الصحة والجمال

شاب صيني يصاب بسكتة دماغية بعد جلسة تدليك للرقبة: حين يتحوّل الاسترخاء إلى كارثة

في واقعة مؤلمة أثارت الجدل داخل الصين وخارجها، أُصيب شاب صيني يبلغ من العمر 26 عامًا بسكتة دماغية حادة بعد خضوعه لجلسة تدليك عادية للرقبة في أحد صالونات التدليك المحلية. الشاب، الذي يعمل في مجال تطوير البرمجيات ويعيش حياة مكتبية تتطلب ساعات طويلة أمام شاشة الحاسوب، كان يعاني من بعض التصلب في الرقبة وآلام عضلية بسيطة. قرر بعد ضغط من أصدقائه أن يمنح نفسه بعض الراحة بجلسة تدليك “استرخائية”، لكنه لم يكن يعلم أن هذه الخطوة الصغيرة ستقلب حياته رأسًا على عقب.

كيف تحولت جلسة تدليك إلى كارثة صحية مفاجئة

توجه الشاب في يوم الحادث إلى صالون تدليك شهير يقع في أحد أحياء مدينة هانغتشو، حيث استقبله المعالج الذي بدأ مباشرة بتقنية التدليك العميق، وهي تقنية تعتمد على الضغط الشديد على العضلات والأنسجة العميقة بهدف تخفيف التوتر المتراكم. بعد حوالي 20 دقيقة من بداية الجلسة، شعر الشاب بدوار مفاجئ، تبعه صداع حاد وتنميل في الذراع اليسرى، ثم فقد وعيه تمامًا. هرع موظفو الصالون إلى طلب الإسعاف، وتم نقله فورًا إلى أقرب مستشفى، وهناك كشفت الفحوصات الأولية أنه تعرّض لسكتة دماغية ناتجة عن تمزق في الشريان الفقري، وهو أحد الشرايين الأساسية التي تغذي الدماغ.

الرقبة: ممر الأعصاب والشرايين الكبرى

يعد الشريان الفقري من أكثر الأوعية الدموية حساسية في منطقة الرقبة، ويمتد من أعلى العمود الفقري إلى قاعدة الجمجمة، ويؤدي دورًا بالغ الأهمية في نقل الدم إلى الجزء الخلفي من الدماغ. عندما يتم التلاعب بهذه المنطقة بقوة أو بزاوية خاطئة، كما يحدث في بعض جلسات التدليك العنيف، يمكن أن يتعرض الشريان للتمزق أو الانفصال الجزئي، مما يؤدي إلى انسداد تدفق الدم وحدوث جلطة. في حالة الشاب، فإن الحركات القوية المتكررة على الجانب الأيسر من رقبته كانت السبب في هذا التمزق.

التشخيص: “تشريح الشريان الفقري” أحد أخطر الأسباب الخفية للسكتات

الفريق الطبي في المستشفى أوضح أن ما حدث يُعرف طبيًا بـ”تشريح الشريان الفقري”، وهي حالة نادرة لكنها خطيرة جدًا، قد تنتج عن حركات مفاجئة أو إصابات في الرقبة. وتُعد من الأسباب الشائعة للسكتات الدماغية بين الشباب الذين لا يعانون من أمراض قلبية أو ضغط دم مرتفع. الشاب الصيني لم يكن لديه أي سجل مرضي سابق، وكان يُعتبر في صحة جيدة تمامًا، ما جعل الواقعة أكثر غرابة وصادمة لأصدقائه وعائلته.

رحلة العلاج: تحسن تدريجي وسط احتمالات طويلة الأمد

بعد أيام من المراقبة الدقيقة والعلاج الطارئ الذي شمل الأدوية المذيبة للجلطات والمتابعة العصبية الدقيقة، بدأت حالة الشاب تتحسن تدريجيًا، لكنه لا يزال يعاني من بعض المشاكل في التوازن والحركة الدقيقة، إضافة إلى ضعف طفيف في جانب جسده الأيسر. الأطباء أكدوا أن حالته مستقرة حاليًا، لكن إعادة التأهيل قد تستمر لأشهر قبل أن يتمكن من استعادة قدرته على العمل وممارسة حياته بشكل طبيعي.

