اخبار

استعجال التقارير فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من داخل مقبرة خنتي كا

استعجال التقارير حول واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة خنتي كا

كشفت مصادر بوزارة السياحة والآثار عن صدور توجيهات عاجلة باستعجال التقارير الفنية والأمنية الخاصة بواقعة اختفاء لوحة أثرية نادرة من داخل مقبرة خنتي كا الواقعة بمنطقة آثار سقارة.
وتأتي هذه الخطوة ضمن تحقيق موسع تشارك فيه أجهزة الوزارة وهيئة الآثار والجهات الأمنية، بعد أن تم رصد فقدان اللوحة خلال جولة تفقدية دورية لفريق الترميم بالموقع الأثري.
وأكدت الوزارة أن الواقعة تخضع لتحقيق دقيق لمعرفة ملابساتها وتحديد المسؤوليات، في إطار سياسة الدولة لحماية التراث المصري من أي عبث أو إهمال.

مقبرة خنتي كا.. أحد كنوز الدولة القديمة

تُعد مقبرة خنتي كا واحدة من أبرز المقابر المكتشفة في منطقة سقارة، حيث تعود إلى نهاية الأسرة الخامسة في عصر الدولة القديمة، وتتميز بنقوشها الفريدة التي تجسد الحياة اليومية في مصر القديمة.
ويُعتقد أن خنتي كا كان أحد كبار موظفي القصر الملكي، وربما تولى منصب المشرف على الكهنة أو المشرف على القصر، وهو ما يفسر حجم مقبرته ودقة زخارفها.
وتضم المقبرة مجموعة من النقوش والتماثيل الجدارية التي تمثل مشاهد الزراعة والصيد والطقوس الدينية، مما يجعلها مصدرًا علميًا مهمًا لعلماء المصريات حول الحياة الاجتماعية والإدارية في تلك الفترة.

اللوحة المفقودة.. قطعة فنية ذات قيمة تاريخية

اللوحة التي تم الإبلاغ عن اختفائها تُعد من القطع النادرة داخل المقبرة، إذ تحمل نقوشًا دقيقة تُظهر صاحب المقبرة أثناء أداء الطقوس الجنائزية، وإلى جواره رموز هيروغليفية تمثل القرابين.
ويُرجح أنها كانت مثبتة على الجدار الجنوبي لحجرة الدفن، وهي من الحجر الجيري الملون الذي احتفظ بألوانه الأصلية لأكثر من 4400 عام.
ويصف خبراء الآثار اللوحة بأنها تمثل نموذجًا فنيًا فريدًا من عصر الدولة القديمة، إذ تجمع بين الواقعية والرمزية، وتعكس مهارة الفنان المصري القديم في تصوير الحياة والموت بروح فلسفية عميقة.

الإجراءات العاجلة التي اتخذتها وزارة الآثار

فور الإبلاغ عن الواقعة، أصدرت وزارة السياحة والآثار توجيهات عاجلة بتشكيل لجنة فنية متخصصة لمعاينة الموقع وحصر جميع القطع داخل المقبرة.
كما تم استدعاء أفراد الأمن والعاملين المسجلين بخدمة الموقع للتحقيق معهم، ومراجعة سجلات الزيارات وكاميرات المراقبة المحيطة بالمقبرة.
وأكدت الوزارة في بيان رسمي أنها تتعامل مع الواقعة بأقصى درجات الشفافية والحزم، مشيرة إلى أنه لا تهاون في قضايا تهدد التراث القومي، وأنها ستعلن نتائج التحقيق فور اكتمالها.

الدور الأمني وتكثيف التحريات في محيط المنطقة

باشرت الأجهزة الأمنية المختصة بمديرية أمن الجيزة تحقيقاتها الميدانية حول الواقعة، وجرى فرض طوق أمني مؤقت حول الموقع الأثري لحين الانتهاء من الفحص الفني.
كما تم استدعاء فرق البحث الجنائي وخبراء الأدلة الجنائية لمراجعة البصمات وآثار الأقدام داخل المقبرة والممرات المؤدية إليها.
وأفادت مصادر أمنية أن التحقيقات الأولية لا تشير إلى وجود كسر أو اقتحام، ما يرجح احتمال وقوع الحادث خلال أعمال ترميم أو نقل داخلي غير موثق.
ويجري حاليًا مراجعة كل تصاريح الدخول الصادرة خلال الأيام التي سبقت اكتشاف الواقعة للتأكد من هوية المتواجدين بالموقع.

تحركات عاجلة من المجلس الأعلى للآثار

وجه الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بتشكيل لجنة تقصي حقائق تضم خبراء من إدارات الترميم والمخازن والمواقع الأثرية، لتحديد الأسباب التي أدت إلى الاختفاء ووضع خطة لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث.
كما أُمر بوقف أي أعمال ترميم أو تصوير داخل المقبرة مؤقتًا لحين انتهاء التحقيقات، مع إلزام فرق العمل بتوثيق كافة القطع تفصيليًا بالصور والفيديوهات.
وأكدت مصادر بالمجلس أن هناك متابعة دقيقة من القيادة السياسية لنتائج التحقيق، باعتبار أن حماية التراث مسؤولية وطنية تمس سمعة الدولة ومكانتها الحضارية.

أهمية التوثيق الرقمي في حماية التراث

أعادت الواقعة تسليط الضوء على أهمية التوثيق الرقمي للآثار والمقتنيات النادرة، وهو المشروع الذي تعمل عليه وزارة السياحة والآثار منذ عام 2022 ضمن خطة التحول الرقمي للتراث.
ويهدف المشروع إلى إنشاء قاعدة بيانات موحدة تتضمن صورًا ثلاثية الأبعاد وقياسات دقيقة لكل قطعة أثرية، سواء في المتاحف أو المواقع المفتوحة.
ويرى الخبراء أن مثل هذه الخطوة تسهم في تتبع القطع حال تعرضها للسرقة أو التهريب، وتساعد على إثبات ملكية الدولة لها في حال ظهورها بالخارج.
ومن المتوقع أن يتم تسريع وتيرة العمل في المشروع عقب هذه الواقعة لضمان الحماية الشاملة لكل المواقع الأثرية.

ردود فعل المجتمع الأثري والعلمي

أثارت الحادثة حالة من القلق بين خبراء الآثار وعلماء المصريات، الذين اعتبروا الواقعة جرس إنذار لضرورة تشديد الإجراءات الأمنية داخل المواقع التاريخية الحساسة.
وأكد عدد من أساتذة الآثار أن مقبرة خنتي كا تُعد من المواقع المفتوحة جزئيًا للزيارات العلمية، مما يستدعي تنظيم عمليات الدخول والخروج وتسجيل كل حركة بدقة.
كما دعوا إلى تحديث أنظمة الحماية باستخدام كاميرات مراقبة عالية الدقة وأجهزة استشعار للحركة داخل المقابر، خصوصًا في المناطق النائية أو ذات النشاط السياحي المحدود.

تاريخ حافل بالمفقودات المستردة

تاريخ الآثار المصرية شهد في السابق حوادث مشابهة لاختفاء قطع أثرية، إلا أن الجهود الحكومية تمكنت من استرداد عدد كبير منها بفضل التعاون الدولي.
ففي السنوات الأخيرة نجحت مصر في استعادة آلاف القطع من الولايات المتحدة وأوروبا، كان بعضها قد تم تهريبه خلال عقود سابقة.
وتأمل الجهات المعنية أن تكون هذه الواقعة مجرد سوء توثيق داخلي أو نقل غير معلن، وليس عملية فقدان نهائية.
وأكدت الوزارة أنها لن تدخر جهدًا في تتبع مصير اللوحة، سواء داخل البلاد أو خارجها، عبر آليات التعاون مع الإنتربول الدولي ومنظمة اليونسكو.

التراث المصري بين الحماية والمسؤولية الوطنية

تسلط هذه الواقعة الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه منظومة حماية التراث في بلد يمتلك أكثر من ثلث آثار العالم.
فالكنوز الأثرية المصرية ليست مجرد ماضٍ مجيد، بل هي مورد حضاري وسياحي واقتصادي يتطلب حماية مستمرة وتحديثًا في آليات الإدارة.
ويرى المراقبون أن الحفاظ على الآثار يتطلب وعيًا مجتمعيًا، لأن حماية التاريخ مسؤولية تتشاركها الدولة والمواطنون، فكل موقع أثري هو شاهد على هوية الأمة وذاكرتها.

تأكيدات رسمية على الشفافية والمحاسبة

أكدت وزارة السياحة والآثار أن التحقيق يجري تحت إشراف مباشر من القيادة العليا، وأن أي تقصير سيتم التعامل معه وفق القانون.
كما شددت على أن الوزارة تتبنى مبدأ الشفافية المطلقة في مثل هذه القضايا، ولن تُخفى أي تفاصيل عن الرأي العام فور انتهاء اللجان من أعمالها.
وأشار المتحدث الرسمي باسم الوزارة إلى أن هذه الحادثة لن تؤثر على خطة تطوير منطقة سقارة الأثرية التي تُعد من أبرز المقاصد السياحية في مصر والعالم.

خاتمة: رسالة لحماية ذاكرة الحضارة

واقعة اختفاء اللوحة الأثرية من مقبرة خنتي كا أعادت التذكير بأن حماية التراث ليست مهمة مؤقتة بل التزام دائم تجاه التاريخ والإنسانية.
فكل قطعة أثرية هي صفحة من كتاب الحضارة المصرية، وكل إهمال هو طمس لجانب من ذاكرتنا المشتركة.
ومع الإجراءات الحاسمة التي تتخذها الدولة حاليًا، يثق خبراء الآثار أن الحقيقة ستتكشف قريبًا، وأن هذه الواقعة ستدفع نحو مزيد من الانضباط والرقابة في كل المواقع الأثرية.
تبقى مقبرة خنتي كا رمزًا للجمال والإبداع الإنساني، وستظل شاهدة على إصرار مصر على صون ماضيها كما تصنع حاضرها بثقة وفخر.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى