبك أوي…

غادة: أنا كمان بحبك أوي…

حسن: هو إنتى إيه العقل اللي نزل عليكى فجأة ده؟

غادة: ليه بقى أنا كنت قبل كده مجنونة، وبشد فى شعري…

حسن: هو إنتى كنتي مجنونة، ومجنناني معاكي…

خاصة أول سنة جواز، كنتى على طول بتدخلى أبوكي فى وسطينا، فاكرة، ولا نسيتي إنك كنتى مجنناني…

غادة: معلش بقى يا حبيبي، أنا كنت لسه عيلة مش فاهمة الدنيا ماشية إزاي…

مكنتش عارفة يعنى إيه حب كبير، ومكنتش فهماك…

بس دلوقتى كبرت، وعرفت الدنيا، وقدرت حبك ليا، وكبرت معاك…

حسن: غادة هو أنا ينفع أسألك سؤال بس عايزك تجاوبيني عليه بصراحة من غير مجاملة؟

غادة: إسأل يا حبيبي…

حسن: إنتى جه عليكي وقت إتضايقتي فيه من شكلى، وإتمنيتي من جواكي إنه يبقى غير كده؟

غادة مسكت وش حسن بإيديها، وقعدت تبوس كل حته فيه، ودي كانت الإجابة…

صبح الصباح، وحسن قام راح لأبوه دار المسنين، وخلص كل الورق…

مصطفى إتفاجئ بيه داخل عليه الأوضة…

حسن: إنت ما ينفعش تبقى هنا، إنت هتيجي معايا…

مصطفى: إهمممم، إمممم.

حسن بص للممرض اللي كان معاه، وقاله: هو ماله عايز يقول إيه؟

الممرض: الأزمة اللي حصلتله خلته مشلول، ومش قادر يتكلم…

بس الدكتور قال إنه هيتكلم مع العلاج، وهيقف من تاني على رجله، هى مسألة وقت مش أكتر…

حسن: هو يعنى ما بيتكلمش؟

الممرض: لأ للأسف…

حسن: أنا جيت عشان آخدك على بيتي، ماشي؟

حسن قرب عشان يشيل أبوه، ويحطه على الكرسي العجل…

أبوه كان معترض، ومش عايزه يشيله…

حسن: فيه إيه مالك؟ مش عايز تيجي معايا ليه؟

مصطفى عينه دمعت، وقعد يعيط، عيط من الندم على كل اللي عمله فى حسن…

حسن: خلاص بقى كفاية عياط، يلا بينا، ده الولاد هيفرحوا أوي لما يشوفوك…

حسن مسح لأبوه دموعه، وخده على البيت، ودخل بيه بيجره على الكرسي العجل…

حسن: إنتى فين يا جنتي، تعالى جايبلك مفاجأة معايا…

أمه خرجت لما سمعت صوته، وفرحت أوي، وبصت لحسن بصة شكر طويلة على اللي بيعمله معاهم…

غادة كمان خرجت بالعيال اللي لما شافوا جاجو حبيبهم جريوا، وطلعوا على رجليه…

حسن حاول يشيلهم، بس أبوه رفض، وفضل حاضنهم…

مصطفى عاش فى بيت حسن، وكان عايش بتأنيب الضمير اللي كان هيموته…

كان كل شوية يحاول يستسمح حسن، وحسن مكانش بيرد عليه…

حسن من جواه كان مسامحه عشان هو بيحبه، وعمره ما قدر يكرهه فى يوم من الأيام…

كان حسن لما بيبقى موجود هو اللي كان بيقوم بخدمته، ويعمله كل اللي هو عايزه…

كان لما مصطفى يبصله، ويعيط، كان بيمسحله دموعه، ويقوله: كفاية دموع…

مصطفى فى يوم طلب ورقة، وقلم، وكتب حاجة لحسن…

مصطفى كتب: أنا عايزك ترجع تشيل إسمي…

حسن: ما ينفعش أنا آسف، أنا إتعودت على إسمي ده، وإتعرفت بيه فى شغلى…

كل حياتى، وورقى بالإسم ده، مش هينفع أغير كل ده…

مصطفى كتب: أنا عارف إن إنت مش عايز تشيل إسمي، بس أنا كان ليا هدف من الموضوع ده…

حسن: زي إيه يعني؟

مصطفى كتب: أنا كنت عايزك ترفع قضية على محمد، وترجع حقك، وحق أمك اللي هو نهبه…

حسن: إنت عايزنى أرفع قضية على محمد عشان الفلوس؟

هو إنت لسه مفكر إن الفلوس كل حاجة؟

الفلوس عمرها ما جابت راحة البال، والسعادة…

قلى إنت كان معاك فلوس كتير، عملتلك إيه الفلوس؟

أنا آسف بس أنا مش عايز حاجة من فلوسك، ومش هعمل حاجة لمحمد، خليه يشبع بيها…

أنا كده كويس، ومبسوط، وزي الفل، إلا بقى لو كنت إنت عايز حاجة تانية…

مصطفى كتب: لأ أنا عليك إنت، كنت عايزك تاخد حقك…

حسن: وأنا مش عايز حاجة…

محمد بقى الكل فى الكل بعد ما إستولى على كل حاجة…

بس فجأة حن لأمه، وأبوه، وكان عايز يشوفهم…

راح لبيت حسن، وخبط على الباب، وغادة جريت تفتح الباب…

دخل عندهم، وكانوا عاملين حفلة عشان حسن إترقى فى شغله…

كانت العيلة كلها متجمعة، غادة، وأمها، وأبوها، وحسن، وأمه، وأبوه، وعياله…

كان أبوه بدأ يتحسن، وكانوا كلهم مبسوطين، وبيضحكوا…

جنات كانت حاضنة إياد، وليان، وأبوه كان بيضحك مع أبو غادة…

محمد لما دخل، ولقاهم عيلة مترابطة، ومبسوطين، وبيضحكوا من قلبهم، إتغاظ، وحس إن هو خسر الحب، والدفا ده من زمان أوي…

إتمنى إنه يبقى زي حسن، عشان هو طول عمره ما حسش بالحب، والدفا اللي عند حسن…

محمد: هو أنا ليه يا حسن بعد ما عملت فيك كل ده، شوهتك، وبهدلتك…

ليه أنا حاسس إن إنت أغنى منى، وأحسن مني؟

حسن: أنا أغنى منك، يا راجل ده إنت بقيت ملياردير..

محمد: ملياردير بالفلوس؟ أنا إكتشفت إن الغنى مش غنى المال…

الفلوس ما بتشتريش السعادة اللي أنا شايفها فى عينيك…

الفلوس مش بتشتري الراحة، والدفا اللي أنا لقيتهم فى بيتك دلوقتى…

الفلوس ما بتشتريش واحدة تحبك من قلبها، زي مراتك ما بتحبك…

الفلوس ما بتشتريش قلب أم، ولا حبها…

الفلوس خسرتنى أبويا، وخسرتني كل اللي كانوا حواليا…

الفلوس ما بتشتريش عيال زي القمر زي عيالك…

أنا يا حسن فلوسي ما نفعتنيش، فلوسي خسرتنى حياتي…

حسن: ياه آخيرا إعترفت إن الفلوس مش هى اللي بتجيب السعادة…

إنت رميت كل حاجة ورا ضهرك يا محمد، رميتني، ورميت أبوك عشان خاطر الفلوس…

إنت كنت فاكر لما أتولد هاخد حب أبوك، وأمك، مكنتش عارف إن هما لو خلفوا عشر عيال هيحبوهم زي بعض…

حرمت نفسك بإيديك من حب أمك، وحنيتها عليك، وخسرت أبوك اللي كان بيحبك…

خسرت أخوك اللي كان مستعد يحميك بحياته، ويضحى بروحه عشانك…

تقدر تقولى كسبت إيه من ده كله؟

محمد: أنا بقيت ملياردير، وبقيت الإمبراطور فى شغلى…

حسن: تقدر تقولى لازمتها إيه كل الفلوس اللي معاك دي، وإنت محروم من السعادة، والعيلة، والدفا…

لازمتها إيه من غير حضن حبيب يضمك آخر الليل؟

أو ضحكة تشوفها على وش حد بتحبه، أو أجازة تقضيها فى وسط ناس بتحبهم، وبيحبوك؟

مش أنا بقولك إنت بعت الغالى بالرخيص…

على فكرة أنا كنت ممكن أرفع عليك قضية، وكنت هكسبها…

إسمي، ومكانتي كانوا هيساعدوني إن أنا أعمل كده…

بس أنا ما لقتش حاجة عندك تسوى إن أنا أعمل كده…

روح بيتك يا محمد، وأقعد مع نفسك، وشوف إيه اللي يستاهل، وإيه اللي ما ينفعش يتعوض…

محمد: طب أعمل إيه؟

حسن: أنا اللي هقولك تعمل إيه؟

أنا لو كنت مكانك، هرجع حبايبي لحضني، وأول حد أرجعه مراتي…

السعادة يا محمد فى إن كل عيلتك يبقوا حواليك…

السعادة فى إن كل حبايبك يشاركوك فى فلوسك، وإلا فلوسك دي مش هتبقى ليها أي لازمة…

محمد مشي، وهو بيفكر يعمل كده إزاي…

دخل بيته اللي كان فاضي، وبارد، وفضل يبص حواليه…

ملقاش الدفا، والحب، والسعادة اللي كانوا فى بيت حسن البسيط…

محمد خرج من البيت، وراح لمراته…

محمد: إفتحي يا سحر أنا محمد…

سحر قامت بسرعة تفتح الباب، وكانت مخضوضة…

سحر: خير يا محمد إنت كويس؟

محمد: ما تيجي نرجع، ونتجوز من أول، وجديد…

سحر: لأ يا محمد، عشان إنت أناني، ومش بتشوف غير نفسك، وبس…

محمد: أنا هتغير، وهصلح كل اللي عملته، وهصالح أبويا، وأمي، وأخويا…

لو كنتى كمان عايزة عيال ممكن نجيب طفل نربيه من الملجأ، إيه رأيك؟

سحر: وريني هتتغير إزاي، وبعد كده أنا هشوف هرجعلك، ولا لأ…

سحر قفلت الباب، فى وشه بس إدته أمل فى الرجوع…

بمرور الأيام كلهم إتصالحوا مع بعض، وإتلموا كلهم فى البيت الكبير، وبقى بيت العيلة…

مع إصرار أم حسن، وأبوه، وأخوه، حسن آخيرا وافق يروح يعمل عملية تجميل برا البلد…

صمم إنه يروح لوحده، ولما رجع كان حد تاني مختلف خالص عن حسن المشوه…

آخيرا إنتهى وجع حسن، وبدأت حياته تختلف مع حب أمه، وأبوه…

محمد كمان كمل علاجه، وبعد عن الشرب نهائيا، ورجع مراته…

حسن قعد تلات شهور برا البلد، ولما رجع ما بلغش حد، وحب يعملهم مفاجأة…

راح على شقته، وكان فاكرهم هناك، ولقى الدنيا ضلمة، وإتفاجئ إن مفيش حد فيها…

إستغرب، وإفتكر إن غادة راحت البلد عند أبوها!!

نزل ركب عربيته، وكان لسه هيدور العربية عشان يروح البلد…

فكر يتصل الأول أحسن تكون مش هناك…

حسن: إزيك يا عم محمود، أنا آسف إنى بتصل متأخر كده، أعذرني…

عم محمود: أهلا يا حسن حمد الله على سلامتك يا إبني، أخبارك إيه؟ ورجعت إمتى؟

حسن: أنا لسة جاي، بس لقيت الشقة فاضية، وقلت أكيد هما عندك فى البلد…

مسافة السكة، وأبقى عندك، ما تعرفهمش خليها مفاجأة…

عم محمود: بس يا إبني غادة، والعيال مش عندى…

حسن: اللاه، أومال هما راحوا فين لما هما مش عندك؟

عم محمود: هما راحوا الفيلا بتاعتك…

حسن: الفيلا بتاعتي، تقصد إيه يا عمي؟

عم محمود: يا إبني مش إنت، وأخوك إتصالحتوا، وأمك، وأبوك رجعوا بيتهم…

هما صمموا ياخدوا غادة معاهم عشان ما تقعدش فى البيت لوحدها…

كمان هما متعلقين بالعيال أوي، فمقدروش يسيبوهم، ويمشوا…

هى ما قدرتش تزعلهم، وراحت معاهم…

حسن: أيوة يعنى هما دلوقتي فى بيت أبويا، طيب شكرا يا عمي…

معلش أنا أزعجتك فى عز الليل، أشوفكوا إن شاء الله قريب…

عم محمود: ولا إزعاج، ولا حاجة يا إبني، حمد الله على سلامتك، ونورت بيتك، بإذن الله هنيجي أنا، والحاجة قريب عشان نتطمن عليك، ونشوفك…

حسن: ده إنتوا تنوروا الدنيا كلها يا عمى، تصبح على خير…

حسن راح بعربيته، ووقف قدام بيت أبوه، وهو متردد…

طفى نور العربية، وفضل قاعد جواها يبص للباب…

مش عارف يرجع ينام فى بيته، ولا يدخل، مكانش عارف ياخد قرار…

دي كانت خطوة كبيرة أوي، إنه يرجع يدخل البيت اللي إتطرد منه، وهو لسه عيل صغير…

حسن مكانش له أي ذنب فى الدنيا غير إنه بس إتولد…

الذكريات كانت عمالة تلاحقه، وهو كان فاكرها خلاص إنتهت، وماتت…

بدأت تصحى جوا دماغه تاني، وتعكنن عليه حياته…

حسن حاول يفكر فى غادة، وفرحتها بيه لما تلاقيه رجع، وفرحة عياله…

طب يا ترى غادة هتعمل إيه لما تشوف شكله إتغير كده؟

طب العيال هيتعاملوا معاه إزاي بعد ما رجع وشه لطبيعته اللي هما ما شافوهاش قبل كده…

طب الناس، وشغله، وكل اللي كانوا عارفينه مشوه، ومسخ…

يا ترى هيتعاملوا معاه إزاي بعد ما رجع وشه طبيعي، وكمان رجع شكله حلو أوي…

كانت جواه أفكار كتير أوي حاول يهرب بيها من ذكرياته اللي كانت موجودة ورا سور الفيلا دي…

حسن فضلت دماغه شغالة كده لحد ما الصبح صبح، والشمس طلعت…

آخيرا خد باله إنه قضى الليل كله فى العربية مش عارف ياخد قرار…

آخيرا حسن دور العربية، وراح وقف قدام بوابة الفيلا، والبواب خرج عشان يشوف مين على الباب…

البواب: خير يا باشا، عايز مين حضرتك؟

حسن: أنا حسن إبن مصطفى، وأخو محمد…

البواب فضل واقف مش مستوعب شوية، لكن هو عارف إن مدام غادة جوزها إسمه حسن، فابتسم، وفتح الباب…

رحب بحسن جامد، وحسن دخل بعربيته…

حسن كان قلبه بيتنفض، وجواه خوف، وقلق مسيطرين عليه جامد…

وقف العربية، ونزل منها، وخد نفس طويل، وكان حاسس إنه بيعمل مجهود كبير أوي عشان بس يعدي الكام خطوة اللي فاضلين لجوا البيت، أو يهرب بعربيته بسرعة من المكان ده…

حسن إستجمع قوته، ورن جرس الباب، والخدامة فتحت…

الخدامة: أفندم، مين حضرتك؟

حسن: غادة هنا؟

الخدامة: أيوة موجودة، نقولها مين حضرتك؟

حسن: أنا جوزها…

الخدامة بصتله، وإبتسمت، وفتحت الباب بسرعة…

الخدامة: حمد الله على سلامة سعادتك، إتفضل يا بيه، إتفضل أهلا بحضرتك…

حسن دخل خطوتين تلاتة، وبص للشغالة…

حسن: ممكن تندهيلها لو سمحتى، وكمان إبعتيلى العيال…

قبل ما تتحرك الشغالة كان صوت العيال بيقرب عليهم، وأول ما لمحوا أبوهم جم جري عليه…

حسن قعد على الأرض لما سمع إياد، وهو بينادي عليه…

إياد جه جري، وإترمى فى حضن أبوه، وليان كمان جت تجري فى حضن أبوها…

حسن خد عياله الإتنين فى حضنه، وقلبه إتطمن عشان هما أغلى حاجة فى حياته كلها…

حسن عشان عياله مستعد يعمل المستحيل…

حسن: وحشتوني أوي أوي أوي…

إياد: إنت كمان يا بابا وحشتنا أوي، إنت شكلك إتغير أوي يا بابا، الجروح اللي كانت عندك كلها مشيت…

حسن: طب كده بقى أحسن، ولا أوحش؟

ليان بنته مسكت وش أبوها بإيديها الصغيرة، وقالت: إنت يا بابا بقيت أمور أوي، وأحلى من أي حد تاني…

حسن إبتسم لولاده، وضمهم جامد فى حضنه…

حسن: أومال ماما فين؟

إياد: ماما فى الجنينة مع جاجو، ونانا…

حسن إتنهد تنهيدة كبيرة، وعرف إن جه وقت المواجهة…

العيال مسكوا أبوهم من إيديه الإتنين، وخدوه برا فى الجنينة…

غادة كانت قاعدة بتفطر مع حماتها، وحماها، وسمعوا صوت العيال بيندهوا عليها…

العيال: يا ماما بابا جه…

غادة قامت وقفت، وقلبها كان هينط من مكانه، وبصت عليه، وشافته…

كانت حاسة إنها أول مرة تشوفه، شكله غريب عليها…

هى كانت متعودة على شكله الأولانى، كان كل جرح محفور جوا قلبها…

لكن الراجل اللي قدامها ده غريب، وأمور أوي، مش مشوه خالص…

كمان جنات، ومصطفى بصوله كتير أوي، وجنات جريت على إبنها، وخدته فى حضنها…

جنات: حمد الله على سلامتك يا حبيبي، إنت ليه ما قلتلناش كنا هنستناك فى المطار؟

حسن: أنا حبيت أعملكوا مفاجأة، بس تقريبا المفاجأة من نصيبي أنا…

حسن لقى أبوه بيقرب عليه بالعكاز، وحسن وقف قدامه، وأبوه شده لحضنه…

مصطفى: حمد الله على سلامتك يا إبني نورت بيتك، حمد الله على سلامتك يا حبيبي…

حسن حضن أبوه بس كان مستغرب، من كلمة إبني، وبيتك!!

الكلام ده كان جديد على ودانه، إمتى الراجل ده كان أبوه، وإمتى البيت ده يبقى بيته؟

أيوة هو فعلا سامح أبوه بس ده لما كان تعبان، وفى بيته، وكان محتاجله…

كان قاعد على كرسي عجل، ومش قادر ينطق…

لكن الراجل اللي كان واقف قصاده دلوقتي كان واقف على رجليه، وبيتكلم…

حسن كانت مشاعره متلخبطة اوي، وكانت غادة أكتر حد محتاج حضنها دلوقتي…

غادة كانت واقفة بعيد، وهو شايفها مستغرباه، وكان من جواه حاسس إنه مش عاجبها شكله الجديد…

يا ترى بتفكر فى إيه؟ طب هي واقفة بعيد ليه كده؟…

عينيه كانت فى عينيها، وسألها أسئلة كتير بعنيه بس ملقاش أي إجابة…

شوية، وقربت منه، وكلهم بعدوا عشان يدوهم مساحة يقربوا من بعض…

كلهم كانوا متوترين زيهم…

حسن كان حاسس إن الزمن وقف، وهو مستنيها تنطق، أو تعمل أي حاجة…

هى كانت مستغرباه فعلا، وحاسة إنها قدام حسن جديد، مختلف خالص عن الراجل اللي إتجوزته…

يا ترى كمان هيتغير من جوا زي ما إتغير من برا، يا ترى هيشوف نفسه عليها…

يا ترى هيفضل حبيبها زي ما هو، الإتنين كانوا كاتمين نفسهم من كتر التوتر…

حسن: مالك يا بنتي؟ هو إنتى مش هتتكلمي؟

غادة إبتسمت بتوتر، وقالت: حمد الله على سلامتك…

حسن بإستغراب، قالها: الله يسلمك، خلاص هو ده اللي هتقوليه؟

غادة: طب إنت عايزنى أقول إيه؟

حسن: وهو أنا اللي هعرفك تقولى إيه؟

غادة: شكلك إتغير أوي…

حسن: متهيألي أنا مسافر عشان كده، ولا إيه؟

غادة إبتسمت، وجت أمه عشان توقف التوتر ده، وقالت: حسن يا حبيبي تعالى عشان ترتاح، إنت أكيد تعبان من السفر…

إدينا فرصة عشان إحنا كلنا نتعود على شكلك الجديد ده…

إنت يا قلبي فعلا إتغيرت خالص، وبعدين غادة مكسوفة تعاكسك قدامنا…

الكل قعد يضحك، وغادة كانت بتضحك بتوتر…

جنات: أصبر على رزقك، لما تبقوا فى أوضتكوا هى هتعرفك رأيها بالظبط…

حسن سمع كلام أمه، وراحوا قعدوا كلهم فى الجنينة…

لولى كانت لازقة على حجر أبوها، وكمان إياد قعد جنبه…

كانوا بيتكلموا كلهم، وكانت غادة، وحسن بيبصوا لبعض بصات من غير كلام…

بعد شوية ظهر محمد، جه هو، وسحر مراته…

لما شاف حسن سلم عليه، وفضل يفحص فى وشه…

محمد: أنا كده مبقتش لوحدي اللي حلو، وإنت جيت تنافسني من تاني…

حسن رد عليه بإستغراب، وقال: ده بجد!! أنا مكنتش المنافس بتاعك من الأول عشان أنافسك تاني…

محمد: ده أنا بهزر معاك، إنت فعلا بقيت أمور…

حسن: شكرا يا عم…

محمد بص لغادة، وقال: ركزى معاه بقى من هنا ورايح، أحسن كده البنات هيتخانقوا عليه…

غادة مردتش عليه، وبصت أوي لحسن…

حسن إستغرب من رد فعلها عشان المفروض إنها عارفة كويس مكانها جوا قلبه…

حسن من جواه إتضايق إنها مردتش، هى مبقتش واثقة من حبه ليها معقول، ولا عشان هو كان مشوه، فكانت متطمنة إنه ليها هى، وبس…

حسن لما فكر كده إتضايق أوي عشان كده مردش على محمد…

هى كمان إفتكرت سكوته ده إنها فعلا لازم تاخد بالها، وحسن ممكن يبص لواحدة تانية…

محمد خد باله من سكوتهم، ونظراتهم لبعض، وقعد يضحك…

محمد: هو إيه اللي بيحصل ده؟ هو إنت يا حسن ما بتحبش مراتك، وفعلا ناوي تتعرف على بنات؟

حسن: لأ أنا مش زي الرجالة دي يا محمد، وبعدين أنا مش شكلى هو اللي كان مانعنى إن أنا أعرف حد على مراتى…

محمد رفع إيده، وقال: على فكرة أنا بهزر معاكوا والله…

بس أنا مش عارف إنتوا متحفزين كده ليه؟

سحر: حمد الله على سلامتك يا سيادة المقدم…

حسن: الله يسلمك، ياريت تناديني حسن، بلاش ألقاب إحنا عيلة واحدة…

سحر: تمام، يلا بقى نفطر سوا، عشان الجماعة فطروا بدري، إنت بقى هتفطر معانا…

غادة: يلا يا سحر ندخل نحضرلهم فطار أنا، وإنتى…

غادة خدت سحر من إيديها، ودخلت جري على جوا الفيلا…

حسن خد باله أنها بتهرب من عينيه، بس سكت…

قعد مع أمه، وأبوه، وأخوه، والعيال كانوا بيلعبوا حواليهم فى الجنينة…

محمد: قررت إيه يا حسن هتيجي معانا الشركة، ولا هتعمل إيه؟

حسن: لأ طبعا أنا مينفعش أسيب شغلى، ده حياتى، ومستقبلى…

الشغل بتاعكوا أنا معرفش فيه حاجة…

مصطفى: بس يا حسن الشركة دي…

حسن: بقول مش شغلى، ومش فى إهتماماتى…

مصطفى سكت قدام تصميم حسن، ومحمد كمان سكت بس من جواه كان مبسوط…

هو من وجهة نظره، الشركة دي بتاعته هو عشان هو أكتر واحد تعب فيها…

محمد: على كل حال يا حسن دي شركتك، ولو حبيت تغير رأيك فى أى وقت، بابها مفتوحلك…

حسن: شكرا يا محمد بس أنا ما يتهيأليش إنى أجي فى يوم، وأسيب شغلى…

جنات: إنسوا بقى الكلام عن الشغل، قولى يا حسن يا حبيبي كنت عايش برا الكام شهر دول إزاي؟

العملية كانت صعبة، ولا عدت بسهولة عليك، إحكيلى؟

حسن: لأ يا أمي دي مكانتش عملية واحدة، أنا عملت كذا عملية…

محمد: طبعا، ما إنت كان لازم تبقى راجع شكلك حلو أوي…

حسن رد على محمد بضيق…

حسن: لأ طبعا أنا مكنتش رايح أتدلع، كل العمليات اللي أنا عملتها كانت علاج…

عشان تداري الجروح الكتيرة اللي فى جسمي كله، مش عشان أبقى حلو…

إنت متعرفش كمية التعب ورا كل عملية كان عامل إزاي، وبعدها كنت باخد فترة نقاهة عشان أقدر أدخل العمليات تاني…

حلاوة إيه بقى اللي إنت بتتكلم عنها؟

مصطفى: سامحني يا حبيبي، أنا السبب فى كل اللي إنت فيه ده…

حسن: خلاص أنا سامحتك من زمان، والمواضيع إتقفلت…

أنا مش عايز أزعلك، ومش بلوم عليك، أنا بس برد على محمد…

محمد: أنا مش عارف يا حسن إنت قاعدلى على كل كلمة ليه؟

أنا مفيش جوايا حاجة وحشة ليك، أنا بتكلم عادى، فبلاش كل كلمة تاخدها جد، وتقفش كده…

حسن: أصل إنت كلامك كله أنا حاسه كإنك بتلمح لحاجة…

محمد: خلاص يا حسن ما تزعلش، بس إنت إعتبرنى دبش فى كلامي، وبحدف، وخلاص…

أنا مدب يا سيدي، إنت بقى ما تدورش على حاجة جوا الكلام، ماشي؟

حسن: ماشي هحاول…

الفطار جهز، وحسن فطر مع أخوه، ومرات أخوه…

كانوا بياكلوا، وهما ساكتين، وسحر كانت بتحاول تهزر معاهم، و تطري الجو شوية…

حسن قضى الصبح كله بيلعب مع ولاده، عشان كانوا واحشينه أوي…

غادة كانت ساكتة طول الوقت، وهو سابها براحتها، وكانت بتبص عليه من تحت لتحت…

كل واحد فيهم كان جوا عينيه أسئلة كتير للتاني…

لكن كانوا مستنين لما يبقوا لوحدهم…

حسن قام وقف، وبص لمراته، وراح وقف جنبها…

غادة: إيه فى حاجة عايز تقولها؟

حسن: أنا خارج شوية، وجاي…

غادة: إيه ده؟ رايح فين؟

حسن: رايح شغلى…

غادة: مش إنت لسه فى أجازة؟ هو إنت هتقطع أجازتك؟

حسن: لأ أنا أجازتى مفتوحة، بس هروح أعرفهم إن أنا رجعت من السفر، وأشوف الدنيا إيه…

غادة: طب هتتأخر؟

حسن: لأ هما كام ساعة، عايزة حاجة؟

غادة: عايزة سلامتك…

حسن خرج من الفيلا، وركب عربيته، وكان متردد، مش عارف يعمل إيه؟

هو كان حاسس إن غادة متضايقة بس  برضه مكانش قادر يعمل حاجة…

هو عمره ما جه فى باله أنه يقف قدامها متلجم، ومش عارف حتى يقربلها…

حسن إفتكر أول جوازهم، برضه فى الوقت ده مكانش عارف يعمل إيه، ومكانش عارف هى عايزاه يعمل إيه؟

حسن وصل شغله، وكل اللي هناك كانوا مستغربين أوي من شكله الجديد…

كلهم كانوا بيتعاملوا معاه بحذر شديد…

حسن رجع يحس بالغربة من تاني، كلهم بيبصوله بصات غريبة زي زمان…

حتى المدير إستغرب شكله أوي فى الأول لما دخل عليه…

غادة كانت قاعدة مع جنات، وهى سرحانة، وفى دنيا تانية…

جنات: ها يا غادة قوليلي وصلتى لفين؟

غادة: لا أبدا أنا معاكي أهه، كنتى بتقولى حاجة؟

حماتها: أيوة كنت بقولك إنتى ليه بتتعاملى كده مع حسن؟

كنتى بتعامليه بتجاهل غريب، وأنا مش متعودة أشوفك بتتعاملى معاه كده…

غادة: ده مش تجاهل، ده خوف، أنا خايفة، هو إنتى مش شايفة شكله بقى عامل إزاي؟

جنات: أنا شايفاه زي ما هو، ما إتغيرش…

غادة: لأ طبعا حسن إتغير جامد، بقولك إتغير…

جنات: حسن زي ما هو يا غادة، ده جوزك، وحبيبك يا حبيبتي…

غادة: أنا خايفة، هو هيفضل جوزي، وحبيبي، بعد ما البنات يتلموا عليه إزاي؟

جنات: أيوة طبعا، هو إنتى متعرفيش جوزك يا غادة؟ حسن مش شايف غيرك، إنتى إزاي تفكري فى العبط ده؟

غادة: أيوة ده لما كان حسن المشوه، لكن دلوقتى لما شكله إتغير…

جنات: برضه هيفضل يحبك، ومش هيبص لحد غيرك…

بلاش يا غادة تفكري بالطريقة دي، كده حسن هيزعل منك…

غادة: إيه بقى اللي هيزعله؟

جنات: هيزعله إنك تتغيري، وتغيري طريقتك معاه، وتبدأي تغيري عليه مثلا…

كده هيحس إنه عشان كان مشوه، وكان حبه ليكي عشان مفيش غيرك…

لكن دلوقتى لما شكله إتغير، فا إنتى كمان هتتغيري عشان شكله بقى ملفت…

غادة: مش عشان كده، بس هو دلوقتى ممكن فعلا يبتدي يفكر، وأنا مبقاش مالية عينه…

جنات: يا حبيبتي إنتي كده بتتكلمي عن واحد تاني خالص، مش حسن اللي إنتى بتحبيه، وبيحبك…

لتكملة القصة اضغط الزر بالاسفل

 

 



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى