ضمن فعاليات الدورة 56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وسط كتب كثيرة انضمت إلى معرض القاهرة الدولي لهذا العام، هناك كتاب أثار جدلاً واسعاً حول عنوانه. والذي كان متوقعاً له أن يثير النقاش حول مكانة المرأة في المجتمع، وهو كتاب “كاملات عقل ودين”. واصطدم متبايناً عندما ربط بعض القراء بين عنوانه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم. مما دفع دار النشر إلى أخذ قرار صارم ضد هذا الكتاب بشكل مفاجئ. مثيرة بذلك تساؤلات عن حدود التعبير الثقافي واحترام النصوص الدينية. ومن خلال هذا المقال، سوف نستعرض لكم القرار الذي اتخذته دار النشر، كما سوف نوضح لكم محتويات الكتاب الذي أثار الجدل الواسع.
بعد الجدل حول عنوانه.. سحب كتاب “كاملات عقل ودين” من معرض الكتاب
تم اكتشاف كتاب “كاملات عقل ودين” في معرض الكتاب. وكانت ردود الأفعال عليه متباينة. حيث اعتبر البعض أن العنوان يتعارض مع حديث نبوي شريف يذكر فيه أن النساء ناقصات عقل ودين. من هنا بدأت تظهر علامات الاستفهام حول سبب اختيار هذا العنوان، وهل يحمل مساساً بالحديث الشريف. وتباينت بعض الآراء بين مؤيد ومعارض. مما ألقى بظلال على دور الكتاب في معرض الكتاب هذا العام. وفي استجابة للانتقادات الشديدة التي طالت الكتاب. قررت دار السراج للنشر والتوزيع سحب الكتاب من المعرض وإيقاف نشره، وكان هذا القرار مفاجئاً. والذي يعد تراجعاً عن حرية التعبير، بينما رأى آخرون أن الدار أظهرت مسؤولية تجاه مشاعر جمهورها واحترامها للحوار الثقافي والديني.
بيان دار النشر والردود على القرار
أوضح دار السراج للناس في بيان رسمي أن هدف الكتاب هو طرح تساؤلات حول المعنى الذي يمكن أن يستنبط من الأحاديث النبوية. وليس الطعن في النصوص الدينية أو التقليل من شأنها. وأكدت الدار أنها كانت تهدف إلى إثارة النقاش وتقديم رؤية ثقافية. إلا أن الرفض الواسع لهذا الطرح دفعها إلى اتخاذ قرار سحب الكتاب من التداول حفاظاً على مشاعر القراء واحتراما للقيم الثقافية. ومن جانبهم، اعتبر بعض المثقفين أن سحب الكتاب يمثل تراجعاً غير مبرر أمام أي نقد ثقافي حقيقي، بينما رأى آخرون أن دار النشر قد تحلت بالحكمة في اتخاذ هذا القرار الحكيم. وأكدوا أن احترام القيم الدينية والحفاظ على وحدة المجتمع هو من الأولويات في كل الأوقات. وهذا الجدل يعكس في النهاية حجم التباين في الآراء حول حرية التعبير وتفسير النصوص الدينية في العصر الحديث.
محتوى كتاب كاملات عقل ودين
هذا الكتاب من تأليف الأستاذة أسماء عثمان الشرقاوي، ويتألف من خمسة أبواب رئيسية. يهدف إلى مناقشة الأحاديث النبوية التي قد تفهم على أنها تنتقد من مكانة المرأة، مثل حديث “النساء ناقصات عقل ودين”. في الباب الأول، يتناول الكتاب مراحل جمع وتدوين القرآن الكريم. بينما يركز الباب الثاني على أسباب الوضع ومصادره. والمؤلفة كانت تسعى من خلال كلماتها في هذا العمل إلى تقديم رؤية نقدية لهذا الحديث بهدف إنقاذ المرأة المسلمة من التأثر بما قد يفسد عليها حياتها وعقلها. وقد أهدى الكتاب إلى كل امرأة مسلمة تأذت وتألمت مما سمعته من أحاديث تهين المرأة وتنقص من مكانتها بسبب فهم المجتمع لتلك الأحاديث.
تفسير حديث ناقصات عقل ودين
كثير من الناس لا يفهمون المعنى الصحيح لهذا الحديث، مما جعل المجتمع يقلل من مكانة المرأة. وهذا الخطأ ليس خطأ الأحاديث والسنة. ولكنه خطأ في فهم البشرية، وكأنهم أخذوا الكلام ظاهريًا ولم يهتموا بالمعنى. فإن الحديث النبوي الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن”، يفسر هذا الحديث بأن نقص العقل يشير إلى أن شهادة المرأة تعادل نصف شهادة الرجل، وذلك بسبب طبيعتها العاطفية وتأثرها بالمشاعر. مما قد يؤثر على دقة الشهادة. أما نقصان الدين فيرتبط بترك المرأة للصلاة والصيام خلال فترة الحيض، وهو أمر خارج عن إرادتها ومأمور به شرعًا. فإن الله أسقط عن المرأة ثلاث أركان من أركان الإسلام، ليأتي المجتمع ويقلل من شأنها بعد أن قدرها الله عز وجل. فهذا التفسير لا ينتقد من قيمة المرأة أو مكانتها. بل يوضح بعض الأحكام الشرعية المرتبطة بطبيعتها الفسيولوجية.
أسباب الهجوم على الكتاب
لم يكن عنوان الكتاب هو السبب الوحيد للهجوم الذي تعرض له، بل إن محتوى الكتاب أثار جدلاً واسعًا، فقد رأى البعض أن الكاتبة استخدمت بعض التأويلات التي قد تفهم على أنها تشكيك في صحة بعض الأحاديث النبوية. خاصة حديث “ناقصات عقل ودين”. كما اعتبر البعض أن هذا الكتاب يحمل طابعًا جدليًا أكثر من كونه بحثًا علميًا موثقًا، مما جعل البعض يتهمه بالإساءة إلى النصوص الشرعية. وفي المقابل، أكدت دار النشر أن الهدف من الكتاب كان فتح باب النقاش وليس الطعن في الحديث. لكنها قررت سحبه احترامًا لمشاعر الجمهور.
أعمال الكاتبة السابقة ونوع كتاباتها
تعد الكاتبة أسماء عثمان الشرقاوي من الأصوات الأدبية الحديثة، وكتابها “كاملات عقل ودين” هو أول أعمالها التي تثير جدلاً واسعاً. ولم تسجل لها مواقف سابقة مشابهة في الساحة الأدبية. حيث يتميز أسلوب الكاتبة بالجرأة في تناول الموضوعات الدينية والاجتماعية مع التركيز على قضايا المرأة وحقوقها. وتسعى خلال كتابتها إلى تقديم رؤية نقدية وتحليلية للنصوص الدينية بهدف إعادة تفسيرها بما يتماشى مع متطلبات العصر. مع الحفاظ على احترامها للنصوص المقدسة. وهذا ما ظهر لنا من خلال كتابها “كاملات عقل ودين”. وعلى الرغم من هذا، فإن أعمال الكاتبة السابقة لم تتوفر معلومات حولها، وهذا ما يبدو لنا أن هذا الكتاب هو أبرز أعمالها المعروفة حالياً.