جدل واسع على الإنترنت وتحذيرات تطالب بالرقابة

الواقعة أثارت موجة واسعة من النقاش على وسائل التواصل الاجتماعي في الصين، حيث تداول الآلاف القصة وسط حالة من الذهول والقلق من مخاطر التدليك “غير المهني”. كثير من المستخدمين شاركوا قصصهم الشخصية مع جلسات تدليك تسببت لهم بمضاعفات، بينما دعا آخرون إلى فرض رقابة أكثر صرامة على مراكز التدليك والتأكد من تأهيل العاملين فيها تدريبًا طبيًا كافيًا قبل السماح لهم بالتعامل مع المناطق الحساسة في جسم الإنسان.

لماذا الرقبة من أخطر مناطق التدليك؟

التدليك في حد ذاته ليس خطيرًا، بل إنه يُعتبر من الوسائل الفعالة لتخفيف التوتر وتحسين الدورة الدموية وتعزيز الاسترخاء، بشرط أن يتم على يد مختص محترف يعرف جيدًا تشريح الجسم البشري وحدود الضغط المسموح به. الرقبة تحديدًا تعد واحدة من أخطر المناطق التي لا يجب التلاعب بها دون معرفة تامة بالبنية العصبية والوعائية للمنطقة. فالتعامل الخاطئ مع فقرات الرقبة أو الشرايين المحيطة بها يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، كما أثبتت هذه الحادثة المؤسفة.

كيف يمكن لحركة بسيطة أن تؤدي إلى سكتة دماغية؟

الحالة الطبية التي تعرض لها الشاب تُصنف ضمن السكتات الدماغية الناتجة عن “تشريح الشريان الفقري”، وهي مسؤولة عن نسبة غير قليلة من السكتات لدى الشباب الذين تقل أعمارهم عن 45 عامًا. قد لا يدرك كثيرون أن حركات بسيطة كإمالة الرأس بعنف أو محاولة فرقعة الرقبة بطريقة غير مدروسة يمكن أن تؤدي إلى كوارث مماثلة، لذا فإن الوعي بمخاطر هذه الأفعال يجب أن يكون جزءًا من الثقافة العامة الصحية.

دراسات طبية حديثة تحذر من مخاطر خفية

دراسات حديثة أثبتت أن معظم حالات “تشريح الشريان الفقري” ترتبط بأحداث بسيطة في الحياة اليومية، مثل الانحناء لتنظيف الأذن، حركات اليوغا العنيفة، أو حتى حوادث السيارات البسيطة التي لا تترك أثرًا ظاهرًا. ما يجمع كل هذه العوامل هو حركة مفاجئة أو ضغط غير طبيعي على الشرايين الحساسة في الرقبة. في ظل هذا الواقع، يصبح من الضروري مراجعة معايير السلامة المتبعة في صالونات التدليك واللياقة، والتأكد من حصول العاملين فيها على دورات طبية أساسية حول تشريح الجسم ومخاطر الحركات الخاطئة.

قصة تحذيرية: كيف تصبح ثانية واحدة مصيرية؟

الشاب الصيني قد نجا بأعجوبة من مضاعفات كانت قد تودي بحياته أو تتركه معاقًا لبقية عمره، لكنه اليوم يمثل قصة تحذيرية لكل من يستخف بتأثير التدليك أو يظن أنه مجرد إجراء مريح يمكن القيام به في أي مكان وبأي شكل. ما حصل معه يجب أن يُدرّس كنموذج لضرورة التوعية الطبية وتكثيف جهود الرقابة على هذا القطاع.

إعادة تعريف مفهوم التدليك الآمن

في نهاية المطاف، إن ممارسة التدليك يجب أن تخرج من دائرة “الاسترخاء العشوائي” لتصبح ممارسة صحية قائمة على أسس علمية واضحة، وبإشراف متخصصين قادرين على تمييز الحالات التي لا يُنصح فيها بالتدليك من الأساس، مثل مرضى هشاشة العظام، أو من يعانون من اضطرابات في الأوعية الدموية. والحالة التي نعرضها اليوم خير دليل على أن دقيقة واحدة من الجهل قد تُكلف إنسانًا حياته.



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى